جماعة الأحباش في إثيوبيا: من الديني إلى السياسي مدخل: تقاطعات التاريخ والجغرافيا

تعود تسمية الأحباش لزعيمهم الروحي عبد الله الهرري ولدور الأحباش التاريخي في استضافة أوائل المهاجرين المسلمين، ويختلف الأحباش ذوو التوجه الصوفي عن جماعات الإسلام السياسي في مسائل عديدة، وقد تعزز حضورهم مؤخرا بعد لجوء الحكومة الإثيوبية إلى أطروحاتهم الفكرية لمواجهة التوجهات السلفية في البلاد.
7d260f06f61d4ec080868ec2248de9df_18.jpg
لجأت الحكومة الإثيوبية إلى الأطروحات الفكرية للأحباش لمواجهة ما اعتبرته تطرفًا سلفيًّا (الجزيرة)

يقف تمثال منليك في قلب العاصمة، أديس أبابا، ممتطيًا حصانه ومتجهًا نحو الشرق حيث مدينة هرر التاريخية، وذلك في رمزية دقيقة تشير إلى أن قادة الحبشة التاريخية يَعُون أن دولة إثيوبيا الحديثة التي هم بصدد تكوينها لن تكتمل إلا بالسيطرة على السلطنات والإمارات الإسلامية في الشرق والغرب والجنوب.

في إثيوبيا اليوم، ولاية هرر هي إحدى ولايات إثيوبيا التسعة التي تتمتع بحكم ذاتي. وهي أصغر الولايات من حيث السكان والمساحة، حيث تتكون من مدينة واحدة فقط، هي مدينة هرر التاريخية. ورغم صغر مساحتها وقلة عدد سكانها، ووقوعها داخل النطاق الجغرافي لولاية أوروميا، فقد اعتُمدت كولاية مستقلة تتمتع بحكم ذاتي، وذلك لما لها من مميزات تاريخية، وبقيت حتى يومنا هذا شاهدة على عراقة الوجود الإسلامي الضارب في أطناب التاريخ في هذا الجزء من العالم.

تقع هرر في شرق إثيوبيا، ويعود تاريخها للقرن العاشر، حيث كانت إحدى المنارات التي انتشر منها الإسلام في شرق وجنوب الحبشة التاريخية، وقامت فيها إمارات إسلامية متتالية حتى دخلت ضمن إثيوبيا الحديثة نهاية القرن التاسع عشر. 

وبين القرن الثالث عشر والسادس عشر، بنى أمراء هرر سورًا حول المدينة لحمايتها من غارات القبائل المحيطة بها. وتم إدراج المدينة التاريخية المسوَّرة في قائمة التراث العالمي، في عام 2006. وحسب تقرير اليونسكو، تعتبر هرر رابع أقدس مدينة إسلامية، لاحتوائها على حوالي 83 مسجدًا(1)، ثلاثة منها تعود إلى القرن العاشر، إضافة إلى احتوائها على حوالي 102 ضريح؛ مما دفع الباحثين إلى تسميتها بمدينة الأولياء(2).

وتضم هرر أحد أهم متاحف التراث الإسلامي في إثيوبيا، حيث تؤوي متحف عبد الله شريف للمخطوطات والآثار الإسلامية، في قصر الإمبراطور هيلاسيلاسي، ويضم آثارًا ومخطوطات إسلامية يعود تاريخها إلى ما قبل القرن الثالث عشر، ومخطوطات أخرى مكتوبة باللغات المحلية، وخاصة اللغة الأورومية والأدرية بالحرف العربي، وهو ما يسمى بالأعجمي لدى فقهاء اللغة والآثار المحليين. 

خلال فترة التوسع الإمبراطوري لإثيوبيا، مثَّلت مدينة هرر الإسلامية أحد أواخر مراكز المقاومة حتى سقوطها في 1887. وبعد التمدد المسيحي الذي صاحب تكوين إثيوبيا الحديثة فإن مدينة هرر تحولت إلى رمز للتعايش بين مختلف القوميات والأديان في إثيوبيا، وتسمى اليوم مدينة السلام.

وفيما بعد، شهدت هذه المدينة العريقة ميلاد زعيم واحدة من أكثر الجماعات الإسلامية إثارة للجدل الديني والفكري، والتي وقفت منذ لحظات ميلادها الأولى على النقيض من التيارات السلفية خصوصًا والحركية على العموم، حتى اعتبرها البعض الرد الصوفي على أطروحات الإسلام السياسي(3).

يحاول هذا التقرير الإجابة عن بعض الأسئلة حول ماهية جماعة الأحباش، ونسبتها إلى الحبشة (إثيوبيا)، وخلفياتها الدينية والعقدية، وأدوارها الاجتماعية والسياسية في إثيوبيا، والسياق التاريخي والسياسي والفكري الذي وضعها في مواجهة مباشرة مع السلفية في إثيوبيا(4).

نبذة عن الأحباش وزعيمهم

الاسم الرسمي لجماعة الأحباش هو جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية (الجمعية)، ومقرها الرسمي في بيروت. وتأتي تسميتها بالأحباش نسبة إلى زعيمها: عبد الله بن محمد بن يوسف الهرري، المولود في مدينة هرر في 1910 -بعد تكوين إثيوبيا الحديثة ودخول مدينة هرر تحت حكم الإمبراطورية الإثيوبية آنذاك- حيث نشأ وحفظ القرآن، وتعلم فيها العلوم الشرعية، ويلقب بالهرري نسبة إلى موطنه.

وخارج هرر وضواحيها، انتقل الهرري إلى جما غرب إثيوبيا وجلس فيها إلى علمائها حيث درس عليهم علوم اللغة العربية وصحيح الإمام مسلم، ثم رحل إلى الشمال في منطقة داوي حيث درس سنن أبي داوود وابن ماجة، وعلوم الأثر على المفتي محمد سراج الجبرتي(5).

خرج من إثيوبيا، أواخر 1951، إلى مكة والمدينة حيث التقى فيها بعلماء الصوفية وأئمتها وجلس إليهم وأخذ عنهم. زار القدس ثم دمشق، واستقر به المقام في بيروت منذ 1952 وحتى وفاته في 2008.

خلال سنواته الأولى في بيروت، استضافه القاضي، محيي الدين العجوز، وهيأ له الشيخ مختار العلايلي الإقامة على كفالة دار الفتوى في بيروت والتنقل بين مساجدها لإقامة حلقات العلم.

بزغ نجم الأحباش في منتصف ثمانينات القرن الماضي خلال الحرب الأهلية اللبنانية؛ حيث اتسعت أنشطتها، ونسجت علاقات واسعة مع أطياف المجتمع اللبناني بتكويناته المختلفة، وتوزعت أنشطتها لتشمل العديد من دول العالم حيث تحظى بدعم كبير من الجاليات اللبنانية في الغرب والتي اعتمدت عليها كوسيط لتنفيذ الأعمال الخيرية في الموطن اللبناني.

ويذكر أن الجمعية تأسست قبل ذلك بفترة، لكنها لم تكن فاعلة، فاقترح طلاب ومريدو الشيخ، عبد الله الهرري، على الشيخ، محيي الدين العجوز، الذي يدير الجمعية رسميًّا أن يستلموا إدارتها، ويقوموا بتفعيلها، فوافق الشيخ محيي الدين على ذلك، وبقي في رئاسة الجمعية حتى وفاته في 1995، وعلى إثرها أعلنت الجمعية الشيخ، عبد الله الحبشي، زعيمًا لها، ومنذ ذلك الحين نُسبت إليه الجماعة والجمعية(6)

بحلول منتصف ثمانينات القرن الماضي، اشتهر الشيخ عبد الله الهرري، بكونه مرجعية دينية، وينظر إليه أتباعه على أنه محدِّث ومفكِّر وأن له رسالة فكرية تدعو إلى الاعتدال والتعايش بين مختلف الأديان.

