في 27 نوفمبر/تشرين الثاني الفائت، أعلنت "إدارة العمليات العسكرية" إطلاق عملية "ردع العدوان" ضد قوات النظام السوري انطلاقاً من ريف إدلب، ومع انهيار دفاعات النظام دخلت القوات إلى عدد من المدن السورية اختتمت بدمشق في 8 ديسمبر/كانون الأول الماضي.
بعد مغادرة الرئيس السوري بشار الأسد إلى روسيا، أعلن قائد إدارة العمليات أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني) عن تأسيس إدارة جديدة للبلاد تديرها في فترة انتقالية، منهية حكم عائلة الأسد الذي استمر منذ العام 1970.
مع انطلاق العملية، برز الدور التركي في تأمين الغطاء السياسي لها، من خلال التواصل الدبلوماسي مع إيران وروسيا وإقناعهما بعدم فائدة دعم النظام، وهو ما ساهم في سرعة سقوطه وقلة عدد الضحايا خلال الاشتباكات القليلة التي حدثت. ودعت أنقرة القوى الإقليمية والدولية إلى دعم الإدارة الجديدة في سوريا سياسياً واقتصادياً وإدارياً، وكانت أول الزائرين لدمشق للقاء أحمد الشرع.
تتقدم تركيا الأطراف الخارجية الرابحة من سقوط النظام السوري وتوجهات الإدارة الجديدة، حيث حققت وترنو إلى تحقيق مكاسب عديدة في مجالات شتى، من الأمن إلى الاقتصاد، ومن النفوذ إلى عودة اللاجئين، فضلاً عن رجحان كفتها على القوى الإقليمية الداعمة للأسد.
السياق
أتت عملية "ردع العدوان" ثم سقوط النظام السوري في سياق تطورات داخلية وإقليمية بالغة الأهمية بالنسبة لأنقرة، أولها استدارة سياستها الخارجية منذ العام 2021 نحو تحسين العلاقات مع عدد من القوى الإقليمية، في مقدمتها السعودية والإمارات ومصر(1). كما جاءت بعد عدة دعوات من أردوغان للأسد إلى تطبيع العلاقات بين البلدين وإعادتها لما قبل القطيعة(2)، في اعتراف ضمني بقبول المعادلة السورية الداخلية في حالتها الأخيرة مع مسار سياسي للمصالحة بين النظام والمعارضة، الأمر الذي قابله الأسد بالمماطلة والاشتراط بسحب القوات التركية من سوريا ووقف دعم المعارضة.
كما تزامنت التطورات في سوريا مع مسار سياسي بخصوص المسألة الكردية داخل تركيا، بدأ بدعوة وجّهها الزعيم القومي دولت بهجلي -حليف أردوغان- لإطلاق سراح الزعيم التاريخي لحزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان من أجل إعلان حل التنظيم ووقف العمليات ضد أنقرة، وهو ما أسماه "مشروع تركيا بلا إرهاب"(3).
وأخيراً، أتى التغير الكبير في سوريا قبيل دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في 20 يناير/كانون الثاني الجاري، الأمر الذي تستعد له أنقرة فيما يتعلق بالملفات الخلافية وذات الاهتمام المشترك، وعلى رأسها الدعم الأميركي لقوات سوريا الديمقراطية.
المكاسب والتحديات
كانت تركيا أولى الدول التي زارت سوريا، حيث التقى رئيس جهاز استخباراتها إبراهيم كالن رئيس الإدارة الانتقالية أحمد الشرع، إضافة إلى الغطاء السياسي، وعرض تقديم كافة أشكال الدعم. هذا الحرص والسرعة من أنقرة يُفسَّران بجملة المكاسب التي حققتها لها التغيراتُ الحاصلة أو التي تأمل أن تحققها لها مستقبلاً، وفي مقدمتها:
- استبدال النظام الرافض لتطبيع العلاقات معها بنظام ينظر إليها بإيجابية، ويشاركها الخطوط الحمراء المتعلقة بوحدة الأراضي السورية ومنع العمليات الإرهابية انطلاقاً منها(4)، فضلاً عن الرغبة في علاقات متميزة ودعم كبير منها بما قد يشمل هيكلة مؤسسات الدولة.
