اليمن على سلم الأولويات الاستراتيجية الإيرانية

تسعى هذه الورقة لبيان موقع اليمن على سلم أولويات الاستراتيجية الإيرانية، وتسليط الضوء على دوره وموقعه في التنافس الإيراني-السعودي، وتذهب إلى أن الجمهورية الإسلامية قدمت دعمًا ماديًّا ومعنويًّا لحركة أنصار الله الحوثية، سعيًا لتغيير ميزان القوة الإقليمية لصالحها على حساب السعودية، ما أوجد تنافسًا حادًّا وصراع مصالح بين الدولتين، أدخل اليمن في لعبة سياسية صفرية.
28 أبريل 2020
رويترز
حققت إيران مكاسب استراتيجية مهمة بدعهما الحوثيين سياسياً وعسكرياً (رويترز)

لا يمكن حصر الاهتمام الإيراني باليمن في العقد الأخير بل هو سابق على ذلك بكثير، ويسبق الإطاحة بنظام الشاه وانتصار الثورة الإسلامية كما يسبق إعادة توحيد اليمن، لكن هذا الاهتمام لم يكن ضمن الأولويات الأولى في السياسة الخارجية الإيرانية، وهو ما تغير في العقد الأخير. وفَّر الصراع بين الحكومة المركزية والحوثيين أسبابًا لإيران لتُنافس السعودية على النفوذ في اليمن. وعلى وقع اشتداد حدة التنافس الإقليمي، أصبح اليمن أيضًا مكانًا للصراع والحرب بالوكالة بالنسبة للطرفين. ومع التطورات التي شهدها اليمن في أعقاب الثورات العربية كان التناقض وتباين المصالح يأخذ مداه في الأراضي اليمنية بصورة أحدثت انقسامًا حادًّا في المكونات اليمنية، ومهَّدت الأرضية للتدخل وجعلت القرار اليمني مرتهنًا للقوى الإقليمية تبعًا لأوراق القوة التي يمتلكها كل طرف من أطراف الصراع على الأرض. إن دعم إيران لحركة أنصار الله، فضلًا عن دعم المملكة العربية السعودية وبعض أعضاء مجلس التعاون الخليجي للحكومة السابقة، جعل تحقيق الاستقرار بعيد المنال أمام سعي الجميع لتعزيز القوة. وجاءت عاصفة الحزم لتكشف عن هشاشة إقليمية في التعامل مع الحالة اليمنية، وخلَّفت ويلات بالنسبة للشعب اليمني، فيما واصل الحوثيون تعزيز قوتهم على الأرض، وصاروا رقمًا صعبًا لا يمكن حذفه من المعادلة اليمنية، سواء كانت هذه المعادلة صراعًا بين أطرافها أو بحثًا عن السلام.

إن الغرض من هذه الورقة هو بيان استراتيجية إيران تجاه اليمن، وموقعيته ودوره في العلاقة مع المملكة العربية السعودية. وتعتقد الورقة أن الجمهورية الإسلامية، قدمت دعمًا ماديًّا ومعنويًّا لحركة أنصار الله، سعيًا لتغيير ميزان القوة الإقليمية لصالحها على حساب السعودية؛ مما أوجد تنافسًا حادًّا وصراع مصالح بين الدولتين، أدخل اليمن في لعبة سياسية صفرية.
إن التأكيد على البعد العسكري للأمن، والدعوة إلى التعظيم الدائم للقدرات العسكرية، والطبيعة الفوضوية للنظام الدولي، ومعضلة الأمن يمكن أن توفر أساسًا نظريًّا جيدًا لدراسة الاستراتيجية الإيرانية تجاه اليمن ضمن إطار نظري يعتمد الواقعية الهجومية(1). ويجادل منظِّرو الواقعية الهجومية(2) بأن الفوضى تجبر الحكومات على تعظيم قوتها أو نفوذها النسبي، وهي تسعى كذلك إلى تعظيم أمنها عن طريق زيادة قوتها ونفوذها. ويعطي الواقعيون الهجوميون، أهمية كبيرة للفوضى الدولية. وفي المحصلة، قد تؤدي محاولات الحكومات للحصول على الأمن إلى صراع مع الآخرين، ولأن اكتساب سلطة من قبل دولة ما يعني فقدان سلطة دولة أخرى، فإنه يجبر الحكومات على المطالبة بالقوة. وستكون النتيجة النهائية لهذه اللعبة الصفرية هي التضاد والصراع(3)

في هذه اللعبة تسعى الأطراف المتصارعة إلى تغيير ميزان القوى لصالحها، حتى لو قاد ذلك إلى وضع أمنها في معرض الخطر، ولذلك فالواقعيون الهجوميون يعتقدون بأن وقوع الحرب هو أمر وارد دائمًا(4). يجادل ميرشايمر بأن السبب الرئيس وراء البحث عن السلطة وتركيز الحكومات على زيادة القوة العسكرية يقوم على ثلاثة جوانب، هي: الهيكل الفوضوي للنظام الدولي، والقدرة الهجومية لدى الحكومات، وعدم اليقين في نوايا الطرف المعادي(5)، واضعًا خمسة افتراضات(6)، هي:

أولًا: النظام الدولي هو نظام فوضوي، يتألف من دول مستقلة ليس لها سلطة مركزية فوقها. بعبارة أخرى: لا توجد هيئة حاكمة أعلى في النظام الدولي، ولا توجد "حكومة على الحكومات".

ثانيًا: جميع الدول لديها مستوى معين من القدرة العسكرية الهجومية، والقوى العظمى تمتلك بطبيعتها القدرات العسكرية الهجومية، مما يمنحها ما يكفي من القوة لإلحاق الأذى ببعضها البعض وربما تدمير بعضها. من المحتمل أن تكون الدول خطرة على بعضها. وعادة ما يتم تحديد القوة العسكرية للدولة بأسلحة معينة تحت تصرفها، وحتى لو لم تكن هناك أسلحة، فإن الأفراد في تلك الدول لا يزال بإمكانهم استخدام أقدامهم وأيديهم لمهاجمة سكان دولة أخرى.