ويبدو أن اللبنانيين الذين غرقوا في الحرب الأهلية تفاعلوا مع رسالة الشيخ، عبد الله الهرري، التي أحضرها معه من إثيوبيا كما يأتي توضيحه.

وعزز هذا القبول والتفاعل أوجه التشابه بين إثيوبيا ولبنان في عدد من عناصر التكوين الاجتماعي سيما تلك المتعلقة بتعدد الأديان والثقافات(7).

وحسب بعض المراجع، فإن عدد أعضاء الجماعة بلغ أكثر من 250 ألف عضو، إلا أن عدد الأعضاء الإثيوبيين لا يُعرف بالتحديد، ولكن من المؤكد أنهم قلَّة قليلة(8). فنسبة الجماعة إلى الأحباش لا تدل على كثرة الأعضاء الإثيوبيين فيها، أو إلى تبني تيار عريض من الإثيوبيين لأفكارها وإنما سُمِّيت الجماعة بالأحباش نسبة إلى زعيمها الروحي، وتثمينًا لدور الأحباش التاريخي في القبول برسالة الإسلام وإيواء الحبشة للمؤمنين الأوائل.

الخلفية العقدية والفكرية للأحباش

يؤكد الأحباش على أنهم ليسوا فرقة إسلامية جديدة، وأنهم ليس لهم مذهب أو معتقد خاص، وإنما هم أشعرية المعتقد، وشافعية المذهب وصوفية المسلك، على طريقة الرافعية والنقشبندية والقادرية. وبهذا، هم يصنفون أنفسهم في أهل السنة والجماعة، وينفون عن أنفسهم أي ابتداع في الدين(9).

"...أهل السنة هم جمهور الأمة المحمدية، وهم الصحابة ومن تبعهم في المعتقد أي أصول الاعتقاد، وهي الأمور الستة المذكورة في حديث جبريل.... وأفضل هؤلاء أهل القرون الثلاثة... ثم حَدَثَ بعد مئتين وستين سنة انتشار بدعة المعتزلة(10) وغيرهم، فقيَّضَ الله تعالى إمامين جليلين، أبا الحسن الأشعري وأبا منصور الماتريدي رضي الله عنهما، فقاما بإيضاح عقيدة أهل السنة التي كان عليها الصحابة ومن تبعهم بإيراد أدلة نقلية وعقلية مع ردِّ شُبَه المعتزلة... فنُسب إليهما أهل السنة؛ فصار يقال لأهل السنة: أشعريون وماتريديون"(11).

وعليه، فالأحباش يرون أنفسهم امتدادًا للمدرسة الأشعرية، وجوهر الخلاف العقدي اليوم بين الأحباش وغرمائهم السلفية ينصبُّ حول ذات القضايا التي اختلف عليها الأشاعرة مع مجتهدي الحنابلة، والمتعلقة بالعقليات والسمعيات في التأسيس العقدي والشرعي، وصولًا إلى مسائل الأسماء والصفات ومسألة التوسل بالأنبياء والأولياء(12).

وهناك جملة من المسائل الفقهية التي يخالف فيها الأحباش الفتاوى السائدة في التيار السلفي كالاختلاط، حيث يجيزه الأحباش في الأماكن العامة، ويحرِّمون فقط تلاصق الأبدان، إضافة لمجموعة من الفتاوى تتعلق بالمرأة وجواز خروجها وسفرها للعلم والعمل دون إذن زوجها، وعدم وجوب النقاب، وجواز النظر إلى الأجنبية.

وفي باب المعاملات، يرى الأحباش جواز أخذ الربا من الكفار في دار الحرب، متعلقين بأحد أقوال أئمة الحنفية، وعدم وجوب الزكاة في الأوراق النقدية، وإنما في الذهب والفضة، وجواز التداوي بالخمر كتسويغ اللقمة بها. 

وبالعودة إلى هذه المسائل وغيرها في مظانها في التراث الإسلامي نجد أنه يدور حولها خلاف كبير بين الفقهاء، وكل له أدلته.

وبشيء من التفصيل، يمثِّل الخلاف حول حكم تارك الصلاة أفضل مثال على ذلك. فهي مسألة فقهية كبرى تنازع فيها العلماء قديمًا وحديثًا؛ فقال الحنابلة بكفر "تارك الصلاة، كفرًا مُخرجًا من الملة، ويُقتل إذا لم يتب ويصل"، وهذا ما عليه السلفيون اليوم، بينما قال أبو حنيفة ومالك والشافعي: "فاسق ولا يكفر"، وهو ما ذهب إليه الأحباش، وأنكره عليهم السلفيون، واعتبروه تهاونًا بالدين. ويبرر الأحباش فتاواهم بأنهم أخذوا بأيسر الأقوال من المذاهب الإسلامية وأنهم لم يبتدعوا فيها، وبأنهم يدعون إلى الاعتدال والبعد عن التشدد في الفتاوى ما دام إلى ذلك سبيل.

وفي إثيوبيا، مثَّلت هذه الفتوى محل اتهام للأحباش في بدايات ظهورهم المنظم منذ 2005، من قبل التيار السلفي، ووصل الأمر إلى اتهام كل مخالف للرأي الفقهي أو التفسير العقدي السلفي بالأحباش حتى تم تصويرهم بأنهم فرقة جديدة تدعو إلى دين جديد.

وعلى مستوى الفكر السياسي والاجتماعي يتسم طرح الأحباش بالواقعية السياسية، حيث تؤكد أدبياتهم على أنهم ينادون بالتعايش السلمي بين المكونات الدينية للدول الوطنية، ولا يرون الخروج على الدولة وحكامها على أساس ديني، ويرفضون بشدة ويحاربون أفكار الإسلام السياسي، ويحثون على اكتساب العلوم العصرية، كما تؤكد تلك الأدبيات على أن الأحباش يشجعون المرأة على التعليم والعمل. وكلها مسائل يدور حولها خلاف كبير بين تيارات الإسلام الحركي بشقيه المعتدل والمتطرف.

وفي مخالفة واضحة للتيار الصوفي التقليدي الذي يتحاشى النشاط السياسي، فقد انخرط الأحباش في السياسة في لبنان، ووقفوا على النقيض من الأفكار السياسية للسلفية والإخوان أينما وُجدوا. وهو ما وضع الجماعة في مواجهة سياسية مباشرة مع تلك التيارات، وتعززت تلك المواجهة بالترحيب الواضح بالأحباش من قبل بعض الأنظمة كما هي الحال في سوريا، ولبنان، ومؤخرًا في إثيوبيا، كما يأتي توضيحه.

الجذور العقائدية والمذهبية للأحباش في إثيوبيا

بالعودة إلى المسار التاريخي للإسلام، في إثيوبيا نجد أن مسلمي إثيوبيا يدينون للتصوف الإسلامي بحفظ بيضة الإسلام في الحبشة التاريخية، وانتشاره وتجذره بين القوميات الإفريقية؛ حيث أسهم الصوفية في نشر الإسلام في ربوع الحبشة التاريخية (الشمال الإثيوبي) وفي ممالك الطراز الإسلامي على ساحل البحر الأحمر وشرق إثيوبيا، وبين القوميات الإفريقية في الجنوب، وذلك عبر حركة دعوية وتربوية على طريقة القادرية في الشرق والجنوب والتجانية في الغرب.

