عقدت قمة عربية ثلاثية، جمعت الملك الأردني، عبد الله الثاني، والرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، ورئيس الحكومة العراقية، مصطفى الكاظمي، ببغداد، الأحد 27 يونيو/حزيران 2021. وكان هذا اللقاء قد خُطّط لانعقاده أصلاً في إبريل/ نيسان الماضي، ثم أُجّل بسبب حادث قطار مأساوي شهدته مصر حينذاك. ولكنه كان لقاء مرتقبا، على أية حال، سبقته تصريحات طموحة من مسؤولي الدول الثلاث، ولا سيما رئيس الحكومة العراقية، ورافقته توقعات لا تقل طموحا. وهذه هي المرة الأولى التي يقوم فيها رئيس مصري بزيارة العراق منذ القمة العربية المنعقدة في ربيع 1990، التي شهدت توتراً عربياً ظاهراً، وأشّرت إلى غزو الكويت. وفي استبطان لما تعنيه القمة للعراق، نشر رئيس الحكومة العراقية تغريدة على حسابه في تويتر، رحب فيها بضيفيه في بغداد "السلام والعروبة"، مستعيداً كما يبدو لغة الستينيات والسبعينيات القومية العربية. ولكن استقبال بغداد ضيفيها العربيين لا يعني أن هذا كان اللقاء الأول بين قادة الدول العربية الثلاث.
يعود مشروع التقارب بين مصر والأردن والعراق إلى مارس/آذار 2019، عندما عقد اللقاء الأول بين قادة الدول الثلاث في القاهرة، بمشاركة الملك عبد الله الثاني، والرئيس السيسي، ورئيس الحكومة العراقية آنذاك، عادل عبد المهدي. ولأنه كان الأول، فقد كانت أصداء لقاء القاهرة متواضعة وروتينية؛ حيث ذُكر أن القادة الثلاثة بحثوا القضايا الإقليمية وآفاق التعاون الاقتصادي، بما في ذلك مساهمة مصر في إعمار العراق. ولكن اللقاء الثاني، الذي استضافه الأردن في أغسطس/آب 2020، شهد للمرة الأولى تصريحات من رئيس الحكومة العراقية حول مشروع اندماج اقتصادي بين الدول الثلاث، وتلميحات إلى توجّه نحو تشكيل محور عربي جديد. وصل هذا الطموح ذروته خلال الفترة السابقة على عقد اللقاء الثالث ببغداد. أما في مجريات اللقاء ذاته، فقد كان لافتاً أن الرئيس المصري أشار في كلمته العلنية إلى أن التكتل يستهدف تحقيق التعاون والتكامل الاستراتيجي بين الدول الثلاث. ليس ذلك وحسب، فقد وجد اللقاء ترحيباً في الولايات المتحدة، التي أصدرت خارجيتها بياناً أعربت فيه عن دعم واشنطن لتوجهات التعاون بين مصر والأردن والعراق.
ولم يكن خافياً أن الدول الثلاث تستلهم مشروع مجلس التعاون العربي، الذي جمع العراق ومصر والأردن واليمن في 1989، عندما كان على رأس الدول الأربع صدام حسين في العراق، وحسني مبارك في مصر، والملك حسين في الأردن، وعلي عبد الله صالح في اليمن. ولكن مجلس التعاون العربي انهار بعد غزو العراق الكويت في صيف 1990، وبقيت ذكراه تعود إلى الحضور من وقت إلى آخر، سيما لأولئك العرب الذين فقدوا الأمل في فعالية الجامعة العربية وجدوى مشاريع التعاون والتنسيق العربي السابقة.
