يقول الله تعالى في كتابه العزيز: "وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَ شَيْءٍ حَيٍّ" (1)، وهكذا نجد رغم كل ما حققه البشر من تقدم مادي واجتماعي، أن الماء لا يزال أحد الموارد التي لا بديل لها ولا غنى عنها، ومن هنا أتت أهمية الحفاظ عليه وحسن تنظيمه وكفاءة استخدامه، وهو ما بدأه البشر منذ عشرات القرون برعاية الأنهار وبناء السدود وشق الترع وما شابهها من أشكال "ترويض المورد" للاستخدام الإنساني، بل لا أدل على أهميته من أن معظم حضارات العالم قد نشأت على ضفاف الأنهار وبالقرب من مصادر المياه في العموم.
وفي حالة حضارة نهرية قديمة، مثل مصر، إحدى الحضارات الزراعية الأولى، إلى جانب حضارات العراق والهند والصين، يكاد يكون النيل أساس الحياة وصانع التاريخ، فحتى نشأة الدولة المركزية المبكرة فيها ترجع لحاجات تنظيم النهر وتوزيع مياهه لأغراض الزراعة وحاجات العمران.
من هذا المُنطلق، تبرز أهمية ومخاطر قضية سد النهضة وما تثيره من مخاوف عميقة في الوجدان المصري؛ فلأول مرة في التاريخ تقريبًا، تكون مصر مُهددًة فعليًا في مياه نيلها لأسباب غير طبيعية، فلم تتجاوز مشاكلها معه سابقًا حاجات تنظيم واردِهِ من المياه، ومواجهة فترات فيضانه وغيضانه وما شابهها من مشكلات.
وقد تراوحت وجهات النظر في سد النهضة بين ما اعتبرته بلا أثر سلبي على مصر، بل ونسبت له بعض الفوائد، وما رأته كتهديد وجودي غير مسبوق، وفيما ينتج التطرف الأول عن قصر نظر وضيق أفق في تقييم المشكلة يتجاهل أبعادها الاستراتيجية، يرجع التطرف الثاني لخلط ما بين المشكلة الأساسية وتداعيات سوء إدارتها حاليًّا، وهو ما يتطلب ضبطًا وتمييزًا بين الاثنين؛ لمعرفة حدود الأضرار، وإمكانات الحل.
لهذا، نبدأ بلمحة تاريخية وتقنية عن السد، ثم نتعرض سريعًا لرابطة "الماء والغذاء والطاقة" كإطار للسياسات المائية، لنناقش بعدها الآثار المباشرة وغير المباشرة للسد على مصر، ولماذا تعقدت المشكلة وصعب التفاهم بين مصر وإثيوبيا، وننهي بمسح للخيارات المُتاحة لمصر في مواجهة الموقف.
لمحة تاريخية وتقنية
تعود الأصول التاريخية لفكرة سد النهضة إلى أربعينات القرن العشرين، عندما حدد مكتب الاستصلاح الأميركي 26 موقعًا لإقامة سدود في إثيوبيا، على رأسها أربعة سدود على النيل الأزرق، كان ضمنها سد النهضة الحالي، وعاود الأميركيون الاهتمام بسدود النيل الأزرق عام 1964، رافعين عددها إلى 34 سدًّا على ذلك النهر وحده، ما كان ردًّا بحسب بعض الخبراء على إنشاء الرئيس الراحل، جمال عبد الناصر، للسد العالي بالتعاون مع الاتحاد السوفيتي(2)، ولا يعني هذا بالطبع اختزال دوافع السد في التآمر، فلدى إثيوبيا أسباب موضوعية، كذا حق طبيعي، في إنشاء ما تراه ضروريًّا لحاجات تنميتها؛ نظرًا لما تعانيه من مشكلات مع المياه بسبب طبيعتها الجغرافية والجيولوجية مثل(3): صعوبة تضاريس تمنع نقل المياه حال تخزينها، وطبيعة الصخور البركانية وتأثيرها على إمكانات تخزين المياه ونوعيتها، وضعف تكوين مياه جوفية، وعدم انتظام هطول الأمطار، وارتفاع معدلات البخر لما يصل إلى 80% من مياه الأمطار، وتكرار مواسم الجفاف...إلخ.
وقد تغيرت تسميات المشروع، مع تطورات مُخططاته ونطاقاته، فمن سد بوردر Border أو السد الحدودي في دراسة مكتب الاستصلاح الأميركي بسعة 11.1-13.3 مليار متر مكعب أعوام 1958-1964، إلى مشروع إكس X Project برعاية الشركة الإثيوبية للطاقة الكهربائية عام 2011، إلى سد الألفية الإثيوبي العظيم بسعة 17 مليار متر مكعب في نفس العام، لينتهي أخيرًا إلى اسم سد النهضة الإثيوبي العظيم في ذات العام كذلك، لكن بزيادات جديدة كبيرة في سعته من 62 إلى 67 ثم 70 مليار متر مكعب، انتهت إلى 74 مليار متر مكعب عام 2012(4).
