نتائج الانتخابات الإيرانية: تنازع الفوز وأفول الطروحات

تناقش هذه الورقة نتائج الانتخابات الإيرانية في أبعادها المختلفة، وتبحث التأثيرات المتوقع أن تتركها على تركيبة مجلس الخبراء وتركيبة مجلس الشورى، وتداعيات ذلك داخليًّا وخارجيًّا. وتعرض الأسباب التي تجعل الأطراف المتنافسة في إيران تتنازع زعم الفوز، وتضخيم نتائج دون غيرها.
8 مارس 2016
b32050a3d1a4435eb2efbc99af7b424c_18.jpg

قرأتْ هذه الورقة نتائج الانتخابات الإيرانية في أبعادها المختلفة، وبحثت التأثيرات المتوقع أن تتركها على تركيبة مجلس الخبراء وتركيبة مجلس الشورى، وتداعيات ذلك داخليًّا وخارجيًّا. وناقشت الورقة كذلك الأسباب التي تجعل الأطراف المتنافسة في إيران تتنازع زعم الفوز، وتضخيم نتائج دون غيرها، كما حدث في نتائج العاصمة طهران، حيث جرى تقديم فوز التيار المعتدل(تحالف الإصلاحيين وتيار الاعتدال) في طهران على أنه فوز في كل الانتخابات.

 وبحثت الورقة ما تبقى من خطاب الإصلاح، مشيرة إلى أن ما نجده اليوم يشي بأفول التيار الإصلاحي من حيث الخطاب، وهو ما فرض تحالفًا يعني ولادة تيار ثالث في إيران، هو تيار الاعتدال.

وخلصت الورقة إلى القول بأن مرشد الثورة الإسلامية هو الفائز الأول في هذه الانتخابات، خاصة أن التركيبة النهائية لمجلس الخبراء هي في غالبيتها من فقهاء تَدِين بالولاء للمرشد، فضلًا عن أن النواب الفائزين بمقاعد مجلس الشورى لايغادرون إطار الولاء هذا.

مابين وصف احتفال الإصلاحيين بالفوز بمقاعد مدينة طهران بـ"الفوز المجازي"و"التوهم" الذي أصابهم عام 2009 وعاد للظهور في 2016(1)، والسخرية من إصرار التيار الأصولي على القول ببقاء سيطرته واحتفائه بتقدمه بـ"الابتسامة المصطنعة"، تأتي نتائج الانتخابات الإيرانية في مجلس الخبراء، وكذلك في مجلس الشورى الإسلامي، لتقول:إن تغييرًا محدودًا طال تركيبة المجلسين وإن هذه التركيبة في المحصلة وإن كانت في جزء لا يُستهان به لاتتبع التيار الأصولي إلا أنها منحازة في ولائها للولي الفقيه، وتُعلي من شأن توجيهاته ولا تقبل المساس بصلاحياته، وذلك ينطبق على كثير من المرشحين المنضوين ضمن تحالف الإصلاحيين وتيار الاعتدال التابع للرئيس حسن روحاني، مع ملاحظة أن 90% من مرشحي التيار الإصلاحي قد رُفضوا من قِبل مجلس صيانة الدستور مما يجعل زعم الفوز بـ(10%) من المرشحين مجانبًا للواقع، فضلًا عن أن التركيز على طهران دون باقي المحافظات يبدو مقصودًا للترويج لفكرة الفوز والتقدم.

تناقش هذه الورقة نتائج الانتخابات الإيرانية في أبعادها المختلفة، وما التأثيرات المتوقع أن تتركها ضمن تركيبة مجلس الخبراء وتركيبة مجلس الشورى.

مجلس الخبراء وفوز هاشمي

فاز آية الله هاشمي رفسنجاني بـ51% من أصوات المقترعين البالغة (4.500.894)صوتًا في انتخابات مجلس الخبراء، وجاء أولًا، وحَلَّ الرئيس الإيراني حسن روحاني في المرتبة التالية، فيما حلَّ آية الله أحمد جنتي، المعروف بمواقفه المناهضة لرفسنجاني في المرتبة السادسة عشرة والأخيرة في مقاعد مدينة طهران، وخرج من المجلس كل من آية الله مصباح يزدي الذي وُصف في فترة من الفترات بـ(الأب الرُّوحي لأحمدي نجاد)، وكذلك الرئيس الحالي للمجلس آية الله محمد يزدي،لكن السؤال هو ما إذا كان فوز رفسنجاني يجعله في موقف قوي داخل مجلس الخبراء، أم أن طروحاته المتعلقة بلجنة لمراقبة أداء المرشد(2)، تجد رفضًا بين غالبية مَنْ فازوا بعضوية مجلس الخبراء؟

إنَّ بحثًا في تصريحات كثير من الأعضاء الذين فازوا في انتخابات المجلس تقول بأن رفسنجاني سيتحرك مدعومًا بمجموعة قليلة في مجلس الخبراء المكوَّن من 88 عضوًا،قد لا يكون من بينهم حسن رُوحاني الذي وإن كان يُعَدُّ تلميذًا لرفسنجاني إلا أن علاقته بالمرشد لم يَشُبْها توتر على الإطلاق، وبقي محافظًا على حالة من التوازن في العلاقة يعبِّر عنها اسم الاعتدال لتياره.ومن بين 88 مقعدًا حصل المرشحون عن التيار الأصولي على 27 مقعدًا فيما حصل الإصلاحيون على 20 مقعدًا، وحصلت القائمة المشتركة من كلا التيارين على 35 مقعدًا(3)، علمًابأن الإصلاحين الذين ترشحوا في هذه القائمة، اختاروا أن يترشحوا ضمنها حتى لا يترشحوا في نفس قائمة رفسنجاني، أمَّا المستقلون فحصلوا على ستة مقاعد.

توجد مؤشرات كثيرة تدفع إلى القول بأن مجلس الخبراء حافظ على تركيبته الوفية لمرشد الثورة، وهو ما نجده في تصريحات آية الله أحمد خاتمي الذي وصف هذا (4) المجلس بأنه الأكثر وفاء لولاية الفقيه؛ مما يعني أن بحث أمر خلافته لن يخرج عن الخطوط التي رسمها الدستور الإيراني، والتي حدَّد الخبراء المسؤولين عنها مرشدُ الثورة الإسلامية، على خامنئي، بصورة أو بأخرى من خلال عملية صراع معقَّدة، واظب المرشدُ خلالها على إبقاء الخصوم داخل سياق الجمهورية الإسلامية مع تقليص نفوذهم شيئًا فشيئًا, من خلال أدوات عِدَّةوذلك ينطبق على رفسنجاني ومحمد خاتمي.

