الديمقراطية في إفريقيا: قراءة في المسار والمصير

عرف مسار التحول الديمقراطي بإفريقيا مكاسبَ تحققت في دولٍ محدودةٍ، لكنَّه عانى من عوائقَ في العديد من دول القارة، منها البنيويُّ الداخليُّ ومنها الخارجيُّ، ولعل مستقبلَ الديمقراطية بإفريقيا بحاجةٍ إلى صياغة جديدة تراعي قواعدَ هذا النظام الغربي في نشأته وتطوره دون أن تهمل الخصوصيات الإفريقية.
15 مارس 2017
de51db6069434efcab0aeb2c2a369073_18.jpg
خلال عمليات فرز الأصوات بالانتخابات الرئاسية في بوركينا فاسو (رويترز)

طرح امتناع الرئيسِ الغامبيِّ يحيى جامِّي عن تسليم السلطة للرئيس الفائز في الاقتراع آدامَا بارو على متابعي الشأن السياسي الإفريقي سؤالًا مُلحًّا وهو: لماذا لا يريد القادة الأفارقة الإذعان لحكم صناديق الاقتراع؟ وهل حكم على الديمقراطية في إفريقيا أن تظل مشلولة؟ لم يكن الرئيس المتنحي جامي بدعًا من أمثاله في إفريقيا، فتكاد تكون لكل دولة إفريقيا طريقتها الخاصة في فهم الديمقراطية وفي تطبيقها بل وفي الاستخفاف بالدستور أحيانًا وتغييره كلما كان ذلك في صالح الحاكم. تبنت دولٌ إفريقية محدودة الخيارَ الديمقراطيَّ غداة استقلالها في بداية ستينيات القرن الماضي مثل: موريشيوس وبوتسوانا، فشهدت انتخاباتٍ تعدديةً، كما عرفت القارة موجة تَبَنٍّ واسعة للنظام التعددي في تسعينيات القرن الماضي حين أصرَّت الدول الغربية المانحة على ضرورة اعتماد قيم الليبرالية ومبادئ الاقتصاد الحر، ففرضت الديمقراطية على كثيرٍ من الدول الإفريقية فرضًا ومارستها دولُ القارة لا رغبة في النظام نفسه، ولا استجابة للاحتجاجات الشعبية ومطالب المجتمع المدني الإفريقي، بل تحت طائلة الانصياع لاشتراطات الدول الغربية الجديدة والهيئات المانحة. لكن الممارسةَ الديمقراطية لم تأخذ في إفريقيا مسارًا واحدًا، ولم تتصدر الممارسة السياسية كبديل لنُظم الحكم المستبّدة التي تنتشر في الواقع الإفريقي بل ظلت متسمةً ببعض الإخفاقات التي يعود بعضها إلى عوامل داخلية كهشاشة الدول الوليدة وتعدد وتنوع التقلبات السياسية التي تعرفها القارة، فضلًا عن أطماع بعض القادة ونزواتهم الشخصية، وإن كان ذلك على حساب الشعوب، وأحيانًا تكون تلك الإخفاقات عائدةً إلى حرص الدول الغربية على أن تكون لها نخب محلية تأتمر بأمرها، وتضمن لها مصالحها خاصة وأن إفريقيا هي قارة المواد الأولية والأسواق الواعدة. 

حين هبت رياح الديمقراطية التعددية على إفريقيا جنوب الصحراء بداية تسعينات القرن الماضي، وولَّى عهد الحزب الواحد، كان ستة رؤساء فقط من بين المئة والخمسين الذين حكموا القارة الإفريقية منذ استقلالات الدول حتى ذلك التاريخ هم من غادروا السلطة طوعًا، أما المئة والأربعة والأربعون رئيسًا الباقون فإما أنهم ما زالوا في الحكم حينها أو أُطيح بهم في انقلاب عسكري أو قُتلوا أو سُجنوا أو شُرِّدوا أو ماتوا وهم في السلطة(1). ومع أن هذه الصورة القاتمة قد تحسَّنت نسبيًّا حيث ذكر آخر تقرير صادر عن "فريدوم هاوس"، في فبراير/شباط 2017، أن مناخ الحريات العامة في إفريقيا يتحسَّن باطِّراد، وقد تناول التقرير بالدراسة حالة 54 دولة هي عدد الدول الإفريقية؛ تعرف عشر دول منها حرية تامة، بينما تتمتع إحدى وعشرون دول إفريقية بحرية جزئية في حين ما زالت ثلاث وعشرون دولة بدون حرية(2)

ولعل قراءة ما يتم من ممارسات سياسية في أغلب دول إفريقيا جنوب الصحراء تجعلنا نذهب مع الباحث الفرنسي، باتريك كانتين، إلى تسمية ما يجري في إفريقيا جنوب الصحراء بـ"الديمقراطية الانتخابية". ويعني هذا المفهوم النظام السياسي الذي تقتصر ممارسته للديمقراطية على: "التصويت في ظروف منافسة ومشاركة تعددية قد تعتريها بعض الشوائب الطفيفة"(3). فهي ممارسة ليست ديمقراطية كاملة لكنها تأخذ بالحد الأدنى من الديمقراطية، وكما يؤكد باتريك كانتين، فإن هذا يسمى الديمقراطية الانتخابية، التي تطبقها الأنظمة ذات الأداء الضعيف من حيث نوعية الديمقراطية، وخاصة تلك الأنظمة التي لا يتمتع فيها المواطن بكافة حقوقه السياسية، لكنها أنظمة استطاعت إدارة الصراعات المرتبطة بالسباق نحو السلطة اعتمادًا على آلية الانتخابات. 

