الجيش الإسرائيلي يقتل المدنيين الفلسطينيين حفاظا على جنوده (أسوشييتد برس) |
ملخص باتت دوائر صنع القرار في تل أبيب تدرك استحالة وقف إطلاق الصواريخ من القطاع غزة بالوسائل العسكرية، كما أنها تعي أن فرص محاولة تمرير صيغة "الهدوء مقابل الهدوء" تؤول إلى الصفر في ظل عدم إبداء المقاومة أية مرونة في هذا الجانب. وهذا يزيد من فرص التوصل لاتفاق جديد بالتهدئة، يأخذ بعين الاعتبار مصالح الطرفين، سيما في ظل تعالي الأصوات داخل تل أبيب التي تنادي بالعمل على تحسين الأوضاع الاقتصادية في قطاع غزة على اعتبار أن تدهور الأوضاع الاقتصادية يكرس بيئة اجتماعية حاضنة للمقاومة. |
مقدمة
تعد الحرب التي شنتها إسرائيل على غزة، ثالث أكبر مواجهة عسكرية تندلع بين الكيان الصهيوني وحركات المقاومة الفلسطينية في القطاع منذ أن انفردت حركة حماس بإدارة شؤون قطاع غزة في يوليو/تموز 2007. ولقد شُنّت هذه الحرب في أعقاب تحولات كبيرة طرأت على البيئة الإقليمية، جعلت ظروف هذه الحرب تختلف كثيرًا عن ظروف حرب "عمود السحاب" التي شنتها إسرائيل على غزة في نوفمبر/تشرين الثاني 2012، وهذا ما وجد انعكاسه على مسار الحرب، ويفترض أن يؤثر على نتائجها.
تحاول هذه الورقة تفكيك بيئة الحرب، ورصد الأهداف التي سعت كل من إسرائيل وحماس لتحقيقها من خلالها، وحصر الافتراضات التي أغرت إسرائيل بشنها، وتحليل تأثير موازين القوى والبيئة الإقليمية على مسار الحرب.
بيئة الحرب
على الرغم من أن إسرائيل وضعت هدفًا فضفاضًا لحربها الحالية على قطاع غزة يتمثل بـ"تقليص التهديدات والمخاطر التي يتعرض لها الأمن القومي الإسرائيلي، ومصدرها غزة" (1)، إلا أنه من خلال ما صدر عن دوائر صنع القرار ومحافل التقدير الاستراتيجي في تل أبيب يمكن القول: إن هناك أهدافًا محددة حاولت إسرائيل تحقيقها من خلال هذه الحرب. إن أهم الأسباب التي حدت بالقيادة الإسرائيلية لشن الحرب الحاجة لترميم قوة الردع في مواجهة حركات المقاومة، وعلى وجه الخصوص حركة حماس؛ حيث رأت تل أبيب أن الردع الإسرائيلي قد تآكل إلى حد كبير، وأنه يتوجب ترميمه ومراكمة قوته(2). ولم تُبدِ إسرائيل حماسة لتوظيف الحملة الحالية في استعادة قوة الردع في مواجهة حركات المقاومة الفلسطينية فقط، بل تحاول أيضًا من خلالها إرسال رسالة واضحة للحركات الجهادية التي تمكنت من إيجاد موطئ قدم لها في بلدان عربية محيطة بفلسطين، سيما سوريا، مفادها أنه لا يجدر بها القيام بأي عمل ضد إسرائيل (3). في الوقت ذاته، فإن إسرائيل سعت من خلال تكتيكاتها الميدانية للمس بالبنى العسكرية والأطر التنظيمية والقوى البشرية للمقاومة الفلسطينية. وجاهر الجيش الإسرائيلي بأنه هدف من خلال عمليات القصف إلى تدمير معامل إنتاج الصواريخ محلية الصنع ومخازنها، سيما متوسطة المدى، التي تملكها حماس، فضلاً عن استهداف منصات الإطلاق التي نصبتها حركات المقاومة في طول قطاع غزة