فلماذا تعاود الدول العربية الثلاث المحاولة من جديد؟ ولماذا في هذا الوقت؟ وإلى أي حد يمكن لها أن تنجح في تحقيق "الاندماج الاقتصادي" المأمول، أو بناء كتلة عربية محورية جديدة؟
دول ثلاث متأزمة
لا يخفى أن التأزم يجمع الدول الثلاث؛ تأزم متعدد الأوجه ودرجات الإلحاح، فهو اقتصادي وسياسي على السواء. ولكن، بخلاف دول عربية أخرى، مثل اليمن، الشريك السابق في مجلس التعاون العربي، فإن أزمات الدول الثلاث لم تصل بها إلى حالة الشلل والانهيار. الدول الثلاث متأزمة، ولكنها لا تزال متماسكة وقادرة على المبادرة، بغض النظر عن الأفق المتوقع للمبادرة. من هنا ولدت إرادة الفعل، من ناحية، والسعي إلى مستوى أعلى من التعاون والتقارب، من ناحية أخرى.
في القاهرة 2019، ذهب القادة الثلاثة إلى اللقاء دون خطط محددة. ولكن مصادر مقرّبة من عادل عبد المهدي، ذكرت أن رئيس الحكومة العراقية يومها، فوجيء بلغة الامتعاض والتهجّم على قادة الدول الخليجية، التي استخدمها نظيراه المصري والأردني، رغم أن كلا الدولتين، مصر والأردن، عُرفتا بتحالفهما مع دول الخليج العربية. وليس ثمة شك أن مناخ اللقاء الأول عكس عمق التأزم الاقتصادي في مصر والأردن. وخلال العامين التاليين، سواء بفعل عوامل هيكلية، مثل جائحة كورونا، أو سياسات قاصرة، تعمّقت الأزمة الاقتصادية في كلتا الدولتين، إضافة إلى اضطرارهما للتعامل مع تحديات إقليمية أخرى، ذات طابع سياسي أو اقتصادي.
من جهة أخرى، يعيش العراق، بالرغم من ثرواته الهائلة، حالة من الانقسام السياسي وضعف السلطة المركزية منذ الاجتياح والاحتلال الأميركي في 2003، ما ترك أثارا فادحة على وضعه الاقتصادي وكافة جوانب الحياة العامة الأخرى.
طبقا لأرقام 2020، تجاوزت ديون الأردن 46 مليا دولار بقليل، بينما لا يتجاوز ناتجه القومي 44 مليار دولار؛ بمعنى أن حجم ديونه يفوق حجم ناتجه القومي، في الوقت الذي سجّل نموّه معدلا سنويا سلبيا يقدّر بـناقص 1.5. أما مصر، التي تقول أرقامها الرسمية إن معدّل نموها بلغ 3.6 سنوياً، فقد تجاوز دينها القومي الخارجي 129 مليار دولار، وهو الأكبر في تاريخها الحديث كله، بزيادة 14 بالمئة على حجم الدين في العام السابق، بينما وصل حجم الناتج القومي المصري في 2020 إلى 302 مليار دولار.
ومن الصعب حساب ديون العراق، الذي يُعتبر دولة نفطية رئيسية، نظراً للاضطراب في الحسابات الرسمية. ما هو معروف، عموماً، أن ديون العراق الخارجية بلغت 28 مليار دولار، أما الديون الداخلية فتجاوزت 40 مليار دولار. وكما هو حال الأردن، فإن معدل النمو السنوي للعراق في 2020 اتجه سلباً إلى ما يزيد عن ناقص 10 بالمئة، بينما بلغ ناتجه القومي 224 مليون دولار.
مشكلة الدول الثلاث، لا تتضح في هذه الأرقام المجردة؛ فنظراً إلى تفاوت عدد السكان، تعاني الدول الثلاث معدلات فقر عالية، وتراجع فادح في مستوى الرفاه. فالناتج المحلي للفرد في مصر لا يزيد عن 3000 دولار، وفي الأردن 4000 دولار، وفي العراق 5000. وهذه الأرقام تقل بكثير عن مثيلاتها في دول بالشرق الأوسط مثل تركيا (9000 دولار)، إيران (7000 دولار)، والسعودية (23000 دولار).