تأسست منارات علمية كبرى في دري شيخ حسين في منطقة بالي، التي ترسخت فيها علوم الإسلام منذ القرن الثالث عشر الميلادي في الجنوب وانتشرت، وفي مدينة هرر في الشرق منذ القرن العاشر، وفي جما أبا جفار في الغرب استقرت إمارات عظيمة حتى تم ضمها إلى إثيوبيا الحديثة. في شمال إثيوبيا، بجوار الحبشة التاريخية، نشأت ثقافة إسلامية عظيمة في داوي في منطقة ولو حاليًّا، والتي تعتبر امتدادًا لمملكة إيفات التاريخية. وفي كل هذه المناطق تأسست مدارس للتراث الإسلامي على مذهب الشافعية والحنفية فقهًا، والأشعرية اعتقادًا، وذلك في حلقات علمية كبرى، وبمساندة من محاضن اجتماعية تكفلت بنفقة الآلاف من طلاب العلم والعلماء عبر قرون(13)

وبالنظر إلى المناهج التعليمية للأحباش(14)، عقديًّا وتربويًّا، نجدها تتطابق تمامًا مع المنهج المعتمد في الحلقات العلمية الكبرى لدى مسلمي إثيوبيا في القرون الماضية، وقبل انتشار السلفية مؤخرًا. حيث يبدأ طالب العلم بقراءة القرآن، ثم مختصرات الفقه، كالمختصر الصغير فيما لابد لكل مسلم من معرفته، وهو كتاب مشهور في الحبشة يبتدئ به طالب العلم، ويسمى بالمختصر، أو بافضل، نسبة إلى مؤلفه، عبد الله بافضل الحضرمي الشافعي، ثم ينتقل إلى قراءة متون الحديث ابتداء بالأربعين النووية، ثم يترحل بين الأقاليم للجلوس إلى العلماء لقراءة أمهات الكتب في الفقه الشافعي والحنفي، ثم الحديث والنحو.

وبالاطلاع على المنهج العلمي للأحباش اليوم نجده ذات المنهج الذي ظل سائدًا في الحبشة عبر قرون والمبني على التراث العلمي للمدرسة الأشعرية.

وبالنظر إلى هذه الخلفية العقائدية والمذهبية لمسلمي إثيوبيا، وبعد الاطلاع على الإطار العقدي والفقهي العام للأحباش، يمكن القول: إنه لا يوجد دليل واضح يمكن على أساسه تصنيف الأحباش كفرقة دينية ذات معتقد أو مذهب خاص، وإنما هم امتداد طبيعي للمدرسة الأشعرية الشافعية التاريخية.

على أن الاتهامات العقدية المتبادلة بين التيار السلفي والأحباش تأتي في إطار الخلاف التاريخي بين المدرسة الأشعرية ومجتهدي الحنابلة، وبين أهل العقل والأثر عمومًا، وتعزز ذلك مع بروز التيارات الإسلامية الحديثة التي ألبست التباين الفكري لبوس الدين والعقيدة، وحولت الخلافات بين رؤى فكرية وسياسية متنافسة للسيطرة على المجتمعات، إلى صراع عقدي واحتراب سياسي عدمي.

الجذور التاريخية للمواجهة بين الأحباش والسلفية 

إنَّ تتبع مجمل مسارات الجدل العقدي والصراع الفكري والسياسي بين الأحباش والسلفية خارج إطار هذا البحث. ورغم ذلك، من المهم الإشارة إلى وجوب قراءة الصراع بين الأحباش والسلفية في إثيوبيا في إطار الصورة الكبرى للحركة الفكرية والدينية في العالم الإسلامي، التي اتسمت في كثير من مساراتها بالمواجهة الفكرية الحادة بين التيار الصوفي الأشعري، والتيارات السلفية خاصة والإصلاحية عامة، سيما تلك التي تسعى لاستعادة زمام المبادرة السياسية بالاعتماد على المرجعية الإسلامية أو بالقوة.

وعبر عقود، تعززت هذه المواجهة في ظل دول وأنظمة عملت على توظيف الخلافات بين التيارات الفكرية والدينية للسيطرة على المجتمعات، بتأليب تلك الجماعات على بعضها حينًا، ودفعها إلى التوافق أحيانًا أخرى.

فالصراع بين الأحباش والسلفية في إثيوبيا ليس بخارج عن هذا الإطار العام، مما يحتم علينا استحضار ذلك الإطار عند سرد التفاصيل والتطرق للمحطات التاريخية والحالية للصراع بين التيارين في إثيوبيا، وصولًا إلى جنوح الدولة الإثيوبية في السنوات الأخيرة نحو الاستفادة القصوى من تناقضات وصراعات التيارات الإسلامية للحفاظ على التوازن الداخلي، وإدارة الحالة الإسلامية ضمن سياسة الرقص على رؤوس الأفاعي.

كما أن تبني الدولة الإثيوبية مؤخرًا، بعد وصول أبي أحمد إلى السلطة، سياسة التوفيق بين المكونات الفكرية للمجتمع المسلم خارج إطار هذا التقرير أيضًا(15).

تاريخيًّا، تُظهر الوقائع في مدينة هرر أن جذور المواجهة بين التيار السلفي الناشئ والتيار الصوفي الأشعري التقليدي تعود إلى المراحل الأولى لظهور السلفية في المنطقة؛ حيث يُذكَر أن خروج زعيم الأحباش، عبد الله الهرري، من بلاده يأتي بعد خلاف بينه وبين الشيخ، يوسف عبد الرحمن الهرري، إبَّان فترة الغزو الإيطالي لإثيوبيا، 1936 إلى 1941، التي عززت من تطلع المجتمعات المسلمة في إثيوبيا، خاصة في منطقة هرر وبالي وعروسي المحاذية للصومال، إلى استعادت زمام المبادرة.

فبعد خروج الإيطاليين وعودة الإمبراطور، هيلاسيلاسي، من منفاه في بريطانيا قامت حكومته بالتضييق على كل من استبشروا بانتهاء حكم إثيوبيا للإمارات الإسلامية السابقة، واتهمت حكومته مجموعة من الهرريين بقيادة الشيخ، يوسف عبد الرحمن الهرري، الذي ابتعثه الإيطاليون إلى مكة للحج حيث احتكَّ هناك بالفكر السلفي، بالتمرد والانفصال بهرر، بين 1941 و1948، وأمر الإمبراطور باعتقاله ثم نفيه، حيث عاد إلى السعودية وبقي فيها، وأصبح فيما بعد رأس الحربة في الحرب السلفية ضد الأحباش.

وتشير الرواية التاريخية إلى أن زعيم الأحباش، الشيخ عبد الله الهرري، كان منافسًا للشيخ، يوسف عبد الرحمن، في القيادة الدينية ومخالفًا له في التوجه الفكري والعقدي(16).

ويكمن الخلاف حول مسألتين، هما: 

أولًا: طبيعة التعليم في مدينة هرر؛ حيث قامت مجموعة الشيخ يوسف بتأسيس مدرسة أهلية في هرر على منهج الوهابية، وقامت الحكومة الإثيوبية بإغلاقها وسجن ونفي القائمين عليها.

ثانيًا: محاولات الانفصال بإقليم هرر والعلاقة مع الحركات القومية والإسلامية التي كانت تنشط في المنطقة وتنادي بالانفصال عن إثيوبيا والانضمام إلى الصومال الكبرى(17).

ويُذكر أن جماعة الشيخ يوسف عبد الرحمن الهرري تتهم الشيخ عبد الله الهرري في كلتا القضيتين بالوشاية بهم لدى الحكومة الإثيوبية(18). على أن حكومة الإمبراطور اتهمت الشيخ عبد الله الهرري نفسه بالنزعة الانفصالية، وسجنته فترة، مما أدى إلى اختياره المنفى حيث انتقل إلى الشام كما ذُكر أعلاه.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن الفترة التي تلت الغزو الايطالي لإثيوبيا وعودة الإمبراطور هيلاسيلاسي من منفاه في بريطانيا العظمى، شهدت تضييقًا كبيرًا على المسلمين عمومًا، وعلى نخبهم وقياداتهم بالخصوص، حيث وجهت لهم الحكومة اتهامات جماعية بالتعاون مع الإيطاليين، وذلك على خلفية أن الإيطاليين حاولوا استمالة مسلمي إثيوبيا لتأييد الغزو، وذلك باستغلال القهر الذي وقع على المسلمين من الدولة الإثيوبية المسيحية الناشئة والتي أخضعت الإمارات والسلطنات المسلمة بالقوة.