وعرضه، علاوة على الأنفاق العسكرية، التي يزعم الجيش الإسرائيلي أن المقاومة حفرتها لتنفيذ عمليات تسلل داخل عمق إسرائيل. في الوقت ذاته، فإن الجيش الإسرائيلي كان معنيًا بالمس بأكبر عدد من قادة الأجنحة العسكرية ونشطائها، سيما أولئك الذين على علاقة بتصنيع وإطلاق الصواريخ. فضلاً عن ذلك، فإن إسرائيل تحاول توظيف الحرب في إعاقة تطبيق اتفاق المصالحة بين حركتي فتح وحماس، الذي يُنظر إليه في تل أبيب كتهديد استراتيجي، لأن الانقسام الفلسطيني الداخلي حسّن من قدرة تل أبيب على المناورة في مواجهة هاتين الحركتين. وحسب المنطق الإسرائيلي فإن اندلاع مواجهة مع حماس، تقوم الحركة خلالها باستهداف العمق الإسرائيلي سيساعد تل أبيب على إقناع المجتمع الدولي، سيما الغرب بنزع الشرعية عن حكومة الوفاق الوطني، التي تشكّلت في أعقاب التوصل لاتفاق المصالحة (4). ولقد خططت إسرائيل حربها لتكون خاطفة، للحيلولة دون إطالة مدى "معاناة" عمقها المدني، علاوة على رغبتها في تقليص الأضرار الاقتصادية الناجمة عنها؛ حيث إن ما خسرته إسرائيل خلال الأيام الثلاثة الأولى فقط من الحرب يقدر بـ 2.4 مليار دولار (5). في الوقت ذاته، فإن إسرائيل لم تكن معنية بمواجهة طويلة في الوقت الذي تتعرض فيه لمخاطر أمنية، على أكثر من جبهة، فضلاً عن أن تل أبيب تخشى ردة فعل الشارع العربي على جرائمها في القطاع، وتحسبت أن يفضي أي تبرم شعبي عربي إزاء سلوكها إلى إحراج دوائر صنع القرار في العواصم العربية، في الوقت الذي تراهن فيه إسرائيل على عوائد التقاء المصالح بينها وبين هذه العواصم في مواجه عدد من التحديات المشتركة (6).
وفيما يتعلق بحركة حماس، فإنه على الرغم من أن الحرب قد فُرضت عليها، إلا أنها تحاول توظيفها للخروج من أزمتها؛ حيث إنها لم يعد أمامها ما تخسره. فقيادة الحركة ارتأت أنها قدمت كل التنازلات الممكنة من أجل إنجاز المصالحة الداخلية لكي تتخلص من التبعات الثقيلة لحكمها لقطاع غزة، سيما في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للجمهور الفلسطيني في القطاع. ولكن ما فاجأ حركة حماس حقيقة هو أن اتفاق المصالحة قد فاقم الأوضاع الاقتصادية سوءًا؛ إذ إن السلطة الفلسطينية ترفض دفع رواتب أكثر من 45 ألف موظف يعملون في دوائر حكومة غزة، في حين ترفض إسرائيل السماح بنقل المساعدة المالية التي قدمتها دولة قطر لدفع رواتب هؤلاء الموظفين. من هنا، فإن حركة حماس تسعى لتضمين أي اتفاق تهدئة بينها وبين إسرائيل في أعقاب انتهاء الحملة الحالية بنودًا تضمن تقليص مظاهر الحصار وتبعاته والتزام إسرائيل بسحب اعتراضها على نقل الأموال اللازمة لدفع رواتب الموظفين، إلى جانب الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين الذين أُفرج عنهم في صفقة تبادل الأسرى الأخيرة عام 2011، وأعاد جيش الاحتلال اعتقالهم مؤخرًا بعد خطف وقتل المستوطنين الثلاثة في الضفة الغربية.
