المشهد السياسي الجزائري في سياق التعديلات الدستورية

تقدم السلطة بالجزائر مبادرات تراها انتقالا سياسيا تدريجيا كالتعديل الدستوري، بينما ترى المعارضة أن الانتقال الديمقراطي يتم بجرعات لا تمس جوهر السلطة. وسيكون أمام المعارضة زوايا لإدارة صراعها مع السلطة في البرلمان لمناقشة مواد الدستور، من منطلق استثمار تراجع أسعار الطاقة وتأثيره على السلم الاجتماعي.
f84fd00f9a5645e4a3985ceb1804affa_18.jpg
تقدم السُّلطة بالجزائر مبادرات للانتقال السياسي، ترى المعارضة أنها لا تمس جوهر السلطة. (الأوروبية-أرشيف)

 يعرف المشهد الجزائري تحولات سياسية وعسكرية، إضافة إلى التأثير الدولي؛ مما يجبر السلطة على السعي التدريجي نحو إنجاز نوع من الانتقال السياسي المحسوب. وما يحفظ للسُّلطة قوتها في إدارة المرحلة الانتقالية التي تريدها عنصران أساسيان، يتمثلان في تماسك الجبهة الاجتماعية حتى اللحظة، وتماسك الجيش وقوته، مع التوقعات المنتظرة بعودة ارتفاع أسعار البترول ولو جزئيًّا واستقرارها، حسب ما صرَّح به شكيب خليل وزير الطاقة السابق العائد مؤخرًا إلى الجزائر.

 

وتراهن المعارضة على غليان اجتماعي يسرِّع الانتقال الديمقراطي ويمارس نوعًا من الضغط على السلطة من خلال التحركات والتجمعات التي تعقدها. لكن ضَعف المعارضة يبقى في عدم قدرتها على التجنيد الشعبي وترك المساحة المدنية للسُّلطة تشغلها كالتنظيمات النقابية والاتحادات الطلابية، وعدم امتلاكها لقوة إعلامية دعائية. وسوف تبادر السلطة بالانتقال السياسي التدريجي ما دامت تمتلك جبهات أمنية واجتماعية وسياسية متماسكة، وما دامت الإدارة هي الجهاز الأقوى التنفيذي في تطبيق سياسة الدولة.

هل يمكن القول: إن نتائج سياسية واجتماعية وثقافية أفرزها التغيير والثورات في العالم العربي ينتقل بعضها إلى بلدان لم تعش تلك التجربة الانفجارية أو سبق لها أن عانت من تجربة دموية سابقة تتفادى العودة إليها مثل الجزائر.

منذ عام 2011، دعا رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة إلى تعديل الدستور، وأبدى رغبته في تغيير على مستوى الأجهزة الأمنية، وهو ما أحدث هزَّة في "السُّلطة العميقة" أزاحت ما سماه الإعلام "صانع الرؤساء"، الجنرال مدين توفيق، واعتبر ذلك مفاجأة في نظام ظلَّت الهيمنة الأمنية فيه هي الحاضرة في القرارات السياسية الفاصلة في تاريخ الدولة، وقد اعتبر ذلك بعض السياسيين الرسميين "انتقالًا ديمقراطيًّا" ردًّا على المعارضة التي تدعو أيضًا إلى "الانتقال" وذلك بتأسيس لجنة انتخابات مُستقلة والدعوة إلى استحقاقات رئاسية عاجلة بطريقة سلمية.

وكلما تقدمت السلطة نحو المعارضة في مساع تراها انتقالًا تدريجيًّا مثل التعديل الدستوري وسَنِّ بعض القوانين الجديدة، ترى المعارضة أن "الانتقال الديمقراطي" لا يتم بجرعات أو تغيير لا يمس جوهر السلطة. لكن التخوف -خاصة من جانب السلطة- هو أن يكون للتهديد الاجتماعي دور في التأثير على الاستقرار والانسجام الاجتماعي، ويكون الثمن أكثر كُلفة، وهو ما قد تدفع إليه بعض الحركات المعارضة الراديكالية في المستقبل، وليس بالضرورة ذات تنظيم سياسي قانوني.

إن عملية الانتقال السياسي تتم بشكل أو بآخر بحُكم الشروط التاريخية التي تمر بها الجزائر، سواء أكان ذلك بسبب القضايا الاقتصادية ومنها التضخم وهبوط أسعار الطاقة، أو بسبب التهديدات الأمنية على الحدود، كما قد يكون للصراع بين نخب السلطة تأثير في تعجيل بعض الإصلاحات.