ولا يكمن المشكل في الاقتصاد وحسب، فقد واجه الأردن خلال العامين الماضيين، ولا يزال، ما يشبه الأزمة الوجودية، عندما اشتدت الضغوط الأميركية في العام الأخير من إدارة ترامب، مؤيدة ببعض دول الخليج، لإجباره على الموافقة على صفقة القرن. ولم يزل التعنت الإسرائيلي في القدس والضفة الغربية، واتساع نطاق التطبيع الإسرائيلي مع الدول العربية، يتسببان في مزيد من الضغط على موقع الأردن ودوره. إضافة إلى الأزمة الاقتصادية، تسببت هذه الضغوط في ارتفاع مستوى التوتر الاجتماعي السياسي داخل الأردن، ليصل في النهاية إلى اكتشاف بداية تنفيذ خطة لتغيير نظام الحكم، ذكرت تقارير أنها كانت مدعومة أيضا من دول عربية خليجية. كما تواجه مصر، هي الأخرى، تحديات إقليمية بالغة، بداية من تصميم إثيوبيا على الذهاب إلى الملء الثاني لسد النهضة، بغض النظر عن الاتفاق مع مصر والسودان، أو عدم الاتفاق.
أما العراق، فيعيش تأزماً سياسياً داخلياً وإقليمياً غير مسبوق في تاريخه الحديث كله. فلم تنجح الحكومات العراقية المتعاقبة منذ 2003 في إعادة بناء اللحمة الوطنية العراقية. وبالرغم من تراجع توجهات الاستقلال الكردية قليلاً في السنوات القليلة الماضية، لم تزل الوطنية العراقية تواجه عقبات هائلة على مستوى العلاقات العربية الكردية، والعلاقات السنية الشيعية. في المقابل، وبسبب سياسات التوسع الحثيثة، وعدم التردد في استخدام الورقة الطائفية الشيعية، نجحت إيران في تعزيز نفوذها بين القوى السياسية العراقية، كما في قلب مؤسسات الدولة وأجهزتها، إلى مستوى منحها دوراً رئيساً في صناعة القرار العراقي.
بصورة من الصور، يبدو وضع الدول الثلاث مشابهاً لوضعها في 1989، عندما قررت تأسيس مجلس التعاون العربي. فقد كانت مصر يومها مثقلة بأعباء سياسة الانفتاح التي تبنّاها السادات، والمقاطعة العربية بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد، وانحسار المساعدات الخليجية، إضافة إلى تراجع الدعم الغربي، بحيث قيل إن الدولة المصرية تكاد تصل إلى حد العجز عن دفع رواتب موظفيها. ولم يكن وضع الأردن واليمن أقل سوءاً. وكان العراق قد خرج لتوّه من ثماني سنوات من الحرب مع إيران، مثقلاً بالديون وأعباء الدمار الذي أوقعته الحرب في مناطق مختلفة من البلاد.
ما فاقم من المرارة لدى دول مجلس التعاون العربي أن دولا خليجية آنذاك لم تبد أي استعداد للمساعدة. بل إن زعيما خليجيا رد على دعوة الملك حسين يومها بضرورة تعزيز التضامن العربي، بأن على الدول أن تتصرف في حدود مقدراتها. كما ولد شعور لدى دول مجلس التعاون العربي أن دولا خليجية تتبنى سياسة مخططا لها مسبقاً بخفض أسعار النفط، استجابة لضغوط أميركية. بمعنى أن مجلس التعاون العربي كان في حقيقته إطارا لتكتل الدول العربية المتضررة في مواجهة دول النفط العربية، ولا سيما الخليجية.
اليوم، ثمة شعور مشابه بالغبن، وإن بدرجات متفاوتة لدى الدول الثلاث، وبأن بعض دول الخليج العربية لم تقدم لها الدعم الضروري لإخراجها من الأزمة الاقتصادية، ومساعدتها على مواجهة التحديات السياسية. في المقابل، تقول دول خليجية أن مشكلة الدول الثلاث تتعلق بالفساد وسوء الإدارة والإنفاق على مشاريع لا طائل منها اقتصاديا، وأن مداخيل النفط العربي برمّتها لن تكون قادرة على إنقاذ هذه الدول إن استمرت في اتباع سياساتها الاقتصادية الحالية.
