سقوط الأسد: الانتصار الخاطف وتعقيدات النهوض

تمكنت فصائل المعارضة السورية المسلحة من إسقاط الأسد في ظرف وجيز، وباتت تواجه عدة تحديات رئيسية: استعادة وحدة البلد، وبناء نظام سياسي يستند لقاعدة شعبية عريضة، وبناء مؤسسة دفاعية قادرة على بسط الأمن. لكن تحقيق هذه الأهداف يجري في سياق نزاع خارجي شديد على التحكم في العملية الانتقالية.
الشرع يقود سوريا في مرحلة حرجة (رويترز)

بدأ تحالف قوى المعارضة المسلحة في المنطقة المحررة من محافظة إدلب سلسلة من العمليات، فجر 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024. مع الساعات الأولى من صباح 8 ديسمبر/كانون الأول، أُعلن في دمشق عن سقوط نظام أسرة الأسد وهروب بشار الأسد وأعوانه وحاشيته من العاصمة، دمشق، إلى عدد من الجهات.

التوقعات بأن تواجه قوى المعارضة معركة مريرة للسيطرة على حلب، عاصمة الشمال السوري وثاني أكبر مدن سوريا، لم تتحقق، بعد أن انهارت مقاومة جيش النظام خلال ما لا يزيد عن يومين من القتال، الذي انحصر في مواقع معدودة. وعندما قررت قوات المعارضة الاندفاع جنوبًا، نحو حماة وحمص ودمشق، كان من المتوقع أن تشهد حمص، على الأقل، قتالًا طاحنًا، نظرًا لأهمية المدينة الإستراتيجية وحجم الحشد الذي نظمته وزارة دفاع نظام الأسد. ولكن، وما أن أدرك الضباط والجنود المكلفون بحماية حمص أن مجموعات مسلحة من المعارضة قد أخذت بالفعل في دخول أحياء دمشق الغربية والجنوبية حتى انهارت معنوياتهم بصورة مذهلة وغادروا مواقعهم تاركين خلفهم سلاحهم ومعداتهم.

حُرِّرت مدينة حمص، بعد اشتباكات محدودة في ريفها الشمالي، بدون قتال يُذكر. وقد بدأت قوات المعارضة المسلحة الدخول إلى مركز حمص، المدينة التي عُرفت بعاصمة الثورة في سنوات الانتفاضة الشعبية الأولى، مساء 7 ديسمبر/كانون الأول، وفي الساعات الأولى من 8 ديسمبر/كانون الأول. في الوقت نفسه، كانت عناصر المعارضة المسلحة قد أخذت في الانتشار في العاصمة السورية، ومعها أعداد من الصحفيين الذين رافقوا اندفاعتها من الشمال وعملوا على نقل أول مظاهر احتفال السوريين بحريتهم في ساحتي الأمويين والعباسيين.

بعد ظهر اليوم، دخل أحمد الشرع، القائد العام لإدارة عمليات المعارضة، العاصمة، دمشق؛ وذكر أنه أجرى اتصالًا برئيس حكومة النظام، محمد الجلالي، وطلب منه البقاء في منصبه إلى حين الاتفاق على حكومة تتسلم منه مقاليد الحكم خلال المرحلة الانتقالية الأولى، الحكم المركزي والحكم المحلي على السواء. في اليوم التالي، 9 ديسمبر/كانون الأول، جرى اجتماع بين الشرع والجلالي، بحضور المهندس محمد البشير، الذي كان يقود حكومة الإنقاذ الوطني في إدلب المحررة منذ 2022. والمؤكد أن الشرع أخبر الجلالي أن البشير سيتسلم رئاسة حكومة تسيير الأعمال الجديدة، معربًا عن أمله بتعاون وزراء الجلالي مع وزراء الحكومة المقبلة في نقل السلطة. وقد بدأت حكومة الجلالي بالفعل في تسليم ملفاتها إلى حكومة البشير في اليوم التالي، 10 ديسمبر/كانون الأول. وقد أكد الناطق باسم الهيئة السياسية لعملية "رد العدوان"، كما البشير نفسه، أن حكومة تسيير الأعمال ستدير شؤون الدولة السورية لفترة لا تزيد عن ثلاثة أشهر. كيف حققت قوى المعارضة المسلحة هذا الانتصار السريع على أحد أشد أنظمة العالم شراسة وبطشًا، النظام الذي أخفقت المعارضة في إسقاطه طوال ثلاثة عشر عامًا من الثورة؟ ولماذا وجد النظام الأسدي نفسه وحيدًا خلال أيام المواجهة العشرة، وهو الذي تمتع بدعم لا حدود له من إيران وروسيا والفصائل المسلحة الموالية لإيران من كل صنف منذ اندلاع الثورة السورية في ربيع 2011؟ وأية تحديات بات على المنتصرين التعامل معها لتحقيق وعودهم في إعادة بناء الدولة السورية وقيادتها نحو الاستقرار والتنمية؟

من ردع العدوان إلى إسقاط النظام

تتشكل غرفة العمليات، التي قامت بإطلاق العملية الخاطفة التي انتهت بسقوط نظام الأسد، من عدة مجموعات مسلحة من المعارضة السورية كانت اتخذت من إدلب المحررة مركزًا لها. وتعتبر هيئة تحرير الشام القوة الرئيسة في تحالف القوى المعارضة، وتسلم قائد الهيئة، أحمد الشرع، مسؤولية قيادة إدارة العمليات والقيادة الفعلية للتحالف.