وفي نظري، فإن استهداف جماعة الشيخ يوسف عبد الرحمن الهرري (السلفية الناشئة) من قِبل الإمبراطور، ثم الشيخ عبد الله الهرري، زعيم الأحباش فيما بعد، يأتي في إطار سياسات الإمبراطور هيلاسيلاسي الانتقامية التي لم تسلم منها أي من النخب والقيادات في المجتمعات المسلمة في ذلك الوقت.

كما أن الاتهامات المتبادلة بين الزعيمين تأتي في إطار بذور الصراع بين السلفية الناشئة معتمدة على الدعم الإقليمي، والصوفية الأشعرية التقليدية التي اختارت قيادتها التعايش مع الدولة القائمة ومحاولة إصلاحها من الداخل.

وفيما بعد، فإن تنازع الشيخين وتنافسهما على الزعامة الدينية في هرر انتقلت معهما إلى المنفى، وأصبح كلاهما رأس حربة في الصراع الكوني بين الأحباش والسلفية، ومثَّلت إثيوبيا إحدى آخر محطاتها مؤخرًا.

على أنه تجب الإشارة هنا إلى أن علاقة الأحباش المتوترة مع السلفية في إثيوبيا تنسحب في عمومها على التيارات الحركية، وخاصة الحركة الإسلامية الفكرية المتأثرة بطرح الإخوان المسلمين، ولكن بصورة أقل حدة. ويعود ذلك إلى أمرين: عدم وجود كيان حركي منظم يتبني الفكر الإخواني، وإنما هي حركة فكرية متأثرة بطرح الإخوان، والتماهي الواضح بين التيار السلفي والحركية في العديد من قضايا المسلمين كالموقف من المجلس الأعلى ومن القيادات الإسلامية التقليدية.

ففي السياق الإثيوبي، كما هي الحال أيضًا في السياق الإقليمي، فالأحباش يواجهون عموم الفكر الحركي مع تركيز صراعهم على السلفية، أو الوهابية كما يسمونها محليًّا، كما أن التيار الحركي في عمومه، والسلفية خصوصًا توجه صراعها نحو التيار الصوفي التقليدي على عمومه، مع التركيز على الأحباش كجماعة معنونة ومحددة.

أما علاقة الأحباش مع التيار الصوفي التقليدي في إثيوبيا فهي علاقة الجزء بالكل: فالأحباش جزء من المكون الصوفي الأشعري العام، وإن كان لهم وضع تنظيمي خاص ومرجعية دينية وفكرية محددة. وهذا ما سهَّل لهم التغلغل داخل مؤسسات المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية كما سيتم توضيحه لاحقًا.

التحولات الفكرية لمسلمي إثيوبيا: إرهاصات المواجهة بين الأحباش والسلفية

مع تكوين إثيوبيا الحديثة، في 1886، أصبح مسلمو إثيوبيا أغلبية عددية وأقلية سياسية، حيث ينتمون إلى مجموعات إثنية متعددة ومنتشرة في جميع أقاليم ومناطق إثيوبيا، من الشمال المسيحي وحتى الجنوب والشرق الإسلاميين.

وجد المسلمون أنفسهم أمام قوة عاتية، تدفعهم نحو الانصهار في دولة مسيحية تنادي بوحدة الدين واللغة والثقافة. ورغم تهيؤ كل ظروف التحشيد الديني لدى مسلمي إثيوبيا للمطالبة بحقوقهم، إلا أن الإسلام لم يمثِّل مرجعية سياسية لحركات التحرر القومي، حيث لم تنشأ حركات إسلامية سياسية تنادي بحقوق المسلمين(19)، بل لجأ المسلمون إلى الاصطفاف خلف حركات التحرر القومي التي اندلعت في عموم إثيوبيا منذ أربعينات القرن الماضي للمطالبة بالعدل والمساواة أو بحق تقرير المصير، ولعبت النخب المسلمة دورًا بارزًا في تلك الحركات القومية بحكم الانتماءات القومية والسياسية، دون استحضار الانتماء الديني إلا في إطاره التعبدي(20).

بدأت السلفية بالانتشار في إثيوبيا في أربعينات القرن الماضي، وكانت تسمى في بداية انتشارها "دعوة التوحيد"، وذلك في إشارة إلى الطرح العقدي لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، ولم يظهر مصطلح السلفية إلا مع مطلع تسعينات القرن الماضي، ثم تعزز منذ 2005 مع ظهور المداخلة والجامية والمجموعات الراديكالية والتكفيرية.

تمددت السلفية في ربوع إثيوبيا مع الانفتاح النسبي، في 1991، الذي أعقب سقوط النظام الشيوعي، وتخفيف القبضة الأمنية والسماح باستيراد وترجمة ونشر المطبوعات الدينية والفكرية، وعودة الآلاف من خريجي الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة إلى البلاد بداية التسعينات(21). فانتشرت السلفية بين المجتمعات الإثيوبية كالنار في الهشيم، وخاصة في المدن الصغيرة والقرى والأرياف، وبين بسطاء المسلمين وعامتهم، خاصة في جنوب وشرق وغرب إثيوبيا. وأصبح للحركة السلفية صوت عال في المساجد والمجاميع المسلمة، وطغت أدبياتها ومظاهرها، وطريقة نظرتها للآخر في كثير من مناطق إثيوبيا(22). على أنها، ورغم حضورها الديني وسطوتها الاجتماعية، فإن الحركة السلفية في إثيوبيا لم تتحول إلى كيان منظم، اللهم إلا في حدود المجموعات القيادية الضيقة، بينما بقي الجسم العام للحركة في إطار الأيديولوجيا والمظاهر العامة المشتركة التي توجهها الفتاوى الدينية المحلية والإقليمية أكثر من التنظيم الإداري.

الحركة الإسلامية الفكرية المتأثرة بطرح الإخوان، هي نخبوية الطابع؛ حيث نشأت في الجامعات منتصف ثمانينات القرن الماضي، ثم ترعرعت في بداية التسعينات مع تأسيس منظمة شباب مسلمي إثيوبيا التي تم حظرها لاحقًا.

ويشير باحثون إلى أنه رغم تأثر الحركة بالفكر الإصلاحي لحركة الإخوان فإنه لا توجد أدلة واضحة تربطها بتنظيم الإخوان المسلمين(23).

الأطروحات والأدبيات العامة للحركة تمت معالجتها لمواءمتها مع السياق المحلي الذي نشأت فيه، حيث تدرك الحركة طبيعة الأنظمة السياسية المتعاقبة للدولة الإثيوبية والحساسة نحو كل ما هو مسلم، وتركيبتها الاجتماعية المتعددة والمعقدة.

النظام السياسي القائم على الهوية الإثنية، يعطي أولوية للانتماء الإثني أكثر منه للانتماء الفكري أو الديني؛ وهو ما دفع نخبَ الحركة الفكرية الإسلامية في إثيوبيا إلى التماهي مع النظام السياسي القائم على الفيدرالية الإثنية حيث أدركت تلك النخب أنها يمكن أن تحقق الكثير بالتفاعل الإيجابي أكثر من المواجهة العدمية.