ولعل الدول الإفريقية، مع استثناءات طفيفة كجنوب إفريقيا مثلًا، ما زالت تفصلها فجوة متسعة عن الديمقراطية الليبرالية التي هي مفهوم واسع تناولته سرديات كثيرة وبيَّنت أنه لا يعني تنظيم انتخابات دورية فقط ولكنه يتطلب أيضًا نظامًا اقتصاديًّا ليبراليًّا وسيادة القانون والحريات الفردية، واحترام الدستور والتمكين للشفافية وإقرار مبدأ مساءلة كل من يتولى الشأن العام فضلًا عن السيطرة المدنية على القوات المسلحة. ولعل البروفيسور والمفكر الأميركي، توماس ناغل، كان من أبرز من تعرَّض لتعريف الديمقراطية الليبرالية؛ حيث حدَّدها قائلًا: إنها تعني أن "السلطة السيادية للدولة على الفرد ينبغي أن تكون محدودة بذريعة حماية الأفراد في بعض النواحي ومعاملتهم على أنهم سواسية"(4). 

وقد ناقش الباحث والصحفي الأميركي من أصول هندية، فريد زكريا، في كتابه "مستقبل الحرية" مكانة الفرد وعلاقته بالدولة في النظام الديمقراطي الليبرالي، وقد بيَّن أن التنمية الاقتصادية الحقيقية توفِّر أرضية صالحة لأية ديمقراطية ناجحة. كما أوضح زكريا أن الانتخابات والتناوب على السلطة عن طريق الاقتراع هما جوهر العملية الديمقراطية مستشهدًا بكلام للباحث الأميركي، صامويل هنتنغتون، الذي ذكر أن أي "انتخابات مفتوحة وحرة ونزيهة هي جوهر الديمقراطية، وهي آلية لا مفرَّ منها بل هي شرط لا غنى عنه. ويمكن للحكومات التي أفرزتها الانتخابات أن تكون دون كفاءة وفاسدة ولا رؤية لها وغير مسؤولة، بل إنها تعمل لمصلحتها الخاصة...فكل هذه الصفات تجعل هذه الحكومات غير مرغوب فيها، ولكنها لا تجعلها غير ديمقراطية"(5). 

وفي هذا التقرير يحاول الباحث رصد تطور الديمقراطية في إفريقيا جنوب الصحراء، ولنا أن نتساءل: إلى أي حدٍّ تجذرت الممارسة الديمقراطية في إفريقيا؟ وما العوامل التي تساعد على توطينها في هذه القارة؟ وهل هي النظام السياسي الملائم لها؟ وهل ما زال أغلب الدول الإفريقية مقتصرًا على الديمقراطية الانتخابية؟ 

الديمقراطية في إفريقيا بين الخيار الذاتي والإملاء الخارجي 

تعرف سنة 2017 الجارية أحد عشر استحقاقًا انتخابيًّا في إفريقيا ما بين رئاسي وتشريعي منها ما تم بالفعل ومنها ما سيُنظَّم لاحقًا(6)، وكانت سنة 2016 قد عرفت ستة عشر استحقاقًا، أي إن 27 دولة إفريقية من أصل أربع وخمسين دولة (عدد الدول الإفريقية)(7)، ستعرف في هاتين السنتين اقتراعات تجسِّد -إلى حدٍّ ما- مدى ممارسة الأنظمة السياسية الإفريقية لتطبيق النظم الانتخابية، التي من شأنها -ولو نظريًّا- تحقيق ممارسة ديمقراطية ما يوطِّد أساليب في التداول على الحكم وتمكين نظم وآليات تشاركية ظلت غائبة عن القارة الإفريقية. 

هل يعني الذهاب إلى صناديق الاقتراع في الدول الإفريقية أن الديمقراطية توطَّنت هذه القارة وأصبحت جزءًا من ممارسة الحكم فيها؟ وهل هذا الحماس نحو استخدام صندوق الاقتراع يعد مؤشرًا على أن الوضع السياسي في القارة الإفريقية يتحسن؟ 

مع تسعينات القرن الماضي اتخذت أغلب الدول الغربية قرارات تربط بين ما تقدمه من إعانات ودعم أو ما تنفذه من مشاريع تنموية في القارة الإفريقية وبين الإصلاحات السياسية التي على دول القارة أن تتخذها، فكانت تلك الاشتراطات الأوروبية سببًا في اتخاذ أغلب الدول الإفريقية توجهًا ديمقراطيًّا(8). أعلن الرئيس الفرنسي الأسبق، فرانسوا ميتران، في مؤتمر فرنسا وإفريقيا بمدينة لابول الفرنسية، سنة 1990، الذي جمع حوله قادة دول إفريقيا الفرانكفونية، أن رياح الحرية التي هبَّت على شرق أوروبا لا مناص من أن تهب في اتجاه الجنوب، في دعوة صريحة لقادة إفريقيا الفرانكفونية للأخذ بمبدأ التعددية واعتماد نظم ديمقراطية. وقد باتت دعوة ميتران من مدينة لابول مرجعية في التطور السياسي للدول الفرانكفونية الإفريقية(9). 