تعود هيئة تحرير الشام في جذورها إلى جبهة النصرة، التي ارتبطت بالقاعدة في سنوات وجودها الأولى في سوريا. ولكن، منذ أن نجحت قوات نظام الأسد المدعومة من حزب الله والإيرانيين والقوات الجوية الروسية، في إيقاع الهزيمة بالمعارضة وإخراجها من شرق حلب، في 2016، فك الشرع ارتباطه بالقاعدة، ووسَّع منظمته لمجموعات أخرى، وانضوت جميعها تحت مظلة هيئة تحرير الشام. ومنذ 2017، عمل الشرع على التخلص من العناصر الراديكالية في الهيئة وتحرك تدريجيًّا نحو تبني خطاب إسلامي وطني، وأخذ في طرح تصور لمستقبل سوريا.

نجحت الهيئة في البروز باعتبارها القوة الرئيسة بين قوى المعارضة المسلحة الموجودة على الأرض السورية؛ وعملت بالتالي على تشكيل حكومة إنقاذ وطني لإدارة شؤون إدلب المحررة؛ وهي الحكومة التي أشاد بأدائها حتى أولئك الذين لم يخفوا معارضتهم للشرع والهيئة.

تفيد مصادر المعارضة السورية بأن الهيئة وحلفاءها من القوى المعارضة بدأت الإعداد لعملية عسكرية ضد قوات النظام منذ صيف  2023على الأقل، ولكن تركيا، التي تتواجد قوات جيشها في محيط إدلب، والتي كانت وقَّعت اتفاقية تحدد مناطق سيطرة المعارضة وخطوط فصلها عن مناطق سيطرة النظام، مارست ضغوطًا على المعارضة لمنعها من القيام بعملية هجومية لأكثر من مرة، سيما أثناء العدوان الإسرائيلي على لبنان وحزب الله. ولكن اعتداءات قوات النظام المتكررة على المناطق المحررة، وتوقيع اتفاقية وقف إطلاق النار في لبنان، نزع من يد الأتراك مسوغ الاعتراض على مخطط المعارضة؛ ما أتاح للمعارضة إطلاق عملية "ردع العدوان".

والأرجح أن عملية "ردع العدوان"، التي حمل اسمها دلالة واضحة إلى أن المقصود بها كان الرد على اعتداءات قوات النظام على المنطقة المحررة، كانت تقتصر على تحرير ما تبقى من أراضي محافظة إدلب، وهي المناطق التي كانت قوات النظام سيطرت عليها بعد اتفاقية عدم التصعيد، ومحاولة تحرير مدينة حلب، أو على الأقل قطاعها الغربي. ولكن الانهيار المفاجئ لقوات النظام في حلب، وقوات حزب الله المتواجدة في المدينة، والسهولة التي تم بها تحرير بلدات إدلب الجنوبية-الشرقية ودحر قوات النظام المتواجدة فيها، دفع إدارة عمليات قوات المعارضة إلى تطوير العملية.

أمرت قيادة إدارة العمليات قوات المعارضة، مباشرة بعد تحرير حلب، في 9 ديسمبر/كانون الأول، بالتوجه جنوبًا باتجاه حماة وحمص ودمشق. ولكن التقدم السريع على الطريق من حلب جنوبًا ولَّد أيضًا عددًا من التطورات في مناطق أخرى. ففي شمال حلب الشرقي؛ حيث تسيطر قوات سورية الديمقراطية، وثيقة الصلة بحزب العمال الكردستاني، بحماية أميركية على منطقتي تل رفعت ومنبج، بدأت قوات من جيش سوريا الوطني، المرتبط بالجيش التركي، عمليات لإخراج القوات الكردية من الأراضي التي تحتلها غرب الفرات منذ 2016، والتي هي أصلًا مناطق أغلبية عربية. في شرق سوريا، حيث ظهرت بوادر على انهيار قوات النظام، سارعت قوات سوريا الديمقراطية إلى بسط سيطرتها على الرقة ودير الزور والقامشلي وعلى المعابر الحدودية مع العراق.

