استقالة ظريف: السياسة الخارجية لروحاني من "حلقة نياوران" إلى فشل "الانخراط البنَّاء"

سواء قُبِلت استقالة وزير الخارجية الإيراني، جواد ظريف، أم عدل عنها، فإن ما قدَّمه تيار الاعتدال الذي يقوده روحاني على صعيد العلاقة مع الخارج سيطوله تغيير كبير. تبحث هذه الورقة السياسة الخارجية لحكومة روحاني، ومحاورها الأساسية، ونجاحاتها وإخفاقاتها.
27 فبراير 2019
a80ecc24c347439cb0992c7189147931_18.jpg
حضر اللواء سليماني في لقاءات الأسد في طهران وغاب عنها وزير الخارجية الإيراني (المصدر: مواقع وصحف إيرانية)

مقدمة 

تتعدى أسباب أزمة استقالة وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، مساحة "إهانة مقام وزارة الخارجية" في الزيارة التي قام بها بشار الأسد إلى طهران ولقاءاته مع مرشد الثورة الإسلامية، آية الله علي خامنئي، والرئيس الإيراني حسن روحاني، وهي اللقاءات التي غاب عنها جواد ظريف وحضرها قائد فيلق القدس، اللواء قاسم سليماني. رفض الرئيس الإيراني الاستقالة وخرج سليماني عن صمته مؤكدًا عدم وجود نية مبيتة باستبعاد ظريف، وعقَّب تعليقًا على الاستقالة بقوله: "بالتأكيد السيد ظريف هو مسؤول السياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية وخلال مدة تصديه لمسؤولية وزارة الخارجية كان ولا يزال محط دعم وتأييد كبار مسؤولي النظام خاصة قائد الثورة الإسلامية". وأشار إلى "وجود بعض عدم التنسيق في رئاسة الجمهورية أدت إلى عدم حضور الوزير ظريف خلال زيارة الأسد ولقائه مع الرئيس روحاني". فهذه الاستقالة تتضمن بعدًا احتجاجيًّا يتعلق بالعمل الموازي وكثرة الضالعين في رسم السياسة الخارجية، وخروج ملفات بالكامل من يد وزارة الخارجية، وهي أيضًا مؤشر على تحول في تعريف وتوصيف العلاقة مع الغرب والدول الأوروبية، بل تشير إلى أن مجمل ما حمله خطاب تيار الاعتدال الذي يقوده روحاني فيما يتعلق بالسياسة الخارجية سيطاله تغيير كبير، حتى مع رفض الاستقالة من قبل الرئيس الإيراني وتراجع ظريف عنها. تبحث هذه الورقة في طروحات تيار الاعتدال على صعيد السياسة الخارجية، وكيف تكوَّنت؟ وما مجالات إخفاقاتها؟ وكيف ساهم تعثُّر الاتفاق النووي في محاصرة سياسية روحاني الخارجية والقول بفشلها؟

مع مجيء حسن روحاني إلى السلطة جرى الحديث عن سياسة خارجية لإيران بملامح جديدة، وحتى قبل أن يصبح رئيسًا، كال روحاني الكثير من النقد لسياسة سلفه، أحمدي نجاد، وطريقته في إدارة الملفات الخارجية، وقال: "نريد واحدة جديدة"، وهو ما جعل بعض الباحثين يرون فوز تياره في الانتخابات الرئاسية عام 2013 نتيجة لإخفاق حكومة أحمدي نجاد في السياسة الخارجية، فضلًا عن كلفة ما حمله ذلك الأداء من حمولات أيديولوجية. وجرى اتهام أحمدي نجاد بأنه دفع النظام الدولي (القوى العظمى) إلى الوقوف ضد إيران بصورة جماعية، وهو ما وجه ضربة للمصالح الوطنية الإيرانية (1).

أدخل روحاني وفريقه مفردات جديدة إلى قاموس السياسة الخارجية الإيرانية، لعل أهمها "الانخراط البناء"(2)، وتحدث في مقالة له نشرتها الواشنطن بوست عن أن "برنامجه للتعقل والأمل اكتسب تفويضًا شعبيًّا واسعًا". وقال: "لقد تقبل الإيرانيون مقاربتي للشؤون المحلية والدولية لأنهم رأوا أن وقتها قد آن، بعد طول انتظار. أنا ملتزم بتحقيق وعودي لشعبي بما في ذلك تعهدي بالانخراط في عملية تفاعل بنَّاءة مع العالم".

حاول روحاني أن يُرسي نمطًا جديدًا في السياسة الخارجية، هدفه الأساسي إخراج إيران من عزلتها، وقد حقَّق روحاني بعض النجاح قبل أن تدخل سياسته الخارجية في أزمة لا تقل حساسية عن الأزمة الاقتصادية وانهيار الريال أمام الدولار، بفعل الانتكاسة التي مُني بها الاتفاق النووي عقب انسحاب واشنطن من الاتفاق.

قدَّم روحاني نفسه كمنقذ للاقتصاد الإيراني المأزوم بفعل دورات العقوبات المتتالية وبفعل مشاكل بنيوية أخرى، وقال إنه يملك مفتاح الحل، لكن رهانه على الاتفاق النووي في هذا المجال كان أشبه بالمقامرة، فما كاد فريق التفاوض الإيراني يلتقط أنفاسه بعد محادثات صعبة أفضت إلى اتفاق في العام 2015، حتى وجَّه ترامب ضربة لسياسة روحاني الخارجية وشلَّ قدرته على المحاججة والدفاع عنها أمام الداخل المثقل بمشكلات كثيرة، وقدمت هذه الانتكاسة فرصة كبيرة لخصومه ومنافسيه ليضعوا نجاح سياساته الداخلية والخارجية موضع التشكيك والمساءلة. وكما أن عدة عوامل خارجية لعبت دورها في أزمة روحاني على هذا الصعيد فإن المعوقات الداخلية لا تقل تأثيرًا ودورًا على صعيد محاصرته ووضع العراقيل في مواجهته. تبحث هذه الورقة في أبعاد السياسة الخارجية لتيار الاعتدال الذي يتزعمه روحاني وتناقش طروحاته التنظيرية ومواقف الخصوم والمنافسين منها، وما واجهتها من عقبات منذ 2013 وإلى اليوم.

 

الاستجابة للقواعد

يتشابه نهج حكومة الاعتدال في السياسة الخارجية، مع نهج الأصوليين وكذلك الإصلاحيين، من حيث كونه يقوم على الاستجابة للقواعد المحلية والدولية. وإن كان تيار الاعتدال يشترك مع منافسيه ومن سبقه إلى الحكم في هذه النقطة، إلا أنه يختلف معهم في شكل الاستجابة وأولوياتها.

جاءت السياسة الخارجية لحكومة روحاني، متماشية مع خطاب الاعتدال والتدبير، واتسمت بمحاولة التخلص من البعد التهاجمي في العلاقة مع الغرب؛ حيث جرى تداول مقولات: "المرونة الشجاعة"(3) و"الانخراط البنَّاء" و"تعديل السلوك" في مجال العقوبات الدولية المعتدلة وتجنب الخطاب غير البناء والمثير للتوتر. ومن الواضح اليوم أن روحاني كان مسرفًا في التفاؤل عندما وجَّه خطابه للطرف الأميركي: "لقد تغير العالم. ما عادت السياسة الدولية لعبة صفرية، وإنما ساحة ثنائية الأبعاد حيث غالبًا ما يتزامن التعاون مع المنافسة. ولَّى زمن الصراعات الدموية"(4)، ويبدو أن التعاون الذي كان يخطط له روحاني أوصلته سياسة ترامب إلى طريق مسدود.

وفي مجال السياسة الخارجية، لم تغادر مقاربات حسن روحاني الإطار السابق الذي قدمه أساتذة وباحثون يُنظَر إليهم كمنظِّرين لفكر الاعتدال، وعند النظر في طروحاتهم نجدها تعطي مؤشرًا على توجهات مقصودة ومتفق عليها داخل تياره، وفي هذه النقطة يقول روحاني بارتباط التنمية بالسياسة الخارجية، وسبق أن انتقد حكومة أحمدي نجاد رابطًا الأداء الاقتصادي وارتفاع التضخم بأخطاء سياسته الخارجية، ولذلك وقبل أن يصبح رئيسًا دعا إلى سياسة خارجية جديدة: "نحتاج إلى واحدة جيدة (5).. ليست كلامًا كبيرًا يتم إطلاقه.. هؤلاء لا يمارسون سياسة خارجية صحيحة.. السياسة الخارجية تعني جذب المنافع والفرص ودفع التهديد" (6).

 

الرئيس الإيراني، حسن روحاني، ووزير خارجيته، جواد ظريف، في الأمم المتحدة (رويترز) 

ويمكن النظر إلى طروحات وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، باعتبارها من الإسهامات النظرية حول السياسة الخارجية لتيار الاعتدال. في واحدة من مقالاته، يستهل ظريف حديثه عن سياسة روحاني الخارجية بالتأكيد على أن السياسة الخارجية تعد عنصرًا حاسمًا في حياة جميع الدول وكذلك في سلوكها وإدارتها لكنها أصبحت أكثر أهمية في السنوات الأخيرة، حيث العلاقات بين الدول قد نمت وأضحت معقدة أكثر من أي وقت مضى. وقد أدى الارتفاع الحتمي في عدد اللاعبين الدوليين، بما في ذلك المنظمات متعددة الأطراف والفاعلون غير الرسميين، وحتى الأفراد، إلى تعقيد عملية صنع السياسات. وفي الوقت نفسه، فإن عملية العولمة الجارية -مهما كان تعريفها والتصورات حولها، سواء أكانت تحظى بالثناء أو الاحتقار- قد ألقت بثقلها الذي لا مفر منه على السياسات الخارجية لجميع الدول، كبيرة كانت أم صغيرة، متقدمة أو نامية (7).

