الجزائر والسعودية:حسابات سياسية متباينة في سياق إقليمي معقّد

أظهرت عاصفة الحزم التي تقودها السعودية في اليمن الاختلاف في الرؤية بين الجزائر والسعودية حيال إحدى الأزمات العربية الكبيرة، وأن هنالك حسابات خاصة بالجزائر وحسابات أخرى خاصة بالسعودية. وأظهر الموقف الجزائري أن القرارات الخارجية للدولة تخضع لطبيعة العلاقة بين المؤسسات وأدوارها التنافسية في بنية النظام
201542265946544734_20.jpg
أظهرت عاصفة الحزم مدى الاختلاف في الرؤية بين الجزائر والسعودية حيال إحدى الأزمات العربية الكبيرة (الجزيرة)

ملخص
حينما قررت المملكة العربية السعودية تشكيل تحالف عسكري وسياسي لمواجهة الأزمة اليمنية وامتداداتها لم تكن تنتظر من الدول العربية سوى دعم هذه العملية سياسيًّا وعسكريًّا. وقد جاءت عاصفة الحزم لتضع الأداء الدبلوماسي الجزائري تحت الأضواء، وهو ما طرح تحديات بالنسبة للعلاقة الجزائرية-السعودية، خصوصًا أن هذه الأخيرة تواجه من خلال الحملة اليمنية هدفًا كبيرًا ومعلنًا، وهو النفوذ الإيراني في المنطقة العربية الذي وصل إلى حدودها المباشرة. وتحاول الجزائر إحداث نوع من التوازن بين التزاماتها مع إيران، وهي التزامات نشأت بفعل العديد من محطات التقارب الدبلوماسي، والبحث عن حلول سياسية لا تكون فيها ضمن موقع معاكس تمامًا لتوجه السعودية. لكن الحفاظ على هذا التوازن يشكِّل تحديًا صعبًا سيكون مطروحًا بشكل متزايد على الدبلوماسية الجزائرية إذا أخذنا بفرضية اتساع دائرة مواجهة المشروع الإيراني في المنطقة العربية.

وتبقى هنالك محددات داخلية تسهم بشكل أساسي في اتخاذ هذا الموقف من عاصفة الحزم؛ حيث تبدو العلاقة بين المؤسسات في الجزائر أحد العناصر الأساسية المؤثرة في تفسير المواقف الخارجية التي تتطلب أدوارًا سواء دبلوماسية أو عسكرية وفي الترجيح بينها. والمواءمة بين الداخل والخارج قد دفعت إلى تجنب دعم خيار المشاركة في عاصفة الحزم، الذي يندرج ضمن اختصاصات الجيش، وهو ما يتطلب إجراءات وصلاحيات وحضورًا للمؤسسة العسكرية في هذه المرحلة، سيؤدي في النهاية إلى تقوية مؤسسة الجيش على حساب مؤسسة المخابرات الحريصة على البقاء طرفًا قويًّا في معادلة الحكم.

غرَّدت الجزائر خارج السرب العربي حين اعترضت على المستوى الرسمي عن المشاركة في عاصفة الحزم التي تقودها المملكة العربية السعودية في اليمن، وعبَّر عن ذلك وزير خارجيتها رمطان لعمامرة حينما أكد أن بلاده ترفض المشاركة في هذه العملية. وكان ذلك على هامش اجتماع وزاري مهَّد للقمة العربية السادسة والعشرين بشرم الشيخ. وقد أعلنت الجزائر تحفظها كذلك على مشروع تشكيل قوة مشتركة عربية.

يقف وراء الموقف الجزائري الذي اعتبر الحوثيين طرفًا مهمًّا في المعادلة السياسية اليمنية ودعا إلى الحل السياسي، عناصر وخلفيات مهمة داخلية وأخرى خارجية تسهم في تفسير موقفها من عاصفة الحزم. وتمر العلاقة بين الدولتين بفترة توتر بسبب عدد من القضايا بعضها سبق الخلاف حول الموقف من عاصفة الحزم، حيث اعتُبرت السعودية سببًا أساسيًّا في تراجع أسعار البترول، وبرزت تصريحات تتهم السعودية بالوقوف وراء ذلك، لينضاف إلى ذلك تضارب الرؤى بين الجانبين في كيفية مواجهة الأزمة اليمنية. وقد ظهرت إشارات الانزعاج السعودي من موقف الجزائر في ما تداولته وسائل الإعلام من ردود أفعال حول ما قالت الجزائر: إنه طريقة غير ملائمة قامت بها السعودية في كيفية إجلاء المواطنين الجزائريين من اليمن. وما حدث بشأن كيفية تعامل السعودية مع الجزائريين العالقين في مطار جدة، وغلق المجال الجوي السعودي في وجه الطيران الجزائري.