ثالثًا: لا تملك أية دولة ثقة بنوايا الدول الأخرى (كما أن النوايا متغيرة وغير ثابتة في العلاقات بين الدول)، ولا يمكن أيضًا لأية دولة أن تكون على يقين من أن الدول الأخرى لن تستخدم القوة ضدها؛ فالنوايا على عكس القدرات العسكرية تستقر في أذهان صنَّاع القرار ولا يمكن رصدها ودراستها بصورة تجريبية.

رابعًا: البقاء هو الدافع الأساس لجميع الدول في النظام الدولي، ويعد الأولوية القصوى، وتسعى الدول إلى الحفاظ على وحدة أراضيها وحريتها واستقلالها وحماية نظامها السياسي الداخلي، ويمكن لها أن تسعى لتحقيق أهداف أخرى، ولكن هذه الأهداف مرهونة بالبقاء الذي يعد الأولوية.

خامسًا: الدول هي فواعل عاقلة؛ إنهم على دراية ببيئتهم الخارجية ويفكرون بشكل استراتيجي حول كيفية البقاء فيها. تولي الانتباه على المدى الطويل للعواقب المباشرة لأفعالها، لكن يحدث أن ترتكب الدول أخطاء فادحة تقود إلى كوارث إنسانية. 
ولا تغيب نظرية توازن القوى (Balance of Power) كمؤطر نظري للصراع الإيراني-السعودي على اليمن(7)، ويعتقد ستيفن والت (Stephan Walt) أن توازن التهديد (Balance of Threat) هو الذي يدفع الدول إلى السعي لتوازن القوى، وأن الدول تستجيب في ردود أفعالها للتهديد بشكل أساسي(8)، وضمن هذا الإطار فالدول تخشى من الدولة التي تكون قادرة أكثر من غيرها على تهديدها، والتهديد بحد ذاته متعلق بالمجاورة الجغرافية والقدرات الهجومية والنوايا العدوانية ومجموع القوة المتراكمة لدولة من الدول، وتعاظم قوة أية دولة من الدول يزيد من الشعور بالتهديد لدى الدول الأخرى(9). وبناء عليه، يمكن القول بأن اليمن في الصراع السعودي-الإيراني هو أداة لـ"موازنة التهديد".

إيران واليمن: الأبعاد التاريخية

لطالما كانت العلاقات الإيرانية-اليمنية، وعلى مدى أربعين سنةً الماضية، تتبع للمتغيرات الإقليمية والدولية. وقبل انتصار الثورة الإسلامية، لم يكن لليمن الشمالي واليمن الجنوبي تعريف وموقع واضحان في السياسة الخارجية الإيرانية، خاصة أن اليمن الجنوبي كان أحد حلفاء الاتحاد السوفيتي. أدى ذلك إلى فتح الباب أمام الوجود العسكري للاتحاد السوفيتي في البحر الأحمر وبحر عمان وسيطرته على مضيق باب المندب الاستراتيجي؛ مما عطل حركة السفن العسكرية والتجارية الغربية في هذه المناطق، وكان ذلك واحدًا من مخاوف إيران الإقليمية في ذلك الوقت. وكانت سياسة طهران الخارجية في فترة الشاه محمد رضا بهلوي، تجاه اليمن الجنوبي مصحوبة بالقلق دائمًا، وهو ما دفع إيران لتقوم نيابة عن المعسكر الغربي بإرسال عدد من قواتها إلى ظفار دفاعًا عن السلطان العُماني، عام 1962. وقد شكَّل التحرك الإيراني ضد ثورة ظفار التي كانت مدعومة من جمال عبد الناصر واليمن الجنوبي، مفصلًا مهمًّا في العلاقات الإيرانية-اليمنية حينها(10).

ومع انتصار الثورة الإسلامية حدث نوع من الانتقال في السياسة الخارجية لليمن الشمالي والجنوبي تجاه إيران، وكان اليمن الشمالي من أوائل الدول التي اعترفت رسميًّا بالجمهورية الإسلامية، وتذكر الوثائق الإيرانية أن السفير اليمني في ذلك الوقت قابل آية الله الخميني وقدَّم له نسخة من القرآن الكريم مهداة من الرئيس، علي عبد الله صالح(11). لكن مواقف صالح ما لبثت أن تغيرت مع اندلاع الحرب العراقية-الإيرانية؛ حيث دعم العراق، فيما انحاز اليمن الجنوبي بقيادة علي ناصر محمد لصالح إيران، وفي بادرة على حسن النوايا توسط لإطلاق سراح طيار إيراني أسره ثوار ظفار عام 1967(12). ومع توحيد اليمن في عام 1990، أخذت العلاقات الإيرانية-اليمنية منحنى اتصف بعدم الاستقرار، وجرى تخفيض التمثيل الدبلوماسي الإيراني في اليمن إلى قنصلية ثم ممثلية، لكن هذه الخلافات لم تحل دون تعزيز العلاقات الثقافية والتعليمية حيث جرى توقيع عدد من الاتفاقيات بهذا الخصوص.

جاءت السياسة اليمنية تجاه إيران متأثرة بشكل واضح بالتوجهات السعودية نحو طهران. وفی عام 2000، بدأت العلاقات بالتحسن وأرسلت إيران سفيرًا جديدًا إلى اليمن، وفي العام 2003 قام صالح بزيارة رسمية إلى إيران، متحدثًا عن صفحة جديدة في العلاقات، لكن منذ السنوات الأولى من الألفية الثانية بدأ الحديث يتعاظم عن التدخل الإيراني في اليمن، وارتبط ذلك بالحوثيين وهو ما كان سببًا للنظر إلى نفوذ الحوثيين في الشمال على أنه نفوذ إيراني، كما أنه كان واحدًا من الأسباب التي سيقت لتشنَّ السعودية والحكومة اليمنية ست حملات عسكرية ضد الحوثيين في الفترة من 2004-2010(13)

واضافة إلى العنصر القبلي، فإن الطابع المذهبي (الشيعة الزيدية)، كان من العناصر الأساسية في بنية الحركة الحوثية. وفي عام 2004، برز اسم حسين بدر الدين الحوثي(14)، وهو رجل دين زيدي، كواحد من قادة احتجاجات صعدة في شمال اليمن، وحدثت مواجهة بين قوات الحكومة المركزية اليمنية والمتظاهرين. ولم تفلح دعوات التهدئة في جسر الهوة حيث قاد علي عبد الله صالح ومؤيدوه مواجهة دامية مع الحوثيين انتهت بعد شهرين بمقتل حسين الحوثي. وبعد مقتله، أصبح والده، بدر الدين الحوثي، بمنزلة قائد روحي للحركة الحوثية، لتبدأ شيئًا فشيئًا تأخذ اسم "أنصار الله"، ومن بين أبرز قياداتها: عبد الملك ويحيى، وهما شقيقان لحسين الحوثي. 