أما في درعا، حيث كانت سيطرة النظام أصلًا هشة، فقد تشكلت غرفة عمليات الجنوب من عناصر من الثوار كانت قد انخرطت في المصالحات التي أشرفت عليها القوات الروسية بعد 2016، وأخرى لجأت للأردن، وسارعت إلى العودة إلى المحافظة الجنوبية، وبدأت تحركات لتحرير محافظة درعا من قوات النظام. والأرجح، أن غرفة عمليات الجنوب قد شُكِّلت باتفاق مع غرفة إدارة العمليات في إدلب، التي أطلقت التحرك الأساسي وقادته حتى أدى في النهاية إلى سقوط نظام الأسد. ولكن عددًا من المجموعات المختلفة التي انضوت في غرفة عمليات الجنوب عُرف بارتباطه بالأردن والإمارات.

في السويداء المجاورة، حيث انطلقت حركة احتجاجية درزية ضد النظام منذ أكثر من عام ونصف العام، بدأ ناشطون دروز، أعلنوا تأييدهم لغرفة عمليات إدلب، تحركًا على مستوى المحافظة بهدف السيطرة على المراكز والمؤسسات الحكومية والأمنية، وعلى مكاتب حزب البعث. ما ساعد على تحرير درعا والسويداء، على أية حال، كان سحب وزارة دفاع النظام معظم قواتها المتواجدة في المحافظتين إلى دمشق، بهدف الدفاع عن العاصمة.

اضطراب حلفاء النظام

نظرًا لعلاقة تركيا بقوى المعارضة السورية، ساد اعتقاد متسرع، خصوصًا في أوساط نظام الأسد وحلفائه، بأن تركيا تقف خلف عملية " ردع العدوان"، وأن أنقرة تستطيع إيقاف العملية وقوات المعارضة إن أرادت. وهذا ما دفع وزير الخارجية الروسي إلى مهاتفة نظيره التركي، مباشرة بعد انهيار قوات النظام في حلب، ثم تابعه حديث الرئيس بوتين مع الرئيس أردوغان في اليوم التالي. كانت موسكو قد أعلنت صراحة أنها تعتبر قوى "ردع العدوان" مجرد جماعات إرهابية، وأعادت التوكيد على وقوفها إلى جانب الدولة السورية.

ولأن الواضح أن مباحثات القادة الروس مع نظرائهم الأتراك لم تفض إلى إيقاف قوى المعارضة، فقد أعطيت الأوامر إلى القوة الجوية الروسية في قاعدة حميميم بتقديم العون الجوي لقوات النظام. ولكن حجم القوة الروسية الموجودة في سورية كان محدودًا، بعد أن تم سحب معظم الطائرات المقاتلة والطيارين بعد اندلاع الحرب على أوكرانيا. ولذا، فإن عمليات القصف التي شنَّها الروس على قوات المعارضة المتقدمة ومعاقل المعارضة في إدلب كانت غير كثيفة، وغير فعالة نسبيًّا.

التحرك الأبرز جاء من طهران، التي تعتبر سوريا الأسد ركيزة إستراتيجية بالغة الأهمية لنفوذها المتسع في المشرق العربي. فما أن أدركت طهران جدية العملية التي أطلقتها قوى المعارضة حتى بدأ وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، جولة مكثفة في الجوار الإقليمي. في 1 ديسمبر/كانون الأول، وصل عراقجي دمشق والتقى الأسد، وفي اليوم التالي انتقل إلى أنقرة واجتمع بنظيره التركي، حاقان فيدان، وعقد معه مؤتمرًا صحفيًّا؛ وفي 6 ديسمبر/كانون الأول، حل عراقجي ببغداد للالتحاق بلقاء ثلاثي جمعه بوزيري الخارجية، العراقي والسوري، والتقى من ثم برئيس الحكومة العراقية.

والواضح أن جهد وزير الخارجية الإيراني، الذي يبدو أنه أدرك مبكرًا عجز قوات الأسد عن الدفاع عن النظام، انصب على محاولة إيقاف هجوم المعارضة، وعلى تشجيع الحلفاء في الإقليم على التحرك لدعم نظام الأسد. ولكن ما ألمحت إليه كلمات الوزير الإيراني ونظيره التركي خلال مؤتمرهما الصحفي المشترك أن خلافات عميقة فصلت بين مقاربتي تركيا وإيران للمسألة السورية، وأن أنقرة تحمِّل الأسد مسؤولية انفجار الوضع السوري، وأنها ترفض الضغط على المعارضة لإيقاف عمليتها الهجومية.