"جِدارٌ" للحماية والدفاع عن مشروع الرئيس

ظهر التباين بصورة ثنائية مع نهاية شهر مارس/آذار الأخير بين المعارضة التي لم تستطع استقطاب شخصيات وطنية معارضة كانت تعوِّل عليها مثل أحمد طالب الإبراهيمي، وزير سابق، ومولود حمروش الذي حضر في "مزفران 1"(1). كما لم تستطع حركة "رشاد" المعارضة في الخارج الحضور كتنظيم واكتفت بالحضور أفرادًا. أمَّا أحزاب الموالاة فسَمَّت تجمعها بالقاعة البيضاوية بملعب 5 يوليو/تموز: "الجدار الوطني" في تجمع شعبي استنفر الجمعيات المدنية الأهلية، بحضور بعض الأحزاب الصغيرة التي تقوم بالترحال بين الصفتين، مرَّة مع المعارضة وأخرى مع الموالاة.

وقام بهندسة الجدار وبنائه حزب جبهة التحرير الوطني، وغاب عنه حليفه في السلطة حزب التجمع الوطني الديمقراطي، وحضر بعض مناضليه المناوئين لأمين عام الحزب بالنيابة أحمد أويحي، وهم من يُحضِّرون الآن للإطاحة به في المؤتمر الاستثنائي القادم في شهر مايو/أيار 2016.

يأتي هذا الاستعراض السياسي بين المُوالين والمُعارضين في مناخ أمني يهدد الحدود الشرقية للجزائر بالخصوص في جهة الحدود مع ليبيا التي تعرف نشاطًا لتنظيم الدولة الإسلامية وغيابَ دولةٍ مركزية وانتشار الجماعات العنفية وتجارة السلاح. وهو عامل استنفاري تعبوي للمواطنين قد تستفيد منه تكتيكيًّا جبهة التحرير ومن والاها من الأحزاب والجمعيات والشخصيات الوطنية. كما تَقرَّر رسميًّا توحيد خطبة جمعة 25 مارس/آذار حول "حماية الوطن ووحدته" من طرف وزارة الشؤون الدينية والأوقاف ردًّا على التهديدات الأمنية الحدودية، ومحاولات ضرب المنشآت البترولية، واستتبع ذلك محاولة إعادة تنشيط ولاء الزوايا الصوفية للدولة عبر زيارات رسمية يقوم بها مسؤولون، أو الإشراف على ملتقيات ومؤتمرات تتخذ من موضوعات المرجعية الدينية والتسامح وقيم الحوار مواضع لها، وهو تنشيط أمني-ثقافي من أجل مواجهة التطرف والتشيع والتعصب المذهبي، وقد ظلَّت هذه المؤسسة الدينية المدنية الأهلية مجالًا حيويًّا سياسيًّا منذ مقاومة الأمير عبد القادر الصوفي وشيخ الزاوية للاحتلال الفرنسي في القرن التاسع عشر(2).

وفي مزاوجة بين ذِكْر محَاسن الجيش الوطني والتعبئة الوطنية من أجل تقوية عزيمته ودعم ثباته، يتناول الإعلام مثالب المخابرات بعد زوال الحاجز النفسي، ومن المفارقات الحاصلة أن الذي أثار تجاوزات المخابرات أمام الرأي العام هو زعيم جبهة التحرير الوطني، عمار سعيداني، منذ سنتين، حين اعتبر أن تلك الممارسات قد أفضت إلى ظُلم ذوي القُربى من الفاعلين الرسميين في الإدارة والسياسة. وقد كانت الورقة الأمنية في شقيها: المْدْحِي لمواجهة الإرهاب أو الذَّمِّي للممارسات الباطنية المُشينة في نظر بعض الفاعلين السياسيين، إضافةً في رأسمال السلطة والموالاة في غياب فعالية المعارضة وافتقادها للقدرة على التغلغل الشعبي وهشاشة بعض المُنتمين لها؛ إذ سرعان ما تخلَّى بعضهم عن "خطاب مزفران" وولَّى وجهته نحو الموالاة، أو بقي مترددًا بين هذا وذاك.