خرجت "أنصار الله" من قلب حركة احتجاجية في صعدة كانت تسمى بـ"الشباب المؤمن"(15)، وجاء ذلك بعد انشقاق حدث بسبب الطروحات السياسية لحسين الحوثي حيث ترى بعض التحليلات أنه كان مسؤولًا عن عسكرة الحركة الحوثية(16)، فقد بدأ يتبنى مجموعة من الأفكار السياسية المستقاة بصورة واضحة من الفكر الثوري الإيراني، وفي العام 2001، تبنى شعاره المعروف "الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام(17). وبدأ حسين الحوثي يُحدث انشقاقات داخل "منتدى الشباب المؤمن"، وظل نجم حسين يصعد على حساب عدد من منافسيه الذين كانوا من مؤسسي المنتدى، وقد كان لبدر الدين الحوثي دور كبير في تهيئة الأرضية لصعود نجله حسين لقيادة العمل دينيًّا وسياسيًّا في صعدة(18).

"الصرخة" الحوثية: تأثير فكر الخميني الثوري

أظهر حسين الحوثي تأثرًا كبيرًا بالفكر الثوري لآية الله الخميني والتجربة الثورية في إيران، وبعد زياراته مع والده لها، عاد مقتنعًا بضرورة تطبيق "الآلية الثورية" الإيرانية في اليمن، وصاغ شعار حركته المشتق من شعارات آية الله الخميني، مع سعي ليعطي حركته صبغة يمنية، وقد هتف الحوثي بشعار "الصرخة"(19) في حشد من أتباعه، الذين أخذوا يرددونه في بعض المساجد في صعدة وصنعاء. منعت الدولة الشعار حينها، واتخذ الحوثي من عملية المنع دليلًا على أن النظام السابق كان عميلًا لأميركا وإسرائيل، وهو ما يحتم الخروج عليه، مستعينًا بالمقولة الزيدية المعروفة: "وجوب الخروج على الحاكم الظالم"(20)

دامت المواجهة المسلحة بين أنصار الله والدولة ست سنوات، ولم يكد عام يمر على وقف المواجهة المسلحة، حتى كان اليمن يدخل في موجة الثورات العربية. رحَّب الحوثيون بالاحتجاجات بشعار الحكم الذاتي المحلي واحترام التعددية، وكانوا من المجموعات القليلة المؤيدة للثورة والتي لديها أيضًا خبرة في المواجهات المسلحة. 

مع اتجاه الأوضاع في اليمن نحو الاضطراب السياسي بعد استقالة علي عبد الله صالح، أخذ دور الحوثيين في السياسة اليمنية يصبح أكثر بروزًا، ونجحوا في تعزيز سلطتهم في قاعدتهم الرئيسية، محافظة صعدة، وتوسيعها لتشمل محافظة عمران المجاورة، ورافق ذلك تحركات سياسية وعسكرية ناجحة أظهرت وجود تدريب وخبرة قُدِّمت لهم ليتم الإشارة إلى دور إيراني بهذا الخصوص. كان الحوثيون من أطراف "مؤتمر الحوار الوطني" في اليمن، الذي دعم الحكومة المؤقتة لعبد ربه منصور هادي، لكن مع الفراغ الذي حدث في بنية السلطة المركزية وضعف حكومة هادي المؤقتة، عزَّز الحوثيون قواتهم في العاصمة، صنعاء، ليتمكنوا في النهاية من إقصاء منافسيهم من المجموعات السياسية الأخرى ويسيطروا على صنعاء. وقد عارض الحوثيون مسودة الدستور، وبسبب عدم الرضا العام عن قرار حكومة هادي بشأن الإعانات، حاصروا القصر الرئاسي ومقر إقامة منصور هادي بالاعتصامات مطالبيه بمزيد من التنازلات.

عندما استقال منصور هادي، في فبراير/شباط 2015، وفرَّ إلى الرياض، شكَّل الحوثيون رسميًّا "لجنة ثورية" للاستيلاء على المؤسسات الحكومية والسيطرة مع حلفائهم على عدن، قاعدة هادي للسلطة، وبالإضافة إلى العمليات العسكرية، ساعدت المناورات السياسية أيضًا في تعزيز قوة الحوثيين، فقد تحالفوا مع علي عبد الله صالح وقواته الموالية خلال الصراع ضد منصور هادي، وشكَّل هذا التحالف ورقة رابحة للحوثيين وخاسرة لصالح، ولم يُعمَّر هذا التحالف طويلًا، بعد أن وصل أنصار الله إلى قناعة بأن صالح يتحرك ضدهم في الخفاء، ليقُتل على أيدي الحوثيين في ديسمبر/كانون الأول 2017 بعد اشتباك قواته معهم.

صحيح أنه جرى توجيه الاتهام إلى إيران في فترة سابقة على الثورات العربية بالوقوف وراء الحراك الحوثي في اليمن، كما حدث في العام 2009 عندما شنَّت السعودية حملة عسكرية ضدهم ووصفهم على عبدالله صالح بأنهم وكلاء إيران في اليمن، لكن مؤشرات كثيرة تشير إلى أن الاهتمام بالحالة اليمنية بهذا المستوى من الجدية يختص بالسنوات الأخيرة.