التاريخ لا يعيد نفسه
عكَس تشكيلُ مجلس التعاون العربي في نهاية الثمانينات بروز العراق قوة عربية رئيسة، بعد خروجه منتصرا من الحرب مع إيران، بالرغم من الأعباء المالية والاقتصادية التي نجمت عن الحرب. ولتضخم مقدراته العسكرية، التقليدية وغير التقليدية، والثقة السياسية الفائقة بالنفس، اعتُبِر العراق مصدر تهديد محتمل لجواره الإقليمي وللمصالح الغربية في الإقليم، ولذالك عبّر انضواء مصر والأردن واليمن في إطار المجلس عن إقرار ضمني بدور العراق القيادي، ورغبة العرب "المتضررين" في إقامة كتلة موازنة للتكتل الخليجي. ورغم أن المجلس كان مشروعا جادا وحقيقيا، فإنه لم يستطع حل مشاكل أعضائه، وربما كان ذلك بسبب عمره القصير.
بغزو الكويت، انهار المجلس وتباينت مصائر دوله؛ فقد سارعت مصر إلى المشاركة في التحالف على العراق، وحصلت على مساعدات مالية كبيرة، وأُسقط عنها جزء كبير من دينها الخارجي. واحتاج الأردن لعدد من السنوات حتى يصلح علاقاته الغربية والخليجية، ويستعيد مستوى المساعدات الخارجية السابق، ولكن بعد أن أصبح شريكا في حصار العراق، وذلك ما حدث مع اليمن أيضا.
أما العراق ففُرض عليه حصار وعقوبات بالغة القسوة، وانتهى أمره إلى الغزو والاحتلال وانهيار نظام صدام حسين والدولة العراقية برمتها.
بيد أن الوضع العربي الآن يختلف إلى حد كبير عما كان في نهاية ثمانينيات القرن الماضي؛ فليس بين دول اللقاء الثلاثي دولة قائدة، ولا حتى مصر، التي تراجع نفوذها العربي والإقليمي بصورة ملموسة في العقدين الماضيين. كما أن مقدرات الأردن المحدودة لا تؤهّله لموقع عربي قيادي، ولا هو حاول ذلك من قبل. وإذا كان الضغط على دول النفط العربية، أو إيران، هو الهدف من تشكيل التكتل الثلاثي، فلا مصر ولا الأردن بصدد خوض مواجهة مع إيران أو دول الخليج العربية الرئيسة.
كان العراق، بالتأكيد، خلال الشهور القليلة الماضية، الأكثر حماساً نحو دفع فكرة التحالف الثلاثي إلى الأمام. ويمكن فهم هذا الحماس في ضوء طموحات رئيس الحكومة العراقية، مصطفى الكاظمي، للحفاظ على موقعه بعد الانتخابات البرلمانية المقبلة في أكتوبر/تشرين الأول. لا يتمتع الكاظمي بقاعدة سياسية، وقد جاء إلى منصبه في العام الماضي، بعد أن أسقطت حركة الاحتجاج الشعبي حكومة عادل عبد المهدي، بفعل توافق إقليمي ودولي. ولا يتوقع أن يخوض الكاظمي الانتخابات المقبلة، لا بتحالف مع أي من القوى السياسية المعروفة الأخرى، ولا بكتلة انتخابية مستقلة، فهو يدرك أن حظوظه الانتخابية محدودة، ولكنه بالبقاء فوق صراع القوى السياسية، يأمل بأن تتيح له حالة التشظي السياسي العراقي فرصة العودة إلى رئاسة الحكومة، وتلك آمال هشّة، وعلى رمال العراق السياسية المتحركة، ليس ثمة ما يضمن تحققها.