دوافع إسرائيل إلى الحرب
عندما اتخذت إسرائيل قرار الحرب على غزة انطلقت من افتراض مفاده أن التحولات الإقليمية التي شهدتها المنطقة خلال الأعوام الثلاثة الماضية، جعلت حركة حماس في أضعف أوضاعها، وهذا ما أغراها بالمبادرة لتوجيه ضربات للحركة دون أن تأخذ بعين الاعتبار إمكانية حصول حماس على إسناد سياسي من أطراف إقليمية، مع العلم أن مثل هذا الإسناد كان يمكن أن يقلص من قدرة تل أبيب على تحقيق أهدافها. ولقد راهنت تل أبيب كثيرًا على عوائد الحرب التي شنتها سلطة الانقلاب في القاهرة على حركة حماس، سيما حرص الجانب المصري على تدمير الأنفاق التي يتم عبرها تهريب السلاح، خصوصًا الصواريخ، للمقاومة في القطاع، وهذا ما جعل الاستخبارات الإسرائيلية تتوقع عشية الحرب أن يكون لدى حماس كمية محدودة من الصواريخ، يصل أبعد مدى لها حتى منطقة تل أبيب، وسط الكيان الصهيوني (7). في الوقت ذاته، فإن إسرائيل شنت الحرب من خلال افتراض مفاده أن لديها من المعلومات الاستخبارية حول حماس وقدراتها ما يمكّنها من توجيه ضربات تشل قدرات الحركة العسكرية، سيما القوة الصاروخية.
مسار الحرب
شرعت إسرائيل في حربها بتوجيه ضربات جوية متواصلة، هدفت إلى تدمير منازل قيادات ونشطاء في حركات المقاومة، سيما المقاتلين في الأذرع المسلحة، ومحاولة تصفية عدد منهم، علاوة على تدمير بنى ومرافق مدنية، تزعم إسرائيل أنها تتبع حركة حماس. وفي المقابل، ردت حماس بإطلاق صواريخ على العمق الإسرائيلي، والقيام بعمليات تسلل إلى عمق إسرائيل عن طريق البحر، وعبر الأنفاق. وقد هدفت إسرائيل إلى توظيف هذه الضربات في إرغام حماس على قبول العرض الذي قدمه مسؤول ملف الأراضي المحتلة في وزارة الحرب الإسرائيلي الجنرال بولي مردخاي بوقف نار متبادل دون وساطات، أو كما سماه: "تهدئة مقابل تهدئة". وقد رفضت المقاومة العرض، وأصرت على قبول مطالبها، وواصلت إطلاق الصواريخ على إسرائيل، في الوقت الذي واصل فيه جيش الاحتلال الغارات الجوية. إن فشل الضربات الجوية المكثفة والعنيفة، في إقناع حماس بوقف إطلاق الصواريخ، ومصلحة تل أبيب في تقصير أمد الحرب، جعل من مصلحة إسرائيل تدخل طرف خارجي للتوسط بينها وبين حركة حماس. وقد عرضت دول عديدة، من بينها قطر وتركيا، جهودها للوساطة، في حين امتنعت مصر في البداية، لكنها طرحت بعد ذلك مبادرة، بدعم أميركي، تلبي في الواقع الشروط الإسرائيلية (8). وقد رفضت فصائل المقاومة المبادرة المصرية لأنها تبنت الموقف الإسرائيلي، وأعفت تل أبيب من أي تعهد بشأن تخفيف الحصار المفروض على القطاع وإطلاق سراح الأسرى، علاوة على أنها منحت إسرائيل مخرجًا لإنهاء حربها بعدما تبين استحالة تحقيق الأهداف التي وضعتها لهذه الحرب عبر الضربات الجوية. ومما لا شك فيه أن أخطر ما في المبادرة المصرية، التي أكدت جميع فصائل المقاومة أنها لم تُستشر فيها، أنها تفتح المجال لطرح قضية تجريد المقاومة في القطاع من سلاحها، سيما الصواريخ، وهذا ما لم تفلح إسرائيل في تحقيقه عبر استخدام القوة (9).
