الفرصة الضائعة؟

أكدت أحداث مومباي هشاشة العلاقة الهندية الباكستانية وقابليتها للتأثر بالأحداث وساهمت وسائل الإعلام في توثير بين البلدين وخلق أجواء من عدم الثقة







استغلت الهند أحداث مومباي لأغراض انتخابية داخلية (الأوروبية-أرشيف)



خالد رحمان



ملخص
الفرصة الضائعة؟


ملخص



جاءت أحداث مومباي لتؤكد على هشاشة العلاقة الهندية الباكستانية وقابليتها للتأثر بالأحداث العارضة. سارعت السلطات الهندية إلى توجيه أصابع الاتهام "إلى أطراف خارجية" ثم إلى باكستان عوض التريث، انتظارا لنتائج التحقيق؛ وساهمت وسائل الإعلام، بنقلها لتصريحات المسؤولين في الهند والمزايدة عليها، في توثير العلاقة بين البلدين، عوض خلق أجواء من الثقة بين الشعبين.



كان الموقف من أحداث مومباي هو موقف تعاطف مع الهند، إن على المستوى الشعبي أو الرسمي، وذلك على اعتبار الاشتراك في المعاناة من نفس الآفة، آفة العمليات الإرهابية المخربة. لكن هذا التعاطف ما فتأ أن تحول إلى نوع من الغضب، تعبيرا عن الامتعاض مما صدر عن الجهات الهندية من إدانة متسرعة لباكستان. وإزاء هذه الاتهامات المستفزة، وجدت باكستان نفسها تتوحد شعبا وحكومة وأحزابا للتأكيد على استعدادها لمواجهة كل المحاولات التي تستهدف بلدهم من الخارج.



تحمل أحداث مومباي بصمات سيناريو "الحرب على الإرهاب" وإصرار الجهات الساهرة على هذه الحرب على تعيين عدو وهمي، غير ملموس، لأجل ضمان الاستمرارية. ولعل فشل قوات التحالف في أفغانستان قد يدفع باتجاه أخذ الجبهة الباكستانية، تحديدا القبائل الواقعة على الحدود، جبهة جديدة تستهدفها الحرب على الإرهاب. من المستبعد أن تفضي أحداث مومباي إلى حرب بين البلدين، وإن كان يوجد أطراف داخل الهند لا تتردد في الدفع بهذا الاتجاه؛ لكن من المؤكد أن هذه الأحداث ستؤخذ مبررا وذريعة لممارسة المزيد من الضغط على باكستان ولفصل الجيش عن الشعب في هذا البلد. ليس من المستبعد أن يكون وراء الموقف الهندي المتسرع في إدانة باكستان رغبة في إخفاء الفشل الأمني داخليا؛ كما أن مجرى الأحداث يشير إلى استغلال الهند لهذه الأحداث لأغراض انتخابية داخليا.




الفرصة الضائعة؟





اقتسام المعاناة يجعل الشعوب تسند بعضها البعض لكن هذه المشاعر والأحاسيس بالسبنة لهجمات مومباي لم تحي إلا لبضع ساعات فالفرصة ولدت ميتة
هل منحت أحداث مومباي فرصة لتحسين العلاقات بين باكستان والهند؟ وهل ما تزال الفرصة قائمة أم أنها ضاعت؟


لقد اتخذت جملة من الإجراءات لإعادات بناء جسور الثقة بين البلدين خلال الخمس سنوات الماضية، من ضمنها لقاءات متعددة على مستوى القمة، وسلسلة حوارات منتظمة، وتبادل الإشارات والرسائل الودية، والتواصل بين الشعبين، فضلا عن العديد من الأنشطة التي قامت بها مؤسسات المجتمع المدني ومنظمات غير حكومية. وقد كان من الممكن أن تستغل هذه اللحظة الحرجة من أجل تعزيز الثقة بين البلدين وترسيخ القواعد التي بنيت عليها لو كان هناك تحلي بالمسؤولية؛ لكن شيء من هذا لم يقع. فهل ضاعت الفرصة بسبب ردة فعل متهورة؟ أم أن ردة الفعل هذه كانت جوابا مفكرا فيه سلفا؟ مع انبساط نتائج الأحداث وظهورها، تميل الأغلبية من المتتبعين إلى الاعتقاد بأن الجواب لم يكن ردة فعل متهورة—بل كان جزء من خطة محكمة، ولذلك فإن مع مرور الوقت يغلب الانطباع أن فرصة تحسين العلاقة بين البلدين قد انزلقت من بين أصابع اليدين.