يحمل ظريف قناعة واضحة بأن مجيء روحاني إلى سدة الرئاسة قد أحدث تغييرًا في السياسة الخارجية لإيران، في ظل سياق دولي يتسم بالتوتر بين إيران والولايات المتحدة الأميركية. حقق روحاني انتصارًا حاسمًا في الانتخابات الرئاسية الإيرانية في يونيو/حزيران 2013، وحصل على 51 في المئة من جميع الأصوات في الجولة الأولى ضد خمسة منافسين أصوليين. ومثَّل شعاره السياسي بالاعتدال والأمل نقطة تحول مهمة في السياسة الإيرانية. وتشير نسبة إقبال الناخبين، والتي بلغت 73 في المئة، إلى أن إيران خرجت من حالة الانقسام التي شهدتها انتخابات يونيو/حزيران 2009(8).

كان ظريف يرى أن المواقف البراغماتية لروحاني في القضايا الداخلية والخارجية طمأنت الناخبين، وتمايزت حملته عن الطروحات الغامضة لمنافسيه في نواح عدة رئيسية: تحليله الواضح للوضع الحالي لإيران، وصياغته الواضحة التي لا لبس فيها للتحديات الكبرى التي تواجه المجتمع والدولة، ونهجه الصريح والمباشر تجاه المشاكل والحلول الممكنة (9).

يعرِّف رموز تيار الاعتدال سياستهم الخارجية من خلال التأكيد على إخفاقات السياسة الخارجية على مدى ثماني سنوات من حكم أحمدي نجاد: "يستند برنامج روحاني للسياسة الخارجية إلى نقد مبدئي ورصين وحكيم لسلوك العلاقات الخارجية خلال السنوات الثماني الماضية في ظل الإدارة السابقة"((10).

في حملته الانتخابية الأولى، عام 2013، وعلى عكس حملته الانتخابية الثانية، في 2016، ركز روحاني على السياسة الخارجية لبلاده، ووعد بمعالجة الوضع "غير المقبول من خلال إجراء إصلاح كبير للسياسة الخارجية لإيران"(11). واقترح روحاني إجراء عدد من التغييرات يُقيِّمها جواد ظريف بأنها "أظهرت فهمًا واقعيًّا للنظام الدولي المعاصر والتحديات الخارجية الحالية التي تواجه الجمهورية الإسلامية وما ستستغرقه من وقت لإعادة علاقات إيران مع العالم إلى حالة طبيعية"(12).

لم تكن طروحات روحاني على صعيد السياسة الخارجية وليدة صعود تيار الاعتدال والفوز بأكثر من عملية انتخابية، بل ترجع في تاريخها إلى فترة سابقة بكثير، وهي الفترة التي شهدت نشأت حلقته الفكرية التي بات يطلق عليها "حلقة نياوران"(13).

"جماعة نياوران": الحلقة الفكرية لروحاني

منذ أن شغل روحاني منصب نائب رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية، بدأ بجمع وتكوين حلقة التنظير الخاصة به، وبدأت تُعقد الجلسات المتعلقة بالتنمية ومتطلباتها، ويورد رضا سراج ومحمد جوان اخوان مجموعة من الأسماء دائمة الحضور والمشاركة في تلك الجلسات (14)، من أبرزهم: محمد باقر نوبخت، وعلي ربيعي، ومحمد حسين ملايري، ومحمود سريع القلم، ومحمد نهاونديان.

وقد جمع الكتاب المعنون بـ"الأمن القومي والنظام الاقتصادي الإيراني"(15)، كثيرًا من الطروحات التي شهدتها جلسات الحلقة، بين الأعوام 2002- 2005 وفق ما يوضحه روحاني في مقدمة الطبعة الأولى (والتي تتضمنها الطبعة السابعة منه)، حيث يذكر روحاني عددًا من الأسماء التي شاركت في هذه الجلسات، ومن أبرزها: سريع القلم وملايري وعلي لاريجاني وعلي شمخاني وغيرهم (16). وتأتي الطروحات التي يقدمها الكتاب ضمن الإطار العام لمكتب نياوران، ويقدم الكتاب خريطة للتنمية الاقتصادية ومتطلباتها (17).

وعلى مدى ثماني سنوات في مركز الأبحاث التابع لمجمع التشخيص، تشكل فريق برئاسة الدكتور روحاني، وجرى تنظيم الكثير من جلسات الحوار والجدل حول ماهية الاعتدال وما هو الأسلوب والنموذج الواجب اتباعه في مجال السلطة والحكومة"(18). يتحدث أميري عن جلسات لتحليل كتب في السياسة الخارجية، والثقافة والاجتماع، وأطلق على هذه الجلسات "مدرسة نياوران.. وشكلت هذه النقاشات الإطار العام لهذه الحلقة" (19).

ومن الواضح أن المساهمين في حلقة نياوران قد أعدوا خطة تشمل جميع المجالات، ففي مجال العلاقات الدولية جرى اعتماد "التفاعل مع العالم استراتيجية قطعية، وعبَّر ذلك عن قناعة بأن المسائل الدولية يمكن حلها في ظل التفاعل وليس التنازع"(20).

"الاعتدال الحكيم" وإشكالية الأمن والتنمية

لم يكن من السهل على فريق روحاني تسويق بضاعتهم في مجال السياسية الخارجية على الرغم من جهدهم المبذول لبيان وجاهة وضرورة ما أطلقوا عليه "الاعتدال الحكيم"، وذلك سعيًا إلى" نقل إيران بعيدًا عن المواجهة إلى الحوار والتفاعل البنَّاء والتفاهم، مع مراعاة الحفاظ على الأمن القومي ورفع مكانة إيران والتنمية الشاملة على المدى الطويل"(21). وجرى ربط هذا العنوان بالسياسة الخارجية بصورة واضحة من خلال طروحات روحاني والمسؤولين المقربين منه، وهي السياسة التي قال محمود واعظي -الذي يرأس مكتب روحاني: إنها تمتلك خصائص محددة، أهمها أنها: 

- تضع التنمية على رأس قائمة الأولويات.

- تحفظ الاستقرار في المحيط الأمني لإيران. 

- تصرف الاهتمام إلى توسعة وتعميق العلاقات مع أكبر عدد من الدول والمؤسسات الدولية بغية تحقيق الأهداف المرجوة.

- تتوخى الحيطة والحذر من الدخول في أزمات لا علاقة لها بالمنافع الأساسية لإيران (22).

ونجد سريع القلم، يحدد اثنتين وثلاثين خصيصة لسياسة إيران الخارجية المطلوبة (23)، تقوم بشكل واضح على ضرورة بناء سياسة خارجية شفافة وغير دعائية؛ ومجابهة ضغط القوى الكبرى من خلال زيادة نصيب الفرد من الدخل القومي ليزيد عن 15.000 دولار. واتباع قاعدة للقوة العسكرية أساسها الدفاع والردع؛ واعتماد القوة الناعمة كأساس للتواصل مع الشيعة في الدول الأخرى والتوسع في القوة الناعمة للثقافة والعلوم والهندسة والطب. وأن تكون أوروبا الغربية الوجهة المقصودة لتعزيز مجال الاتصالات التكنولوجية، وتعزيز التعاون العلمي مع دول مثل كوريا الجنوبية، وألمانيا، وفرنسا، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة الأميركية، واليابان، وسنغافورة؛ والسعي للشراكة مع فرنسا وألمانيا واليابان (24).

في حكومة روحاني الأولى، ذهبت أول سنتين من رئاسته لتحقيق هدفين تمثَّلا بمعالجة التضخم، وإنجاز اتفاق في المفاوضات النووية، ضمن فكرة مفادها أن إزالة العقوبات من شأنها أن تعطي دفعة حياة للاقتصاد الإيراني المتهالك. وفي حكومته الثانية، بقي برنامج روحاني يدور حول الهدف الاقتصادي، مع توصية من متخصصيه بالتركيز على التنمية الاقتصادية-الاجتماعية. وتعني التنمية الاقتصادية، نموًّا اقتصاديًّا يرافقه تراجع معدلات الفقر والبطالة وغياب العدالة الاجتماعية، ووفق هذه الرؤية، فإن حكومة روحاني من شأنها أن تبني الأرضية اللازمة لحكومة التنمية الاجتماعية-السياسية عام 2021. وهذا يعني بصورة أو بأخرى تعليق موضوع التنمية السياسية، ويعني أيضًا أن المشاركة السياسية يجب أن تقوم على أرضية اقتصادية تحضرها حكومة الاعتدال، وهي الأرضية التي ما زالت مفقودة. وفي المحصلة، فالتنمية السياسية لم تحدث، والتنمية الاقتصادية تواجه اليوم أزمة حقيقية.

التنمية وتحدي العلاقة مع الخارج

في مداخلة له في مؤتمر اقتصادي عُقد في طهران في عام 2006، يقول روحاني: "إن التنمية هي واحدة من الأمنيات القديمة للشعب الإيراني، لكن التنمية لأية دولة لا يمكن أن تتحقق إذا بقيت في حدود الأمنيات، ويمكن نيلها عندما تتحول إلى مشروع وطني"(25). وترتبط قضية التنمية بصورة واضحة في طروحات تيار الاعتدال بالعلاقة مع الخارج، وتبدو جلية ومحورية في مقاربات روحاني، وحديثه المستمر عن "التعامل" و"التفاعل" مع دول العالم؛ إذ يرى أن "من الخطأ الظن بإمكان تحقيق التنمية بدون العلاقة مع الخارج"(26). ولم يأت ذلك في مناسبة واحدة بل تعددت المرات التي أكد فيها روحاني على هذه الرابطة: "في عالم اليوم، فإن الاقتدار الوطني، بدون العلاقة مع العالم، وكذلك التنمية والتقدم الداخلي بدون التفاعل الاقتصادي مع العالم، ليسا فقط يصعب تحقيقهما بل يصبح مستحيلًا في بعض الأحيان.. في عالم اليوم لا نستطيع بناء اقتصاد لا يرتبط بدنيا الخارج"(27).

وإن كان روحاني يتحدث عن استحالة تحقيق ذلك "أحيانًا"، فإن باحثين وأكاديميين محسوبين على تيار الاعتدال، يرون استحالة ذلك على الإطلاق. ويرى حسين موسويان، المفاوض السابق، ومساعده للسياسة الخارجية في مركز الأبحاث التابع لمجمع التشخيص، أن "إيران ملزمة بفتح أبوابها أمام العالم، لتحقيق هدفها بالانتقال من دولة نامية إلى أخرى متطورة، وذلك للحصول على العلم والتكنولوجيا المتطورة، والاستثمار المالي؛ وكلها عالمية المصدر"(28).