في هذه الانتخابات على وجه الخصوص كان النظام في إيران يحتاج حضور رفسنجاني وفوزه لإرسال رسائل إلى الخارج بقوته وتماسكه ونزاهة انتخاباته.

المصدر: موقع تابناك الإيراني

قراءة في تركيبة المجلس

إن قراءة في نتائج انتخابات مجلس الخبراء من دون الانجرار وراء تعظيم فوز رفسنجاني، ومن خلال مراجعة السيرة الذاتية لأعضاء المجلس تقول بالتالي: 

• خرج آية الله مصباح يزدي وآية الله محمد يزدي (خصوم رفسنجاني) من طهران لكن تلاميذهم حضروا بقوة في المحافظات.
• الكثير من أعضاء المجلس كان لديهم تحفظات كبيرة على موقف هاشمي رفسنجاني من أحداث 2009. 
• كثير منهم عبَّر عن معارضته لطرح رفسنجاني فيما يتعلق بلجنة لانتخاب المرشد.
في المحصلة يمكن القول: إن رفسنجاني وإن كان في الانتخابات السابقة لرئاسة المجلس لم يحصل على أكثر من 24 صوتًا فإنه لا يملك فرصة أكبر إذا ما ترشح لرئاسة مجلس الخبراء الخامس، وتقول بعض التقديرات: إن عدد من سيصوِّتون له لن يزيد عن 15 عضوًا، خاصة أن 60 عضوًا من أعضاء مجلس الخبراء الذين جرى انتخابهم لديهم مواقف معارضة سياسيًّا لطروحات رفسنجاني(5).

مجلس الشورى: أين هم الإصلاحيون؟

كانت نتائج طهران ضربة كبيرة للتيار الأصولي حيث لم يفز أيٌّ من مرشحيه بواحد من مقاعد العاصمة البالغة 30 مقعدًا، وأُرجعت أسباب فشل التيار في العاصمة إلى عدد من القضايا، أهمها: فقدان القاعدة لمرشحيهم في العاصمة، وفقدان الشعار المناسب. لكن السؤال وعودة إلى الفضاء الذي حكم قبول المرشحين، يكمن في مدى دقة وصف من فازوا بأنهم إصلاحيون؛ مما دفع بمحللين مثل صادق زيبا كلام إلى القول معلِّقًا على نتيجة الانتخابات: إن قائمة التيار الإصلاحي عن طهران "لـم تحمل اسم مرشح إصلاحي حقيقي واحد"(6)، وربما يكون التغيير الحقيقي الذي طال تركيبة المجلس أن عددًا من نوابه السابقين قد خسروا هذه الانتخابات، وغابت عنه وجوه وصفت بـ"الراديكالية".

ووفقًا لبيانات وزارة الداخلية فإن 221 مرشحًا فازوا بعضوية مجلس الشورى الإسلامي البالغ تعداد مقاعده 290 مقعدًا في 151 دائرة انتخابية، فيما سيخوض مرشحو 56 دائرة انتخابية أخرى جولة الإعادة المنافسة للفوز بالمقاعد المتبقية البالغة 69 مقعدًا، وستقام المرحلة التكميلية أو جولة الإعادة في شهر إبريل/نيسان القادم(7).

وفي تنازع واضح على الفوز تصدت له الصحف والمواقع القريبة من كل طرف تحدثت وكالة أنباء إيلنا الإصلاحية عن تقدم الإصلاحيين، لكن صحيفة "وطن امروز" وكذلك صحيفة "جوان" عنونت تغطيتها على الصفحة الأولى: 55% للأصوليين و29% للإصلاحيين(8)، وقالت الصحيفة: إن النتائج التي أعلنتها وزارة الداخلية تقول بأن التيار الأصولي تقدم في انتخابات مجلس الشورى، وإنه في 206 دائرة انتخابية، فاز التيار الأصولي بـ96 من مقاعدها، وحصل التيار الإصلاحي على 58 مقعدًا، فيما ذهب باقي المقاعد للمستقلين وتيار الاعتدال بنسبة 17%. وهناك 43 دائرة انتخابية لم تُحسم نتائجُها بعد وانتقلت إلى الدور الثاني. وعابت صحيفة كيهان المقرَّبة من المرشد على الإصلاحيين أن يزعموا الفوز، وقالت في عنوان على صفحتها الأولى: "الكذبة الكبرى، 111 أكثر من 153"(9). تفسيرات كثيرة لهزيمة التيار الأصولي في طهران وفوزهم خارجها، لكن حسين مرعشي المحسوب على رفسنجاني، ردَّ ذلك إلى "تخلُّف هذه المحافظات سياسيًّا مقارنة بطهران"، موضحًا أن طهران تشهد تنمية سياسية بنسبة 100%، فيما يصل نسبتها في المحافظات الأخرى 50% وفي الألوية 30%، وأن لحاق هذه المحافظات من حيث التنمية السياسية بطهران يحتاج عشر سنوات على الأقل(10). وإن كان الإصلاحيون قد فازوا في طهران، إلا أنهم فشلوا في محافظات مهمة مثل: خوزستان، وخراسان رضوي، وخراسان شمالي، وأذربيجان غربي، وأذربيجان شرقي، وأصفهان، والبرز، وزنجان، وسمنان، وسيستان، وبلوشستان، وقم، وكرمانشاه، وجيلان، ولرستان، ومركزي، وهرمزكان، وهمدان.

أمَّا ما اتفق عليه الجميع فهو القول بنجاح الانتخابات، وأنها مثَّلت "نَعَمْ للجمهورية الإسلامية"، وجاءت نسبة المشاركة في هذه الانتخابات 62% وهي في المحصلة تبدو ضمن معدل الدورات الانتخابية التسع الباقية، وفق ما يُظهره الجدول التالي المستقى من أرقام وزارة الداخلية:
 

الإصلاحيون: الفكر وما تبقى منه

إن عودة للشعارات التي بات المحسوبون على التيار الإصلاحي يستخدمونها تعطي فرصة لقراءة حجم التباعد بين الفكر الذي قام عليه الإصلاح في إيران، وبين المحسوبين عليه. كان للشعارات الجديدة التي طرحها الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي، مثل المجتمع المدني واحترام القانون والتنوع والتعددية الفكرية أثرها الكبير في أوساط الشباب والنساء، الذين اندفعوا إلى ميدان الانتخابات عام 1997 لدعم الخطاب الجديد، وتسجيل ما تسميه الأدبيات الإصلاحية اليوم بالملحمة الشعبية(11).