ولم تكتف سلطة الانقلاب بطرح مبادرة وقف إطلاق النار بالتنسيق مع الجانب الإسرائيلي فقط، بل إنها حمّلت المقاومة الفلسطينية المسؤولية عن تبعات رفضها المبادرة المصرية؛ مما يعني منح الاحتلال الشرعية لمواصلة القتل بشكل أكثر وحشية (10). وفي أعقاب ذلك شنت إسرائيل حملة برية واسعة النطاق على قطاع غزة، إلى جانب تواصل عمليات القصف من الجو والبحر. وقد أكد نتنياهو أن الهدف من الحملة البرية هو القضاء على الأنفاق الحربية التي حفرتها حركة حماس بغرض تنفيذ عمليات في عمق إسرائيل. وقد استدعى الجيش الإسرائيلي أكثر من 60 ألفًا من جنود الاحتياط، وشرع في البحث عن الأنفاق، حيث زعم أنه عثر على 13 نفقًا. لكن ما لم يأخذه القادة العسكريون الإسرائيليون بالحسبان حقيقة أن التواجد العسكري الكثيف لم يحل دون تمكن المقاومين الفلسطينيين من التسلل خلف خطوط الجيش الإسرائيلي وضربه. ومما لا شك فيه أن أكبر ضربة تعرض لها جيش الاحتلال تمثلت في الكمين المحكم الذي نصبته "كتائب القسام"، الجناح العسكري لحركة حماس في التخوم الشرقية لحي "الشجاعية" شرق مدينة غزة ليلة التاسع عشر من يوليو/تموز، حيث تم استدراج رتل من الدبابات إلى حقل من الألغام، وتفجيرها، وفي الوقت ذاته استهداف القوات التي انطلقت لإخلاء القتلى والمصابين بالقذائف؛ مما أدى إلى مقتل وجرح العشرات من الجنود. وقد دفع نجاح المقاومة هذا جيش الاحتلال لارتكاب مجزرة بشعة بحق المدنيين في حي الشجاعية في صباح العشرين من يوليو/تموز؛ حيث أطلقت المدفعية الإسرائيلية حممها بشكل مباشر على منازل الفلسطينيين، مما أدى إلى مقتل 90 فلسطينيًا، 45 منهم من النساء والأطفال، وجرح المئات، علاوة على تدمير عشرات المنازل. وقد أسفرت الحرب حتى الآن عن مقتل أكثر من 420 فلسطينيًا وجرح مئات آخرين وتدمير أكثر من 300 منزل ومنشأة ومسجد (11). وحسب وزارة الصحة الفلسطينية، فإن حوالي 90% من القتلى الفلسطينيين هم مدنيون (12).