سياق إقليمي يوتِّر العلاقة الجزائرية-السعودية

حينما قررت المملكة العربية السعودية تشكيل تحالف عسكري وسياسي لمواجهة الأزمة اليمنية وامتداداتها لم تكن تنتظر من الدول العربية وغيرها سوى دعم هذه العملية سياسيًّا وعسكريًّا. وقد جاءت عاصفة الحزم لتضع الأداء الدبلوماسي الجزائري تحت الأضواء، وهو ما طرح تحديات بالنسبة للعلاقة الجزائرية-السعودية، خصوصًا أن هذه الأخيرة تواجه من خلال الحملة اليمنية هدفًا كبيرًا ومعلنًا، وهو النفوذ الإيراني في المنطقة العربية الذي وصل إلى حدودها المباشرة.

لدى الجزائر حساباتها الخاصة ومن ضمنها العلاقة مع إيران، ومن هنا جاءت الصعوبة في الانخراط في عاصفة الحزم دون حسابات سياسية لمجمل العملية. وإذا كان غير خاف ثقل الجزائر إفريقيًّا وعربيًّا، فكذلك لا تخفى هذه الأهمية بالنسبة للاستراتيجية الإيرانية في المنطقة العربية، وقد حققت هذه العلاقة نجاحًا في تحييد الجزائر عن دائرة التنافس الإيراني-العربي في سوريا؛ حيث كانت الجزائر رافضة لفكرة الضربة العسكرية الأميركية لنظام بشار الأسد إبَّان حديث بعض المسؤولين الأميركيين عن استخدام النظام السوري للسلاح الكيميائي ضد المدنيين عام 2013. وهي تدعو الأطراف السورية إلى "تسوية سياسية لإيجاد مخرج من الأزمة، وترفض أي تدخل عسكري في بلد ذي سيادة خارج معايير القانون الدولي"(1).

وبسبب تقاربها مع إيران فقد صعُب على الجزائر اتخاذ موقف متقدم منذ البداية في الانخراط بدعم عاصفة الحزم، لكنها بالمقابل تحاول أن لا تخسر دولتين مهمتين مثل: إيران والسعودية، لترجِّح خيار التوازن ولعب دور الوساطة والبحث عن الحلول السياسية في الأزمة اليمنية وفي غيرها كذلك، وأن تسعى للتقريب بين وجهات النظر الإيرانية والسعودية. إلا أن دور الوساطة تكتنفه صعوبة في كون الملف اليمني بامتداداته يتجاوز حدود وصفه بالصراع الداخلي فقط، وهو يعيد طرح كل الملفات العالقة مع إيران إلى ساحة النقاش والفعل العسكري والدبلوماسي، ومنها الملف السوري الذي لا شك أنه سيعرف تطورات في الفترة المقبلة.

تحاول الجزائر إحداث نوع من التوازن بين التزاماتها مع إيران، وهي التزامات نشأت بفعل العديد من محطات التقارب الدبلوماسي، والبحث عن حلول سياسية لا تكون فيها ضمن موقع معاكس تمامًا لتوجه السعودية. لكن الحفاظ على هذا التوازن يشكِّل تحديًا صعبًا سيكون مطروحًا بشكل متزايد على الدبلوماسية الجزائرية إذا أخذنا بفرضية اتساع دائرة مواجهة المشروع الإيراني في المنطقة العربية.

