الممكن وغير الممكن في حلحلة الأزمة السياسية في البحرين

النزاع السياسي في البحرين ليس بمستحدث، ولا بحراك مستجد. فمنذ صدور دستور عام 2002، كان هناك حراك سياسي يطالب بإحداث إصلاحات دستورية تُفَعِّل مبدأ "الشعب مصدر السلطات". ومع تفجر ثورات الربيع العربي، اشتد هذا الحراك مُجددًا انطلاقته في 14 فبراير/شباط 2011 ورافعًا ذات المطالب السابقة.
201442011577971580_20.jpg
(الجزيرة)

الملخص
تستخلص هذه الورقة قائمة "الممكن" التي يمكن لأطراف النزاع السياسي في البحرين التوافق عليها، وتصنفها في مجال الممكن، وأبرز ذلك: إعلان دولة المواطنة، وإطلاق الحريات العامة، وتأكيد مبادئ الوحدة الوطنية، وتبني اللاعنف، ومحاربة الفساد والمفسدين، وإجراء مراجعة دستورية لبعض المواد الجدلية، وإجراء تعديل في الدوائر الانتخابية يضمن المساواة بين المواطنين، ومنح مجلس النواب سلطات واسعة في منح الثقة للحكومة وسحبها، وإقرار تشكيلتها وبرنامجها، ومحاسبتها، والشراكة في السُلطة التنفيذية، واستقلال السُلطة القضائية، ومراجعة القوانين المثيرة للجدل، وإجراء استفتاء شعبي لنواتج الحوار الوطني والتعديلات الدستورية المقترحة، ومراجعة عامة لقضية التجنيس.

وفي المقابل، تستخلص قائمة "غير الممكن" في هذا النزاع التي تتضمن: تجاهل المطالب العادلة، واستمرار الحل الأمني، وتهميش مكونات المجتمع، وتجاهل أطراف النزاع السياسي، والانفراد بالحل السياسي، وإفساح المجال للعنف في تحقيق الأهداف، وإسقاط النظام.

كما تسعى الورقة لتقديم رؤية للحل السياسي في البحرين مكونة من ثلاث مراحل، هي: مرحلة التمهيد للحل السياسي وبناء الثقة، التي تمهد للحل السياسي بإيجاد أجواء أمنية وسياسية واجتماعية وثقافية. والمرحلة الانتقالية التي تقدم مشروعًا للحل السياسي يتم تنفيذه على مراحل، ويتم خلالها تشكيل حكومة وحدة وطنية تشارك بفعالية وتعمل على تحقيق المصالحة المجتمعية، وإصدار عفو عام، وإجراء استفتاء للصيغ العامة التي يتم التوافق عليها، ومرحلة الحل النهائي المستدام التي تعمل على تحقيق الوحدة الوطنية، والتأكيد على عروبة البحرين وانتمائها الخليجي، والتركيز على التنمية الشاملة، والاهتمام بالقضايا الخدمية.

مقدمة

النزاع السياسي في البحرين ليس بمستحدث، ولا هو حراك مستجد ضمن سياق ما بات يعرف بالربيع العربي. فمنذ صدور دستور عام 2002، كان هناك حراك سياسي يطالب بإحداث إصلاحات دستورية تُفَعِّل مبدأ "الشعب مصدر السلطات".

ومع تفجر ثورات الربيع العربي، اشتد هذا الحراك مُجددًا انطلاقته في 14 فبراير/شباط 2011 ورافعًا ذات المطالب السابقة، فسقط عدد من الضحايا، واعتُقل من اعتُقل، وصاحبته أحداث كثيرة، سجّل بعضها تقرير اللجنة الأممية التي شُكّلت بالأمر الملكي رقم 28 الصادر بتاريخ 29 يونيو/حزيران  2011 (1)

