فيروس كورونا يعمِّق الشرخ بين إيران وأميركا (منظور إيراني)

لا شك في أن فيروس كورونا يقتل الإيرانيين، ويزداد الأمر سوءًا في ظل العقوبات الأميركية. إن رفض إدارة ترامب رفع هذه العقوبات يفاقم أزمة العلاقات المتوترة أصلًا بين طهران وواشنطن ويدفع إيران إلى إعادة تحديد وتعريف أولويات سياستها الخارجية.
مشيعون يدفنون صحفيًّا إيرانيًّا توفي بفيروس كورونا (رويترز نقلًا عن وكالة وانا)

أحدث فيروس كورونا صدمة جيوسياسية عالمية كبرى يُتوقَّع لها أن تؤدي إلى إعادة صياغة النظام الدولي، وتسريع وضع حد للعولمة، والتأسيس لتحالفات سياسية جديدة. مما لا شك فيه أن فيروس كورونا يقتل الإيرانيين، ولكن إدارة ترامب تزيد الأمر سوءًا عبر فرضها مزيدًا من العقوبات التي تحول دون وصول المستلزمات الطبية إلى إيران. إن رفض إدارة ترامب رفع العقوبات يفاقم التوتر في العلاقات المتوترة أصلًا بين طهران وواشنطن ويدفع بالجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى إعادة تحديد وتعريف أولويات سياستها الخارجية. تناقش هذه الورقة العلاقات الإيرانية-الأميركية على ضوء الجدال الحاصل بشأن العقوبات والتصدي لفايروس كورونا.

مساعدات صينية وعقوبات أميركية

في التاسع والعشرين من فبراير/شباط 2020، حطَّت في مطار طهرن طائرة إيرانية، تابعة لشركة طيران "ماهان"، قادمة من مدينة غوانزو الصينية وهي تحمل على متنها خمسة خبراء صينيين وأطنانًا من الإمدادات الطبية، من بينها 50 ألف حقيبة اختبار طبي لمساعدة إيران على مكافحة تفشي كورونا(1)، لم يكن حينها قد مضى سوى عشرة أيام على إبلاغ إيران عن أول إصابة مؤكدة بالفيروس في 19 فبراير/شباط في مدينة قم، وهي مدينة إيرانية مقدسة تقع على بعد 130 كيلومترًا إلى الجنوب من العاصمة طهران. وكانت الصين أول دولة في العالم بادرت إلى تقديم الدعم الطبي للجمهورية الإسلامية الإيرانية، وذلك بعد مدة وجيزة من إرسال منظمة الصحة العالمية دفعات من حقائب الاختبارات الطبية للكشف عن الفيروس إلى إيران.

لم تمض ثلاثة أسابيع بعد ذلك، وفي الوقت الذي كانت فيه إيران تكافح للحد من انتشار الفيروس المُميت، حتى أرسلت الصين 18 طائرة محملة بالمعدات الإنسانية والطبية إلى إيران، وقد استمر ذلك إلى تاريخ 21 مارس/آذار(2). أما الولايات المتحدة فقد وسَّعت نطاق عقوباتها القاسية بهدف منع الجمهورية الإسلامية من شراء المعدات الطبية.

(رويترز)
متظاهرون في واشنطن يطالبون برفع العقوبات عن إيران (رويترز)

ومع أن إيران هي الدولة الأكثر تضررًا في منطقة الشرق الأوسط، حيث سجلت أعلى معدلات على مستوى الإصابات والوفيات، فإن جهودها لمكافحة فيروس كورونا "أُعيقت بشدة" بفعل العقوبات الأميركية (أحادية الجانب) المفروضة عليها(3)، ما جعل المرضى الإيرانيين يدفعون ثمن ذلك أكثر من غيرهم. ومن المفارقات أن الولايات المتحدة، وإِنْ رفعت من قوائم عقوباتها على إيران الواردات من السلع الإنسانية والمواد الطبية، إلا أن ذلك يُعتبر شكليًّا فقط، حيث إن ما فرضته من عقوبات مصرفية لم تنفك تعيق، عمليًّا، قدرة إيران على شراء المعدات الطبية من الخارج.

ومع أن إيران تنتج 95% من أدويتها، إلا أنها في حاجة إلى "استيراد بعض المواد التي يصعب الحصول عليها بموجب العقوبات" المفروضة عليها(4). في المقابل فإن قلة قليلة من البنوك قد تبدي استعدادًا للمخاطرة بالتعرُّض للعقوبات الأميركية، في حال قررت فتح باب التجارة مع إيران، وهو ما من شأنه الحد من توفر الإمدادات الطبية ومنع الشعب الإيراني من حقه في العلاج.

من جانبه دعا الرئيس حسن روحاني المجتمع الدولي، في عدد من رسائله، إلى الامتناع عن الامتثال للعقوبات الأميركية المفروضة على بلاده، خاصة في ظل ارتفاع عدد الوفيات بسبب تفشي فيروس كورونا. أما وزير الخارجية، محمد جواد ظريف، فاعتبر أنه "من غير الأخلاقي السماح للمُتنمِّر بقتل الأبرياء". وقد أبلغ ظريف الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أنه على "منظمة الأمم المتحدة، والدول الأعضاء فيها، مطالبة الولايات المتحدة بالتخلي عن نهجها الخبيث ضد إيران ووضع حد لما أسماه "حملة الإرهاب الاقتصادي" ضد 83 مليون إيراني"(5). وحتى 26 مارس/آذار 2020، تجاوز عدد الوفيات 2000 وفاة، في حين زاد عدد المصابين المؤكدين على 27 ألف مصاب.