في البداية، كان الموقف الباكستاني من الأحداث موقف صدمة وحزن وتعاطف. إن هذه الأحاسيس، المعبر عنها من طرف الرأي العام والمسؤولين في باكستان على السواء، كانت أحاسيس ومشاعر طبيعية؛ فالباكستانيون فقدوا الآلاف من أبناء وطنهم في حوادث مماثلة، كما أن آخرين كثر تضرروا بشكل أو بآخر بمثل هذه الأحداث. فبالنظر إلى أن أحداث العنف قد انتقلت من جهات الوطن البعيدة باتجاه المناطق المستقرة وصولا إلى العاصمة نفسها، فليس من المبالغة القول بأن عشرات الآلاف من الناس أصبحوا عرضة لمشاهد مشابهة لهذه الأحداث المقيتة، وأن الملايين منهم يشاهدون الدم يسفك في الشوارع على شاشات التلفزيون. ففي نهاية الأمر، يحس هؤلاء بأن ضحايا أحداث مومباي بشر مثلهم. فأولئك الذين فقدوا أرواحهم في محطات القطار والمستشفيات هم أناس عاديون مثلهم، ولئن كان الرهائن المحتجزون في فنادق "تاج" و"أوبروي" من النخبة، فإن أحداث فندق "ماريوت" التي شهدتها إسلام أباد الشهر الماضي تجعلهم يتعاطفون مع ضحايا مومباي.



هل كان بالإمكان الحصول على فرصة أفضل لمد جسور الثقة بين البلدين والتقريب بين الشعبين؟ في الواقع، إن اشتراك الشعوب في المعاناة واقتسامها للمعضلات يجعلها بالضرورة تسند بعضها البعض، خصوصا حين يحصل لهم الاقتناع بأن عدوهم عدو واحد مشترك. لكن هذه المشاعر والأحاسيس لم تحي إلا لبضع ساعات...يبدو أن الفرصة ولدت ميتة.






جاءت محاولات إثبات التورط الباكستاني في الأحداث لتنعش في عقول الباكستانيين ذكرى أحداث سابقة ثبتت تورط وكالات هندية وعناصر هندية غير حكومية فيها بغرض الوصول إلى أهداف معينة والضغط على باكستان
كان الصراع على أشده وكان عناصر الشرطة يطوقون فندقي مومباي حين بدأت وسائل الإعلام توجه أصابع الاتهام نحو باكستان. وبعد ذلك، خرج وزير الخارجية والوزيز الأول الهنديان عن صمتهما ليضعا الختم الرسمي على تخمينات الإعلاميين، حيث قاما بذكر "عناصر باكستانية" و"عناصر خارجية" في تصريحهما لوسائل الإعلام. وقد تم تجاهل وزير الخارجية الباكستاني الموجود حينها في نيوديلهي في وقت كان بالإمكان استغلال وجوده بغرض الدفع باتجاه إستراتيجية موحدة لإنجاح التحقيقات في حال وجود أدلية أولية حقيقية، عوض توجيه أصابع الاتهام إلى باكستان عبر وسائل الإعلام.


وبالرغم مما حدث، فإن الفرصة ظلت متاحة إلى هذا الحد. لقد جاءت تصريحات الوزير الأول ووزير الخارجية غامضة بعض الشيء، لكن ومع كامل الأسف قاما بتبديد هذا الغموض خلال ردود أفعالهما اللاحقة وهرعت وسائل الإعلام الهندية لتملأ الفراغ. في وقت كان التعاطف مع ضحايا الهند ما يزال حيا في قلوب الباكستانيين، جاءت محاولات إثبات التورط الباكستاني في الأحداث لتنعش في عقول الباكستانيين ذكرى أحداث سابقة ثبتت تورط وكالات هندية وعناصر هندية غير حكومية فيها بغرض الوصول إلى أهداف معينة والضغط على باكستان.