وعرَّف الإصلاحيون "ملحمة الشعب الإيراني" على أنها ثورة وأطلقوا عليه أسماء "الحركة الاجتماعية" أو "الحركة الجماهيرية" وأدخلوا تعبير الحركة الـ"اصتقلابية" التي تجمع بين الثورة والإصلاح لتوصيفها، وذلك لأنها شكَّلت تحولًا استهدف الهياكل القائمة والقيم والقواعد التي تتحكم في اللعبة السياسية، وأدخلت هذه الحركة مجموعة من النشطاء السياسيين وعلماء الاجتماع والمفكِّرين إلى المجال السياسي والمشهد الاجتماعي، الذين تغذَّت آراؤهم على النظريات الغربية في المعرفة والدِّين وعلم الاجتماع والعلوم السياسية، ورأوا أن الناس أوكلوا لهم السلطة واتخاذ القرار من أجل إحداث التغيير. ولم يكن إطلاق اسم ثورة وحركة على "الثاني من خرداد" ليأتي بدون سبب جوهري، فهذه الحركة تحولت في حقيقتها إلى تيار لتغيير القيم، والهياكل القائمة والقوانين الحاكمة(12).

مثَّل "الثاني من خرداد" نهجًا مختلفًا عن الماضي مع تحول من الاقتصاد إلى السياسة، واعتراف بمقتضيات السلوك الاجتماعي للشباب وتضامن من نوع جديد وظهور مطالب سياسية جديدة ومتراكمة، وإحياء النقد البنَّاء للنظام السياسي وتنشيط الساحة السياسية من خلال شعارات جديدة، مثل: المجتمع المدني، والجمهورية، والحرية والديمقراطية، والإصلاح والتنمية السياسية، وكلها شكَّل عناصر الخطاب الجديد الذي حمله خاتمي. وهدف هذا النهج إلى توسيع قاعدة المشاركة الشعبية وشرعية النظام، وتعزيز النظام الجمهوري، وإضفاء الطابع المؤسسي على الديمقراطية، وتفعيل القدرة السياسية للدستور، وتقوية مؤسسات المجتمع المدني، وتوسيع الأحزاب السياسية، وإحياء المجالس الإسلامية، وتوسيع نطاق الحريات، وتعزيز المؤسسات لتقوية الإعلام والمطبوعات وتفعيل المؤسسات الطلابية(13).

وكان الإصلاحيون، وبعد أن حازوا السلطة التنفيذية، قد فازوا بانتخابات شورى المجالس البلدية والقروية عام 1998 وأتبعوا ذلك بالسلطة التشريعية عام 1999. وخلال ثماني سنوات من الحكم لاقى التيار الإصلاحي الدعم من الناس في 45 عملية انتخابية في الأعوام ما بين 1997 وحتى عام 2001 ليبدأ بعدها الدعم الشعبي بالتراجع وهو ما تم رصده في انتخابات مجالس الشورى في العام 2001 وتصاعد أوْجَهُ في انتخابات الرئاسة التاسعة عام 2005، قبل أن يدخل في فترة حساسة ويتعرض لإقصاء ممنهج عقب الانتخابات الرئاسية العاشرة عام 2009، وهي الانتخابات التي فتحت نتائجها الباب لحركة احتجاج "خضراء" يصفها أصحابها بحركة "مواطنة"، فيما يسميها الطرف الآخر بـ"الفتنة".

اختار المطالِبون بالتجديد داخل التيار الإصلاحي نهجًا أكثر مواجهة بعد انتخابات الدورة السادسة لمجلس الشورى، وسعى النهج الجديد إلى تجاوز النظام والدستور وولاية الفقيه، ووصل الأمر إلى رئيس الجمهورية، وكانوا يتوقعون أن يتلقوا الدعم والمساندة أو السكوت والصمت من الرئيس ونواب المجلس والعديد من مؤسسات النظام(14). ومن خلال القول بضرورة تداول النخب على المراكز القيادية استطاعوا إبعاد حوالي 2000 من المدراء الذين ينتمون للجناح المنافس، وقاموا بإبدال شخصيات معروفة بنهجها العلماني بهم(15).

ولجأ أصحاب هذا الاتجاه إلى تكتيكات مختلفة، بما في ذلك الضغط من أسفل، والمساومة من أعلى لإعاقة القوة المنافسة عن العمل في المقابل(16). وفي أحداث تير ماه 1378 (1999) جرت استعدادات للمواجهة مع النظام، وبدأت تتضح معالم هذا التوجه بصورة أكبر خلال خلال مؤتمر برلين؛ حيث جرى الوقوف جنبًا إلى جنب المعارضة في الخارج.

ولأن الرئيس خاتمي رفض مماشاة هذا التوجه ولم يوافق على هذا البرنامج كما لم يوافق على التحول إلى غورباتشوف الجمهورية الإسلامية فقد تعرض للكثير من النقد والهجوم(17). وظلَّ خاتمي، سواء في حملته الانتخابية عام 1997 أو ما بعد ذلك، ظل ينظر إلى ولاية الفقيه كمحور أصلي وأساسي في الدستور، وتحدَّث عن مجتمع مدني ينضوي تحت مظلة الإسلام وولاية الفقيه والدستور الإيراني، ورأى أنه ممكن التحقق في ظل الجمهورية الإسلامية(18). لكن منتقديه من نفس التيار باتوا يتحدثون بشكل معلن عن رفض ولاية الفقيه على اعتبار أنها تتعارض مع الجمهورية ورأي الشعب والحرية ولا تعدو أن تكون هيكلًا قديمًا واستمرارًا للحكومات السابقة(19). صار عدد من الذين سَمَّوا الثاني من خرداد بالثورة والحركة، يتوقعون وهم يدعون إلى تغيير جذري في بنية وشكل النظام أن يحظوا بالتأييد والدعم من خاتمي وحكومته، بحيث يقوم بدور المعارض، ورأوا في خاتمي زعيمًا لحركة التغيير هذه(20)، لكن خاتمي، وفي أكثر من موضع، ردَّ هذه المقولة، وأعلن صراحة أن حكومته لن تقوم بهذا الدور، وأنه لم يأتِ لتغيير نظام الحكم؛ فـ"رئيس الجمهورية لا يحق له أداء دور المعارض للنظام، وإن كان لأي إنسان الحق في أن يكون معارضًا والمعارضة لها الحق في انتقاد بنية النظام، ولكن لا يحق له أن يأتي من داخل مؤسسة النظام ويوظِّف مقدَّرات هذا النظام لتغييره"(21).

