يتزايد الحراك الشعبي المنادي بالإصلاح السياسي والاقتصادي في الأردن يوما بعد يوم، لأسباب متعددة، فعلى المستوى الداخلي تزايدت رقعة الفقر وارتفعت نسب البطالة، واستشرى الفساد وتدهور التعليم، وتراجعت الحريات العامة، ولم تعد تدخلات الأجهزة الأمنية في الحياة السياسية أمرا يطاق.
مركز الجزيرة للدراسات
الحراك الشعبي المنادي بالإصلاح السياسي والاقتصادي في الأردن يتزايد يوما بعد يوم، والأسباب في ذلك متعددة، فعلى المستوى الداخلي تزايدت رقعة الفقر وارتفعت نسب البطالة، واستشرى الفساد بشكل كبير وتدهور التعليم، وتراجعت الحريات العامة، ولم تعد تدخلات الأجهزة الأمنية في الحياة السياسية أمرا يطاق.
ولا تقتصر حتمية التغيير والإصلاح في الأردن على المحفزات الداخلية سابقة الذكر فقط، وإنما مما يزيدها ضرورة ويدفعها خطوات للأمام تغير موازين القوى في العالم وفي المنطقة العربية حاليا، خاصة بعد فشل وتراجع المشروع الأميركي والصهيوني في المنطقة، وما أحدثته الثورتين التونسية والمصرية من قوة دفع هائلة للشعوب العربية لتحذو حذوهما.
عملية التغيير والإصلاح السياسي في الأردن ليست بالسهولة التي يتصورها البعض، فدون ذلك عوائق عدة؛ أبرزها محاولة الالتفاف على عملية الإصلاح من خلال إقدام منظومة الحكم على رفع شعار الإصلاح وخداع الجماهير، من خلال إجراء بعض الإصلاحات الشكلية والفرعية، التي لا تؤثر على بنية النظام |
وإزاء هذا الوضع فإن هناك ثلاثة بدائل يمكن التفكير بها أمام الذين يقودون عملية الإصلاح في الأردن.
الأول:التغيير الجذري والكامل للنظام، بمعنى إسقاط النظام والتحول نحو نظام ديمقراطي جديد، على غرار ما حدث في تونس ومصر، وما يطالب به الشعب في ليبيا واليمن.
الثاني: إصلاح في بنية النظام ليتحول إلى نظام ديمقراطي مع بقاء النظام الملكي، وهو ما يطلق عليه (الملكية الدستورية) على غرار الملكيات الديمقراطية في السويد وهولندا وبريطانيا وإسبانيا وماليزيا.
الثالث: إجراء تغييرات إصلاحية على صعيد قانون الانتخابات وتشكيل حكومة برلمانية، دون المساس بصلاحيات الملك المطلقة، وهذا البديل ما يحاول كثيرون من أتباع النظام والقوى السياسية إقناع الشعب به.
ومن خلال النظر في هذه البدائل، نجد ما يلي:
- تغيير النظام بشكل جذري لم يتم طرح ذلك من أي قوة سياسية في الأردن، حتى هذه اللحظة، ويبدو أنّه في ظل التركيبة السكانية خيارٌ مرفوض.
- البديل الثالث، ليس مقنعاً ولا يعبر عن مطالب الأغلبية ولا يشكّل إصلاحاً حقيقياً ويمكن الإنقلاب عليه في أي وقت.
- ولذلك لم يبق إلاّ البديل الثاني (الملكية الدستورية) الذي ربما يشكل نقطة الالتقاء المقبولة.
وعليه فيمكن اختصار المطلوب من قوى الإصلاح في الأمور التالية:
أولاً: ضرورة التوحد بين جميع القوى الفاعلة، ضمن إطار جبهوي واسع، من أجل الاتفاق على مطلب واحد واضح ومحدد، والبعد عن الضبابية والارتباك.
التخلص من كل الشعارات الحزبية والطائفية والفئوية ضرورة، وذلك لتوحيد الشارع الأردني تحت الراية الوطنية الأردنية فقط، ورفع شعار واحد وطني يضمّ جميع القوى بلا استثناء والحرص على المظهر الشعبي العفوي بالتحرك والمطالبة |
ثالثاً: الإفساح للقوى الشبابية الناهضة، لتولي عملية الحراك وأن يفسح المجال لإبداعاتهم الحداثية، وطرقهم المعاصرة، وعدم الإصرار على الظهور من الشخصيات التقليدية، والقوى السياسية المعروفة.
رابعاً: توحيد مكونات الشعب الأردني خلف مطلب الإصلاح ومقاومة كل عوامل الفرقة والخلاف الجهوي والمذهبي والطائفي والتصدي لمخطط النظام في التفريق وإثارة الفتنة.
خامساً: التمسك بالمنهج السلمي، البعيد عن استعمال القوة والعنف، مهما كانت الخسائر، وعدم الاستجابة لمحاولات الاستفزاز، والجر نحو استخدام السلاح.
سادساً: الاعتماد على الذات المحلية في الثورة، وعدم الاستعانة بالأجنبي مهما كانت الظروف، ورفض التدخل الدولي، وتوجيه المتحدثين إلى عدم الاستغاثة بالمجتمع الدولي.
سابعاً: التركيز على التعبئة والحشد ورفع المعنويات، والعزم الأكيد على النصر، والإصرار على النجاح مهما كانت التضحيات، والبعد عن الإحباط والتشكيك.