الإيرانيون تحرَّكوا مباشرة عقب عاصفة الحزم صوب الدول التي اتخذت موقفًا واضحًا برفض الحملة العسكرية في اليمن، وكانت الجزائر محطة بارزة في هذه المرحلة؛ حيث وصل مبعوث الرئيس الإيراني إلى الجزائر، مرتضى سرمدي يوم 7 إبريل/نيسان 2015، وتحدث عن دور جزائري للوساطة بين طهران وقوى التحالف التي تقودها السعودية. وقد مثَّل تواجده بالجزائر فرصة لتصريف عدد من المواقف السياسية؛ حيث ذكر المسؤول الإيراني في لقاء مع الصحافة بمقر السفارة الإيرانية أنه "ليس هنالك مانع من الحوار مع السعودية"(2)، وأظهر "ارتياحًا بالغًا للموقف الجزائري حيال الأزمة اليمنية بعدم مسايرة الموقف السعودي"(3). وضمن هذا الأفق تحركت الدبلوماسية الجزائرية وعرضت "استضافة أطراف الصراع للحوار بالجزائر"(4).

يدرك الإيرانيون أن الجزائر لا تمتلك كثيرًا من أوراق التأثير في أطراف الأزمة اليمنية أو في مسارها بشكل مباشر، بالإضافة إلى تواضع معرفتها بأطراف الصراع، لكنهم رغم ذلك اختاروا إطلاق عدد من تصريحاتهم من الجزائر لتوجيه رسالة أساسية للتحالف بقيادة السعودية مفادها أن تماسك التحالف العربي ليس بالصلابة الكافية.

التحرك الإيراني وتوظيف الموقف الجزائري يزيد من توتر العلاقة الجزائرية-السعودية، ويفسَّر من وجهة نظر المملكة على أنه إضعاف لتماسك التحالف العربي الذي تقوده السعودية، أمام الاستراتيجية الإيرانية الساعية لفكِّه. خصوصًا أن الجزائر، وهي إحدى ركائز العمل العربي بالنظر لمكانتها العسكرية والسياسية، تضع نفسها أقرب للموقف الإيراني، وعلى مسافة من التوجه الخليجي للتعامل مع الأزمة اليمنية. وهو موقف يصعب على السعودية تقبله لأن محصلته الاستراتيجية تتعارض مع أهداف التحالف الذي تقوده في اليمن، وربما في مناطق أخرى قادمة تمثل امتدادًا للنفوذ الإيراني؛ مما يشير إلى أن مستقبل العلاقة بين الجزائر والسعودية سيخضع لاختبارات أخرى صعبة في غير الملف اليمني، وعلى رأسها سوريا بالنظر إلى عوامل التقارب الجزائري-الإيراني المعلن.

يطرح الموقف الجزائري عددًا من الإشكالات حول كيفية التوفيق بين ما يوصف بالعقيدة العسكرية للجيش الجزائري التي تؤكد على أن الجيش لا يحارب خارج الحدود(5)، بالإضافة إلى عدم نشر الوحدات القتالية خارج الحدود، والمعايير والقيم التي تؤكد عليها الدولة الجزائرية في دعم الشرعية في كل بلد؛ حيث تُعتبر قضية الشرعية السياسية في الحالة اليمنية مسألة واضحة عربيًّا ودوليًّا خصوصًا مع قرار مجلس الأمن الأخير والعقوبات التي فُرضت على الحوثيين وعلي عبد الله صالح.

لا يبدو مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى كافيًا لتفسير موقف الجزائر؛ ذلك أن لديها مشكلة أمنية مستعصية مع المغرب في الصحراء الغربية، وهي طرف أساسي فيها. وغير بعيد قبل بضع سنوات كان التدخل الفرنسي في شمال مالي إحدى الأزمات التي واجهت فيها الجزائر معضلة التوفيق بين المعايير والسلوك العسكري والسياسي. وأكدت حينها أزمة شمال مالي أن سياستها الخارجية ممزقة بين الرغبة في القيادة السياسية والعسكرية للمجال الإفريقي، وبين ما تطرحه التحولات الأمنية والعسكرية في القارة، والتي تفرض التدخل العسكري أحيانًا كثيرة، وهو ما كانت ترفضه بشدة.

هذا الاتجاه إلى قيادة القارة الإفريقية والعمل على الانفراد بحل مشاكلها الأمنية قد اصطدم فعلًا خلال أزمة شمالي مالي بدخول قوى أجنبية لفرض الحل العسكري. وكلفها ترددها في هذا الملف أن أصبحت في النهاية طرفًا إلى جانب المغرب المشارك في تلك العملية إفريقيًّا، وهو الطرف الذي تعمل بشكل متواصل على إقصائه من كل الأجندات الإفريقية سياسيًّا وعسكريًّا. أما في ليبيا فقد تحدثت تقارير عن انخراط الجزائر بشكل من الأشكال في بعض الأنشطة العسكرية في جنوب ليبيا مع الفرنسيين والأميركيين في مواجهة القاعدة(6).