ويتكون السد في تصميمه الأخير من سد رئيسي على مجرى النيل الأزرق بارتفاع 145 مترًا وامتداد بطول 1800 متر، مع سد مُكمل لزيادة التخزين، وارتفاعات ركامية محيطة بجوانبه المنخفضة بحوالي 45 مترًا، وبحيرة تخزين مع ثلاث قنوات تصريف ومحطتي توليد كهرباء بالتوربينات على جانبي السد، ويغطي مساحة 1680 كم2، ما سيجعله أكبر سد كهرومائي في إفريقيا، والعاشر عالميًّا(5). وكان من المُقرر أن يكتمل بناء السد الذي بدأ عام 2011 في غضون خمس سنوات، ثم قُدِّر اكتماله في أواخر 2018، حتى أعلن مسئولون إثيوبيون أن السد لن يكتمل نهائيًّا حتى عام 2022(6)، كما وصلت نسبة إنجاز السد بحسب شركة الكهرباء الإثيوبية مالكة المشروع إلى 68.3% أواخر سبتمبر/أيلول الماضي (2019)(7)، ويعرض الشكل (1) صورة عامة لمكونات السد.
شكل (1) صورة عامة لسد النهضة(8)
المصدر:عمل الباحث |
الهيدروبوليتكس وثلاثية الماء والغذاء والطاقة
تُعرِّف منظمة الأغذية والزراعة للأمم المُتحدة "ثلاثية الماء والغذاء والطاقة" بأنها مفهوم شامل للطبيعة المترابطة لمنظومة الموارد العالمية، فهي ثلاثية يؤثِّر كل منها في الآخر ولا يمكن فهم أو إدارة أيٍّ منها إدارة كفؤة وفعالة، تحقق الأهداف التنموية والاجتماعية وتضمن توازن النظام الإيكولوجي واستدامته، بمعزل عن الآخر(9)، وكما يشير اسمها فهي تشمل ثلاثة أهداف أساسية: أمن الماء وأمن الغذاء وأمن الطاقة.
وتنتمي الأهداف الثلاثة لنطاق البنية التحتية الاجتماعية؛ ما يوسِّع آثارها وينشرها عبر مُجمل قنوات الأداء الاقتصادي والاجتماعي والسياسي للدولة، ويبرز ضمنها الأمن المائي، موضوعنا، كأحد أهم الأهداف الإنمائية للألفية، بما له من آثار مباشرة على الغذاء والطاقة، وغير مباشرة على الصحة ومستويات المعيشة والأمن الاجتماعي والاستقرار السياسي؛ ما يتجلى فيه الارتباط بين الموارد الطبيعية واحتياجات التنمية والصراعات الإقليمية والدولية، ما زاد مع اعتباره "النفط القادم" مع شُحِّه الذي بدأ فعلًا، كذا يفسر الأطروحات المتداولة منذ عقود عن حروب المياه المُتوقعة، كتوقع ورقة تقييم المخاطر التي أعدتها وكالة المخابرات المركزية الأميركية في التسعينات لعشرة مواقع مُحتملة لهذه الحروب، معظمها في منطقة الشرق الأوسط (10)، وما حددته دراسة أحدث عام 2018، كأكثر المناطق المحتمل أن تعاني توترات هيدروبوليتيكية(11)، وضعت على رأسها منطقة حوض النيل، وبعده مناطق نهري الجانج/براهمابوتر ونهر السند ونهري دجلة/الفرات ونهر كولورادو(12).
ويؤكد ما سبق أهمية المسألة المائية، فضلًا عن مخاطرها وتعدد آثارها، ما يستوجب التمييز بين الآثار المباشرة لسد النهضة على الحصص المائية، وآثاره غير المباشرة -التي قد تستعصي على الحصر- على قطاعي الغذاء والطاقة، وانعكاساتها الضمنية على الصحة ومستويات المعيشة والأمن الاجتماعي والاستقرار السياسي.
الآثار المباشرة للسد: الحصص المائية لمصر والسودان
تعتمد مصر على مياه النيل بنسبة تقرب من 95% للوفاء باحتياجاتها الإنتاجية والاستهلاكية من المياه، وهو ما يعني أن أي تغير في حصتها في مياه النيل البالغة 55.5 مليار متر مكعب سيكون له أثر كبير على الإنتاج والحياة في مصر، ورغم محاولات مصر زيادة مواردها الداخلية من المياه، سواء من خلال المياه الجوفية أو إعادة معالجة مياه الصرف، يظل اعتمادها الأساسي في الوفاء باحتياجاتها المائية المتزايدة على وارد مياه النيل، كما يكشف جدول تطور الميزان المائي المصري بين عامي 2007 و2017:
جدول (1): الميزان المائي المصري عامي 2007 و2017(13)
المصدر:ضياء الدين القوصي |
ورغم وقوع مصر فعليًّا ضمن الدول الفقيرة مائيًّا، بانخفاض حصة الفرد من المياه فيها تحت المعدل المُعتمد دوليًّا للندرة المائية البالغ 1000 متر مكعب للفرد سنويًّا، تشير التقديرات لاحتمالية وقوع مصر تحت عجز مائي يبلغ 32 مليار متر مكعب عام 2025(14)؛ ما يعني تفاقم الوضع المتدهور أصلًا.
أما السودان، فوضعه أفضل إلى حدٍّ ما، فبحصته البالغة 18.5 مليار متر مكعب من مياه النيل، وحصة الفرد المتجاوزة لمُعدل الندرة دوليًّا؛ يظل خارج نطاق الندرة المائية، وإن كان مع اعتماده على النيل بحوالي 80% من احتياجاته، يظل مُعرضًا لقصور موارده المائية عن الوفاء باحتياجاته التنموية الحالية والمُستقبلية، بما يصل إلى 10 مليارات متر مكعب حاليًّا، تتزايد بالطبع مع الضغوط الناتجة عن السد(15).