حلقة كيان: رَحِمُ الخطاب التجديدي

تعتبر "حلقة كيان" أشهر وأهم مركز دراسات لمنظِّري التيار الإصلاحي، وجاءت الحلقة بداية بتوصية من حسن شاهجراغي عضو مجلس الشورى الذي قُتل بإسقاط طائرة أثناء الحرب مع العراق، وجاءت الحلقة في البداية لإنشاء مركز ثقافي إسلامي وتعود في جذورها إلى ما قبل الثورة. وبعد الثورة، وجَّه شاهجراغي الدعوة لعدد من الأشخاص للاجتماع والعمل في مؤسسة كيهان، وقامت هذه المجموعة بالإشراف على كيهان الثقافية حتى العام 1990(22).

ولم يكن أعضاء حلقة كيان في البداية يملكون اتجاهًا سياسيًّا معينًا، والبعض منهم مثل حجاريان، وعلوي‌ تبار، گنجي وباقي، كانوا في فترات زمنية مرتبطين بمؤسسات تابعة للجمهورية الإسلامية، أمَّا من الناحية الفكرية فكان العديد منهم محسوبًا على تيار اليسار، وكان لهم دور بارز في احتلال السفارة الأميركية في بدايات انتصار الثورة(23) . فآية الله موسوي‌ خوئيني وحجاريان قاما داخل السفارة بعقد حلقات درس سياسي لطلبة "تيار خط الإمام " الذين كان لهم النصيب الأكبر في عملية السيطرة على السفارة في ذلك الوقت(24). في المجموع كان أعضاء "كيان" مزيجًا من الليبراليين واليساريين يجتمعون كل أربعاء من كل أسبوع في منزل واحد من الأعضاء، وكانت الجلسات تتضمن نقاشات معرفية وفلسفية(24).

قامت هذه المجموعة بعمليات مراجعة شاملة لأفكارها، ووضعت دراسة الغرب كاستراتيجية أساسية في أبحاثها ووصل أعضاؤها إلى استنتاج مفاده أن دمج مجموعة من الخبرات الإيجابية للحضارة الإنسانية المتقدمة ومنحها الصبغة المحلية مع مراعاة للقيم الوطنية، هو الحل الأمثل لصيغة وطنية وإسلامية وغربية متكاملة(25). لكن هذه المجموعة اتُّهمت مع مرور الوقت، بأنها ابتعدت في مواقفها عن المبادئ الدينية والأساسية للجمهورية الإسلامية واتجهت، من خلال شعار التنمية السياسية والانضمام إلى النظام العالمي، نحو الحضارة الغربية والفكر الليبرالي(26). كما يُنظر إلى التحول الفكري الذي أصاب شخصيات مؤثِّرة في المجموعة مثل سعيد حجاريان وشخصيات أخرى محورية في تيار الثاني من خرداد، كعامل أساسي ترك تأثيره الكبير على مسيرة الحلقة(27)

أمَّا المفكر "عبد الكريم سروش" فقد لُقِّب بعَرَّاب الحلقة، وصاحب الدور الأكبر في ترجمة ونقل المفاهيم الغربية الجديدة معطيًا إياها ألوانًا وأطيافًا مستقاة من أشعار جلال الدين الرومي وأفكار الإمام الغزالي. عمل سروش بصورة محورية على إيجاد دمج وتنسيق بين الأفكار الغربية الحديثة والفكر الإسلامي، وأُطلق عليه مع رفاقه في الحلقة لقب "المثقفين الدمجيين". وفي منتصف 1991 شهدت الحلقة اتساعًا وانضمَّ إليها أفراد جدد من مختلف أنحاء إيران، كما شهدت انضمام مسؤولين من وزارة الثقافة والإرشاد ووزارة الاستخبارات، وشخصيات وطنية ودينية، وبلغ عددهم أكثر من 1000 شخص. ويُعرِّف الصحفي الإصلاحي المعروف محمد قوجاني، أعضاء حلقة كيان بأنهم الذين أرسلوا رسائل اعتراض إلى هاشمي رفسنجاني عام 1995 للاحتجاج على التهديدات التي أُطلقت بحق سروش(28).

ويتحدث مصطفى تاج زاده، وهو عضو بارز في "حزب مشاركت"، عن حلقة كيان وموضوعاتها الجدلية الخاصة التي أُثيرت: "كانت لدينا اجتماعات أخرى خارجية عُرفت بحلقة كيان، وكان لدينا مناقشات استمرت لسنوات حول الدين والدنيا والعلاقة بينهما، وكيف يمكن جمع الاثنين معًا، وكذلك الدين والديمقراطية، والدين والحداثة. لقد قام سروش بدور كبير في تحويل هذه القضايا إلى قضايا اجتماعية، وهو دور لم يضطلع به الدكتور حسين بشيرية الذي قام بدور أستاذ جامعي أكثر من دور المثقف"(29).

كانت أفكار وآراء الحلقة تجد طريقها إلى النشر في صحيفة كيهان الثقافية، التي اعتُبرت الصحيفة الخاصة بالحلقة، وعلى صفحاتها نشر سروش سلسلة مقالات مثيرة للجدل حملت عنوان "القبض والبسط في الشريعة". في هذه المقالات سعى، استنادًا إلى الأسس المعرفية الليبرالية والنسبية والتعددية، إلى القول بأن فهم الدين يجب أن يكون فهمًا تاريخيًّا، وهو ما فُهِم منه، أنه محاولة لخلق الشك في قدسية الروايات الفقهية والعلوم الدينية ومعاملتها كجزء من العلوم الإنسانية. في تلك الفترة كان معظم أعضاء الحلقة من هيئة تحرير صحيفة كيهان ومن العاملين والكُتَّاب فيها. واستطاعت الحلقة أن تبني علاقة لم تكن بغير تأثير مع محمد خاتمي، الذي كان وقتها ممثِّلًا للإمام الخميني ورئيسًا لمؤسسة كيهان(30).

بعد إغلاق كيهان الثقافية واستقالة خاتمي شهدت مؤسسة كيهان استقالات جماعية من قِبل مؤيدي سروش، وقاموا عام 1990 بإطلاق مجلة كيان، كانت المجلة الجديدة تصدر شهريًّا، وكان يديرها رضا تهراني، ويرأس تحريرها ما شاء الله شمس الواعظين، وبدأ اكبر كنجي، من خلال دار نشره المسماة: صراط، بنشر دروس ومحاضرات سروش وعدد من المفكرين الذين يشتركون معه في الاتجاه والتي كانت تشهدها اجتماعات كيان(31).

