الأفريكوم.. حماية المصالح الأمريكية تحت غطاء الشراكة

لا يُعرف الكثير عن الأفريكوم وأهدافها بل هناك تشكيك من بعض السياسيين والمحللين في تعريف مفاهيم الأمن والسلام للشعوب الإفريقية والحرب على الإرهاب التي تجعلها الأفريكوم أهدافها. فغموض هذه المصطلحات مقصود ليسمح لأمريكا بخوض حربها على "الإرهاب" في إفريقيا تحت هذا الغطاء المبهم.
201362354111518734_20.jpg
قائد قيادة الأفريكوم الجنرال كارتر هام (رويترز)

مقدمة

"ستكون الأفريكوم ذلك الإرث الثقيل للسياسة الخارجية الفاشلة لجورج بوش والتي تهدد أجيال المستقبل في كل أرجاء قارتنا."(1) وبمنطق أورويلي كلاسيكي ستكون إستراتيجية أوباما حول الأفريكوم انعكاسا لمقولة "الحرب هي السلام والجهل هو القوة."(2)

من السذاجة بمكان الاعتقاد أن أي تشاور أو تخطيط أو تسويق أفضل يمكنه أن يحسن صورة الأفريكوم في القارة الإفريقية. ذلك أنه لا توجد قوةُ تواصلٍ أو تشاور يمكنها أن تغير الجوهر أو الصورة التي ترسمها محاولة قوة عظمى تتميز سياستها الخارجية بالأحادية والغطرسة وعدم احترام القانون الدولي. ويشكل إنشاء القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا استمرارا لهذه السياسة الخارجية وميزة أساسية من ميزاتها.(3)

تشير هذه الاقتباسات لوجود معارضة كبيرة وصاخبة لإنشاء الحكومة الأمريكية للقيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا (يو أس أفريكوم US AFRICOM أو الأفريكوم). وتحاول هذه الورقة استخلاص أسباب هذه المعارضة.

يناقش الجزء الأول من هذه الورقة هيكل قيادة الأفريكوم وأدوارها التنموية والنزاع القائم حول ذلك بين كل من وزارة الخارجية الأمريكية ووزارة الدفاع والدولة. بينما يغوص الجزء الثاني من الورقة في الأسباب المعلنة وغير المعلنة لإنشاء قيادة الأفريكوم بما في ذلك النمو المتصاعد للصين والأهمية المتزايدة لنفط القارة الإفريقية إضافة "للحرب الأمريكية على الإرهاب". الجزء الثالث من الورقة يناقش الأنشطة المختلفة التي تضطلع بها الأفريكوم منذ إنشائها بما في ذلك "برنامج الشراكة الوطني" الذي استخدمته القيادة الأمريكية للتدخل في الشؤون العسكرية للدول الإفريقية. حتى جنوب إفريقيا وهي إحدى أشد الدول انتقادا لهذا البرنامج قد سقطت في فخه. الجزء الرابع من الورقة يلخص ويحلل ردود أفعال مختلف الفاعلين الأفارقة تجاه قيادة الأفريكوم. بينما يستشرف الجزء الأخير من الورقة المستقبل القصير والمتوسط إذا ما استمر السماح لقيادة الأفريكوم بالعمل على النمط الجاري حاليا. كما تقدم الورقة توصيات لكيفية التخفيف من الآثار السلبية الناتجة عن عمل هذه القيادة. ومن المهم في هذا الصدد وضع القيادة العسكرية للاتحاد الإفريقي في السكة الصحيحة وبشكل سريع ونشر قوات تدخلها السريع كقوة موازنة لقيادة الأفريكوم وعنصر مساومة في المفاوضات.

تقوم هذه الورقة على مصادرة مفادها أن الهدف من إنشاء قيادة الأفريكوم ليس خدمة للدول الإفريقية وإن كانت الجوانب التنموية لإنشاء هذه القيادة تدفع المرء للاعتقاد بذلك. وإذا ما سمحت الدول الإفريقية للأفريكوم بمواصلة نشاطاتها دون عراقيل، فإن القارة الإفريقية ستواجه عواقب لا تحمد عقباها بما في ذلك تصاعد موجة ثانية من "الصراع حول إفريقيا" فضلا عن ازدياد الاضطرابات والحروب الأهلية المتوقعة وإضعاف العملية السياسية في أرجاء القارة الإفريقية.

بنية الأفريكوم

كشف النقاب عن مركز قيادة الأفريكوم في فبراير/ شباط 2007 وقد دخلت الخدمة بشكل كامل في الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني 2008. وتعتبر الأفريكوم تاسع مركز قيادة موحدة أمريكية وسادس مركز قيادة إقليمية يتم إنشائه بعد الحرب العالمية الثانية.(4) الهدف المفترض لإنشاء قيادة الأفريكوم هو "جلب السلام والأمن لشعوب إفريقيا ودفع الأهداف المشتركة بين الولايات المتحدة وإفريقيا في مجالات التنمية، الصحة، التعليم، الديمقراطية والتنمية الاقتصادية في إفريقيا. كانت الحجة التي أنشأت على أساسها القيادة المركزية لإفريقيا، الأفريكوم هي أن "الدول الضعيفة يمكن أن تشكل خطرا داهما على الولايات المتحدة بوصفها دولة قوية".(5)

من أجل تحقيق هذه الأهداف عرفت الأفريكوم مسؤولياتها على أنها شراكة عسكرية-عسكرية أنشأت لتطوير القدرة والقابلية العسكرية للجيوش الإفريقية ومساعدة الهيئات الأمريكية الأخرى في القيام بمهامها في إفريقيا وعند الاقتضاء يمكنها القيام بنشاطات عسكرية لحماية المصالح الأمريكية في إفريقيا"(6) يقع مقر مركز قيادة الأفريكوم في شتوتغارت بألمانيا نتيجة لرفض الدول الإفريقية أن يكون مقرها في القارة الإفريقية. يعمل في هذه القيادة ألفا عنصر (في 2010) بمن فيهم ثلاثمائة عنصر من القوات الخاصة ومائتان وخمسون عنصرَ استخبارات بميزانية إجمالية تقدر بثلاثمائة وخمسين مليون دولار.(7) تشكل قوة المهام المشتركة الأمريكية في القرن الإفريقي والبالغ عددها الفي عنصر والتي يوجد مقرها في معسكر لمونييه في جيبوتي مجالا آخر لنشاط القيادة المشتركة للأفريكوم من خلال قوات تدخل بحري، قوات دروع أساسية وقوات جوية متخصصة موجودة أساسا في إيطاليا وألمانيا وقد تم إلحاقها بقيادة الأفريكوم.(8)