فكيف يمكن للباكستانيين أن ينسوا "جانجا"، حادث اختطاف الطائرة في سنة 1971 الذي استغلته الهند للدفع بالتآمر بغرض تقسيم باكستان إلى قسمين؟ وإذا كان هذا الحادث قديما، فهناك حادث الهجوم على البرلمان الهندي سنة 2001، أي أقل من عشر سنوات، الحادث الذي اتخذته النهد ذريعة لنشر قواتها على الحدود مع باكستان. فالباكستانيون، بل العالم أجمع، ما يزال ينتظر دلائل مقنعة بخصوص هذا الحادث. وهناك الهجوم القاتل على قطار "ساميوتا إكبريس" ما بين "وهجا" و"لاهور" في شهرفبراير سنة 2007، حيث أن الهند وجهت الاتهام إلى باكستان قبل أن تثبت التحريات والتحقيقات لاحقا بأن الجاني الحقيقي هو الكولونيل بروهيت، من الجيش الهندي، وقد اعترف بأنه كان وراء الحادث رفقة بعض أصدقائه. وقد تم إيقاف هذا الكولونيل بضعة أسابيع قبلها في حادث إرهابي شهدته "مالاجون" راح ضحيته 37 شخصا. إن هذه الأحداث ما تزال حية في الذاكرة وصداها ما يزال يدوي في كل مكان.



وأما فيما يتعلق بتورط باكستان، فالأرجح أن الوضع السياسي والاقتصادي، فضلا عن المشاكل الأمنية التي تواجه البلاد اليوم، لا تسمح بالدخول في مثل هذه المغامرات التي لا تحظى بأي دعم، لا من طرف الحكومة ولا من الرأي العام. إذا كان الشعب الباكستاني يشعر بالضيم وبالظلم الصادرين عن الهند، فإنه من المؤكد كذلك أن الرأي العام في البلد يشهد تغيرا بحيث أصبح الإنسان العادي في هذا البلد يعتبر الولايات المتحدة الأمريكية تشكل خطرا على الأمن القومي أكثر مما تشكله الهند.






من الصعب تصور أن يكون تنظيم مثل لشكر الطيبة وراء أحداث كبيرة من حجم أحداث مومباي داخل الهند
تسود قناعة لدى الشعب الباكستاني بأن العناصر المتورطة في أحداث مومباي تهدف إلى المساس بعلاقات باكستان والرجوع بها إلى مربع الصفر. إن جملة التقارير التي تطفو على السطح لا تخلو من التناقض والتضارب. ليس مفهوما كيف تمكنت عناصر خارجية من دخول الأراضي الهندية (عشر عناصر فقط) للقيام بعمليات إرهابية غاية في الدقة والتنسيق، وكيف تمكنت من قطع مسافات طويلة وهي محملة بأسلحة ثقيلة وذخيرة، وكيف تمكنت من اختراق أجهزة الأمن في فنادق خمسة نجوم؟ كيف اخترقت هذه المجموعة شبكة المخابرات الدقيقة؟ ففي بلد يقبل فيه عشرات الآلاف من المواطنين على الانتحار سنويا وتتعرض فيه الأقليات إلى التعذيب تحت إشراف الحكومة (كما وقع أثناء أحداث "جوجرات" سنة 2002)، ليس من الصعب إيجاد أفراد محبطين يتولون مثل عمليات مومباي. ويلح علينا هنا سؤال مهم: لماذا استهدف الضابط في الشرطة الهندية "هامنيت كركري"، رئيس الفيلق المكلف بمكافحة الإرهاب وبالتحقيق في ملف تورط الجنود والمتطرفين الهندوس في أحداث قطار إكبريس "مارجاون" و"ساميوتا" ليكون من أول ضحايا المواجهات في أحداث مومباي؟ هناك تقارير تقول بأن نفس الكولونيل الذي اطلق صراحه بكفالة بعد تورطه في إحدى الحالات بعد موت "هامنيت كاركري"، سيخلى سبيله بكفالة في باقي الحالات الأخرى.