يصطدم التوجه الجزائري الذي يركز على الحلول السلمية لحل النزاعات عمومًا بالحاجة المتزايدة إلى القدرات المؤهلة لقيادة الوساطات الإقليمية، وهو أمر يعوز الدبلوماسية الجزائرية أحيانًا كثيرة. إن تفضيل الجزائر لخيارات الحلول السياسية والوساطات في التعامل مع الأزمات الخارجية وضمنها الأزمة اليمنية يرجع إلى عدم التمكن من حسم الجدل الداخلي بين مؤسسات الدولة (الجيش-المخابرات-الرئاسة)، والتردد الواضح في كيفية التعامل مع التحديات الأمنية الخارجية. وهذا النوع من التردد داخلي المنشأ يؤدي إلى خسارة مساحات للفعل والحضور داخل المنطقة العربية والإفريقية على السواء، وربما عرَّضها لمخاطر عزلة سياسية، خاصة بتركيزها على توجهها نحو إفريقيا التي تجد فيها الجزائر أيضًا منافسة شديدة من جهة الحضور المغربي، الذي يتحرك عربيًّا وإفريقيًّا بشكل متواز. وفي الحساب الجيوسياسي يعتبر الموقف الجزائري من عاصفة الحزم في صالح المغرب الذي لن يخرج من هذه المعركة مع حلفائه الخليجيين بدون أرباح اقتصادية وسياسية، في حين توسِّع الجزائر من دائرة ابتعادها عن الانخراط في الأولويات الحالية في المنطقة العربية.

محددات داخلية والعلاقة بين المؤسسات

هنالك محددات داخلية تسهم بشكل أساسي في اتخاذ هذا الموقف من عاصفة الحزم؛ حيث تبدو العلاقة بين المؤسسات في الجزائر أحد العناصر الأساسية المؤثرة في تفسير المواقف الخارجية التي تتطلب أدوارًا سواء دبلوماسية أو عسكرية وفي الترجيح بينها. وهنالك توازن دقيق في الجزائر من حيث المواءمة بين الأولويات الخارجية وتوازنات القوى في الداخل. وقد كانت الجزائر مترددة في التدخل في شمال مالي بسبب صعوبة اتخاذ القرار بين الجيش والمخابرات وما تفرضه التوازنات بين مصالح المؤسستين. ويبدو أن المواءمة بين الداخل والخارج قد دفعت إلى تجنب دعم خيار المشاركة في عاصفة الحزم، الذي يندرج ضمن اختصاصات الجيش، وهو ما يتطلب إجراءات وصلاحيات وحضورًا للمؤسسة العسكرية في هذه المرحلة، سيؤدي في النهاية إلى تقوية مؤسسة الجيش على حساب مؤسسة المخابرات الحريصة على البقاء طرفًا قويًّا في معادلة الحكم.

تمر الجزائر بمرحلة سياسية انتقالية دقيقة يعاد فيها ترتيب الأوضاع الخاصة بالحكم، وبمؤسسات الجيش والمخابرات والرئاسة وطبيعة أدوارها ومواقعها في تشكيل مرحلة ما بعد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، الذي أحدث عددًا من التغييرات في أوضاع المؤسسات الثلاث الحاكمة والتوازنات بينها. ويبدو واضحًا أن التحولات المتواصلة في بنية النظام داخليًّا وعدم وضوح الرؤية في مستقبل قمة الهرم سياسيًّا، يجعل التركيز على الداخل مؤثرًا في الأولويات الخارجية.

يتوافق مع عاصفة الحزم إشكالية داخلية أخرى تتعلق بالأمن القومي الجزائري؛ حيث يُعتبر تراجع أسعار البترول واحدًا من مهددات السلم الاجتماعي، لكون البترول المصدر الأساسي للحفاظ على أمن المجتمع من الاضطراب من خلال دعم القدرة الشرائية للمجتمع. وهو موضوع يثير نقاشًا داخليًّا كبيرًا بين النخب السياسية، خصوصًا أن البلاد تعيش احتجاجات في الجنوب بسبب تداعيات استخراج النفط الصخري. ونتيجة تراجع أسعار البترول أعلن رئيس الوزراء الجزائري عبد المالك سلال أن "بلاده ستعيد النظر في موازنتها لهذا العام، بهدف الحدِّ من تأثير التراجع الكبير في أسعار النفط الذي يشكِّل 95 في المئة من عائداتها"(7).