ويعتقد سريع القلم بوجوب الانفتاح على العالم: "يجب علينا أن نتعلم من العالم، فمصيرنا مرتبط به. هذا التفكير في بلد يبحث عن أفكار وحلول داخلية لا يدرك حقيقة أنه يمكن للمرء أن يتعلم من تجارب البلدان الأخرى. يمكننا أن نتعلم من تجارب البلدان الأخرى، ويمكننا أن نطوي طريق التنمية بسرعة أكبر"(29).

وفي طروحاته حول مشكلات التنمية في إيران، يرى سريع القلم أن "مبادئ التنمية عالمية، ولا تخضع للجغرافيا والثقافة والتاريخ والأدب، ولكن أنماط التنمية تخضع للظروف المحلية والوطنية. ولذلك، فإن مبادئ التنمية تختلف تبعًا للأنماط التنموية"(30).

وبدون الانخراط في العلاقة مع الخارج فإن إيران، وفق التشخيص الذي يقدمه سريع القلم ومنظرون آخرون في تيار الاعتدال، "ستواجه أفولًا دائمًا"(31). ولذلك، فإن إيران تحتاج إلى استراتيجية وطنية، تكون محل توافق أهم القوى السياسية الرئيسية (32). وتستلزم هذه الاستراتيجية معرفة المحيط الدولي والخارجي، والوصول إلى فهم مشترك حول ماهية النظام الدولي والوصول إلى إجماع بشأن ذلك (33).

ولا تبتعد مقاربة محمود واعظي، الذي تقلد أكثر من منصب في حكومة روحاني، بشأن التنمية، عن مقاربة سريع القلم من حيث ضرورة الإقرار بأهمية السياسة الخارجية على هذا الصعيد، وفي واحد من المؤتمرات التنموية التي عقدتها إيران، رأى واعظي أن متطلبات الاقتصاد العالمي، من ناحية، وضرورة ربط عناصر الاقتصاد الوطني بالاقتصاد الدولي من ناحية أخرى، تتطلب أن تخدم السياسة الخارجية أهداف التنمية الاقتصادية أكثر من أي وقت مضى (34).

وبعبارة أخرى، يعتقد واعظي أنه ينبغي تنظيم السياسة الخارجية للبلد بطريقة تمكِّنه من تعبئة الموارد والمرافق والفرص للتنمية الاقتصادية لإيران من خلال التفاعل البنَّاء مع النظام الدولي على الصعيد الثنائي والإقليمي والدولي، وفي هذا الصدد، تبرز الحاجة إلى المواءمة الكاملة بين متطلبات السياسة الخارجية والتنمية الاقتصادية، والسياسة الخارجية أداة لتعزيز سلطة البلد ومكانته في النظام الدولي. ويعتقد أن أحد العناصر الرئيسية للسلطة في عالم اليوم تتمثل في الاعتماد على العوامل الاقتصادية والعلمية والتكنولوجية. ومن ثم، يجب تنظيم السياسة الخارجية بطريقة تمكِّنها من الاستفادة من الفرص الدولية للتنمية الوطنية (35).

إن التنمية -كما ينظر لها أساتذة وباحثو تيار الاعتدال- تأتي منعقدة بصورة جلية بـ"الاستثمار الخارجي"، لكن الخارج المنشود في طرحهم "ليس أيًّا من: بنغلاديش، أو كينيا، أو اليونان، أو سنغافورة، أو روسيا البيضاء، بل هو: اليابان، وبريطانيا، وألمانيا، وفرنسا، وفي بعض القطاعات الولايات المتحدة الأميركية"(36)، وضمن هذه الرؤية فإن "الصلح بين إيران وأميركا، يتيح لإيران إمكانيات أكبر للاستثمار والتجارة الخارجيين"(37).

جواد ظريف ووزير الخارجية الأميركي الأسبق جون كيري (رويترز)

إن نقطة التلاقي بين إيران والغرب وفق ما يقترحه منظِّرو تيار الاعتدال تأتي في مجالات "التطور الاقتصادي والتكنولوجي"(38)، لكن نقطة التلاقي المقترحة هذه تفرض تحولًا في السياسة الخارجية الإيرانية، وترى أن التفكيك بين الغرب وتقدمه التكنولوجي غير ممكن (39).

إن الإشكالية الرئيسية التي يطرحها سريع القلم في كتابه حول العولمة وإيران، تكمن في عدم الجاهزية الهيكلية للجمهورية الإسلامية للتواؤم مع النظام العالمي. وعدم الجاهزية التي يناقشها تعود إلى مجموعة من العوامل الرئيسية، وهي:

1 - الطبيعة الخطية والجذور التاريخية التي رافقت ولادة جمهورية إيران الإسلامية، وهي الجذور التي تشكِّل أساس العديد من القرارات وردود الأفعال والسياسات (40).

2- المواجهة الأيديولوجية بين الثورة الإسلامية والولايات المتحدة والغرب والحكومات العربية وإسرائيل وكل الحكومات ذات التوجه الغربي والرأسمالي (41).

3 - دستور جمهورية إيران الإسلامية الذي يتضمن السمات المشار إليها في الفقرتين 1 و2، والتي أثَّرت بصورة مؤسسية وقانونية في السياسة الخارجية لإيران (42). وأدت العوامل الثلاثة إلى دخول الجمهورية الإسلامية في صراعات وحروب (43).

وقد أدى استمرار هذا الوضع بعد عقود إلى بقاء إيران ظاهرة أمنية، إلى درجة أن المواجهة بين إيران والمجتمع الدولي وكذلك الدول المجاورة ما زالت تحافظ على صبغة عسكرية أمنية، ولم تقلل من الخلافات السياسية (44). ويرى سريع القلم أن الجمهورية الإسلامية لم تكن في أي وقت ظاهرة اقتصادية، بل هي ظاهرة سياسية-أمنية (45).

إن البدائل التي يقترحها تيار الاعتدال من خلال منظريه، ترى أن: 

1 - النظام الغربي متكامل؛ فإذا أُريد اعتماد تقنياته، فيجب اعتماد ثقافته وسياساته واقتصادياته (46).

2 - إذا أرادت جمهورية إيران الإسلامية أن تتصرف وفق ما يمليه الإسلام وتوجيهاته في قراراتها وأعمالها، فمن المؤكد أنه لا يمكن، أن تقيم علاقات تعاون وعلاقات استراتيجية مع عالم قائم على الرأسمالية، تقوم فيه العلاقات على القوة العسكرية والتحالفات على السلطة (47).

3- العالم لا يحكم بالعدل، سواء كان نوعه الاشتراكي، أو معنويًّا ودينيًّا، ومستوى التقييم، والحكم والاتصال، هما السلطة والمال (48).

4- إذا أراد الفرد أو المؤسسة أن يختط فكرًا إسلاميًّا بالحد الأكثر، فإنه سيواجه مشكلة في التعامل مع العالم (49). وإذا أرادت دولة تطبيق جميع المبادئ واللوائح الإسلامية، فإنها لا يمكن أن تتعايش طبيعيًّا مع الغرب (50).

6 - التقدم العام للجمهورية الإسلامية غير ممكن دون التنسيق مع القوى العظمى (51).

7 - يجب على الجمهورية الإسلامية ومن أجل تحقيق التقدم أن تحل تناقضاتها مع الغرب (52).

8 - وفي نصوص وأدبيات العولمة، فإن مصطلح الاستقلال قد عفا عليه الزمن (53).

وفي نقد هذه الطروحات، يجري التساؤل عن موقف حسن روحاني منها، وما إذا كان موافقًا عليها، ويعزز من إشكالية السؤال أن روحاني نفسه قد قدَّم لكتاب مستشاره حول إيران والعولمة عندما كان يرأس مركز الأبحاث التابع لمجمع التشخيص وأثنى عليه.

الاستثمار الخارجي وإلزامات مجموعة العمل المالي

بالنظر إلى مكانة العلاقة مع الخارج في طروحات تيار الاعتدال، فإن الاستثمار الخارجي، يعد واحدًا من أهم ملفات الخلاف بين روحاني وجهات عدة يأتي الحرس الثوري في مقدمتها. وفي هذا السياق، يمكن فهم المعارضة التي لقيها سعي حكومة روحاني للوفاء بالشروط التي وضعتها مجموعة العمل المالي (FATF). وقد أمهلت المجموعة -وهي هيئة دولية لمراقبة عمليات غسل الأموال على مستوى العالم- إيران حتى أكتوبر/تشرين الأول 2018، لاستكمال إصلاحات تجعلها تتماشى مع المعايير العالمية. وقالت الهيئة في بيان لها: "تشعر مجموعة العمل المالي بخيبة أمل بسبب تقاعس إيران عن تنفيذ خطة عملها لمعالجة أوجه القصور الكبيرة في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب".

البيان الأخير لمجموعة العمل المالي بشأن إيران (المصدر: الموقع الرسمي للمجموعة) 

ويحتاج روحاني تفعيل هذه الإجراءات لجذب الاستثمارات الخارجية، لكن ما يحتاجه روحاني لقي معارضة واضحة من مرشد الثورة الإسلامية، علي خامنئي، الذي سبق وأكد أن على مجلس الشورى أن يقر تشريعات لمكافحة غسل الأموال وفقًا لمعاييره الخاصة. وحمل موقف خامنئي هذا مؤشرات مهمة على أن إيران لن تنضوي في معاهدة مع هذه المجموعة، في وقت يرى المدافعون عنها أن مشروع قانون يتضمن إرشادات مجموعة العمل المالي ضروري إذا أراد الإيرانيون زيادة الاستثمار.