إن "الأدلة الأولية" المشار إليها من طرف بارناب موخارجي, وزير الخارجية الهندي, خلال الساعات الأولى بعد أحداث مومباي لم يتم فتحها بعد، كما أنه لم تظهر أدلة موثوق بها بعد مرور أسبوع بأكمله. ولعله من المضحك أن تقوم الهند بتقديم لائحة بأسماء 21 شخص تطلب من باكستان أن تسلميهم إليها. إن اللائحة نفسها سلمت في وقت سابق إلى السلطات الباكستانية بعد ما يسمى بأحداث "البرلمان الهندي" في سنة 2001. ولعل السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو إذا كان هؤلاء يوجدون في باكستان، فكيف يمكن أن يتورطوا في أحداث مومباي ولماذا تخلت الهند عن المطالبة بهم قبل هذا الحادث؟



في هذا السياق يذكر اسم لشكر الطيبة باستمرار. يبدو أن هناك رغبة في الحد من تأثير هذه الحركة الأهلية المنبعثة في كاشمير، حيث أن هذه الحركة كانت تنشط في كاشمير في الماضي، بينما تم حضرها في باكستان منذ سنوات. أولا، من الصعب تصور أن يكون تنظيم مثل لشكر الطيبة وراء أحداث كبيرة من حجم أحداث مومباي داخل الهند؛ هذا فضلا عن أن مثل هذه الحركات لا تتردد في تبني مثل هذه الأحداث في حال قيامها بها، ذلك أنها أحداث تخدم أغراضها. لكن على العكس من ذلك كله، فما وقع هو أن الحركات المناضلة في كاشمير أدانت كلها هذه الأحداث بكل شفافية في وسائل الإعلام الدولية.



لماذا تركت الحكومة الهندية فرصة ترميم العلاقات الثنائية تنفلت من بين أيديها؟ هناك اعتقاد سائد مفاده أن العناصر المتطرفة التي تمثل جزء لا يتجزء من بينة الحكومة الهندية، بغض النظر عن من يوجد في هذه الحكومة، تأخذ الحكومات المتتالية كرهائن وتملك أن تقوض الجهود الإيجابية الساعية إلى تقوية العلاقات الباكستانية-الهندية. كما لا يستبعد أن ظرف الانتخابات الحساس اليوم في الهند يدفع باتجاه توجيه اللوم وأصابع الاتهام نحو باكستان بغرض تغطية إخفاقات الاستخبارات الهندية وسوء تدبير الإدارة، وكذلك بغرض تهدءة الرأي العام المطالب بأسماء الجناة. في مقابل هذا كله، قد يتم توظيف هذا الشعور العام لمصلحة هذه الجهات المتطرفة.



وبما أن هناك تركيز على حديث القيادة الهندية عن الحق في توجيه ضربات استباقية وعن دعم الرئيس الأمريكي المنتخب الصريح في هذا الباب، فهذا يقوي الانطباع بوجود جهات وأطراف أخرى وراء تحديد مسار الأحداث، إلى جانب اللوبيات المعادية لباكستان من داخل الحكومة الهندية. كما أن توقيت نشر بعض مراكز الأبحاث الأمريكية لتقرير يحدر من إمكان استعمال النووي من داخل باكستان يكرس هذا الاعتقاد. قد يكون هناك نية في استهداف بعض القطاعات الحساسة في باكستان؛ ولعله من الواضح الذي لا يحتاج إلى إثبات أن باكستان ستتعرض لمزيد من الضغط كي تشارك بشكل أكبر في الحرب على الإرهاب، هذه الحرب التي تساهم في زعزعة الاستقرار وانعدام الأمن وفصل الجيش الباكستاني عن الشعب.



هل سيشهد الوضع ترديا يدفع باتجاه حرب بين الدولتين؟ قد يكون هناك عناصر داخل المؤسسة الهندية لا تمانع في حصول ذلك، لكن بعد تجربة 2001، حيث ظلت القوات الهندية مرابطة على الحدود لمدة سنة كاملة يبدو أن احتمال نشوب حرب هو احتمال مستبعد.