جدول (2): نصيب الفرد من الموارد المائية في مصر والسودان(16)
المصدر: عمل الباحث |
ويعني ما سبق هشاشة الوضع المائي لمصر والسودان فعليًّا في الوقت الحالي؛ ما يفاقم الآثار المائية المباشرة المُتوقعة للسد عليهما، إضافة للآثار الجيولوجية والبيئية، كما يلقي بظلال كئيبة على الآثار التابعة لها على الغذاء والطاقة معًا، وبالمُجمل تشير التقديرات إلى الآثار العامة التالية(17):
1. فقدان مصر والسودان لكمية مياه تتراوح ما بين 14 و24 مليار متر مكعب، حسب سعة التخزين الميت للسد، وقد أعلنت إثيوبيا أنها ستكون بمقدار 14 مليار فقط، وسيتم حجزها بالسد على مدى ثلاثة أعوام؛ ما يقلِّل الخسائر السنوية للبلدين من المياه حال التزامها بذلك، وإن كانت مصر ستفقد ثلاثة أمثال ما سيفقده السودان وفقًا لحصصهما في اتفاقية 1959.
2. ستفقد مصر والسودان المياه المتسربة عبر صخور الخزان، والتي لم تُقدر كمياتها بعد.
3. سترتفع خسائر بخر المياه بنسبة 5.9%؛ ما سيزيد فاقد المياه وملوحتها.
4. ستنخفض سرعة تدفق المياه؛ ما سيزيد معدلات الترسيب بها.
5. قد تتوقف زراعة 29.47% و23.03% من الأراضي الزراعية بصعيد ودلتا مصر على التوالي.
6. انخفاض مساحات الأراضي المزروعة بالري الغمري والحوضي في مصر والسودان.
7. سيفقد السودان بخاصة وارد الطمي السنوي الذي يخصب أراضيه الزراعية حول النيل الأزرق.
8. سينخفض منسوب بحيرة ناصر بحوالي عشرة أمتار؛ ما سيؤثر على معدلات توليد الطاقة الكهربائية من السد العالي، وقد يصل الانخفاض إلى ما يتراوح بين 20 و40% منها.
9. سيتأثر السودان بالموجات الزلزالية المُحتملة بسبب كميات المياه الكبيرة التي سيخزنها سد النهضة قرب حدوده الجنوبية، والتي ستبلغ مع وزن السد ما يقرب من 150 مليار طن.
10. في حالة انهيار السد، كما يتوقع بعض الخبراء بسبب الطبيعة الجيولوجية للأراضي الإثيوبية(18)، فستغرق المدن السودانية بفيضان هائل من مياهه المُخزنة، بما فيها منطقة الجزيرة والعاصمة الخرطوم ومعظم الأراضي المصرية.
الآثار غير المُباشرة للسد: الآثار على قطاعي الغذاء والطاقة والآثار الاقتصادية والاجتماعية العامة
في استطلاع لآراء مئة من المتخصصين، من مركز البحوث الزراعية والمركز القومي لبحوث المياه ومركز بحوث الصحراء والمركز القومي للبحوث، بشأن الآثار الاقتصادية والاجتماعية العامة لسد النهضة على الريف المصري، وفقًا لمنهجية تتبع التنبؤ الاجتماعي، التي تعتمد على استنتاج المعطيات حول المسألة موضوع البحث واستطلاع وتحليل اتجاهات آراء المتخصصين حولها، توصل باحثون(19) إلى اتفاق أغلب هؤلاء المتخصصين على أهم الآثار التالية:
1. اتفاق بنسبة تتجاوز 60%: نقص الحصة السنوية من المياه وارتفاع أسعار الغذاء وزيادة معدلات الهجرة من الريف إلى الحضر وتغير التركيب المحصولي والأنشطة الاقتصادية لبعض المجتمعات الريفية وبطء النمو الاقتصادي الريفي وزيادة الفجوة الغذائية.
2. اتفاق بنسبة ما بين 40 و60%: زيادة مشكلات العمل الزراعي واستنزاف المياه الجوفية والحاجة لبرامج ضمان اجتماعي ريفي وتقلص برامج استصلاح الأراضي وتدهور الصناعات الزراعية والهجرة الريفية للدول العربية وتلوث الغذاء بالمياه الملوثة وانخفاض خصوبة التربة وتحكم إثيوبيا بمياه مصر.
3. اتفاق بنسبة أقل من 40%: تبوير الأراضي الزراعية وانخفاض قيمتها الاجتماعية والإضرار بالثروة السمكية وتدهور نوعية الحياة بالريف وانتشار الأمراض المزمنة وضعف التفاعل الاجتماعي والمشاركة وتدهور المستوى التعليمي وتدني مكانة المرأة الريفية.
وفي استطلاع مُشابه بتقنية دلفي، التي تقيِّم احتماليات المخاطر وآثارها على مرحلتين، لتنتهي بتصنيفها لخمس فئات متصاعدة من الخطر وفقًا للقيمة المُتوقعة لدرجة الخطر بضرب متوسط احتماليته في متوسط أثره، انتهت دراسة النشار واليماني(20) لترتيب الخمسة عشر خطرًا، التي حددوها بعصف ذهني مع مجموعة من الخبراء قبل تنفيذ دورتي دلفي، تصاعديًّا وفقًا لفئات الخطورة التالية:
1. في فئة الخطر الأولى: انخفاض نوعية مياه النيل، والأثر السلبي على المناخ والملاحة والثروة السمكية في مصر.
2. في فئة الخطر الثانية: الأثر على توزيع السكان في مصر وعلى الصحة وانتشار الأمراض، وزيادة مخزونات المياه خلف سد النهضة وانهيار سد النهضة لأخطاء في التصميم أو التنفيذ.
