غرب إفريقيا: الإرهاب والجرائم المنظمة العابرة للحدود (الجزء الثاني)

الإرهاب حقيقة ماثلة بغرب إفريقيا تغذيه الجريمة المنظمة والتهريب ولا يَكمن التحدي في غياب الأطر الكفيلة بالتصدي لهذه التهديدات على المستوى الإقليمي، وإنما في الفشل في معالجة العوامل الأساسية التي تسهم في استفحال وانتشار هذه الجرائم إضافة إلى العلاقات المعقدة التي تربطها بعضها ببعض.
20137249744534734_20.jpg
انتشار تنظيم الفاعدة في منطقة الساحل (الفرنسية)

في الجزء التالي من المقال، نحاول رصد الكيفية التي توفر بها منظمات الجرائم المنظمة التمويل لتفعيل ومؤازرة هذه الجماعات الإرهابية في غرب إفريقيا.

الجريمة المنظمة العابرة للحدود وصلاتها بالإرهاب في غرب إفريقيا

تنتشر في منطقة غرب إفريقيا عدة منظمات إجرامية تنشط في الاتجار بالمخدرات، وتهريب الموارد الطبيعية، والتزوير، وتهريب السجائر، والاتجار بالأسلحة، وغسل الأموال، والقرصنة البحرية، وغيرها. ويناقش هذا الجزء من الورقة لمحة موجزة عن بعض هذه الجرائم، وكيف تسهل الإرهاب.

يقوض الاتجار بالأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة على نحو متزايد السلام والأمن في إفريقيا بصفة عامة وغرب إفريقيا على وجه الخصوص. وعلى الرغم من أنها ليست سببا في حد ذاتها للصراعات والأنشطة الإجرامية، لكن انتشار هذه الأسلحة وسهولة الحصول عليها وسوء استخدامها يشكل خطرا على أمن الناس والمجتمعات والدول في غرب إفريقيا.

والجدير بالذكر أنه من أصل حوالي خمسمائة مليون قطعة سلاح غير مشروعة كان يجري تداولها في جميع أنحاء العالم في العام 2004، أشارت التقديرات إلى أن حوالي مائة مليون منها كانت منتشرة في إفريقيا جنوب الصحراء وتركزت ثمانية إلى عشرة ملايين منها في منطقة غرب إفريقيا وأكثر من 70 في المئة من حوالي 8 ملايين قطعة سلاح غير قانوني من فئة الأسلحة الصغيرة والخفيفة في غرب إفريقيا يعتقد أنها في نيجيريا.(27)

ويتم تداول هذا النوع من الأسلحة من خلال صلات معقدة: تصنيع محلي وتهريب من قبل المتاجرين وبقايا من البنادق التي استخدمت خلال الصراعات المسلحة والسرقات من الأسلحة الحكومية من قبل رجال الأمن الفاسدين والمستوردين غير الشرفاء المعتمدين من قبل الحكومة ومما يوفره العائدون من عمليات السلام الدولية ومن الأسلحة التي توزع على المرتزقة من قبل حكومات طائشة مثل ليبيا تحت حكم معمر القذافي، وما يكسبه الإرهابيون والمتمردون والجماعات الإجرامية من إغارتهم على مخازن الأسلحة وما إلى ذلك من طرق غير مشروعة للحصول على الأسلحة، ويتكون المهربون من مواطنين من غرب إفريقيا ومتعاونين أجانب.

ونظرا لقصور أنظمة الأمن القومي وسهولة اختراق الحدود ونظرا للطلب المتزايد على السلاح من قبل المجرمين والإرهابيين، فإن العصابات المتخصصة في الاتجار بالأسلحة صممت أساليب لإخفاء وتهريب الأسلحة عبر الحدود بشكل يلائم طبيعة غرب إفريقيا. وقد زادت جرأة الجماعات الاجرامية مثل القراصنة والخاطفين وكذلك الإرهابيين النشطين في غرب إفريقيا مع انتشار الأسلحة في منطقة الصحراء والساحل في أعقاب زعزعة الاستقرار في ليبيا. وتم نقل الأسلحة الليبية التي حصلت عليها في البداية تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي والجماعات المرتزقة إلى جماعات أخرى مثل أنصار الدين وبوكو حرام والتوحيد والجهاد الأمر الذي زاد من جرأتها ومكنها من شن هجمات أكثر قوة وفتكا.