أما في العراق، فيبدو أن الحكومة العراقية قررت، حتى قبل وصول عراقجي، النأي بالنفس عن الوضع السوري؛ وأن رئيس الحكومة العراقية، بوصفه القائد العام للقوات المسلحة، اختار ألا يسمح لقوات الحشد الشعبي بالتحرك إلى سوريا لمد يد العون لقوات الأسد. ولم يكن غريبًا أن يأتي بيان لقاء وزراء الخارجية الثلاثة باهتًا، خاليًا من أية استجابة للضغوط الإيرانية سوى توكيد وزير الخارجية العراقي على رغبة العراق في لعب دور الوسيط لمساعدة الأطراف السورية على الحوار.

الاستجابة الوحيدة لاستدعاء حلفاء إيران جاءت، كما يبدو، من حزب الله، الذي أشارت تقارير إلى أن ما يقارب ألفين من مقاتليه قد تحركوا إلى مدينة القصير، غرب حمص والقريبة من الحدود اللبنانية-السورية، والتي كان حزب الله قد سيطر عليها في الأشهر الأولى من الثورة السورية بعد معركة صعبة. ولكن -كما سبق- انسحبت الأعداد القليلة من قوات الحزب الموجودة في حلب برفقة قوات النظام. فقد أكدت تقارير في اليوم السابق على فرار الأسد، أن عناصر الحزب في القصير بدأت في إخلاء المدينة متجهة إلى البقاع اللبناني.

إيران نفسها لم تكن على استعداد لإرسال قوة عسكرية إلى سوريا، أولًا: لأن تدخلها في الشأن السوري كان مقتصرًا من البداية على المستشارين والخبراء، الذين اعتمدوا في دعم نظام الأسد على قوات مشاة من الفصائل المسلحة العربية وغير العربية الشيعية؛ وثانيًا: لأن طهران أدركت أن الوضع الدولي والإقليمي لا يسمحان بتدخل إيراني كثيف في الشأن السوري؛ وثالثًا: لأن الإيرانيين وجدوا أن الروس لم يعد باستطاعتهم توفير الدعم الجوي القادر على تحويل مسار المواجهة؛ ورابعًا: وهو الأهم، أن المسؤولين الإيرانيين، سواء من كانوا بالفعل في سوريا، أو زاروها بعد اندلاع المواجهة، توصلوا إلى الاستنتاج بأن الجيش السوري لم يعد قادرًا، لا معنويًّا ولا عسكريًّا، على القتال دفاعًا عن النظام.

عندما وصل عراقجي إلى الدوحة لاجتماع دول الأستانة الثلاث، روسيا وتركيا وإيران، صباح السبت 7 ديسمبر/كانون الأول، كان وزير الخارجية الإيراني، كنظيره الروسي، قد فقد الأمل كلية في إمكانية إنقاذ نظام الأسد. ويبدو أن عراقجي ولافروف، مباشرة بعد انتهاء الاجتماع الثلاثي مع حاقان فيدان، وربما أثناء الاجتماع التالي، الذي ضمَّ ثلاثي الأستانة مع وزراء خارجية خمس دول عربية (قطر، ومصر، والأردن، والسعودية، والعراق)، حاولا في اتصالات مع دمشق دفع الأسد إلى إعلان قبوله بتطبيق قرار مجلس الأمن 2254، والقبول بمجلس عسكري يبدأ حوارًا مع المعارضة السورية لتشكيل حكومة انتقالية، فيبدو أن الأسد اقتنع أن حليفيه لن يسارعا إلى إنقاذه، فسارع إلى الهروب من العاصمة، دمشق، في وقت ما من أواخر ليل السبت أو أوائل صباح الأحد 8 ديسمبر/كانون الأول.

المواقف الخارجية بين التحذير والتأييد

كان للانتصار السريع لقوى المعارضة، الممثلة في إدارة العمليات وهيئتها السياسية، بأقل درجة ممكنة من العنف والخسائر البشرية، وسيطرتها السريعة على العاصمة، دمشق، وسلوكها بالغ الانضباط في التعامل مع بقايا نظام الأسد ومؤسسات الدولة السورية، ومع كافة الأقليات الدينية والطائفية، ردود فعل متباينة في الإقليم والعالم.

كافة الأطراف، المؤيدة لثورة الشعب السوري أو تلك التي اختارت الوقوف إلى جانب النظام، فوجئت بالسرعة التي انهارت بها مقاومة النظام والتي استطاعت فيها قوات المعارضة التقدم إلى دمشق بعد انتصارها في حلب. ولكن، وما أن نجحت قوات المعارضة في بسط سيطرتها على دمشق، وبدأت التحضير لحكومة تسيير الأعمال التي ستستلم الحكم من آخر حكومات نظام الأسد حتى أخذت القوى المختلفة في تحديد مقاربتها للوضع السوري الجديد.  

عربيًّا، سارعت الرياض إلى تعديل موقفها من الحدث السوري، الذي كان سابقًا يرفع العزلة العربية عن نظام الأسد، إلى تأييد طموحات الشعب السوري والإعراب عن الأمل في أن تستعيد سوريا استقرارها ووحدتها في أسرع وقت ممكن.