وهو ما دفع الحركة، بلا وعي تنظيمي، إلى تشجيع المجتمعات والنخب المسلمة على التفاعل مع الحقوق الدستورية، والانتقال من العزلة والتقوقع إلى المشاركة والفاعلية، عبر الاستفادة من أجواء الانفتاح النسبي وفرص التنمية الموزعة على الأقاليم الإثنية، والمطالبة بالحقوق الوطنية المكفولة دستوريًّا.

هذا التحول الفكري والمسلكي لدى النخب والمجتمعات المسلمة عزز من حضورها وفاعليتها، ورفع من سقف مطالبها؛ وهو ما فسرته بعض الأجنحة والأطراف في الائتلاف الحاكم والدولة الإثيوبية على أنه نوع من الراديكالية الإسلامية تجب مواجهتها.

وعزز من ذلك انتشار ظاهرة الالتزام الديني خاصة حسب نموذج السلفية، وانتشار مظاهرها في البلاد كما تم ذكره أعلاه. 

كما أن التطورات الإقليمية التي رافقت سيطرت المحاكم الإسلامية على الصومال، وإعلانها الجهاد ضد إثيوبيا، في 2006، أثارت حفيظة الدولة الإثيوبية، وأيقظت مخاوف النخب المسيحية من سيناريوهات الحرب العقدية التي سادت المنطقة في القرن السادس عشر، حيث امتدت حملات أحمد غرانج إلى غوندر، عاصمة الحبشة آنذاك. هذه المخاوف، إضافة إلى عوامل سياسية واقتصادية، دفعت رئيس الوزراء الإثيوبي الأسبق، مليس زيناوي، إلى التماهي مع حرب الولايات المتحدة على الإرهاب، ودخول الجيش الإثيوبي إلى الصومال لإسقاط المحاكم الإسلامية، ثم محاربة حركة الشباب حتى يومنا هذا.

على المستوى الداخلي، فإن مخاوف الدولة من الراديكالية الإسلامية دفعتها إلى تعزيز دور الإسلام التقليدي أو "الإسلام الموجود سابقًا"، مقابل تحييد "الإسلام الجديد أو الراديكالي"، حسب تعبيرات مليس زيناوي(24)؛ وذلك باستخدام حركات أو مجموعات إسلامية أكثر اندفاعًا في مواجهة السلفية، مما أدى في نهاية المطاف إلى فقدان الدولة الإثيوبية لتوازنها، وتبني جماعة الأحباش من قبل بعض الأجنحة في الائتلاف الحاكم والعمل على الترويج لأطروحتها في محاربة الحركات الإسلامية، كما سيتم توضيحه لاحقًا.

الدولة الإثيوبية: الموازنة بين التيارات الإسلامية واحتواؤها 

على مستوى التعامل مع الدولة ظلت القيادات المسلمة التقليدية، تبحث عن الحرية الدينية والثقافية للمسلمين، وتطالب بإزالة هيمنة الكنيسة على الدولة والحياة العامة، دون اللجوء إلى خيارات التيارات الحركية الأكثر مواجهة للدولة.

ومن هنا، تقاطعت المصالح السياسية للحركة الشيوعية التي سيطرت على الحكم في 1974، والتي رغبت في كسر هيمنة الكنيسة على الحياة السياسية في إثيوبيا مع أهداف القيادات الدينية للمسلمين التي تبحث عن اعتراف بالمسلمين، وهو ما أدى إلى السماح بتأسيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية كهيئة مدنية تمثل المسلمين، بقيادة الشيخ محمد ثاني حبيب، الذي ترأس أول هيئة إسلامية إثيوبية بين 1975 إلى 1988.

ورغم محدودية الإمكانيات الذاتية، والواقع السياسي المعقَّد، وتغول السلطات السياسية والأمنية على قراره وتحجيم دوره، فقد تمكن المجلس خلال العقود الماضية من المحافظة على وجوده، ومن تمثيل المسلمين وإبراز وجودهم، وقد بَرَز كمؤسسة معترف بها رسميًّا لتمثيل المسلمين في مقابل المؤسسات التي تمثل الأديان والطوائف الأخرى، كما خَلَق أرضية من الواقعية للتفاعل والتعاون مع الدولة لتنظيم الشؤون الدينية للمسلمين والشأن العام، في بلد متعدد الأديان والأعراق والثقافات.

وبرز دور المجلس في عهد الشيخ، عبد الرحمن موسى مودا، الذي تولى رئاسة المجلس بين 1997 إلى 2003. والشيخ عبد الرحمن عالم أشعري مشهود له بالورع والتقى والزهد، ومناضل مخضرم، شارك في حركات التحرر الأورومية، وكوَّن علاقات مع قيادات جبهة تحرير شعب تغراي التي قادت التحالف الذي أسقط النظام الشيوعي في 1991. وقد وظَّف علاقات النضال في تعزيز دور المجلس كمؤسسة وطنية تمثل جميع المسلمين حيث كان يحتفظ بعلاقات جيدة مع قيادات السلفية، حتى إن الأطراف التي ترفض أي تقارب بين مكونات التيارات الإسلامية اتهمته بتشجيع التطرف وتم عزله من رئاسة المجلس. كما قام بنسج علاقات دولية حيث التقى مع الرئيس الأميركي، بيل كلينتون، وفي عهده أصبح للمجلس حضور واضح في الأجندات الوطنية والإقليمية.

وقد تميزت العلاقة بين التيار السلفي والمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بالتوتر المستمر، والتصعيد المتبادل منذ بدايات الانتشار الكبير للسلفية بعد الانفتاح السياسي كما ذُكر أعلاه، حيث اختارت السلفية على مدى ثلاثة عقود مضت، الطعن في شرعية المجلس بوصمه بالبدعة والضلال، وشيطنة كل من يتعامل معه، باعتباره إحدى الأذرع الأمنية للدولة.

بدوره، عزز التيار الصوفي التقليدي من قيادته للمؤسسة الدينية، ولجأ في كثير من الأحيان إلى الاحتماء بالدولة المتوجسة أصلًا من تمدد الإسلام الحركي عمومًا والتيار السلفي على وجه الخصوص. 

الدولة من جانبها تبنَّت سياسة انفتاحية نحو المسلمين عمومًا، وتم إقرار دستور 1994 المعمول به حاليًّا، والذي أكد على علمانية الدولة وعدم تدخلها في الشؤون الدينية لأي من مكوناتها، وخففت من القيود الإدارية والأمنية على المؤسسات الإسلامية.

مع توسع المد السلفي والحركي داخل المجتمعات المسلمة، تبنت الحكومة سياسة اللعب على رؤوس الأفاعي، والموازنة بين تيار الإسلام التقليدي الذي يمثل المسلمين رسميًّا وبين التيارات الفكرية والحركية الناشئة والمندفعة والتي تطالب بدور أكثر فاعلية للمسلمين.

ورغم ذلك التوتر المستمر والمتصاعد منذ 1991 وحتى 2011 والاتهامات المتبادلة بتعكير العلاقة داخل المجتمعات المسلمة، فقد عملت الحكومة على المحافظة على التوازن بين التيار السلفي والتيار الصوفي التقليدي عبر آليات إدارة المجتمعات والمجموعات الدينية، أو اللجوء للحل الأمني والقانوني أحيانًا لضبط بعض محطات التصعيد الصوفي أو الانفلات السلفي، حتى لا يطغى طرف على آخر، وتخرج الأمور عن السيطرة وتفقد الحكومة زمام المبادرة.