وتذهب بعض الآراء إلى أن البحرين كانت أكبر الخاسرين من الربيع العربي؛ حيث بدت المطالب الشعبية الأولى مُحقّة ومشروعة، وكانت قاب قوسين أو أدنى من تحقيق مطلب التحول إلى ملكية دستورية عصرية، وسرعان ما انحرفت المطالب الإصلاحية المشروعة إلى سلوكيات يمكن أن توصف بأنها ثورية، ونجح التشدد في جرّ المجتمع البحريني إلى اصطفافات تهدد وحدته الوطنية (2)

ومع تفضيل خيار القبضة الأمنية، وتعالي الأصوات الداعية إلى العنف، تتباين الرؤى، ويتباعد أقطاب النزاع، ويتوارى العقل، وتغيب الحكمة، ليصبح الوطن نهبًا للتطرف، وعرضة للدمار. 

نقصد بـ "الممكن" في هذا التقرير، المطالب والرؤى التي يمكن التوافق حولها بحل منصف للجميع. أما "غير الممكن"، فهي المطالب والرؤى التي يصعب التوافق عليها، أو تطبيقها، لأسباب متعددة، وأبرزها: العامل الطائفي المذهبي، والوضع الإقليمي المتأزم. 

الممكن في النزاع السياسي في البحرين 

يمكن اعتبار ميثاق العمل الوطني (3) ، والمبادئ التي أعلن عنها ولي عهد مملكة البحرين في 13 مارس/آذار 2011 أساسين رئيسين للممكن في حل النزاع السياسي؛ فقد أرسى الميثاق مبدأ الشعب مصدر السلطات، وركز مفهوم المملكة الدستورية. وتضمن الميثاق التالي: مجلس نواب كامل الصلاحيات، وحكومة تمثل إرادة الشعب، ودوائر انتخابية عادلة، وقضية التجنيس، ومحاربة الفساد المالي والإداري، وأملاك الدولة، ومعالجة الاحتقان الطائفي، وغيرها (4)

وهناك مبادئ أخرى تضمّنها إعلان مبادئ ولي العهد، لكنها لم تلقَ حظًا وافرًا من الإعلام لتغطيتها، رغم أنها تشكّل القاعدة الرئيسة التي تستند عليها الرؤى والحلول السياسية الممكنة، وهذه المبادئ هي: الحق في الأمن والسلامة للجميع؛ والوحدة الوطنية؛ والحوار المنتج؛ وتأكيد الإرادة الشعبية. 

وتدخل هذه المبادئ الأربعة في قائمة الممكن التي يمكن لكل أطراف النزاع التوافق عليها، واعتبارها القاعدة العريضة لأي حراك سياسي ومجتمعي، وأساسا للحقً العام، وللثقافة المجتمعية، ونمطًا للسلوك الجيد. 

وتدخل المبادئ السبعة الواردة أعلاه، التي طُرحت آنذاك لتشكّل أجندة للحوار بين أطراف النزاع السياسي، في باب الممكن، وتقترب كثيرًا من أطروحات المعارضة السياسية، ولا تبتعد كثيرًا عن أطروحات الجمعيات والجماعات السياسية التي تقترب من تيار السُلطة. 

ومما تجدر ملاحظته، أن الجمعيات السياسية المعارضة التي أصدرت وثيقة المنامة باعتبارها سقفًا للمطالب السياسية، ربطت بين مطالبها السياسية وبين واقع الحياة الجارية وفقًا للجوانب الاقتصادية والاجتماعية، وهي ترى أن تلك القضايا ما هي إلّا إفرازات لانعدام الديمقراطية التي تمثل الإرادة الشعبية، وغياب القضاء المستقل (5) . كما بررت تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي بالحالة السياسية التي تسبّبت في استمرار الفساد، وتأصل الخيار الأمني، ومصادرة بعض من حقوق المواطنة، وتفاقم التمييز، والفشل الاقتصادي، وتفاقم مشكلة الإسكان، وشيوع ظاهرة الفقر. 