- ينعكس الاستقرار المرحلي في سوريا على تركيا إيجاباً من عدة زوايا، كتراجع التهديدات الأمنية ونمو العلاقات التجارية بين البلدين وعودة سوريا لتكون بوابة التجارة البرية لأنقرة مع العالم العربي، إضافة إلى دور بارز متوقع لها في عملية إعادة الإعمار وإتاحة المجال أمام عودة عدد كبير من السوريين المقيمين على أراضيها إلى بلدهم.
- حققت التطورات في سوريا لتركيا مكاسب جيوسياسية مهمة، حيث رجّحت كفّتها على روسيا وإيران إثر انحسار دورهما في سوريا، وقوّت أوراقها إزاء الإدارة الأميركية القادمة، وسيكون لها دور بارز في تأسيس وتطوير مؤسسات الدولة السورية وفي مقدمتها المؤسسة الأمنية والعسكرية(5)، وفتحت الباب أمام احتمال إنشاء قواعد عسكرية مستدامة في سوريا، وإمكانية ترسيم الحدود البحرية معها بما يعزز موقفها في شرق البحر المتوسط أمام خصمها التقليدي؛ اليونان(6).
- عززت أنقرة موقفها تجاه قوات سوريا الديمقراطية في الجزيرة السورية، حيث أخرجتها الفصائل السورية القريبة من تركيا والمنضوية تحت "الجيش الوطني السوري" من تل رفعت ومنبج(7)، كما رفعَ النفوذ التركي المتزايد في سوريا من إمكانية شن أنقرة عملية عسكرية ضد هذه القوات في مناطق شرق الفرات، فضلاً عن عدم وضوح إستراتيجية ترامب -حتى الآن- تجاه قوات بلاده في سوريا، وهو ما دفع قيادة المنظمة إلى تقديم رسائل طمأنة بخصوص رؤيتها ومشروعها في سوريا الجديدة(8).
بيد أن تبني تركيا للحالة الجديدة في سوريا ووضع ثقلها خلف القيادة الجديدة بحرص واضح على إنجاحها، ودعوة مختلف الأطراف إلى دعمها، يفرض عليها تحديات كبيرة أيضاً، أهمها:
- 1أن المرحلة الجديدة ما زالت في بداياتها الأولى، وتقف أمامها تحديات ضخمة حيث ورثت بلداً منهاراً ومفلساً، إضافة إلى الملفات الإنسانية الثقيلة التي تشمل مئات آلاف الضحايا والجرحى والمفقودين وملايين النازحين واللاجئين ودمار معظم المدن، مضافاً إليها الانقسامات الدينية والمذهبية والجغرافية وتواجد قوات عدد من الدول على الأراضي السورية.. كل ذلك يضع علامات استفهام حول قدرة الشرع وفريقه على تجاوز الفترة الانتقالية بنجاح.
- الخلفية الأيديولوجية للشرع وهيئة تحرير الشام، المصنفة على قوائم الإرهاب لدى عدد من الدول من بينها تركيا، تضع عقبات أمام تعامل بعض الدول معها، وأسئلة بشأن مستقبل سوريا تحت إدارتها، لا سيما أن عدداً من الدول أبدت رغبتها في التريث بخصوص رفع اسم الهيئة من قوائم الإرهاب ورفع العقوبات عن سوريا عموماً(9).
- تثير تجارب سابقة مشابهة لفترات انتقالية بعد إسقاط الأنظمة؛ مخاوف من سيناريوهات الفوضى والاقتتال الداخلي والحروب الأهلية، وحتى إمكانية حصول انقلاب عسكري أو عودة النظام السابق، وغيرها من السيناريوهات السلبية التي يمكن أن تعقّد الأوضاع في سوريا، وتنتج مخاطر جدّية على تركيا كدولة حدودية وداعمة للقيادة الحالية وتملك قوات عسكرية على الأرض.
