الاتحاد الأوروبي وحل "دولة الأمر الواقع الواحدة"

إن إعلان ترامب القدس عاصمة لإسرائيل يقوم على حل من خارج المسار السياسي الذي شهدته المنطقة منذ أوسلو، ويبني على ما صنعته إسرائيل من حقائق على أرض الواقع، أي دولة الأمر الواقع الواحدة، دولة إسرائيل فقط دون الاكتراث بحقوق الفلسطينيين بدولتهم وأرضهم.
28 يناير 2018
274bf7a6ff014f519bb3757ab22bab77_18.jpg
(الجزيرة)

ملخص 

الإعلان الذي أصدره الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بخصوص القدس، الأربعاء 6 ديسمبر/كانون الأول 2017، واعتبارها عاصمة لإسرائيل لم يشكِّل ضربة للشعب الفلسطيني وسلطته فقط، بل مثَّل ضربة قوية للاتحاد الأوروبي وسياساته بخصوص الصراع العربي-الإسرائيلي. وقد جاء هذا الإعلان بناء على رؤية متكاملة لحل هذا الصراع لمصلحة إسرائيل على حساب الحقوق الفلسطينية التاريخية. وهذا الحل أصبح يسمى في الدوائر الغربية رؤية "دولة الأمر الواقع الواحدة" One State Reality

والمراهنة على القوى الدولية الكبرى منفردة، بما فيها الاتحاد الأوروبي، يعتبر رهانًا خاسرًا. فالاتحاد الأوروبي يواجه معضلات بنيوية وإدارية وسياسية تمنعه من القيام بدور الراعي البديل للولايات المتحدة الأميركية كما تمنعه من التصدي لهذه الرؤية الأميركية منفردًا. ورغم ذلك، تبقى المراهنة على توحيد القوى الفلسطينية والخروج برؤية جديدة تناسب الواقع الجديد والانطلاق بها نحو تحشيد الطاقات الإقليمية والدولية لإيجاد حل منسجم مع القرارات الدولية.

معالم الرؤية الأميركية الجديدة

تقوم عناصر هذا الحل الأميركي الجديد بشكل أساسي على رؤية غير تقليدية، تلغي الاعتبارات السابقة التي تتعلق بالقرارات الدولية بخصوص الصراع العربي-الإسرائيلي، وتعطي بدلًا من ذلك كل الاعتبار لمصلحة إسرائيل وما يناسبها من حلول، وما تفرضه من وقائع على الأرض.

وعليه، فإنه يصح القول: إن الولايات المتحدة الأميركية قد انسحبت من عملية السلام بشكلها الحالي، ولكنها لم تنسحب من مسألة إيجاد حل نهائي لهذا الصراع. بل قررت التدخل بصورة فعَّالة وخشنة لفرض هذا الحل الذي أصبح يسمى في الدوائر الغربية (1) One State Reality "دولة الأمر الواقع الواحدة". أي إن هناك دولة قائمة على أرض الواقع، هي إسرائيل، ولا توجد إمكانية لقيام دولة أخرى. وتُحل مشكلة الفلسطينيين ضمن هذا التصور، بمنحهم حُكمًا ذاتيًّا موسعًا في بعض الأماكن من الضفة الغربية، ولكن بالمقابل تُضم المستوطنات والقدس الموحدة إلى إسرائيل (وهذا ما صوَّت عليه حزب الليكود الحاكم في إسرائيل، يوم الأحد 1 يناير/كانون الثاني 2018). وبالتالي، لا عودة لأي لاجئ فلسطيني. وأما فيما يتعلق بقطاع غزة فيكون التعامل معه بشكل منفصل عن الضفة الغربية، وقد يُلحَق بسيناء، كما يروج في بعض الأوساط ويصبح تحت السيادة المصرية. ورغم أن هذا الحل قد يجعل إسرائيل تبدو كدولة نظام عنصري إلا أن هذا الأمر على ما يبدو لا يزعج إسرائيل ولا الولايات المتحدة كثيرًا، خاصة إذا وُقِّع الاتفاق على هذا الحل مع بعض الدول العربية الكبرى في المنطقة مثل المملكة العربية السعودية ومصر، كما يتردد كثيرًا هذه الأيام.