ومنذ وصول الائتلاف الحاكم حاليًّا إلى السلطة في 1991 وحتى 2018 يمكن تحديد خمس محطات تاريخية لسياسات الموازنة والاحتواء وصولًا إلى مرحلة المواجهة التي اتبعتها الدولة الإثيوبية في إدارة المشهد الإسلامي: 

المحطة الأولى من 1991 إلى 1993:

وهي فترة الانفتاح المطلق نحو التيارات الإسلامية، حيث تم تعزيز المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بهيكلته، والترخيص لمنظمة شباب مسلمي إثيوبيا التي تم حظرها لاحقًا، وجمعية الدعوة والثقافة الإسلامية التي لعبت دورًا محوريًّا في ترجمة ونشر الفكر السلفي، والترخيص للعديد من الهيئات الإسلامية الإقليمية كهيئة الإغاثة الإسلامية ورابطة العالم الإسلامي ومؤسسة الحرمين...إلخ.

المحطة الثانية من 1994 إلى 1997:

من الناحية السياسية، كانت هذه الفترة فترة انتقالية، واتسمت باحتواء التيار السلفي والحركي الناشئ، وذلك بالاستجابة سياسيًّا لبعض مطالب المسلمين، كتضمين التقاضي أمام المحاكم الشرعية في الشؤون الأسرية، وإقرار الأعياد الإسلامية في الدستور والنظام الجديد أو باللجوء إلى الحلول الأمنية والقانونية في بعض الحالات، حيث تم اعتقال مجموعة من القيادات الدينية التقليدية والحركية في 1994، إثر أحداث جامع مسجد الأنوار، حيث تدخلت الشرطة لفض نزاع بين جموع المصلين، بسبب خلافات بين الصوفية والسلفية حول إدارة المجلس الأعلى؛ حيث سقط عدد من القتلى والجرحى. وكذلك إثر محاولة اغتيال الرئيس المصري الأسبق، حسني مبارك، وقيام حركات التحرر القومية والإسلامية الصومالية والأورومية باستهداف الحكومة التي أجبرت تلك الحركات على الخروج من المشهد السياسي، بعد انتهاء المرحلة الانتقالية واستتباب الأمر للحكومة.

المحطة الثالثة من 1998 إلى 2000:

اتسمت بهدوء نسبي نظرًا لانشغال البلاد بالحرب الإثيوبية-الإريترية وما تلاها من تطورات سياسية داخل الائتلاف الحاكم.

المحطة الرابعة من 2000 إلى 2010:

فترة موازنة واحتواء بامتياز؛ إذ اعتمدت الدولة سياسة العصى والجزرة مع التيارات السلفية والحركية، حيث تُرخي لها الحبل حينًا، وتشده حينًا آخر، عبر سلسة من سياسات وأدوات الضبط الأمني والإداري. ودأبت الحكومة خلال هذه الفترة على توفير الدعم المعنوي والمادي للتيار الصوفي حيث أصبح هو الممثل الرسمي للمسلمين. كما قامت الحكومة بدعم المزارات الدينية، باعتبارها مواقع أثرية وطنية. وتخللت هذه الفترة مجموعة من محطات المواجهة بين السلفية والصوفية، مثل ما حصل في قضية تدريب قضاة المحكمة الشرعية من قبل السلفيين عام 2003، عبر جمعية الدعوة والثقافة الإسلامية، إحدى أهم مؤسسات التيار السلفي. ويذكر أن المجلس الأعلى تقدم بشكوى ضد القضاة الذين شاركوا في الدورة، مما أدى لإحالتهم إلى التقاعد المبكر. ورغم حالات الشد والجذب والتوتر المستمر الذي ساد هذه الفترة، والانتشار المطرد للتيار السلفي كما ذكر أعلاه، وازدياد مخاوف الدولة الإثيوبية من الراديكالية الإسلامية، فإن الأمور لم تخرج عن إطار الموازنة والاحتواء.

المحطة الخامسة من 2011 إلى 2018:

فترة مواجهة بامتياز حيث جنحت الحكومة إلى تبنٍّ واضح للأحباش والترويج لأطروحاتهم، حسب ما يتم تفصيله أدناه.

دور الأحباش في إنهاء سياسات الاحتواء والموازنة بين التيارات الإسلامية 

في هذا السياق، وخلال المحطات المذكورة أعلاه، ظل الأحباش الغائب الحاضر، حيث بدأ ظهور الجماعة في بداية الأمر عام 1996، ولكن لم يكن حضورًا فاعلًا، ثم تعزز حضورها كمؤسسة خيرية بعد 2004 حيث قامت بتأسيس مراكز صغيرة في العاصمة، أديس أبابا، وفي مدينة هرر، واستقطاب بعض الشباب، وتوزيع منشوراتها.

ونظرًا للوحدة العقدية والمذهبية بين التيار الصوفي الأشعري التقليدي وجماعة الأحباش، لم تضطر الجماعة إلى تقديم نفسها كبديل فكري أو مذهبي، وإنما كجمعية خيرية تعزز ما هو قائم عقديًّا ومذهبيًّا وهو ما سهَّل لها التماهي والتحرك بسهول داخل الأطر الإدارية لمؤسسة المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية.

لذا، فدخول الأحباش كلاعب نشط في المعادلة الدينية في إثيوبيا لم يكن له أي بُعد عقدي بقدر ما هو تنشيط وتفعيل للصوفية التقليدية المهادنة. فهناك توافق عام من حيث المبادئ العقدية والفقهية مع تيار الصوفية الأشعرية الذي ظل يقود مؤسسة المجلس الأعلى منذ تأسيسها وحتى اليوم، وفي حقيقة الأمر، يتشارك الطرفان في نظرتهم للسلفية التي يسمونها محليًّا بالوهابية.

فالتيار الصوفي التقليدي الذي دأب على التعامل مع السلفية بأقل قدر من المواجهة اعتبر وجود الأحباش عاملًا مساندًا للجم التيار السلفي المندفع، والذي قضى على المكانة الدينية للصوفية في مناطق كثيرة من إثيوبيا. كما أن الأحباش مثَّلوا العصى السحرية للدولة الإثيوبية لمواجهة ما تعتبره انتشارًا وتمكنًا غير مقبول استراتيجيًّا للراديكالية الإسلامية دخل المجتمع الإثيوبي.

ميدانيًّا، تغلغُل حركة الأحباش داخل المجلس وضعها في مواجهة مباشرة ويومية مع التيار السلفي الذي بات يفسر ويصف كل تحركات المجلس الإدارية لضبط الساحة الدينية على أنه تحرك لتيار الأحباش، وهو في الحقيقة ما أعطى الفرقة حضورًا أكبر من حجمها الميداني.

وهنا، مرة أخرى استحضر الطرفان صراعهما التاريخي والإقليمي، ووظَّف كل منهما أدواته المحلية والإقليمية، إلا أن الأمور ظلت في إطار سياسة التوازن التي تتبعها الحكومة حتى انفرط العقد في 2011، عندما اختل ذلك التوازن الدقيق بتبني الحكومة لجماعة الأحباش. 

في 2011، تولى الشيخ، أحمد دين شيخ عبد الله طلو، رئاسة المجلس الأعلى، وهو شيخ في متوسط العمر، وصوفي أشعري قادري، من مريدي الشيخ محمد صالح صاحب الحضرة الكبيرة في مدينة كومبولشا على بعد 15 كلم من هرر، ويتهمه السلفيون بالانتماء إلى الأحباش.

في يونيو/حزيران من نفس العام، قام المجلس بتنظيم مؤتمرات ودورات تدريبية للنخب المسلمة ولأئمة المساجد حول نشر الاعتدال ومحاربة التطرف الديني، وذلك بالتعاون مع وزارة الشؤون الفيدرالية (وزارة السلام حاليًّا) والمخولة بإدارة الشؤون الدينية. وتمت دعوة وفد من الأحباش مكون من خمسة عشر عضوًا، حسب بعض التقارير، وبرئاسة الدكتور سمير قاضي، نائب رئيس جمعية المشاريع الخيرية آنذاك، للمشاركة في المؤتمر الذي عُقد في مدينة هرر بمشاركة 1300 من العلماء وأئمة المساجد من جميع مناطق إثيوبيا؛ حيث قدم وزير الشؤون الفيدرالية آنذك، شيفرا تكل ماريام، ورقة عمل حول التطرف الديني، ثم عُقدت جلسة مناقشات تحت عنوان "تهديدات الوهابية لإثيوبيا"، تلت ذلك ورشات عمل في مناطق مختلفة من البلاد.