إن آليات الانتخاب واعتماد صندوق الاقتراع في التصويت واختيار المرشحين على ذلك الأساس وتنظيم الحملات الانتخابية وسائل صارت بالفعل جزءًا من الممارسة السياسية في القارة الإفريقية منذ بداية تسعينات القرن الماضي حتى الآن، بل إن الحملات الانتخابية في إفريقيا باتت أقرب إلى الأعراس وما فيها من حماس وفنون شعبية وإقبال جماهيري. وبطبيعة الحال، تعرف الاقتراعات في إفريقيا إجراءات ونظمًا ليست موجودة في الدول الغربية ذات التقاليد الديمقراطية الراسخة، كاستعمال الحبر اللاصق الذي يمنع الناخب من تكرار عملية التصويت، والتوقيع بالبصمة لجهل بعض الناخبين في القارة الإفريقية بالتوقيع، ووجود مراقبين أجانب يشرفون على إجراء الاقتراع ويتأكدون من شفافيته ومن إجرائه وفق النصوص القانونية المنظِّمة للعملية كلها، فهذه الآليات وغيرها ما زالت ضرورية ومستعملة في أغلب الاقتراعات التي تتم في إفريقيا، وهي تعني أن بعض الشوائب والتخوفات ما زالت تطبع عملية التصويت في الدول الإفريقية(10). وعمومًا، فالأنماط الانتخابية المختلفة واختيارها وتطبيقها وفق قوانين إجرائية صارت جزءًا من المشهد الإفريقي، لكن السؤال يبقى: هل تنظيم الاقتراع وإجراء التصويت يعني توطين الديمقراطية والأخذ بأسبابها؟ 

الديمقراطية الإفريقية: علامات فارقة 

من الواضح أن هنالك اختلافًا بينًا في اقتراع الرؤساء الأفارقة؛ ذلك أننا لا نجد نمطًا موحدًا أو معايير متطابقة، فيكاد يكون لكل رئيس إفريقي طريقته الخاصة في الاقتراع. وهذا ما يجعلنا نتساءل: هل النمط الديمقراطي الغربي وتجسيداته المتعلقة بالتصويت نمط عالمي؟ وهل تم تطبيقه واستثماره في إفريقيا بنفس الطريق التي يتم بها تطبيقه واستثماره في الديمقراطيات الغربية؟ على سبيل المثال، يتم اعتماد الاقتراع المباشر لانتخاب رئيس البلاد في أغلب الدول الإفريقية، لكنه في بعض الدول كأنغولا والصومال يتم انتخابه عن طريق الاقتراع غير المباشر؛ فالرئيس في هاتين الدولتين يتم اختياره عن طريق البرلمان (ينتخبه أعضاء مجلس النواب في أنغولا وأعضاء مجلسي النواب والشيوخ في الصومال)(11). كما يوجد في إفريقيا بعض الرؤساء الذين يتم انتخابهم في الدور الأول، أي إنه بمجرد الحصول على الأغلبية النسبية حتى ولو كانت 10% من مجموع الناخبين فإن الرئيس يُعلَن فائزًا. إن دساتير بعض الدول الإفريقية مثل زامبيا نصَّت عند بداية اعتمادها النظام الديمقراطي على أن فوز المترشح لمنصب الرئيس يكون بالأغلبية النسبية، أما دول مثل مالاوي والكاميرون ورواندا فقد غيَّرت دساتيرها منذ تسعينات القرن الماضي لتعتمد على مبدأ الأغلبية النسبية القاضي بفوز المرشح الحاصل على أكثر عدد من المصوِّتين في الاقتراع مما يعني عدم اللجوء لدور ثان. أما توغو فقد تم تغيير دستورها سنة 2002 لينص على هذا المبدأ وحذت حذوها الغابون سنة 2003 وجمهورية الكونغو الديمقراطية سنة 2011(12). لعل سبب هذا الإجراء يعود إلى سهولة نجاح الرئيس المنتهية ولايته في شوط واحد متقدمًا على منافسيه ولو بنسبة ضئيلة. وهذا النمط الاقتراعي لا يخلو من إقصاء ومن غلق للفرص أمام المرشحين للرئاسة؛ فالنمط الانتخابي العادي والمطبَّق فيما عدا هذه الدول السبع يقضي بتنظيم دورتين انتخابيتين وهو ما يضمن التنافس وتحقيق المرشح الفائر لنيل أصوات أغلبية فعلية. 

وهنالك نمط انتخابي لا نجده إلا في القارة الإفريقية ومطبق بشكل خاص في نيجيريا، وهو أن يحصل المترشح للرئاسيات على الأغلبية المطلقة ويشترط أيضًا حصوله على نسبة 25% من الأصوات في ثلاثة أرباع محافظات البلاد البالغ عددها 36 محافظة. والهدف من هذا النمط الانتخابي هو الحد من الولاءات الجهوية والقبلية والدينية المسيطرة على جميع جهات نيجيريا(13). ونفس النمط مطبق في كينيا التي لابد للمرشح الرئاسي بها من الحصول على الأغلبية المطلقة بالإضافة إلى الحصول على نسبة 25% من المصوتين في 24 مقاطعة من مقاطعات البلاد البالغ عددها 47(14). 