حلقة آيين (القانون)

بعد استقالة خاتمي من وزارة الثقافة والإرشاد، تقدم بطلب إذن انتشار لمطبوعة باسم "آيين"، وكان يريد منها أن تكون منبرًا لأفكاره وأفكار عدد من مثقفي تياره. في ذلك الوقت قام عدد من الأعضاء السابقين في حلقة كيان مع خاتمي بتشكيل حلقة أصغر هي حلقة "آيين"، لكن المجلة ورغم أنها حصلت على إذن النشر قبل الثاني من خرداد إلا أنها لم ترَ النور إلا بعد ست سنوات من رئاسة خاتمي، وفي عام 2003 قام محمد رضا خاتمي، شقيق الرئيس، بإصدار العدد الأول من هذه المطبوعة. وعلى الرغم من عدم نشر المجلة في السابق، إلا أن المجموعة واظبت على عقد اجتماعات أسبوعية بصور ة دائمة؛ واحتوت الجلسات على تبادل للأفكار والخبرات على الصعد الفكرية والسياسية(32).

شهدت حلقة "آيين" حضور شخصيات فكرية وأكاديمية وسياسية معروفة من أمثال: هادي خانيكي، وسعيد حجاريان، ومصطفى تاج‌ زاده، ومحسن أمين ‌زاده، وعباس عبدي، ومحسن كديور، ومحمد رضا خاتمي، وكان هدفهم الأساسي وفق أفكار محمد خاتمي، يقوم على تأسيس نشرية تكون وسيلة لعرض مفاهيم جديدة وأفكار جديدة، رأوا أنها تُشكِّل ضرورة لإحداث التغيير الاجتماعي.

وقد أظهرت هذه التجربة قدرة هذا النوع من المطبوعات على التأثير في عقلية وأذهان أصحاب الفكر والطبقة المتعلمة المثقفة، وتحولت "آيين" من مطبوعة جرى الترخيص لها عام 1996 إلى حلقة فكرية نقاشية يتم في إطارها تبادل الأفكار وبحث ومناقشة المفاهيم الجديدة مثل "المجتمع المدني"، و"الديمقراطية الدينية"، و"حقوق الإنسان"، وغيرها من القضايا الجدلية والمعاصرة. وكان محمد خاتمي هو الشخصية الرئيسية في الحلقة، ولكن شخصيات مثل سعيد حجاريان(33) ومحسن كديور، يعود لها الفضل والدور الأهم في تفعيل وإذكاء حرارة النقاش بشأن عدد من القضايا الفكرية وسياسية المهمة(34).

شكَّلت طروحات حلقة "آيين" فيما بعد خطاب التيار الذي صار معروفًا بتيار "الثاني من خرداد"، ورغم أن جذور هذه المباحث الفكرية والسياسية تعود إلى حلقة "كيان" إلا أنها تبلورت في حلقة "آيين"، وتحولت من شكلها النظري لتصبح مشروعًا سياسيًّا لكن من المؤكد أن الجذور الرئيسية لهذه المفاهيم والحديث كان في حلقة كيان، وفي حلقة آيين فإن الأسس النظرية للمفاهيم السياسية وتفسيرها أصبحت مشروعًا سياسيًّا. وعُرف عن أعضاء حلقة "آيين" معرفتهم العميقة واطِّلاعهم على المفاهيم الحديثة للتنمية، ويرجع ذلك إلى شغلهم مناصب مهمة في كلية الحقوق والعلوم السياسية في جامعة طهران ومركز الأبحاث التابع لرئاسة الجمهورية، وكان لأفكار المفكر والأستاذ الجامعي، حسين بشيرية، أثرها الواضح في المباحث السياسية والقانونية التي تناولتها الحلقة بالبحث والنقاش. ووجد العديد من مريدي سروش في الحلقة الجديدة ما استوقفهم فانضم إليها العديد منهم، وهو ما أوجد عملية تلاقح للأفكار ووفَّر الأرضية لتحويلها إلى برنامج سياسي(35).

ويرى هادي خانيكي، وهو عضو في حزب المشاركة ومستشار لخاتمي، أن ما يميز مجلة وحلقة "آيين" هو إمكانية الحوار بين الأفكار المختلفة في سياق من الاستنارة الدينية ؛ دون الانحياز إلى نهج فكري واحد بصورة مطلقة، وفتح باب الانتقاد وتوفير أجوائه بصورة صحيحة. وهذا الجهد هو ما قاد إلى العديد من المناقشات، وطرح الأسئلة حول أولوية شؤوننا، وكيف ينبغي أن نقدم أجوبة بشأنها. ومن أبرز القضايا التي طالها البحث والنقاش "الدِّين والديمقراطية"، وكان مفهوم "المجتمع المدني" باعتباره واحدًا من احتياجات المجتمع من أهم ما خرج من قلب هذه المناقشات والاجتماعات. وفي بحث هذه القضايا التقى أفرادٌ هم بالكامل سياسيون بالمفهوم الكلاسيكي وأفراد آخرون هم بالكامل شخصيات أكاديمية وعلمية، جرت بينهم نقاشات وحوارات أخذت شكلًا يُطلِق عليه خانيكي "مركز توليد الفكر"(36). وفيما يتعلق بإدارة الحلقة فإن حجاريان كان يتحمل الجزء الأكبر من العمل، خاصة في المجال السياسي في حين تولى محسن كديور المجال الفكري(37).

شهدت الساحة الإصلاحية نوعًا من تعدد الخطاب كان له أثره السلبي في جعل التيار عاجزًا عن وضع استراتيجية واحدة وواضحة لحل المشكلات السياسية في الداخل والخارج. وكانت كل البرامج والخطط التي تُطرح عرضة للخلاف، والرفض والقبول، فضلًا عن الخلاف الكبير في تعريف "الإصلاح" ذاته، والمراد منه. وبينما كان سروش يتحدث عن التعددية الدينية، كان حجاريان يدعو للعلمانية، وأكبر كنجي يرفع علم المطالبة بالجمهورية، وعباس عبدي يُجوِّز الخروج على الحاكمية، وهاشم آغاجري يناقش في الإنسانية الإسلامية(38). كان من الواضح أن المجتمع الإيراني يحتاج الإصلاحات، لكن الخطاب المتناقض والمتعارض أوصل الناس إلى نتيجة أن هذا التموذج لم يكن هو المطلوب.

في المجموع، فإن تيار اليسار في إيران، من اليسار التقليدي إلى الإصلاحي، شهد تحولات واضحة بالنسبة لعدد من القضايا والمقولات الحساسة، نرصدها في الجدول التالي، الذي يأتي في صياغة معدلة، اعتمدت بصورة أساسية على المقارنة التي أجراها الباحث الإيراني المتخصص بالتيارات السياسية علي دارابي.

