الحل السياسي: حفظ الدولة وكبح الجماعات الجهادية بسوريا

يتقاطع قبول معاذ الخطيب بمحاورة النظام السوري مع توافق دولي حول الرهان على حل سياسي، يحفظ تماسك الدولة، ادارة واقليما، ويقطع الطريق أمام صعود الجماعة السلفية المسلحة التي تستمد شرعيتها من انتصاراتها العسكرية.
2013311101930344734_20.jpg
خريطة الصراع في سوريا نهاية 2012 (الجزيرة)

فاجأ رئيس "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية"، أحمد معاذ الخطيب، مختلف الأوساط المهتمة بالشأن السوري، وفاجأ كذلك كلاً من المعارضة والنظام السوري، حين طرح مبادرة، أعلن فيها، لأول مرة، استعداده "للجلوس مع ممثلين عن النظام في القاهرة أو تونس أو إسطنبول"، واشترط فيها إطلاق سراح مائة وستين ألفًا من المعتقلين السوريين من سجون وسجون استخبارات النظام، وتجديد جوازات سفر السوريين في الخارج؛ الأمر الذي أحدث تغيرات في المواقف، كونها مثلت تطورًا مهمًا في فكر المعارضة السورية وخطابها السياسي.

تطور نوعي

وبالرغم من أن مبادرة الخطيب قوبلت بمعارضة شديدة من طرف بعض شخصيات المجلس الوطني السوري وسواها، إلا أنها أعلنت عن تطور نوعي مهم، طرأ على معطيات الأزمة السورية، الناجمة عن طريقة تعامل النظام مع الثورة السورية، التي انطلقت في الخامس عشر من مارس/آذار2011.

وكما كان متوقعًا، فإن النظام السوري لم يستجب للمبادرة، بل قابلها بالتشكيك واللامبالاة، ثم بقبول الحوار لكن مع اشتراط تخلي المعارضة عن السلاح، أي يطالبها بالاستسلام، وهي شروط تجعل قبوله بالحوار مجرد مناورة لترضية حليفه الروسي، وهو موقف يشبه مواقف سابقة للنظام، وتدور كلها حول رهانه على الحل الأمني كما بين ذلك نائب الرئيس السوري فاروق الشرع، والسير في طريق الحسم العسكري، من خلال شنّ حرب شرسة ضد قوى الثوار وحاضنتهم الاجتماعية، ولم يقدم أية مبادرة حقيقية للحوار مع المعارضة السورية، بل إن بشار الأسد لا يزال ينكر وجود ثورة، وأنكر وجود معارضة سياسية، واعتبر نفسه يخوض حربًا ضد جماعات أصولية متشددة، ووصف ما يجري في سورية منذ ما يقارب العامين، بأنها مؤامرة كونية على سوريا، تقوم بها مجموعات إرهابية، ظنًا منه أن ذلك يثير هواجس الغرب في حربه ضد الإرهاب، ويستدر تعاطفه ودعمه؛ الأمر الذي يشير إلى أنه يقود نظامًا لا يؤمن بالحل السياسي، ولن يقبل به، إلا إذا اضطر وأُجبر عليه. لكن وبالرغم من سلبية النظام والانتقادات العديدة التي وُجهت للخطيب، ولطريقة طرحه للمبادرة وبنودها، فإن ما حققته المبادرة، يتخطى حسابات النظام وإمعانه في الحرب الشاملة ضد الثوار، ويتجاوز تحفظات بعض شخصيات المعارضة السورية في انتقادها للمبادرة، ويمتد إلى أن المبادرة جسدت تغيرًا في الصورة النمطية، التي حاول النظام أن يُلصقها بالمعارضة، وتقديمها في صورة العاجز عن اتخاذ قرار سياسي مستقل، والمفتقر إلى رؤية سياسية، بل إن الخطيب تمكن من كسر الجمود السياسي الذي عرفته الأزمة السورية، وتحريك المياه الساكنة التي فرضها إغلاق النظام السوري للمجال السياسي منذ أول يوم للثورة، وقابله تمسك قوى المعارضة، ممثلة بالمجلس الوطني السوري، بشعار إسقاط النظام، والوقوف عنده، دون تقديم أية خطة أو أي برنامج سياسي واضح المعالم والأهداف، بالتزامن مع نشوء نوع من الانسداد في آفاق الأزمة، من حيث عدم وجود إمكانية للحسم العسكري السريع، التي تعود أسبابها إلى استمرار تدفق السلاح والدعم الروسي والإيراني إلى النظام السوري، مقابل توقف أو تجميد تدفق السلاح إلى مجموعات الجيش السوري الحر والمجموعات المسلحة الأخرى. فضلاً عن عدم التنسيق بين مجموعات الجيش السوري الحر، وبينها وبين المجموعات المسلحة الأخرى.