وبحصولهم على أسلحة متطورة أصبح الإرهابيون قادرين على اختطاف أشخاص للحصول على فدية, ومن المعروف أن الاختطاف مشكلة ماثلة منذ فترة طويلة، ومع ذلك لا يزال من الجرائم التي لا يبلغ عنها بشكل كاف في العديد من المناطق عبر العالم، وقد أصبحت جماعات الجريمة المنظمة التي تتخذ من الاختطاف سبيلا للحصول على فدى، أصبحت مصدرا رئيسيا لتمويل الإرهاب في غرب إفريقيا. وكانت منظمة القاعدة بالمغرب الإسلامي على وجه الخصوص قد تمكنت من الحصول على فدى وصلت إلى 6 ملايين دولار في إحدى الحالات وجنت من ورائها عشرات الملايين من الدولارات منذ العام 2006 وقد جمعت ما يقدر بــ 70 مليون دولار عبر مدفوعات الفدى ما بين عامي 2006 و2011(28) وتمكن التنظيم والجماعات المنشقة عنه من اختطاف غربيين في الجزائر وموريتانيا والنيجر ومالي والمغرب وليبيا وتونس كما ساعد مؤخرا بعض التابعين له في نيجيريا في تنفيذ عمليات خطف في شمال نيجيريا.

وأضافت عمليات الخطف التي نفذتها "أنصارو" وبوكو حرام في شمال نيجيريا بعدا معقدا لهذا الشكل من أشكال الجريمة المنظمة الذي يمول العمليات الإرهابية. ونفذت كل من "أنصارو" وبوكو حرام عمليات خطف لغربيين كجزء من أنشطتهما الإرهابية، ومع ذلك، فمن المهم أن نلاحظ خصوصية "أنصارو" في استخدامها لعمليات الخطف، فعلى سبيل المثال، خطفت سبعة أجانب يوم 16 فبراير/ شباط 2013، وأعدمتهم في 9 مارس/ آذار 2013، وبعد ذلك خطفت بوكو حرام عائلة فرنسية من سبعة (بينهم أربعة أطفال) في الكاميرون وذلك يوم 19 فبراير/ شباط 2013، ثم نقلتهم إلى نيجيريا إلى أن تم الإفراج عنهم في 18 أبريل/ نيسان 2013 بعد دفع فدية يقال إنها وصلت ثلاثة ملايين دولار.(29)

وكانت جماعات إرهابية مثل القاعدة بالمغرب الإسلامي وبوكو حرام قد اعتمدت السطو المسلح على البنوك كوسيلة تدر عليها المال الضروري للحصول على مستلزمات المعيشة وضروريات العمليات, وشملت العمليات التي استخدمتها القاعدة بالمغرب الإسلامي أنشطة إجرامية أخرى مثل توقيف سائقي السيارات على الحواجز الوهمية على الطرق النائية (غالبا ما يلبس أفراد هذه الجماعة في مثل هذه العمليات بدلات قوات الأمن) وذلك لتمويل عملياتها في الجزائر وأجزاء من مالي.

ويمكن لعمليات السطو التي تنفذها بوكو حرام في نيجيريا أن تقدم نظرة ثاقبة لكيفية التنفيذ وطريقة تقاسم الغنائم، إذ تتميز عمليات بوكو حرام عند سطوها على البنوك بنشر العديد من مقاتليها (ما بين  15إلى 60) واستهداف خزائن البنك أو السبائك الموجودة فيه عبر استخدام المتفجرات وقذائف الآر بي جي. وأحد الأمثلة الأخيرة لمثل هذه الهجمات هو الغارة على فرع لبنك "افرست بنك" في منطقة غوانيي في ولاية اداماوا يوم 22 مارس/ آذار 2013. وعادة ما يتم تقاسم المال الذي تحصل عليه هذه الجماعة من عملياتها بين خمس مجموعات هي: المساكين، وكذلك أرامل من لقوا حتفهم في الجهاد، والزكاة، ومن نفذوا العملية، إضافة إلى قيادة الحركة لاستخدام ما تبقى من مال في مواصلة الجهاد. والهجمات التي تشنها بوكو حرام هي التي تفسر سبب الارتفاع الحاد في عمليات السطو على البنوك في نيجيريا في السنوات الأخيرة، فعلى سبيل المثال، تعرضت نحو 100 منشأة مصرفية في العام 2011 وحده لعمليات سطو، وأكثر من 30 من هذه الهجمات نسبت إلى جماعة بوكو حرام.(30)