أما الإمارات، التي كان يُعتقد أنها تقوم بوساطة بين النظام وإدارة بايدن، بهدف فك ارتباط سوريا الأسد بإيران مقابل رفع العقوبات الأميركية والدولية المفروضة على نظام الأسد، فقد حذرت بعد سقوط النظام من الفوضى والحفاظ على المؤسسات الوطنية. أما العراق والأردن ولبنان، الدول المجاورة لسوريا والأكثر تأثرًا بتطورات الموقف السوري، فقد تصرفت بدرجة من الحياد، وبدا أنها تنتظر تطورات الموقف.

تركيا، التي كانت إحدى أوائل الدول المؤيدة للثورة السورية، والتي استقبلت الكتلة الأكبر من اللاجئين السوريين، بما في ذلك كافة هيئات المعارضة السورية السياسية في الخارج، والتي تربطها صلات من مستويات متفاوتة بالتنظيمات التي تشكلت منها غرفة إدارة عمليات "ردع العدوان"، بدت مؤيدة للعملية واحتفت بانتصار قوى المعارضة وسقوط نظام الأسد. كانت أنقرة، كما هو معروف، قد مدت يدها لبشار الأسد طوال العام السابق على انطلاق عملية "ردع العدوان"، معربة عن رغبتها في التفاوض معه حول حل مسائل الخلاف وعودة اللاجئين السوريين والإسراع في مسار الحل السياسي للمسألة السورية. ولكن الأسد، الذي اطمأن لبقائه في الحكم والشعور المبكر بالنصر بعد أن قام أغلب الدول العربية بتطبيع العلاقات مع نظامه، وبعد أن دُعي إلى القمة العربية في الرياض، لم يستجب للمبادرة التركية.

أعادت تركيا التذكير برفض بشار لكافة محاولات التقارب ومقترحات الحل السياسي، وحمَّلته والدول الداعمة له مسؤولية اندلاع الصراع في سوريا من جديد، مشيدة بتصميم الشعب السوري على مواصلة النضال من أجل حريته، ومؤكدة على وحدة سوريا ورفض التدخلات الأجنبية في شؤونها. كما أعلن المسؤولون الأتراك، بمن في ذلك الرئيس أردوغان، أن مستقبل سوريا سيقرره الشعب السوري وحده، وأن تركيا لن تتردد في تقديم الدعم الاقتصادي، والسياسي، والعسكري إلى أن تستطيع الدولة السورية الجديدة الوقوف على قدميها. ولم يكن موقف الدوحة، التي رفضت طوال السنوات الأخيرة التطبيع مع نظام الأسد، مختلفًا عن موقف أنقرة. كما سارعت الخارجية القطرية، مباشرة بعد سقوط نظام الأسد، إلى الإعلان عن عزمها فتح سفارتها في دمشق.

روسيا وإيران، اللتان ظلَّتا حتى الساعات الأخيرة من عمر نظام الأسد، تصفان قوى المعارضة بالإرهابية، وبأن عملية "ردع العدوان" ليست أكثر من مؤامرة خارجية لإطاحة نظام حكم شرعي، أخذت هي الأخرى في تغيير لغتها تجاه الوضع السوري وقادة سوريا الجدد، وإن بقدر بالغ من التردد والارتباك.

والواضح أن طهران تحاول التكيف مع الوضع الجديد وإعادة تقييم شاملة لسياستها في المشرق العربي، سيما في سوريا ولبنان، بهدف احتواء الخسارة الإستراتيجية التي تسبب فيها انهيار نظام الأسد، ومحاولة حماية ما تبقى من مواقعها ومنع حصار حزب الله. أما موسكو، التي يبدو أنها استلمت تطمينات عامة من قوى المعارضة السورية، فالمؤكد أنها فتحت خطوط اتصال مع قادة دمشق الجدد، أولًا بصورة غير مباشرة، ثم بصورة مباشرة. والمؤكد أن المسألة الرئيسة في هذه الاتصالات تتعلق ببقاء القاعدتين، الجوية والبحرية، الروسيتين في سوريا.

يسعى قادة هيئة تحرير الشام والحكومة الانتقالية بكافة السبل لرفع الهيئة من قوائم الإرهاب الأميركية والأوروبية وتلك المعتمدة لدى الأمم المتحدة، وإلغاء العقوبات التي فُرضت على سوريا خلال النظام السابق. ويعتقد قادة الهيئة أن مثل هذا الإجراء سيعزز شرعية نظام الحكم الجديد، ويعزز جهود إعادة توحيد البلاد، ويصب لصالح تعافي الاقتصادي السوري. ولكن المؤشرات الصادرة من واشنطن والأمم المتحدة لا توحي بأن مطالب قادة دمشق الجدد ستتحقق سريعًا.