وبالإضافة إلى تضارب وجهات النظر مع الخليجيين حيال التعامل مع أسعار النفط، فقد برزت تصريحات جزائرية تتهم السعودية بالوقوف وراء تراجع أسعار البترول بشكل مباشر، وكان ذلك قبل بداية عاصفة الحزم(8). ولمواجهة الواقع الحالي لأسعار النفط تحركت الجزائر ضمن خيارها الاستراتيجي المفضَّل في إفريقيا "لإيجاد آلية توافقية لوقف تدهور أسعار النفط الخام وتكثفت التحركات تجاه البلدان المنتجة للنفط، بما في ذلك الدول غير الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط. وكلَّف الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، الوزير الأول عبد المالك سلال بنقل رسائل إلى رؤساء البلدان الأعضاء في جمعية منتجي البترول الأفارقة (APPA) للتشاور في أعقاب الانخفاض الحاد في الأسعار، ويتعلَّق الأمر بكل من نيجيريا والغابون وأنغولا والكونغو وغينيا الاستوائية"(9).

حتى تعمل الجزائر على حفظ التوازن بين علاقاتها مع إيران والتزامها العربي قدَّمت مبادرة لحل الأزمة اليمنية، من بنودها استضافة أطراف الأزمة، الحوثيين والرئيس عبد ربه منصور هادي. لكن الشرط السعودي بضرورة القبول بدخول قوات عربية إلى العاصمة صنعاء، وكذلك معطيات الضغط العسكري على الحوثيين شكَّلت عوامل ضغط على مسار المبادرة(10). ويُستبعد نجاح هذه المبادرة بسبب الإصرار السعودي على المضي في هذه العملية العسكرية حتى نهايتها بإضعاف الحوثيين داخل اليمن، بالقدر الذي يعيدهم إلى مربع الحل السياسي وقد فقدوا معظم قدراتهم القتالية.

إن دخول مجلس الأمن الدولي على الخط وتبنيه قرارًا بشأن اليمن يفرض عقوبات وحظرًا على توريد الأسلحة للحوثيين والقوات الموالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح تحت الفصل السابع، يُضعف فرص نجاح هذه المبادرة، ويؤدي بالجزائر إلى إلقاء ثقلها السياسي والدبلوماسي في الفراغ، وهو وضع كفيل بدفعها لمراجعة مبادرة الحل السياسي الذي طرحته.

خاتمة

رغم التوتر الحالي في العلاقة بين الجزائر والسعودية إلا أن الجزائر توصف حاليًا بالنسبة لبعض المقربين من دوائر صناعة القرار السعودي بأنها "بلد مريح، يختلف معنا بكل وضوح فنتعامل معه باحترام لوضوحه رغم العتب، المشكلة مع حليف (مصر) يُبطن ما لا يظهر"(11).

أمام الدبلوماسية الجزائرية تحدٍّ داخلي يتمثل في كيفية ضبط إيقاع توجهاتها الخارجية مع طبيعة العلاقة بين مؤسساتها الداخلية، وآخر خارجي يتمثل في ضبط معادلة التوازن بين علاقاتها مع إيران من جهة والتزاماتها العربية من جهة أخرى. وفي حال عدم حدوث مراجعة للأسباب المؤدية للتوتر في العلاقة مع السعودية، فإن الجزائر من ناحيتها سوف تبتعد أكثر عن المملكة كفاعل إقليمي مهم اقتصاديًّا وسياسيًّا، كما أن السعودية قد تخسر الجزائر، بمزيد من تلاقي خيارات الأخيرة مع التوجه الإيراني في المنطقة؛ مما قد يؤثِّر سلبًا في العلاقات بين الدولتين مستقبلًا.
__________________________________________
كمال القصير - باحث في مركز الجزيرة للدراسات- مسؤول منطقة المغرب العربي