وتمخض عن هذا التطور النوعي، المتمثل في القبول بالحوار، إجراء عدة اتصالات ولقاءات مباشرة، عقدها رئيس الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية، معاذ الخطيب، مع كل من سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسي، وعلي أكبر صالحي وزير الخارجية الإيراني، على هامش مؤتمر ميونخ، الذي استضافته العاصمة الألمانية برلين في بداية شهر فبراير/شباط الماضي 2013. غير أن الأهم هو تزامنه مع جولة وزير الخارجية الأميركي الجديد، جون كيري، إلى دول معنية بالملف السوري في منطقة الشرق الأوسط، وما قد يتمخض عنها من مواقف ومعطيات تؤثر على سير الأحداث.

غير أن هذا التطور النوعي، الذي لاقى صدى مرحبًا في الداخل السوري، وخاصة من طرف المجالس المحلية والمدنية، ولم يعارضه الجيش الحر، ولا أية مجموعة عسكرية فاعلة على الأرض، ولاقى كذلك ترحيبًا عربيًا وغربيًا، لم يجد التربة المناسبة دوليًا لرعايته والبناء عليه.

واعتبرت قوى الائتلاف السوري المبادرة تنازلاً، في وقت لم تلتزم القوى الدولية بالوعود التي أطلقتها في أكثر من مناسبة، ولم تتلق المعارضة السورية الدعم المادي الذي وعدت به منذ تشكيل الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية في الدوحة بتاريخ 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2012. وأفضى ذلك إلى إعطاء حُجة قوية للرافضين للمبادرة، وإلى انعقاد الأمانة العامة للائتلاف، كي تضع محددات للحوار مع النظام، وتقرر تعليق زيارة الخطيب إلى كل من موسكو وواشنطن، وعدم المشاركة بمؤتمر روما لمجموعة أصدقاء الشعب السوري؛ الأمر الذي استدعى تدخلات دولية لثني الائتلاف عن قراره بمقاطعة مؤتمر روما، من خلال الحديث عن تغيرات جديدة في المواقف، وقطع وعود جديدة بالدعم والمساعدة، والإيفاء بالالتزامات السابقة.

غير أن ذلك لا يمنع أن منعطفًا حقيقيًا شهدته تطورات الملف السوري، بعد أن طرح الخطيب مبادرته؛ إذ إن المعارضة بدأت تدرك أن مبدأ الحوار مع النظام يجب أن يُطرح بوصفه أحد السبل الممكنة للخروج من الأزمة، في ظل انتفاء التدخل الخارجي، واختفاء الداعين إليه بين صفوف المعارضة نفسها، وبالتالي فإن الحل العسكري للأزمة لم يعد مطروحًا كما في السابق، والذي تنفيه -في الظاهر على الأقل- القوى الداعمة للنظام السوري، ونفته منذ البداية الدول الغربية الداعمة للثورة.

واتضح بعد نقاشات حادة بين أطراف الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية، التي اجتمعت في 20 فبراير/شباط الماضي 2013، أن قيادة الائتلاف ماضية في طرحها للمبادرة، ولم تسحبها عمليًا من التداول السياسي، وأن الائتلاف "يرحب بأي حل سياسي يوفر الكثير من التدمير والشهداء"، مع تمسك المعارضة بمختلف تكويناتها السياسية والعسكرية، بشرط رحيل الأسد وعائلته ورموز نظامه.