ورغم أن هذا القرار الأميركي يُعتبر تجاوزًا للقرارات الدولية في هذا الشأن، مثل قرار مجلس الأمن 242 و 338، وغيرها من القرارات المتعلقة بالقضية الفلسطينية ووضع القدس، فقد برَّر ترامب قراره بأنه لم يغير شيئًا من الواقع واعتمد على الحقائق على الأرض؛ حيث إن مقر الحكومة الإسرائيلية ووزاراتها وبرلمانها موجود في القدس، وعليه فإن قراره بالقدس عاصمة لإسرائيل لا يغيِّر شيئًا بل يعترف بما هو قائم فعلًا (2). وهو بهذا يعطي شرعية وحقًّا للقوة وما تمليه من حقائق على الأرض، ويلغي قوة الحق وما يسندها من قرارات وقوانين دولية. وهذا التوجه ينسف الأسس التي قامت عليها اتفاقية أوسلو (عام 1993)، والتي كانت برعاية أميركية.

وإذا كانت هذه الرؤية الأميركية الجديدة قد ابتدأت بحسم أهم وأخطر مواضيع التفاوض بين الجانبين، الفلسطيني والإسرائيلي، فإنه من الأسهل عليها حسم مواضيع أخرى أقل حساسية في العالم الغربي من موضوع القدس وهو موضوع اللاجئين وإزالة المستوطنات والعودة إلى حدود عام 1967، وغيرها من القضايا التي كان يجرى التفاوض حولها طيلة العقود الثلاثة الماضية. فبنفس منطق الاعتراف بالواقع، فإن المطالبة بعودة ستة ملايين لاجئ إلى فلسطين التاريخية يعتبر ضربًا من الخيال. وكذلك الأمر بالنسبة لإزالة المستوطنات التي أصبحت مدنًا كاملة وتحتل مساحات كبيرة من الضفة الغربية بل وترتبط ارتباطًا وثيقًا بدولة الاحتلال اجتماعيًّا واقتصاديًّا وسياسيًّا.

وهكذا، فإنه بعد إعلان ترامب أصبح حل الدولتين في مهب الريح. ورغم أن هذا الحل في السنوات العشر الأخيرة كان يُحتضَر بل وشبه مستحيل التحقيق عمليًّا بفعل الوقائع التي تخلقها إسرائيل على الأرض عن طريق بناء مستوطنات جديدة وتوسيع ما هو قائم منها، وهو ما صرَّح به كثير من الساسة الغربيين بمن فيهم جون كيري، وزير الخارجية الأميركي السابق (3)، إلا أن حل الدولتين بقي قائمًا من الناحية النظرية على الأقل. بل وبقي هذا الحل هو السياسة الرسمية المعتمدة لدى الدول الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية إلى ما قبل انتخاب دونالد ترامب.

ومن هنا، فقد جاء الإعلان الأخير للرئيس الأميركي ليقول ما لم يجرؤ أحد من السياسيين الغربيين على قوله وهو الفشل التام في خيار حل الدولتين، وأن هذا الحل لم يعد موجودًا على الطاولة، وأن حلًّا آخر جرى تبنيه من قبل الإدارة الأميركية الجديدة والعمل جار على تنفيذه على أرض الواقع.

الرهان على قوى دولية للحفاظ على حل الدولتين

إذا استعرضنا الساحة الدولية فإننا نجد أنه لا توجد أية قوة حقيقية في العالم قادرة بمفردها على مواجهة وتحدي الإدارة الأميركية فيما يتعلق بالصراع العربي-الإسرائيلي. فالصين التي تحاول أن تظهر على الساحة الدولية كقوة كبرى مشغولة بملفات داخلية كثيرة، من قبيل محاربة الفساد والتلوث ورفع مستوى المعيشة لسكانها المليار وأربعمئة مليون إنسان، وتحقيق رؤية الزعيم الصيني، تشي بينغ، ببناء دولة اشتراكية حديثة (4). وعليه، فإن السياسة الخارجية والتدخل بملفات شائكة لا يحظى بأولوية في الوقت الحالي.