وبعد الخلاف حول مشروع قانون بهذا الخصوص أقره مجلس الشورى وعارضه مجلس صيانة الدستور (54)، جاءت الكلمة الفصل لمجلس تشخيص مصلحة النظام، وهو الجهة التي تفصل في الخلافات بشأن مشاريع القوانين بين مجلس الشورى ومجلس صيانة الدستور وفق ما ينص عليه الدستور الإيراني، فقد رفض مجلس تشخيص مصلحة النظام الإيراني الانضمام إلى معاهدة (FATF) مكافحة الإرهاب وغسيل الأموال. وفصَّل رئيس المجلس، محمود هاشمي شاهرودي، في رسالة إلى أحمد جنتي، أمين مجلس صيانة الدستور، أسباب رفض المعاهدة، وقالت الرسالة إنها تحوي بنودًا تنافي الدستور الإيراني والشريعة الإسلامية، وإن المعاهدة تتعارض مع بنود مشروع "الاقتصاد المقاوم" الذي أطلقه مرشد الثورة، ورأت فيها تهديدًا للأمن القومي الإيراني. وقال شاهرودي: إن نقاطًا في لائحة انضمام الجمهورية الاسلامية الإيرانية لمعاهدة الأمم المتحدة لمكافحة الجرائم المنظمة العابرة للحدود (لائحة معاهدة باليرمو) إحدى اللوائح الأربع المطلوبة من قبل "FATF" تتعارض مع العديد من بنود السياسات العامة للبلاد.

ووجه القرار ضربة لجهود حكومة روحاني التي تعهدت لـلمجموعة بالانضمام إلى المعاهدة من أجل الخروج من القائمة السوداء بموجب الاتفاق النووي؛ حيث إن المؤسسات الخارجية في مبادلاتها التجارية مع إيران ستكون عرضة للعقوبات الأميركية وعقوبات دولية أخرى وفق المعايير المعتمدة من قِبل مجموعة العمل المالي (55) (FATF) ، إذا كانت طرفًا في حدوث الانتهاكات التالية:

1. صفقة من شأنها أن تساعد الحكومة في تحقيق أو تطوير أسلحة الدمار الشامل.

2. المعاملات التي تتعلق بالدعم الإيراني لتنظيمات إرهابية أو تسهيل أعمال الإرهاب.

3. تسهيل المعاملات المالية لأفراد وردت أسماؤهم في قرارات العقوبات المالية التالية: 1737، و1747، و1803، و1929.

4. المشاركة في غسل الأموال أو توفير الظروف للبنك المركزي الإيراني لإجراء معاملات من أجل امتلاك أو تطوير أسلحة الدمار الشامل ودعم الإرهاب، أو إجراء معاملات للأفراد المشمولين بقرارات العقوبات 1737، و1747، و1803، و1929.

5. تسهيل المعاملات المالية المهمة للحرس الثوري الإيراني والشركات التابعة لها والذين جرى مصادرة أصولهم وفقًا للقانون IEEPA.

ويبدو أن المعارضة الكبيرة جاءت بفعل قراءة تقول: إن تطبيق الاتفاق والنصوص المتعلقة بالحرس الثوري يستهدف جانبين من نشاطه، وهما:

• البرنامج الصاروخي.

• دعم الحركات المسلحة (المقاومة)، ويطول ذلك حزب الله في لبنان وحماس والجهاد الإسلامي في فلسطين (56).

ويبدو أن المخاوف التي تسود في أوساط الحرس الثوري والمعارضين على هذا الصعيد تجد ما يسندها على أرض الواقع؛ فقد حذَّر البيت الأبيض إيران من الاستمرار في دعم حزب الله، وأشار المتحدث باسمه، إريك شولتز، إلى أن "البيت الأبيض يشعر بالقلق حول قدرة إيران على الوصول إلى الأسواق العالمية والنظام المصرفي". ووفقًا لتصريحاته، فإن "كل المصارف والمؤسسات العالمية تراقب سلوك إيران واستمرارها بدعم الإرهاب وتقديم مساعدات لحزب الله وحذَّر من أنه سيكون لهذا السلوك عواقبه"، و"هذه المؤسسات المالية لن ترغب في أن تقوم بإجراء معاملات مع دولة ترعى الإرهاب"، و"نطالب إيران بالتوقف عن دعم حزب الله ودعم الإرهاب، لأنه ليس فقط أمرًا مهمًّا للأمن القومي بل أيضًا لأنه ليس في مصلحة إيران".

وشكَّك في إمكانية أن تكون هناك طريقة لتمويل حزب الله عن طريق السيولة، ودون اللجوء للمصارف: "ندرك أن جهودنا بحظر المؤسسات المالية التي تقدم دعمًا لحزب الله من خلال شبكة الممولين والتجار والأفراد هي مؤثرة للغاية ونظام العقوبات خلق مناخًا عامًّا يحظر على أية مؤسسة مالية التعامل مع حزب الله.. وربْط رغبة إيران في الوصول إلى البنوك العالمية بالتوقف عن دعم حزب الله"(57).

ورغم الجهود التي بذلها روحاني، ما زالت مجموعة العمل المالي تضع إيران إلى جانب ميانمار وكوريا الشمالية في قائمة الدول غير المتعاونة، والخطرة على صعيد غسيل الأموال ودعم الإرهاب.

ومع بدء تسرب معلومات عن اتفاق مع المجموعة تصاعدت حدة الانتقاد داخل إيران لهذا الاتفاق، ويتركز النقد بصورة أساسية في النقاط التالية (58):

• انتهاج السرية في إنجاز عدد من الاتفاقيات مما يثير شكوكًا بخصوص وجود تفاهمات سرية أخرى لم تُعلِن عنها حكومة روحاني بعد.

• الانخراط في أنشطة مثل التعاون مع FATF، يثير الكثير من القلق الأمني والاستخباري خاصة مع التطورات التي تشهدها المنطقة وعلى وجه الخصوص في سوريا، ودور إيران وحزب الله على هذا الصعيد.

• مأسسة العلاقة مع مؤسسات مثل مجموعة العمل المالي، تجعل العودة عن الاتفاق معها مسألة في غاية الصعوبة إن لم تكن غير ممكنة.

• حتى وإن قررتFATF نقل اسم إيران إلى القائمة البيضاء، وهو مالم تفعله، ولن يكون من السهل أن تُقدِم عليه، فذلك لن يكون كفيلًا بحل المشكلات البنكية في إيران، لأن هذه المشكلات مرتبطة ببنية الاتفاق النووي ذاته، فيما يتعلق بإبقاء العقوبات الخاصة بالإرهاب، والمحافظة على العقوبات الأساسية وخصوصًا التعامل بالدولار.

• لم تعلن الحكومة الإيرانية عن التعريف الذي اعتمدته لاتفاقها مع المجموعة فيما يتعلق بمسألة الإرهاب، وهل تقبل بالتعريف المعتمد لدى المجموعة أم لا.

• أن التدخل في بنية بعض المؤسسات الحساسة مثل البنك المركزي تحت ذريعة التعاون مع مؤسسات مثل FATF، سيقود إلى مشاريع تدخل أخرى في بنية مؤسسات حساسة في إيران، وهو ما سيؤدي إلى خسائر لا يمكن جبرها.

• لا أحد في إيران يمكنه التنبؤ بالسقف الذي ستقف عنده هذه المطالبات، وعلى الحكومة أن تصارح المواطنين بما تعهدت به وما حصلت عليه في المقابل، وتترك لهم الحكم.

ومازالت محاولات روحاني على هذا الصعيد تلقي بالمعارضة، رغم سعي حكومته خلال العامين الماضيين إلى إقناع مجلس الشورى، ومجلس صيانة الدستور، ومجلس تشخيص مصلحة النظام، بأهمية الانضمام إلى معاهدة (FATF)، و"باليرمو"، ومعاهدة مكافحة تمويل الإرهاب (CFT)، لكنها لم تحصل على الموافقة على الانضمام إلى هذه المعاهدات بسبب معارضة داخل مؤسسات الدولة المختلفة.

وفي 22 فبراير/شباط 2019، أعطت مجموعة العمل المالي (FATF)، إيران أربعة أشهر أخرى، مهلةً لإجراء التعديلات اللازمة لمكافحة غسل الأموال والدعم المالي للإرهاب. ووفقًا لما أعلنته (FATF) فإن إيران تبقى خارج القائمة السوداء حتى يونيو (حزيران) القادم، بانتظار قبول انضمام طهران للمعاهدة الدولية، و"إذا لم تُفعّل إيران التشريعات المتبقية بحلول يونيو (حزيران) 2019 بما يتماشى مع معايير (FATF)، فإن مجموعة العمل المالي ستحتاج إلى زيادة الفحص الإشرافي لفروع المؤسسات المالية والوحدات التابعة لها التي مقرها إيران". وتشترط الدول الأوربية وفاء إيران بمتطلبات مجموعة العمل المالي لتفعيل القناة المالية التي اقترحتها للحوالات البنكية وكآلية لمواجهة العقوبات الأميركية والوفاء بتعهداتها في الاتفاق النووي.

سياسة وسياسة موازية

إن القول بوجود سياسة خارجية موازية في إيران لا يأتي من قبيل التكهن، ورغم أن هذا التوازي كان موجودًا منذ الدورة الرئاسية الأولى لروحاني، إلا أنه أخذ ملامح واضحة في فترته الرئاسية الثانية، وكان لذلك مؤشرات عديدة.

إن عودة الصف القديم إلى واجهة السياسة الخارجية الإيرانية من أمثال وزيري الخارجية السابقين، علي ولايتي، الذي يرأس مركز الأبحاث التابع لمجمع تشخيص مصلحة النظام، وكمال خرازي، رئيس المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية للجمهورية الإسلامية الإيرانية، له دلالات مهمة على صعيد إعادة توجيه السياسة الخارجية بصورة مختلفة عمَّا يراه منظرو تيار الاعتدال المقربون من روحاني. لقد بدا واضحًا الدور الكبير لولايتي في عدد من الملفات أهمها ملف العلاقة مع روسيا، فضلًا عن ضرورة توظيف إرثه القديم فيما يتعلق ببناء علاقات إيران مع كثير من اللاعبين غير الرسميين، وعاد اسم وزير الخارجية السابق، كمال خرازي، ليتردد على صعيد العلاقة مع الصين، حيث حمل لها مقترحات بمشروعات، تأتي من الفهم الإيراني لأهمية مشروع طريق الحرير بالنسبة للصين، وأهم هذه المشروعات:

  • الاستثمار في إنشاء الطرق وخطوط السكك الحديد التي تربط جنوب إيران بشمالها وشرقها.