المتغيرات والمواقف الدولية

لا شك في أن الولايات المتحدة الأميركية لن تتخذ في المدى المنظور موقفًا حاسمًا حيال الأزمة السورية، إلا أن تفضيلها الحل السياسي، ويشترك معها في تفضيله دول أوروبية وإقليمية وعربية، لا يرافقه سعي كاف لتحقيق هذا الحل، بل إن الأمر يبدو، وكأن مختلف القوى الدولية، الداعمة للثورة والداعمة للنظام، لا تضع للثمن الذي يدفعه السوريون على رأس أولوياتها، وليست متعجلة لمنع الوضع السوري من التعفن والتفكك والاهتراء.

ويبدو أن أسبابًا عدة تتحكم بمواقف الولايات المتحدة الأميركية، لعل أهمها هو موازنتها الثابتة ما بين مصالحها الاستراتيجية ومصالح حليفتها إسرائيل؛ حيث يمكن القول: إن ما من شيء يمكن أن تقوم الولايات المتحدة الأميركية به في منطقة الشرق الأوسط، إلا وكان هدفه ضمان أمن إسرائيل ومصالحها، بوصفه العامل الرئيس والمحدد للتحرك الأميركي في المنطقة، لذلك لم يكن عبثًا عندما ربط أحد رموز النظام السوري ما بين أمن إسرائيل وأمن النظام السوري. كما أن هناك من الساسة الأميركيين من ينظر إلى الأزمة السورية، بوصفها عامل استنزاف للنظام السوري وللنظام الإيراني الداعم له، عسكريًا وماديًا وسياسيًا، وبالتالي يمكن أن نفهم في هذا الإطار سعي الإدارة الأميركية من أجل إبقاء الأزمة ضمن الحدود السورية، ومنعها من أن تفيض على دول الجوار، وبالأخص على إسرائيل، ونفهم كذلك امتناعها عن تزويد المعارضة السورية بالسلاح وبالمال، خوفًا من أن يصل السلاح إلى أيدي مجموعات يمكنها أن تهدد مستقبلاً أمن إسرائيل. وهو أمر أفصح عنه الرئيس الأميركي باراك أوباما في أكثر من مناسبة. وفي نفس السياق، تدرج مواقف سائر الدول الأخرى، المسماة "مجموعة أصدقاء سوريا"، التي يقيدها الموقف الأميركي، بالرغم من أن بعض هذه الدول يقدم بعض الدعم المحدود لمجموعات معينة، تلعب دورًا خطيرًا في حرف الثورة عن طبيعتها وأهدافها، بهدف إيجاد مجموعات موالية لها، وتعمل وفق أجندتها ومصالحها.

واتضح من خلال التعامل الأميركي مع الأزمة السورية، أن ساسة الولايات المتحدة يريدون فرض حل سياسي على المعارضة وعلى قوى الثورة، هو أقرب إلى "تسوية"، تُخرج، من جهة أوْلى، الأسد وأعوانه القريبين من السلطة، وتحافظ من جهة ثانية على هيكلية النظام وبنية الدولة السورية، وبما يعني الابتعاد عن سيناريوهات تُسقط النظام بالقوة، ويمكن أن يرافقها إرهاصات ومفاعيل يصعب التحكم بها، وقد تؤثر على دول الجوار، وبالأخص على إسرائيل.

وتلتقي إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما مع الإدارة الروسية في تفضيل الحل السياسي، مع فارق أن الساسة الروس يريدون تسوية، تُبقي على النظام بكافة رموزه، مع القيام بخطوات إصلاحية على الطريقة الروسية. كما تلتقي معها في تخوفها من صعود دور المجموعات الإسلامية المتطرفة، مثل "جبهة النُّصرة"، التي اعتبرتها الإدارة الأميركية تنظيمًا إرهابيًا، لكن الإدارة الروسية تغلّف معاداتها للثورة السورية بأغلفة متعددة، ولا ترى فيها سوى مؤامرة، هدفها إسقاط النظام، وبناء دولة إسلامية، يقوم بها متشددون ومتطرفون.