3. في فئة الخطر الثالثة: التعجيل بملء بحيرة سد النهضة في فترة أقل، وتقلص مخزونات المياه الجوفية وارتفاع معدل تصحر الأراضي الزراعية في مصر، وانخفاض إنتاج السد العالي من الطاقة الكهرومائية، وانهيار سد النهضة بسبب الزلازل أو البراكين.
4. في فئة الخطر الرابعة: انخفاض حصة مصر السنوية من المياه، والنزاع العسكري بين مصر وإثيوبيا.
هذا عن الآثار العامة ومخاطرها، أما عن الآثار والمخاطر النوعية على الغذاء والطاقة، وما يتبعها من آثار على الصحة ومستويات المعيشة والأمن الاجتماعي والاستقرار السياسي، فبيانها كالتالي:
(أ) الغذاء: الآثار على قطاع الزراعة
في دراسة(21) اعتمدت على نموذج الأسواق المتعددة(22)، قدَّر باحثون الآثار الماكروية المُتوقعة لانخفاض واردات مياه النيل بسبب سد النهضة(23)، على أساس احتماليتي انخفاض لحصة مصر من المياه: الأول تفاؤلي يفترض انخفاضها بنسبة 20% فقط، والثاني تشاؤمي يفترض انخفاضها بنسبة 50%، بدءًا من الآثار على المساحة المزروعة ومرورًا بأهم المحاصيل الزراعية وانتهاءً بالآثار على أسعار المستهلك والدخل الحقيقي.
-
السيناريو التفاؤلي: انخفاض حصة مصر المائية بنسبة 20%
بالتوازي، تنخفض المساحة المزروعة بنسبة 20%؛ فتنخفض مساحات زراعة محاصيل القمح بنسبة 23%، والذرة بالمثل، والأرز بنسبة 15%، والبطاطس بنسبة 21%، والبرسيم بنسبة 16%، والبصل بنسبة 28%، فينتج عن كل ما سبق انخفاض الإنتاج الحيواني بنسبة 20%، وارتفاع أسعار المستهلك لهذه المحاصيل بنسبة تتراوح ما بين 12 و65%، وبالمُجمل ينخفض الدخل الحقيقي للفقراء بنسبة 22% ولغير الفقراء بنسبة 12%.
-
السيناريو التشاؤمي: انخفاض حصة مصر المائية بنسبة 50%
بالمثل، تنخفض المساحة المزروعة بالتوازي بنسبة 50%؛ فتنخفض مساحات زراعة محاصيل القمح بنسبة 50%، والذرة والأرز والبصل والبطاطس بالمثل، وينخفض الإنتاج الحيواني بنسبة 44%، وينتج عن كل ما سبق ارتفاع أسعار المستهلك لهذه المحاصيل بنسب تتراوح ما بين 29 و85%، وينخفض الدخل الحقيقي للفقراء بنسبة 34% ولغير الفقراء بنسبة 21%.
وبشكل أكثر عمومية/ماكروية سيؤثر سد النهضة على مُجمل القطاع الزراعي/الغذائي المصري على النحو التالي(24):
1. سيؤدي كل انخفاض بمقدار 4-5 مليارات متر مكعب لتدمير مليون فدان من الأراضي الزراعية؛ ما يعني خسارة 12% من الإنتاج الزراعي وتشريد مليوني عائلة ريفية، أي ما يربو على عشرة ملايين فرد.
2. تقليل مساحات المحاصيل المُستهلكة للمياه، ومنها محاصيل استراتيجية مثل الأرز وقصب السكر.
3. ارتفاع نسبة الملوحة بمساحات واسعة من الأراضي الزراعية وزيادة معدلات التصحر وتعليق كافة مشاريع استصلاح الأراضي والتوسع الزراعي.
4. زيادة الفجوة الغذائية المصرية من إجمالي الاحتياجات الغذائية من 55% إلى 75%.
5. ارتفاع معدلات تلوث مياه النيل وانخفاض كميات المياه المتدفقة منه للبحر المتوسط؛ وبالتالي تسرب مياه الأخير لأراضي الدلتا وتجمعات المياه الجوفية.
6. ضعف الثروة السمكية والتنوع البيولوجي في المياه وفي التربة الزراعية.
7. ضعف إمكانات الملاحة النهرية والسياحة المرتبطة بها.
8. ارتفاع تكاليف المياه؛ بالاضطرار لإنشاء محطات لتحلية المياه في معظم المدن الساحلية.
9. انخفاض الدخل القومي وتدهور مستويات المعيشة بسبب تراجع الإنتاج الزراعي والتنمية الريفية وبرامج مكافحة الفقر.
(ب) الطاقة: الآثار على قطاع الكهرباء
رغم تأثير سد النهضة على تدفقات المياه للسد العالي ومخزوناتها في بحيرة ناصر، إلا أنه لن يؤثر بشكل كبير على حالة الطاقة في مصر. من المُتوقع أن يؤثر كل مليار متر مكعب مياه تفقده مصر بسبب سد النهضة، على إنتاجها من الكهرباء بنسبة 2% تقريبًا، وقد يصل إجمالي ذلك الأثر على إنتاجية الطاقة الكهرومائية إلى 30% تقريبًا(25)، وهو ما يتوافق مع التقديرات المذكورة سابقًا بخسارة ما بين 20 و40% من الطاقة المُولدة من السد؛ بما لذلك من آثار على تكاليف إنتاج الطاقة واستهلاكها. لكن رغم ذلك فإن الأمر لن يصل لدرجة الحرمان المُعطل والخسارة الصافية كما هي الحال في قطاع الزراعة والغذاء؛ حيث مكنت مشاريع الطاقة الكبيرة الأخيرة بتكلفتها الهائلة مصر من تعزيز قدراتها في إنتاج الكهرباء، بما وصل إلى إضافة 25 ألف ميجاوات في يوليو/تموز 2018، ما يصل لحوالي اثني عشر ضعف الطاقة الإنتاجية القصوى للسد العالي(26) البالغة 2100 ميجاوات(27).