  • ربط ميناء جوادر في باكستان بميناء تشابهار بإيران وربط طرق إيران وسكك الحديد بآسيا الوسطى.

  • الاستثمار في إنشاء مطارات وخطوط النفط والغاز والاستثمار في مجال الطاقة وبناء المدن.

  • المشاركة في إنشاء خط غاز من عسلويه يمر عبر باكستان الى غرب الصين.

  • لمرات، حاول جواد ظريف مواجهة هذه السياسة الموازية، لكن حدود قدرته بقيت محصورة في وزارة الخارجية، وكان خروج أمير عبد اللهيان من الوزارة نتيجة من نتائج هذه المحاولة.

ورغم أن ظريف امتلك هامشًا لا يستهان به من الحرية فيما يتعلق بالملف النووي، إلا أنه بقي بعيدًا عن عدد من الملفات ذات الطبيعة الأمنية، ولم يكن مؤثرًا فيها بقدر ما بقيت خاضعة لسلطة الحرس الثوري، ومن أهمها: سوريا ولبنان والعراق واليمن، وهو ما يتضمن ملف العلاقة مع حزب الله وحماس والجهاد الإسلامي. 

ومن الملاحظ أن روحاني ورغم ثنائه على المقاربات التي قدمها مقربون منه عاشوا في الغرب وتخرجوا في جامعاته، إلا أنه لم يستطع إحداث تحول في عدد من الملفات وفق ما تقترحه طروحات السياسة الخارجية لمقربين منه، ومنها العلاقة مع الغرب، ورغم حضوره وتأثيره في مجلس الأمن القومي إلا أنه بقي محكومًا بالإطار العام الذي حكم على الدوام عمل المجلس والغاية التي أنشئ من أجلها.

وفضلًا عن محدودية التأثير، لعبت شخصية روحاني وتكوينه السياسي دورًا في جعله يراوح بين معسكرين، فلا هو قادر على تجاوز تاريخه الذي يضعه في خانة "المحافظ المعتدل"، ولا هو قادر على التخلص من الأفكار والطروحات التي أخذها عن أستاذه، رفسنجاني، خاصة على صعيد الاقتصاد والسياسة الخارجية. وهذه الانتماءات التي تتجاذب روحاني جعلته في أكثر من مناسبة يرتد ليحتمي بظل عباءة المرشد، خاصة مع وفاة رفسنجاني الذي كان يقدم له الكثير من المساندة.

العلاقة مع الحرس

تقدم العلاقة بين روحاني والحرس صورة أخرى من صور السياسة الموازية، وإن كانت الخلافات بين الطرفين قديمة تعود إلى فترة الحرب العراقية-الإيرانية؛ حيث نشب خلاف عميق على خلفية استمرار الحرب العراقية-الإيرانية، وقد أسهم روحاني بدعم التحرك المؤثر الذي قاده رفسنجاني على هذا الصعيد وأدى إلى قبول آية الله الخميني بقرار وقف الحرب، وذلك من خلال ما سمي "مجلس الحكماء" الذي نشط داخل مجلس الشورى (59).

ومع بدء حملته الانتخابية في عام 2013، ألمح روحاني إلى وجود نقاط خلاف مع الحرس الثوري، كبيرة وصغيرة، وكان النشاط الاقتصادي للحرس أبرز عناوين الخلاف (60).

لم تمض شهور قليلة على انتخابه رئيسًا لإيران، حتى كان روحاني يضع نفسه في مرمى انتقادات الحرس الثوري، ففي سبتمبر/أيلول 2013، وأثناء توقفه في مطار جون كيندي عائدًا إلى إيران، بعد أن ألقى كلمة في اجتماعات الأمم المتحدة، أجرى روحاني مكالمة تليفونية لمدة 15 دقيقة مع الرئيس الأميركي، باراك أوباما، وأثارت المكالمة ردود فعل مؤيدة ومعارضة في طهران. ومع أن القائد العام للحرس، محمد علي جعفري، قد أثنى على أداء حسن روحاني في الأمم المتحدة ووصفه بالمقتدر إلا أنه لم يُظهر رضى عن مكالمة روحاني-أوباما (61)، وقال إنه كان من الممكن تأجيلها لما بعد المحادثات النووية. وفيما كانت لهجة جعفري يغلب عليها التأييد لروحاني، إلا أن نائبه، حسين سلامي، وجَّه نقدًا مباشرًا، فالخلاف مع واشنطن لا يقتصر على الملف النووي.. والعداء معها لا نهاية له (62).

لم تهدأ حدة النقاش والتجاذب بشأن العلاقة مع الولايات المتحدة الأميركية، وحاول الراحل هاشمي رفسنجاني أن يقدم الدعم لروحاني، فنشر بعضًا من يومياته التي سماها (صراحت نامه/رسالة الصراحة) وقال فيها: إن الإمام الخميني كان موافقًا على حذف شعار "الموت لأمريكا"(63)، وفيما دافعت مؤسسة نشر آثار الخميني عن رفسنجاني، مؤكدة أن يومياته المكتوبة بخط يده موثوقة ويمكن الأخذ بها(64)، وصف جعفري ما صدر عن رفسنجاني بأنه "خداع" (65).

في سبتمبر/أيلول 2013، كان روحاني يكيل المديح لمؤسسة الحرس الثوري، وهو المديح الذي لاقى ترحيبًا واسعًا من وسائل إعلام محسوبة على التيار الأصولي وصفت التأييد بأنه "يجيِّش العواطف"، وكتب موقع "ألف" الأصولي التابع للنائب أحمد توكلي: "أثارت تصريحات حسن روحاني المؤيدة والجياشة عن الحرس الثوري الكثير من العاطفة، القصة بسيطة جدًّا. روحاني ليس عسكريًّا ولا رجل قانون، إنه دبلوماسي حقًّا. حسن روحاني يعرف بحق مقومات الجمهورية الإسلامية، وهو مطَّلع على وجود وقوة المؤسسات الفعالة الحكومية وغير الحكومية. وهو يعلم أن نجاحه يقوم على التفاعل البنَّاء مع هذه المؤسسات. وهو لا يرى ما رآه خاتمي من أن تدخل الحرس الثوري عقبة أمام الديمقراطية، وليس مثل أحمدي نجاد، الذي كان يعتقد أن وجود مثل هذه المؤسسات يعوق حاكمية مؤسسة الرئاسة"(66).

لم يمض وقت طويل حتى كانت صحيفة "جوان" المحسوبة على الحرس توجِّه تهديدًا لروحاني (67)، وتحذره من مصير يشبه مصير محمد خاتمي (68). وشيئًا فشيئًا كان ملف الاقتصاد يطفو إلى السطح كملف خلافي واضح، ففي ديسمبر/كانون الأول من العام 2013، تحدث الجنرال جعفري عن قبول الحرس الثوري بالخروج من القطاع الاقتصادي لصالح القطاع الخاص، إذ كان الأخير يملك الكفاءة ليحل محل الحرس على هذا الصعيد (69). وبدأت شكوى الحرس تتعالى من أن حكومة روحاني لا تريد أن تتعاون مع المؤسسة اقتصاديًّا. بدأ الحرس يلتف على نوايا روحاني بإبعادهم عن القطاع الاقتصادي بعقد صفقات مع قطاعات أخرى في إيران، ومن ذلك مشروع بمليارات الدولارات جرى التوقيع عليه مع بلدية طهران (70).

وجاء ملف "بناء السفن"، ليكشف عن عمق التجاذب والخلاف، فقد وقَّعت حكومة روحاني عقد بناء سفن مع شركة هيونداي الكورية الجنوبية. ولاقى ذلك رد فعل غاضب من "مؤسسة خاتم الأنبياء"، المجمع الاقتصادي التابع للحرس الثوري. وقالت حكومة روحاني: إن هذه الاتفاقية تعود إلى عام 2008، وإن العقوبات أدت إلى تأخيرها، ومع توقيع الاتفاق النووي جرى الاتصال بالشركة الكورية لتنفيذ الصفقة بتخفيض يصل إلى 25%، ورفض الحرس الصفقة مطالبًا بإلغائها، وقال العميد عباد الله عبداللهي، القائد العام لـ"خاتم الأنبياء": "إن القرار يتعارض وتوجيهات مرشد الثورة الاسلامية بتعزيز "اقتصاد المقاومة"، وإنه يتعين على الرئيس إلغاء العقد، وإلا فإنه لا يمكن الوثوق بالشعارات والتصريحات"(71). وذكَّر عبد اللهي بإمكانيات الحرس الذي لا يمكن تجاوزه اقتصاديًّا: ينشط الحرس في 10 قطاعات اقتصادية رئيسية من البلاد، ويعمل فيها 150 ألف شخص يشاركون بشكل مباشر وأكثر من مليون ونصف مليون شخص يعملون بشكل مباشر وغير مباشر في مشروعات يديرها مجمع خاتم الأنبياء، وتمتلك المؤسسة أكثر من 12 ألفًا من المعدات والآلات الحديثة"(72). وبدون أن يذكر الحرس، دعا روحاني إلى وجوب "القضاء على حصر السلطة وتجميعها في مؤسسة واحدة، لأن حصر السلطة في مؤسسة واحدة يقود إلى الفساد.. إذا اجتمعت البندقية والمال والصحيفة والموقع والدعاية في مكان واحد معًا، فهذا بالتأكيد فساد"(73).

حاول الحرس عبر قائده أن يُبعد نفسه عن اتهامات روحاني، بالقول: إن الحرس لم يكن مقصودًا بتصريحات روحاني، ولكن لم يمض وقت طويل حتى عاد لينتقد دور الحرس الثوري الاقتصادي عندما تحدث على مائدة إفطار دعا إليها رجال أعمال واقتصاديين، فألمح إلى دور الحرس واصفًا إياه بأنه "دولة تحمل سلاحًا"، وقال: "كان تنفيذ المادة 44 من الدستور يلزم بترك الاقتصاد للشعب وكان على الحكومة أن تخلي القطاع الاقتصادي للناس، ولكن الذي حدث أن جزءًا من الاقتصاد جرى نقله من يد حكومة لا تحمل السلاح، وتسليمه إلى حكومة تحمل السلاح، هذا ليس اقتصادًا وخصخصة"(74).