كما تعد سرقة النفط إحدى الجرائم المنظمة الأخرى التي يسود الاعتقاد بشكل متزايد أنها مصدر محتمل لتمويل الإرهاب، وعلى الرغم من أن العديد من البلدان في غرب إفريقيا تنتج النفط وتصدره، فإن سرقة النفط تبدو إلى حد كبير، إن لم يكن بشكل حصري، مقتصرة على نيجيريا(31)

ولا شك أن سرقة النفط التي توسع نطاقها في نيجيريا في الآونة الأخيرة وما ينتج عنها من تهريب له يشكلان تهديدا خطيرا لا يقتصر على سيادة القانون في نيجيريا فحسب، وإنما يتعدى ذلك ليشمل الأمن الإقليمي في غرب إفريقيا.

وعلى الرغم من أن منطقة دلتا النيجر لا تزال مرتعا لهذا الشكل من أشكال الجريمة المنظمة، فإن سرقة النفط منتشرة على طول وعرض نيجيريا التي توجد في كل أرجائها خطوط أنابيب النفط الخام والمنتجات البترولية ولا يهتم عناصر الأمن والاستخبارات كثيرا بمسألة سرقة النفط الخام أو المنتجات النفطية التي تتم عبر تخريب خطوط الأنابيب رغم أنها قد تكون بمثابة مصدر لتمويل أفراد وعصابات إجرامية ذات صلات بجماعات إرهابية مثل بوكو حرام، وعلى سبيل المثال، أفادت الأنباء أن هروب سوكوتو كابيرو (أحد قادة بوكو حرام) من حجز الشرطة في يناير/ كانون الثاني 2013 في آباجي وهي ضاحية من ضواحي أبوجا لم يكن ليقع لولا تدخل جيش من الشباب يعتقد أن عناصره هم "المسؤولون عن تحطيم أنابيب النفط في المنطقة"(32)

كما يرتبط بذلك خطر القرصنة البحرية، وخاصة أنشطة عصابات القراصنة المتخصصة في اختطاف ناقلات المنتجات النفطية، أو ما يطلق عليه "القرصنة النفطية، إضافة إلى سرقة بضائع السفن التجارية، وتزايدت القرصنة قبالة سواحل غرب إفريقيا مما يمثل تهديدا كبيرا ومعقدا للأمن الإقليمي، وثمة تكهنات لمحللي الدفاع والأمن بشأن "احتمال وجود صلة بين القرصنة في خليج غينيا وتمويل الجماعات الإرهابية الإسلامية الإقليمية مثل تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وأنصار الدين وحركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا وبوكو حرام والحركة الوطنية لتحرير أزواد وكلها تنشط في منطقة الصحراء والساحل التي تغطي نيجيريا ومالي والنيجر والجزائر والمغرب وموريتانيا "(33)

ويعتقد أن بضعة ملايين دفعت لعصابات تهريب النفط شقت طريقها إلى المتمردين الإسلاميين المرتبطين بتنظيم القاعدة في شمال نيجيريا(34) وليس ثمة أدلة قطعية تثبت وجود تحالف أو تعاون بين منظمة إجرامية مربحة (القرصنة) وحركة أيديولوجية (الإرهاب) في غرب إفريقيا، ولكن الاشتباه في وجود هذا التعاون يستحق الرصد.

وعلاوة على ذلك توفر طرق تهريب المخدرات في غرب إفريقيا فرصا للمنظمات الإرهابية لكسب عوائد مالية ومما لا شك فيه أن غرب إفريقيا غدت طريق عبور ومحطة توزيع للمخدرات وتسمح بل تضمن الحدود (البرية والبحرية والجوية) الهشة من الناحية الأمنية وانتشار الفساد والتعاون والتواطؤ بين الأطراف الفاعلة الحكومية وعصابات المخدرات، استمرار تدفق المخدرات إلى وعبر غرب إفريقيا.