وتتمسك الجمعيات السياسية المعارضة بـ"الملكية الدستورية"، وتنأى بنفسها عن المطالبة بإسقاط النظام، وتحصر مطالبها في إصلاحات سياسية ترى أن مشروعيتها تنبثق من ميثاق العمل الوطني المشار إليه آنفًا، ومن الدستور نفسه. 

ولا تبتعد الجمعيات والجماعات السياسية القريبة من السُلطة في رؤاها عن الرؤيتين السابقتين لولي العهد والجمعيات السياسية المعارضة؛ فتجمّع الوحدة الوطنية يؤطّر رؤيته للحل السياسي بالمواطن المدرك للمواطنة (6) ، وبمجتمع متوافق رافض للفساد والاستبداد والانفراد بالقرار والعبث باللُحمة الوطنية، وبحكومة عادلة مُساءَلة تمثل الإرادة الشعبية، ومجلس نيابي كامل الصلاحيات، ومجلس للشورى يتكامل ولا يُعطّل، وبقضاء مستقل نزيه، ومؤسسات فاعلة تكرس المواطنة وتدافع عن كيان الدولة وسيادتها. 

وتقدم وثيقة المشروع السياسي لائتلاف الفاتح رؤيتها في (7) : حكومة تمثل الإرادة الشعبية وتخضع للمحاسبة والمساءلة البرلمانية يعينها الملك، ويوافق البرلمان على برنامجها، ومجلس للنواب كامل الصلاحيات، مع مجلس شورى معين من الكفاءات الوطنية وأصحاب الخبرة والرأي، وتعديل للدوائر الانتخابية لتحقيق تمثيل شعبي، وقضاء مستقل. 

وبناء على ما تقدم، نستطيع أن نصل إلى قائمة الممكن في حلحلة النزاع السياسي في البحرين، والتي يمكن تلخيص أهم محاورها بالتالي:

  1. إعلان دولة المواطنة التي تجرّم التمييز وسياسات الإقصاء؛
  2. إطلاق الحريات العامة التي تكفلها المواثيق الأممية؛
  3. تأكيد مبادئ الوحدة الوطنية، واللَّاعنف، ومحاربة الفساد والمفسدين؛
  4. إجراء مراجعة دستورية لبعض المواد الجدلية، وقضية التجنيس؛
  5. إجراء تعديل في الدوائر الانتخابية يضمن المساواة بين المواطنين؛
  6. منح مجلس النواب سلطات واسعة في منح الثقة للحكومة وسحبها، وإقرار تشكيلتها وبرنامجها، ومحاسبتها؛
  7. الشراكة في السلطة التنفيذية التي تضمن مشاركة الجهات الفاعلة في الساحة السياسية؛
  8. استقلال السلطة القضائية؛
  9. استمرار الحوار الجاد حول القضايا الجدلية؛
  10. استفتاء شعبي لنتائج الحوار والتعديلات الدستورية المقترحة؛ 

غير الممكن في النزاع السياسي في البحرين 

وفقًا لاعتبارات كثيرة، أبرزها: التوجه نحو المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار بوسائل وآليات ديمقراطية، ومحاربة الفساد، والمساءلة الاجتماعية، وطبيعة التركيبة السكانية وتاريخها السياسي، ومكانة البحرين المتميزة في منظومة مجلس التعاون الخليجي، وارتباطاتها الإقليمية والدولية، وأخذًا في الاعتبار كل التغيرات السياسية التي تشهدها المنطقة، وما يجري من صراعات وثورات سياسية مسلحة، ساهمت في تدمير بعض المجتمعات المتحضرة؛ يمكن تلخيص قائمة غير الممكن في الآتي:

  1. تجاهل المطالب العادلة: من غير الممكن تجاهل المطالب العادلة والحقوق العامة للشعب المتمسك بالسلمية المبتعد عن التطرف والعنف، المحافظ على وحدته الوطنية.
  2. استمرار الحل الأمني: من غير الممكن استمرار الحل الأمني؛ ونجاحه في قمع الرغبة في التطوير السياسي، حيث لا بد من الوصول إلى  حلول سياسية تنزع بُؤر التوتر (8) .
  3. تهميش مكونات المجتمع: من غير الممكن لأي حل سياسي تهميش مكونات المجتمع، ولا يمكن أي شريحة من شرائح المجتمع البحريني الفاعلة في مسار حراكه الاقتصادي والاجتماعي والسياسي.
  4. تجاهل أطراف النزاع السياسي: من غير الممكن تجاهل الأطراف السياسية الفاعلة في الساحة؛ والتي بنت لها قواعد في عريضة في خارطة المجتمع، وتغلغت أفكارها بين شرائح الشعب، وأضحى لها مؤيدون، وبات من الصعب إبعادها عن دائرة الحلول السياسية.
  5. الانفراد بالحل السياسي: من غير الممكن لأي طرف أو طيف سياسي في النزاع الجاري في البحرين،  أن ينفرد بتقديم حل سياسي، ويفرضه على الآخر.
  6. نجاح العنف في تحقيق أهدافه: لا يمكن للعنف في البحرين، من أية جهة كان مصدره، أن يفرز حلاً سياسيًا، وأن ينحو بالبلاد إلى بر الأمان.
  7. إسقاط النظام: لا يمكن نجاح الدعوات المطالبة بإسقاط النظام السياسي، وذلك لاعتبارات محلية وإقليمية ودولية، وثوابت جغرافية، ومذهبية، واقتصادية، واجتماعية. 

رؤية للحل السياسي الممكن 

تنبثق الرؤية التي يخلص إليها الباحث من مراجعة لعدد من الرؤى، أبرزها وثيقة المنامة، ووثيقة تجمع الوحدة الوطنية ووثيقة ائتلاف شباب الفاتح (9) ، ورؤية جمعية المنبر الديمقراطي في سبتمبر/أيلول 2012 (10) ورؤية القوى الوطنية الديمقراطية المعارضة في البحرين لحل الأزمة السياسية (11) . وبعض الكتابات والمقالات السياسية التي لامست الموضوع، مثل: مقالة الشفيعي (2013) (12) ، والشفيعي (2013) (13) ، والرميحي (14) ، والشافعي (15) ، وخليل (2014) (16)

وتتضمن هذه الرؤية ثلاث مراحل رئيسة، هي: 

المرحلة الأولى: التمهيد للحل السياسي وبناء الثقة
تمهد هذه المرحلة للحل السياسي بإيجاد أجواء أمنية وسياسية واجتماعية وثقافية ملائمة، وتتم في أُطر بعيدة عن وسائل الإعلام، وتعمل على إفراز مشروع للحل السياسي من خلال حوار إيجابي بين الأطراف الفاعلة، مدعومةً بمشورة من أطراف "الحكماء"، وبمساندة إقليمية ودولية. وتتحمل أطراف النزاع السياسي المسؤولية عن إنجاحها، وإنجاح المراحل التي تليها. وفيها يتم التوافق على خارطة طريق الحل السياسي بمراحله التالية بين السُلطة ومواليها من جهة، وبين الجمعيات السياسية المعارضة ومواليها من جهة أخرى، وحين يتعذر الاتفاق على كل هذه الأطراف، يمكن للسُلطة أن تتفق مع الجمعيات السياسية المعارضة. وفي هذه المرحلة تعمل السُلطة والجمعيات السياسية المعارضة على التهيئة لإعلان مراحل الحل السياسي. ويتم خلال هذه المرحلة الآتي: 