وردَّ القائد العام للحرس على تصريحات روحاني بصورة مباشرة اتسمت بالحدة، فقال: "أن تملك بندقية أمر سهل، ونحن نملك الصواريخ، لقهر الأعداء وحماية النظام والناس وأمن إيران، ونعتقد أن الدولة التي ليس لديها بندقية يتم اذلالها من قبل الأعداء وتستسلم في نهاية المطاف، فالدولة التي لا تملك سلاحًا تكون عرضة للتحقير والاستسلام"(75). ورغم الخلاف الواضح بين روحاني والحرس بشأن دوره الاقتصادي وحدود هذا الدور إلا أن روحاني لم يذهب في الخلاف بعيدًا، محاولًا إيجاد توازن في العلاقة مع المؤسسة الأقوى في إيران؛ إذ إنه يدرك أن الحرس قد يصبحون معوقًا كبيرًا لسياساته إذا ما استمر في مواجهتها.

مع الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي، فقد روحاني كثيرًا من زخم وقدرة المواجهة مع الحرس والسعي للحد من دورهم الاقتصادي، فقد تسابقت الشركات الغربية على الانسحاب أمام التهديد الأميركي بالعقوبات من السوق الإيرانية، حتى تلك التي منحتها الحكومة الإيرانية امتيازات كبيرة مثل شركة "توتال" الفرنسية. وفي لحظة الانسحاب هذه قدم الحرس الثوري عرضًا وتأكيدًا أنه قادر على أن يحل محل هذه الشركات خاصة في القطاع النفطي.

خلاصات ونتائج

- كل ما سبق وارتفاع مستوى التهديد لإيران والذي تمثل في الحشد الدولي ضدها في مؤتمر وارسو والضربات التي تلقاها الحرس وآخرها في سيستان وبلوشستان تجعل من الخيار الأمني هو الأقوى حتى في مجال السياسة الخارجية.

- تأتي استقالة جواد ظريف كمؤشر على فشل السياسة الخارجية لروحاني خاصة مع التعثر الذي مني به الاتفاق النووي

- حاول حسن روحاني، إجراء تعديل في سياسة إيران الخارجية، وتقديم واحدة بملامح جديدة، ترتكز على مقاربة مختلفة في التعامل مع الخارج. 

- يتشابه نهج روحاني على صعيد السياسة الخارجية مع نهج من سبقه من حيث كونه يقوم على الاستجابة للقواعد المحلية والدولية، لكنه يختلف معهم في شكل الاستجابة وأولوياتها.

- بنى روحاني مفاصل سياسته الخارجية من خلال توجيه النقد للسياسة الخارجية على مدى ثماني سنوات لأحمدي نجاد وطريقته في إدارة الملفات الخارجية، والدعوة لـ"سياسة خارجية جديدة"، تتجاوز السابقة التي "دفعت النظام الدولي والقوى العظمى إلى الوقوف ضد إيران بصورة جماعية، وهو ما وجَّه ضربة للمصالح الوطنية الإيرانية".

- لا يمكن فهم السياسة الخارجية لتيار الاعتدال الذي يتزعمه روحاني بدون مناقشة طروحات حلقته الفكرية "حلقة نياوران" والتي تعود بتأسيسها إلى فترة سابقة على وصول التيار لرئاسة إيران عام 2013.

- جرى بناء هذه الحلقة على مدى ثماني سنوات من عمل روحاني في مركز الأبحاث التابع لمجمع التشخيص، وجرى تنظيم الكثير من جلسات الحوار والجدل حول ماهية الاعتدال وما هو الأسلوب والنموذج الواجب اتباعه في مجال السلطة والحكومة.

- أدخل روحاني مصطلحات جديدة إلى قاموس السياسة الخارجية الإيرانية، أهمها: "الانخراط البنَّاء"، وهو المصطلح الذي كان في أساسه عنوانًا لمحاولة حل إشكالية العلاقة مع الولايات المتحدة الأميركية، ومحاولة إخراج إيران من عزلتها.

- "دافع فريق روحاني عما أسموه: الاعتدال الحكيم"، الذي يسعى إلى "نقل إيران بعيدًا عن المواجهة إلى الحوار والتفاعل البنَّاء والتفاهم، مع مراعاة الحفاظ على الأمن القومي ورفع مكانة إيران والتنمية الشاملة على المدى الطويل".

- قامر روحاني وفريقه في رهانه على الاتفاق النووي، وقدرته على حل مشكلات الاقتصاد الإيراني المأزوم بفعل دورات العقوبات المتتالية وبفعل مشاكل بنيوية أخرى. 

- حقق روحاني بعض النجاح قبل أن تدخل سياسته الخارجية في أزمة لا تقل حساسية عن الأزمة الاقتصادية وانهيار الريال أمام الدولار، بفعل الانتكاسة التي مني بها الاتفاق النووي عقب انسحاب واشنطن من الاتفاق.

- وجه ترامب ضربة لسياسة روحاني الخارجية وشل قدرته على المحاججة والدفاع عنها أمام الداخل المثقل بمشكلات كثيرة.

- قدمت الانتكاسة التي مني بها الاتفاق النووي فرصة كبيرة لخصوم روحاني ومنافسيه ليضعوا نجاح سياساته الداخلية والخارجية موضع التشكيك والمساءلة. 

- ربط روحاني "تحقيق التنمية" كهدف أساسي بالسياسة الخارجية وقال إنها لن تتحقق بدون التفاعل مع الخارج، لكن الخارج المنشود في طرحهم "ليس أيًّا من: بنغلاديش، أو كينيا، أو اليونان، أو سنغافورة، أو روسيا البيضاء، بل هو: اليابان، وبريطانيا، وألمانيا، وفرنسا، وفي بعض القطاعات الولايات المتحدة الأميركية".

- حاول بعض منظري تيار الاعتدال الترويج لضرورة بناء سياسة خارجية شفافة وغير دعائية.

- يرى منظرو التيار أن "إيران ملزمة بفتح أبوابها أمام العالم، لتحقيقها هدفها بالانتقال من دولة نامية إلى أخرى متطورة، وذلك للحصول على العلم والتكنولوجيا المتطورة، والاستثمار المالي وكلها عالمية المصدر".

- تحتاج هذه الأهداف إلى إجراء تغيير في السياسة الخارجية الإيرانية؛ حيث إن متطلبات الاقتصاد العالمي، من ناحية، وضرورة ربط عناصر الاقتصاد الوطني بالاقتصاد الدولي من ناحية أخرى، تتطلب أن تخدم السياسة الخارجية أهداف التنمية الاقتصادية أكثر من أي وقت مضى.

- يرى هؤلاء المنظِّرون أن نقطة التلاقي بين إيران والغرب وفق ما يقترحه منظرو تيار الاعتدال تأتي في مجالات" التطور الاقتصادي والتكنولوجي" لكن نقطة التلاقي المقترحة هذه تفرض تحولًا في السياسة الخارجية الإيرانية، وترى أن التفكيك بين الغرب وتقدمه التكنولوجي غير ممكن.

- بناء على ذلك، فإنهم يرون أن الإشكالية الرئيسية تكمن في عدم الجاهزية الهيكلية للجمهورية الإسلامية للتواؤم مع النظام العالمي وأن الدستور الإيراني يتضمن سمات أثَّرت بصورة مؤسسية وقانونية في السياسة الخارجية لإيران، وأدت العوامل الثلاثة إلى دخول الجمهورية الإسلامية في صراعات وحروب وإلى بقاء إيران ظاهرة أمنية، بدل أن تكون ظاهرة اقتصادية.

- يقترح تيار الاعتدال من خلال منظريه، بدائل تقول بأن النظام الغربي متكامل؛ فإذا أريد اعتماد تقنياته، فيجب اعتماد ثقافته وسياساته واقتصادياته، وأن التقدم العام للجمهورية الإسلامية غير ممكن دون التنسيق مع القوى العظمى، ويجب على الجمهورية الإسلامية ومن أجل تحقيق التقدم أن تحل تناقضاتها مع الغرب.

- يحتل الاستثمار الخارجي موقعًا حساسًا في موضوع العلاقة مع الخارج وهو واحد من أهم ملفات الخلاف بين روحاني وجهات عدة يأتي الحرس الثوري في مقدمتها. وفي هذا السياق، يمكن فهم المعارضة التي لقيها سعي حكومة روحاني للوفاء بالشروط التي وضعتها مجموعة العمل المالي (FATF) فيما يتعلق بـ"غسيل الأموال وتمويل الإرهاب". 

- شكَّلت السياسات الموازية عقبة كبيرة أمام روحاني في مجال السياسة الخارجية، وأضرت بموقع وزارة الخارجية، وجرى تسليم ملفات خارجية كثيرة لشخصيات من خارج وزارة الخارجية مثل علي ولايتي. ورغم أن حكومة روحاني امتلكت هامشًا لا يستهان به من الحرية فيما يتعلق بالملف النووي أثناء المفاوضات، إلا أن دورها بقي شكليًّا ومحدودًا في عدد من الملفات ذات الطبيعة الأمنية، ولم يكن مؤثرًا فيها بقدر ما بقيت خاضعة لسلطة الحرس الثوري، ومن أهمها: سوريا ولبنان والعراق واليمن، وهو ما يتضمن ملف العلاقة مع حزب الله وحماس والجهاد الإسلامي. 

- الخلاف بين روحاني والحرس الثوري قديم يعود إلى الحرب العراقية-الإيرانية، وقد أسهم روحاني بدعم التحرك المؤثر الذي قاده رفسنجاني على هذا الصعيد وأدى إلى قبول آية الله الخميني بقرار وقف الحرب، وذلك من خلال ما سمي "مجلس الحكماء" الذي نشط داخل مجلس الشورى.

- تتعدد نقاط الخلاف مع الحرس الثوري، ويمكن النظر إلى النشاط الاقتصادي للحرس كأبرز عنوان في الخلاف، ومع ذلك لم يستطع روحاني تقليص ميزانية الحرس والمؤسسات الأمنية بل تضاعفت في عهده. 