لم يكن اليمن تاريخيًّا على رأس أولويات استراتيجية إيران في سياستها الخارجية، وتُظهر وثائق ويكيليكس الأميركية أن الأجهزة الاستخبارية الأميركية لم تجد أدلة كافية تدعم مقولة: إن إيران تدعم الحوثيين، وتقول برقية أرسلها السفير الأميركي في صنعاء، ستيفن سيس، بتاريخ 12 سبتمبر/أيلول 2009: إنه على الرغم من الاتهامات المتكررة بالدعم المادي والمالي من طهران للمتمردين الحوثيين في صعدة والحرب الإعلامية التي تجري بشكل متزايد بين اليمن وإيران، فإن نفوذ إيران في اليمن يقتصر على العلاقات الدينية غير الرسمية بين اليمنيين وعلماء دين، مع وجود استثمارات إيرانية ضئيلة في قطاعات الطاقة والتنمية(21). وتضيف البرقية أنه في حين أن إيران لديها أسباب استراتيجية جيدة للتدخل في الشؤون اليمنية -بما في ذلك قرب اليمن من المملكة العربية السعودية ووجود عدد كبير من الزيديين الشيعة- لا يزال التدخل الإيراني مجرد معركة إعلامية بالوكالة تديرها وسائل الإعلام الإيرانية مع السعودية واليمن ضمن عنوان دعم الحوثيين، لكن البرقية تستدرك أنه توجد فجوات كبيرة في معرفة الأنشطة الإيرانية في اليمن بسبب حساسية الموضوع والوصول المحدود للغاية إلى الأحداث في صعدة. ويعتقد معدُّ البرقية بأنه و"على الرغم من أن التأثير الموثق محدود، إلا أن المصالح الاستراتيجية لإيران في اليمن تستحق المراقبة عن كثب في المستقبل"(22). ومن المؤكد أن تصاعد التوتر مع السعودية والحرب بالوكالة التي شهدتها سوريا جعل مكانة اليمن تتقدم على سلَّم أولويات السياسة الخارجية الإيرانية. 

الحوثيون وإيران: استلهام النموذج

يبدو أن الحوثيين كانوا هم من خطا الخطوة الأولى نحو إيران، ويمكن القول: إن هذا الملف نضج في الأوساط الأمنية الإيرانية وخاصة داخل مؤسسة الحرس الثوري قبل أن يصبح ملفًّا من ملفات السياسة الخارجية الإيرانية ببُعده السياسي والدبلوماسي. وربما يفسر ذلك التغيير والتحول الذي أصاب الهوية الحوثية في السنوات الأخيرة. كانت الثورة الإسلامية نموذجًا ملهمًا للقادة الحوثيين، ويمكن إرجاع بداية الاتصال إلى عقد الثمانينات من القرن العشرين؛ حيث قام حسين بدر الدين الحوثي بأول زيارة إلى قم، وارتبط كثير من الناشطين في "منتدى الشباب المؤمن" الذي خرجت الحركة الحوثية من رحمه بعلاقات قوية مع عدد من رجال الدين الإيرانيين، لكن هذه العلاقة لم تُترجم إلى دعم واقعي سريع ومباشر، ولم تصبح محورًا استراتيجيًّا في التخطيط الإيراني إلا بعد العام 2000، وارتبط ذلك بصعود حزب الله اللبناني وتحرير الجنوب. أما الفترة من 2004-2010، وهي الفترة التي دخل فيها الحوثيون في ست مواجهات مع قوات علي عبد الله صالح، فهي مهمة لفهم ما يمكن أن نطلق عليه: التحول في طبيعة العلاقة بين إيران والحركة الحوثية، ويمكن هنا العودة إلى مقترب البنائية الذي يهتم أساسًا بمصدر التغير أو التحول وفهم كيفية إدراك المجموعات المختلفة لهوياتها ومصالحها، ويقوم في العلاقات الدولية على مفهومين، هما: (البنْية - structure)، و(الفاعل - agent)، إذ إن التحول الحقيقي في بنية الحركة الحوثية من حيث الهوية(23) وفهم وتعريف مصالحها حدث في هذه الفترة.

رغم أن طهران وصفت سيطرة الحوثيين على صنعاء بالحدث غير المتوقع، إلا أن وتيرة العلاقة بشكلها العلني تسارعت بين الجانبين، وفي الأسابيع الأولى للسيطرة على صنعاء فُتح جسر جوي مع طهران، وقام وفد حوثي بزيارة إلى الجمهورية الإسلامية، برئاسة صالح الصماد حيث وُقِّعت أول اتفاقية بين إيران وأنصار الله وتحدثت الصحافة الإيرانية عن نية بزيادة عدد الرحلات الجوية بين البلدين لتصل إلى 14 رحلة في الأسبوع(24). وفي السنوات التي أعقبت عاصفة الحزم كان من الملاحظ ارتفاع مستوى الاستقبال الدبلوماسي لوفود الحوثيين التي كانت تزور طهران.

أما الزيارة التي قام بها وفد من "أنصار الله" إلى طهران، في أغسطس/آب 2019، فيمكن وصفها بأنها إعلان رسمي عن هوية الحوثيين الجديدة، فقد جرى استقبال الوفد برئاسة محمد عبد السلام على أعلى مستوى وعكس الاستقبال ترحيبًا كبيرًا، واجتمع الوفد مع آية الله علي خامنئي وسلَّموه رسالة من عبد الملك الحوثي، أعلن فيها مبايعته لمرشد الثورة وانخراط أنصار الله في محور المقاومة(25). وحملت الطريقة التي استُقبل بها الوفد رسائل إيرانية واضحة بأن إيران تنظر إلى "أنصار الله" كإخوة وحلفاء لا تابعين(26)

أولت إيران البُعد الثقافي أهمية كبيرة في علاقاتها مع أنصار الله، ففي زيارة إلى قام بها صالح الصماد الذي رأس المجلس السياسي في الجماعة حتى مقتله، عام 2018، تحدث عن تأثير الثورة الإسلامية في البيئة اليمنية موضحًا أنه قبل الثورة لم تكن توجد في اليمن حسينية واحدة، أما في السنوات الأخيرة فيمكن تعداد الكثير من الحسينيات والمساجد والأماكن الخاصة بالشيعة(27).

