ماذا يعني اختيار شيخ شريف رئيسا للصومال؟

بانتخاب الشيخ شريف شيخ أحمد رئيسا للجمهورية الصومالية يبدأ فصل جديد في الصراع الدائر رحاه في القرن الأفريقي، والذي كانت آخر فصوله الغزو الأثيوبي للصومال، بمباركة ومساعدة استخبارية ولوجستية أميركية ومساهمة كينية.







محمد شريف محمود


انتخب الشيخ شريف شيخ أحمد رئيسا للجمهورية الصومالية في 30 يناير/كانون الثاني 2009 في العاصمة الجيبوتية بجلسة برلمانية موسعة، شارك فيها كل من الأعضاء البرلمانيين المختارين، والأعضاء الممثلين للتحالف من أجل التحرير (جناح جيبوتي).





وجاء الاختيار لشيخ شريف تتويجا لجهود وساطة مضنية بذلتها الأمم المتحدة للخروج من مأزق السياسة الأمريكية في القرن الأفريقي المعروفة "بمحاربة الإرهاب"، وورطة الاحتلال الأثيوبي
وبهذا الانتخاب يبدأ فصل جديد في الصراع الدائر رحاه في القرن الأفريقي، والذي كانت آخر فصوله الغزو الأثيوبي للصومال، بمباركة ومساعدة استخبارية ولوجستية أميركية ومساهمة كينية.

وجاء الاختيار لشيخ شريف تتويجا لجهود وساطة مضنية بذلتها الأمم المتحدة للخروج من مأزق السياسة الأمريكية في القرن الأفريقي المعروفة "بمحاربة الإرهاب"، وورطة الاحتلال الأثيوبي.


ومن غرائب القدر أن الرجل الذي  قاد الحركة الثورية التي عرفت باسم حركة المحاكم الإسلامية -التي هزمت أمراء الحرب ووحدت البلاد تحت إدارتها- يتهم بالإرهاب ويطارد في كل مكان، ثم يعود بعد عامين فقط لينتخب رئيسا للجمهورية.


وانتخابه هذا يعني: أن هناك إقرارا بأنه يحظى بثقة الشعب الصومالي لتجاوز نتائج وتداعيات انهيار السلطة المركزية، لاسيما ما أعقب ذلك الانهيار من تدخل الدول المجاورة لتصفية الحساب مع الصومال أو لتعزيز نفوذها، وعلى رأسها الاحتلال وحكم أمراء الحرب الذي أدى إلى تقسيم الصومال لدويلات وإقطاعيات وحروب أهلية وكوارث إنسانية، فضلا عن اعتبار الصومال مجرد مرتع لتفريخ الإرهاب يجب محاصرته وعزله..


ويعنى أيضا فشل المؤسسات الدستورية التي انبثقت عن مؤتمر "مباجاتى" بكينيا عام 2004 التي بموجبها أصبح الصومال محمية أثيوبية، كما يرمز إلى سقوط الحكومة الفدرالية المؤقتة.


ويدل أيضا على فشل الاحتلال الأثيوبي في تثبيت الأوضاع لصالحه، مثلما يدل على وأد سياسة الاحتواء لمحاربة الإرهاب التي تنكر على الشعب الصومالي حقه في إقامة دولته بحدودها الطبيعية  بموجب القانون الدولي.


ويمثل أيضا رد اعتبار بوجه من الوجوه " للانتفاضة" التي قادها شيخ شريف في يونيو/حزيران 2006 وعرفت باسم حركة المحاكم الإسلامية، ويشير إلى انتصار "الخط الوطني" الذي يقوده شيخ شريف.


أسباب نجاح شيخ شريف في الانتخابات
التحديات الخارجية أمام الرئيس الجديد
التحديات الداخلية أمام الرئيس الجديد
الدور العربي شرط للنجاح


أسباب نجاح شيخ شريف في الانتخابات 


تتكون القوى التي ساندت شيخ شريف من مناصريه أعضاء التحالف من أجل التحرير (جناح جيبوتي)، ومن الهيئات والجمعيات المدنية في الداخل، ومن الصوماليين في المهاجر المختلفة، ومن كبار الأعيان من رجال الدين وقيادات العشائر التي ساهمت في مقاومة الاحتلال، مما وفر له دعما داخليا متنوعا وصلبا.