جدول تطبيقي لمقارنة التحولات في مواقف تيار اليسار– الإصلاحيين تجاه عدد من المقولات الرئيسة

الرقم

الموضوع

اليسار التقليدي

الإصلاح/تحالف الإصلاح والاعتدال

1

ولاية الفقيه

- الاعتقاد بولاية الفقيه المطلقة.

- مشروعية ولاية الفقيه وفقًا للدستور/تقييد صلاحيات الولي الفقيه/انتخاب الولي الفقيه في عصر الغيبة/ولاية الفقيه الانتخابية مقيدة.

2

تصدير الثورة

- التأكيد على معاداة الغرب ولزوم تصدير الثورة.

- التراجع عن شعارات تصدير الثورة.

3

العلاقة مع أميركا

- التأكيد على المقاومة ومواجهتها بوصفها عدوًّا رئيسًا/ تعريف أميركا بوصفها مظهرًا شيطانيًّا ومركزًا للشر.

- تأييد الحوار والتفاوض والعلاقة مع أميركا.

4

السياسة الخارجية (النظرة إلى الغرب)

- الغرب مركز لنسج المؤامرات ضد الثورة الإسلامية/دعم حركات التحرر الوطني.

- نقد الحضارة الغربية بدل نفيها/ضرورة التبادل في العلاقات الثقافية مع الغرب.

5

الغزو الثقافي

- غزو يُحاك بليل.

- الدعوة للتبادل الثقافي.

6

النظرة إلى الدِّين

- رفض فصل الدين عن السياسة/ضرورة حاكمية الدين فيما يتعلق بقيم المجتمع وإدارة علاقاته.

- التعدد الديني والأخلاقي والقيمي/عُرفية الدين/ ترويج التجديد الديني.

7

الدولة

- الدعوة إلى تدخل الدولة في الحد الأكثر من الأمور.

- الدعوة إلى تدخل أقل للدولة، وإسناد الأمور بالحدِّ الأعلى للقطاع الخاص.

8

الاقتصاد

- الدفاع عن اقتصاد الدولة والتحذير من الخصخصة.

- الدفاع عن اقتصاد السوق ومخالفة انحصار الاقتصاد بيد الدولة.

9

العولمة

- نقد العولمة بوصفها مشروعًا أميركيًّا

- الاعتقاد بالعولمة.

10

التنمية الاقتصادية

- التأكيد على التنمية التي تأتي من الداخل/التأكيد على الاستقلال الاقتصادي والاكتفاء الذاتي، ورفض إدغام الاقتصاد بالسوق العالمية.

- التأكيد على التنمية الاقتصادي التي تأتي من الخارج/اتخاذ سياسات إحلالية للاستيراد من خلال اعتماد الصناعات التجميعية.

11

العدالة الاجتماعية

- إمكانية تحقيق العدالة من خلال نظام الحصص/تقديم العدالة الاجتماعية على التنمية الاقتصادية.

-         القول بإمكانية تحقيق العدالة من خلال الخصخصة/التأكيد على التنمية الاقتصادية كمقدمة لإحلال العدالة الاجتماعية.

وبالنظر إلى طروحات كثير من النواب الفائزين ضمن تحالف تيار الإصلاحيين وتيار الاعتدال فيما يتعلق بولاية الفقية، نجد فيمن أقرَّ مجلسُ صيانة الدستور ترشيحَهم من المؤمنين بولاية الفقيه، ولا يحملون أيًّا من الطروحات التي تنادي بتقييد صلاحيات المرشد، ومن ذلك على سبيل المثال، محمد رضا عارف، الذي حلَّ في المرتبة الأولى عن طهران، الذي أكَّد أكثر من مرة أنه يتبع الولي الفقيه مئة بالمئة، وأن المرشد هو صاحب القول الفصل في قضية "قادة الفتنة" في إشارة إلى مير حسين موسوي وكروبي(40).

مجلس الشورى القادم ما بعد النووي

مثل المجلس السابق سيكون مجلس الشورى العاشر مكلَّفًا بمراقبة تطبيق الاتفاق النووي، وضمان أن لا يؤدي تطبيقه إلى المساس بالخطوط الحمراء للجمهورية الإسلامية، ويرجع ذلك لكون مجلس الشورى ومعه مجلس صيانة الدستور ذا دور محدود في مجال السياسة الخارجية، وينحصر دوره في متابعة ومراقبة أن تطبق هذه السياسة وفق الخطوط العريضة التي يضعها مخططو السياسة الخارجية وأن لا تتعارض مع الدستور. ومن المعروف أن رسم السياسة الخارجية في إيران منوط بمؤسسات وجهات، هي:
• المرشد.
• مجمع تشخيص مصلحة النظام الذي قدَّم للمرشد خطة دورية تحدد أولويات السياسة الخارجية. 
• المجلس الأعلى للأمن القومي، والذي أُسِّس عقب الحرب العراقية-الإيرانية، وينص قانونه على تأمين وحماية المنافع الوطنية والدفاع عن الثورة، ويضع السياسة الخارجية المتعلقة بالدفاع والأمن ضمن الخطوط العامة التي يحددها المرشد.
• رئيس الجمهورية ووزير الخارجية.
• المؤسسات الأمنية وفي مقدمتها الحرس الثوري. 
• مؤسسة الثقافة والاتصال وتتبع للمرشد مباشرة وتقوم بالتواصل مع المنظمات غير الحكومية والأحزاب والتجمعات خارج إيران.
وهذه الجهات مجتمعة فضلًا عن جهات غير حكومية مثل بيوت بعض المرجعيات الدينية هي التي ترسم السياسة الخارجية لإيران، أمَّا فيما يتعلق بالشأن الداخلي فسيكون للمجلس دور كبير فيما يتعلق بالسياسات والقرارات التي ستسعى حكومة حسن روحاني إلى إقرارها خاصة على الصعيد الاقتصادي، وإقرار قوانين تشجِّع الاستثمار الخارجي، ومتطلبات تطبيق الاتفاق النووي.

مؤخرًا، صرَّح وزير الخارجية الإيراني، جواد ظريف، بأن "الخلافات مع أميركا لم تُحل"(40)، وهو ما أكَّده أيضًا علي لاريجاني رئيس البرلمان الحالي والمرشح لرئاسة البرلمان المنتخب: مرَّت فترة على توقيع الاتفاق النووي نفَّذت خلالها ايران جميع تعهداتها ولكن للأسف لم ينفذ الطرف الآخر جميع تعهداته بصورة كاملة لغاية الآن(41)، وصدر التأكيد أيضًا على لسان رئيس هيئة الطاقة الذرية الإيرانية، علي أكبر صالحي، بأن" طهران ملتزمة بما عليها، لكن هناك نوع من التأخير يتحمَّل مسؤوليته الطرف المقابل"(42)، وإذا ما استمر تطبيق الاتفاق خاصة في شِقِّه المتعلق بالعقوبات بهذه الوتيرة فإن حكومة روحاني ستواجه معارضة داخل البرلمان، فتأخير العقوبات سيعوق برنامج روحاني الاقتصادي ووعوده بحلحلة المشكلة الاقتصادية.