  1. تخفيف القبضة الأمنية والاعتقالات، مقابل تقليل الجمعيات السياسية المعارضة فعالياتها السياسية.
  2. ترشيد الإعلام السياسي، ومواقع التواصل الاجتماعي، ووقف الحملات المغرضة المسيئة للوحدة الوطنية، والبرامج والمنابر الطائفية، والصفحات الصفراء المثيرة للفتنة، وكل وسائل الإعلام والتواصل التي تساهم في تعكير الأجواء السياسية.
  3. تعليق المحاكمات السياسية والأمنية، وتهيئة أطياف المجتمع جميعها، لعفو عام قريب، ومصالحة اجتماعية مأمولة.
  4. إطلاق سراح بعض المعتقلين والمحكومين السياسيين وخصوصًا من الأطفال والنساء وكبار السن، وإرجاع جنسية من سُحبت جنسيتهم، وإعادة المفصولين عن العمل ومن مقاعد الدراسة، وإبراز ذلك كدليل على التسامح، وصفح عن تجاوزات الماضي.
  5. إحداث تواصل بين مكونات المجتمع وبين القيادات السياسية والدينية، والتأكيد من خلاله على الوحدة الوطنية، وعلى حسن النوايا والتسامح، ونبذ العنف، والكراهية، والطائفية؛ مما يمهد لخطاب جماهيري عاقل ومتزن، وتقبّل اجتماعي عام لأجواء المصالحة الوطنية.
  6. اختراق حواجز المعتقلات والسجون السياسية بإجراء حوارات مع قادة الفكر السياسي، وإعادة تكرار تجربة تسعينات القرن الماضي التي أسفرت عن الوصول إلى توافق على مبادرة سياسية ساهمت في وضع أساسات ميثاق العمل الوطني (17)
  7. تشجيع مؤسسات المجتمع المدني على طرح مبادرات للحل السياسي، وتنظيم مؤتمرات وندوات جامعة لأطياف المجتمع تبحث في قضايا الوطن وتقدّم الحلول المقترحة لها. 

المرحلة الثانية: المرحلة الانتقالية
في هذه المرحلة، تُعلن السُلطة وموالوها والجمعيات السياسية المعارضة ومناصروها مشروعًا للحل السياسي يتم تنفيذه على مراحل زمنية، تبدأ من مرحلة انتقالية مدتها سنة على أبعد تقدير، ويتناول القضايا السياسية الرئيسة، والملفات الاجتماعية والاقتصادية المتصلة بها، والملف الأمني، وقضايا المعتقلين والمسجونين، وقضايا التعذيب، وقضايا تعويض المتضررين، والفترة الانتقالية اللازمة لتطبيق المشروع. وهنا يجب التركيز على: 

  • الملكية الدستورية: التأكيد على الملكية الدستورية التي نص عليها ميثاق العمل الوطني (18) ، بمجلس نواب منتخب، له وحده فقط حق التشريع والرقابة ومحاسبة السُلطة التنفيذية، وما سواه فهو للمشورة فقط. ويمكن التدرج في تطبيق الملكية الدستورية، فيما يتعلق بتشكيل الحكومة، ومنحها الثقة، وتعيين رئيس الوزراء، ووزراء السيادة، بطريقة تحفظ التوازن بين سُلطة الملك في تعيينها، والإرادة الشعبية في الموافقة عليها، وإقرار برنامجها، لكن في النهاية ينبغي أن تفضي العملية إلى مملكة دستورية تضاهي الممالك الدستورية العريقة (19)
  • النظام الانتخابي العادل: التأكيد على نظام انتخابي عادل يقوم على المساواة بين المواطنين؛ وبموجبه يتم تعديل الدوائر الانتخابية بما يضمن تحقيق العدالة. 
  •  التعديلات الدستورية: إجراء تعديلات دستورية على المواد المختلف حولها بما يضمن نوعًا من التوافق الشعبي على دستور عام 2002. 
  • ضمان استقلال السُلطة القضائية ونزاهتها: التوصل إلى صيغة دستورية تضمن استقلال القضاء ونزاهته وإبعاده عن التجاذبات السياسية والمذهبية، وهناك رؤية قدمها شباب ائتلاف الفاتح يمكن أن تكون منطلقًا للتوافق حول هذا الموضوع (20) .  
  • معالجة جادة للملفات المهمة: وذلك من خلال تضمين مشروع الحل السياسي معالجة منصفة لملفات عديدة كالتمييز الطائفي، وقضية التجنيس، ومسحوبي الجنسية، والفساد، والاستئثار بالثروة، والعاطلين عن العمل، والمفصولين من أعمالهم، والتعذيب، والشهداء، والمعتقلين، والمحكومين بقضايا سياسية، والإسكان، وغيرها. 