المصادر
1- موقع الجزيرة نت، بتاريخ 31 أغسطس/آب 2013:
http://www.aljazeera.net/news/reportsandinterviews/2013/8/31/%D8%AA%D8%B7%D9%88%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%A7%D9%82%D9%81-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B2%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A9
2- وكالة أنباء فارس: مساعد وزير الخارجية الإيراني يُجري محادثات حول اليمن مع المسؤولين الجزائريين، بتاريخ 7 إبريل/نيسان 2015:
http://arabic.farsnews.com/iran/news/13940118000418
3- الشروق أون لاين: "مرتضى سرمدي: "عاصفة الحزم" خطأ استراتيجي ونعوِّل على الجزائر لوقفها"، بتاريخ 7 إبريل/نيسان 2015:
http://www.echoroukonline.com/ara/articles/239058.html
4- ميدل إيست مونيتور: Algeria proposes to host a dialogue between Yemen’s factions، بتاريخ 14 إبريل/نيسان 2015:
https://www.middleeastmonitor.com/news/africa/18043-algeria-proposes-to-host-a-dialogue-between-yemens-factions
5- موقع الجزيرة نت: الجزائر وعاصفة الحزم: رفض رسمي وانقسام حزبي، بتاريخ 28 مارس/آذار 2015، تصريح لوزير الخارجية الجزائري رمطان العمامرة:
http://www.aljazeera.net/news/reportsandinterviews/2015/3/27/%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D8%A7%D8%A6%D8%B1-%D9%88%D8%B9%D8%A7%D8%B5%D9%81%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B2%D9%85-%D8%B1%D9%81%D8%B6-%D8%B1%D8%B3%D9%85%D9%8A-%D9%88%D8%A7%D9%86%D9%82%D8%B3%D8%A7%D9%85-%D8%AD%D8%B2%D8%A8%D9%8A
6- موقع التايمز: US special forces arrive to tackle Libya Islamists/، بتاريخ 30 مايو/أيار 2014:
http://www.thetimes.co.uk/tto/news/world/middleeast/article4103828.ece
-ومقال لجيريمي كينان بعنوان: Truth and Algerian involvement in Libya بتاريخ 7 يوليو/تموز 2014:
http://www.middleeasteye.net/columns/truth-and-algerian-involvement-libya-1979161660
7- جريدة الشرق الأوسط: إعادة النظر في موازنة الجزائر لهذا العام، بتاريخ 31 مارس/آذار 2015:
http://aawsat.com/home/article/325546/%D8%A5%D8%B9%D8%A7%D8%AF%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B8%D8%B1-%D9%81%D9%8A-%D9%85%D9%88%D8%A7%D8%B2%D9%86%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D8%A7%D8%A6%D8%B1-%D9%84%D9%87%D8%B0%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%85
8- جريدة الحياة الإخبارية: تصريحات المكلَّف بالإعلام في حزب جبهة التحرير الوطني، السعيد بوحجة "سعداني يمتلك الأدلة عن مؤامرة أمريكية-سعودية ضد الجزائر"، بتاريخ 15 ديسمبر/كانون الأول 2014:
http://www.elhayat.net/article12165.html
9- موقع الإذاعة الجزائرية: "الجزائر تكثف المبادرات الرامية لمجابهة انخفاض أسعار النفط"، بتاريخ 11 فبراير/شباط 2015:
http://www.radioalgerie.dz/news/ar/article/20150211/30047.html
10- موقع الشروق أون لاين: "مصدر دبلوماسي: الجزائر عرضت مبادرة لحل الأزمة اليمنية"، بتاريخ 13 إبريل/نيسان 2015:
http://www.echoroukonline.com/ara/articles/239694.html
11- موقع الشاهد: جدل "تويتري" بين ساويرس وخاشقجي حول موقف مصر من "عاصفة الحزم"، بتاريخ 9 إبريل/نيسان 2015،
http://www.achahed.com/%D8%AC%D8%AF%D9%84-%D8%AA%D9%88%D9%8A%D8%AA%D8%B1%D9%8A-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%B3%D9%88%D9%8A%D8%B1%D8%B3-%D9%88%D8%AE%D8%A7%D8%B4%D9%82%D8%AC%D9%8A-%D8%AD%D9%88%D9%84-%D9%85%D9%88%D9%82%D9%81.html

نبذة عن الكاتب