بقيت طهران دبلوماسيًّا وعلى لسان مسؤولي سياستها الخارجية تنكر تقديم دعم عسكري لأنصار الله في اليمن، وتتحدث عن دعم إنساني ومعنوي واستشاري، لكن في مقابل هذه الرواية كانت تأتي روايات أخري تنقضها؛ بعضها من خارج إيران وبعضها من داخل إيران نفسها، ومن أمثلة الاتهامات التي جاءت من خارج إيران: التقرير الصادر عن الأمم المتحدة، مطلع العام 2020، والذي تحدث عن أن الأسلحة التي يستخدمها الحوثيون مماثلة للأسلحة الإيرانية، كما تحدثت تقاریر أميركية عن ضبط البحرية الأميركية لشحنات سلاح إيرانية أُرسلت للحوثيين، وبالمثل خرجت اتهامات من مصادر يمنية عدة، قبل عاصفة الحزم وبعدها، وزودت إيران الحوثيين في هذه المرحلة بالأسلحة، فقد صرَّح وزير الداخلية السابق، اللواء عبد القادر قحطان، في مؤتمر صحفي عُقد في صنعاء في فبراير/شباط 2013، بأن شحنة الأسلحة التي ضُبطت على متن السفينة جيهان1 تُقدَّر بحوالي 40 طنًّا من الأسلحة والقذائف والمتفجرات كانت قادمة من إيران، وتتحدث أمل عالم في ورقة بحثية منشورة على موقع مركز الجزيرة للدراسات عن ارسال إيران لعناصر من الحرس الثوري وحزب الله لتدريب الحوثيين، وبقاء عدد كبير منهم بعد سقوط صنعاء لمساعدة الحوثيين على تنفيذ أجندتهم السياسية والعسكرية في صنعاء. وتتحدث عن قيام إيران بتهريب أسلحة إلى جزر إريترية ومن ثم نقلها بواسطة قوارب صيد على شحنات صغيرة إلى الحوثيين، بالإضافة إلى قيام الحرس الثوري بتدريب مقاتلين حوثيين في إحدى الجزر الإريترية، كما بنت إيران للحوثيين شبكة اتصالات داخلية مستقلة كشبكة اتصالات حزب الله في لبنان.

تصف إيران هذه الاتهامات بأنها "كاذبة وملفقة"، وأكد قائد الحرس الثوري السابق، محمد علي جعفري، على انتفاء الإمكانية لإيصال الصواريخ الإيرانية إلى الحوثيين، وهو النفي الذي تكرر على لسان عدد من قادة الحرس من أمثال علي فدوي، نائب قائد الحرس الثوري، الذي زعم بأنه لو كانت الظروف مواتية لدعم الحوثيين لكانوا الآن قد وصلوا الرياض. وكذلك يد الله جواني الذي اعتبر الاتهامات محاولة سعودية للتغطية على جرائمها بحق اليمنيين.

ورغم النفي الإيراني إلا أن أحاديث تخرج من داخل مؤسسة الحرس الثوري تكشف بصورة واضحة عن أن "القدرات الصاروخية للحوثيين" تُصنع على عين إيران، ومن ذلك حديث لقائد الحرس الثوري، حسين سلامي، وقت أن كان نائبًا لقيادة الحرس، يؤكد أن "أنصار الله لديهم قدرة صاروخية تؤهلهم لدخول المدن السعودية". وفي العام 2018، نشر موقع "اعتماد" تصريحات لناصر شعباني(28)، الذي عرَّفه بأنه قائد العمليات في قاعدة "ثأر الله" المسؤولة عن أمن طهران، قال فيها: "طلبنا من اليمنيين ضرب ناقلتي النفط السعوديتين وقاموا بضربهما.. حزب الله في لبنان وأنصار الله في اليمن هما عمقنا"، "العدو ضعيف للغاية لدرجة أنه يمكننا التعامل معه على الجانب الآخر من الحدود، لكننا لا نصرُّ على المواجهة مع السعودية على الجانب الآخر من الحدود". ونشرت وكالة فارس للأنباء، تصريحات شعباني، لكنها قامت بعد ساعة بحذف العبارة الأولى وتغيير نص العبارة الثانية، وكذلك فعلت مواقع أخرى كانت قد نشرت التصريحات، وبادر الحرس الثوري إلى تكذيب هذه التصريحات والقول بأن شعباني لا يشغل أي منصب حاليًّا، وقال الناطق الرسمي باسم الحرس، رمضان شريف: إن تصريحات شعباني "جرى قلبها" وتحويرها.

وأيًّا يكن من شأن التصريحات الإيرانية نفيًا أو إثباتًا، فإن الثابت أن العلاقة مع "أنصار الله" هي ورقة إقليمية رابحة جدًّا وقليلة الكلفة بالنسبة لإيران، وهي تمثل العكس بالنسبة للسعودية، فخمس سنوات منذ انطلاق "عاصفة الحزم" التي لم تحقق أيًّا من أهدافها مثَّلت اختبارًا حقيقيًّا لقدرة الحوثيين على أن يشكِّلوا تهديدًا مباشرًا لأمن السعودية، ودخول الصواريخ البالستية في المواجهة كشف هشاشة أمنية في المنطقة تقتضي البحث عن حل خارج مربع المواجهات العسكرية.

ولا يمكن قراءة السلوك السعودي تجاه اليمن خاصة بعد إطلاق ما سُمي بـ"عاصفة الحزم" بشكل منفصل عن تقييمها للنفوذ الإيراني في المنطقة ومن ذلك اليمن، أما إيران فترى أن السعودية تتدخل في اليمن لأسباب رئيسة، هي(29):

  • قمع الشيعة ومنع انتشار الأفكار الشيعية في اليمن.
  • منع اتساع رقعة نفوذ إيران في الإقليم.
  • خلق الأزمات لتحويل أنظار الرأي العام وإشغال الناس عن الاهتمام بالشأن الداخلي، خاصة مع موجة الثورات العربية.
  • محاولة إضفاء الشرعية على تورطها في اليمن وقتل الشيعة من خلال ربط الحوثيين بالقاعدة والإرهاب.
  • تضخيم الحديث عن التهديد المتزايد للشيعة واتساع رقعة نفوذ إيران، بغية كسب تأييد الدول العربية الأخرى، وتقديم نفسها كدولة قائدة وحامية في مواجهة إيران والشيعة(30). وفي المقابل، تتهم السعودية إيران بمواصلة إذكاء الحرب الأهلية اليمنية ودعم الحوثيين.