خلافا لمراكز القيادة الأمريكية الأخرى، تشكل الجوانب التنموية الحلقة الأضعف في مركز قيادة الأفريكوم حيث لا تتوفر إلا على ثلاثين مسئولا من الوكالات الأمريكية الأخرى مثل وزارة الخارجية ووكالة التنمية الأمريكية كجزء من هيكلتها العامة. إضافة لذلك فإن أحد نواب قائد قيادة الأفريكوم دائما ما يكون مسئولا كبيرا في وزارة الخارجية والسبب الأساسي لذلك يكمن في الرغبة الأمريكية في موازاة عمل الأفريكوم مع عمل الهيئات التنموية الأمريكية. وقد انتقدت الخارجية الأمريكية صراحة إعطاء الأسبقية للنشاطات العسكرية للأفريكوم على حساب الأنشطة التنموية والدبلوماسية مما يشكل تعارضا للمتلازمة الثلاثية؛ التنمية، الدبلوماسية، الدفاع.(9)

قبل إنشاء مركز قيادة الأفريكوم، كانت الولايات المتحدة الأمريكية تتعامل مع الدول الإفريقية من خلال ثلاثة مراكز قيادة إقليمية هي:

  • القيادة المركزية الأمريكية التي كانت مسئولة عن مصر، القرن الإفريقي، كينيا من بين مناطق أخرى. 
  • مركز قيادة المحيط الهادي المسئولة عن دول المحيط الهندي مثل مدغشقر وجزر القمر. 
  • مركز قيادة أوروبا الذي تتبع له غالبية الدول الإفريقية.(10)

من المهم أيضا الإشارة لكون مصر ما تزال ضمن اختصاص القيادة المركزية كنتيجة أساسية لقربها من منطقة الشرق الأوسط، إسرائيل على وجه الخصوص.(11)

أسباب إنشاء مركز قيادة الأفريكوم

الصعود الصيني
رغم الأهداف المعلنة من طرف الحكومة الأمريكية لإنشاء قيادة الأفريكوم يعتقد الكثير من المعلقين وخصوصا في إفريقيا أن دوافعا أكثر خبثا تقف وراء إنشاء الأفريكوم.(12) من أهم هذه الدوافع الصعودي الصيني التي ينمو اقتصادها بمعدل 9 في المائة سنويا طوال الثلاثين سنة الماضية إضافة لنمو ناتجها القومي لقرابة 16 بالمائة من الناتج القومي الإجمالي للعالم مقابل أقل من 5 بالمائة في 1980.(13) تشكل القارة الآسيوية أفضل مثال على هذه الحالة فبالرغم من وجود القوات الأمريكية في كل من اليابان وكوريا، وعلى الرغم من الدعم الذي حظيت به الدولتان من طرف الولايات المتحدة الأمريكية خلال الحرب الباردة إلا أن حجم التبادل التجاري بينهما وبين الصين تجاوز التبادل بينهما وبين الولايات المتحدة الأمريكية في 2007.(14)

ينطبق هذا الأمر على علاقة الصين مع القارة الإفريقية حيث شهد مستوى نمو التبادل التجاري بين الصين والقارة الإفريقية من 3 مليارات دولار في 1995 إلى نحو 100 مليار دولار 2008.(15) بالإضافة لذلك قدمت الصين قروضا كبيرة للتنمية في القارة الإفريقية حيث قدمت مثلا 22 مليار دولار لأنغولا ومبلغ 13 مليار دولار لجمهورية الكونغو الديمقراطية كما استثمرت 13 مليار دولار أخرى في بقية دول القارة طوال السنوات الخمس الماضية.(16) من المهم التذكير أن التبادل التجاري الصيني الإفريقي يميل أكثر لصالح الجانب الإفريقي، فمنذ شهدت الصين عجزا تجاريا يقدر بمليارات الدولارات في تبادلها التجاري مع إفريقيا مما يدل على أن هذا التبادل التجاري ليس انتهازيا كما يجادل البعض.(17) ومما يجعل هذا التبادل والمساعدات أكثر جاذبية لدى الدول الإفريقية هو كونها غيرَ مشروطة إضافة لكونها نتيجة لعلاقات تاريخية نابعة من التضامن جنوب/جنوب. ويكمن الشرط الوحيد الذي تطرحه الصين على شركائها التجاريين هو عدم الاعتراف بتايوان وهذا ما أغرى الكثير من الدول الإفريقية بالاصطفاف إلى الجانب الصيني، ويدل على ذلك أن أربع دول فقط من القارة الإفريقية ما تزال تعترف بتايوان من بين 20 دولة كانت تعترف بها في التسعينات.(18)

نتيجة لهذه العوامل تجاوز حجم التبادل التجاري بين الصين وإفريقيا حجم التبادل التجاري بينها وبين الولايات المتحدة الأمريكية وهذا أمر يتطلب من الولايات المتحدة الأمريكية معالجته.(19) يحاول قناع التنمية الذي تتخفى وراءه الأفريكوم خلق وهم أن التحرك الأمريكي في القارة السمراء يهدف لمجرد خدمة القارة الإفريقية وليس جزءا من "الصراع حول إفريقيا" الذي يجادل به الكثير من المحللين المتابعين للأمر. رغم ذلك فقد أكد التقرير الاستراتيجي للأمن القومي الصادر في 2006 الأهمية الإستراتيجية والجيوسياسية للقارة الإفريقية بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية.(20) بالإضافة إلى ذلك يشكل الدعم العسكري الذي تقدمه الولايات المتحدة الأمريكية لإفريقيا في إطار مبادرة الاستجابة للطوارئ الإفريقية (آكري) ومبادرة عمليات الطوارئ والتدريب والدعم الإفريقية (آكوتا) من بين هيئات أخرى، مسعًى أمريكيا لتقليص اعتماد الدول الإفريقية على الدعم العسكري الصيني في تدريب وتسليح قواتها المسلحة.(21) وتعتبر الصين ثالث أكبر مورد لصفقات السلاح للقارة الإفريقية بمعدل يصل لـ 500 مليون دولار سنويا.(22)

البترول
تدخل السيطرة على البترول كعامل آخر في المنافسة بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين ففي وقت مبكر من سنة 2001 تم النظر إلى النفط في القارة الإفريقية باعتباره حلا ممكنا لمشكل الطاقة في أمريكا.(23) توقع تقرير شيني،(24) أنه بحلول 2015 سيشكل خليج غينيا نسبة 25 في المائة من الواردات النفطية الأمريكية مما دفع جورج بوش لإعلان أن النفط في إفريقيا يشكل مصلحة قومية إستراتيجية لأمريكا.(25) في الحقيقة قد أصبح هذا الواقع أكثر مأساوية فمنذ 2006 أدت تداعيات الغزو الأمريكي للعراق لارتفاع الواردات الأمريكية من النفط الإفريقي لما يقارب 22 بالمائة وفي 2007 تغلبت الواردات الأمريكية من النفط الإفريقي على وارداتها من الخليج.(26)