خلاصة

أظهر النظام في إيران حرصًا على إجراء انتخابات بنسبة مشاركة عالية، وسجَّلت الانتخابات على هذا الصعيد نسبة مشاركة وصلت إلى 62%، وقد تنازعت التيارات الرئيسة نتائج الانتخابات وزعم كل تيار بتفوقه، وفيما ركَّز الإصلاحيون وتيار المؤيدين لحكومة روحاني على فوزهم في العاصمة طهران، قال التيار الأصولي إنه حاز غالبية المقاعد في كلا الاقتراعين، لمجلس الخبراء ومجلس الشورى.

ورغم فوز هاشمي رفسنجاني، إلا أن الفائز الأكبر في هذه الانتخابات هو مرشد الثورة الإسلامية، فالنتائج نزعت فتيل أزمة كان من الممكن أن تُكرِّر ما حدث عام 2009 لو أُقصِي رفسنجاني بصورة نهائية من الساحة السياسية، كما أن النتائج شكَّلت في بعض نتائجها ردًّا على التشكيك بنزاهتها، فأنْ يخسر صهر المرشد، الأصولي حداد عادل في طهران وكذلك مقربون منه مثل آية الله محمد يزدي رئيس مجلس الخبراء، وكذلك آية الله مصباح يزدي، المدافع العنيد عن ولاية الفقيه المطلقة يصب في هذا الاتجاه. لكن المجلسين في مجمل تركيبتهما هما أكثر ولاءً للمرشد من سواه.

أمَّا بالنسبة لروحاني فإن نتيجة الدور الثاني من الانتخابات التشريعية ستحسم ثقل كل كتلة في البرلمان وستحدد ما إذا كان برلمانًا داعمًا لسياساته أو حجر عثرة أمام مشاريعه.

وتسجِّل هذه الانتخابات، رغم فوز شخصيات عديدة توصف بالإصلاحية، أفول الإصلاح كخطاب، فما كان مطروحًا لم يعد يحضر في نقاشات التيار وشعاراته.
__________________________________
د. فاطمة الصمادي: باحث أول في مركز الجزيرة للدراسات، ومتخصصة في الشأن الإيراني