أميركا تخسر تفوقها الأخلاقي

دعت الصين وروسيا، بالإضافة إلى معظم دول الجوار الإيراني، بل وحتى العديد من الدول الأوروبية وغيرها من دول العالم الأخرى، واشنطن إلى رفع العقوبات القاسية المفروضة على إيران. فقد انتقدت وزارة خارجية روسيا العقوبات الأميركية "المعادية للإنسان"، قائلة: إن "العقوبات الأميركية غير القانونية أحادية الجانب، المفروضة على الجمهورية الإسلامية الإيرانية منذ شهر مايو/أيار 2018 كجزء من حملة ممارسة "الضغط الأقصى"، تشكِّل عقبة كأداء أمام جهود مكافحة العدوى بشكل فعَّال. وأضافت وزارة الخارجية الروسية أن "السبب خلف تسجيل أعداد كبيرة من ضحايا الفيروس لا يكمن فقط في المرض في حد ذاته، بل أيضًا في واقع أن الولايات المتحدة تعيق عمدًا كل الجهود المبذولة لمقاومة فيروس كورونا. فقد حيل دون ملايين المواطنين الإيرانيين ودون إمكانية شراء المواد الطبية الضرورية... إن سياسة أميركا المعادية للإنسان محل إثارة للأسف العميق والجزع والقلق الشديدين".

كما حثت الخارجية الروسية واشنطن أيضًا على رفع حزمة عقوباتها الاقتصادية القهرية التي "تستهدف انتهاك حقوق الإنسان في إيران"، مضيفة أن "مرحلة انتشار وباء كورونا على مستوى عالمي ليس التوقيت المناسب لتصفية حسابات جيوسياسية، خاصة تلك التي لا تستند إلى أساس شرعي، والتي اخترعها زعماء واشنطن من أجل إرضاء طموحاتهم الخاصة"(6).

من جانبه دعا وزير خارجية الصين واشنطن إلى "رفع فوري للعقوبات الأميركية أحادية الجانب على إيران" التي حظرت على طهران استيراد الأجهزة الطبية(7).

على إثر الزلزال الهائل الذي دكَّ جنوب شرق مدينة بم الإيرانية، في ديسمبر/كانون الأول 2003 مُوقِعًا أكثر من 40 ألف قتيل، بادرت إدارة الرئيس الأميركي الأسبق، جورج دبليو بوش، إلى تعليق مؤقت لعقوباتها التي كانت قد فرضتها على إيران، ومن ثم سيَّرت طائرات محمَّلة بالمواد الإنسانية إليها. وكانت تلك أول مرة ترسل فيها الولايات المتحدة الأميركية مساعدات إلى إيران منذ اندلاع الثورة الإسلامية فيها عام 1979. أما إدارة ترامب فكانت "قاسية جدًّا ومتشددة كثيرًا في موقفها"، مما يجعل إدارة بوش أرحم وأكثر عقلانية بالمقارنة مع ترامب.

(رويترز)
لافتة معادية لأميركا على مدخل بازار طهران المغلق بفعل كورونا (رويترز)

وفي موقع "إنترسبت"، تساءل مهدي حسن، "كيف يمكننا تفسير قسوة إدارة ترامب وتجاهلها لحياة الإيرانيين العاديين في خضم تفشي وباء كورونا عالميًّا، إلا إذا كانت تُقاد من قبل فريق ينقصه الإحساس الاجتماعي؟ وكيف يمكننا، رغم عظم حجم معاناة الشعب الإيراني، فَهْم منسوب الدعم المتزايد المقدَّم من قبل المسؤولين الأميركيين لاستمرار العقوبات الاقتصادية الكارثية على الجمهورية الإسلامية؟ وفي الوقت الذي يصطف فيه الأميركيون العاديون أمام محلات البقالة والصيدليات في جميع أنحاء الولايات المتحدة، لشراء الأدوية الموصوفة لهم، فهل لدى أولئك الأميركيين أدنى فكرة عن حرمان نظرائهم الإيرانيين من الأدوية والسلع الأساسية بسبب سياسة الحكومة الأميركية؟"(8) .

لقد تحوَّلت حملة "الضغط الأقصى" إلى أداة للسياسة الخارجية الأميركية تنتهك بها حقوق الإنسان الأساسية في إيران. وقد قال الدكتور علي آدامي، أستاذ العلاقات الدولية، لكاتب هذا التقرير: إن "ترامب طلَّق القيم الإنسانية وهو يستخدم الدواء كسلاح لتحقيق أهداف سياسته الخارجية بعد أن فَقَد ما كان يدِّعيه من منطلقات أخلاقية. وها نحن نرى الآن كيف أن روسيا والصين باتتا تعلِّمان واشنطن كيفية احترام حقوق الإنسان".