-
(ج) مستويات المعيشة والأمن الاجتماعي والاستقرار السياسي
بالإضافة إلى ما سبق ذكره من آثار عامة، فستشمل الآثار الاقتصادية والاجتماعية والسياسية العامة غير المباشرة لكل ما سبق من آثار لسد النهضة ما يلي:
1. ارتفاع تكاليف الإنتاج؛ بسبب ارتفاع تكاليف المياه، والطاقة جزئيًّا؛ ما يؤدي لتراجع الإنتاج الزراعي والصناعي؛ ومن ثم تراجع النمو الاقتصادي الكلي.
2. يؤدي تراجع الإنتاج والنمو لتراجع التشغيل وارتفاع معدلات البطالة والطاقات الإنتاجية العاطلة.
3. تؤدي زيادة الفجوة الغذائية وتراجع الإنتاج الزراعي والصناعي لزيادة الميل للاستيراد؛ ما يضيف أعباءً جديدة على الميزان التجاري والموازنة العامة، وضغوطًا إضافية على سعر الصرف والتصنيف الائتماني والقدرة الاستيعابية للقروض.
4. ارتفاع المستوى العام للأسعار، أي التضخم المدفوع بالتكاليف؛ ومن ثم انخفاض مستويات المعيشة وارتفاع معدلات الفقر.
5. تؤدي زيادة البطالة والتضخم معًا لتعميق الركود الاقتصادي؛ لضعف القوة الشرائية؛ ومن ثم الطلب الاستهلاكي المحرك الأول للنمو في مصر؛ ما يزيد من تراجع النمو الاقتصادي والتشغيل وزيادة الفقر.
6. تؤدي زيادة الهجرة من الريف للمدينة، مع تراجع النشاط الزراعي، لمزيد من الضغوط على الخدمات الحضرية، والأعباء على الموازنة العامة، فضلًا عن ضعف الاستقرار الاجتماعي والسياسي.
7. تزداد معدلات الجريمة والتفكك الأسري وتتدهور الصحة وأوضاع الفئات الأضعف اجتماعيًّا من نساء وأطفال ومسنين ومرضى.
8. ارتفاع مستويات القمع السياسي والاجتماعي للحفاظ على الاستقرار، وزيادة دور الأجهزة الأمنية وتكاليف أنشطتها.
9. تراجع الاستثمار والسياحة بسبب كل ما سبق من تدهور اقتصادي واجتماعي وعدم استقرار سياسي.
10. يؤدي وجود السد، حتى حال عدم الخلاف بشأنه، لسيطرة إثيوبية كبيرة على شريان الحياة بمصر، وهو بذاته تهديد استراتيجي شديد الخطورة، يضع مصر تحت رحمة أهواء السياسة الإثيوبية وارتباطاتها الدولية غير المأمونة.
لكن لماذا تعثرت المفاوضات بين مصر وإثيوبيا؟
يمثِّل ملف سدِّ النهضة أحد أكثر الملفات التي تعكس تراجع ثقل مصر إفريقيًّا ودورها دوليًّا، كما يعكس الانفصال بين أولويات النظام السياسي والمصالح الاستراتيجية للدولة، كما تجلَّى في ملاحظة جريدة الإندبندنت(28) البريطانية، للاهتمام الكبير بدعم حكام بعض الدول الجارة لمصر، مقابل التباطؤ في التعاطي مع ملف بخطورة السد، ومقابل ترك الساحة واسعة لإثيوبيا لبناء سمعة ونفوذ كبير بين شعوب إفريقيا، بسياسات أكثر شعبية وديمقراطية، وكذلك في نشر السلام الإقليمي، وقد تجلى آخر مظاهر ذلك في وساطة رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، بين المتظاهرين السودانيين والمجلس العسكري السوداني لصالح حل سياسي توافقي يرضي المدنيين والعسكريين على السواء.
وإلى جانب كونه استمرارًا لسياسات تجاهل إفريقيا منذ عهد مبارك، يأتي هذا التباطؤ في سياق عدد من القيود على تحركات الدبلوماسية المصرية، ذكر منها السفير بلال المصري(29):
1. الدور الكبير لإثيوبيا في السياسات الإفريقية، واتساع شبكة علاقاتها ومصالحها ضمن القارة، مقابل التمثيل الصوري المصري محدود الفاعلية.
2. اختلاف مواقف مصر والسودان والدول التي شملها التحرك المصري المتأخر بشأن سد النهضة والسياسة المائية عمومًا.
3. ضعف إمكانات الوساطة، بما في ذلك جهات مُفترض بها الحياد كالبنك الدولي؛ ما يرجع لتأخر التحرك المصري من جهة وتدهور وضع مصر دوليًّا من جهة أخرى، وربما تفيد الوساطات الجديدة المُقترحة من خلال الرئيسين، الأميركي والروسي، في حلحلة الموقف.
4. كثافة وتداخل وتشابك مصالح دول حوض النيل؛ بشكل يعقِّد خريطة التفاوض والتحرك أمام الجانب المصري.