نبذة عن الكاتب

مراجع
1- توهم 88 بهتوهم 92 تبديلشد/ بيروزي‌نمايييکشکستسنكينباعينکاصلاحات!(تضخيم الفوز لهزيمة ثقيلة بواسطة نظارة الإصلاحيين)، وكالة فارس، 9/12/92(تاريخ الدخول 29 فبراير/شباط 2016):
2 - آيت‌الله هاشمي در كفت‌ وكوي اختصاصي با ايلنا: كروهي براي انتخاب رهبري در صورت بيشامد حادثه تعيين شده است/ تندروها ريشه در نهادهاي قدرت دارند (في مقابلة حصرية لـ"إيلنا" آية الله هاشمي: تم تشكيل فريق للقيادة في حال وقوع طاريء 9/12/92(تاريخ الدخول 29 فبراير/شباط 2016): المتطرفون متجذرون في مؤسسات الدولة"، وكالة أنباء "إيلنا"، (22/9/1394 ه.ش) 14 ديسمبر/كانون الأول 2015، (تاريخ الدخول: 27 يناير/كانون الثاني 2016):
3 - نتايج انتخابات «خبركان» (+جدول كرايش‌ها) (نتائج انتخابات الخبراء جدول + التوجه)، عصر إيران، 1 مارس/آذار 2016 (تاريخ الدخول 1 مارس/آذار 2016):
4 - آيت‌الله خاتمي در كفت‌وكو با فارس:برخلاف ميل بدخواهان مجلس خبركان بنجم ولايي‌تر و ارزشي‌تر است، فارس نيوز، 10/12/92 (آية الله خاتمي في حديث لفارس: خلافًا لميل أصحاب النوايا السيئة مجلس الخبراء الخامس الأكثر ولاء للولاية والقيم)، 
5 - تحليلي بر آرايش خبركان بنجم؛جرا هاشمي هيج شانسي براي رياست خبركان ندارد؟ (تحليل: لماذا ليس لهاشمي نصيب للفوز برئاسة مجلس الخبراء)، مشرق نيوز، 11 اسفند 13تاريخ الدخول 1 مارس/آذار 2016):
1%D8%A7-%D9%87%D8%A7%D8%B4%D9%85%DB%8C-
8%A7%DB%8C%D8%AC- 
%A7%D8%AA-
%D8%AC%D8%AF%D9%88%D9%84-
%D9%87%D8%A7 
%D9%87%DB%8C%DA%86-
%D8%B4%D8%A7%D9%86%D8%B3%DB%8C-
%D8%B1%DB%8C%D8%A7%D8%B3%D8%AA-
%D9%86%D8%AF%D8%A7%D8%B1%D8%AF
%D8%A8%D8%B1%D8%A7%DB%8C-
%D8%AE%D8%A8%D8%B1%DA%AF%D8%A7%D9%86-
(تاريخ الدخول 1 مارس/آذار 2016)
6- اظهارات جديد زيبا كلام در مورد اصلاح طلبان، (تصريحات جديدة لزيبا كلام حول الإصلاحيين)، ايران إسلامي، 12 اسفند، (تاريخ الدخول 2 مارس/آذار 2016) 1392:
7- الداخلية: 221 مرشحًا فازوا بعضوية مجلس الشورى الإسلامي والباقي للجولة الثانية، صحيفة كيهان، 2 مارس/آذار (تاريخ الدخول 3 مارس/آذار 2016):
8 - جوان: 55درصد اصولكرا 29 درصد اصلاح طلب (55% أصوليون، و29% إصلاحيون)، 10/12/1394، (تاريخ الدخول 3 مارس/آذار 2016):
9- كزارش خبري تحليلي کيهان دروغ بزرك ! 111 بيشتر از 153، (تقرير إخباري تحليلي لكيهان: الكذبة الكبرى، 111 أكبر من 153) صحيفة كيهان، 10 اسفند:1392، (تاريخ الدخول 2 مارس/آذار 2016):
10 - توهين حسين مرعشي به شهرستاني ها، (إهانة حسين مرعشي لأهل المحافظات)، سايت ألف، 12 اسفند 1392(تاريخ الدخول 2 مارس/آذار 2016):
11- جهاندار اميري، اصلاح طلبان تجديدنظرطلب و بدرخوانده ها، (إصلاحيو إعادة النظر والعرَّابون)، مركز اسناد انقلاب اسلامي، ط 2، تهران، 1386، ص 135.
12- جهاندار اميري، مرجع سابق، ص 96.
13 - رمضان شعباني سارويي، "اصلاح طلبان و انقلاب اسلامي" الإصلاحيون والثورة الإسلامية، فارس نيوز، 23 بهمن 1386، (تاريخ الدخول 3 مارس/آذار 2016): 
14- سعيد حجاريان، "دستكاه مختصات خاتمي با ما متفاوت است" ( آليات خاتمي تختلف معنا)، عدد خاص لصحيفة إيران، 11/5/ 1384، ص 3.
15- سعيد حجاريان، "اصلاحات از همان روز اول ايستاد"، (سعيد حجاريان، الإصلاحيات توقفت منذ اليوم الأول) صحيفة ابرار، العدد 4905، الاثنين 30 آبان.
16- حبيب الله پيمان، "تنكناهاي نظري و راهبردي جنبش اصلاح طلبي"، (ضيق الأفق النظري والاستراتيجي لحركة الإصلاحات)، مجلة آفتاب، فروردين و ارديبهشت 1383، 1384، العدد 34، ص 11.
17- عماد الدين باقي، جنبش اصلاحات دموكراتيك ايران، (حركة الإصلاحات الديمقراطية الإيرانية)، نشر سرايي، تهران، بهار 1383، ص 501.
18- صحيفة سلام، 28 اسفند 1375، ص5.
19- جهاندار اميري، اصلاح‌طلبان تجديدنظرطلب و بدرخوانده‌ها (إصلاحيو إعادة النظر). 
20 – علي رضا رجايي، "زوال دولت استثنايي"، (زوال الحكومة الاستثنائية)، مجلة آفتاب، والعرابون)، ص 196 و197. شماره ي دهم، آذر 1380، ص 18.
21 - محمد خاتمي، مقابلة مع وسائل الإعلام، 7 شهريور 1383.
22- مجلة كيان، العدد الأول، آبان ماه 1991:1370، ص2.
23- سلمان علوي نيك، آسيب شناسي حزب مشاركت، (علل حزب المشاركة) مرکز اسناد انقلاب اسلامي، 1388/2009، الحلقة الثانية من الكتاب والمنشورة على موقع فارس نيوز،(تاريخ الدخول 3 مارس/آذار 2016): 
24 - محمد قوجاني، "نازي‌آبادي‌ها" (أهالي نازي آباد)، صحيفة همشهري، بهمن(تاريخ الدخول 3 مارس/آذار 2016):. 
25 - ايسنا، مقابلة مع المفكر سعيد حجاريان، «ناكفته هايي درباره ي خاتمي» (ما لم يُرْوَ عن خاتمي)، 1381،ص 21, 1382، ص8، 1384.4.20/ 2005.
26- مهرداد مشايخي، "دكرديسي مباني سياست و روشنفكري سياسي"، (تحول الأسس السياسية والاستنارة السياسية)، مجلة‌ آفتاب، السنة الثالثة، العدد 28، مرداد و شهريور،1382(تاريخ الدخول 1 مارس/آذار 2016): 
27- جهاندار اميري، مرجع سابق، ص 144.
28- حسين سليمي، كالبد شكافي ذهنيت اصلاح‌كرايان (تشريح عقلية الإصلاحيين)، 
29- محمد قوجاني، "مطبوعات سياسي از 1357 تا 1380 " (المطبوعات السياسية منذ 1979-2001)، صحيفة إيران، العدد 2136، السنة الثامنة، 6 خرداد 1381، تهران، كام نو، 1384، ص 17.
30- حسين سليمي، كالبد شكافي ذهنيت اصلاح‌كرايان (تشريح عقلية الإصلاحيين)، ص 101.
31- جهاندار اميري، مرجع سابق، ‌ص 143.
32- جهاندار اميري، مرجع سابق، ص 143.
33- صحيفة ايران، مقابلة مع محمد رضا خاتمي، 1384.5.11، ص 1.
34- مُنع كديور من التدريس وكان أستاذًا في جامعة تربيت مدرس، وهو يقيم اليوم في الولايات المتحدة الأميركية ويعمل في واحدة من جامعاتها.
35- سلمان علوي نيك، كتاب آسيب‌شناسي حزب مشاركت ايران اسلامي (علم مشكلات حزب مشاركة إيران الإسلامية)، مركز اسناد انقلاب اسلامي، نشر الكتاب على حلقات مارس/آذار 2016: 
على موقع وكالة فارس للأنباء بتاريخ 10/8/1388، (تاريخ الدخول 3 مارس/آذار):
وأيضًا: سلمان علوي نيك،" 8 سال بحران أفريني اصلاح طلبان" (سنوات الإصلاحيين الثمانية في صناعة الأزمة)، انتشارات مركز اسناد انقلاب اسلامي، ط 1، صيف 1389، صص 169-171.
36- حسين سليمي، كالبد شكافي ذهنيت اصلاح‌كرايان (تشريح ذهنية الإصلاحيين)، ص 17.
37- حسين سليمي، المرجع السابق، ص 74-75.
38- محمد جواد روح، بازكشت خط امام (عودة خط الإمام)، صحيفة شرق العدد 207، 
39- كفتكو با دکتر محمدرضا عارف‌ فصل‌الخطاب ما همواره سخنان رهبري بوده است‌، (في مقابلة مع محمد رضا عارف: القول الفصل كان على الدوام ما يقوله القائد)، جام، 17 اسفند 1387 –(تاريخ الدخول: 3 مارس/أذار 2016):
40- ظريف: خلافاتنا مع أميركا لم تحل، فارس نيوز، 2 مارس/آذار 2016 (تاريخ الدخول 3 مارس/آذار 2016): 
41- لاريجاني: الطرف الآخر للاتفاق النووي لم ينفذ تعهداته بصورة كاملة، فارس نيوز، 2 مارس/آذار 2016 (تاريخ الدخول 3 مارس/آذار 2016):
42- شوقي، فرح الزمان، علي أكبر صالحي لـ"العربي الجديد": نواصل نشاطاتنا النووية بالكامل، العربي الجديد 29 فبراير/شباط 2016 (تاريخ الدخول 1 مارس/آذار 2016):