وخلال هذه الفترة يتم الآتي: 

  • تشكيل حكومة وحدة وطنية مشاركة: تتحمل الجمعيات السياسية المعارضة والموالية، مسؤولية فيها، ويركز برنامجها على السلم الأهلي، وحلحلة الملفات العالقة، وتنفيذ توصيات لجنة بسيوني، وتوصيات جنيف، والخروج بالمجتمع من حالة الاحتقان السياسي إلى حالة العمل المنتج، والتنمية الشاملة. 
  • حل المجلس الوطني بغرفتيه: والإعلان عن موعد جديد لانتخابات مجلس النواب، يبدأ مع قرب انتهاء الفترة الانتقالية، وإعلان الجمعيات السياسية المعارضة مشاركتها في الانتخابات النيابية القادمة. 
  • تحقيق المصالحة المجتمعية: من خلال إحداث تغيير قيمي إيجابي، يستعان فيه بخبرات المتخصصين، والنظر إلى المواطنة ذات الحقوق والواجبات، وإعلاء ثقافة الانتماء، والسلم، والأخوة، والوحدة، وحب الوطن، والعفو والتسامح، والنأي عن ثقافة التجهيل، والتضليل، والدس، وإشاعة الكراهية وغيرها من القيم الحاطّة بكرامة المجتمع. 
  • صدور العفو العام: بتبني سياسة عفا الله عما سلف، حيث يمكن صدور عفو عام عن السُجناء والمعتقلين في قضايا سياسية، وتأهيلهم لاحقًا ليتمكنوا من ممارسة حياتهم الاعتيادية. 
  • جبر الضرر: الذي تعرض له المواطنون، إبّان الأحداث المؤلمة، ومنهم عوائل الشهداء، والمعتقلين، والمسجونين، والمفصولين من العمل، وغيرهم. 
  • المساندة الأهلية: تتحمل جمعيات المجتمع المدني، والمؤسسات الدينية، والجامعات، والمدارس، والمؤسسات الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي، ورجال الدين، وأصحاب الشأن مسؤولياتهم الكاملة في تحقيق الأهداف المعلنة لهذه المرحلة، وإنجاحها. 
  • معالجة واقية: يعالج كل تشنج مضاد، وكل معارضة لهذه المرحلة بالحوار الهادئ، بعيدًا عن التخوين، والتصنيف المزري. 
  • التقويم المستمر للخطأ: يتم تقويم مسارات المرحلة أولاً بأول وتُعالَج الأخطاء مباشرةً دون تأخير، ولا يُسمح للأخطاء الصغيرة أن تكبر. 
  • الاستفتاء العام: توضع الصيغ العامة التي يتم التوافق عليها خلال هذه المرحلة في هيئة مشروع مجتمعي يعرض للتصويت العام ليحظى بثقة الشعب، تأكيدًا لمبدأ "الشعب مصدر السُلطات". 

 المرحلة الثالثة: مرحلة الحل النهائي المستدام
وتبدأ هذه المرحلة مع إجراء انتخابات نيابية وبلدية، وفقًا للضوابط التي تم التوافق عليها، لتفرز مجالس بلدية فاعلة، ومجلسًا نيابيًا كامل الصلاحيات؛ ومن ثَمَّ تشكيل حكومة توافق وطني، تحظى بثقة مجلس النواب وبمصادقته على برنامجها وخطوطها العامة. وتعمل هذه الحكومة على: 