لم يكتف ترامب بالإضرار بسمعة أميركا أمام أعين العالم وحسب، بل إن العديد من الأميركيين أيضًا يرون أن "ترامب لا يمثِّل القيم الأميركية الحقيقية"(9) . وقد وضع فيروس كورونا إدارة ترامب أمام اختبار جديد. ومع أن الفيروس أوجد فرصة أمام واشنطن لرفع العقوبات اللاإنسانية، إلا أنه وبالتزامن مع ارتفاع عدد الوفيات الناجمة عن فيروس كورونا في إيران، فإن واشنطن فرضت حزمة إضافية من العقوبات الجديدة عليها. ففي 18 مارس/آذار أعلن وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، فرض مزيد من العقوبات على إيران، وأشار بومبيو، دون تقديم أي دليل، إلى تورط إيران مباشرة أو تقديمها دعمًا لمنفذي الهجوم الصاروخي الأخير الذي استهدف معسكر التاجي العسكري شمال بغداد وقُتل فيه جنديان أميركيان. ثم تلا ذلك شن سلاح الجو الأميركي غارات جوية على منشآت تابعة لحزب الله في العراق قُتل خلالها ثلاثة جنود عراقيين وشرطيان ومدني واحد.

طالت العقوبات الأميركية الجديدة "تسعة كيانات وثلاثة أفراد" معظمهم من المستثمرين في قطاع صناعة البتروكيماويات الإيرانية التي "توفر إيرادات للنظام"(10).

إن التصعيد الذي تبديه أميركا تجاه إيران لم يترك مجالًا للتفاؤل، ولن يكون هناك أي معنى للخطوات الكبيرة الرامية إلى الحد من التوتر بين واشنطن وطهران، في ظل أجواء الحرب، إذا لم تسبقها وتصاحبها خطوات صغيرة مثل تقديم المساعدة الإنسانية لإيران في وقت هي في أشد الحاجة إليها. كما كان النداء الذي وجهته إيران، في وقت سابق من هذا الشهر، إلى صندوق النقد الدولي للحصول على تمويل طارئ بقيمة 5 مليارات دولار لمواجهة تفشي فيروس كورونا، فرصة أخرى، ولكن ليس هناك في الأفق ما يشير إلى أن البيت الأبيض سيغتنم هذه الفرصة في ظل الرئاسة الحالية لترامب.

يؤشر "تجاهل واشنطن حالة الطوارئ، التي أوجدها انتشار فيروس كورونا في إيران، والذي يحول بقوة دون تبادل المساعدات الطبية ويعطِّل الاستجابة لطلب إيران قرضًا بقيمة 5 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي، إلى أن واشنطن غير مهتمة بتدابير بناء الثقة.. وقد بدَّد العداء (الأميركي تجاه إيران) كل الآمال في أي نوع من التقارب الذي يمكن أن تشجع عليه الأزمة الصحية الحالية"(11) ، بل إن إدارة ترامب عملت على رشِّ الملح على الجروح الإيرانية المتقرِّحة عبر فرض عقوبات جديدة وسعيها إلى تحريض الإيرانيين ضد حكومتهم.

جغرافيا فيروس كورونا السياسية

أحدث فيروس كورونا صدمة جيوسياسية عالمية كبرى، ومن المتوقع أنه ما إِنْ ترتفع سحابة الغبار هذه، حتى يُعاد وضع أسس النظام الدولي، ويُصار إلى التسريع في تفكيك العولمة، بالإضافة إلى التسريع في تفكيك ما هو قائم من أنظمة إقليمية، وتأسيس تحالفات سياسية جديدة أو تعزيز بعض التحالفات القائمة.

إن الشراكة بين كل من روسيا والصين وإيران إنما هي نتيجة لترابط مصالحها ومعارضتها القوية للهيمنة الأميركية. وتعتقد حكومات روسيا والصين وإيران أن التوجه الأحادي لإدارة ترامب قد أدى إلى تعطيل النظام الدولي وشكَّل خطرًا جسيمًا متعاظمًا على سيادة ومصالح هذه الدول الثلاث، وهو ما دعاها إلى السعي نحو إقامة نظام دولي أكثر توازنًا. ولذلك فإن موسكو وبكين وطهران اليوم بصدد البحث عن التأسيس لعالم متعدد الأقطاب.

ومن المتوقَّع أن يعيد الفيروس التاجي الجديد تعريف وتحديد سلاسل الإنتاج والاستهلاك العالمية، وسيكون ذلك على نطاق واسع. ومن المتوقع أيضًا أن يدخل الاقتصاد العالمي في حالة ركود هذا العام بفعل تداعيات الوباء الجديد. غير أن الثقة التي يبديها القادة الصينيون في صعود نجم بلادهم وتحقيق نجاح في احتواء الفيروس التاجي يُقدِّم الدليل على تصميمهم على تقديم الصين في صورة البلد الذي يتزعَّم الكفاح العالمي ضد الفيروس، وأنهم يسيرون نحو تحويل بلدهم إلى قوة عالمية. غير أن تداعيات كورونا، وما يمكن أن يحدثه من تأثير جيوسياسي، لم تُحدَّد بعد بشكل كامل، ويبقى إدراك تلك التأثيرات والتداعيات "معتمدًا، بشكل واسع، على مدى نجاح الجهود الرامية إلى التخفيف من أضرار الفيروس وإيجاد علاج مناسب له، ثم تطوير لقاح له في نهاية المطاف"(12).

"أصبح فيروس كورونا الآن عاملًا فاعلًا من الحجم الكبير في العلاقات الدولية. وقد قال محمد الطبطبائي، أستاذ العلاقات الدولية لكاتب هذا التقرير، إن فيروس كورونا المستجد "سيعيد تشكيل الاصطفافات السياسية العالمية".