- تنظر مختلف الأطراف إلى تركيا على أنها من دبّر العملية الأخيرة وأدارها وأمّن الحماية والغطاء السياسي والدعم لإدارة العمليات العسكرية. وبغض النظر عن مدى دقة هذا الانطباع، فإنه ولّد غضباً لدى روسيا وإيران تحديداً، حيث رأت الأخيرة أن تركيا خدعتها ونفذت خطة أميركية-"إسرائيلية"(10)، بينما صدرت تهديدات روسية غير رسمية لها(11).
- تدرك أنقرة أن ترحيب بعض الدول العربية بسقوط نظام الأسد من باب إضعاف النفوذ الإيراني لا يعني الترحيب بدور تركي كبير في سوريا والمنطقة، وأن النظر إلى قرب القيادة الجديدة من تركيا ومحدوديةَ التأثير العربي في سوريا قد يُنعشان الهواجس المتعلقة بنظرية "العثمانية الجديدة"(12).
- رغم أن التطورات حتى اللحظة تُقوي موقف تركيا إزاء قوات سوريا الديمقراطية وفكرة تقسيم البلاد، فإن عدم وضوح موقف الإدارة الأميركية الجديدة والتحديات الكبيرة القائمة أمام المرحلة الانتقالية في سوريا؛ قد تقلب الموازين لصالح المليشيات الانفصالية مستقبلاً، وهو ما يناقض مصالح أنقرة في أهم أولوياتها السورية(13).
- استغلت "إسرائيل" الفترة الانتقالية في سوريا لإعلان نهاية اتفاق فض الاشتباك والتوغل في الأراضي السورية، وتدمير أصول عسكرية وإستراتيجية للدولة السورية من سلاح ومصانع ومخازن ومراكز بحوث، في عملية جوية كبيرة(14)، وهذا ما يجعلها في مقدمة التحديات والأطراف المهددة لسوريا مستقبلاً، وقد يضعها في مواجهة تركيا.
التنافس الجيوسياسي
تتخطى التطورات الأخيرة في تأثيرها حدود سوريا، وستكون لها انعكاسات على توازن القوى في المنطقة، خاصة ما يرتبط بعلاقات تركيا مع بعض الدول والأطراف المنخرطة في القضية السورية، إذ يسود انطباع بأن أنقرة هي الرابح الأكبر، وأنها تملك نفوذاً لا ينافسه أحد على القيادة السورية الجديدة.
كُسِرَ التوازن القائم بين إيران وتركيا في سوريا لصالح الأخيرة، بخروج الأولى بشكل شبه كامل ولمدة طويلة من الملف السوري، ما سينعكس على العلاقة التنافسية بين القوتين الإقليميتين، لا سيما في ظل التصعيد في المنطقة واحتمال استهداف "إسرائيل" لإيران مجدداً، فضلاً عن غموض موقف ترامب منها وسعي نتنياهو لإقناعه بتوجيه ضربة لها.
وبعد تصريحات أولية متوترة تجاه أنقرة، ساد خطاب أكثر هدوءاً في طهران يعكس تقبلاً ضمنياً للتغير الحاصل وضرورة التعامل معه(15)، إضافة إلى حاجة إيران لتعاون تركيا معها في ظل التطورات المحتملة في المنطقة وضدها على وجه التحديد. وبينما خسرت إيران الساحة السورية لصالح تركيا، على الأقل مرحلياً، يُتوقع أن يحتد التنافس بينهما في العراق، وتحديداً في المجالين الاقتصادي والأمني المتعلق بمكافحة حزب العمال الكردستاني.