فالكوكايين القادمة من أمريكا اللاتينية والمتجهة إلى أوروبا هي الأكثر ربحا من بين أنشطة الاتجار في المنطقة، وجل الكوكايين التي يتم ضبطها تأتي من البرازيل أو كولومبيا أو البيرو، ثم تصل غرب إفريقيا من خلال بنين وكوت ديفوار وغينيا بيساو ونيجيريا عن طريق البر والجو والبحر، ووفقا لمكتب المخدرات والجريمة التابع للأمم المتحدة، فقد بلغت مضبوطات الكوكايين في غرب إفريقيا في عام 2007 ذروتها إذ سجلت 47 طن، وما لا يقل عن خمسين طنا من الكوكايين (بقيمة ملياري دولار) تمر عبر غرب إفريقيا سنويا، ويمر أكثر من طن من تلك الكمية عبر "دولة المخدرات" غينيا بيساو التي أصبحت مركزا تشحن منه المخدرات المتجهة إلى أوروبا، مما يثير المزيد من القلق بشأن هذه الظاهرة.

وثمة حادثان شهدهما هذا البلد يدلان على ما ذكر إذ في إبريل/ نيسان عام 2013، على سبيل المثال، تم القبض على الاميرال خوسيه أمريكو بوبو نا تشوتو، وهو قائد سابق للبحرية بغينيا بيساو بعد وقوعه في فخ لوكالة مكافحة المخدرات الأمريكية (DEA) على متن قارب في المياه الدولية قبالة سواحل غرب إفريقيا، حيث كان هو وشركاؤه يخططون لجلب 3.5 طن من الكوكايين الكولومبي تم نقلها بواسطة السفن من أمريكا الجنوبية إلى غينيا بيساو، لتخزين تلك الكمية هناك قبل شحنها لمواقع أخرى، تشمل الولايات المتحدة الأميركية.

والحادث الثاني هو ما حصل في إبريل/ نيسان 2013 عندما صادرت قوات الحدود البريطانية كمية من الكوكايين تقدر قيمتها بأكثر من 17 مليون جنيه إسترليني في ميناء تيلبوري في إسيكس. وتكتسي هذه العملية طابعا خاصا إذ يعتقد أن هذه المخدرات قد تم تهريبها عبر السنغال إلى أوروبا من قبل مجموعة تابعة لتنظيم القاعدة.

ويشتبه مسؤولون في المملكة المتحدة بأن الكوكايين جزء من صفقة كبرى بين التنظيم والقوات المسلحة الثورية الكولومبية التي قدمت الكوكايين في مقابل بعض من الأسلحة التي كانت المجموعة الإرهابية الإسلامية قد اشترتها ربما من ليبيا (إدواردز 2013)(35)

وتشمل الأشكال الأخرى من النشاط الإجرامي العابر للحدود التي تنفذ في غرب إفريقيا أو تعبر من خلاله –تشمل- تهريب السجائر والاتجار بالبشر وتهريبه (بما في ذلك الهجرة غير الشرعية)، والأدوية المزيفة، من بين أمور أخرى. كما يعد غسيل الأموال أيضا تحديا رئيسيا في المنطقة بسبب الفساد، وضعف الحكم والسيادة الناقصة لمؤسسات القانون، وجنبا إلى جنب مع عوامل أخرى مثل الفقر والبطالة على نطاق واسع، تساهم هذه التدفقات في عدم الاستقرار وانعدام الأمن في المنطقة..

الجهود الرامية إلى قمع الإرهاب والجريمة المنظمة بغرب إفريقيا

بذلت دول غرب إفريقيا جهودا للتكامل الإقليمي خصوصا في سعيها لتجسيد مقاربة جماعية تهدف لتحقيق السلام والأمن والتنمية في المنطقة، فقد ألهمتها حتمية التصدي للتحديات الأمنية اعتماد عدة آليات وأدوات إقليمية لتعزيز الأمن والتنمية والحكم الرشيد وإدارة الصراعات في المنطقة. وتشمل الأدوات التي تهدف إلى التصدي الجماعي لهذه التحديات بروتوكول عدم الاعتداء (1978) والمساعدة المتبادلة في الدفاع (1981)، والبروتوكول المتعلق بآلية منع الصراعات وإدارتها وحلها وحفظ السلام والأمن (1999) والبروتوكول المتعلق بالديمقراطية والحكم الرشيد (ديسمبر/ كانون الأول 2001) واتفاقية المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (ECOWAS) المتعلقة بالأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة وذخائرها والمواد الأخرى ذات الصلة (يونيو/ حزيران 2006) وإطار منع نشوب الصراعات الذي اتفقت عليه مجموعة (ايكواس ECOWAS ) (2008).