وقد وصف الأستاذ آدامي انتشار الفيروس التاجي بـ"الصدمة الكبرى"، قائلًا إنه "سيتسبب في إجراء جراحة عميقة داخل أنسجة هيكل النظام الدولي" مضيفًا أن "قياس العلاقات بين الجهات الفاعلة دوليًّا، في مرحلة ما بعد الفيروس التاجي، سيكون على أساس مدى استجابتها للحد من انتشار هذا الفيروس".

إيران محور جغرافي نحو آسيا

لقد عزَّز فيروس كورونا التضامن السياسي بين إيران والصين فعليًّا، ومن المتوقع أن تُسرِّع سياسة "محور آسيا" التي تنتهجها طهران. وفي الوقت الذي تسعى فيه بكين وموسكو إلى تعزيز أهدافهما الاستراتيجية، في ظل التعاون القائم داخل إطار منظمة شنغهاي للتعاون، فإن اندماج إيران (في مشروع التحالف الأوراسي بين الصين وروسيا) يحمل إمكانية تغيير التوازن الاستراتيجي القائم بين موسكو وبكين. هذا بالإضافة إلى أن موقع إيران الاستراتيجي، بحكم وجودها على حافة منطقة جنوب أوراسيا، يجعلها تمثِّل المحور الجغرافي في مبادرة الحزام والطريق الصينية.

وقد كتب ميكائيل تانشوم، الباحث في المعهد النمساوي للدراسات الأوروبية والأمنية (AIES)، ما يلي: "مع اكتمال بناء ميناء تشابهار الإيراني، مؤخرًا ومدِّ خطوط السكك الحديدية لتصل إلى أعماق آسيا الوسطى، فإن إيران باتت في طريقها إلى أن تصبح مركزًا لممر العبور الدولي بين الشمال والجنوب (INSTC)    (13).

(غيتي)
طهران تتجه لتعزيز شراكتها مع الصين (غيتي)

كانت إيران تلعب منذ زمن دورًا مهمًّا في "إعادة التوازن" تجاه الشرق، غير أن توسيع واشنطن عقوباتها أحادية الجانب من جهة، وفشل أوروبا في الحفاظ على الاتفاق النووي المعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة، من جهة أخرى، لم يزيدا طهران غير التسريع في إعادة توجيه بوصلتها، ومن ثم بحثها عن شركاء خارج نطاق جوارها المباشر في الشرق.

يفسر ما سبق لماذا أصبحت آسيا تمثِّل شريانًا حيويًّا رئيسيًّا لإحياء اقتصاد إيران، وهكذا أصبحت الصين الآن أكبر شريك تجاري لطهران. لقد باتت الشراكة الاستراتيجية مع الصين، والقوى الآسيوية الأخرى مثل ماليزيا، استراتيجية أساسية لطهران اليوم.

وفي المقابل فإن الوجود الأميركي الموسع في شرق آسيا، بُغية تحقيق التوازن مع الصين، لم يؤد سوى إلى مزيد من تعزيز الشراكة بين طهران وبكين.

فيروس كورونا الجديد سلاح بيولوجي أميركي؟

شهدت الأسابيع الأخيرة تحولًا متزايدًا في مضامين الروايات المتعلقة بأصل وطبيعة فيروس كورونا من كونه ظاهرة طبيعية إلى كونه عدوى من صنع الإنسان. وقد نشرت مجلة "ساينس"، في 26 يناير/كانون الثاني 2020، أن سوق المأكولات البحرية في ووهان الصينية قد لا يكون هو مصدر الفيروس القاتل. وكتبت المجلة: "يبدو من الواضح الآن أن سوق المأكولات البحرية لا يمثل المصدر الوحيد للفيروس. وحتى نكون صادقين، نقول إننا ما زلنا لا نعرف من أين جاءنا هذا الفيروس"(14).

في أثناء ذلك أثار المسؤولون الصينيون، من جانبهم، فكرة أن منشأ الفيروس قد يكون من خارج الصين. وفي 27 فبراير/شباط 2020، قال، شونغ نانشان، كبير المستشارين الطبيين الصينين المكلف بملف تفشي الفيروس: "على الرغم من أن الفيروس اكتُشف في الصين أولًا، إلا أن هذا لا يعني أن أصل نشأته كان في الصين". وفي 12 مارس/آذار 2020 أشار ليجيان شاو، المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، إلى أنه من المحتمل أن تكون أميركا هي من يقف خلف هندسة فايروس كورونا بيولوجيًّا. وفي تغريدة لشاو منشورة على تويتر، كتب: "قد يكون الجيش الأميركي هو من جلب الوباء إلى ووهان". وأضاف: "كونوا شفافين! انشروا بياناتكم الخاصة لعموم الناس! أميركا تدين لنا بتفسير"(15).

(وكالة تسنيم)
إيران أجرت عمليات لمواجهة ما أطلقت علية "الحرب البيولوجية" في عدة مدن (وكالة تسنيم)

وعلى ما يبدو فإن شاو يشير إلى دورة الألعاب العالمية العسكرية التي أقيمت في ووهان، في الفترة من 18 إلى 27 أكتوبر/تشرين الأول 2019، حيث أرسل البنتاغون حينها 17 فريقًا ضمَّت أكثر من 280 رياضيًّا وموظفًا إلى ووهان، وذلك قبل أسابيع فقط من تفشِّي الوباء.