تُعَد روسيا ضمن الخاسرين في المشهد السوري الجديد، لكن بدرجة أقل من إيران، حيث حافظت حتى الآن على قواعدها العسكرية وبعض قواتها، وقدّم الشرع خطاباً مطمئناً لها بخصوص العلاقات المستقبلية بين البلدين(16). كما أن موقف أنقرة في الحرب الروسية-الأوكرانية ما زال أكثر توازناً من موقف حلف شمال الأطلسي (الناتو) بالنسبة لموسكو، وستحتاج الأخيرة إلى تركيا لتصدير الغاز بعد توقف تدفقه عبر أوكرانيا(17). ولذلك، من المستعبد حصول توتر كبير في العلاقات بين البلدين.
في المقابل، تدرك تركيا أنها لن تستطيع بمفردها دعم المسار الجديد في سوريا، ولهذا أبدت حرصاً كبيراً على دور عربي بارز، وتحديداً دول الخليج القادرة على التمويل والاستثمار. ولذلك قدمت أنقرة خطاباً يؤكد على عدم استئثارها بالقيادة الجديدة، من خلال دعوتها الدول العربية إلى دعم الإدارة الجديدة، ومساهمتها في خطاب الأخيرة الساعي لطمأنة دول الخليج، وتحديداً السعودية.
أكدت تركيا عدم تفردها في الملف السوري قبل سقوط النظام في اجتماعات الدوحة التي شملت دولاً عربية، إلى جانب روسيا وإيران، وكذلك بعد سقوطه بمشاركتها في اجتماع العقبة(18)، وساهم ذلك في انفتاح الرياض على دمشق، بينما بدت أبو ظبي أكثر توجساً وتشككاً حيث تأخر تواصلها مع الإدارة الجديدة.
فيما يتعلق "بإسرائيل"، فقد تراجعت المصالح المشتركة السابقة بينها وبين تركيا في سوريا، وأسفر الوضع الجديد عن تناقض حادّ في مصالحهما، حيث تدعم أنقرة استقرار سوريا بينما تُهدده "إسرائيل"، وتسند الأولى القيادة الجديدة مقابل توجس الثانية منها(19)، كما تضع أنقرة وحدة الأراضي السورية أولوية لها بينما تحبذ "تل أبيب" مشاريع التقسيم(20)، فضلاً عن حديث الأخيرة عن التحالف الطبيعي مع الأقليات(21) والتواصل الحاصل مع قيادة قوات سوريا الديمقراطية التي تصنفها تركيا منظمة إرهابية(22). ولذلك فقد صدرت تحذيرات من وزير الخارجية التركي هاكان فيدان "لإسرائيل" بضرورة "التراجع عن استفزازاتها في سوريا"(23). يضاف إلى ذلك شعور تركيا بأن سياسات "إسرائيل" في المنطقة باتت تشكل تهديداً مباشراً لها(24). ورغم ذلك، فمن غير المتوقع تحول المواجهة السياسية والإعلامية بين الجانبين إلى مساحات أخرى في المدى المنظور.
تنظر الولايات المتحدة إلى تركيا على أنها اللاعب الإقليمي الرئيسي في سوريا، ومن سيملأ الفراغ الذي تركته روسيا وإيران، ولذلك فهي لا تنظر إلى الأمر بسلبية حادة، إذ ستحتاج لها في عدة سياقات من بينها التواصل مع أحمد الشرع وضبط الأوضاع الميدانية(25). في المقابل، تسعى أنقرة لإقناع واشنطن بانتفاء الحاجة إلى قوات سوريا الديمقراطية في ملف مكافحة تنظيم الدولة، في ظل وجود حكومة مركزية مدعومة من تركيا(26) وتنتظر إعلان ترامب عن رؤيته لسياسات بلاده في سوريا.