وفيما بين 15 إلى 24 سبتمبر/أيلول 2012، تم تنظيم دورات تدريبية في تسع من الجامعات الإثيوبية، ثم عقدت جلسة ختامية في العاصمة، أديس أبابا، قدم فيها د. سمير قاضي ورقة عمل حول السلفية والإخوان، ووصمهما بالعنف والتطرف وإلغاء الآخرين، مؤكدًا أن السلفية تسعى إلى تدمير النسيج الاجتماعي. وأضاف أنه متأكد من حكمة سياسات الحكومة الإثيوبية في محاربة الحركات والتيارات التي وصفها بالمتطرفة(25).

على أنه ظاهريًّا كان حضور المؤتمرات وورشات العمل اختياريًّا، إلا أن العديد من الأوساط أفادت بأن الحضور كان إجباريًّا على كل من تمت دعوته من العلماء وأئمة المساجد، حتى أولئك الذين ينتمون للتيار السلفي.

وقد سبق ذلك كله إلغاء الحكومة الإثيوبية تصريح عمل هيئة الإغاثة، الذراع الإغاثية والتنموية لرابطة العالم الإسلامي، على مدرسة الأولية، إحدى أهم المؤسسات الأهلية التي أسهمت في تخريج أجيال من النخب المسلمة، وتم تحويل إدارة المدرسة للمجلس الأعلى؛ حيث قام المجلس بطرد الطاقم الأكاديمي والإداري القائم واستبدال آخر به، وبإيقاف تعليم اللغة العربية والمنهج الديني المعتمد من قبل هيئة الإغاثة، واتهامه بالتشجيع على التشدد والتطرف.

اعتبرت التيارات السلفية والحركية كل ذلك تصعيدًا خطيرًا وحربًا مفتوحة على الإسلام، حسب نظرتها، وقامت بتحشيد القواعد الشعبية ضد المجلس، واتهمت الحكومة بانتهاك الدستور بالتدخل في الشؤون الدينية للمسلمين، وتبني فرقة الأحباش ومحاولة فرض تفسيراتها للإسلام على المجتمع المسلم.

وهنا، يتضح التماهي بين السلفية والحركة الفكرية المتأثرة بطرح الإخوان لمواجهة تهديد مشترك؛ حيث تم تكوين لجنة أهلية مكونة من 21 عضوًا، للتفاوض مع الحكومة حول تحقيق مطالب المجتمع المسلم. ضمَّت اللجنة لفيفًا من القيادات السلفية ومن شباب الحركة الفكرية المتأثرة بطرح الإخوان، وصحفيين وقادة رأي.

وتمثلت المطالب الأساسية للحركة الاحتجاجية في ثلاث مسائل: 

أولًا: إنهاء تدخل الحكومة في الشؤون الدينية للمسلمين عبر محاولات فرض الأحباش على المجتمع المسلم.

ثانيًا: إيقاف التدخل في شؤون المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية والسماح للمسلمين باختيار قياداتهم بعيدًا عن تأثير الأجهزة الأمنية والسياسية.

ثالثًا: إعادة المؤسسات الإسلامية إلى اللجان الأهلية، وخاصة مدرسة الأولية التي انطلقت منها شرارة الاحتجاجات. 

ودخلت البلاد في موجات متتالية من الاحتجاجات من قبل شريحة كبيرة من الشباب المسلم، وتأسس تنظيم سري تحت اسم "لِيُسمع صوتنا"، يقوم بتوجيه الاحتجاجات عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وكانت احتجاجات سلمية بحتة، إلا في حالات نادرة حدثت فيها مواجهات بين المحتجين العزل والشرطة المسلحة.

وقد ركزت شعارات الاحتجاج على إبراز ما اعتبره المحتجون انتهاكًا للدستور من قبل الحكومة، واتهامها بالتدخل في الشؤون الدينية للمسلمين، ومحاولة فرض تيار معين على المجتمع المسلم. كما طالبت باحترام حق الاعتقاد والتعبير والتجمع، وكلها مسائل في صميم الحقوق المدنية المكفولة دستوريًّا.

اعتبرت الحكومة هذه التحركات والاحتجاجات تحديًا غير مسبوق لسلطتها من قبل تيارات لم يكن لها وزن سياسي يُذكَر في المشهد الإثيوبي، وبأساليب مدنية لم تعهدها الساحة السياسية والمدنية في إثيوبيا. وفي سبيل استعادة هيبتها، ردَّت الحكومة بحملات اعتقالات واسعة، شملت 29 من القيادات الإسلامية السلفية والحركية، والآلاف من النشطاء، ووجهت إليهم تهم الإرهاب والتحريض على قلب نظام الحكم.

بعد تقديم القيادات الإسلامية للمحاكمة، وفيما اعتبره مراقبون محاكمة إعلامية، قام التليفزيون الإثيوبي، في فبراير/شباط 2013، ببث فيلم وثائقي بعنون "الحركات الجهادية" حيث حاول رسم صورة نمطية للمحتجين والقيادات الإسلامية بالاعتماد على مشاهد ثورات الربيع العربي، واجتزاء إفادات بعض القيادات الإسلامية الشابة خلال جلسات التحقيق. وجنح الفيلم إلى خلط واضح، وربما مقصود، بين التيار السلفي والتيار الحركي المتأثر بالإخوان، وضع الجميع في سلة واحدة، وخلص إلى أنهم إسلاميون راديكاليون، يهددون النسيج الاجتماعي والتعايش السلمي بين أتباع الديانات المختلفة، ويسعون لتأسيس دولة إسلامية تنهي إثيوبيا الحديثة. وهذه الخلاصة هي نفسها التي خلص إليها د. سمير قاضي خلال محاضرته، كما ذُكر أعلاه. 

وبتهيئة الأجواء الإعلامية، صدرت بحق القيادات الإسلامية أحكام قضائية قاسية، بلغت في حق بعضهم 23 عامًا، منهية بذلك مرحلة التوازنات بين التيارات الإسلامية، والتي استمرت لأكثر من عقدين.

رغم أننا لسنا بصدد تقييم تجربة حراك المسلمين بين 2011 و2014، فإنه من الممكن الإشارة إلى أن الاحتجاجات تمكنت من تعرية ادعاءات النظام بأنه يكفل الحرية الدينية والمدنية للجميع، كما أن الحراك مثَّل منطلقًا لحركة مدنية وسياسية شاملة وواسعة في إثيوبيا، استفادت من تجربة المسلمين لإحداث التغيير الذي تعيشه إثيوبيا اليوم.

خاتمة 

تسمية الأحباش لا تدل على كثرة أعضائها من الإثيوبيين، أو على تبني تيار عريض من الإثيوبيين لأفكارها وإنما سُميت الجماعة بالأحباش نسبة إلى زعيمها الروحي، عبد الله بن محمد بن يوسف الهرري، وتقدير دور الأحباش التاريخي في القبول برسالة الإسلام وإيواء الحبشة للمؤمنين الأوائل. 

بالنظر للخلفية العقائدية والمذهبية لمسلمي إثيوبيا، يمكن القول: إنه لا توجد أدلة واضحة يمكن الاستناد إليها لتصنيف الأحباش كفرقة دينية ذات معتقد أو مذهب خاص، وإنما هم امتداد طبيعي للمدرسة الأشعرية الشافعية التاريخية. وعليه، فالأحباش أشعرية الاعتقاد، وشافعية المذهب وصوفية المسلك. وبهذا، فهم يُصنَّفون ضمن عموم أهل السنة والجماعة.