وقد تضخمت هذه الوضعية بشكل حاد نتيجة لكون الصين تستورد ثلث حاجياتها النفطية من إفريقيا وخصوصا من السودان وأنغولا.(27) ولذلك قامت الصين باستثمار رؤوس أموال كبيرة في استخراج النفط في إفريقيا التي تتوفر على مخزونات نفطية كبيرة كما في حالة السودان؛ حيث استخدمت الصين موقعها في مجلس الأمن لتخفيف ومنع القرارات التي تستهدف النظام السوداني.(28) وهذا ما عمق وضع المنافسة الذي يشبه الحرب الباردة بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين حول القارة الإفريقية مما دفع الكثير من المعلقين للقول إننا نشهد بداية "صراع حول إفريقيا" في الوقت الراهن.(29)

في الواقع ترفض الولايات المتحدة هذه الفكرة(30) حيث تعتقد تيريزا ولان مساعدة وزير الدفاع الأمريكي للشؤون الإفريقية كما صرحت في مؤتمر عقده المعهد الملكي للخدمات الموحدة في 2008 أن النفط الإفريقي ينبغي أن يباع في سوق مفتوحة مما يعني أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تسعى لاحتكار النفط الإفريقي.(31) رغم ذلك يمكن القول إن هذا التصريح جاء فقط للخلط بين مفهومي الولوج المفتوح للنفط الإفريقي والسيطرة الاحتكارية له لأنه في الوقت نفسه الذي تشجع فيه الولايات المتحدة استخدام آليات السوق للحصول على حاجياتها من النفط فإنها تسعى أيضا للسيطرة علي هذه الآليات من أجل مصالحها. وتشكل عملية غزو العراق أبرز دليل على ذلك فمنذ التسعينات كانت الشركات الأمريكية تحصل على حصتها من النفط في الأسواق الفورية إلا أنها سعت للسيطرة الكلية على العملية كلها وكانت النتيجة هي الغزو الأمريكي للعراق في2003.(32)

حسب تقرير صادر مؤخرا عن وكالة الطاقة الدولية يتوقع أن ينخفض الاعتماد الأمريكي على النفط الخارجي بشكل كبير نتيجة لارتفاع عمليات التنقيب عن طريق التكسير الأحفوري وتطور التكنولوجيا المستخدمة لذلك مما سيمكن الولايات المتحدة من التنقيب عن النفط في طبقات أرضية أعمق.(33) يتنبأ التقرير الصادر في نوفمبر/ تشرين الثاني 2012 أنه بحلول العام 2020 ستصبح الولايات المتحدة الأمريكية أكبر منتج للنفط في العالم وبحلول 2035 ستحقق اكتفاء ذاتيا في مجال النفط.(34) النتيجة المحتملة لذلك قد تكون تراجع الولايات المتحدة الأمريكية عن سعيها الشرس وراء مصالحها في القارة الإفريقية مما سيجب القارة تبعات هذا المنافسة التي تشبه الحرب الباردة. لكن تبقى هذه الأمور مجرد تكهنات نتيجة للمعارضة التي يلقاها أسلوب التنقيب بأسلوب التكسير الأحفوري بسبب أضراره البيئية الكبيرة في الولايات المتحدة والعالم.

مكافحة الإرهاب و"الحرب على الإرهاب"
تعتبر عقيدة "الحرب على الإرهاب" السبب الرئيسي وراء إنشاء قيادة الأفريكوم(35) ويأتي ذلك جريا وراء الحجة القائلة إن الدول الضعيفة تشكل نفس القدر من الخطورة الذي تشكله الجماعات الإرهابية على أمن الولايات المتحدة الأمريكية لوجود ارتباط بين انعدام التنمية وانتشار الإرهاب.(36) وقد أشار العديد من المحللين لهذه العملية بوصفها خطابا "تنمويا-أمنيا" مشيرين لخطورة جاذبيتها التي تربط بسهولة بين انعدام التنمية وانتشار الإرهاب.(37) بسبب انتشار هذه الفكرة لم تعد البيانات التي تصدرها الأفريكوم تخفي دافع "مكافحة الإرهاب" وراء المبادرة وقد ابتلعت معظم البلدان الإفريقية هذه الحجة. جدير بالذكر أن إنشاء الأفريكوم لم يكن أول مبادرة تستخدمها الولايات المتحدة لاختراق الدول الإفريقية تحت غطاء "مكافحة الإرهاب"، فتحت غطاء مبادرات إقليمية مثل تجمع دول الساحل والصحراء مثلا واصلت الولايات المتحدة الأمريكية أجندتها المسماة "الحرب على الإرهاب" من خلال تنسيق جهود مكافحة الإرهاب مع الدول الإفريقية مثل مالي، موريتانيا، الجزائر والنيجر موفرة السلاح والتجهيزات وفي بعض الأحيان توفر تكاليف الوقود.(38)

في هذه الحالة يتلخص الدور الأساسي الذي تقوم به الأفريكوم في هذا الصدد بتكثيف وتنسيق الجهود في إطار سياسة "الحرب على الإرهاب" في القارة الإفريقية من خلال تسيير وإدارة مبادرة دول الساحل وكذا تعزيز خطاب الأمن والتنمية عن طريق دمج مكافحة الإرهاب في مختلف الشراكات العسكرية وبرامج التدريب التي تشرف عليها الأفريكوم.(39) وفي هذا السياق تكتسب منطقة شمال إفريقيا أهمية خاصة حيث صرح وزير الدفاع الأمريكي ليون بنيتا خلال زيارته للمنطقة في يوليو/ تموز 2012 قائلا: "لا نزال يساورنا القلق إزاء استمرار تواجد تنظيم القاعدة في مناطق مثل اليمن، الصومال وشمال إفريقيا. لهذا السبب فإننا نحث وبقوة دول المنطقة مثل تونس لتطوير عمليات مكافحة الإرهاب للتعامل مع هذا المشكل. من جهتنا يمكن أن نقدم المساعدة في عدة مجالات لتحقيق هذا الهدف مثل تقديم الدعم الاستخباراتي المطلوب الذي سيمكنهم وبشكل فعال من التعامل مع هذه التهديد. وقد أبدى المسئولون استعدادهم للعمل معنا في هذا الصدد".(40)

وكما يقول بارون فإن الصيغة الواردة في تصريح بنيتا تعتبر ذات دلالة خاصة " [...] وقد أبدى المسئولون استعدادهم للعمل معنا في هذا الصدد" وهي إشارة لكون الولايات المتحدة هي من ترى هذا التهديد وتسعى لجر الأطراف الأخرى لقبول وجهة نظرها حوله. كما يوضح الأمر أيضا محاولة أمريكا تنفيذ "حربها على الإرهاب" وترهيب الدول الأخرى لكي تحذو حذوها.(41) علاوة على ذلك يوضح تصريح بنيتا وبشكل جلي كيف تدمج الأفريكوم جهود مكافحة الإرهاب في كل مبادراتها وبرامجها. إضافة لذلك تتوفر قيادة الأفريكوم على ستمائة عنصر عمليات خاصة وعملاء استخبارات ملحقين بها هذا عدا عن مسئولين مدربين لضمان تحقيق المصالح والأهداف الأمريكية من وراء إنشاء الهيئة.(42)