من جهة أخرى، حاول المسؤولون الأميركيون وصف الفيروس وتقديمه على أنه مرض صيني. وقد أسماه وزير خارجية أميركا، مايك بومبيو، "فيروس ووهان"، في حين أطلق عليه كيفن مكارثي، وهو سيناتور جمهوري، اسم "فيروس كورونا الصيني"(16). كما أن ترامب نفسه ألقى باللوم على الصين بشأن ظهور هذا الوباء، مثيرًا مشاعر معادية لآسيا عبر وصفه المرض بالفيروس الصيني(17).

من جانبه زعم السيناتور الجمهوري، توم كوتون، أن الفيروس من هندسة علماء صينيين أنتجوه في أحد المختبرات السرية في ووهان، وهي مختبرات متخصصة في إنتاج أسلحة الحرب البيولوجية(18)، ثم حذر الصين لاحقًا من أنها "ستدفع ثمن ذلك"(19).

إن إلقاء اللوم على الجيش الأميركي وتحميله المسؤولية في إطلاق العدوى قد يُنظر إليه في الغرب على أنه نظرية مؤامرة زائفة، لكنه قد يتحوَّل إلى نقطة خلاف جوهرية، لها تداعيات وخيمة، بين واشنطن وبكين في حال آمَنَ قادة الصين فعلًا بوقوف الحكومة الأميركية خلف نشر الفيروس. وقد لاقت هذه الفكرة قبولًا لدى البعض في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك روسيا وإيران.

من جانبه قال المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران، آية الله علي خامنئي، إن تفشى الفيروس ربما يكون جزءًا من "هجوم بيولوجي" على إيران، ووجَّه دعوته للقوات المسلحة بضرورة تعزيز الحرب ضد المرض في البلاد.

وفي مرسوم بعث به إلى رئيس هيئة أركان القوات المسلحة الإيرانية الجنرال محمد باقري، قال خامنئي: "نظرًا لوجود أدلة تشير إلى احتمال أن يكون هذا الحدث هجومًا بيولوجيًّا، فإن هذا الأمر يمكن أن يشكل أيضًا تمرينًا لقواتنا في مجال الدفاع البيولوجي"(20).

وتيرة متزايدة للصراع

منذ أول يوم له في منصب الرئاسة، تخلى ترامب عن سياسة باراك أوباما القائمة على أساس "التفاعل"، وانتهج بدلًا منها سياسة "المواجهة" تجاه إيران. فقد انسحب من جانب واحد من خطة العمل الشاملة المشتركة المتعددة الأطراف في 8 مايو/أيار 2018، واصفًا إياها بأنها "كارثية" و"صفقة أحادية الجانب" لم يكن ينبغي لها أن توجد أبدًا. ثم كان أن شنَّت إدارة ترامب حملة "الضغط الأقصى" استهدفت الاقتصاد الإيراني بهدف إجبار طهران على إعادة التفاوض بشأن "خطة العمل الشاملة المشتركة". وأصدر البيت الأبيض بعد ذلك قائمة من 12 مطلبًا تعادل في طبيعتها مطالبة إيران بالاستسلام. ولم يكن القضاء على برنامج تخصيب اليورانيوم الإيراني والتراجع عن إنتاج الصواريخ البالستية والتصدي للنفوذ الإقليمي الإيراني، سوى ثلاثة من المطالب الاثني عشر.

من الواضح أن ترامب يسعى، من خلال ذلك، للتوصل إلى اتفاق جديد يجعله الطرف الرابح، وتتجرع عبره إيران الهزيمة. وقد لجأ، في سبيل تحقيق أهدافه، إلى الإكراه وممارسة الضغط الاقتصادي. وتستند استراتيجية ترامب إلى افتراض يقضي باستسلام إيران في نهاية المطاف تحت وطأة الضغط الهائل المستمر.

الآن، وبعد مرور نحو ثلاث سنوات ونصف السنة على توليه منصب الرئيس، نجح ترامب في إلحاق الضرر بالاقتصاد الإيراني وبالإيرانيين عمومًا، لكنه في المقابل لم يحقق أيًّا من أهدافه الثلاثة المعلنة.

لقد فشلت حملة الإكراه والنَّبذ التي شنَّها ترامب ضد إيران. أما أهدافه الثلاثة المتمثلة في -ضمان عدم قدرة إيران على الحصول على سلاح نووي، والحد من قدراتها في مجال الصواريخ البالستية، ووقف "سلوكها الإقليمي المزعزع للاستقرار"- فيبدو أنها أثمرت نتائج عكسية. فإيران واصلت تطوير برامج التحكم في تسيير وتوجيه الصواريخ والطائرات من دون طيار والأقمار الصناعية بما يجعلها قادرة على ضرب أهداف داخل إسرائيل واستهداف القواعد الأميركية المنتشرة في الشرق الأوسط. وقد ظهرت تلك القدرات عندما ضربت قاعدة للقوات الأميركية في العراق، في ردٍّ انتقامي على اغتيال قاسم سليماني، في يناير/كانون الثاني 2020. كما لم تبد إيران أي علامة على تغيير استراتيجيتها الإقليمية، فوكلاؤها لا يزالون منخرطين بنشاط في الحرب السورية. أما تأثيرها في لبنان والعراق فلا يزال قويًّا وباديًّا للعيان، ومع ذلك، فإن بعض المحللين يرون أن "نفاد صبر المسؤولين في طهران، يُضاف إليه الغضب الشديد من السياسة الأميركية تجاه بلادهم وعجز أوروبا عن التخفيف من حدتها، قد بلغ ذروته لدرجة أن النظام (الإيراني) قد يقرر قريبًا زيادة منسوب التحدي، ورفع مستوى نفوذه، عبر إعلان انسحاب طهران من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية حتى وإن أدى ذلك إلى تعرض البلاد لخطر ردٍّ عسكري قد تنفِّذه الولايات المتحدة وإسرائيل"(21) .