وأخيراً، تعدُّ قوات سوريا الديمقراطية في مقدمة الخاسرين، إذ خسرت تل رفعت ومنبج، وقدم الشرع خطاباً تطمينياً لأنقرة بخصوص وحدة الأراضي السورية ومنع العمليات الإرهابية ضدها، كما تضاعف في سوريا نفوذ تركيا التي أكدت أنه "لا مكان للمنظمات الإرهابية في مستقبل سوريا"(27)، وهو ما زاد من المخاطر الوجودية على مشروعها، لا سيما مع فوز ترامب غير المتحمس لبقاء قواته في سوريا.
تعتمد أنقرة ثلاثة خيارات تجاه قوات سوريا الديمقراطية، حيث تفضل في المقام الأول حلاً سوريًّا، بحيث تتولى الإدارة المؤقتة حل المشكلة في إطار وحدة الأراضي السورية. وإلا فيمكن لقوات سوريا الديمقراطية أن تندمج في الدولة السورية الوليدة بعد فك ارتباطها بحزب العمال الكردستاني وإخراج القيادات السورية وغير السورية التي لا ترتبط به. وتبقي تركيا في يدها الخيار العسكري كحل أخير في حال فشل هذين الخيارين.
الانعكاسات الداخلية
سعت أنقرة للتطبيع مع نظام الأسد والعودة بالعلاقات الثنائية إلى مرحلة ما قبل الثورة، إلا أن النظام تمنّع وماطل، ثم وضعت كل ثقلها خلف عملية "ردع العدوان" بعد انهيار قوات النظام في إدلب وحلب تحديداً(28). ولذلك فقد سُوِّق تغيير النظام في دمشق داخل تركيا على أنه انتصار أو إنجاز للرئيس أردوغان.
حضر ملف اللاجئين السوريين في تركيا(29) بشكل ملموس في عدة استحقاقات انتخابية، وشكّل مادة ضغط بيد المعارضة ضد الحزب الحاكم والحكومة(30). ومع تغير النظام، أكدت بيانات وزارة الداخلية التركية عودة عشرات آلاف السوريين(31)، مع توقعات بزيادة العدد بشكل ملحوظ مع انتهاء العام الدراسي. أضعف ذلك تأثيرَ ورقة اللاجئين في يد المعارضة وأراح أردوغان الذي أكد أن استقرار الأوضاع في سوريا سيساهم في عودة السوريين إلى مدنهم، مؤكداً على الترحيب بمن يختار منهم البقاء في تركيا، وهو تصريح لم يسبق إليه مصدر رسمي.
كما أن الموقف القوي لتركيا والضعيف لقوات سوريا الديمقراطية في سوريا يعزز جهود الحكومة التركية لحل المسألة الكردية داخلياً، حيث إن الإعلان عن الإدارات الذاتية في سوريا عام 2014 كان أحد أهم أسباب انهيار عملية التسوية السابقة مع العمال الكردستاني، وبالتالي فإن فشل المشاريع العابرة للحدود اليوم سيُقوي مسار الحل الداخلي.
بمحصلة كل ذلك، يُتوقع أن ترتفع شعبية الرئيس أردوغان، لأن المتغيرات في سوريا تلمس إيجاباً أهم ثلاثة ملفات في البلاد؛ الاقتصاد، والأمن القومي أو مكافحة الإرهاب، واللاجئين السوريين. ويمكن لذلك أن يشجعه على إعادة الترشح للانتخابات الرئاسية ويعزز فرص فوزه بها، إذا ما طلب البرلمان تبكير الانتخابات، أو نصّ على ذلك في تعديل دستوري قد يحتاجه مسار المسألة الكردية(32).
الخاتمة
شكّل سقوط نظام الأسد ونشوء إدارة انتقالية بقيادة قائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع فرصة ذهبية لتركيا، التي حققت -ويُتوقع أن تحقق- مكاسب كبيرة في مختلف المجالات، ولذلك فقد سارعت قبل غيرها إلى دعم الوضع الجديد في سوريا.
كما أن العهد الجديد يقدم لها فرصة غير مسبوقة لإنهاء سيطرة قوات سوريا الديمقراطية على مناطق شرق الفرات، وتعزيز وحدة الأراضي السورية، بما يدعم جهودها لحل المسألة الكردية داخلياً.