ولا شك في أن الساسة الروس، ومعهم ساسة دول كثيرة، لا ينظرون إلى الثورة السورية، بوصفها قضية عادلة، لأنها ثورة شعب على نظام ديكتاتوري، عدوها الأول هو النظام، وباتت ثورة شبه يتيمة، أو ثورة "مقطوعة من شجرة"، أي ليس لها من داعم حقيقي سوى أبنائها، في حين أن النظام يلقى دعمًا وإسنادًا غير محدودين من طرف قوى دولية وإقليمية، وخاصة من طرف روسيا، لذلك لا يتحدث رموز النظام الروسي شيئًا عن دعمهم، متعدد المستويات، للنظام السوري، الذي يشن حربًا شاملة على الثورة، مارس فيها أبشع الممارسات والانتهاكات، وأطلق العنان لكل ممكنات التطرف ولمختلف النعرات. والسبب الرئيس في مواقفهم، هو كونهم يخوضون مواجهات داخلية مسلحة لا تتقيد أيضًا باحترام حقوق الإنسان؛ حيث ما زالت انتهاكاتهم الجسيمة لحقوق الإنسان في الشيشان وسواها ماثلة في الأذهان. ولعل رهانهم على النظام السوري، يعكس شيئًا من طبيعة وتركيبة نظامهم السياسي. كما أن دفاع النظام الإيراني عن النظام السوري، تعد أمرا حيويا، كما أشار إليه مهدي طائب، رئيس هيئة عمار الإيرانية للحرب الناعمة، واعتبر فيها أن سوريا بالنسبة إلى المشروع الإيراني هي المحافظة الإيرانية الخامسة والثلاثون، وأنها تكتسي أهمية أكبر من أهمية عربستان (خوزستان) بالنسبة إلى للنظام الإيراني.

مفاعيل مؤتمر روما

تبين من خلال مؤتمر روما لأصدقاء الشعب السوري، الذي عُقد في الثامن والعشرين من فبراير/شباط الماضي 2013، ومن اللقاءات التي رافقته، أن الحشد والدعم الدوليين، يتركزان فقط في المجالين: السياسي والإنساني أو الإغاثي، ولا يطاول الدعم العسكري المباشر للجيش السوري الحر إلا بشكل قليل، مع شروع بريطانيا وقوى غربية في الوعد بإرسال مساعدات عسكرية غير فتاكة، لكنها تلمّح إلى التصعيد إذا لم يتعامل النظام السوري مع الحل السياسي بشكل جدي. ويأتي موقف جامعة الدول العربية الذي يسمح بتسليح المعارضة ليصب في اتجاه تشكيل عامل ضغط على النظام يجعله يسارع إلى قبول الحل السياسي، وفي نفس الوقت يشكّل تسليح المعارضة بديلاً عن فشل الحل السياسي، لكن يبقى الرهان على الحل العسكري في مرتبة أدنى من الرهان على الحل السياسي.

وكان الخطيب قد أعلن صراحة في حيثيات طرحه للمبادرة، وقبوله الحوار مع النظام، أن كل القوى الدولية تُجمع على استبعاد الحل العسكري، وتقول بضرورة الحل السياسي. والأهم هو أنها لم توفر السلاح للمقاتلين السوريين، كي يحموا مناطقهم من قصف طيران قوات النظام السوري ومن مدافع دبابته ومن صواريخ سكود.

ويشي التوافق بين الولايات المتحدة الأميركية وروسيا الاتحادية على القول بالحل السياسي، منذ بداية الأزمة، بأن هذا التوافق سيؤثر بالتأكيد على فرص الحل لدى كل من المعارضة والنظام السوري، وسيؤثر كذلك على فرص الحل وعلى المخاطر لدى كل من النظام والمعارضة.