  • تحقيق الوحدة الوطنية وتأليف القلوب، وتناسي الماضي المثقل بالهموم.
  • التأكيد على عروبة البحرين وانتمائها الخليجي والعربي والإسلامي، وتوطيد علاقتها بمنظومة مجلس التعاون الخليجي.
  • التركيز على التنمية الشاملة المستدامة في جميع القطاعات، لاسيما القطاع الاقتصادي.
  • الاهتمام بالقضايا الخدمية كقضايا الإسكان، والصحة، والتعليم، والتطوير الحضري، والفقر، وغيرها من المشكلات ذات الصلة المباشرة بالمواطن.
  • الخروج من المأزق الاقتصادي والاهتمام بإيجاد حل للمشكلات الاقتصادية القاسية، وخصوصًا المديونية العامة السيادية والحكومية التي وصلت إلى حد مرتفع (21) .
  • النأي عن الصراعات والنزاعات الدولية وعن كل مواطن التوتر والنزاع الدولي والإقليمي، قولاً وفعلاً.
  • الاهتمام بالتعليم الفني والعالي والتركيز على استثمار العنصر البشري، ورعاية أصحاب الطموح الهادفين إلى مواصلة تعليمهم العالي.
  • الإدماج التدريجي للشباب البحريني في أجهزة الأمن وفق الضوابط التي تراعي الوحدة الوطنية، والحفاظ على الأمن العام.
  • إصلاح الإعلام وحثّه على أن يكون إعلامًا وطنيًا منضبطًا بعيدًا عن التجاذبات السياسية.
  • محاربة الفساد المفسدين.
  • إصلاح القضاء والتأكيد على استقلاليته، ونزاهته، وقدرته على إحداث توازن بين القوى المختلفة. واعتماد هيكلية متطورة له، وقانون جديد ينظّمه، وزير يتمتع بالكفاءة والحيادية، وقضاة أكفاء ينتمون لكل شرائح المجتمع، واستثمار الخبرة الأجنبية في تأهيل الكوادر الوطنية، والنأي بالقضاء عن كل التجاذبات السياسية والمذهبية والعقائدية، تأكيدًا لمبدأ كونه سلطة مستقلة. 

خاتمة

يستوجب الخروج من الأزمة السياسية في البحرين، النظر إلى طبيعة المجتمع، وعمقه التاريخي، وعلاقاته المتشابكة الداخلية والخارجية، ووضع المصلحة العامة للوطن فوق كل الاعتبارات، وتناسي مآسي الماضي، والسعي لحل سياسي مستدام.

ويبقى الأمل معقودًا على حل سياسي شامل، لكل القضايا موضع الجدل والنزاع، تشارك فيه القوى الفاعلة في المجتمع، بدون استثناء، ويسعى لتعزيز اللُحمة الاجتماعية، والحريات العامة، والكرامة الإنسانية.

وحيث يتطلب الحل السياسي الشامل حكمةً، وصبرًا، وعزيمةً، وإخلاصًا وتوافقًا، فلا بدَّ له من أن يمر في مراحل متعددة تتدرج من إنهاء حالة العنف، وتغييب الخيار الأمني، وتمكين الحوار الجاد، ومعالجة كل القضايا بما يضمن تحقيق ملكية دستورية تستند على مبدأي "الشعب مصدر السلطات والفصل بين السلطات الثلاث: التشريعية، والتنفيذية والقضائية." 
______________________

عبد علي محمد حسن، باحث وأكاديمي بحريني.

 الهوامش
بسيوني، محمود شريف، وآخرون (نوفمبر/تشرين الثاني 2011)، تقرير اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق، اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق، رابط إلكتروني: http://www.bici.org.bh/BICIreportAR.pdf

 2 مجموعة باحثين (2011)، الربيع العربي.. إلى أين؟  مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت.

3  مملكة البحرين، ميثاق العمل الوطني. رابط إلكتروني: www.bipd.gov.bh/images/methaq/Methaq .

  صحيفة الوسط البحرينية، العدد 3111، الاثنين 14 مارس/آذار 2011.