في اقتراح الحل السياسي

في أغسطس/أب 2018، رعت إيران لقاءً جمع وفدًا من "أنصار الله" مع سفراء أربع دول أوروبية، هي: ألمانيا، وفرنسا، وبريطانيا، وإيطاليا، لكن مجريات الساحة اليمنية تشير إلى صعوبة التوصل إلى حل سياسي. في المجموع، ما زال الحل السياسي الذي تقترحه إيران يدور في إطار الرسالة(31) التي أرسلها وزير الخارجية الإيراني، جواد ظريف، إلى الأمين العام للأمم المتحدة السابق، بان كي مون، وترتكز على أربعة نقاط، هي:

  1. وقف إطلاق النار وجميع الهجمات العسكرية الأجنبية.
  2. إيصال المساعدات الإنسانية إلى الشعب اليمني بشكل فوري. 
  3. استئناف الحوار الوطني اليمني-اليمني وبمشاركة ممثلين عن جميع الأحزاب السياسية والفئات الاجتماعية في البلاد.
  4. تشكيل حكومة وحدة وطنية شاملة.

ويمكن، وبشكل مركز، القول بأن الاستراتيجية الإيرانية تجاه اليمن في السنوات الأخيرة تقوم على شقين، هما:

  • الأول: تقديم نفسها كدولة قادرة على لعب دور بنَّاء ومؤثر في صياغة حل سياسي في اليمن.
  • الثاني: دعم وحماية حلفائها وتمكينهم بشتى الوسائل للحيلولة دون إقصائهم من الساحة السياسية بالقوة. 

ويمكن للشق الأول أن يعزز من قوة إيران ومكانتها في الساحة الإقليمية سياسيًّا، وهو مرتبط بصورة جذرية بالشق الثاني؛ إذ إن تحققه مرتبط بترجمة ثقل الجماعات المتحالفة مع إيران إلى مكاسب سياسية على الأرض. 
وإذا لم يكن متاحًا لإيران تحقيق الشق الإستراتيجي الأول، فإن المحافظة على الشق الثاني حتى ولو تحقق على يد غيرها يعطي إيران أوراقَ تفوُّق على الساحة الإقليمية في مواجهة منافسيها، وخاصة المملكة العربية السعودية(32)؛ وهو ما قد يفسِّر شكل الحل السياسي الذي تقترحه إيران.

خلاصات ونتائج

  • الأزمة اليمنية وليدة مجموعة عوامل، هي: عقم البنى السياسية التي حكمت اليمن، وغياب التوزيع العادل للسلطة والثروة (مجتمع غير متساو) وتدخل القوى الخارجية.
     
  • إن التغيير في بنية وهوية اليمن سيعني بكل تأكيد تحولًا وتغييرًا كبيرًا في الجغرافيا السياسية للمنطقة وسلوك اللاعبين فيها.
     
  • أصبح اليمن ساحة أساسية للتنافس والمواجهة بين السعودية وإيران، وكما يقول مارتن ريدون، فإن التنافس الإيراني-السعودي في اليمن يعيد إلى الأذهان اللعبة الكبرى بين بريطانيا وروسيا في أفغانستان قبل قرن من الزمان. ولذلك، فإن العلاقات السعودية-الإيرانية التي تتمحور حول التنافس، دخلت لعبة أمنية كبرى على مستوى المنطقة، وهذا التنافس يحمل ماهية أيديولوجية وأخرى استراتيجية.
     
  • مع أن اليمن يعد أفقر بلد عربي، وفق تقارير الأمم المتحدة، فإنه يشكِّل في الواقع أهمية استراتيجية في التنافس بين إيران والسعودية، بحيث يمكن القول: إن أزمة اليمن في واقعها لعبة كبرى بين إيران والسعودية.
     
  • لا يمكن النظر إلى الأزمة اليمنية بدون عنوانها الأمني، وبفعل المصالح المتباينة لكل دولة فإن السياسات الإيرانية تجاه اليمن حملت بُعدًا صراعيًّا واضحًا، مع حل سياسي تقترحه إيران يضمن مصالح حلفائها.
     
  • إن الطريقة التي أدارت بها السعودية ودول الخليج عمومًا الملف اليمني خاصة بعد اندلاع الثورات العربية وقبل ذلك طريقة إدارة السعودية لملف الحوثيين، أوجدت حالة من الفوضى والتعقيد استثمرتها إيران.
     
  • لم يكن اليمن في موقع متقدم على سلم الأولويات الخارجية الإيرانية، لكن التطورات التي أعقبت الثورات العربية وحروب الوكالة في المنطقة، وتصاعد أزمة العلاقات السعودية-الإيرانية، وكذلك أزمة العلاقات الإيرانية-الأميركية، جعل اليمن وملف العلاقة مع الحوثيين يقفز إلى مراتب متقدمة على سلم الأولويات الإيرانية، وبات اليمن ملفًّا أمنيًّا توكل إدارته للحرس الثوري بصورة أساسية كما في ملفات لبنان وفلسطين والعراق وسوريا.
     
  • من قلب الزيدية خرجت الحركة الحوثية وعُرف عن زعيم الحركة، حسين الحوثي، إعجابه الشديد بالإمام الخميني وإيمانه بأفكاره، وقد بادر الحوثيون أنفسهم بالتواصل مع إيران. ومع وجود الاختلافات بين المذهب الزيدي والمذهب الاثني عشري، إلا أن المواجهات المتتالية التي خاضتها الحركة الحوثية، أسهمت في إحداث تغيير في الهوية الحوثية، وفي السنوات الأخيرة استطاعت إيران أن تطور هوية مشتركة وإدراكًا أمنيًّا وتعريفًا مشتركًا للمصالح مع الجماعة الحوثية. ولعل البيعة التي عقدها قادة الحركة مع مرشد الثورة وإن كانت بيعة سياسية بالدرجة الأولى إلا أنها مؤشر واضح على عملية التحول هذه.
     