أما سر فوزه رغم تكافؤ عدد أصوات الناخبين لكلا الطرفين المتنافسين في العملية الانتخابية، "الحكومة الفدرالية المؤقتة" و"التحالف من أجل التحرير"، فيرجع إلى الأسباب التالية:



  1. قدم "التحالف من أجل التحرير" مرشحا واحدا فقط، وكان موحد الصف والرؤية والهدف، فضمن تحقيق النتيجة التي يرجو بسهولة ويسر.
  2. قدمت "جبهة الحكومة الفدرالية المؤقتة" أحد عشر مرشحا من بينهم المرشحون المستقلون، ورئيس الوزراء السابق حسن حسين نور عدي، الذي كان يحظى بدعم الدول المؤثرة والمجتمع الدولي.
  3. لم يكن أحد من منافسي شيخ شريف شيخ أحمد يوازيه في قوته، سياسيا أو شعبيا، حتى أن منافسه الوحيد الذي بلغ لجولة الثانية، السيد مصلح محمد زياد، لم يكن يملك أي قدرة تؤهله للمنافسة على هذا المنصب الكبير.
  4. أن "جبهة الحكومة الفدرالية المؤقتة" لا تجمعها وحدة تنظيمية ولا رؤية سياسية مشتركة.

التحديات الخارجية أمام الرئيس الجديد 


رغم أن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة قد رعتا العملية السلمية وساعدتا الأطراف المختلفة على تحقيق التفاهمات التي أدت إلى انتخاب شيخ شريف، وتحملتا العبء المالي الضخم للوصول إلى الغاية المنشودة، إلا أن هذا الاختيار بالنسبة لهما كان خيار الضرورة، لا خيار الرهان.





يتوجس الطرف الغربي بشقيه الأميركي والأوروبي وامتداداته الداخلية والإقليمية خيفة من شيخ شريف بسبب ثقافته العربية الإسلامية، وعلاقاته الطيبة مع بعض البلدان العربية التي لا ينظر إليها الغرب بارتياح كالسودان وليبيا
وفي الحقيقة فقد أصيب الطرف الغربي بشقيه الأميركي والأوروبي وامتداداته الداخلية والإقليمية بالذهول عندما لم ينجح رهانهم على فوز مرشحهم نور عدي، رئيس الوزراء السابق الذي خبروا جيدا عوده ومعدنه. ومع ذلك قبلوا بالنتيجة كرها لأن اختيار شيخ شريف أهون الشرين، فهو من طرف غير محسوب على خانة التطرف، ويمتلك شرعية شعبية تؤهله أكثر من غيره لإقناع الجماهير بمنح الحكومة الجديدة الثقة، كما سيكون بمثابة طوق النجاة لهم، أمام فشل سياسات الاحتواء والتخريب من الداخل، والغزو الأجنبي التي اعتمدت بحجة محاربة الإرهاب.

وطبعا، هم يتوجسون خيفة من شيخ شريف بسبب ثقافته العربية الإسلامية، وعلاقاته الطيبة مع بعض البلدان العربية التي لا ينظر إليها الغرب بارتياح كالسودان وليبيا، لهذا فالاعتقاد إن الدول الغربية ستربط مساعداتها للصومال بشروط تدفعه لأن يدور في فلكها ولن تقبل من الرئيس الجديد أن يقيم علاقات مستقلة مع العالم بعيدا عنها، ودون الوقوف على مصالحها. ولا يخفى أيضا أن هذه الدول راع دائم، وداعم أساسي لأثيوبيا ولدورها في المنطقة.


ولا يمكن عند الحديث عن القبول الغربي باختيار شيخ شريف رئيسا، إغفال الانتقادات التي علت في الدول الغربية نفسها، والتي تتحدث عن أن القرصنة هي إحدى نتائج السياسة الغربية التي لا تريد للصومال أن يصبح دولة مركزية يسودها الاستقرار.


التحدي الأثيوبي
وهو أهم التحديات على صعيد دول الجوار، فأثيوبيا، تمارس سياسة مزدوجة، واحدة للاستهلاك الخارجي تساير بها التوافق الدولي حول الصومال، وأخرى تسير وفقها وهي استمرار حثيث لإستراتيجيتها الدائمة في زعزعة استقرار الصومال.