وكذلك الحال بالنسبة لروسيا، فقد مضى وقت طويل عندما كانت قوة دولية كبرى تستطيع تحدي الإدارة الأميركية في ملفات مختلفة. فالناتج القومي لروسيا اليوم أقل بقليل من الناتج القومي لولاية نيويورك الأميركية (5). فهي أضعف من أن تشكِّل بذاتها عنصرًا رادعًا للولايات المتحدة وسياساتها في المنطقة.

أما بخصوص الاتحاد الأوروبي، فرغم العلاقات الاقتصادية والسياسية والعسكرية الوثيقة بالولايات المتحدة، ورغم أنه يقارب الولايات المتحدة من حيث القوة الاقتصادية (6) إلا أنه لا يدانيها من حيث القوة السياسية وتأثيرها في العالم، وخاصة الشرق الأوسط. وبالتالي، فإن الاتحاد الأوروبي لا يستطيع أن يلعب دورًا أكبر من الدور الذي يلعبه الآن.

الاتحاد الأوروبي وتعاطيه مع هذه الرؤية الجديدة

ما فهمته القوى الدولية المختلفة وعلى رأسها الاتحاد الأوروبي، من إعلان الرئيس الأميركي هو أن الأمر يتعدى مسألة القدس ومكانتها ليشكل رؤية جديدة تتناقض كليًّا مع الرؤية التي بنى عليها الاتحاد الأوروبي سياسته تجاه المنطقة على مدى سنوات طويلة، والتي تنسجم مع القوانين الدولية وقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن.

فالاتحاد الأوروبي أقام سياسته تجاه الصراع العربي-الإسرائيلي على قاعدة حل الدولتين منذ عقود. وهو يعتبر أن حل هذا الصراع مصلحة أساسية للاتحاد الأوروبي، وجوهر هذا الحل يقوم على إيجاد دولة فلسطينية ديمقراطية مستقلة وقابلة للحياة، تعيش بسلام جنبًا إلى جنب مع إسرائيل والدول المجاورة، وأن المفاوضات هي السبيل الأمثل لتحقيق ذلك (7). وبخصوص القدس تحديدًا، فقد اعتبرها الاتحاد الاوروبي العاصمة المستقبلية لكلتا الدولتين.

وقد استثمر الاتحاد الأوروبي خلال العقود الماضية الكثير من الجهد والوقت والمال في سبيل تحقيق هذه الرؤية. وهو يعتبر أكبر داعم مالي للفلسطينيين، حيث تبلغ قيمة المساعدات التي تقدمها المفوضية الأوروبية والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي مليار يورو سنويًّا (8). وكان للاتحاد الأوروبي دور أساسي في بناء مؤسسات السلطة الفلسطينية على طريق بناء دولة مستقلة، وموَّل الكثير من المشاريع الحيوية في الضفة الغربية وقطاع غزة لتحقيق هذه الرؤية.

ورغم ذلك، فإن الاتحاد الأوروبي لا يستطيع بمفرده أن يتصدى للرؤية الأميركية الجديدة. ولعل أهم هذه الأسباب هو طبيعة وتركيبة الاتحاد الأوروبي نفسه؛ فالاتحاد الأوروبي في أصل تكوينه وُجِد ليمثل حالة من التنسيق بين الدول الأعضاء لا ليكون دولة مركزية تحل محل الدول ذات السيادة. وهذا الأمر هو ما يُضعف الاتحاد ويحول دون أن يكون قوة سياسية كبيرة على الساحة الدولية، مثل الولايات المتحدة الأميركية.