  • إن تعزيز قدرة الحركة الحوثية ودخولها إلى بنية السلطة يتسق بشكل واضح مع المنافع الإقليمية لإيران، واستثمار هذا التقدم وتوظيفه من شأنه أن يقوي من موقع إيران في غرب آسيا وشمال إفريقيا.
     
  • إن دخول "أنصار الله" ضمن محور المقاومة يعني اتساع العمق الاستراتيجي لإيران على حساب السعودية.
     
  • إن وجود هذه الكتلة الزيدية التي تصل إلى نحو ثلث السكان هو واحد من الفرص الاستراتيجية المهمة بالنسبة لإيران؛ إذ إن تمثيل هذه الكتلة في بنية السلطة وتعظيم دورها السياسي من شأنه أن يوجد تغييرًا في توجهات السياسة الخارجية خاصة فيما يتعلق بالعلاقة مع إيران ويجعلها علاقة استراتيجية.
     
  • إن القضاء على أنصار الله في اليمن سيجعل إيران تواجه فراغًا جيوسياسيًّا، وهو ما ترى فيه تهديدًا جيوسياسيًّا وأيديولوجيًّا من الممكن أن يوجه ضربة لمحور تحالفات إيران في الشرق الأوسط. ولذلك، فإن وجود قوة شيعية مستقرة وقوية في اليمن تستطيع أن تصبح جزءًا مؤثرًا في صناعة القرار السياسي، من شأنه أن يعطي إيران ورقة استراتيجية تعظِّم مكاسبها في المنطقة.
     
  • تعزيز النفوذ الإيراني في اليمن من خلال الحوثيين من شأنه أن يبني عقبات ومعيقات في مواجهة التمدد والنفوذ السعودي وفي المقابل يوسع من رقعة النفوذ الأيديولوجي الإيراني في الخليج وبحر عمان.
     
  • وللطبيعة الأمنية التي يمثلها اليمن بالنسبة لإيران، فإنها تريد أن تكون شريكًا في أية ترتيبات متعلقة بهذا البلد لتضمن هذه المسألة. 

عودة إلى ملف "خمس سنوات على الحرب في اليمن: استراتيجيات الفاعلين ومآلات الصراع"

نبذة عن الكاتب

مراجع

(1) ترى هذه النظرية التي جاءت ردًّا على نظرية الواقعية الدفاعية، أن الفوضى تفــرض على الدول باســتمرار، تعظيم وزيادة القوة، ويعتقد منظِّروها بتزايد احتمال اندلاع الحروب بين الدول، كلما كان لدى بعضها القدرة على غزو دولة أخرى ثم استمرار حالة الفوضى. ويطلق عليها أيضًا الواقعية العدوانية، وفيها تسعى الدول إلى تحقيق أقصى قدر من الأمن، وترى أن الدول فواعل عقلانية لا تنخرط في نزاعات إلا عندما تشعر بالتهديد، ولكنها ما تلبث أن تتبنى هذه السياسة وذلك لما تفرضه متطلبات البنية الدولية لتكون أكثر قوة من باقي الدول. تلك الفوضى تدفع للعمل على تعظيم قوتها النسبية طالما أن ظهورًا مفاجئًا لقوة أخرى يعيد النظر في الواقع القائم يبقى احتمالًا واردًا. انظر: النظرية الواقعية: ميثاق مناحي دشر، دراسة في الأصول والاتجاهات الفكرية الواقعية المعاصرة ((قراءة في الفكر السياسي الأمريكي المعاصر))، مجلة أهل البيت، العدد 20، صص 386-433.

(2) يعد جون ميرشايمر وفريد زكريا من أبرز رواد هذه النظرية.

(3) حميرا مشير زاده، در نظریه روابط بین الملل (التغير في نظرية العلاقات الدولية)، (تهران: نشر سمت، 1390 ش)، ص 130.

 (4) Mearsheimer, John (2001), The Tragedy of Great Power Politics, New York, W.W. Norton. p12, available at:  https://samuelbhfauredotcom.files.wordpress.com/2015/10/s2-mearsheimer-…;

 (5)Mearsheimer, John (1990), “Back to the Future: Instability in Europe after the Cold War”, International Security, Vol. 15, No. 1. (Summer, 1990), pp. 5-56.p 13

(6) Mearsheimer, Ibid, 2001, p17

(7) سيد محسن آل سيد غفور وآخرون، تبیین رقابت استراتژیک جمهوری اسلامی ایران وعربستان سعودی در یمن (بيان التنافس الاستراتيجي بين إيران والسعودية في اليمن)، فصلية "سیاست خارجی"، العدد 2 السنة 29، صيف 1394 ش، صص145- 167، ص 149 و150.

(8)Walt, Stephen M. (1988), "Testing Theories of Alliance Formation: The Case of Southwest Asia", Walt, Stephen M., 1988. "Testing theories of alliance formation: the case of Southwest Asia," International Organization, Cambridge University Press, Volume 42, Issue 2, Spring 1988 , pp. 275-316, pages 279.

(9)Ibid, p 281

(10) علي نجات وآخرون، راهبرد عربستان سعودی و جمهوری اسلامی ایران در قبال بحران یمن (استراتيجية العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية مقابل الأزمة اليمنية)، فصلية "مطالعات روابط بین الملل"، السنة التاسعة، العدد 33، ربيع 1395 شمسي، صص 137- 179، ص 164-165.

(11) المرجع السابق، ص 166.

(12) المرجع سابق، ص 165.

(13) المرجع السابق، ص 166.

(14) منه أخذت الحركة الحوثية اسمها.