التعديلات الدستورية وخلافات الموالاة والمعارضة

سوف ينشط الخلاف أكثر بين مجموعة الموالاة ومشروعها "الجدار الوطني" ومجموعة المعارضة المجتمعة في منطقة "مزفران" في الأشهر القادمة في مناقشة القوانين العضوية والمُنظمة التي ستُقدَّم للبرلمان بغرفتيه، والتي تعتبر نتاج مواد الدستور المعدَّل مؤخرًا، ومنها بالخصوص قانون الجمعيات وحرية المعتقد والشعائر، وقضايا الهوية كالأمازيغية والعربية، ولجنة مراقبة الانتخابات، وإن كان معروفًا بشكل مبكر نتيجة التصويت، لكون الذين صوتوا على الدستور سيُصوِّتون على القوانين العضوية، كما أن الدستور يسمح بصدورها في شكل أمريات رئاسية دون المرور عبر البرلمان، إلا أن ذلك سينعش التجاذبات والنقاش السياسي.

هل يمكن القول: إن نتائج التصويت وصدور الدستور الجديد خطوة في صالح الطرفين، رغم المعارضة الشرسة لجماعة "الانتقال الديمقراطي"؟

صدر رسميًّا التعديل الدستوري، في 7 مارس/آذار 2016(3)، بالجريدة الرسمية بعد مروره على البرلمان بغرفتيه والموافقة عليه في مجلس الوزراء، وكان نتيجة مشاورات عديدة قاطعها بعض الفاعلين السياسيين.

وأعطى الدستور الجديد أهمية للديباجة التي اعتبرها جزءًا من الدستور وروحه في استنباط المواد المعدلة، حيث يبدأ بعبارة "الشعب الجزائري حُرٌّ، ومصمِّم على البقاء حرًّا"، وهو يشمل 218 مادة، منها 74 مادة معدَّلة، كما تمت أحكام الدستور بمواد مكررة(4).

وتمثِّل ديباجة الدستور مدخلًا يتعلق بالهُوية الجزائرية من حيث الانتماء اللغوي والحضاري "الأمازيغي العربي والإسلامي"، لكن النقطة الفاصلة في تاريخه هي ثورة نوفمبر/تشرين الثاني 1954 التحريرية التي قادتها جبهة وجيش التحرير، ولا تغفل الديباجة المأساة الوطنية في التسعينات من القرن الماضي وتعتبر قانون "السلم والمصالحة الوطنية" ثمرة سياسية وطنية وينبغي الحفاظ عليها، والدعوة إلى "جعل الجزائر في منأى عن الفتنة والعنف والتطرف"، كما تم التنصيص في الديباجة على اللغة العربية وترقيتها مع الأمازيغية وأهمية الشباب في التنمية، واعتبار الجيش قوة حماية ودفاع وضرورة عصرنته.

إن "دَسترة الهُوية" تُشكِّل من جهة استجابة لفصيل ديمقراطي معارض ظل يطرح "اللغة الأمازيغية" كمطلب وطني واستراتيجي وبفضله حافظت على الوعاء الانتخابي في منطقة القبائل "زواوة" بالخصوص، وانفتاح حول تنوع "الخصوصية الجزائرية" تاريخيًّا ولغويًّا وعرقيًّا، كاستراتيجية أمنية لتفادي الانزلاقات العنفية التي تقوم على "الهُوية المسلحة" مثل ما حدث لبعض بلدان "الربيع العربي"، ونلحظ الاهتمام الدستوري في ديباجة الدساتير العربية بالهوية ملمحًا عامًّا في السنوات الأخيرة مثل تونس والمغرب ومصر.

ومن بين المواد التي أثارت جدلًا واسعًا المتعلقة بشرط الجنسية الأصلية في الوظائف العليا، وأيضًا التناصف بين المرأة والرجل، ومسألة الأمازيغية. ورغم تثمين البعض للاعتراف بها واعتبارها لغة وطنية رسمية، إلا أن ذلك يبقى معلَّقًا إلى حين من الزمن، مع تأسيس مجلس أعلى لها يكون أعضاؤه من الخبراء. وهذه المادة وبعض مواد الدستور رآها بعض الحقوقيين موادَّ مُقفلة تحتاج إلى الفتح دستوريًّا، لا بقوانين عضوية شارحة مفصلة تنظيمية لاحقة. كما أن مادة "تحديد مدة ولاية الرئيس بعهدتين فقط" تصحيح لما شابها من فتح مطلق سابقًا، ولكن اعتبارها من المواد التي لا يجوز المس بها في أي تعديل مستقبلًا كان محل انتقاد بعض الحقوقيين والسياسيين باعتبارهًا وصاية مُسبقة على الأجيال.