5. تصاعد ضغوط الندرة المائية في دول حوض النيل نفسها؛ بسبب التغير المناخي، مع تصاعد احتياجاتها التنموية من المياه والغذاء والطاقة في نفس الوقت؛ بشكل يدفعها لمزيد من التشدد في مطالبها ومفاوضاتها مع الجانب المصري، ما تجلى في اتفاق التعاون الإطاري.
6. غلبة التعامل السياسي الأمني ضيق الأفق على السياسات المائية داخل مصر ومع دول حوض النيل، دون اعتبار كاف للجوانب الفنية والاستراتيجية وتوصيات الخبراء وتحذيراتهم.
7. عدم استشعار القوى الدولية لأي تهديد لمصالحها بسبب سد النهضة، أو أثر على علاقاتها بمصر إذا ساندت إنشاءه؛ وهو ما يعكس مرة أخرى تدهور مكانة مصر الدولية.
8. ضعف إمكانية التدخل العسكري؛ لكثرة القوى الدولية المرتبطة بمشروع السد، وللمخاطر الفنية والبيئية المُحتملة، التي قد ترتد على مصر والسودان نفسيهما.
ويدعم ما سبق ويؤكده، حالة الحياد الأقرب لدعم إثيوبيا من دول الخليج، حتى من السعودية والإمارات، أهم حلفاء النظام المصري بعد 3 يوليو/تموز، كما ظهر من عدم استجابة السعودية لمطالب الخارجية المصرية بالضغط على إثيوبيا، واكتفائها بالدعوة لاحترام الاتفاق الإطاري بين مصر والسودان وإثيوبيا، بل سبق ذلك محاولات سعودية لتوظيف السد في مناكفة مصر خلال فترات الخلاف، ما ظهر في زيارة وزير الزراعة السعودي لأديس أبابا أواخر 2016، وبعدها بأيام زيارة مستشار العاهل السعودي لسد النهضة ومناقشة إمكانيات توليد الطاقة المتجددة منه(30).
يشير ذلك في مُجمله لحالة العُزلة المصرية حتى ضمن المحيط العربي، ناهيك عن الإفريقي؛ ما يضعف إمكانيات التفاوض، خصوصًا مع قلة الأوراق في حوزة المفاوض المصري، وضعف وتخبط الإدارة السياسية الحالية في العموم.
الخيارات الاستراتيجية لمصر
بالنظر في المخاطر والتهديدات المُحتملة للسد، وبخاصة الاستراتيجي منها المتُصل بهيمنة إثيوبيا على موارد مصر المائية، نجد أمام مصر نوعين عامَّيْن من خيارات المواجهة التي يجب أن تنفذها على التوازي:
أولًا: المواجهة التقنية
والتي تتمحور حول ثلاثة أنواع من السياسات، تقدر بعض الدراسات(31) قدرتها على توفير ما يقرب من 40 مليار متر مكعب من المياه، بما يتجاوز الفاقد المُتوقع منها بسبب سد النهضة والبالغ حوالي 28 مليار متر مكعب، وهي:
1. رفع كفاءة استخدام الموارد المتاحة: باستخدام أنظمة الري والزراعة الحديثة ذات الكفاءة الأعلى التي تصل لما يتراوح بين 75 و85%، والتحول من القنوات المكشوفة للأنابيب الأرضية لتقليل فاقد البخر، وغيرها من أنظمة حديثة مما قُدِّرت إمكانية بنائه خلال عامين لا غير.
2. رفع كفاءة توزيع الموارد المُتاحة: بتعديل التركيب المحصولي باتجاه المحاصيل الأقل استهلاكًا للمياه والأعلى إنتاجية في الظروف المصرية، وعقد اتفاقات تبادل تجاري تعوض الخسائر في المحاصيل الأخرى وتشبع الحاجات المحلية منها، مقابل زيادة الناتج من تلك المحاصيل.
3. إيجاد مصادر مياه جديدة: بإعادة مُعالجة المياه من الصرف الزراعي والصحي، واستخدام المياه الجوفية، وتحلية مياه البحر، وبناء مُكثفات المياه بجوار أماكن البخر المائي الشديد.
ثانيًا: المواجهة الاستراتيجية
والتي تتمحور حول نوعين من السياسات، الهادفة بالأساس لمواجهة الهيمنة الإثيوبية على النيل، وضمان قدر من توازن القوى بين البلدين في مجال السياسات المائية، وهي:
1. إيجاد مصالح مُشتركة: بما يفرض منطق تبادل المصالح والحاجات المشتركة، ويفيد في هذا مثلًا ضعف كفاءة سد النهضة من جهة هدفه الأساسي المتعلق بإنتاج الطاقة(32)، مع فائض الطاقة الكبير لدى مصر؛ حيث يمكن أن يفيد التبادل هنا في إطالة فترة ملء السد، وفي إيجاد مصلحة مشتركة بين البلدين من خلال نوع من تسوية: المياه مقابل الكهرباء.
2. خلق أوراق مضادة: باستغلال نقاط ضعف الخصم، مثل كون إثيوبيا دولة حبيسة بحاجة لمنافذ على البحر، ونزاعاتها مع جاراتها الأصغر، إريتريا وجيبوتي.. إلخ، بما يمكِّن مصر من تهديد مصالحها التجارية حال هددت مصالح مصر المائية.