من ذلك على سبيل المثال: أنه عندما استقال الرئيس عبد الله يوسف كان من المقرر أن يجتمع البرلمان فى جيبوتي لتنفيذ الاتفاق المبرم بين "التحالف من أجل التحرير" والحكومة الفدرالية، لتوسيع البرلمان إيذانا بالمشاركة في السلطة بين الطرفين، إضافة إلى اختيار رئيس للجمهورية.


وهنا حاولت أثيوبيا إجهاض هذا الاتفاق رغم إعلانها الرسمي عن قبوله، حيث ضغطت على كلا من رئيس البرلمان -وهو في الوقت عينه رئيسا للجمهورية بالإنابة- آدن مادوبي ورئيس الوزراء حسن حسين نور عدي، لتأجيل تنفيذ اتفاقية إنشاء حكومة وحدة وطنية، والتي تنص أيضا فيما تنص عليه على توسيع البرلمان واختيار رموز المؤسسات الدستورية، وعلى رأسها رئيس الجمهورية، وأن تجرى هذه العملية في جيبوتي لا في غيرها.


ورضخ هذان المسؤولان للضغط فتم تأجيل العملية الدستورية وتقرر انتخاب رئيس الجمهورية في بيدوا عاصمة البرلمان الفدرالي، في محاولة للالتفاف على اتفاقية جيبوتي وإجهاضها، وتم دفع مرشح أثيوبيا لرئاسة الجمهورية السيد علي جيدي إلى سدة الحكم، وبدأت الحملة الانتخابية فعلا وعقدت المهرجانات والمسيرات الترويجية في كل من مقديشو وبيدوا، حاملة صور المرشح الأثيوبي.


ومع إصرار "التحالف من أجل التحرير" على رفض هذه المناورات، واشمئزاز الأمم المتحدة منها وإصرارها على تنفيذ الالتزامات المتعهد بها، لم يكن أمام أثيوبيا من مفر إلا التراجع، فقررت من تلقاء نفسها وبدون سابق إنذار وبدون تنسيق مع أحد الانسحاب من بيدوا، ترافقها المليشيات المتعاونة معها، تاركة المدينة عاصمة الحكومة الفدرالية المؤقتة لتسقط دون قتال في يد قوات "حركة شباب المجاهدين" بما فيها من خزائن الأسلحة الثقيلة وبكميات ضخمة، وذلك في مسعى منها لسحب البساط من تحت أقدام النظام الجديد وإضعافه بخلق المشاكل له، تنفيذا لسياسة الأرض المحروقة.


ومن ذلك أيضا أنه بعدما أتمت انسحابها وأثناء حضور الرئيس الجديد شيخ شريف مؤتمر القمة الإفريقي في أديس أبابا، أرسلت أثيوبيا قواتها من جديد لتتوغل في عمق الأراضي الصومالية بما يقرب من 40 كيلومترا في مناطق قريبة من مدينة "بلدوين" عاصمة إقليم هيران، للقيام بمهمات عسكرية خاصة لاستنزاف الصومال، في تكرار ممل لسياساتها القديمة باستباحة حدوده.


وفى مساع أخرى لإرباك النظام الجديد صرح مصدر مسؤول في وزارة الخارجية الأثيوبية "بأن الحكومة الصومالية طلبت من المجتمع الدولي مساعدات عسكرية لدعمها في مواجهة حركة شباب المجاهدين" في تلميح لاستعدادها للقيام بالمهمة بنفسها. وبادر فورا المتحدث الرسمي باسم الرئيس شيخ شريف لنفي وتكذيب هذا الإدعاء جملة وتفصيلا ووصفه بأنه محض اختلاق.


وقبل أن يجف مداد اتفاقيات جيبوتي، تظهر هذه الحوادث وما سبقها الصورة أو السيناريو الذي ستكون عليه العلاقات المستقبلية بين الصومال وأثيوبيا، والتي ستتسم على الأرجح بسعي أثيوبي دؤوب لزعزعة الاستقرار في الصومال بصورة دائمة.


دول أخرى
ومن المتوقع أن تسير كينيا التي يربطها بأثيوبيا تحالف عسكري ضد الصومال، في فلك السياسة الأثيوبية دون تعديل، كما جرى العهد في علاقاتها مع الصومال مند الستينيات.