ومن مظاهر الديمقراطية في إفريقيا عدم احترام نتائج التصويت والالتفاف على تلك النتائج كما حصل في زيمبابوي سنة 2008؛ حيث لم يفز الرئيس المنتهية ولايته حينها، روبرت موغابي، فلجأ إلى التفاوض مع المرشح الفائز، مورغان تسفانغراي، ومنحه منصب رئيس الوزراء(15). ومع غرابة هذا الإجراء الذي تم اعتماده في زيمبابوي فإنه حصل بنفس الطريقة وفي نفس السنة في كينيا؛ حيث خسر الرئيس المنتهية ولايته، مواي كيباكي، أمام منافسه، رايلا أودينغا، فجرت مفاوضات بينهما انتهت بالإبقاء على المرشح الخاسر رئيسًا للبلاد وتعيين المرشح الفائز رئيسًا للوزراء تمامًا كما حصل في زيمبابوي(16). 

وقد أعطت كوت ديفوار نموذجًا آخر في التعاطي مع نتائج الانتخابات الرئاسية، سنة 2010؛ حيث رفض الرئيس المنتهية ولايته والخاسر في الانتخابات، لوران غباغبو، النتيجة وأعلن نفسه خلال حفل رسمي رئيسًا للبلاد، في 4 ديسمبر/كانون الأول 2010، وفي نفس اليوم أعلن المرشح الفائز، الحسن واتارا، وفي حفل رسمي آخر، نفسه رئيسًا لتصبح البلد محكومة من طرف رئيسين لمدة خمسة أشهر قبل أن تتدخل فرنسا وتفرض فوز الرئيس، واتارا، ويتم اعتقال غباغبو وتسليمه لمحكمة العدل الدولية بلاهاي(17). 

وقد جسدت التجربة الغامبية مؤخرًا رفض الحاكم الإفريقي لنتائج الانتخابات؛ حيث تراجع الرئيس الخاسر يحيى جامي عن اعترافه بنتائج الاقتراع الذي تم في ديسمبر /كانون أول 2016 والذي فاز فيه آدمَا بارو، فتعقدت الأوضاع السياسية والأمنية في هذا البلد الإفريقي الصغير، وعلت أصوات بعض الدول الفاعلة في منظمة الإيكواس مطالبة باجتياح عسكري لغامبيا، مثل السنغال التي كانت تؤوي المرشح الفائز آدما بارو. وقد نجحت الوساطة التي قادها الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز معززًا بالرئيس الغيني ألفا كوندي إلى إعادة الوضع إلى مساره الطبيعي فتنحى جامي مُفسِحا المجال للرئيس الفائز بارو باستلام منصبه. 

ولا تقتصر الممارسة الديمقراطية الإفريقية على هذه النماذج والأنماط بل نجد بإفريقيا ما يمكن تسميته: "الديمقراطية بالتوريث"، كما حصل في جمهورية الكونغو الديمقراطية؛ حيث تولى جوزيف كابيلا الحكم بعد وفاة أبيه لوران كابيلا. وفي توغو، تولى إيسوزيما أياديما الحكم سنة 2005 بعد وفاة والده، غناسينغبي أياديما. وفي الغابون، تولَّى علي بونغو الحكم بعد وفاة والده، عمر بونغو. وكان المراقبون يتوقعون حصول نفس الإجراء في السنغال عندما أُشيع أن الرئيس السابق، عبد الله واد، كان يحضِّر ابنه، كريم واد، لخلافته في الرئاسة لكن السنغال، ذات التجربة الديمقراطية القديمة نسبيًّا، لم تسِرْ في هذا المنحى التوريثي(18). 

وهنالك جانب آخر وَسَمَ الحكمَ في إفريقيا؛ وهو بقاء الرئيس أطول مدة في الحكم حيث نلاحظ أن:

  • تيودورو إنغيما مباسوغو يتولى الحكم في غينيا الاستوائية منذ 1979 إلى اليوم.
  • خوسي إدواردو دوسانتوس يتولى الحكم في أنغولا منذ 1979 أيضًا إلى اليوم.
  • ديني ساسو إنغيسو تولى الحكم بجمهورية الكونغو من سنة 1979 إلى الآن (ما عدا خمس سنوات من 1992 إلى 1997).
  • بول بيا رئيس الكاميرون من 1982 إلى الآن.
  • يوري موسيفيني رئيس أوغندا من 1986 إلى اليوم.
  • روبرت موغابي رئيس زيمبابوي من 1987 على اليوم.
  • عمر حسن البشير رئيس السودان من 1989 إلى اليوم.
  • إدريس ديبي رئيس تشاد من 1990 إلى اليوم.
  • أسياس أفورقي رئيس إريتريا من 1993 إلى اليوم.
  • عبد العزيز بوتفليقة رئيس الجزائر من 1999 إلى اليوم.
  • إسماعيل عمر جيله رئيس جيبوتي من 1999 إلى اليوم.
  • بول كاغامي رئيس رواندا من 2000 إلى اليوم. 

وهذه الاستمرارية في الحكم، وإيجاد صيغ تبريرية لها سواء تعلق الأمر بتغيير النصوص التشريعية أو بتدبير انقلابات داخل القصر تتناقض جذريًّا مع وثيقة إعلان باماكو التي صادق عليها العديد من الدول الإفريقية وخصوصًا الدول الفرانكفونية في نوفمبر/تشرين الثاني 2000، والتي تنص النقطة الرابعة من بندها الثاني على أن "الديمقراطية تتنافى مع أي تغيير في النظام الانتخابي سواء أتم ذلك التغيير اعتباطًا أو خلسة؛ حيث لابد من مرور فترة زمنية مقبولة بين اعتماد التغيير وتنفيذه"(19). 