ولكن ثمة هموم أخرى تطارد الكاظمي، كما طاردت عبد المهدي من قبله؛ فنظرا للانقسامات العرقية والطائفية في العراق، عمل قادة العراق، ومنذ ولادة الدولة العراقية الحديثة في عشرينات القرن الماضي، على تبني أيديولوجية رسمية تستوعب الأطياف العرقية والطائفية في البلاد وتساعد على تعزيز الوطنية العراقية. ولأن العراق وجد نفسه محاطا بقوى إقليمية ثقيلة الوزن، إيران وتركيا والسعودية، أصبحت الفكرة العربية أهم ركائز أيديولوجيا الدولة العراقية. ولا يقل أهمية أن كلاً من الكاظمي وعبد المهدي اكتشف، بمجرد تشكيل حكومته، أن نفوذ إيران في البلاد يفوق قدرة الحكومة العراقية على الحكم، وأن العراق تحوّل من دولة عربية وإقليمية رئيسة إلى ساحة لتدافع القوى الدولية والإقليمية. وبالانضواء في تحالف ثلاثي مع الأردن ومصر، يأمل الكاظمي إقناع شريكيه بضم سوريا إليه. وفي أقرب فرصة ممكنة، يمكن للعراق أن يتحرر من النفوذ الإيراني، دون أن يثير ردود فعل حلفاء إيران في العراق إن ذهب باتجاه التحالف مع قوة مثل السعودية، التي تخوض صراعاً مكشوفاً مع إيران.
تزوّد إيران العراق بما يقارب 40 بالمئة من حاجته من الكهرباء. والمعروف أن ثمة عرضًا سعوديًّا بإمداد العراق بالكهرباء بتكلفة تقل 20 بالمئة عن التكلفة التي تدفعها بغداد مقابل الكهرباء الإيرانية. ولكن لا حكومة الكاظمي، ولا الحكومة العراقية السابقة، استطاعت توقيع عقد مع السعودية، نظراً لمعارضة القوى السياسية الشيعية العراقية الموالية لإيران. وليس ثمة ما يشير إلى أن قبضة هذه القوى، التي يتمتع عدد منها بقدرات عسكرية هائلة، على القرار السياسي العراقي، ستتراجع بعد الانتخابات المقبلة، فمن الصعب، بل ربما من المستحيل، تخليص الدولة العراقية من نفوذ إيران وحلفائها دون حرب أهلية طاحنة.
وليس ثمة شك أن التأييد الأميركي الصريح والسريع لمشروع اللقاء الثلاثي العربي ولد من تقدير واشنطن بأن المزيد من التقارب العراقي مع المحيط العربي سيفضي إلى مزيد من الابتعاد عن إيران، والتراجع في النفوذ الإيراني في العراق.
المشكلة، أن الأميركيين أظهروا، ومنذ الغزو والاحتلال في 2003، أنهم ليسوا أفضل من يفهم العراق والعراقيين، ولا هم أفضل من يقدّر طبيعة علاقة إيران بالعراق. ولم يكن غريباً أن يفهم الأميركيون حلفاء إيران في العراق، الذين لعبوا دور الحليف الأميركي لبعض الوقت، بصورة خاطئة، وأن توفّر إدارتهم شؤون العراق في سنوات الاحتلال الأولى فرصة كبرى لتأسيس قواعد النفوذ الإيراني في العراق.
التعقيدات التي تحيط بدوافع وأهداف الدول الثلاث ومقدراتها من مشروع التحالف أدت في النهاية إلى صدور بيان مشترك هزيل عن لقاء بغداد، لا يتناسب وحجم التصريحات والتوقّعات التي سبقت اللقاء وأحاطت به. فإلى جانب دعوة إسرائيل لاختيار نهج السلام، ودعم مصر في موقفها من سدّ النهضة الإثيوبي، وإعلان عزم الدول الثلاث على التوجّه نحو إقرار حرية حركة العمالة والسياحة بينها، كانت نتيجة اللقاء الملموسة الوحيدة الاتفاق على ربط شبكات إمداد الكهرباء للدول الثلاث. ولكن إنجاز ربط شبكات الأردن ومصر والعراق الكهربائية سيحتاج ثلاث سنوات، على الاقل، ولا أحد يعرف ما يمكن أن تأتي به السنوات الثلاث المقبلة على صعيد ديناميات السياسة المحلية والإقليمية للدول الثلاث.