اختبار الحسابات الإسرائيلية
على الرغم من حجم الخسائر الفلسطينية في معركة الشجاعية، إلا أن نخبًا إسرائيلية سارعت لاعتبارها نقطة تحول فارقة في الصراع بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحتلال (13). وهناك ما يؤشر على أن أداء المقاومة الفلسطينية بشكل عام أسهم في إقناع النخب الإسرائيلية بخطأ الافتراضات التي أغرت تل أبيب بشن الحرب الحالية على القطاع. فقد اكتشف الكثير من النخب الإسرائيلية أن الافتراض القائل بأن التحولات الإقليمية أسهمت في إضعاف حركة حماس وتحسن من مكانة إسرائيل في أية مواجهة عسكرية معها لم يكن دقيقًا. وذهب بعض كبار الباحثين والكتّاب إلى حد القول: إنه تبين أن التحولات الإقليمية جعلت حماس أكثر "عنادًا وشراسة"، على اعتبار أن الحركة باتت تدرك أنها تقاتل للحفاظ على وجودها (14). في الوقت ذاته، فقد تبين خطل افتراض إسرائيل بأن قيام مصر بتدمير الأنفاق قد أسهم في تقليص قدرات حماس العسكرية. فقد تبين أن توقف تهريب السلاح عبر الأنفاق دفع حماس للاعتماد على ذاتها في إنتاج صواريخ، تبين أن مداها يفوق مدى الصواريخ التي كانت تهربها الحركة عبر الأنفاق، وهذا ما يفسر تمكن حماس من إطلاق صاروخ "R160"، الذي يبلغ مداه 160 كلم ويهدد أقصى شمال فلسطين المحتلة. وقد اكتشفت إسرائيل سريعًا أن ثقتها في قدراتها الاستخبارية مبالغ فيه إلى حد كبير. فبعد يومين على شن الحرب أقرت شعبة الاستخبارات العسكرية بأن ما لديها من معلومات استخبارية حول قدرات حماس محدود جدًا، وأنه ليس لديها معلومات حول أماكن تخزين صواريخ الحركة متوسطة المدى، التي تتسبب في أكبر قدر من الضرر للعمق الإسرائيلي (15). من نافلة القول: إن موازين القوة العسكرية مالت بشكل كاسح لصالح إسرائيل، التي يعتبر جيشها أحد أقوى الجيوش في العالم، في حين أن قدرات المقاومة العسكرية تعتبر "بدائية" مقارنة بما يمتلكه الجيش الإسرائيلي، الذي يعد أكثر الجيوش توظيفًا للتقنيات المتقدمة في الجهد الحربي.
يقول أمير أورن المعلق العسكري لصحيفة "هاآرتس": "في ظل موازين القوى القائمة، فليس من المنطقي أن يتوقع أحد أن تنتصر حماس على إسرائيل، لكن فشل الجيش الإسرائيلي في إخضاع الجناح العسكري للحركة رغم تفوقه الهائل وتواصل إطلاق الصواريخ بكثافة، يدلل على أن حماس هي الطرف صاحب الإنجازات الأكبر في هذه المواجهة" (16). وعلى الرغم من تنفيذ الجيش الإسرائيلي أكثر من 2800 عملية قصف خلال الحرب ورغم الحملة البرية المتواصلة، إلا أنه فشل ليس فقط في وقف إطلاق الصواريخ على العمق الإسرائيلي، بل أخفق في تقليص وتيرتها، حيث إن 5.5 مليون مستوطن في مرمي هذه الصواريخ.
أثمان الحرب
باتت دوائر صنع القرار في تل أبيب تدرك استحالة وقف إطلاق الصواريخ من القطاع غزة بالوسائل العسكرية، كما أنها تعي أن فرص محاولة تمرير صيغة "الهدوء مقابل الهدوء" تؤول إلى الصفر في ظل عدم إبداء المقاومة أية مرونة في هذا الجانب. في الوقت ذاته، فإن تعاظم الخسائر في الأرواح في المدنيين الفلسطينيين حفز من الجهود الدولية لإنهاء الحرب. وعلى الرغم من تأييد الولايات المتحدة وعدد من الدول الأوروبية للمبادرة المصرية لوقف إطلاق النار، إلا أنه بات في حكم المؤكد أن التشبث بهذه المبادرة يعني تواصل المواجهة الحالية، مع كل ما قد يترتب على ذلك من تداعيات إقليمية ودولية. وهذا يزيد من فرص التوصل لاتفاق جديد بالتهدئة، يأخذ بعين الاعتبار مصالح الطرفين، سيما في ظل تعالي الأصوات داخل تل أبيب التي تنادي بالعمل على تحسين الأوضاع الاقتصادية في قطاع غزة على اعتبار أن تدهور الأوضاع الاقتصادية يكرس بيئة اجتماعية حاضنة للمقاومة (17).