(15) حوثی‌ها کیستند؟ رابطه‌ انصارالله یمن با ایران چیست؟(من هم الحوثيون؟ وما علاقة أنصار الله بإيران؟)، بي بي الفارسية، 28 ارديبهشت 1398 ش(تاريخ الدخول: 5 أبريل/نيسان 2020): https://bbc.in/2X9vbyb

(16) ينقل الباحث اليمني، الدكتور محمد الجميح، عن محمد يحيى عزان، وهو الأمين العام السابق لتنظيم "الشباب المؤمن" قوله: في 1985 و1986، تم تأسيس منتدى ديني ثقافي في مدينة صعدة تحت اسم (اتحاد الشباب الزيدي)، ولكن السلطة يومها اعترضت على التسمية، نظرًا للحساسية المذهبية، فتمت تسميته "اتحاد الشباب المؤمن"، ويذكر أنه "في تلك الفترة لم تكن لهم أية علاقة مع أي من آل بدر الدين الحوثي، الذين لم يكونوا يحضرون أنشطة الاتحاد في صعدة وضحيان". في تلك الفترة، كان الدستور اليمني يمنع تشكيل أية جماعات سياسية، أو دينية-سياسية، فانتهى "الاتحاد"، بعد توجيه التهم لأعضائه بالارتباط بإيران، وكان من مؤسسي الاتحاد محمد يحيى عزان، الذي صار فيما بعد أمينًا عامًّا لـ"منتدى الشباب المؤمن"، قبل أن ينتقل إلى حسين الحوثي الذي سيطر عليه. انظر: محمد الجميح، الإسلام السياسي الشيعي.. قراءات في تحولات السلوك السياسي(5) للحركة الحوثية في اليمن من "الشباب المؤمن" إلى "أنصار الله"، موقع عربي 21، 10 سبتمبر/أيلول 2019، (تاريخ الدخول: 5 أبريل/نيسان 2020):  https://bit.ly/2V5sdI6 

(17) محمد الجميح، الإسلام السياسي الشيعي.. المرجع السابق.

(18) المرجع السابق.

(19) الشعار المعروف بـ"الصرخة" هو: "الله أكبر..الموت لأمريكا..الموت لإسرائيل.. اللعنة على اليهود..النصر للإسلام"، وعند مراجعة التعريف بهذا الشعار على موقع "المشهد اليمني"، تظهر بصورة واضحة المفردات التي شكَّلت بنية الخطاب الإيراني خاصة فيما يتعلق بالعلاقة مع الولايات المتحدة الأميركية.

(20) محمد الجميح، مرجع سابق.

(21)  IRAN IN YEMEN: TEHRAN'S SHADOW LOOMS LARGE, BUT FOOTPRINT IS SMALL (C-NE9-01257), wikileaks.org, September 12 (accessed: 5 April 2020):  https://bit.ly/2V54cky 

(22) المصدر السابق.

(23) تركز البنائیة على عنصر الهویة Identity، وتؤكد على كیفیة تعامل الهویات مع الطريقة التي تستوعبها الوحدات السیاسیة (الدول) وتستجيب لمطالبها ومؤسساتها. وعلى هذا الأساس، فالهوية تولِّد وتصقل المصالح، كما تعتبر هذه المقاربة أن العوامل الثقافية تؤثر بشكل مباشر وغیر مباشر على الهوية، وأن المصالح القومية تنبع من بناء خالص لهوية الذات مقابل هوية الآخر، انظر: توفيق بوستي، مفهوم الأمن ومنظورات ما بعد الوضعية، المعهد المصري للدراسات، 12 مارس/آذار 2019، (تاريخ الدخول: 5 أبريل/نيسان 2020):  https://bit.ly/2x29Hsc 

(24) اولین موافقتنامه یمن با ایران در دوره جدید؛هفته‌ای 14 پرواز میان ایران و یمن انجام خواهد شد(توقيع أول اتفاقية يمنية إيرانية في العهد الجديد، 14 رحلة أسبوعيًّا بين إيران واليمن)، بولتن نيوز، 10 اسفند 1394 (تاريخ الدخول: 6 أبريل/نيسان 2020):  https://bit.ly/2ULfDyX 

(25) بیعت یمنی با ولی امر مسلمین(مبايعة يمنية لولي أمر المسلمين)، مشرق نيوز، 23 مرداد 1398(تاريخ الدخول: 6 أبريل/نيسان 2020):
 https://bit.ly/3aYcfGs 

(26) جرى التركيز بصورة كبيرة على الاحترام الذي استقبل به آية الله خامنئي رسالة عبد الملك الحوثي، وقارنوها بطريقة التعامل مع رسالة ترامب التي حملها رئيس الوزراء الياباني؛ شينزو آبي، حيث إنه لم ينظر فيها ووضعها جانبًا، كما جرى التركيز على احتفاظ الوفد بخناجرهم خلال اللقاء باعتبارها جزءًا من الزي اليمني وقارنوا ذلك بالطريقة التي استقبلت بها الإمارات وفدًا يمنيًّا. 

(27) سید محمد هوشی سادات، پایان یمن پیشین، آغاز عربستانی دیگر است؟ روابط ایران و یمن؛ چالش‌ها و فرصت‌ها(هل نهاية اليمن السابق بداية سعودية أخرى؟ العلاقات الإيرانية اليمنية: التحديات والفرص)، موقع ايران دیپلماسی، 28 اسفند 1393ش (تاريخ الدخول: 6 أبريل/نيسان 2020): https://bit.ly/2wZgbIE 

(28) توفي شعباني الذي يعد من قادة الحرس وشغل مناصب عدة في مارس/آذار 2020 جرَّاء إصابته بفيروس كورونا.

(29) علي نجات وآخرون، مرجع سابق، ص 169.

(30) المرجع السابق، ص 169.

(31) المرجع السابق، ص 171.

‌(32) مهدي میرزاده کوهشاهی؛ "تحولات یمن؛ کشمکش بازیگران داخلی در سایه رقابت‌های منطقه‌ای" (التطورات في اليمن: صراع الفاعلين المحليين في ظل التنافس الإقليمي)، دورية "دیده‌بان امنیت ملی " دی ماه 1393 شمسي، العدد 33، صص 59-62، ص 62.