وبالنظر إلى التغير الدراماتيكي في موازين القوى داخل سوريا، يُتوقع أن تكون هناك انعكاسات للملف السوري على نفوذ أنقرة وأدوارها في المنطقة وعلاقاتها مع مختلف الأطراف وفق معادلات جديدة، حيث سيعضّد ذلك موقف تركيا المنافس لروسيا وإيران (وبعض الدول العربية) في جنوب القوقاز وليبيا والقرن الإفريقي وغيرها.
ورغم ذلك، فإن تركيا تعي التحديات الهائلة التي تنتظر أي قيادة مستقبلية لسوريا، كما تعي أنها لا تقوى لوحدها على تقديم كافة أشكال الدعم المطلوبة ولا سيما المالية منها، فضلا عن إدراكها لخطورة الدخول في مساحات تنافس وصراع مع دول أخرى في سوريا، ولذلك فقد سعت إلى طمأنة تلك الدول بأنها لا ترغب في احتكار التواجد والنفوذ فيها، وساهمت في تسكين هواجسها المتعلقة بخلفية القيادة الجديدة وأيديولوجيتها عبر خطاب مدروس من الشرع نفسه، فضلاً عن أي أهداف توسعية لتركيا نفسها.
في المقابل، فإن تبني أنقرة للحالة الجديدة في سوريا ومسارعتها إلى دعمها تفرض عليها تحديات كبيرة كذلك، سواء فيما يتعلق بإدارة الفترة الانتقالية وعقباتها، أو باحتمالات التعثر والصراعات الداخلية والإقليمية، حيث إن أي اضطراب في سوريا قد ينعكس عليها سلباً من حيث الاقتصاد والأمن وعودة اللاجئين وغير ذلك.
الأهم مما سبق، أن التطورات الجديدة في سوريا وضعت تركيا أمام فرصة غير مسبوقة للتخلص من ملف المليشيات الانفصالية في الشمال السوري، رغم أن ذلك يرتبط بشكل أساسي بموقف الإدارة الأميركية الجديدة منها، لكنها أيضا وضعت تركيا و"إسرائيل" في حالة تناقض مصالح ومواجهة مباشرة حدودُها الحالية سياسية وإعلامية، إلا أنها قد تتطور مستقبلاً إذا اضطربت الأوضاع في سوريا مجدداً، أو إذا استهدفت "إسرائيل" المصالح التركية بشكل مباشر، أو أضرت بالأمن القومي التركي عبر دعم المنظمات الانفصالية، أو غير ذلك.
- سعيد الحاج، الأولوية للاقتصاد والأمن.. توجهات السياسة الخارجية التركية في الفترة الرئاسية الحالية، مركز الجزيرة للدراسات، 13 سبتمبر/أيلول 2023، (تاريخ الدخول: 5 يناير/كانون الثاني 2025): https://tinyurl.com/mv76cktw
- أردوغان: سنوجه دعوتنا للأسد لاستعادة العلاقات التركية السورية، BBC عربي، 8 يوليو/تموز 2024، (تاريخ الدخول: 5 يناير/كانون الثاني 2025): https://tinyurl.com/3zh8j2sp
- سعيد الحاج، فرص عملية التسوية الجديدة للمسألة الكردية في تركيا، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 16 ديسمبر/كانون الأول 2024، (تاريخ الدخول: 5 يناير/كانون الثاني 2025): https://tinyurl.com/bdeyyu7m
- الشرع: لا تقسيم لسوريا ولا فيدرالية.. وإجراء الانتخابات قد يستغرق 4 سنوات، الشرق الأوسط، 29 ديسمبر/كانون الأول 2024، (تاريخ الدخول: 5 يناير/كانون الثاني 2025): https://tinyurl.com/5bsy76xc