أما أرتيريا فهي تناصب النظام الصومالي الجديد العداء علنا وجهارا وفى تصريحات رسمية لأسباب عديدة منها:






  • من المتوقع أن تسير كينيا التي يربطها بأثيوبيا تحالف عسكري ضد الصومال، في فلك السياسة الأثيوبية دون تعديل، كما جرى العهد في علاقاتها مع الصومال مند الستينيات.
    تأييدها لجناح أسمرة من التحالف الذي يخاصم شيخ شريف شخصيا، علاوة على سياساته.
  • لأن النظام الصومالي الجديد يحظى برعاية من جيبوتي، العدو اللدود لأرتيريا التي دخلت في مواجهات مسلحة مع الأولى لاقتطاع أجزاء من أراضيها.
  • تريد أرتيريا أن تستغل الساحة الصومالية واسعا لتصفية الحسابات مع أثيوبيا، والانطلاق منها لمساعدة العناصر المتذمرة في داخل أثيوبيا لزعزعة الاستقرار فيها.
  • تريد الانتقام شخصيا من شيخ شريف لتمرده على الوصاية الأرتيرية في المرحلة الأولى من إنشاء "التحالف من أجل التحرير"، ولانتقاده العلني لمحاولاتها التأثير على حركة "المقاومة الصومالية".
  • لتثبت للقوى الغربية التي تفرض عليها العزلة، بأنها  طرف مؤثر في موازين القوى في منطقة القرن الإفريقي.

التحديات الداخلية أمام الرئيس الجديد 


ولا يمكن التقليل من شأن التحديات التي يواجهها الرئيس شيخ شريف، فمن جهة أولى يوجد إقليم "صومالي لاند" الذي لا يكترث بما يجرى في سائر أنحاء الصومال معتبرا نفسه غير معنى بالأمر، مكتفيا بالاحتماء بالرعاية الأثيوبية.


ومن جهة أخرى هناك إقليم "بونت لاند"، الذي ينظر بعين الشك والخوف إلى عملية المصالحة برمتها، انطلاقا من معرفته بالتوجهات السياسية التي يؤمن بها شيخ شريف، ألا وهى إقامة دولة موحدة غير مجزأة. وصدرت من رئاسة الإقليم تصريحات بهذا الصدد مؤداها أن أي مساس بالنظام الفدرالي سيقابل بالرد المناسب وذلك في تهديد مبطن بالانفصال.


وينسق الإقليم في توجهه هذا مع أثيوبيا، ذاكرا باستمرار العلاقة الحميمة التي تربطه بها في إشارة إلى تمتعه بالحماية الأثيوبية. ثم إنه حاول نسف قرارات جيبوتي برفض "البرلمان الموسع" مدعيا بأن الإقليم وحده وليس غيره يملك حق ترشيح الأعضاء الذين يمثلون الدوائر الانتخابية الخاصة بالإقليم، وفى حالة عدم الامتثال فإنه لا يعترف بسلطان هذا البرلمان، مع العلم أن هؤلاء البرلمانيين المنتمين إلى الإقليم دخلوا البرلمان بصفتهم السياسية أو العقائدية أو الوطنية وليس بسبب انتماءاتهم العنصرية أو القبلية، وهذا يعكس مدى انزعاج الإقليم من تطور الأحداث.


أما التحدي الأكبر الذي يواجه شيخ شريف شيخ أحمد هو الجماعات الإسلامية المسلحة التي تختلف معه على اختلاف أحجامها وتوجهاته:



  1. على رأسها حركة شباب المجاهدين التي تبسط سلطانها على أقاليم مهمة من الناحية الاقتصادية والإستراتيجية، وكانت أبلت بلاء حسنا في مقاومة المحتل، إلا أنها ليست مؤسسة سياسية بل حركة متشددة دينيا تكفر خصومها السياسيين.
  2. ثم تأتى بعد ذلك حركة المحاكم الإسلامية (جناح أسمرة)، وقد ضعفت مؤخرا وحاولت سد النقص بعقد تحالفات مع جماعات إسلامية صغيرة أطلقت على نفسها اسم "الحزب الإسلامي، وأعلنت عدم اعترافها باختيار شيخ شريف رئيسا، ورفعت راية العصيان والتصدي له.
  3. وهناك مجموعات أخرى تعمل تحت اسم أهل السنة والجماعة تركز على إنكار واستثمار "تجاوزات" حركة شباب المجاهدين، المتمثلة بنبش القبور وهدم المزارات الدينية والاعتداء على حلقات الذكر.