إن التصعيد العسكري، وفقًا لمحلل الشؤون الدفاعية، ديفيد والش، هو "النتيجة المنطقية التي أدت إليها حملة "الضغط الأقصى" الأميركية، ولم يؤد الضغط المستمر والمتزايد على الاقتصاد الإيراني، وقطع الطريق أمام أي مخرج دبلوماسي يسمح بالمناورة، سوى إلى تحفيز طهران على رد الفعل. ومن الواضح أن دورة التصعيد، التي ينتهجها ترامب، تؤدي إلى نتائج عكسية تضرُّ باستراتيجيته للدفاع الوطني التي تمنح الأولوية لمنافسة القوى العظمى وعلى رأسها الصين وروسيا".

وأضاف والش: "لقد أظهرت الدراسات والأبحاث أنه من غير المرجَّح أن يسفر فرض العقوبات على هدف معادٍ يتوقع استمرار الصراع عن تنازلات كبيرة. ففي مثل هذه الظروف، يكون من المرجَّح أن يخشى الهدف المعادي من أن يؤدي استسلامه اليوم إلى ممارسة مزيد من الضغوط عليه غدًا، وبالتالي فلن يكون أمامه سوى خيار المقاومة وبأي ثمن كان"، مضيفًا "أن الخلل الذي يحمله منطق حملة الضغط الأقصى بين طياته هو أن أي سياسة عقابية خالصة، غير مصحوبة بإتاحة وجود قنوات دبلوماسية موازية غير رسمية، سيكون من شأنها تحفيز طهران على مواجهة النار بالنار عبر فرض تكاليف على المعتدين عليها. وهذا هو بالضبط ما شهدناه حتى الآن"(22).

أما اليوم فقد أضاف فيروس كورونا عنصرًا جديدًا إلى التوترات المتصاعدة أصلًا. ويبدو أن وتيرة النزاع بين طهران وواشنطن "تتصاعد وفقًا لذات النمط الذي كان قد أوصل الطرفين إلى حافة الحرب في شهر يناير/كانون الثاني 2020. ففي الوقت الذي تكافح فيه إيران فيروس كورونا، نرى أن الجيش الأميركي يجادل بأن هذا الوضع قد يدفع إيران إلى اتباع نهج ينزع أكثر نحو نقل المواجهة إلى الخارج بهدف صرف الانتباه عن أزمة فيروس كورونا المستفحلة. في المقابل يؤكد محللون آخرون أن الوضع القائم ربما يجعل طهران أقل عدوانية تجاه واشنطن، حيث إن مكافحة الفيروس سيستهلك كل تركيزها"(23).

استراتيجية ترامب في إيران: اتباع عقيدة الرئيس ريغان

رمى الاتجاه الذي ذهبت فيه إدارة ترامب إلى تشويه سمعة النظام الحاكم في إيران وتقويضه عبر اتباع استراتيجية متعددة المستويات. إذن فالهدف هو تغيير سلوك إيران. وعمليًّا فإن هذه وصفة تعني "تغيير النظام" دون مواجهة عسكرية كلية. تتبع إدارة ترامب عقيدة ريغان في مواجهتها مع إيران. فقد مثَّلت عقيدة ريغان تلك محور السياسة الخارجية الأميركية في عقد الثمانينات. وعقيدة ريغان في مضمونها هي تلك الاستراتيجية التي اتَّبعتها إدارة الرئيس الأميركي الأسبق، رونالد ريغان، في مواجهة النفوذ العالمي للاتحاد السوفياتي وإلحاق الهزيمة به دون حرب.

(رويترز)
ترامب يطبق عقيدة ريغان في مواجهة إيران (رويترز)

وبموجب عقيدة ريغان قدَّمت الولايات المتحدة مساعدات علنية وسرية للقوى المناهضة للشيوعية من أجل إضعاف الحكومات المدعومة من الاتحاد السوفياتي والإطاحة بها في جميع أنحاء العالم. كما سعت واشنطن حينها إلى إضعاف الاتحاد السوفياتي من الداخل عبر حرمانه من امتلاك التكنولوجيا الحديثة، وتجفيف موارده المالية وتشويه سمعته في أعين شعبه.

في يناير/كانون الثاني 1977، وفي أثناء محادثة أجراها مع مستشاره للسياسة الخارجية ريتشارد ألن، قال ريغان: "فكرتي عن السياسة الأميركية تجاه الاتحاد السوفياتي بسيطة، وقد يقول البعض إنها بالغة البساطة، وهي: نفوز نحن وهم يخسرون"(24).