ويمكن حصر الأسباب التي جعلت الكتل البرلمانية في الغرفتين: جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي والثلث الرئاسي المعين ومجموعة الأحرار، تُصوِّت على الدستور المعدل، في النقاط التالية:
  • حمْل إيجابيات للطبقة السياسية ومَنْح صلاحيات للمعارضة.
  • تكريس المساواة بين المواطنين والحقوق الفردية والجماعية وحرية التعبير واستقلال العدالة.
  • قوة نوعية واستكمال للإصلاحات التي وعد بها رئيس الجمهورية منذ توليه الحكم سنة 1999.
  • اعتبر بعضهم أن ذلك معناه الدخول في مرحلة الجمهورية الثانية والتكيف مع متطلبات العصر، والتحولات الجارية في مختلف المجالات وتجسيد الإصلاحات التي تهدف إلى إرساء دولة القانون وتعزيز العدالة والمساواة بين مختلف فئات المجتمع.
وللإشارة، فإن المجموعة البرلمانية لحزب العمال الذي ترأسه لويزة حنون قد امتنعت عن التصويت، وعلَّل رئيس المجموعة، جلول جودي، ذلك بأنه "لا يمكن التصويت بـ"لا" لأن المشروع يتضمن تحسينات وإيجابيات طالما ناضلت من أجلها هذه التشكيلة السياسية، ولا يمكنها التصويت بـ"نعم" لأن الدستور المقترح يتضمن موادَّ وإجراءات متناقضة، وأخرى قد تفتح الباب لتراجع المكاسب الاقتصادية"(5).
أمَّا "جبهة القوى الاشتراكية" و"تكتل الجزائر الخضراء" الذي يضم بعض الأحزاب الإسلامية، وجبهة العدالة والتنمية فقد قاطعت جلسة التصويت على الدستور.

خاتمة

سيكون أمام المعارضة مستقبلًا زوايا لإدارة صراعها مع السلطة:

1- أولها البرلمان في مناقشة القوانين العُضوية المُنظِّمة لمواد الدستور، خصوصًا ما تعلق منها بالقضايا التالية: لجنة مراقبة الانتخابات، وقضايا الهوية "العربية والأمازيغية"، كما أن قانون الجمعيات الدينية يَطرح مشكل الحريات العقدية في ظل تمسك الدولة بالمرجعية الدينية والمذهبية "المالكية-الأشعرية-الصوفية"، ومواد التناصف بين المرأة والرجل.

2- في مجال الإعلام والتنافس على مشهد التأثير على الجماهير من خلال القنوات التليفزيونية التي هي بحكم القانون ما زالت أجنبية، رغم أن مقراتها بالجزائر، وهم ينتظرون صدور القانون السمعي-البصري للتكيف معه. 