دول أوروبية، مثل إيطاليا، أعادت فتح سفارتها في دمشق والتقت مسؤولي الحكومة السورية الجديدة. وكانت تصريحات صدرت من إسبانيا وإيطاليا تدعو إلى رفع الهيئة من قوائم الإرهاب وإلغاء العقوبات التي فُرضت على سوريا خلال حكم الأسد. ولكن تصريحات المسؤولين الأميركيين، كتصريحات مبعوث الأمم المتحدة لسوريا، تبدو وكأنها تضع شروطًا ليس من السهل على دمشق الجديدة تحقيقها جميعًا في المدى القريب، مثل ضمان حقوق الأقليات، والتعهد بمحاربة الإرهاب، والتخلص من السلاح الكيماوي، وإقامة نظام حكم جامع لكافة المكونات والقوى السياسية. وتشير تصريحات المسؤولين الأميركيين، إلى أن واشنطن ستستخدم تصنيفات الإرهاب والعقوبات لتحصيل أكبر قدر من التنازلات من القادة السوريين لصالح السياسة الأميركية في سوريا والشرق الأوسط.

أما مشكلة دمشق الجديدة الأكبر فتتعلق برد الفعل الإسرائيلي بالغ العدوانية تجاه سقوط نظام الأسد وانتقال الحكم إلى قادة عملية " ردع العدوان". فبعد ساعات قليلة فقط من فرار الأسد وظهور المسلحين التابعين لإدارة العمليات وقائدها العام في دمشق، أطلقت إسرائيل سلسلة من مئات الغارات الجوية على مراكز بحوث عسكرية، ومواقع تخزين سلاح وذخائر، وعلى قواعد جوية وبحرية، وقواعد عسكرية أخرى، في كافة أنحاء سوريا بما في ذلك دمشق ومحيطها.

في الوقت نفسه، أعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية أن انسحاب قوات الجيش السوري من خط فصل القوات والمنطقة منزوعة السلاح في الجولان السوري يعني أن اتفاقية فك الاشتباك لعام 1974 بين سوريا وإسرائيل انهارت وأن التوغل الإسرائيلي مؤقت. وفي الساعات التالية، تقدمت القوات الإسرائيلية بعمق لا يقل عن 20 كيلومترًا في بعض المحاور للسيطرة على قطاع واسع من المنطقة السورية منزوعة السلاح على طول خط فصل القوات، بل وتقدمت شمالًا إلى الجانب السوري من الحدود السورية-اللبنانية.

لم يُدْلِ القادة السوريون الجدد بأية تعليقات على، أو تحديد موقف واضح من، العدوان الإسرائيلي المستمر عقب بعضة أيام على سقوط النظام السابق؛ مما عرَّضهم لانتقادات داخل سوريا وخارجها. أعقب ذلك تصريح الشرع خلال ندوة صحفية، وصف فيها الإجراءات الإسرائيلية بأنها خرق لاتفاقية فك الاشتباك وأضاف أن الوضع الحالي لا يسمح بالدخول في صراعات جديدة. لكن ليس من الواضح عمليًّا كيف سيجري التعامل مع التحدي الإسرائيلي العدواني. سياسيًّا، لم يُعيَّن وزير للخارجية السورية في حكومة البشير بعد، وليس ثمة مؤشرات على أن وزارة الخارجية السورية في دمشق لم يزل باستطاعتها العمل. ولكن ثمة تقارير، أيضًا، تفيد بأن تركيا على الأقل، بين الدول المؤيدة للثورة السورية، تقوم بدور نشط لإيقاف العدوان وانسحاب القوات الإسرائيلية المتوغلة في الجانب السوري من خط فصل القوات في الجولان.

في 12 ديسمبر/كانون الأول، وصل رئيس جهاز المخابرات التركي إلى دمشق في زيارة مفاجئة، واجتمع برئيس الحكومة السورية الانتقالية ومسؤولين سوريين آخرين. والمؤكد أن مسألة العدوان الإسرائيلي كانت إحدى أهم المسائل محل البحث في هذه الاجتماعات. استقبلت أنقرة وزير الخارجية الأميركي، الذي كان أجري مباحثات في عمَّان تتمحور حول تطورات الوضع السوري؛ بينما التقى سكرتير مجلس الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، نتنياهو في اليوم نفسه. وذكرت تقارير أن نتنياهو أخبر سوليفان بأن توغل القوات الإسرائيلية داخل الأرض السورية هو عمل مؤقت إلى أن تستطيع الحكومة السورية الجديدة تشكيل جيش قادر على حفظ الأمن في المنطقة السورية منزوعة السلاح. ولكن المصادر الأميركية لم تشر إلى ما إن كان نتنياهو قدَّم تسويغًا لحملة القصف الهائلة لمواقع ومقدرات سوريا العسكرية.