وعلى العموم تحاول كل الأطراف المناوئة للنظام الجديد تحريض "حركة شباب المجاهدين" على ادخول في مواجهة ساخنة مع النظام الذي يمثله شيخ شريف، ومن المتوقع أن يتجاوز الرئيس الجديد هذا الامتحان، لأن المصدر الأساسي لقوة حركة شباب المجاهدين هو "غياب السلطة المركزية" كما أن أعدادها وشعبيتها لا تقارن بالتحالف الذي يقوده شيخ شريف.


الدور العربي شرط للنجاح 


على رأسها جيبوتي وهي متضامنة مع الرئيس شيخ شريف قلبا وقالبا، وقدمت كل التسهيلات والمساعدات لإقناع التحالف بانتهاج خط العملية السلمية، وتوسطت بينه وبين الدول المؤثرة لخلق جسور الثقة بين التحالف والدول المعنية، كما أنها تقوم بمساع حثيثة لدى الأطراف الصومالية المتنازعة فيما بينها لرأب الصدع، وتذليل العقبات.


وباختصار، تشعر جيبوتي بأن مصلحتها تقتضى إعادة تأهيل الدولة الصومالية لاستعادة التوازن الإستراتيجي بين دول المنطقة الذي اختل بسبب الفراغ الناتج عن غياب الدولة الصومالية.





التحدي الأكبر الذي يواجه شيخ شريف شيخ أحمد هو الجماعات الإسلامية المسلحة التي تختلف معه على اختلاف أحجامها وتوجهاته
وعلى صعيد اليمن فإن علاقات الرئيس شيخ شريف ممتازة مع الرئيس على عبد الله صالح، الذي وعد الأول بفعل كل ما هو ممكن لإخراج الصومال من أزمته، مع العلم أن اليمن بذل جهودا من وراء الستار مع كل الأطراف المعنية  بالمشكلة الصومالية لتقريب وجهات النظر فيما بينها، كما ساعد الأطراف الصومالية على المشاركة في العملية السلمية، وقدم كل التسهيلات والمساعدات.

أما السودان فإنه  ينظر إلى الصومال من منطلق إستراتيجي، فالبلدان يعانيان من التدخلات الأثيوبية في شؤونهما الداخلية وتشجيعها الحركات الانفصالية في كليهما. وللإشارة فقد التقى ألرئيس السوداني عمر البشير مع الرئيس شيخ شريف في أديس أبابا على هامش مِؤتمر القمة الإفريقي، ووعد بمساعدة الصومال للوقوف على قدميه، لاسيما في مجال بناء المؤسسات الأمنية.


لا شك أن الدول العربية التي رحبت بشيخ شريف شيخ أحمد رئيسا للجمهورية الصومالية ستقدم إلية كل مساعدة ممكنة، شريطة أن ينجح في تثبيت الاستقرار والأمن. كما أن نجاحه من جهة أخرى يعتمد على موقف عربي مؤيد بوضوح للصومال الجديد، حيث أن الاعتماد على الراعي الغربي غير ممكن كما سبق بيانه، لأنه يقوم أساسا على ظروف قاهرة أجبرته على الإذعان.


والرئيس الجديد شيخ شريف شيخ أحمد على الرغم من صغر سنه يمتلك من مقومات النجاح ما لم يتوفر لأي سياسي صومالي قبله منذ عام 1991، فهو قاد بامتياز تجربة حكم المحاكم الإسلامية، ويمتلك  -بعد ما وصل إليه من إقرار محلي وإقليمي ودولي بشرعية انتخابه- شرعية المقاومة وشرعية التحرير، ويمتلك أيضا التأييد الشعبي الكافي، والمصداقية الدولية واحترام الدول على الأقل حتى الآن، لكن لا غنى له عن الدعم العربي الثابت والمستقر كي ينجح في مهمته.
_______________
سفير صومالي سابق