ومن الأسباب الأخرى التي تضعف الاتحاد الأوروبي في سياسته الخارجية هو آلية اتخاذ القرار؛ فالآلية تقتضي موافقة كل الأعضاء الثمانية والعشرين على أية قرارات تتخذها المفوضية الأوروبية، الجهاز التنفيذي للاتحاد، تجاه أية قضية من القضايا. وعندما يتعلق الأمر بالنسبة لإسرائيل، فإن الأمر يصبح بالغ الصعوبة لاتخاذ أي قرار قوي ضدها. وذلك لأن دولًا في أوروبا الشرقية، مثل: بولندا وهنغاريا وسلوفاكيا والتشيك لديها علاقات قوية مع إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية، ولديها القدرة على إفشال أو إضعاف أي قرار يمكن للمفوضية الأوروبية أن تتخذه. وقد برز هذا في محطات كثيرة في السنوات الأخيرة، ولعل اللقاء الذي جمع بين قادة هذه الدول وبنيامين نتنياهو في إسرائيل، في التاسع عشر من شهر يوليو/تموز 2017، وما نتج عنه من تصريحات هجومية ضد سياسات الاتحاد الأوروبي بخصوص إسرائيل، خير مثال على ذلك (9).

إضافة إلى ذلك، فإن الاتحاد الأوروبي الآن يمر في حالة جمود وانكماش، إن جاز التعبير، وخاصة بعد قرار المملكة المتحدة الخروج من الاتحاد؛ فبريطانيا كانت تشكِّل واحدة من الدول الكبرى المؤثِّرة في قرارات الاتحاد الأوروبي وتسهم بشكل فعَّال بمساهماتها المالية وفي الأمور الدفاعية وصياغة القرارات التي يصدرها الاتحاد. وأصبح الآن همُّ بريطانيا هو معالجة تداعيات الخروج من الاتحاد وتبعاته الكثيرة، والتي لم يكن أحد يتوقع حجمها وتأثيرها على مستقبل البلاد، سواء على الصعيد السياسي ومكانتها الدولية أو الصعيد الاقتصادي والاجتماعي وحرية الحركة والتنقل أو غيره من الصعد.

وبخروجها، فإن الاتحاد سيرتكز على ألمانيا وفرنسا كقوتين مركزيتين فيه. ولكن لكل من هاتين الدولتين مشاكلهما الخاصة بهما؛ فالمستشارة الألمانية، ميركل، قد ضعف موقفها السياسي في الانتخابات الأخيرة رغم فوزها، حيث تعتبر النتيجة التي حصل عليها حزبها أكبر خسارة له منذ عام 1949 (10). وقد تمكَّن اليمين المتطرف من دخول البرلمان، البوندستاغ، لأول مرة منذ خمسة عقود. وهي إلى الآن بعد مضي أربعة أشهر على الانتخابات لم تتمكن من تشكيل حكومتها. وعليه، فإن هذه التحديات الداخلية حتمًا ستُضعف قدرة ألمانيا على قيادة الاتحاد لتبني سياسات أكثر قوة وصرامة تجاه إسرائيل، حتى لو أرادت. والحقيقة الأخرى التي تُضعف ألمانيا عندما يتعلق الأمر بإسرائيل هي عقدة الذنب التي تسيطر على الساسة الألمان بسبب تاريخ ألمانيا النازية تجاه اليهود.

فلهذه الأسباب، لا يمكن للاتحاد أن يتصدى للسياسات الأميركية تجاه الصراع في المنطقة. وأقصى ما يمكن للاتحاد الأوروبي أن يقدمه للسلطة الفلسطينية هو "اقتراح إبرام "اتفاق شراكة" بين الاتحاد والسلطة الفلسطينية، مثل الاتفاق الموقَّع مع إسرائيل أو كوسوفو" (11)، كما أفادت بذلك مصادر دبلوماسية غربية أثناء زيارة الرئيس الفلسطيني أبومازن إلى بروكسل ولقائه وزراء الاتحاد الأوروبي الثمانية والعشرين.