ومن أهم تلك الاتفاقيات الخاصة بالتعامل مع الإرهاب ما تم مؤخرا من اعتماد إعلان سياسي وموقف مشترك ضد الإرهاب، يرسم استراتيجية لمكافحة الإرهاب إقليميا وخطة تنفيذية لمساعدة الدول الأعضاء على مكافحة الإرهاب.

وتهدف الاستراتيجية المذكورة إلى تسهيل تنفيذ الآليات الإقليمية والقارية والدولية في مجال مكافحة الإرهاب وتوفير إطار عملي مشترك للعمل على مستوى المجتمعات لاجتثاث الإرهاب وما يصاحبه من أعمال، ومن شأن هذه الاستراتيجية أن تعزز التنسيق فيما بين الدول الأعضاء، وتعزز القدرات الوطنية والإقليمية لكشف وردع واعتراض ومنع الإرهاب، وتعزيز مقاربة العدالة الجنائية، والقيام بما يلزم للوقاية من التطرف الديني ومكافحته وتنسيق وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي لمكافحة الإرهاب(ايكواس 2013).(36)

وقد صممت هذه الآليات وغيرها من الأدوات الإقليمية والوطنية الأخرى لمنع وردع واحتواء الأنشطة الإرهابية وأنشطة الجريمة العابرة للحدود في المنطقة، وعلى الرغم من كل الإجراءات والتدابير المذكورة آنفا، فإن الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للقارات ما فتئا ينموان ويعزز بعضهما بعضا في كل أرجاء المنطقة.

الخلاصة والتوصيات

أظهر التحليل السابق أن الإرهاب هو الآن حقيقة ماثلة تسود منطقة غرب إفريقيا، ويمكن أن يزداد ويتفاقم حجمها وشدتها إذا لم يتم اتخاذ خطوات عاجلة لوقف هذا التيار، وهذه الظاهرة تغذيها الجريمة المنظمة العابرة للحدود وتنامي التهريب في شبه المنطقة.

والتحدي كما رأينا لا يكمن في غياب الأطر والأدوات الكفيلة بالتصدي لهذه التهديدات على المستوى الإقليمي، وإنما في الفشل في معالجة العوامل الأساسية التي تسهم في استفحال وانتشار هذه الجرائم إضافة إلى العلاقات المعقدة التي تربطها بعضها ببعض.

ومن أجل التعامل بفعالية مع تهديدات الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود، ثمة حاجة لاعتماد نهج واسع يجمع بين الجهود المبذولة على الصعيدين الإقليمي (ايكواس) والوطني (الدول الأعضاء) لتطبيق استراتيجية قوية تركز على تحسين وترشيد الحكم وعلى التنمية والأمن في المنطقة، ولذلك فإن التوصيات الواردة أدناه مصممة وفقا لهذه الأبعاد الثلاثة، وبالتالي هناك حاجة لــ:
 
الحكم
تعزيز جميع المؤسسات والأنظمة التي تعزز الكفاءة والمساءلة والشفافية في إدارة الموارد الوطنية في دول غرب إفريقيا، وإنشاء وتعزيز مؤسسات الحكم وإنفاذ القانون القادرة على تعزيز سيادة القانون، وتطبيق عقوبات انتهاك حقوق الإنسان وملاحقة العصابات الإجرامية والإرهابيين وتوسيع وإضفاء الطابع الديمقراطي على الفضاء السياسي لاستيعاب الأشخاص والمجموعات الذين تم تهميشهم على أسس عرقية أو دينية أو أثنية.
 
التنمية
لا بد من شراكة قوية بين الحكومات والقطاع الخاص لاتخاذ ودعم خطط فعالة لتقديم القروض الصغيرة للفقراء، وخاصة الشباب العاطلين عن العمل، وتحديد وتنفيذ التدخلات الإنمائية التي تستهدف الشريحة الأوسع من المجتمع لكسب ود أفرادها وذلك كي يدعموا جهود الحكومات في مكافحة تنامي التهريب عبر الحدود وصياغة وتنفيذ برنامج توعوي لرفع مستوى الوعي الأمني لدى سكان المنطقة وتطوير وتنفيذ حملات إعلامية وتثقيفية واسعة لمواجهة تنامي التطرف والثقافة الجهادية التي تنتشر بسرعة في غرب إفريقيا وتأسر عقول المزيد والمزيد من الشباب العاطل عن العمل.
 