نشاطات الأفريكوم

فضلا عن المبادرات التي سبقت إنشاء الأفريكوم ورغم الرفض الواسع الذي قوبلت به فكرة تواجدها على الأراضي الإفريقية، استطاعت هذه القيادة وبشكل سري التغلغل داخل العديد من الجيوش الإفريقية.(43) ويعزى ذلك أساسا لعملية الشراكة العسكرية-العسكرية التي أقامتها قيادة الأفريكوم مع 15 من أصل 55 دولة إفريقية.(44) وفي كثير من الأحيان تتطلب هذه الشراكة تنازل الجيوش الإفريقية عن قيادة العمليات لصالح قيادة الأفريكوم.(45) إضافة لذلك تم إنشاء شراكة بين الحرس الوطني الأمريكي في ولايات أمريكية بعينها من جهة ودول إفريقية من جهة ثانية من خلال برنامج شراكة وطني قال الجنرال كارتر هام، قائد قيادة الأفريكوم: إنه أحد أهم الأدوات في حزمة نشاطات قيادة الأفريكوم.(46) حتى هذا التاريخ تشترك سبع دول في هذه الشراكات التي يأمل الجنرال هام أن تتوسع لتشمل أربع دول أخرى بنهاية 2013.(47) في 2009 قامت قيادة الأفريكوم بإجراء تدريبات جوية مع ثماني دول من غرب إفريقيا.(48)

حتى جنوب إفريقيا التي كانت أكبر الدول الإفريقية معارضة لإنشاء الأفريكوم قد وقعت في فخ هذا البرنامج حيث أنها الآن عضو في شراكة الحرس الوطني الأمريكي في نيويورك.(49) من جهة أخرى ترسو السفن الحربية لقيادة الأفريكوم في موانئ عدة دول إفريقية بما في ذلك جنوب إفريقيا حيث تقوم تلك السفن بزيارات متكررة لميناء مدينة سيمون بما في ذلك الفرقاطة المدمرة آرلي بيرك.(50) كما تم استخدام مدينة سيمون للتحكم ولتنسيق ما تسميه القيادة "مسرح التعاون الأمني" مثل جهود التدريب ومكافحة الإرهاب الذي تشارك فيه البحرية الجنوب إفريقية بحماس منقطع النظير.(51) حتى أن الغواصة النووية يو أس أس سان خوان قد سُمِح لها بالرسو في جنوب إفريقيا نتيجة ما سمته كل من البحرية الأمريكية والجنوب إفريقية "تمارين تدريب".(52)

لكن الأهم كان نشاط الأفريكوم في ليبيا حيث كانت الحجر الأساس في تنفيذ قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بمناطق حظر الطيران أثناء الأزمة الليبية لكن القليل فقط كان معروفا عن هذا الدور قبل أن تصرح الأفريكوم في بيان لها عن الأمر بالقول إنها "أوقفت زحف الجيش الليبي على المدنيين العزل في بنغازي من خلال فرض منطقة حظر جوي وبحري ضد نظام القذافي"(53) قد تبدو هذه الإجراءات التي اتخذتها الأفريكوم متناغمة مع القرار الأممي 1703 القاضي بإنشاء منطقة حظر جوي لحماية المدنيين إلا أن الناظر لهذه الإجراءات عن كثب سيلاحظ أن عمل الأفريكوم أخذ اتجاها مختلفا فبدل حماية المدنيين تدخلت الأفريكوم وبقوة في تدمير المدرعات وتأمين حماية جوية للمتمردين مما عطل الجهود الإفريقية الساعية لإيجاد تسوية سياسية للصراع وبالتالي تجنبُ موت آلاف الضحايا كان يمكن إنقاذهم لو وجد حل سياسي للأزمة في وقت مبكر.(54)

من جهة أخرى تفاوض قيادة الأفريكوم كل من السنغال وأوغندا بخصوص إنشاء قواعد انتشار متقدمة في الدولتين كما تسري شائعات بكون بوتسوانا في طريقها لاحتضان قاعدة أخرى.(55) وتختلف قواعد الانتشار عن القواعد العادية لكونها مكانا لتخزين الأسلحة والذخيرة ومؤن تجهيز أخرى وفي بعض الأحيان يتم الترخيص للدول المستضيفة لاستخدام هذه القواعد في ظروف معينة. فمثلا ستكون قاعدة الانتشار المتقدمة في أوغندا على سبيل المثال قاعدة للجيش الأوغندي تقوم الولايات المتحدة بتشغيلها تحت غطاء تقوية الجيش الأوغندي لكن في الحقيقة أن الأسلحة التي يتم تخزينها في هذه القواعد ستبقى جاهزة للاستخدام في ما تراه الولايات المتحدة مناسبا لمصالحها. تم التفكير في إنشاء هذه القواعد المسماة "منصات الزنبق" قبل بدأ عمل قيادة الأفريكوم وحدث كل ذلك دون اعتراض يذكر. لاعتبارات متعددة أصبح واضحا للعيان أن المصالح الأمريكية يمكن ضمانها حتى رغم المعارضة اللفظية للدول الإفريقية لإنشاء الأفريكوم. فقد منحت جيبوتي على سبيل المثال 30 مليون دولار مقابل السماح بتشغيل القاعدة الأمريكية هناك.(56)

ردود وانتقادات

ردود الدول والمنظمات الإقليمية
كان هناك شبه إجماع بين الدول الإفريقية والمنظمات الإقليمية على رفض الأفريكوم وإنشاء مقرها في القارة.(57) حيث أجمعت مجموعة الساحل والصحراء (سين-صاد) المكونة من 25 عضوا على "رفض قيام أي قيادة عسكرية أو أي حضور عسكري أجنبي من أي نوع في أي جزء من القارة مهما كانت الأسباب أو التبريرات" في حين قالت الأربع عشرة دولة العضو في المجموعة الاقتصادية لدول جنوب إفريقيا "الساديك" أنه "من الأفضل لو تعاملت الولايات المتحدة مع إفريقيا عن بعد بدل الحضور المباشر في القارة".(58) كما عبرت المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا "الأيكواس" أيضا عن رفضها الشديد لإنشاء قيادة الأفريكوم في حين عبر قادة كل من زامبيا، نيجيريا وجنوب إفريقيا عن انتقادات حادة للأفريكوم.(59) بينما كانت ليبيريا الدولة الوحيدة التي ساندت إنشاء الأفريكوم على لسان رئيستها ألان جونسون سيرليف قائلة إنه رغم أن الهدف من إنشاء القيادة هو حماية المصالح الأمريكية إلا أن ذلك لا يتعارض مع مصالح الدول الإفريقية.(60)