- لعبت شخصية روحاني وتكوينه السياسي دورًا في جعله يراوح بين معسكرين، فلا هو قادر على تجاوز تاريخه الذي يضعه في خانة "المحافظ المعتدل"، ولا هو قادر على التخلص من الأفكار والطروحات التي أخذها عن أستاذه، رفسنجاني، خاصة على صعيد الاقتصاد والسياسة الخارجية. وهذه الانتماءات التي تتجاذب روحاني جعلته في أكثر من مناسبة يرتد ليحتمي بظل عباءة المرشد، خاصة مع وفاة رفسنجاني الذي كان يقدم له الكثير من المساندة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*د.فاطمة الصمادي، باحث أول بمركز الجزيرة للدراسات متخصصة في الشأن الإيراني.

نبذة عن الكاتب

مراجع

1مهدي محمد نيا، بررسي تطبيقي سياست خارجي دولت هاي اصولگرا و اعتدال (دراسة تطبيقية للسياسة الخارجية للحكومات الأصولية والمعتدلة)، فصلية "سياست پژوهي" الدورة الثانية، العدد 1، بهار 1394 (2015)، صص 193-194.

2- استخدم روحاني تعبير "الانخراط البناء" في مقالة نشرها في الواشنطن بوست في سبتمبر/أيلول 2013.

3- أدخل مرشد الثورة الإسلامية، آية الله علي خامنئي، مصطلح "نرمش قهرمانانه/المرونة الشجاعة" إلى القاموس السياسي الإيراني، وقد قدم له تعريفات عدة في أكثر من مناسبة تصب في مجملها في "الاستفادة من مجموعة متنوعة من الأساليب للوصول إلى الهدف المنشود"، انظر: نرمش قهرمانانه، الموقع الرسمي لمرشد الثورة الإسلامية:

http://farsi.khamenei.ir/newspart-index?tid=4952

انظر أيضًا: مفهوم نرمش قهرمانانه و الزامات آن (مفهوم المرونة البطولية ومتطلباتها)، موقع تسنيم، 3 آبان 1392( تاريخ الدخول: 12 ديسمبر/كانون الأول 2017): اضغط هنا

4- من مقالة روحاني في الواشنطن بوست.

5- من ملاحظات الباحثة: أشار روحاني إلى التناقض وغياب التوافق بشأن تعريف التعامل مع الغرب، واستذكر بداية المحادثات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومهاجمة الصحافة الإيرانية لهذه الخطوة، "لقد اتهمونا بأننا ننقل أسرار إيران إلى الخارج" و"حذروا من فتح الباب للبرادعي"، واستخدم روحاني تعبير "ابن نساج الخرج" في إشارته إلى وصف البعض لمحمد البرادعي عندما كانوا يهاجمونه ويطالبون بعدم إعطائه أية قيمة، لكنهم باتوا يرون أن "ما يقوله البرادعي صحيح، ومن كانوا يحرِّمون الحديث مع الغرب الكافر يتحاورون اليوم معه". صحيح أن الغرب لا يحبنا ولكن التحدي هو كيف نتعامل مع العدو فالرسول صلَّى الله عليه وسلَّم وقَّع اتفاقية مع الكفار.

6- من كلمة روحاني في مؤتمر التنمية، طهران، فبراير/ِباط 2008، من ملاحظات سجلتها الباحثة.

7 -Mohammad Javad Zarif, What Iran Really Wants:Iranian Foreign Policy in the Rouhani Era, Foreign Affairs, May/June 2014 Issue(accessed 12 Dec 2017):

https://www.foreignaffairs.com/articles/iran/2014-04-17/what-iran-really-wants

8-Mohammad Javad Zarif, What Iran Really Wants:Iranian Foreign Policy in the Rouhani Era, Foreign Affairs, May/June 2014 Issue(accessed 12 Dec 2017):

https://www.foreignaffairs.com/articles/iran/2014-04-17/what-iran-really-wants

9- Javad Zarif,Ibid

-10 Javad Zarif,Ibid

11- البرنامج الانتخابي لروحاني، 2013.

-12 Javad Zarif, Ibid

13- يأتي اسم الحلقة من كون مبنى مركز البحوث الاستراتيجية التابع لمجلس تشخيص مصلحة النظام يقع في منطقة نياوران شمال طهران، ويضم مجموعة من كبار المسؤولين التنفيذيين الذي سبقوا وعملوا في حكومتي أكبر هاشمي رفسنجاني ومحمد خاتمي.

14- رضا سراج محمد جوان اخوان، مرجع سابق ص 27.

15- حسن روحاني، امنيت ملي ونظام اقتصادي ايران، (تهران: مجمع تشخيص مصلحة النظام، مرکز تحقيقات استراتژيک، 1391)، ط 7، ص33.

16- جاء هذا الكتاب الذي حمل اسم روحاني كمؤلف رئيسي بالتعاون مع: د. محمد باقر نوبخت، ود. محمد نهاونديان، والمهندس محمد ملايري، والمهندس أكبر تركان.

17- حظي الكتاب بالكثير من المتابعة، وطاله كثير من النقد حيث اعتُبر أنه ينظر لاقتصاد يقوم على نظام بنكي ربوي:

https://www.tribunezamaneh.com/wp-content/uploads/2013/11/critic-rouhani-total-41.pdf

18- صالحي اميري، "مکتب نياوران" خاستگاه گفتمان اعتدال بود ("مدرسة نياوران" كانت مصدرًا لخطاب الاعتدال") ، وكالة أنباء فارس، 30 ارديبهشت 1393 (تاريخ الدخول: 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2017):

http://www.farsnews.com/newstext.php?nn=13930230001034

19- المصدر السابق.

20- المصدر السابق.

-21 Javad Zarif, Ibid

22- محمود واعظي، مصدر سابق، ص 27.

23- محمود سريع القلم، "سي ويژگي سياست خارجي مطلوب براي ايران" ("اثنتان وثلاثون خصيصة لسياسة إيران الخارجية المطلوبة")، الموقع الرسمي لسريع القلم، 26 فروردين 1395، (تاريخ الدخول: 6 ديسمبر/كانون الأول 2017): اضغط هنا

24- المرجع السابق.

25- حسن روحاني، توسعه نبايد درحد آرزو باقي بماند. سخنراني دكتر روحاني در مراسم افتتاحيه اولين كنفرانس تأمين مالي پروژه هاي، صنعت نفت (التنمية لا ينبغي أن تظل في حدود الأمنية. خطاب الدكتور روحاني في حفل افتتاح أول مؤتمر تمويل مالي لمشاريع صناعة البترول)، فصلية راهبرد، الصادرة عن مركز أبحاث مجمع تشخيص مصلحة النظام، العدد 43، 1386 ش، صص 7-11.

26- روحاني در همايش «اقتصاد مقاومتي در روابط منطقه اي»: توسعه روابط، پيام ايران به کشورهاي همسايه است(روحاني في مؤتمر "الاقتصاد المقاوم في العلاقات الإقليمية": تطوير العلاقات، رسالة إيران إلى الدول المجاورة)، شفقنا، 03 اسفند 1393، 22 فبراير/ شباط 2015 (تاريخ الدخول: 4 ديسمبر/كانون الأول 2017): اضغط هنا

27- مراسم بزرگداشت روز دانشجو در دانشگاه شهيد بهشتي« روحاني: دانشگاه خانه احزاب نيست، اما کارگاه سياست است (في احتفال يوم الطالب في جامعة شهيد بهشتي، روحاني: الجامعة ليست بيتًا للأحزاب، ولكنها ورشة عمل سياسية"، الموقع الرسمي لحسن روحاني، 16/ 9/ 1392 (تاريخ الدخول: 4 ديسمبر/كانون الأول 2017):

 

28- حسن موسويان، "ايران و امريکا (گذشتهء شکست‌خورده و مسير آشتي)"("إيران وأمريكا: فشل الماضي ومسار المصالحة")، (تهران: تيسا، 1393)، ص 459.

29- گفتگوي مشروح با سريع القلم-2/کار محفلي ما قوي است اما کار تشکيلاتي و حزبي بلد نيستيم (حوار مفصل مع سريع القلم -2 / أقوياء في عمل المحافل ولكننا لا نعرف العمل التنظيمي والحزبي)، وكالة أنباء مهر، 7 بهمن 1391(تاريخ الدخول: 4 ديسمبر/كانون الأول 2017): اضغط هنا

30- "حسرت توسعه: گفتاري از دکتر محمود سريع القلم"("حسرة التنمية: حديث من الدكتور محمود سريع القلم")، الموقع الرسمي للدكتور سريع القلم، 22 تير 1393 (تاريخ الدخول: 3 ديسمبر/كانون الأول 2017): اضغط هنا

31- سريع القلم، حسرة التنمية، مرجع سابق.

32- محمود سريع القلم:سنگ بناي توسعه کشور، تحول شخصيت ايرانيان است (حجر الأساس لتنمية البلاد هو تحول الشخصية الإيرانية)، دورية اطلاعات سياسي اقتصادي، مرداد وشهريور 1382 ش، العدد 191-191، ص18.

33- سريع القلم، المرجع السابق، ص 18.

34- محمود واعظي، چشم انداز 20 ساله و راهبردهاي سياست خارجي ("رؤية الـ20 عامًا واستراتيجيات السياسة الخارجية")، ورقة قُدمت في مؤتمر عقد في طهران برئاسة واعظي، في فبراير/شباط 2008، وحضرته الباحثة، بعنوان: چشم‌انداز بيست ساله و الزامات سياست خارجي توسعه‌گرا (رؤية العشرين عامًا ومتطلبات السياسة الخارجية ذات التوجه التنموي)، مجموعة المقالات، تهران: مجمع تشخيص مصلحت نظام، مرکز تحقيقات استراتژيک، پژوهشکده تحقيقات استراتژيک، گروه پژوهشي سياست خارجي‏?، ‏?1387، ص 11.

35- واعظي، المرجع السابق.

36- موسويان، مرجع سابق، ص 105.

37- موسويان، مرجع سابق، ص 458.