في الفترة التي سبقت رئاسة ريغان، تمثَّلت سياسة الولايات المتحدة تجاه الاتحاد السوفياتي في أمرين: العمل على إدارة علاقاتها مع الاتحاد السوفياتي من جهة، واحتواء الشيوعية من جهة أخرى. وقد مثَّلت عقيدة ريغان تلك تحولًا كبيرًا في السياسة الخارجية للولايات المتحدة حينها: "المواجهة" و"التراجع" بدلًا من "الاحتواء". وهذا عين ما يفعله ترامب مع إيران من خلال فرض سياسة "الضغط الأقصى"، بغية خنق عائدات إيران ونعتها بالقوة الشريرة واللاعب الخبيث، والسعي إلى تشويه سمعتها داخليًّا وعالميًّا وتحريض شعبها ضد الحكومة وإحباط نظامها السياسي.

وقد أشاد بومبيو بعقيدة ريغان أثناء رسمه استراتيجية إدارة ترامب تجاه إيران عام 2018.

"لقد أدرك ريغان معنى قوة التعريض بدولة ما عندما صوَّر الاتحاد السوفياتي على أنه "إمبراطورية شريرة". وفي نفس الوقت الذي كان يسلِّط فيه ريغان الضوء على انتهاكات النظام، كان يتعهد أيضًا بالتضامن مع شعب عانى لفترة طويلة تحت وطأة الشيوعية. وعلى غرار هذا، لم تتورَّع إدارة ترامب عن كشف قمع النظام الإيراني الداخلي والتعريض به، بادِّعاء أنها تفعل ذلك من أجل الشعب الإيراني.. وقد قاد جمع الرئيس ريغان بين الوضوح الأخلاقي والفطنة الدبلوماسية إلى عقد جولة محادثات عام 1986 في ريكيافيك، ثم إلى سقوط الشيوعية السوفيتية نفسها لاحقًا"(25).

هكذا يبدو أن بومبيو وغيره من المحافظين الجدد في إدارة ترامب، سعداء بانتشار فيروس كورونا في إيران، ويرى أن من شأن هذا الوباء إتاحة الفرصة لفرض المزيد من الضغوط على النظام الإيراني، وهو -بالتوازي مع ذلك- يلقي باللوم على الحكومة الإيرانية في قضية تفشي فيروس كورونا.

من ناحية أخرى لجأت وزارة الخارجية الأميركية حاليًّا إلى توظيف وسائل التواصل الاجتماعي لتشجيع الإيرانيين وحثِّهم على تبادل المعلومات مع إدارة ترامب حول مستويات تفشي وباء فيروس كورونا.

وبحسب ما نقلته شبكة "سي إن إن" عن مسؤولين في إدارة الرئيس ترامب، فإن "الهدف هو جمع المعلومات من الإيرانيين وإيجاد سبل لتبادل هذه المعلومات عندما تكون دقيقة والاستفادة من توظيف حقيقة تفشي فيروس كورونا في محاولة لتمتين العلاقة مع الشعب الإيراني". ونقلت الشبكة أيضًا عن مسؤولين في إدارة ترامب قولهم: "إننا نحصل على الحقائق كاملة وغير خاضعة للانتقاء"، وأضافت الشبكة في ما نقلته عن المسؤولين الأميركيين: "وجدت بعض النصائح من الإيرانيين طريقها إلى خطابات بومبيو حيث تمَّ تسليط الضوء عليها"، كما أن "بعض المعلومات يجري تبادلها مع مجتمع الاستخبارات الأميركي"، تضيف الشبكة(26).

بالتأكيد أن هذا لا يجعل أيًّا منا ينظر إلى ذلك على أنه بادرة إنسانية، بل سيُنظر إليه على أنه توظيف وسائل التواصل الاجتماعي وتسخيرها لتكون أداة لتحقيق أهداف السياسة الخارجية الأميركية.

في النهاية، فإن تفشي فيروس كورونا لم يؤد إلى إحداث تحوُّل في السياسة الأميركية تجاه إيران، لكنه، في المقابل، شجَّع إدارة البيت الأبيض على استخدام الدواء سلاحًا لتغذية مشاعر الإحباط في إيران. ونعتقد أن إيران ستتجاوز هذه الأزمة، لكن العداء الأميركي سيبقى عالقًا في ذاكرة الإيرانيين، وهو ما سيزيد في دفع إيران نحو إعادة ترتيب وتعريف أولويات سياستها الخارجية.

النص أعد في الأصل لمركز الجزيرة للدراسات باللغة الإنجليزية وترجمه إلى العربية الدكتور كريم الماجري.