كان للمعارضة الإفريقية لإنشاء الأفريكوم الأثر المراد حيث أجبرت الأمريكيين على التراجع عن فكرة جعل مقر القيادة في إفريقيا كما وضح بيان في موقع القيادة على الإنترنت: "ليس لدى القيادة أي خطط لتحريك مقر القيادة من شتوتغارت وستبقى هنا في المستقبل المنظور".(61) والسبب الرئيسي للفض الإفريقي لاستقبال مقر القيادة هو الأثر المتوقع للإخلال بتوازن القوى بين المنظمات الإقليمية وبين الدول ذاتها.(62) تتخوف المنظمات الإقليمية أن يقوض وجود الأفريكوم تأثيرها في المنطقة بينما تخشى الدول المسيطرة إقليما التأثير الذي سيخلفه تواجد الأفريكوم في أية دولة إفريقية على التوازن الإقليمي في المنطقة.(63) لذلك عمدت جنوب إفريقيا ونيجيريا لاستخدام نفوذهما في كل من المجموعة الاقتصادية لدول جنوب إفريقيا "سادك" والمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا "الإيكواس" للضغط من أجل منع استقبال مقر قيادة الأفريكوم في أي من الدول الأعضاء.(64)

من جهة أخرى أسهم عدم تشاور الأمريكيين مع الاتحاد الإفريقي في مرحلة التصور والإعداد لإنشاء القيادة في خلق قلق وتشكيك حول الأهداف الحقيقية وراء إنشائها.(65) وقد رأى العديد من المراقبين في إنشاء القيادة سعيا أمريكيا لسحب البساط من تحت الاتحاد الإفريقي وجعل الأفريكوم صاحبة القرار في كل الشؤون الأمنية للقارة.(66) وتظهر مصداقية هذا التخوف من خلال الدور السلبي للأفريكوم في تقويض جهود التسوية التي بذلها الاتحاد الإفريقي في الأزمة الليبية في2011.(67) حيث تم رفض الدعوات التي أطلقها الاتحاد الإفريقي لإيجاد حل سياسي تفاوضي للازمة الليبية وتم تقويضها من خلال العمليات التي قامت بها الأفريكوم بالتنسيق مع حلف شمال الأطلسي وبتواطؤ من بعض الدول الإفريقية في مهمة تجاوزت الصلاحيات التي منحت لها في قرارات مجلس الأمن مما نتج عنه تغيير للنظام في ليبيا.

تمكين الدكتاتوريات والعسكرة السياسية في الدول الإفريقية

يرى بعض منتقدي قيادة الأفريكوم أن الإصرار الأمريكي على ربط عاملي الأمن والتنمية ومحاولة تحقيق ذلك من خلال إنشاء الأفريكوم يهدد بتمكين الزعماء الدكتاتوريين في إفريقيا.(68) لأن الأفريكوم وفي سعيها لتحقيق المصالح الأمريكية ودفع أجندتها الأمنية في القارة الإفريقية لن ستنشأ علاقات ثنائية مع دول المنطقة ولن يضيرها أن كان ذلك مع دول تقوم بقمع شعوبها ما دام قادتها يوافقون على التنسيق والتعاون مع سياسة الأفريكوم"(69) ردا على هذه المخاوف صرحت الحكومة الأمريكية أنها تشترط معايير متعددة قبل البدء في أية شراكة مع أي دولة إفريقية ولكن الفشل الذي يعتري تطبيق هذه المعايير دفع بالكثير من المراقبين للتشكيك في هذا الالتزام الأمريكي.(70) عدا أن تسريبات أخيرة أفادت العكس تماما فمثلا أبقت الولايات المتحدة الأمريكية على علاقات جيدة مع النظام في إثيوبيا تطورت لمستوى شراكة، بل وتزويده بالمعدات والتدريب من أجل قتال حركة الشباب الصومالية كل ذلك رغم سجل النظام الإثيوبي السيئ في مجال حقوق الإنسان ومحاولاته قمع المحتجين والمعارضين.(71) إضافة لذلك، تغاضت الولايات المتحدة الأمريكية عن الانتهاكات التي يقوم بها النظام الحاكم في غينيا الاستوائية كما صمتت عن انتقاد التزوير الذي اعترى العملية الانتخابية في كل من أنغولا ونيجيريا والسبب الرئيس لذلك يعود للدور الذي تلعبه أنظمة هذه الدول في تأمين المصالح النفطية للولايات المتحدة؛ لهذا ليس مفاجئا أن تكون نيجيريا خامس أكبر مورد للنفط للولايات المتحدة الأمريكية.(72)

هناك عامل أخر مرتبط بهذه العوامل ألا وهو اتجاه بعض الدول الإفريقية لاستخدام منهج أو خطاب الأفريكوم لاقتراح حلول عسكرية لمشاكل داخلية.(73) وتشكل دولة مالي أفضل مثال على ذلك فبدل أن تجد حلا لمشكلة شمالها المتفجر والمطالب التي يطرحها سكان الشمال بالتمتع بنوع من الحكم الذاتي وهو مطلب يدعمه المجتمع الدولي ويدفع باتجاهه منذ حوالي خمسة عشر عاما، قامت الحكومة في مالي بإيعاز من الولايات المتحدة وفرنسا ابتداء من 2004 بمحاولات لاستعادة السيطرة على الشمال للقضاء على وجود محتمل لتنظيم القاعدة وحلفائه.(74) تم تقديم التدريب والدعم الاستخباراتي للجيش المالي مما أدى لإعادة عسكرة الشمال المالي وتسبب في خيبة أمل قبائل الطوارق الذي يحملون مطالب مشروعة مما أسفرت عنه عواقب وخيمة.(75)

تصاعد تمرد الطوارق الذي استمر لعقود مما أدى لانقلاب عسكري قام به جنود ينحدرون من الجنوب في مارس/ آذار 2012 قبل شهر واحد من الانتخابات مما أدى لتقسيم البلاد لجزأين. كان تصاعد التمرد في مالي نتيجة للتدخل الذي قامت به الأفريكوم في ليبيا من خلال تنسيقها لعمليات الناتو التي أدت لسقوط نظام القذافي.(76) أدى سقوط نظام القذافي لهروب الكثير من الطوارق الذين كانوا يعملون في الجيش الليبي أو الذين كانوا يعيشون في ليبيا وعودتم مدججين بالسلاح للشمال المالي وانضموا لقبائل الطوارق المصابة بالإحباط بسبب الأوضاع التي تعيشها منذ عقود.(77) وحالة القائد العسكري الطارقي إياد أغ غالي جديرة بالذكر في هذا السياق. أغ غالي، وكما يقال، هو القائد العسكري لجماعة أنصار الدين التي تمركزت في مدينتي تمبكتو وكيدال وقد قاتل في صفوف جيش القذافي وقد طلب منه المجلس الوطني الانتقالي الليبي ترك النظام الليبي وقد قبل الطلب قبل أن يعود مع مقاتليه المدججين بالسلاح إلى مالي منضمين لجماعات أخرى من الطوارق ومشكلين لجماعة أنصار الدين.(78)