لا شك أن الباكستانيين يشعرون بالأمن والطمأنينة نظرا لقدراتهم النووية، هذا الرادع الذي ساهم في إبعاد شبح الحرب خلال عشرين سنة الماضية، بالرغم من تجدد المخاوف من اندلاعها من حين إلى آخر. كما أن موقف القيادة الباكستانية العام المتحلي بالمسؤولية ساهم في ردع إمكان اندلاع حرب بعد أحداث مومباي. والواقع أن القيادة الباكستانية أثبتت أنها قيادة مسؤولة ورزينة وناضجة، وهو الأمر الذي انسحبت مزاياه على الصعيدين الداخلي والخارجي على السواء. إن اللقاءات التي أجراها الوزير الأول مع كافة الأحزاب السياسية ومؤتمر الأمن القومي أعطى رسالة تدل على وجود إجماع وطني وثقة، الأمر الذي سيكون له أثر إيجابي بالغ في المستقبل.



في وقت تنفس فيه الباكستانيون الصعداء نظرا لتوافق الأحزاب السياسية في هذه الظروف العصيبة، يشير بعض المحللين إلى أنه، مثلما استهدفت أفغانستان واعتبرت معقل الإرهاب في بداية الحرب على الإرهاب، وبعد فشل قوات التحالف المتزايد في هذا البلد، فمن الملاحظ أن تجار الحرب يحاولون الآن أن يجعلوا من مناطق القبائل كبش ضحية لاستهداف باكستان. في السياق نفسه، يبدو أن علامة "القاعدة" التجارية أقصيت من الخشبة، لأنه ليس من الممكن استهداف باكستان بالإشارة إلى وجود علاقة مباشرة مع القاعدة. ويعتقد البعض الآخر أن "آلة الحرب" الدولية تبحث بلا هوادة عن عنوان جديد للإرهاب كي تبقي على الحرب مستمرة؛ وإزاء هذا الأمر سيكون تحديا واختبارا للدولة الباكستانية وقيادتها. ولعله بإمكان باكستان مواجهة هذا التحدي اعتمادا على الوحدة الوطنية، والدبلوماسية الفعالة ثم استراتيجية وخطة عمل متكاملين.



بالرغم من أن المنطقة شهدت أحداثا إرهابية مشابهة لأحداث مومباي، فإن ردة فعل الهند أحيت الشكوك بخصوص فلسفة الحرب على الإرهاب وتصرف الساهرين عليها؛ يبدو أن هذه الحرب تقوم على استراتيجية مغرضة: كلما حصل حادث إرهابي، يلاحق "العدو المطلوب" سلفا، حتى وإن كانت الأحداث على الأرض والمؤشرات تفرض تقصيا باتجاهات أخرى. بهذه الطريقة، يظل الجناة الحقيقيون أحرارا يجوبون العالم بكل حرية، بينما صورة "العدو" يلحقها ما يلحقها من التشويه لمجرد إطلاق اسم "الإرهابي" عليه، إذا لم يمكن القيام بشيء آخر. يعزز هذا التصرف الاقتناع بأن الحرب على الإرهاب بدأت وما تزال لخدمة أغراض دول وقوى عظمى تريد أن تبلغ أهدافها السياسية والاقتصادية، بانية هيمنتها على أساس المطاردة لعدو وهمي غير ذي وجه محدد المعالم.



إن هذه الخطط البالية أصبحت تشوش على حواس العامة من الناس والخاصة من أمثال رجال الدولة المحنكين ومراكز البحث والإعلاميين. لا شك أن الإعلام يمثل سلاحا قويا في يد السلطة الناعمة في القرن الواحد والعشرين، ومتى وظف هذا الإعلام بطريقة حساسة ومسؤولة، فإنه يملك القدرة على خلق فرص التناغم والصداقة والرخاء في مناطق كثيرة انطلاقا من أحداث أليمة. ولعله من الملح التساؤل بخصوص دور الإعلام في تغطية أحداث مومباي؛ فهل قام الإعلام بدور إيجابي في الدفع باتجاه التناغم أم ساهم في تأجيج نار الإحباط والغضب وأحاسيس العداوة.



ولعل السؤال هو: هل نحن مستعدون لخدمة صالح البشرية عوض خدمة مصالحنا الخاصة؟ سيجيب المستقبل على هذا السؤال.
_______________
مدير معهد الدراسات السياسية في إسلام أباد