وقد جاءت القمة الإفريقية-الأميركية، في أغسطس/آب 2014، حين التأم جميع رؤساء القارة الإفريقية حول أوباما الذي أكد في خطابه الافتتاحي للمؤتمر، هو ووزير خارجيته جون كيري، على ضرورة احترام الدساتير الإفريقية، وضرورة تأمينها من كل من يريد المساس بها، وأن عدد العهدات الرئاسية ينبغي تحديده كما ينبغي فتح الباب أمام التداول السلمي للسلطة في إفريقيا(20). والواقع أن بعض الدول الإفريقية تعطي صورة أن فترة حكم رئيسها فترة غير محددة. ولا يخفى أن هذه الاستمرارية قد تكون مشجَّعة من طرف دوائر غربية ترى أن استمرارية هذا الرئيس أو ذاك في الحكم قد تكون أولى لمصالحها من استبدال رئيس آخر به. فعلى سبيل المثال، فإن رئيس رواندا، بول كاغامي، الذي يُنظر إليه على أنه رئيس وطني ساعد في توطيد الأمن ببلاده يعتبر بقاؤه مدة أطول في السلطة في نظر بعض الدوائر أمرًا ضروريًّا، في حين يُنظر إلى جاره الرئيس البوروندي، بيير نكورنزيزا، المتهم بتمديد عهدته الرئاسية أكثر من مرة، على أنه ديكتاتور دموي، ولا يرى الغرب أن له الحق في البقاء في السلطة. مع أن الفروق بين الرئيسين: الرواندي والبورندي، ضئيلة بل يكادان يكونان متشابهين(21). 

لكن الملاحظ أن أغلب الرؤساء الأفارقة الذين سعوا إلى تغيير دساتير بلادهم، حتى يتمكنوا من فترة رئاسية جديدة، نظَّموا جميعهم اقتراعات انتخابية وقد تُوِّجت تلك الاقتراعات بالمصادقة على التعديلات التشريعية المطلوبة، بل إن تلك الاقتراعات تمت في ظروف شفافة نسبيًّا، وقد لا يكون هنالك مطعن في طريقة الاقتراع وفي نتائج التصويت التي سمحت في النهاية بتغيير الدساتير وفتحت المجال أمام الرئيس للحفاظ على منصبه في ظروف دستورية "مشروعة" من الناحية الشكلية. مما يعني أن الشعب تمت استشارته وأنه أعطى موافقته على التعديلات المطلوبة، وأن بقاء الرئيس في السلطة لفترات رئاسية غير دستورية لم يكن غشًّا ولا خداعًا، بل جاء نتيجة "رغبة شعبية" واسعة، وجسَّد نتائج تصويت خال من أي شبهة. الواقع أن أغلب الانتخابات التي تتم في القارة الإفريقية تأتي وفق رغبة النظام الحاكم، فالشعب يريد بقاء الرئيس. فهذه إحدى مميزات الديمقراطية الإفريقية وهي أن التصويت يتم في ظروف انتخابية مقبولة لكن نتيجته تأتي في صالح الأنظمة وليس وفق ما يُظَنُّ أنه تطلعات الشعوب نحو التداول السلمي على السلطة. ولعل السبب في ذلك الاختلاف الواضح بين ساكنة الأرياف وساكنة المدن في إفريقيا، فضلًا عن أن تدخل الدولة العميقة (المخابرات والإدارة المحلية، واللوبيات المتنفذة) يؤثِّر في تصويت الطبقات الفقيرة خصوصًا أن أغلبية السكان توجد في الأرياف، وهي في الغالب تستجيب للتوجهات والتوجيهات العامة التي يريدها النظام الحاكم في حين تأتي نتائج الاقتراع في المدن الكبيرة في صالح أحزاب المعارضة. ويذهب أغلب المحللين إلى أن انتشار الأمية في الأرياف والقرى الإفريقية عامل مساعد في تمرير السلطات المحلية للكثير من القرارات الانتخابية دون عراقيل كثيرة(22). 

ومن بين هذه التحديات المزمنة والبنيوية التي تعرفها الديمقراطية في إفريقيا يأتي إعداد اللائحة الانتخابية أو لائحة المصوِّتين على رأس القضايا المطروحة؛ فالحالة المدنية، أي الأوراق الثبوتية من شهادة ميلاد وشهادة جنسية وبطاقة تعريف وطنية وجواز سفر كلها أمور مطروحة في أغلب الدول الإفريقية. ففي غياب إحصاءات شاملة، وفي غياب حالة مدنية تؤمِّن للساكنة أوراقهم الثبوتية تظل عملية الاقتراع بعيدة من المصداقية وما ينبغي أن يكون. ولعل من أبرز تداعيات ضعف الحالة المدنية في إفريقيا ما حدث في الانتخابات الرئاسية في النيجر حيث تم التصويت أحيانًا عن طريق الشهادة على الهوية؛ حيث يأتي الناخب لمكتب التصويت دون أية وثائق تثبت هويته لكنه يأتي معه بشهود على أنه فلان الفلاني، ويقبل المكتب أقوال الشهود ويسمح لذلك المواطن بالتصويت. وقد أصبح التصويت بعد إثبات الهوية عن طريق الشهود قضية رأي عام خلال رئاسيات فبراير/شباط 2016 في جمهورية النيجر، وقد أعلنت أحزاب المعارضة رفضها للمبدأ على الرغم من اعتماده أكثر من مرة وفي أكثر من استحقاق انتخابي في هذا البلد الإفريقي(23). 