الغموض والسرية

انتقد الكثير من المراقبين قيادة الأفريكوم بسبب غطاء السرية الذي تحيط به نشاطاتها.(79) وتُعززُ الطريقةُ التي تم بها الإعلان عن إنشاء القيادة في بيان للبيت الأبيض هذه الشكوكَ والانتقاداتِ حيث لم يُعرف الكثير عن هذه القيادة قبيل هذا البيان كما لم يكن هنالك تشاور مع الأطراف المعنية قبل إنشاء القيادة.(80) ترى الكثيرُ من المنظمات قيادةَ الأفريكوم كمؤسسة سرية لقلة ما يتوفر من المعلومات عنها ومن بين من يعتقد ذلك مناصرون لإنشاء هذه القيادة نفسها. يقول كفير إن المعلومات الوحيدة التي أمكنه الحصول عليها عن القيادة هو ما يتوفر عن طريق التصريحات الصحفية.(81)

إضافة لنقص الشفافية التي تطبع عمل القيادة يأتي الغموض والضبابية اللذان يعتريان طبيعة أهداف هذه القيادة. في هذا الصدد يطرح المشككون أسئلة حول تعريف مفاهيم الأمن والسلام التي ترد كأهداف لقيادة الأفريكوم كما تقول في بياناتها: "تحقيق السلام والأمن للشعوب الإفريقية"(82) وتأتي ما تسميه أمريكا "الحرب على الإرهاب" كمشكل ثان ينضاف إلى الأسئلة الأخرى حيث يرى الكثيرون أن الغموض الذي يعتري أهداف هذه القيادة كان مقصودا وذلك من أجل السماح لأمريكا أن تخوض حربها على "الإرهاب" في إفريقيا تحت هذا الغطاء المبهم.(83)

الاستعمار الجديد

أثار ازدياد المصالح الأمريكية في إفريقيا الكثير من الشبهات حول الأهداف الحقيقية للولايات المتحدة الأمريكية من وراء إنشاء الأفريكوم.(84) وذلك لكون أمريكا، ومن خلال سياسة الاحتواء التي اتبعتها تاريخيا في فترة الحرب الباردة، قد دعمت قادة دكتاتوريين ومولت ميليشيات تستخدم أساليب عنيفة جدا إضافة لعدم تشجيعها للحركات التحررية في إفريقيا.(85) لن ينسى الكثير من المثقفين والقادة السياسيين الأفارقة هذا الدور التاريخي للولايات المتحدة الأمريكية لذا يعتقدون أن الهدف الحقيقي من وراء إنشاء الأفريكوم في إفريقيا هو حماية المصالح النفطية لأمريكا في القارة الإفريقية واحتواء النفوذ الصيني المتصاعد في القارة.(86) ويرى الكثيرون أنه ما لم تتخذ إجراءات جذرية لمواجهة هذا الصراع المحموم على القارة الإفريقية، سيذهب التقدم الذي حققته إفريقيا في التسعينات ونهاية القرن المنصرم ادراج الرياح.(87) يلخص الأستاذ حمزة مصطفى انجوزي من جامعة دار السلام هذه المخاوف في إشارة لاستغلال الشركات المتعددة الجنسيات لموارد الذهب والنفط في تنزانيا مؤكدا أنه: "إذا ما قسنا الوضع هنا ببلدان أخرى فإن أمريكا بحاجة لإنشاء قاعدة عسكرية في تنزانيا من أجل ضمان السيطرة التامة على هذه الموارد الحيوية فضلا عن الاستمرار في نهب مناجمنا الذهبية وما تقوم به الأفريكوم هو ذلك بالضبط".(88)

تداعيات وتوصيات

من الواضح أنه إذا واصلت قيادة الأفريكوم عملها بهذا الشكل وبدون رادع فأن الصراعات البينية والحروب الأهلية في الدول الإفريقية التي شهدت تراجعا ملحوظا في الآونة الأخيرة، يمكن أن تتواصل وذلك لتمكن المجموعات الإثنية والجماعات المعارضة من الحصول على الأسلحة لحل المشاكل التي تواجهها في بلدانها. ستكون الحلول السياسية أقل احتمالا وستلجأ حكومات مثل أثيوبيا وغينيا الاستوائية بشكل أكبر لاستخدام السلاح لقمع المطالبين بحقوق الإنسان والإصلاح السياسي في بلدانهم. من المحتمل أن تأجج الموارد الطبيعية في إفريقيا وخصوصا النفط المزيد من الصراعات في وضع شبيه بفترة الحرب الباردة حين كانت القوى الخارجية تمون فصائل مسلحة داخلية مما يهدد سيادة الدول الإفريقية ما دامت هذه القوى تستطيع الولوج دون عوائق لداخل القارة الإفريقية ويشكل النموذج المالي أفضل دليل على هذه الحالة.

تحولت دولة مالي من كيان مسالم لحد كبير لدولة تطحنها الصراعات مقسمة لجزأين مما فتح الطريق أمام الغزو الفرنسي الأخير للشمال المالي والذي تبعه تدخل للقوات الإفريقية وما عقب ذلك من عواقب وخيمة. بعدما أدعته فرنسا من نجاح لتدخلها العسكري تستعد فرنسا للخروج من مالي في حين بدأت تظهر على السطح النتائج الوخيمة لتدخلها؛ سعي الحكومة المالية لإعادة السيطرة على شمال البلاد، عمليات الانتقام الاثنية والقبلية ثم أزمة اللجوء العارمة التي نتجت عن الصراع كل ذلك نتج عن انخراط الحكومة المالية في السياسات الأمريكية المتعلقة بالأمن والتنمية وسياسية "الحرب على الإرهاب" التي أدت بالحكومة المالية للدخول في تعاون مع قيادة الأفريكوم وما نتج عن ذلك من عسكرة الحياة السياسية في مالي.
_________________________________________
إبراهيم شابير الدين - باحث في معهد إفريقيا والشرق الأوسط وهو مركز بحث يقع مقره في جوهانسبرغ، جنوب إفريقيا. حاصل على درجة ماجستير في العلاقات الدولية من جامعة ويتواترسلاند، جنوب إفريقيا.
ملاحظة:  ترجمة الحاج ولد إبراهيم.