نبذة عن الكاتب

مراجع
  1. Al Alam, “Chinese expert medical team arrives in Tehran with new supplies”, 29 February 2020https://fa.alalamtv.net/news/4764521
  2. IRNA, “China sends four consignments of medical equipment to Iran”, 21 March 2020https://en.irna.ir/news/83722438/China-sends-four-consignments-of-medical-equipment-to-Iran
  3. Reuters, “U.S. sanctions 'severely hamper' Iran coronavirus fight, Rouhani says”, 14 March 2020https://www.reuters.com/article/us-health-coronavirus-iran/us-sanctions-severely-hamper-iran-coronavirus-fight-rouhani-idUSKBN2110HL
  4. France 24, “ US sanctions ‘targeting’ patients, say doctors at Iranian cancer hospital”, 19 February 2020https://www.france24.com/en/20200219-us-sanctions-targeting-patients-say-doctors-at-iranian-cancer-hospital
  5. Johnson, Marty, “Iran foreign minister calls US sanctions 'economic terrorism,' asks for halt” The Hill, 12 March 2020https://thehill.com/policy/healthcare/public-global-health/487376-iran-foreign-minister-calls-us-sanctions-economic
  6. Teslova, Elena, “Russia slams 'anti-human' US sanctions against Iran”, 17 March 2020https://www.aa.com.tr/en/middle-east/russia-slams-anti-human-us-sanctions-against-iran/1768485
  7. Petti, Matthew, “China Jumps Into U.S.-Iran Coronavirus Showdown”, The National Interest, 17 March 2020https://nationalinterest.org/feature/china-jumps-us-iran-coronavirus-showdown-133927
  8. Hasan, Mehdi, “The Coronavirus Is Killing Iranians. So Are Trump’s Brutal Sanctions”, The Intercept, 17 March 2020https://theintercept.com/2020/03/17/coronavirus-iran-sanctions/
  9. Arceneaux, Tricia, “Letters: Trump doesn't represent decent American values”, The Advocate, 3 January 2020https://www.theadvocate.com/baton_rouge/opinion/letters/article_70422acc-2d92-11ea-8f8f-7b032875ba87.html
  10. Quinn, Colm, “U.S. adds more Iran sanctions despite coronavirus crisis”, Foreign Policy, 19 March 2020https://foreignpolicy.com/2020/03/19/us-iran-coronavirus-sanctions-rocket-attacks-iraq-camp-taji/
  11. Tisdall, Simon, “Trump’s callous sanctions risk tipping Iran over the nuclear precipice”, The Guardian, 21 March 2020https://www.theguardian.com/commentisfree/2020/mar/21/trump-pompeo-iran-callous-sanctions-nuclear-precipice
  12. Mean, Walter Russell, “China’s Coronavirus Opportunity”, The Wall Street Journal, 16 March 2020https://www.wsj.com/articles/chinas-coronavirus-opportunity-11584398121
  13. Tanchum, Micha’el, “Iran and the China-Russia pivot in Eurasia”, East Asia Forum, 4 January 2020https://www.eastasiaforum.org/2020/01/04/iran-and-the-china-russia-pivot-in-eurasia/
  14. Cohen, Jon, “Wuhan seafood market may not be source of novel virus spreading globally”, Science Magazine, 26 January 2020https://www.sciencemag.org/news/2020/01/wuhan-seafood-market-may-not-be-source-novel-virus-spreading-globally
  15. Panda, Ankit, “Chinese Foreign Ministry Spokesperson Implies US Military Brought Coronavirus to Wuhan”, The Diplomat, 13 March 2020https://thediplomat.com/2020/03/chinese-foreign-ministry-spokesperson-implies-us-military-brought-coronavirus-to-wuhan/
  16. Myers, Steven Lee, “China Spins Tale That the U.S. Army Started the Coronavirus Epidemic”, The New York Times, 13 March 2020https://www.nytimes.com/2020/03/13/world/asia/coronavirus-china-conspiracy-theory.html
  17. Yinmeng Liu and Chen Weihua, “Trump under fire for calling Covid-19 ‘Chinese virus’”, The Star, 23 March 2020https://www.thestar.com.my/news/regional/2020/03/23/trump-under-fire-for-calling-covid-19-chinese-virus
  18. Bostock, Bill, “A GOP senator keeps pushing a thoroughly debunked theory that the Wuhan coronavirus is a leaked Chinese biological weapon gone wrong, Business Insider, 17 Feb, 2020https://www.businessinsider.com/coronavirus-bioweapon-tom-cotton-conspiracy-theory-china-warfare-leak-2020-2
  19. Choi, David, “Republican senator: It’s time to hold China ‘accountable’ for the coronavirus”, Business Insider, 12 March 2020https://www.businessinsider.com/tom-cotton-hold-china-accountable-for-coronavirus-2020-3
  20. Haghdoost, Yasna and Golnar Motevalli, “Iran’s Khamenei Says Virus Outbreak May Be ‘Biological Attack’”, Bloomberg, 12 March 2020https://www.bloomberg.com/news/articles/2020-03-12/iran-s-khamenei-says-virus-outbreak-may-be-biological-attack
  21. Tisdall, Simon, “Trump’s callous sanctions risk tipping Iran over the nuclear precipice”, The Guardian, 21 March 2020https://www.theguardian.com/commentisfree/2020/mar/21/trump-pompeo-iran-callous-sanctions-nuclear-precipice
  22. Wallsh, David, “The ‘maximum pressure’ campaign undermines Trump’s national security strategy”, The Atlantic Council, 12 February 2020https://atlanticcouncil.org/blogs/iransource/the-maximum-pressure-campaign-undermines-trumps-national-security-strategy/
  23. Kheel, Rebecca, “Coronavirus adds new element to rising US-Iran tensions”, The Hill, 17 March 2020https://thehill.com/policy/defense/487911-coronavirus-adds-new-element-to-rising-us-iran-tensions
  24. Allen, Richard, “The Man Who Won the Cold War”, Hoover Institution, Stanford University, 30 January 2000https://web.archive.org/web/20110501052925/http://www.hoover.org/publications/hoover-digest/article/7398
  25. Pompeo, Mike, “Confronting Iran: The Trump Administration’s Strategy”, U.S. Department of State, 15 October 2018https://www.state.gov/confronting-iran-the-trump-administrations-strategy/
  26. Atwood, Kylie, “US uses encrypted app to connect with Iranians as coronavirus sweeps their country”, CNN, 18 March 2020https://edition.cnn.com/2020/03/18/politics/state-department-coronavirus-iran-outreach/index.html