الديمقراطيات الإفريقية: مكاسب وحصيلة 

توجد في أغلب، إن لم نقل: في كل الدول الإفريقية التي تتخذ من النظام التعددي أسلوبًا في الحكم، لجانٌ مستقلة تشرف على الانتخابات، وهي لجان يتم تشكيلها عادة وفق تفاهمات بين الأنظمة الحاكمة وأحزاب المعارضة مع إشراك منظمات المجتمع المدني. وحسب شهادات عديدة فإن هذه اللجان مستقلة فعلًا وتعمل غالبًا في جو من حرية التصرف والعمل مما يعطيها مصداقية. ولا شك في أن وجود هذه اللجان المستقلة المشرفة على الانتخابات في الدول الإفريقية يقلِّل من إمكانية الغش والتزوير. 

ولعل من أبرز ما طبع الانتخابات الرئاسية في العديد من الدول الافريقية مؤخرًا هو اعتماد بطاقة الناخب الموحدة، أي تلك البطاقة التي تجمع أسماء وشعارات جميع المرشحين مع خانة أمام كل مرشح تسمح للناخب بالتوقيع أو البصم أمام اسم مرشحه. وقد كان المعتمد في الاقتراعات السابقة بطاقة انتخابية لكل مرشح إلا أن هذا الإجراء تم إلغاؤه في الكثير من الدول الإفريقية لتحل محله البطاقة الموحدة. في بدايات تسعينات القرن الماضي، وحين كان الإجراء المعتمد هو بطاقة اقتراع لكل مرشح رئاسي، كانت حملات مرشحي الرئاسة في إفريقيا تشتري أصوات الناخبين حيث تشترط على كل ناخب أن يقدِّم لحملة المرشح جميع بطاقات المرشحين ما عدا مرشح تلك الحملة، فإذا جاء بتلك البطاقات يتم الدفع له لأن إدارة الحملة تكون قد تأكدت أن بطاقة مرشحها هي التي أُدخلت في صندوق الاقتراع. فجاء اعتماد بطاقة الاقتراع الموحدة والتي تضم أسماء جميع المرشحين لتضع حدًّا للكثير من التلاعب والتزوير وشراء الأصوات(24). 

وقد وضعت ثورة الاتصال وما صاحبها من انتشار للهواتف الذكية حدًّا للكثير من التلاعب بنتائج الانتخابات في إفريقيا، حيث أصبح اصطحاب هذه الهواتف في مكاتب الاقتراح من طرف ممثلي المرشحين لأي استحقاق انتخابي وسيلة لضمان نقل نتائج فرز أي مكتب تصويت وإبلاغ هذا المرشح أو ذاك بنتائجه قبل إعلانها الرسمي. وهذا ما جعل الهواتف الذكية وسيلة لنقل المعلومات الدقيقة عن كل انتخاب مما يجعل التلاعب بالنتائج وتعديلها شبه مستحيل. فبإمكان كل مرشح أن يعيِّن مُمَثِّلًا له في كل مكتب انتخابي وبإمكان هذا المُمَثِّل نقل نتائج الفرز التي تتم أمامه فور انتهاء إحصاء الأصوات بالصوت والصورة. وهذا ما حصل مثلًا في رئاسيات كوت ديفوار، سنة 2015؛ حيث أنشأت منظمات المجتمع المدني في تلك الدولة ما بات يُعرف بـ"منصة مراقبة الانتخابات في كوت ديفوار"، وهي عبارة عن هيئة مدنية غير رسمية أشرفت على عملية التصويت على جميع التراب الإيفواري عن طريق الهواتف الذكية، وتم نقل نتائج الانتخابات مباشرة كما تم إحصاء نتائج تسعة عشر ألف مكتب اقتراع بعد ثلاث ساعات من انتهاء التصويت، وعُرف أن الحسن واتارا هو الفائز قبل إعلان اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات عن تلك النتائج. وكانت النتائج التي حصلت عليها هذه المنصة مطابقة للنتائج التي أُعلنت من اللجنة الوطنية لمراقبة الانتخابات. واللافت للأمر أن القائمين على المنصة أبلغوا وسائل الإعلام أنهم يحتفظون بجميع النتائج وأنه في حالة ما إذا أعلنت اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات بكوت ديفوار عن نتائج مغايرة فإنهم سيعلنون رسميًّا عن النتائج التي حصلوا عليها. وقد كان في هذا التصريح ضغط إيجابي ورقابة مفيدة على هذه اللجنة التي أعلنت نتائج الفرز كما وصلتها فجاءت متطابقة إلى حدٍّ كبير مع النتائج التي حصلت عليها المنصة الرقمية. وعلى الرغم من أن هذه المنصة كان تمويلها أجنبيًّا، وفي أغلبه أميركي، إلا أن ذلك لم يمنع عملها من أن يكون شفافًا(25). 

وفضلًا عن استغلال الهواتف الذكية في الانتخابات في بعض الدول الإفريقية فقد تم استعمال القارئ البيومتري، وهو ما حصل في آخر انتخابات رئاسية في نيجيريا وفي كوت ديفوار سنة 2015 وفي غانا سنة 2016. ويسمح القارئ البيومتري، عندما يضع الناخب سبابته عليه، بمعرفة ما إذا كان قد صوَّت مرة أم لا. فهذا الجهاز يضمن عدم تكرار التصويت أكثر من مرة واحدة(26). 