وقد شدَّت هذه القنوات انتباه المشاهد الجزائري رغم حداثة ظهورها، ويتحرك بعض رجال الأعمال الذين لهم ميول سياسية ومعارضة للسلطة لشراء مجمعات إعلامية كبرى، كما أن الناشطين الحزبيين المعارضين والسياسيين والحقوقيين يستخدمون "الوسائط الجديدة" في التأثير على الجمهور، غير أن أكبر عائق ما زالت تواجهه الصحف الورقية هو الإشهار الذي ما زال سلاحًا في يد السلطة؛ إذ تحتكر المؤسسة الإشهارية والمطابع(6).
ورغم أن بعض الجرائد المُستقلة اشترت المطابع ولها مداخيلها الإشهارية، إلا أن لديها قضايا معروضة على القضاء بالعشرات، سواء ضد مُسَيِّري هذه الجرائد أو ضد مراسيلهم عبر الولايات، وهو ما يجعل من قضية "الإعلام بأنواعه" من أكثر المواضيع التي يدور حولها الجدل والصراع، وهي مساحة صراع استراتيجية بالنسبة للمعارضة. 
3- وهنالك زاوية استثمار تراجُع أسعار الطاقة وتأثير ذلك على "السلم الاجتماعي" من خلال تأييد ومرافقة الاحتجاجات الاجتماعية وتبني مطالبها، لكن الملاحظ أن أصحاب الاحتجاج يرفضون أن تُعطى صبغة سياسية لحراكهم المطلبي المحدود بالشغل أو السكن أو التوظيف.
من خلال متابعة التناقضات والتجاذبات السياسية في ظل ظروف سياسية وعسكرية محيطة بالجزائر، إضافة إلى التأثير الدولي، وحالة الانفلات الأمني اجتماعيًّا فإن السلطة مضطرة إلى السعي التدريجي نحو "الانتقال السياسي". إن ما يحفظ لها بقاءها قوية في إدارة المرحلة الانتقالية التي تريدها هما عاملان اثنان: "تماسك الوحدة الاجتماعية والاستقرار في الجبهة الاجتماعية"، و"تماسك الجيش الشعبي" وقوته. كما ينبغي الإشارة إلى احتمال عودة أسعار البترول إلى الصعود جزئيًّا واستقرارها حسب ما صرَّح به شكيب خليل وزير الطاقة السابق العائد مؤخرًا إلى الجزائر.
وتعوِّل السُّلطة على هذه الجبهات التي هي "جدار أمني" يُقوِّي "الجِدار السياسي" الذي يحاول بناءه زعيم حزب جبهة التحرير الوطني، أمَّا المعارضة فتراهن على غليان اجتماعي يعجِّل بالانتقال الديمقراطي والضغط على السلطة بالعمل السياسي من خلال التجمعات التي تعقدها. لكن ضَعفها يتمثَّل في عدم قدرتها على التجنيد الشعبي وترك المِساحة المدنية للسلطة في شغلها كالتنظيمات النقابية والاتحادات الطلابية، وعدم امتلاكها لقوة إعلامية دعائية. وسوف تبادر السلطة بالانتقال السياسي التدريجي ما دامت تمتلك جبهات أمنية واجتماعية وسياسية متماسكة، وما دامت "الإدارة" هي الجهاز التنفيذي الأقوى في تطبيق سياسة الدولة. 
_________________________
بومدين بوزيد - باحث جامعي جزائري
مراجع
1- تسمية للمعارضة على اسم القرية السياحية التي تقع بزرالدة شرق العاصمة الجزائرية.
2- بومدين بوزيد، التصوف والسلطة، دار ذاكرة الأمة (الجزائر) بدعم وزارة الثقافة، ط2 (2015)، ص 33. 
3- عرفت الجزائر منذ الاستقلال أربعة دساتير، أول دستور 1963 الذي تم إقراره في عهد أول رئيس للجمهورية أحمد بن بِلَّة. ثم كان دستور 1976 الذي أصدره هواري بومدين، وبعده دستور 1989 في عهد الرئيس ابن جديد إثر أحداث 1988، والذي تم تعليق العمل به إثر الانقلاب العسكري بداية التسعينات. وفي عام 1996، بادر الرئيس اليمين زروال بسد الفراغ المؤسساتي بدستور 1996. وقام الرئيس بتوفليقة بتعديل الدستور ثلاث مرات: في 2002 بالتنصيص على اللغة الأمازيغية كلغة وطنية استجابة لأحداث منطقة القبائل، والثاني سنة 2008 لفتح العهدات الرئاسية، وهذا الأخير حاليًا.
4- تمت المشاورات السياسية بشأن تعديل الدستور في سنة 2011 بقيادة رئيس مجلس الأمة، عبد القادر بن صالح، وسمحت بلقاء أحزاب سياسية وشخصيات وطنية وخبراء أدلوا بآراء مختلفة حول مشروع مراجعة النص الأساسي للبلاد، كما التقى الوزير الأول، عبد المالك سلال في إطار مشاوراته بشخصيات سياسية وطنية. وفي إبريل/نيسان 2013، تم تنصيب لجنة خماسية لتعديل الدستور تولَّى رئاستها أستاذ القانون في جامعة قسنطينة عزوز كردون. وقدمت اللجنة مسودة لمشروع تعديل الدستور في سبتمبر/أيلول 2013، ثم جولة أخرى من المشاورات قادها أحمد أويحي رئيس ديوان الرئيس.
5- في حوار معه بجريدة الخبر عدد 7 فبراير/شباط 2016. 
6- تسعى وزارة الإعلام لتنظيم القطاع الإعلامي ببطاقة صحفي قصد الاحترافية، كما أن القوانين الجديدة خفَّفت من المتابعة القضائية تجاه الصحفيين فيما يتعلق بتحديد مجالات القذف والمتابعة؛ ولذا ينتظر الإعلاميون القانون السمعي-البصري كمدونة تشريعية تحمي حقوقهم الفكرية والاجتماعية والمدنية، وقد رأى بعضهم أن الإصلاح الذي حدث في جهاز الأمن "المخابرات" سهَّل عملية الحصول على الإعلانات الدعائية، وأنقذ بعض الصحف من التوجيه الأمني الخفي والتأثير على الخط التحريري.