وبناء على هذا التحليل للتصور الأميركي الجديد، يصبح الحديث عن راع جديد لعملية السلام القائمة لا معنى له. فلا روسيا ولا الاتحاد الأوروبي ولا الأمم المتحدة منفردين يمكن أن يشكِّلوا راعيًا بديلًا للراعي الأميركي. وهذا ما صرَّحت به فيديريكا موغريني، الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمن في المفوضية الأوروبية، حيث قالت في مؤتمر صحفي في اليوم التالي لإعلان ترامب حول القدس، 7 ديسمبر/كانون الأول 2017، ردًّا على سؤال إن كانت الولايات المتحدة ما زالت أحد أطراف عملية السلام، قالت إنها ما زالت تعتقد أن دور الولايات المتحدة في إعادة إطلاق المفاوضات حيوي وأساسي (12).

مستقبل "عملية السلام"

فعملية السلام الحالية ستبقى قائمة من الناحية النظرية، وسيبقى الحديث عنها مستمرًّا سواء من قبل السلطة الفلسطينية أو من الاتحاد الأوروبي أو الدول الأخرى. فالحديث عن بقائها يغني الجميع عن عناء الحديث عن بدائل لها.

فبالنسبة للسلطة الفلسطينية، فإن الحديث عن إسقاط حل الدولتين يعني إنهاء السلطة القائمة في الضفة الغربية، ويعني كذلك ضرورة البحث عن بدائل وخيارات لها أثمانها الباهظة على الصعيدين، المحلي والدولي. ولهذا كانت ردَّة الفعل الفلسطينية الرسمية لا ترقى إلى التخلي عن هذا المسار بل كانت محاولة ممارسة ضغط على الولايات المتحدة للعودة إلى هذا المسار.

وأما بالنسبة للاتحاد الأوروبي، فإن التمسك بخيار حل الدولتين من الناحية اللفظية على الأقل، يُغني عن مواجهة السؤال الكبير: ما البديل؟ والحقيقة أن البدائل محدودة جدًّا؛ فهي إمَّا حل الدولة الديمقراطية الواحدة لكل سكانها العرب واليهود بحقوق متساوية، وبهذا تنتهي إسرائيل كما نعرفها اليوم، وهو أيضًا ما ترفض إسرائيل حتى الحديث حوله. والبديل الآخر هو حل "دولة الأمر الواقع الواحدة"، وهي الرؤية الأميركية الجديدة.

وعلى الرغم من عدم رغبة الاتحاد الأوروبي بتبني هذا الحل لمعارضته للقوانين والأعراف الدولية بل وسياسته التي تبنَّاها لفترة طويلة من الزمن، إلا أنه لا يستطيع مقاومته بعد أن اكتسب الدعم الأميركي الكامل، للأسباب التي ذكرناها آنفًا. ولهذا، سيبقى الاتحاد يتغنى بحل الدولتين العقيم ريثما يتم فرض الحل الأخير على الجميع. وإذا صح الحديث عمَّا يسمُّونه "صفقة القرن" بين أميركا وإسرائيل وبعض الدول العربية الكبرى وبعض القادة الفلسطينيين، فإن الاتحاد الأوروبي لن يكون ملكيًّا أكثر من الملك، كما يقولون، وسيرضى بما ترضى به القيادة الفلسطينية والدول العربية.

وفي ظل ضعف فلسطيني شديد وتمزق لم يسبق له مثيل بين القوى الفلسطينية الأساسية وعدم الاتفاق على رؤية موحدة لمشروع التحرير، فإن الخيارات تبقى ضعيفة وقليلة. ولا شك في أن اتفاقًا حقيقيًّا بين مختلف الفصائل والقوى الفلسطينية على مشروع جديد للدفاع عن قضيتهم ثم العمل على تحشيد الطاقات والقوى الإقليمية والدولية، سيسهم في الحفاظ على بعض مكاسب حل الدولتين.