الأمن
إنشاء مركز إقليمي لصهر المعلومات الاستخبارية (RIFC) يستهدف تخزين هذه المعلومات وتلك المتعلقة بالأنشطة الإرهابية لتصور الردود الاستباقية وإنشاء وحدات للتنسيق على المستوى الوطني لمكافحة الإرهاب والجريمة العابرة للحدود على المستوى الإقليمي بحيث تكون الجناح المنفذ لتوصيات مركز صهر المعلومات لتعزيز الجهود الوطنية والإقليمية في مكافحة الإرهاب والتهريب عبر الحدود والشروع في شراكة مع دول شمال ووسط إفريقيا لوضع آلية إقليمية قوية وثلاثية الأبعاد لمكافحة أنواع الجرائم العابرة للحدود (تدفق المخدرات والأسلحة والمتفجرات والمقاتلين) ومواجهة التحديات الأمنية في منطقة الصحراء والساحل، ناهيك عن العمل على الإصلاح والتأهيل المهني لقوات أمن الدولة بحيث يمكنها بسهولة كسب 'قلوب وعقول " السكان المحليين من خلال ضمان الاحترام الحقيقي لحقوق الإنسان وحماية هذه الحقوق، بما في ذلك أثناء عمليات مكافحة الإرهاب.
____________________________________
* د. فريدوم س. أونوها: زميل باحث بمركز البحوث والدراسات الاستراتيجية، كلية الدفاع الوطني، أبوجا، نيجيريا.
ود. جيرالد إ. إزيريم أستاذ محاضر بقسم العلوم السياسية، جامعة نيجيريا، نسوكا.

إحالات القسم الثاني
26 - Bah, Alhaji(2004) Micro-disarmament in West Africa: The ECOWAS moratorium on small arms and light weapons. African Security Review, 13(3).
27 - Bello, Abdullahi(2010) “70% of illegal arms in West Africa are in Nigeria –NATFORCE boss,” Daily Trust, 9 November, p.29
28 - Foster-Bowser, E. and Sanders, A(2012) ‘Security Threats in the Sahel and Beyond: AQIM, Boko Haram and al Shabaab’,
http://reliefweb.int/sites/reliefweb.int/files/resources/Full_Report_3818.pdf .
29 - Cocks, Tim(2013) “Nigerian Islamists got $3.15 million to free French Hostages: Document”, Reuters, 26 April, http://www.reuters.com/article/2013/04/26/us-france-hostages-idUSBRE93P10320130426
30 - Thisday,(2011) “Boko Haram, armed robbers attack 100 bank branches”, 10 December, p.6
31 - Obasi, N.(2011) “Organised Crime and Illicit Bunkering: Only Nigeria’s Problem?”, in M Roll and S Sperling(eds.) Fuelling the World- Failing the Region? Oil Governance and Development in Africa’s Gulf of Guinea, Abuja: Friedrich Ebert Stiftung.
32 - Suleiman, T.(2012) “Boko Haram Siege Deepens’, Tell, 6 February, p.50.
33 - Isreali Homeland Security,(2013) ‘Fighting Piracy in Africa – too little too late., Defence Update, 6 May, http://defense-update.com/20130506_fighting-piracy-in-africa-too-little-too-late.html?utm_source=Africa+Center+for+Strategic+Studies+-  +Media+Review+for+May+7%2C+2013&utm_campaign=5%2F07%2F2013&utm_medium =email
34 - Kochan, N(2013) “Diezani Alison-Madueke: The woman working to clean up Africa's dirty oil”, The Independent, 04 June.
35 - Edwards, C.(2013) “West Africa Commission on Drugs”, 16 May, http://www.wacommissionondrugs.org/?p=1771 The Crime Terror nexus in West Africa
36 ECOWAS,(2013) “Regional Counter Strategy for Consideration at Extraordinary Mediation and Security Meeting in Abidjan”, Press Release, No.0044, February