وعمومًا، فإن الأنماط الانتخابية المعتمدة في إفريقيا تعطي، رغم ما يشوبها من شوائب، صورة عن المرحلة التي وصلها تطبيق الديمقراطية في القارة الإفريقية وتنزيلها على واقع الشعوب والدول. ولعل من أبرز المظاهر في هذه الديمقراطية، وخصوصًا عند الحديث عن الحملات الانتخابية غياب البرامج السياسية التي تعكس الخلفية الأيديولوجية؛ حيث لا نجد اتجاهات يمينية وأخرى يسارية كما هي الحال في الديمقراطيات الغربية، بل إن الاصطفافات العِرقية أو القبلية أو المناطقية كثيرًا ما تظهر في هذا الاستحقاق الانتخابي الإفريقي أو ذاك. فقد ظهر ذلك في الكونغو الديمقراطية وفي كوت ديفوار سنة 2015. وفي نيجيريا، ظهر التصويت على أساس عِرقي ومناطقي عندما تنافس فودلاك جاناتان ومحمدو بخاري سنة 2015. ولعل هذا الاستنتاج المتعلق بتعثر الديمقراطية في إفريقيا يجعلنا نتذكر ما قاله البروفيسور، برتران بادي، في كتابه "الدولة المستورَدة" من: "أن التغريب القسري ينتج النظام لكنه ينتج أيضًا الفوضى؛ لأنه يفرض قواعد عالمية دون أن يفرض فعاليتها؛ فالتغريب إفصاح عن توحيد العالم من دون تحقيق توحيد معاني هذا العالم(...)، وربما باستثناء اليابان فإن هذا التغريب فشل لاستحالته. ويعكس هذا الفشل إلى حدٍّ كبير تطور العالم المعاصر منذ سنة 1945"(27). والسؤال الجوهري الذي طرحه برتران بادي في كتابه "الدولة المستورَدة" هو: هل نموذج الدولة قابل للاستيراد؟ وهو سؤال يطرح نفسه بإلحاح على المهتم بقضايا الدولة والحكم والديمقراطية في القارة الإفريقية. 

خاتمة 

إن الحكم على الحالة الديمقراطية في إفريقيا حكم صعب ويطرح الكثير من الإشكالات المعقدة. فالديمقراطية في إفريقيا ما زالت بعيدة عن النموذج الغربي، فاستنبات الديمقراطية في البيئة الإفريقية ظل مشوبًا بالكثير من الشوائب. ولعل السؤال الذي طرحة البروفيسور الكاميروني والمفكِّر، آشيل إمبيمبي، حول الموضوع يبقى سؤالًا مهمًّا، وهو: هل يعكس فشل الديمقراطية في إفريقيا عدم قدرة الغرب على تصدير "نموذجه في الحكم" أم إلى عدم نضج الأفارقة؟ ويذهب إمبيمبي إلى أن للأفارقة ثقافة عريقة في الشورى تُعرف باسم "شجرة الاتفاق العُرفي"، وهي تحيل إلى مكان يتم فيه تبادل وجهات النظر بين رجال القرية، فهي بهذه المعنى جزء من منظومة تدبير الشأن العام. وتختلف الثقافات الإفريقية حول فكرة المساواة أو عدمها لكنها ترفض على العموم فكرة الإقصاء. وقد تمهِّد هذه الممارسات الثقافية، إذا أُخذت في الاعتبار، الطريق لأنماط مؤسسية قادرة على "أقلمة" الديمقراطية في البيئة الإفريقية. والسؤال ليس ما إذا كان الأفارقة قادرين على استيعاب الديمقراطية، ولكن السؤال هو: كيف نُؤَسِّس بشكل هادئ وحصيف نُظمَ تداول اجتماعي تتوافق وتقاليد المجتمع وذاكرته؟ والتدافع السياسي في إفريقيا الآن هو لعبة محصِّلتها صفر حيث الفائز يفوز بكل شيء والخاسر يخسر كل شيء(28).

_________________________________

د. سيدي أحمد ولد الأمير - باحث بمركز الجزيرة للدراسات، مسؤول وحدة الدراسات الإفريقية.

نبذة عن الكاتب

مراجع

1 - Martin Meredith, The State of Africa: A History of Fifty Years of Independence (Johannesburg: Jonathan, Ball, 2005), p. 368-69.

2 – تُعرِّف مؤسسة "فريدوم هاوس" مفهوم الحرية في الدول بأنه احترام الحقوق السياسية والمدنية. أما الحرية النسبية في الدول فتعني عند هذه المؤسسة أن الدولة تعاني من فساد ورشوة، دون أن يكون بها إخلال تام بالحريات العامة، كما قد تعاني من صراعات عِرقية أو دينية، وفي الغالب يعتمد النظام السياسي فيها على حزب حاكم مهيمن على الساحة السياسية مع وجود معارضة غالبًا ما تكون مهمشة. أما الدول التي تنعدم فيها الحرية فهي الدول التي يوجد بها اضطهاد وتسلط وانعدام الحريات المدنية. انظر موقع "فريدوم هاوس"، تم التصفح في 8 مارس/آذار 2017:

https://freedomhouse.org/sites/default/files/FH_FIW_2017_Report_Final.pdf

3 - Voir QUANTIN, Patrick., les élections en Afrique: Entre rejet et institutionnalisation, Bordeaux, Centre d’Étude d’Afrique Noire/I.E.P. de Bordeaux, 2000, p. 2.

4 - Thomas Nagel, Secular Philosophy and the Religious Temperament: Essays 2002–2008 (New York: Oxford University Press, 2010), p. 113.

5 - Quoted in Fareed Zakaria, The Future of Freedom (New York: W.W. Norton and Company, 2003), p. 18–19.