وهكذا، فإن المراهنة على أية قوة دولية بمفردها بما فيها الاتحاد الأوروبي سيكون رهانًا خاسرًا، ولكن إذا ما تعزَّز الموقف الأوروبي بمواقف إقليمية ودولية أخرى داعمة، فإن تنفيذ الرؤية الأميركية الجديدة بالوسائل السياسية سيكون صعبًا للغاية، ولن يبقى أمام الولايات المتحدة وإسرائيل من خيار إلا أن تفرضا هذه الرؤية بالقوة الغاشمة أو تتراجعا إلى الحل المتفق عليه دوليًّا وهو حل الدولتين.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*عرفات شكري، باحث أول بمركز الجزيرة للدراسات.

نبذة عن الكاتب

مراجع

(1) Hugh Lovatt, Occupation and Sovereignty: Renewing EU Policy in Israel- Palestine,21December, 2017  http://www.ecfr.eu/publications/summary/occupation_and_sovereignty_renewing_eu_policy_in_israel_palestine 

(accessed 15 January, 2018)

(2) Jeremy Diamond, Trump recognizes Jerusalem as Israel's capital, 6 December, 2017http://edition.cnn.com/2017/12/06/politics/president-donald-trump-jerusalem/index.html

(accessed 16 January, 2018)

 (3) Curt Mills, Kerry Defends U.N. Vote Abstention on Israel Vote, 28, December, 2016

 https://www.usnews.com/news/politics/articles/2016-12-28/john-kerry-laments-one-state-reality-in-israeli-palestinian-conflict 

(accessed 15 January, 2018)

 (4) Christian Shepherd, China's Xi lays out vision for 'new era' led by 'still stronger' Communist Party, 18 October 2017

 https://www.reuters.com/article/us-china-congress/chinas-xi-lays-out-vision-for-new-era-led-by-still-stronger-communist-party-idUSKBN1CM35L

(accessed 17 January, 2018)

(5) MARK J. PERRY, ECONOMIC OUTPUT: IF STATES WERE COUNTRIES, CALIFORNIA WOULD BE FRANCE, 6 November 2016

http://www.newsweek.com/economic-output-if-states-were-countries-california-would-be-france-467614

 (accessed 16 January, 2018)

(6) فالدخل القومي الأميركي لعام 2015 وصل إلى 18.3 تريليونًا دولار أمريكي بينما وصل الدخل القومي للاتحاد الأوروبي إلى 18.9 تريليونًا، مع ملاحظة أن عدد السكان في الاتحاد الأوروبي أكبر منه في الولايات المتحدة الأميركية.

https://www.weforum.org/agenda/2015/10/is-europe-outperforming-the-us/

(7) EEAS, Middle East Peace process, 15 June, 2016

https://eeas.europa.eu/headquarters/headquarters-homepage_en/337/Middle%20East%20Peace%20process

 (accessed 16 January, 2018)

 (8) EEAS, Middle East Peace process, 15 June, 2016

https://eeas.europa.eu/headquarters/headquarters-homepage_en/337/Middle%20East%20Peace%20process

  (accessed 16 January, 2018)

 (9) Marton Dunai, EU eastern states say bloc must show more support for Israel, 19 July 2017

 https://www.reuters.com/article/us-hungary-israel/eu-eastern-states-say-bloc-must-show-more-support-for-israel-idUSKBN1A40WZ

 (accessed 17 January, 2018)

 (10) Philip Oltermann, Merkel faces tough coalition talks as nationalists enter German parliament, 25 September 2017

https://www.theguardian.com/world/2017/sep/24/angela-merkel-faces-stark-choice-between-coalition-or-minority-rule 

(accessed 17 January, 2018)

(11)  الجزيرة، موغيريني: أوروبا تؤيد القدس الشرقية عاصمة لفلسطين، تاريخ النشر 22 يناير/كانون الثاني 2018،  (تاريخ الدخول  22 يناير/كانون الثاني 2018) اضغط هنا  

(12)  EEAS, Remarks by HR/VP Mogherini on the announcement by U.S. President Donald Trump on Jerusalem, 07 December 2017

 https://eeas.europa.eu/headquarters/headquarters-homepage/36962/remarks-hrvp-mogherini-announcement-us-president-donald-trump-jerusalem_en