38- محمود سريع القلم، بازنگري نظري در سياست خارجي جمهوري اسلامي ايران: پارادايم ائتلاف) المراجعة النظرية للسياسة الخارجية لجمهورية إيران الإسلامية: نموذج الائتلاف)، دورية "اطلاعات سياسي واقتصادي"، فروردين وارديبهشت 1380 - العدد 163 و 164 (صص 52 - 67)، ص 66.

39- محمود سريع القلم، "ايران و جهاني شدن: چالش‌ها و راه‌ حل‌ها"("إيران والعولمة: التحديات والحلول")، (تهران: مرکز تحقيقات استراتژيک، مجمع تشخيص مصلحة النظام،1384)، ص 111.

40- سريع القلم، المرجع السابق، ص 93.

41- سريع القلم، المرجع السابق، ص 95.

42- سريع القلم، المرجع السابق، ص 95.

43- سريع القلم، المرجع السابق، ص 96.

44- المرجع السابق، ص 96.

45- المرجع السابق، ص 107.

46- المرجع السابق، ص 111.

47- المرجع السابق، ص 125.

48- المرجع السابق، ص 124 وص 125.

49- المرجع السابق، ص 125.

50- المرجع السابق، ص 126.

51- المرجع السابق، ص 127.

52- المرجع السابق، ص 127.

53- المرجع السابق، ص 128.

54- رفض مجلس صيانة الدستور وهو أعلى هيئة رقابية في إيران، في 18 أغسطس/آب 2018، قرار مجلس الشورى الإيراني بانضمام البلاد إلى هذه المعاهدة.

55- اعتمدت مجموعة العمل المالي (FATF) أربعين توصية معدلة (المعايير الدولية في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وانتشار التسلح)، وتعتمد هذه التوصيات أكثر من 180 دولة وتتيح لها اتخاذ إجراءات أكثر فعالية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب على كافة المستويات ابتداءً من تحديد هوية العملاء وحتى مرحلة التحقيق والمحاكمة ومصادرة الأصول. أما على المستوى العالمي، فتقوم مجموعة (FATF) بمراقبة المعايير واتخاذ الإجراءات المناسبة لتعزيز عملية التطبيق، ويمكن مراجعة نص التوصيات على موقع المجموعة:

http://www.fatfgafi.org/publications/fatfrecommendations/documents/fatf-recommendations.html

56- كميل نقي بور، پانويس 14 پيوست دو برجام چگونه راه مبادلات تجاري را سد کرده است؟/ مقدمه سازي آمريکا در برجام براي تحميل FATF به دولت روحاني (الهامش 14 للملحق الثاني في الاتفاق وكيف أغلق طريق التبادل التجاري؟ أميركا تقدم في الاتفاق لفرض بنود (FATF) على حكومة روحاني، رجا نيوز، 6 تير 1395، (تاريخ الدخول: 28 يونيو/حزيران 2016):اضغط هنا

57- ناديا البليسي، "أميركا تحذر إيران من دعم حزب الله"، العربية، 28 يونيو/حزيران 2016، (تاريخ الدخول: 28 يونيو/حزيران 2016):اضغط هنا

58- مهدي محمدي، ريسک هاي امنيتي تفاهم با FATF،(المخاطر الأمنية للتفاهم مع FATF )، إيران هسته اي، 28 يونيو/حزيران 2016، (تاريخ الدخول: 28 يونيو/حزيران 2016):

http://www.irannuc.ir/content/2922

59- أنشىء ما أطلق عليه "مجمع الحكماء" بتعاون بين روحاني ورفسنجاني وتكون من عدد من نواب مجلس الشورى، الذين فتحوا نقاشًا جديًّا بشأن وقف الحرب العراقية-الإيرانية، وجرى وقف المجمع بأمر من الخميني بعد احتجاج قائد الحرس الثوري في ذلك الوقت، محسن رضائي.يسجل رفسنجاني شهادته بهذه القضية؛ وفق شهادة رفسنجاني، فإنه أجرى مع روحاني الذي كان يرأس (مجلس الحكماء)، جلسات حوار طويلة بشأن الحرب. وصرَّح روحاني بأن انتهاء عمليات الفاو كانت وقتًا مناسبًا لإنهاء الحرب، انظر:

اكبر هاشمي رفسنجاني، " پايان دفاع، آغاز بازسازي"(نهاية الدفاع بداية إعادة البناء)، (تهران: دفتر نشر معارف انقلاب)، 1390 ش، ص 188.

60- من ملاحظات سجلتها الباحثة حول النقاشات الانتخابية، طهران، يونيو/حزيران 2013.

61- "محمدعلي جعفري، فرمانده کل سپاه پاسداران: اشتباه تاکتيکي گفتگو با اوباما قابل جبران است" ("محمد علي جعفري، القائد العام للحرس الثوري: محادثة أوباما خطأ تكتيكي يمكن تعويضه")، موقع ديگربان، 8 مهر 1392 ش، (تاريخ الدخول: 16 ديسمبر/كانون الأول 2017):

http://www.digarban.com/node/14705.html

62- "انتقاد جانشين سپاه پاسداران از تماس تلفني روحاني و أوباما"("انتقاد نائب قائد الحرس الثوري للمكالمة الهاتفية بين روحاني وأوباما")، موقع پارسينه، 10 مهر 1392، (تاريخ الدخول: 16 ديسمبر/كانون الأول 2017): اضغط هنا

63- "هاشمي رفسنجاني: امام(ره) موافق حذف "مرگ بر آمريکا" بودند" ("هاشمي رفسنجاني: الإمام رحمه الله كان موافقًا على حذف شعار "الموت لأميركا")، موقع انتخاب، 9 مهر 1392 (تاريخ الدخول: 16 ديسمبر/كانون الأول 2017):اضغط هنا

64- "اسناد موافقت امام با حذف مرگ بر أمريكا" (وثائق موافقة الأمام على حذف الموت لأميركا)، صحيفة اعتماد، العدد 2801 ،21/7/92ش، الصفحة الأولى.

65- "فرمانده سپاه پاسداران: ادعاي موافقت امام با حذف شعار مرگ بر آمريکا، فريبکاري است" ("قائد الحرس الثوري: الادعاء بموافقة الإمام، مع إزالة شعار الموت لأمريكا، خداع")، راديو فردا، 21 مهر 1392 (تاريخ الدخول: 16 ديسمبر/كانون الأول 2017):

https://www.radiofarda.com/a/25135663.html

66- "سپاه و تفاوت کليدي روحاني با خاتمي و احمدي نژاد" ("الحرس واختلاف روحاني الأساسي مع خاتمي وأحمدي نجاد")، سايت ألف، 26 شهريور 1392، (تاريخ الدخول 16 ديسمبر/كانون الأول 2017):

http://old.alef.ir/vdccxoqse2bqox8.ala2.html?199006

67- "روحاني در دانشگاه شهيد بهشتي: دانشگاه خانه احزاب نيست" (روحاني في جامعة الشهيد بهشتي: الجامعة ليست بيتًا للأحزاب)، صحيفة جوان، 16 آذر 1392 ش، (تاريخ الدخول: 16 ديسمبر/كانون الأول 2017):

http://www.Javann.ir/625035

68- "يک تهديد عجيب: سر‌نوشت خاتمي براي روحاني رقم مي‌خورد!" ("تهديد غريب: مصير خاتمي ينتظر روحاني")، موقع انتخاب، 18 ىذر 1392، (تاريخ الدخول 16 ديسمبر/كانون الأول 2017):

69- "سردار جعفري اعلام کرد سپاه آماده خروج از اقتصاد" ("القائد جعفري أعلن: الحرس مستعد للخروج من الاقتصاد")، صحيفة دنياى اقتصاد، 21 أذر 1392، العدد 3087، (تاريخ الدخول: 16 ديسمبر/كانون الأول 2017): اضغط هنا

https://www.sarzamindownload.com/Extra_Pages/hijri_gregorian_calendar_convert/hijri_gregorian_calendar_convert.htm

70- "تفاهم ميلياردي سپاه و شهرداري"، (اتفاقية بالمليارات بين الحرس والبلدية)، وكالة ايسنا، 17 تير 1394، (تاريخ الدخول: 16 ديسمبر/كانون الأول 2017): اضغط هنا

71- "اختلاف دولت و قرارگاه خاتم‌الانبياء برسر قرارداد ساخت کشتي با کره جنوبي"("خلاف بين الحكومة وقاعدة خاتم الأنبياء على خلفية اتفاقية لبناء السفن مع كوريا الجنوبية")، راديو زمانه، 22 أذر 1395 (تاريخ الدخول: 16 ديسمبر/كانون الأول 2017):

https://www.radiozamaneh.com/313217

72- المصدر السابق.

73- "رئيس‌جمهور در همايش «مبارزه با فساد»: ريشه فساد در انحصار و تجميع قدرت است"("رئيس الجمهورية في ندوة "مكافحة الفساد": أصل الفساد في حصر وتجميع السلطة")، صحيفة دنياى اقتصاد، العدد 3366 ، 18 / 9/ 1393 ش، (تاريخ الدخول: 17 ديسمبر/كانون الأول 2017): اضغط هنا

74- "روحاني در ضيافت افطار با فعالان اقتصادي: اقتصاد را به دولتي داديم که هم تفنگ دارد و هم رسانه/ کسي جرات ندارد با آنها رقابت کند/ بخش خصوصي واقعًا ضعيف است" ("روحاني في إفطار مع نشطاء اقتصاديين: لقد أعطينا الاقتصاد لحكومة لديها بنادق ووسائل إعلام، لا أحد يجرؤ على التنافس معهم. القطاع الخاص ضعيف حقًّا")، وكالة الأنباء العمالية إيلنا، 1 تير 1396، (تاريخ الدخول: 16 ديسمبر/كانون الأول 1396): اضغط هنا

75- فرمانده کل سپاه: فعلا براي حفظ وحدت سکوت مي کنيم (القائد العام للحرس: حتى الآن صمتنا حفاظًا على الوحدة)، وكالة أنباء ايسنا، 6 تير 1396 ش، (تاريخ الدخول: 16 ديسمبر/كانون الأول 2017): اضغط هنا