6 – See: Elections in Africa, in Africa Research Institute (visited in 8 March 2017):

http://www.africaresearchinstitute.org/newsite/blog-sticky/2017-elections-africa/

7 – Voir: Christophe Boisbouvier, le s élections à venir en Afrique en 2016 : la carte pour tout comprendre, dans Jeune Afrique, visité le 8 mars 2017:

http://www.jeuneafrique.com/mag/284560/politique/carte-elections-a-venir-afrique-cest-lalternance/

8 - Voir: Philippe Marchesin , Démocratie et développement, Tiers-Monde, Année 2004, Volume 45, Numéro 179, pp. 487-513.

9 - Voir: Claude Arditi, Tchad: chronique d'une démocratie importée, Journal des anthropologues, Année 1993, Volume 53, Numéro 1, pp. 147-153.

10 Voir: André-Michel Essoungou, Elections en Afrique : entre progrès et reculs (Visité le 11 mars 2017):

http://www.un.org/africarenewal/fr/magazine/ao%C3%BBt-2011/elections-en-afrique-entre-progr%C3%A8s-et-reculs

11 - Présidentielles en Afrique : comment ça va, la démocratie? in The conversation (visité le 10 mars 2017):

http://theconversation.com/presidentielles-en-afrique-comment-ca-va-la-democratie-71747

12 – le s élections présidentielles africaines sont-elles crédibles? Par Christian Bouquet*, The Conversation.com (visité le 9 mars 2017):

http://afrique.lepoint.fr/actualites/les-elections-presidentielles-africaines-sont-elles-credibles-05-07-2016-2052087_2365.php

13 - Nigeria: Election Laws, (Visited 8 mars 2017):

https://www.loc.gov/law/help/nigeria-election-law/index.php

14 - The Kenya Electoral System, in Justice.gov.com (visité le 10 mars 2017):

http://www.justice.gov.za/alraesa/conferences/nam2011/kenya.pdf

15 Chris McGreal, Zimbabwe elections: Power-sharing talks between Mugabe and Tsvangirai reach critical stage, The Guardian, (visited 11 mars 2017):

https://www.theguardian.com/world/2008/aug/11/zimbabwe.economics

16 - Mark Tran, Kenya's leaders agree power-sharing deal, The Guardian, (visited 10 mars 2017)

https://www.theguardian.com/world/2008/feb/28/kenya

17 - Voir: Laurent Bigot, Côte d’Ivoire : mais qui a gagné la présidentielle de 2010? (Visité le 9 mars 2017):

http://www.lemonde.fr/afrique/article/2016/05/27/cote-d-ivoire-mais-qui-a-gagne-la-presidentielle-de-2010_4927642_3212.html

18 Voir: François Soudan, Fils de président : dans l’ombre du père, Jeune afrique, (Visité le 6 mars 2017):

http://www.jeuneafrique.com/135092/politique/fils-de-pr-sident-dans-l-ombre-du-p-re/

19 – انظر: إعلان باماكو في موقع منظمة الفرانكفونية، (تم التصفح في 1 مارس/آذار 2017):

http://www.francophonie.org/IMG/pdf/Declaration_Bamako_2000_modif_02122011.pdf

20 See: Ambassador Johnnie Carson, US-Africa Summit: an unexpected success for Obama’s foreign policy, African Arguments, (visité le 5 mars 2017):

http://africanarguments.org/2014/08/28/us-africa-summit-a-success-for-the-obama-foreign-policy-by-ambassador-johnnie-carson/

21 - Voir: François Soudan, Paul Kagame: "Le Rwanda est une démocratie, pas une monarchie", Jeune Afrique, (visité le 8 mars 2017):

http://www.jeuneafrique.com/mag/315233/politique/paul-kagame-rwanda-democratie-monarchie/

22 - Pascal Musulay MUKONDE, Démocratie électorale en Afrique subsaharienne Entre droit, pouvoir et argent, Genève : Globethics.net, 2016, p 111.

23 Voir: le vote par témoignage fait polémique avant la présidentielle , Jeune Afrique, (visité le 12 mars 2017):

http://www.jeuneafrique.com/303200/politique/niger-le-vote-par-temoignage-fait-polemique-avant-la-presidentielle/

24 - voir: Andrew Reynolds et Ben Reilly, La Conception des Systèmes Électoraux, document pdf, (visité le 12 mars 2017):

http://www.eods.eu/library/IDEA.Electoral%20Systems%20Design%20FR.pdf

25 – انظر موقع "منصة مراقبة الانتخابات في كوت ديفوار"، (تم التصفح في 9 مارس/آذار 2017):

https://poeci-elections.org/

26 - See: Alan Gelb and Anna Diofasi, Elections in Poor Countries: Wasteful or a Worthwhile Investment? 8/17/16, (visited 9 march 2017):

https://www.cgdev.org/sites/default/files/biometric-elections-poor-countries-wasteful-or-worthwhile-investment.pdf

27- A - Voir: Bertrand Badie, Etat importé occidentalisation de ordre politique, Fayard, 1992, p 315.

28 - 28 - Voir: le Monde Idées, le s Africains sont-ils mûrs pour la démocratie? Entretien avec Achille Mbembe, professeur d'histoire. (Visité le 2 Mars 2017)

http://www.lemonde.fr/idees/article/2011/10/17/les-africains-sont-ils-murs-pour-la-democratie_1589023_3232.html#8EZvCtzDsoiC3K6C.99