خاتمة
في النهاية، يجب ألا تستبعد مصر خيار الحرب، إذا ما اضطرها لذلك التعنت الإثيوبي؛ ففي المفاوضات الدولية ينتصر صاحب السقف الأعلى، كما أن التهديد باحتمالية الحرب والإضرار بالاستقرار، والضجيج الإعلامي والزخم السياسي المصاحب لهما، يمثِّل بذاته عنصر ضغط على كافة الأطراف الإقليمية والدولية للتوقف عن اللامبالاة بالحقوق المصرية، وإجبارها على التدخل لتحقيق تسوية أكثر إنصافًا، خصوصًا مع عدالة القضية المصرية.
(1) القرآن الكريم، سورة الأنبياء، آية (30).
(2) انتصار معاني علي، "الأبعاد الجيوبوليتيكية لبناء سد النهضة على دولتي المصب (مصر والسودان)"، مجلة كلية التربية للبنات، (المجلد 28 (1)، 2017م)، ص 284.
(3) المصدر السابق، ص 286.
(4) عباس محمد شراقي، "تداعيات سد النهضة الإثيوبي على الأمن المائي المصري"، مجلة الزراعة المصرية، (المجلد (40)، المؤتمر الدولي الخامس عشر لعلوم المحاصيل، أكتوبر/تشرين الأول 2018)، ص 5، 6.
(5) صابر أمين سيد دسوقي، إسلام سلامة مصطفى، هبة صابر أمين دسوقي، أحمد إبراهيم محمد صابر (م. مشارك)، "التقييم الجغرافي لسد النهضة وتأثيره على مصر"، ورق ضمن المؤتمر الجغرافي الأول الموارد المائية في الوطن العربي بين المعوقات وآفاق التنمية، (جامعة المنوفية - كلية الآداب - مركز البحوث الجغرافية والكارتوجرافية، ٢٠١٧م)، ج١، ص ٥١.
(6) إثيوبيا تكشف موعد الانتهاء من بناء سد النهضة، سكاي نيوز عربية، 13 ديسمبر/كانون الأول 2018، (تاريخ الدخول: 27 أكتوبر/تشرين الأول 2019):
Shorturl.at/kqwO4
(7) بعد رفض اقتراح مصر.. إثيوبيا تعلن اكتمال أعمال بناء سد النهضة بنسبة 68.3%، روسيا اليوم، 25 سبتمبر/أيلول 2019، (تاريخ الدخول: 27 أكتوبر/تشرين الأول 2019): shorturl.at/EQXZ7
(8) شراقي، تداعيات سد النهضة الإثيوبي على الأمن المائي المصري، ص 8.
(9) Food and Agriculture Organization of the United Nations, The Water-Energy-Food Nexus: A new approach in support of food security and sustainable agriculture, 2014, p 3.
(10) بولوك ج ودرويش ع، حروب المياه.. الصراعات القادمة في الشرق الأوسط، ترجمة: هاشم أحمد محمد، (المشروع القومي للترجمة، المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة، 1999)، ص 24.
(11) الهيروبوليتكس Hydropolitics هي النزاعات السياسية الدولية بسبب موارد المياه وحولها، أو التفاعلات السياسية الدولية المتأثرة بالمتغير المائي.
(12) Farinosi, F., Giupponi, C., Reynaud, A., Ceccherini, G., Carmona-Moreno, C., De Roo, A., Gonzalez-Sanchez, D., Bidoglio, G., 2018. An innovative approach to the assessment of hydro-political risk: A spatially explicit, data driven indicator of hydro-political issues. Glob. Environ. Chang. 52, 286–313.
(13) علي، الأبعاد الجيوبوليتكية لبناء سد النهضة على دولتي المصب، ص 290.
(14) المصدر السابق، ص 290، 291.
(15) سوسن صبيح حمدان، "تأثير سد النهضة على مستقبل الموارد المائية في مصر والسودان"، مجلة المستنصرية للدراسات العربية والدولية، الجامعة المستنصرية، مركز المستنصرية للدراسات العربية والدولية، بغداد، (ع (51)، 2015)، ص 298.
(16) المصدر السابق، ص 298.
(17) لمزيد من التفاصيل، انظر:
- شراقي، تداعيات سد النهضة الإثيوبي على الأمن المائي المصري، ص 9.
- علي، الأبعاد الجيوبوليتيكية لبناء سد النهضة على دولتي المصب، ص 293.
- Y. El-Nashar, Walaa , H. Elyamany, Ahmed , "Managing risks of the Grand Ethiopian Renaissance Dam on Egypt", Ain Shams Engineering Journal, (9 (2018)), p 2384-2385.
(18) وهي احتمالية ليست بالهينة، في ضوء الحجم الكبير جدًّا للسد، مع معامل أمان منخفض يبلغ 1.5 ريختر فقط، وارتفاع معدل الفيضانات في منطقة السد، بما يصل لسبعة فيضانات كل عشرين عامًا، فضلًا عن إقامة السد على فالق أرضي خطر في منطقة زلزالية وبركانية نشطة، فقد سجلت البيانات حدوث ما يقرب من 10 آلاف زلزال في موقع السد خلال الفترة 1970-2013، ما يفوق معامل أمانه المنخفض بكثير، وبتواتر مرتفع، تؤيده سابقة الخبرة، كانهيار جزء من سد تيكيزي الذي أُقيم عام 2009، وسد جيبي2 بعد عشرة أيام فقط من افتتاحه رسميًّا، ومع أول فيضان يواجهه، بل وتسجل خبرة إثيوبيا مع السدود عمومًا انهيار 45 سدًّا من إجمالي سبعين سدًّا صغيرًا، ولأخذ فكرة عن حجم الغرق والدمار المُحتمل حال حدوث هذه الاحتمالية الكارثية، يكفي أن نعرف ما تشير إليه التقديرات بأن ارتفاع المياه في مدينة القاهرة، ناهيك عن كل المدن على طول الرحلة الطويلة من السد إليها، قد يبلغ 30 مترًا، ما يكفي لإغراق مبنى من عشرة أدوار!! لمزيد من التفاصيل، انظر:
- زكي البحيري، مصر ومشكلة مياه النيل.. أزمة سد النهضة، (الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 2016)، ص 503-510.