وبالرغم من عدم ارتقاء نتائج مؤتمر روما إلى مستوى ما تطلبه وتتمناه المعارضة السورية، إلاّ أن قبولها بالحل السياسي مقابل رفض النظام الدخول في هذا الحوار إلا بشروط تعجيزية، وتغوله باستخدام كافة أنواع الأسلحة، فتح شيئًا ما باب المساعدات إلى الجيش السوري الحر، من خلال السماح بمساعدات "غير قاتلة" للثوار، إضافة إلى إدانة مجموعة أصدقاء سوريا تسليح "بعض الدول" لقوات النظام، وبالتالي تحركت دول الاتحاد الأوروبي، وسارعت إلى تعديل العقوبات المفروضة على توريد السلاح إلى سوريا، وأعلنت عن تقديم "مساعدات عسكرية غير فتاكة" للمعارضة، بما يُفضي إلى توريد عربات مدرعة، وتقديم مساعدة فنية "للجيش السوري الحر"، شريطة أن توجّه لحماية المدنيين. في حين أن الولايات المتحدة الأميركية أعلنت، على لسان وزير خارجيتها، جون كيري، تخصيص 60 مليون دولار، تُقدم مباشرة "للمجموعات المسلحة المعتدلة"، على شكل مساعدات "غير قاتلة".

مسارات الصراع

يشير مسار الصراع، في ضوء قبول المعارضة الحوار مع النظام، شريطة رحيل الأسد، إلى أن الموقف في سوريا، لا يتعلق بشكل أساسي بذلك، لأن الطرف المقابل، أي النظام السوري، لا يعترف بالحل السياسي، ويظن أنه قادر على سحق الثورة وإنهائها بالسلاح، والعودة بسوريا إلى ما قبل الخامس عشر من مارس/آذار2011، وهو أمر مستحيل التحقق، لذلك فإن مسار الأمور مرتبط بشكل كبير بما يحدث على الأرض؛ حيث تشير الوقائع إلى أن قوى الثورة تحرز المزيد من التقدم على الأرض، خاصة مع سيطرة الجيش السوري الحر على محافظة الرقة، بوصفها أول محافظة سورية تتحرر بالكامل من قبضة النظام، وسيؤثر ذلك على انفكاك دير الزور، ومعها المنطقة الشرقية والشمالية، من قبضة النظام السوري، يضاف إلى ذلك التقدم الملحوظ للثوار السوريين في ريف حلب الغربي ومحاصرة المطارات المحيطة بكل من حلب وإدلب، والسيطرة على بعضها، ومحاصرة معظمها، وبالتالي، فإن تقدير الموقف الراهن يشير إلى أن الصراع سيكون أمام مفترقين رئيسيين:

  1. الأول: إصرار النظام على السير بالحل الأمني واتباع نهج الحسم العسكري، يقابله تقدم الثوار المطرد في مختلف المناطق الشرقية والشمالية والجنوبية، وبالتالي السير نحو معركة العاصمة دمشق الحاسمة. وهو أمر ستكون كلفته باهظة على السوريين، بالأرواح والممتلكات؛ حيث سيتضاعف عدد القتلى ويزداد الدمار والخراب، وصولاً إلى إسقاط النظام بقوة السلاح. وقد يصعب التنبؤ بالنتائج والإرهاصات التي تتمخض عن هذا السناريو، خاصة في ظل تقارير تشير إلى وجود خطط لدى النظام، في حال فقدانه دمشق، للانكفاء في المنطقة الساحلية، والاحتماء بالمكون الطائفي، وقد يستجلب ذلك تقسيم سوريا إلى دولتين أو أكثر. لكن في مطلق الأحوال، فإن دويلة كهذه لن يُكتب لها الحياة، لافتقارها للمقومات اللازمة.
  2. الثاني: أن تضغط روسيا وإيران على النظام بما يكفي، لثنيه عن نهجه العسكري، والدخول في مفاوضات جدية على أساس رحيل الأسد وعائلته وأعوانه، والبدء بمرحلة انتقالية، من خلال تشكيل حكومة انتقالية ذات صلاحيات حقيقية وكاملة، بما يعني تجنيب البلاد المزيد من الويلات والدمار. ولعل هذا السيناريو هو الأقل كلفة في الدماء وفي الحفاظ على ما تبقى من مقدرات البلد، وصون وحدته الترابية والوطنية.

ويبقى أنه من الممكن أن يصاب النظام بهزة عنيفة، بفعل صدمة من داخلة أو من خارجه، تجعله ينهار سريعًا، وربما تسود في إثرها مرحلة قصيرة على الأرجح من الفوضى أو الفراغ السياسي، ومن الصعب تقدير مآل الأمور في حالة كهذه.
________________________________
عمر كوش - باحث في الشؤون السورية

نبذة عن الكاتب