وليس ثمة شك في أن السؤال الملحَّ الذي يواجه دمشق الجديدة اليوم، هو ما إن كان توجه دولي كاف سيتطور ليفرض على إسرائيل إيقاف العدوان والانسحاب من الأرض التي توغلت فيها، أو أن السوريين سيعانون من احتلال مناطق جديدة في بلدهم.

تحديات الحكم وبناء الدولة الجديدة

تزدحم الساحة السورية السياسية، سيما في المنفى، بالقوى والجماعات السورية التي نشطت ضد النظام السابق، أهمها الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، والهيئة السياسية لتجمع القوى المسلحة في إدلب المحررة، التجمع الذي تعد هيئة تحرير الشام قوته الرئيسة. ولكن هناك أيضًا عديد من الجماعات الأصغر، والشخصيات، خارج هاتين الكتلتين، والتي شاركت في نشاطات المعارضة والثورة خلال السنوات منذ 2011؛ علاوة على فصائل كانت ضمن "الموك" اختصارًا لمركز العمليات العسكرية بإشراف الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وبعض الدول الخليجية. أما الجيش الوطني، الذي تعهد مهمة إخراج الفصائل الكردية المسلحة من تل رفعت ومنبج، فيرتبط بالجيش التركي. ولم يزل هناك وجود وإن هامشيًّا لتجمعات وقوى سياسية ليبرالية ويسارية لم تقف مع النظام، ودافعت عن مطالب السوريين بالإصلاح والتغيير.

كما أن سوريا نفسها كانت، خلال السنوات العشر السابقة، دولة مقسمة بين مناطق تسيطر عليها الجماعات المعارضة المسلحة، التي عُرفت بالمناطق المحررة، ومناطق الشريط الحدودي، التي تخضع لسيطرة الجيش التركي، ومناطق واسعة من شرق وشمال شرق البلاد تديرها قوات سوريا الديمقراطية التي تقودها قوات حماية الشعب الكردية الذي تتهمه تركيا بدعم حزب العمال الكردستاني). ما تبقى من سوريا، أو حوالي نصف مساحة الأرض السورية، كان تحت سيطرة نظام الأسد.

بسقوط النظام وانهيار جيشه وأجهزته الأمنية، فرضت إدارة عمليات "ردع العدوان" سيطرتها على دمشق ومعظم المحافظات السورية التي كانت تعد ضمن مناطق النظام. وشرعت في بسط حكمها على القوى المسيطرة في درعا وهي تلك المرتبطة بغرفة عمليات الجنوب. وكذلك على السويداء التي يسيطر عليها مسلحون محليون دروز يرتبطون بالحركة الشعبية المشتعلة ضد النظام في جبل الدروز منذ أكثر من عام. في شرق سوريا، حاولت قوات سوريا الديمقراطية توسيع نفوذها إلى دير الزور والمنطقة الحدودية من العراق؛ ولكن أهالي دير الزور مدعومين بثوار موالين لدمشق الجديدة أخرجوها من المدينة. وتنقل تقارير أن القوة العشائرية التي تعرف بجيش سوريا الحرة، وتتلقى الدعم من الأميركيين، هي التي سيطرت على تدمر ومحيطها.

تمثل هذه الصورة من مساعي بسط إدارة عملية " ردع العدوان" على كافة المناطق السورية وتعدد الفصائل المسلحة تحدي التشظي السياسي والعسكري الذي سيكون أولوية رئيسية في جهود إعادة بناء الدولة السورية. وتفرض هذه الصورة ارتباطًا وثيقًا بين ملفات استعادة وحدة البلاد، والتعامل مع التعددية السياسية، وبناء نظام يتمتع بدعم وتأييد أكبر قاعدة سياسية وشعبية ممكنة، وإعادة بناء المؤسسة الدفاعية الكفيلة بفرض الأمن والسيادة وحراسة الحدود والسماء والمقدرات.

بدون تقدم ملموس في هذه الملفات معًا، ستظل هناك أسئلة تتردد حول القوة، أو القوى، التي يحق لها قيادة المرحلة الانتقالية، وحول الأسس التي تستند إليها شرعية هذه القيادة. وبدون تقدم ملموس في هذه الملفات سيصعب تنصيب حكومة انتقالية مستقرة نسبيًّا، تتمتع بقدر كاف من الشرعية، تبدأ العمل من أجل وضع مسودة دستور جديد، وتقود الحوار حول مسائل هذه الدستور الرئيسة، مثل طبيعة نظام الحكم، وهوية الدولة، وعلاقة الدولة بشعبها، وسبل التعامل مع المكون الكردي.