ويبقى الخلاف الأساسي بين الأحباش وتيار الإسلام السياسي بشقيه، المعتدل والمتطرف، يدور حول المسائل الفقهية والفكرية الخاصة بالحياة اليومية ودور الدين في الحياة العامة، والعلاقة بالدولة الوطنية وبمكوناتها المختلفة من الأديان والثقافات. 

ويأتي الصراع بين الأحباش والسلفية في إثيوبيا في إطار الصراع التقليدي بين الأشعرية الصوفية والتيارات السلفية والحركية في عموم العالم الإسلامي، وهو خلاف تم إلباسه لبوس الدين، وتحويله من خلافات بين رؤى فكرية وسياسية متنافسة للسيطرة على المجتمعات إلى صراع عقدي واحتراب سياسي عدمي.

وعلاقة الأحباش مع التيار الصوفي التقليدي في إثيوبيا هي علاقة الجزء بالكل؛ فالأحباش جزء من المكون الصوفي الأشعري العام، وإن كان لهم وضع تنظيمي خاص ومرجعية دينية وفكرية محددة.

إن التحول الفكري والمسلكي لدى النخب والمجتمعات المسلمة في إثيوبيا عزز من حضورها وفاعليتها، ورفع من سقف مطالبها؛ وهو ما فسرته بعض الأجنحة في الدولة الإثيوبية على أنه نوع من الراديكالية الإسلامية يجب مواجهتها. وقد عزز ذلك انتشارَ ظاهرة الالتزام الديني خاصة على طريقة السلفية، وانتشار مظاهرها في البلاد، مما أدى بالحكومة الإثيوبية إلى اللجوء إلى الأطروحات الفكرية للأحباش لمواجهة ما اعتبرته تطرفًا سلفيًّا مما أدى في نهاية المطاف إلى انتهاء سياسة الاحتواء والتوازن التي استمرت لأكثر من عقدين.

___________________________________________

*نور الدين عبدا، كاتب وباحث إثيوبي في شؤون القرن الإفريقي.

نبذة عن الكاتب

مراجع

(1)      موقع اليونسكو، الرابط: https://whc.unesco.org/en/list/1189

(2)      Al-Ahbash and Wahhabiyya: Interpretations of Islam Author(s): Mustafa Kabha and Haggai Erlich

(3)      هذا عنوان أحد أهم المؤلفات النادرة في دراسة فرقة الأحباش: A. Nizar Hamzeh and R. Hrair Dekmejian, A Sufi Response to Political Islamism: Al-Ahbash of Lebanoni

(4)      سُميت الحركة السلفية في بداية انتشارها في إثيوبيا بدعوة التوحيد، وذلك في إشارة إلى الطرح العقدي لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، ولم يظهر مصطلح السلفية إلا مؤخرًا. كما أن مصطلح السلفية في عمومه متعدد الدلالات، ابتداء من السلفية الدينية التي ينتمي إليها ويدعيها كل مسلم بحكم أخذ الدين من السلف الصالح، ومرورًا بالحركات السلفية التنظيمية بأفرعها. لذا، أميل شخصيًّا إلى استخدام مصطلح (الوهابية-السلفية) في السياق الإثيوبي للإشارة إلى ظاهرة مركبة من شقين. أ) دعوة التوحيد، حسب مرجعية الشيخ محمد بن عبد الوهاب، والتي فيما بعد تحولت إلى حركة فكرية حسب أطروحات الحركات السلفية، لكنها غير منظمة. إلا أنه نظرًا لحساسية مصطلح الوهابية الذي يعترض عليه السلفيون ويعتبرونه مستفزًّا، فسأكتفي بمصطلح السلفية.

(5)      وبعد ذلك صنف عبد الله الهرري عددا من المؤلفات من أبرزها كتابه "إظهار العقيدة السنية بشرح العقيدة الطحاوية" وكذلك كتابه "المطالب الوفية شرح العقيدة النسفية" في العقيدة متداول في أوساط جماعة الأحباش.

(6)      بوابة الحركات الإسلامية، الرابط: https://www.islamist-movements.com/31107

(7)      Mustafa Kabha and Haggai Erlich,, Al-Ahbash and Wahhabiyya: Interpretations of Islam

(8)      Mustafa Kabha and Haggai Erlich

(9)      التعريف بأهل السنة والجماعة، موقع السنة أون لاين (أحد أهم مواقع الأحباش)، الرابط: http://www.sunnaonline.org/text.php?action=show&id=996

(10)   المعتزلة هم فرقة من الفرق الكلامية، ظهرت في بدايات القرن الثاني الهجري، وقامت على تقديم العقل والمنطق على النص أو النقل، فرفضوا كلَّ الأحاديث النبوية التي لا تتوافق مع العقل بشكل أو بآخر.

(11)   انظر: التعريف بأهل السنة والجماعة، موقع waliys، دون تاريخ (تم التصفح في 11 نوفمبر 2019): https://bit.ly/37bmWnH

(12)   محمد بنتاجة، إسلام أصحاب الحديث: جدل العقائد بين الأشاعرة والمجتهدين الحنابلة، الرابط: https://www.mominoun.com/pdf1/2016-06/as7abb.pdf

(13)   نور الدين عبدا، مسلمو إثيوبيا بين تحديات الواقع وآمال المستقبل، مايو/أيار 2019: https://www.noonpost.com/content/27658

(14)   (14)- للاطلاع على كامل المنهج العقدي والفقهي للأحباش، يمكن زيارة موق http://www.sunnaonline.org، فهو موقع ضخم، ومنظم، ومليء بالتراث الأشعري الشافعي.

(15)   يمكن الاطلاع على التطورات الأخيرة في المشهد الإسلامي في إثيوبيا في مقال للكاتب بعنوان "مسلمو إثيوبيا بين تحديات الواقع وآمال المستقبل"، الرابط: https://www.noonpost.com/content/27658

(16)   تفاصيل هذه الوقائع التاريخية ذُكرت في مخطوطات في معهد الدراسات الإثيوبية، جامعة أديس أبابا، إحداها بعنوان "قصة الكلوب" لمحمد يوسف إسماعيل 1997، والثانية بعنوان الرسائل الثلاثة للشيخ يوسف في المدينة 2002 ردًّا على قصة الكلوب، وذكرها مصطفى كباح وهغاي إيرليك، انظر الهامش رقم 6.

(17)   Mustafa Kabha and Haggai Erlich, 2006, Al-Ahbash and Wahhabiyya: Interpretations of Islam 8

(18)   بوابة الحركات الإسلامية، الرابط: https://www.islamist-movements.com/31107

(19)   Jawar Mohammed, Growing Muslim Activism and the Ethiopian state: Accommodation or Repression?

(20)   نور الدين عبدا، 2019، مايو/أيار 2019، مسلمو إثيوبيا بين تحديات الواقع وآمال المستقبل، الرابط: https://www.noonpost.com/content/27658

(21)   Terje Østebø, , Islam and State Relations in Ethiopia: From Containment to the Production of a “Governmental Islam”

(22)   نور الدين عبدا، مسلمو إثيوبيا بين تحديات الواقع وآمال المستقبل، الرابط: https://www.noonpost.com/content/27658

(23)   Terje Østebø and Wallelign Shemsedin, The Intellectualist movement in Ethiopia, the Muslim Brotherhood and the issue of moderation

(24)   Terje Østebø, 2013, Islam and State Relations in Ethiopia: From Containment to the Production of a “Governmental Islam”.

(25)   Terje Østebø, Islam and State Relations in Ethiopia: From Containment to the Production of a “Governmental Islam”.