الجمعيات السياسية المعارضة (البحرين)، وثيقة المنامة، طريق البحرين إلى الحرية والديمقراطية، أكتوبر/تشرين الأول 2011، رابط إلكتروني: alwefaq.net/cms/2011/10/12/5933   /

تجمع الوحدة الوطنية، استراتيجية المشروع السياسي لتجمع الوحدة الوطنية 8 أكتوبر/تشرين الأول 2012 pdf. رابط إلكتروني: http://altajam3.org/portal/arabic/files/2012/06

ائتلاف شباب الفاتح، وثيقة المشروع السياسي لائتلاف الفاتح 30 يونيو/حزيران 2013، رابط إلكتروني http://alfateh21feb.com/politicalproject /

الشفيعي، حسن موسى، الأزمة السياسية في البحرين ومستلزمات الحوار، مرصد البحرين لحقوق الإنسان. رابط إلكتروني http://www.bahrainmonitor.com/magal/g-028-02.html

9  ائتلاف شباب الفاتح. وثيقة المشروع السياسي (يونيو/حزيران 2013)، رابط إلكتروني:  http://alfateh21feb.com/politicalproject/  

10  إسماعيل، حسن (2012)، قراءة في واقع البحرين السياسي وقواه المعارضة، موقع جمعية المنبر الديمقراطي. رابط إلكتروني: http://www.altaqadomi.com/ar-BH/ViewArticle/32/4340/research_and_papers.aspx

11  الموقع الرسمي لجمعية الوفاق الوطني الإسلامية (26 يوليو/تموز 2013)، بيان الموقف الوطني: رؤية القوى الوطنية الديمقراطية المعارضة في البحرين لحل الأزمة السياسية. رابط إلكتروني:  http://alwefaq.net/cms/2013/07/26/21700/

12  الشفيعي، حسن موسى، شروط نجاح المصالحة الوطنية، مرصد البحرين لحقوق الإنسان.

13  الشفيعي، حسن موسى، الأزمة السياسية في البحرين ومستلزمات الحوار، مرصد البحرين لحقوق الإنسان.

14  مرجع سابق.

15  الشافعي، أبو عمر، قراءات للمشهد السياسي واستشراف سيناريوهات حل الأزمة البحرينية، رابط إلكتروني:   http://alshaf3ee.blogspot.com/2012/12/blog-post_7494.html  

16  خليل، عبد الجليل (2014)، التغيير السياسي في البحرين وأثره في السياسات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية. ورقة عمل مقدمة إلى مؤتمر "العالم العربي: نداء الديمقراطية والتنمية والعدالة الاجتماعية"، الإسكندرية، جمهورية مصر العربية.

17  الجمري، منصور (2006)، تجربة الحوار بين أحد أطراف المعارضة والحكومة في الفترة من أغسطس/آب 1995 إلى يناير/كانون الثاني 1996. صحيفة الوسط البحرينية العدد 1267، 24 فبراير/شباط 2006، رابط إلكتروني: http://www.alwasatnews.com/1267/news/read/545467/1.html

18 مملكة البحرين، ميثاق العمل الوطني، رابط إلكتروني: www.bipd.gov.bh/images/methaq/Methaq .

19  فخرو، علي محمد، الحل بالعودة للميثاق وكامل الصلاحيات، جريدة الأيام البحرينية، العدد 7998 الجمعة 4 مارس/آذار 2011، رابط إلكتروني:  http://www.alayam.com/alayam/LastArticle/69286#sthash.HizeOttk.dpu  

20  ائتلاف شباب الفاتح، وثيقة المشروع السياسي (يونيو/حزيران 2013)، رابط إلكتروني:  http://alfateh21feb.com/politicalproject/

21  صحيفة الوسط البحرينية، 12 إبريل/نيسان 2014، العدد 4235، رابط إلكتروني: http://www.alwasatnews.com/multimedia/BSN/421046.html

نبذة عن الكاتب