الإحالات
1- Ezekiel Pajino [sometimes spelt Pajibo] in Harris and Levy (2008).
2- Pillay (2012).
3- Nathan (2009: 59).
4- Bah and Aning, (2008); Keenan, (2008); AFRICOM website, undated.
5- Keenan (2008: 18) and Rice (2003).
6- AFRICOM website, undated; Chitiyo& Johnson (2008).
7- AFRICOM website, date unavailable; Kfir (2008) and Fabricius (2007).
8- AFRICOM website, undated; Keenan (2008).
9- Da Cruz & Stephens (2010); Kfir (2008).
10- Keenan (2008) and Kfir (2008).
11- Kfir (2008); United Press International (2012).
12- Keenan (2008); Da Cruz and Stephens (2010); Essa and Faraji (2009).
13- Shaplen and Laney (2007); Dickinson (2009); Amosu (2007).
14- Shaplen and Laney (2007).
15- Esterhuys (2008); Hofstedt (2009).
16- Hofstedt (2009).
17- Hofstedt (2009).
18- Hofstedt (2009).
19- Hofstedt (2009).
20- Bah &Aning (2008); Keenan (2008).
21- Bah and Aning (2008); Hofstedt (2009).
22- Hofstedt (2009).
23- Keenan (2008).
24- National Energy Policy Development Group (2001).
25- Keenan (2008); Glover & Lee (2007).
26- Keenan (2008).
27- Dickinson (2009); Hofstedt (2009); Esterhuys (2008).
28- Hofstedt (2009); Esterhuys (2008).
29- Amosu (2007); Hofstedt (2009); Dickinson (2009).
30- Chitiyo and Johnson (2008).
31- Chitiyo and Johnson (2008).
32- Shelley (2005).
33- Ungar (2012).
34- Ungar (2012).
35- Keenan (2008); Bah and Aning (2008); Baron (2012).
36- Keenan (2008); Kfir (2008).
37- Keenan (2008).
38- Alan (2009); Bah and Aning (2008); Keenan (2008).
39- Keenan (2008); Bah and Aning (2008); Baron (2012).
40- Baron (2012).
41- Baron (2012).
42- Keenan (2008).
43- Pillay (2012); Keenan (2008); United Press International (2012).
44- Pillay (2012).
45- Pillay (2012).
46- United Press International (2012).
47- United Press International (2012).
48- Pillay (2012).
49- United Press International (2012).
50- See, for example, click here.
51- Wright (2012).
52- See, for example, click here.
53- Pillay (2012).
54- Pillay (2012); Stevenson (2011).
55- Pillay (2012).
56- Bah and Aning (2008).
57- Harris and Levy (2008); Fabricius (2007).
58- Harris and Levy (2008).
59- Harris and Levy (2008); Fabricius (2007); Pajibo and Woods (2007).
60- Pajibo and Woods (2007).
61- AFRICOM website (undated).
62- Nathan (2009); Fabricius (2007).
63- Nathan (2009).
64- Harris and Levy (2008).
65- Nathan (2009).
66- Nathan (2009).
67- Pillay (2012).
68- Amosu (2007); Pillay (2012); Pajibo and Woods (2007).
69- Amosu (2007); Pajibo and Woods (2007).
70- Keenan (2008); Chitiyo and Johnson (2008); Amosu (2007).
71- Amosu (2007).
72- Amosu (2007); Chitiyo and Johnson (2008); Kfir (2008).
73- Asare (2012); Keenan (2008)
74- Asare (2012); Mann (2012).
75- Asare (2012).
76- Mann (2012); Douthat (2012).
77- Mann (2012); Douthat (2012).
78- Caryl (2012); Mann (2012).
79- Chitiyo and Johnson (2008); Nathan (2009).
80- Chitiyo and Johnson (2008); Amosu (2007).
81- Kfir (2008); Nathan (2009).
82- Amosu (2007); Pillay (2012); Nathan (2009).
83- Keenan (2008); Nathan (2009); Dickinson (2009); Baron (2012).
84- Pillay (2012); Chitiyo and Johnson (2008); Amosu (2007); Esterhuys (2008).
85- Esterhuys (2008); Nathan (2009).
86- Nathan (2009); Amosu (2007); Esterhuys (2008); Keenan (2008).
87- Amosu (2007); Nathan (2009).
88- Harris and Levy (2008).

المراجع
[1] Ezekiel Pajino [sometimes spelt Pajibo] in Harris and Levy (2008).
[2] Pillay (2012).
[3] Nathan (2009: 59).
[4] Bah and Aning, (2008); Keenan, (2008); AFRICOM website, undated.
[5] Keenan (2008: 18) and Rice (2003).
[6] AFRICOM website, undated; Chitiyo& Johnson (2008).
[7] AFRICOM website, date unavailable; Kfir (2008) and Fabricius (2007).
[8] AFRICOM website, undated; Keenan (2008).
[9] Da Cruz & Stephens (2010); Kfir (2008).
[10] Keenan (2008) and Kfir (2008).
[11] Kfir (2008); United Press International (2012).
[12] Keenan (2008); Da Cruz and Stephens (2010); Essa and Faraji (2009).
[13] Shaplen and Laney (2007); Dickinson (2009); Amosu (2007).
[14] Shaplen and Laney (2007).
[15] Esterhuys (2008); Hofstedt (2009).
[16] Hofstedt (2009).
[17] Hofstedt (2009).
[18] Hofstedt (2009).
[19] Hofstedt (2009).
[20] Bah &Aning (2008); Keenan (2008).
[21] Bah and Aning (2008); Hofstedt (2009).
[22] Hofstedt (2009).
[23] Keenan (2008).
[24] National Energy Policy Development Group (2001).
[25] Keenan (2008); Glover & Lee (2007).
[26] Keenan (2008).
[27] Dickinson (2009); Hofstedt (2009); Esterhuys (2008).
[28] Hofstedt (2009); Esterhuys (2008).
[29] Amosu (2007); Hofstedt (2009); Dickinson (2009).
[30] Chitiyo and Johnson (2008).
[31] Chitiyo and Johnson (2008).
[32] Shelley (2005).
[33] Ungar (2012).
[34] Ungar (2012).
[35] Keenan (2008); Bah and Aning (2008); Baron (2012).
[36] Keenan (2008); Kfir (2008).
[37] Keenan (2008)
[38] Alan (2009); Bah and Aning (2008); Keenan (2008).
[39] Keenan (2008); Bah and Aning (2008); Baron (2012).
[40] Baron (2012).
[41] Baron (2012).
[42] Keenan (2008).
[43] Pillay (2012); Keenan (2008); United Press International (2012).
[44] Pillay (2012).
[45] Pillay (2012).
[46] United Press International (2012).
[47] United Press International (2012).
[48] Pillay (2012).
[49] United Press International (2012).
[50] See, for example, click here.
[51] Wright (2012).
[52] See, for example, click here.
[53] Pillay (2012).
[54] Pillay (2012); Stevenson (2011)
[55] Pillay (2012).
[56] Bah and Aning (2008).
[57] Harris and Levy (2008); Fabricius (2007).
[58] Harris and Levy (2008).
[59] Harris and Levy (2008); Fabricius (2007); Pajibo and Woods (2007).
[60] Pajibo and Woods (2007).
[61] AFRICOM website (undated).
[62] Nathan (2009); Fabricius (2007).
[63] Nathan (2009).
[64] Harris and Levy (2008).
[65] Nathan (2009).
[66] Nathan (2009).
[67] Pillay (2012)
[68] Amosu (2007); Pillay (2012); Pajibo and Woods (2007).
[69] Amosu (2007); Pajibo and Woods (2007).
[70] Keenan (2008); Chitiyo and Johnson (2008); Amosu (2007).
[71] Amosu (2007).
[72] Amosu (2007); Chitiyo and Johnson (2008); Kfir (2008).
[73] Asare (2012); Keenan (2008)
[74] Asare (2012); Mann (2012).
[75] Asare (2012).
[76] Mann (2012); Douthat (2012)
[77] Mann (2012); Douthat (2012)
[78] Caryl (2012); Mann (2012)
[79] Chitiyo and Johnson (2008); Nathan (2009).
[80] Chitiyo and Johnson (2008); Amosu (2007).
[81] Kfir (2008); Nathan (2009).
[82] Amosu (2007); Pillay (2012); Nathan (2009).
[83] Keenan (2008); Nathan (2009); Dickinson (2009); Baron (2012).
[84] Pillay (2012); Chitiyo and Johnson (2008); Amosu (2007); Esterhuys (2008).
[85] Esterhuys (2008); Nathan (2009).
[86] Nathan (2009); Amosu (2007); Esterhuys (2008); Keenan (2008).
[87] Amosu (2007); Nathan (2009).
[88] Harris and Levy (2008).