(19) أسامة بدير، ماجدة قطب، سامي الغمريني، "بعض الآثار الاجتماعية الاقتصادية لسد النهضة الإثيوبي على الريف المصري"، مجلة الاقتصاد الزراعي والعلوم الاجتماعية، (المجلد (6)، العدد (9)، 2015م)، ص 1387-1389.
(20) El-Nashar, Elyamany, Managing risks of the Grand Ethiopian Renaissance Dam on Egypt, p 2385-2386.
(21) فاطمة عبد الشافي منصور، وليد يحيى سلام، "تحليل أثر الفقر المائي المُتوقع.. نموذج الأسواق المُتعددة"، مجلة الاقتصاد الزراعي والعلوم الاجتماعية، كلية الزراعة، جامعة المنصورة، (المجلد (8)، العدد (10)، أكتوبر/تشرين الأول 2017).
(22) يُعرف نموذج الأسواق المتعددة بأنه نموذج ديناميكي يدمج بشكل كامل قرارات الإنتاج والاستهلاك، ويشمل الاستجابات المختلفة للمتغيرات الداخلة في النموذج، بالإضافة إلى التغذية المرتدة للتغيرات في الدخل على أنماط الاستهلاك والإنتاج داخل وعبر القطاعات المختلفة للمحاصيل وأنشطة الإنتاج الحيواني على حدٍّ سواء، كما يتضمن النموذج تأثيرات الدخل والأسعار على استبدال السلع، وتتبع التغيرات في الدخل الحقيقي عبر فئات المنتجين والمستهلكين على المستويات المختلفة حسب مستوى الدخل، فضلًا عن تقييم آثار السياسات المائية على رفاهية فئات الدخل المختلفة وتداعياتها على موازنة الحكومة. وهكذا، فبالمُجمل ييسر النموذج تقييم نتائج التغيرات في كميات المياه المتاحة، انظر:
- منصور وسلام، تحليل أثر الفقر المتوقع، ص 653.
(23) منصور وسلام، تحليل أثر الفقر المتوقع، ص 656-658.
(24) Negm, Abdelazim, Elsahabi, Mohamed, Tayie, Mohamed Salman, "An Overview of Aswan High Dam and Grand Ethiopian Renaissance Dam", in A. M. Negm and S. Abdel-Fattah (eds.), Grand Ethiopian Renaissance Dam Versus Aswan High Dam, Hdb Env Chem, (Springer International Publishing AG, part of Springer Nature 2018), p 14.
(25) "كهرباء السد العالي" لـ"اليوم السابع": كل مليار متر ينخفض من حصة مصر المائية يقلِّل إنتاج الكهرباء 2%..والتأثير على مصر حتمي..ويمكننا عمل ربط كهربائي مع إثيوبيا..وأسعارها تتوقف على شطارة المفاوض المصري، اليوم السابع، الخميس، 27 يونيو/حزيران 2013، (شُوهد في ٢٨ أكتوبر/تشرين الأول ٢٠١٩):
- https://www.youm7.com/story/2013/6/27/كهرباء-السد-العالى-لـ-اليوم-السابع-كل-مليار-متر-ينخفض/1136213
(26) إياد ديراني، كهرباء مصر: نمـوذج الإنجـاز والإصـلاح، الاقتصاد والأعمال، الأربعاء ١٢ يونيو/حزيران ٢٠١٩، (شُوهد في ٢٨ أكتوبر/تشرين الأول ٢٠١٩):
- https://www.iktissadonline.com/news/2019/06/12/كهرباء-مصر-br-نم-وذج-الإنج-از-والإص-لاح
(27) رئيس هيئة المحطات المائية: 1600 ميجاوات إجمالي إنتاج السد العالي من الطاقة الكهربائية، جريدة المال، الأربعاء، 27 مارس/آذار ٢٠١٩، (شُوهد في ٢٨ أكتوبر/تشرين الأول ٢٠١٩):
- https://almalnews.com/1600ميجاوات-إجمالى-إنتاج-السد-العالى-من-ا/
(28) Aboudouh, Ahmed, A $5 bn dam project in Ethiopia shows how Egypt is falling off the world stage, The Independent, Saturday 26 October 2019 (viewed in 30/10/2019):
(29) السفير بلال المصري، الدبلوماسية المصرية: عوامل تحد من قدرتها على حل أزمة سد النهضة، (المركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، برلين، ألمانيا، 2018)، ص 32-82.
(30) محمد عمر، لماذا لا يضحي زعماء الخليج بالعلاقات مع إثيوبيا لأجل مصر؟، إضاءات، 29 مايو/أيار 2015، (شُوهد في 30 أكتوبر/تشرين الأول ٢٠١٩):
- https://www.ida2at.com/why-do-gulf-leaders-not-sacrifice-relations-with-ethiopia-for-egypt/
(31) El-Nashar, Elyamany, Managing risks of the Grand Ethiopian Renaissance Dam on Egypt, p 2388.
(32) والتي تُقدر بما يتراوح بين 28.5 و30% فقط، انظر:
شراقي، تداعيات سد النهضة الإثيوبي على الأمن المائي المصري، ص 9.