ولكن هناك تحديات أخرى ذات طابع خارجي وداخلي معًا. أولها بالطبع هو الحرص المبالغ فيه من قبل قيادة "ردع العدوان" على الحصول على الاعتراف الدولي، سيما الأميركي والأوروبي، بالوضع الجديد في دمشق، وإلغاء تصنيفات الإرهاب المتعلقة بالقوى السورية، ورفع العقوبات المفروضة. والمؤكد، أن تحقيق هذه المطالب سيكون مشروطًا بتنازلات محددة في الساحة الداخلية، وفي الطريقة التي ستنتهجها دمشق الجديدة لبناء الدولة وتوحيد البلاد، وربما حتى بالعلاقة بين سوريا الجديدة وإسرائيل.

ويكشف البيان الذي صدر السبت، 14 ديسمبر/كانون الأول، عن اجتماع ما سُمي بلجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا، الذي عُقد في العقبة بدعوة من الأردن، عن الاشتراطات الخارجية على سوريا الجديدة. بين النقاط السبع التي احتواها البيان، اتفق المجتمعون على "دعم عملية انتقالية سلمية سورية جامعة"، والدعوة "إلى إنشاء بعثة أممية لدعم العملية الانتقالية". بمعنى أن المجتمعين في العقبة يريدون إشرافًا دوليًّا على عملية إعادة بناء سوريا الجديدة.

يشير ذلك إلى أن أمام سوريا طريقًا معقدًا، وربما طريقًا طويلًا، قبل أن ترتسم ملامح دولتها الجديدة ويستقر فيها نظام حكم ديمقراطي، ويتبلور فيها الإجماع الكافي، والضروري، لتوفير الشرعية للدولة الجديدة وقواها الحاكمة. كافة التحديات الأخرى المتعلقة بالإعمار وعودة اللاجئين والنهوض بالاقتصاد وضبط الشأن المالي للدولة، كما بكيفية تعامل الحكم السوري الجديد مع الشرائح الاجتماعية الاقتصادية السورية، هي بالتأكيد تحديات متوسطة المدى، وتحتل المكانة الثانية لمسائل الوحدة والدولة والدفاع والسيادة.

انقلاب الموازين الإقليمية

احتل الصراع على سوريا، منذ وُلِد النظام الإقليمي الحديث في المشرق بعد الحرب العالمية الأولى، موقع القلب من الصراع على الشرق الأوسط. خلال سنوات الحرب العالمية الثانية، وعلى الرغم من أن سوريا كانت وَقَعَت، منذ 1920، تحت الانتداب الفرنسي، عادت بريطانيا وغزت سوريا لمنع حكومة فيشي وألمانيا النازية من تحويلها إلى قاعدة للتوسع في الإقليم. في الخمسينات والستينات، أصبحت سوريا ساحة صراع دولي وإقليمي على النفوذ، انخرطت فيه بريطانيا والولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي وإسرائيل وتركيا ومصر والعراق الهاشمي والسعودية.

لعقدين أو ثلاثة، وبتوظيف قدر هائل من العنف في سوريا وخارجها، جعل حافظ الأسد من سوريا لاعبًا إقليميًّا. ولكن، ومنذ بداية الألفية، واندلاع الثورة السورية على الخصوص، عادت سوريا هدفًا لتدافع القوى الإقليمية والدولية. ما يبدو اليوم، أن انهيار نظام الأسد سيزيد من حدة هذا التدافع، ليس بالضرورة لأن النظام ترك خلفه دولة أضعف بكثير مما كانت عليه في أواخر القرن الماضي، دولة مكشوفة على الجهات الأربع، ولكن أيضًا لأن انتصار الثورة السورية صنع انقلابًا هائلًا في موازين القوى في المشرق، سياسيًّا وإستراتيجيًّا وفكريًّا.

أوقع هذا الانقلاب خسائر فادحة بمشروع التوسع الإيراني في المشرق العربي، عقب احتلال العراق في 2003. وعلى الرغم من أن من المبكر توقع طبيعة العلاقات التركية-السورية، سيما أن ملامح الدولة السورية الجديدة ونظام حكمها لم يتكشف بعد، إلا أن من المؤكد أن انهيار نظام الأسد يصب لصالح تعزيز الأمن التركي ولصالح توكيد الموقع التركي في ميزان القوى الإقليمي. ولأن تقلبات المشرق وتدافعاته خلال مئة عام الماضية تقاطع فيها السياسي بالجيو-إستراتيجي والأيديولوجي، فلابد أن يطرح الانتصار الذي حققته الثورة السورية بقيادة إسلامية بحتة مراجعة في التيارات الأيديولوجية بالمنطقة، خاصة في الخطابات التحذيرية من مخاطر التيارات الإسلامية السياسية.

ولكن هذا كله عليه أن ينتظر قليلًا، إلى أن تتضح كيفية حسم تحديات التدافع الخارجي والداخلي وعواقبه في سوريا الجديدة.