Bibliography
AFRICOM (n.d.). About the U.S. Africa Command, http://www.africom.mil/AboutAFRICOM.asp.

Allen, E.P (2009). ‘Did the U.S. engineer an African military operation?’, Foreign Policy, 10 February. click here .

Amosu, A. (2007). ‘Dangerous Times for Africa’, Review of African Political Economy 34 (114) December.

Asare, A.A. (2012). Rhetoric and Reality of Africom - Lessons From Mali, allAfrica.com, 27 September. http://allafrica.com/stories/201209280963.html.

Bah, A. S. and Aning, K. (2008) ‘US Peace Operations Policy in Africa: From ACRI to AFRICOM’, International Peacekeeping, 15 (1): 118-132.

Baron, K. (2012) ‘No secret, U.S. wants in on North African counterterrorism’, The E-Ring, Foreign Policy 2 October click here.

Chitiyo, K. and Johnson, A. (2008) ‘AFRICOM and US-Africa Relations’, RUSI Conference Report, 18 February.

Da Cruz, J.D.A. and Stephens, L. K. (2012) ‘The U.S. Africa command (AFRICOM): Building partnership or neo-colonialism of U.S.-Africa relations?’, Journal of Third World Studies 27 (2), September.
http://www.thefreelibrary.com/The+U.S.+Africa+Command+(AFRICOM)%3A+building+partnership+or...-a0280557948.

Dickinson, E. (2009) ‘Think Again: Africom’, Foreign Policy 17 November. http://www.foreignpolicy.com/articles/2009/11/17/think_again_africom.

Essa, J and Faraji, S. (2009). ‘The Obama Administration: Revisiting and Reconsidering AFRICOM’, Journal of Pan African Studies March 2(9):260-263.

Esterhuys, A. (2008). ‘The Iraqization of Africa? Looking at AFRICOM from a South African Perspective’, Strategic Studies Quarterly, Spring: 111-130.

Fabricius, P. (2007). ‘SADC shuns spectre of US Africom plans’, IOL, 15 July. http://www.iol.co.za/news/politics/sadc-shuns-spectre-of-us-africom-plans-1.362033.

Glover, D and Lee, N.C. (2007) ‘Say No to Africom’, The Nation 19 November. http://www.thenation.com/article/say-no-africom.

Harris, B and Levy, M. (2008).‘African voices on AFRICOM’, Africa Action, Pambazuka 1 April. http://pambazuka.org/en/category/comment/47047.

Hofstedt, T.A.(2009). ‘China in Africa: An AFRICOM response’, Naval War College Review Summer 62 (3): 82-100

Keenan, J. (2008). ‘US militarization in Africa: What anthropologists should know about Africom’, Anthropology Today October 24(5):16-20.

Kfir, I. (2008). ‘The Challenge that is US AFRICOM’, Joint Force Quarterly April 49: 110-114.

Mann, G.(2012). ‘The Mess in Mali: How the war on terror ruined a success story in West Africa’, Foreign Policy 5 April http://www.foreignpolicy.com/articles/2012/04/05/the_mess_in_mali.

Nathan, L. (2009). ‘AFRICOM: A Threat to Africa’s Security’,Contemporary Security Policy 30(1):58-61.
Pajibo, E. and Woods, E. (2007) ‘AFRICOM: Wrong for Liberia, Disastrous for Africa’, Foreign Policy in Focus 6 September http://www.fpif.org/articles/africom_wrong_for_liberia_disastrous_for_africa.

Pillay, A. M. (2012) ‘The expansion of AFRICOM in Africa under Obama: A Paradox?’, Institute for Global Dialogue 31 January http://igd.org.za/home/160-the-expansion-of-africom-in-africa-under-obama-a-paradox.

Rice, S. E. (2003). ‘The New National Security Strategy: Focus on Failed States’, Brookings Institution, Policy Brief No. 116 http://www.brookings.edu/research/papers/2003/02/terrorism-rice.

Shaplen, J. T. and Laney, J. (2007) ‘Washington’s Eastern Sunset’,Foreign Affairs 86 (6): 82-97 November/December.

Shelley, T. (2005) Oil: Politics, Poverty and the Planet, Zed Books, London.

Stevenson, J. (2011). ‘AFRICOM's Libyan Expedition: How War Will Change the Command’s Role on the Continent’, Foreign Affairs 9 May http://www.foreignaffairs.com/articles/67844/jonathan-stevenson/africoms-libyan-expedition.

Ungar, R. (2012). ‘IEA Report: USA Set To Become Number One Oil Producer By 2020-Energy Independent By 2035’, Forbes Magzine 11 November http://www.forbes.com/sites/rickungar/2012/11/12/iea-report-usa-set-to-become-number-one-oil-producer-by-2020-energy-independent-by-2035/.

United Press International (2012).‘U.S. AFRICOM seeking more National Guard partnerships’, 23 August http://www.upi.com/Top_News/Special/2012/08/23/US-AFRICOM-seeking-more-National-Guard-partnerships/UPI-37741345727710/.

نبذة عن الكاتب