من هنا، فإنه مقابل وقف إطلاق النار المتبادل، فإن هناك ما يدعو للاعتقاد بأن إسرائيل ستوافق في اتفاق التهدئة القادم على زيادة البضائع والسلع التي تدخل عبر المعابر التجارية، وستسمح بدخول الأموال، بشكل يحل أزمة موظفي حكومة غزة، علاوة على الإفراج عن الأسرى الذي اعتقلتهم. وفي المقابل، فإن إسرائيل ستحصل على تعهد من حماس بإلزام جميع الفصائل الفلسطينية بوقف هجماتها على العمق الإسرائيلي، وستحظى تل أبيب بفترة هدوء يرجح أن تكون طويلة، تتمكن تل أبيب خلالها من العودة لمعالجة تهديدات استراتيجية عديدة.
___________________________
صالح النعامي - باحث في الشؤون الإسرائيلية
هوامش
1- يديعوت أحرونوت، 9 يوليو/تموز 2014.
2- عضو الكنيست حيلك بار، هبترون هأميتي مول حماس (الحل الحقيقي لمواجهة حماس)، على الرابط: http://www.thepost.co.il/news/new.aspx?pn6Vq=EE&0r9VQ=FKLIJ
3- يديعوت أحرونوت، 12 يوليو/تموز، 2014.
4- هذا ما قاله أمنون أبراموفيتش، كبير المعلقين في قناة التلفزة الإسرائيلية الثانية في نشرة أخبار بثتها القناة الساعة الثامنة في 12 يوليو/تموز2014.
5- غلوبس، 12 يوليو/تموز 2014.
6- معاريف، 12 يوليو/تموز 2014.
7- يسرائيل هيوم، 9 يوليو/تموز 2014.
8- تبين أن مصر صاغت المبادرة بالتنسيق الكامل مع إسرائيل، دون التشاور مع المقاومة الفلسطينية، انظر: هاآرتس 15 يوليو/تموز2014.
9- آفي سيخاروف، يوزمات ليفني: هفسكات أيش-يحد عم هتنعات هتعليخ همديني (مبادرة ليفني: وقف إطلاق النار إلى جانب استئناف العملية السياسية)، على الرابط: http://news.walla.co.il/?w=//2764924&utm_source=twitterfeed&utm_medium=twitter
10- حمّل وزير خارجية الانقلاب سامح شكري حركة حماس المسؤولية عن تبعات رفض المبادرة واعتبر أنها تتحمل المسؤولية عن دماء المدنيين الفلسطينيين التي ستسال بعد تقديم المبادرة، انظر: القدس 16 يوليو/تموز 2014.
11- بيان صادر عن وزارة الداخلية في غزة بتاريخ 20 يوليو/تموز 2014.
12- بيان صادر عن وزارة الصحة، 20 يوليو/تموز 2014.
13- كتب المعلق العسكري الإسرائيلي عاموس هارئيل أن معركة الشجاعية تمثل "حدثًا تأسيسيًا لمرحلة جديدة في المواجهة مع المقاومة، وباتت تمثل أسطورة للمقاومة الفلسطينية"، انظر: عاموس هارئيل، هكراف بشجاعيا عسوي لعتسيف بنيها شل همعرخا بعازة، (معركة الشجاعية ستحدد مستقبل المواجهة في غزة)، http://www.haaretz.co.il/news/politics/.premium-1.2382016
14- هذا ما كتبه آرييه شافيت، المعلق السياسي لصحيفة "هارتس"، انظر: آرييه شافيت، ريكتوت شيل كنآه (صواريخ التطرف)، http://www.haaretz.co.il/opinions/.premium-1.2372027
15- يسرائيل هيوم 10 يوليو/تموز 2014.
16- أمير أورن، يسرائيل مجلا شجام بأيش إفشار لدشديش (إسرائيل تكتشف أن التفوق العسكري لا يعني تحقيق إنجازات)، http://www.haaretz.co.il/news/politics/.premium-1.2373465
17- هذا ما عبّر عنه وزير المالية يئير لبيد، يديعوت أحرونوت 17 يوليو/تموز 2014.