- تركيا مستعدة لدعم السلطة السورية الجديدة، الشرق الأوسط، 15 ديسمبر/كانون الأول 2025، (تاريخ الدخول: 5 يناير/كانون الثاني 2025): https://tinyurl.com/4s9vf7mj
- وزير تركي: نسعى لاتفاق مع سوريا على ترسيم الحدود البحرية، الشرق، 24 ديسمبر/كانون الأول 2024، (تاريخ الدخول: 5 يناير/كانون الثاني 2025): https://tinyurl.com/bdh4383p
- "الدفاع" التركية تعلن سيطرة الجيش الوطني السوري على منبج وسد تشرين، TRT عربي، 26 ديسمبر/كانون الأول 2024، (تاريخ الدخول: 5 يناير/كانون الثاني 2025): https://tinyurl.com/2kw5jd3p
- "قسد": نريد أن نكون جزءاً من دولة سورية مركزية غير مقسمة، الشرق، 22 ديسمبر/كانون الأول 2024، (تاريخ الدخول: 5 يناير/كانون الثاني 2025): https://tinyurl.com/yc524yje
- العقوبات الغربية على سوريا.. التفاصيل الكاملة، الحرة، 21 ديسمبر/كانون الأول 2024، (تاريخ الدخول: 5 يناير/كانون الثاني 2025): https://tinyurl.com/47vj3tnp
- مستشار المرشد الإيراني: تركيا وقعت في فخ أميركا وإسرائيل، الجزيرة نت، 3 ديسمبر/كانون الأول 2024، (تاريخ الدخول: 5 يناير/كانون الثاني 2025): https://tinyurl.com/mtdkjxvy
- عقل بوتين ينقض على أردوغان.. "خان موسكو وطعنها"، العربية، 11 ديسمبر/كانون الأول 2024 (تاريخ الدخول: 5 يناير/كانون الثاني 2025): https://tinyurl.com/58eah4n4
- يستخدم المصطلح تركياً وأكاديمياً للتدليل على السياسة الخارجية التركية في عهد العدالة والتنمية والمهتمة بالجغرافيا العثمانية، بينما يستخدمه آخرون كمرادف لسياسات التوسع في المنطقة.
- سعيد الحاج، محددات السياسة الخارجية التركية إزاء سوريا، مركز إدراك للدراسات، مارس 2016، (تاريخ الدخول: 5 يناير/كانون الثاني 2025): https://n9.cl/8me7y
- أكثر من 100 غارة إسرائيلية على مواقع عسكرية في سوريا خلال 24 ساعة، العربية، 9 ديسمبر/كانون الأول 2024، (تاريخ الدخول: 5 يناير/كانون الثاني 2025): https://tinyurl.com/5cafsn93
- أول تعليق رسمي إيراني بعد سقوط الأسد: "لن ندخر جهداً للمساعدة في استقرار سوريا"، CNN عربية، 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، (تاريخ الدخول: 5 يناير/كانون الثاني 2025): https://tinyurl.com/bd8sn4e6
- أول تعليق من أحمد الشرع حول روسيا وقواعدها.. إليك ما قاله، العربية، 29 ديسمبر/كانون الأول 2024، (تاريخ الدخول: 5 يناير/كانون الثاني 2025): https://tinyurl.com/3rs3d77k
- "ميليت": وقف ترانزيت الغاز عبر أوكرانيا سيحول تركيا إلى مركز للطاقة، روسيا اليوم، 3 يناير/كانون الثاني 2025، (تاريخ الدخول: 5 يناير/كانون الثاني 2025): https://tinyurl.com/xsdnaszc
- اجتماعات العقبة تدعم حواراً شاملاً في سوريا وتطالب بانسحاب إسرائيل، الجزيرة نت، 14 ديسمبر/كانون الأول 2024، (تاريخ الدخول: 5 يناير/كانون الثاني 2025): https://tinyurl.com/545cruzf
- لم يسلم منه أردوغان.. هجوم إسرائيلي جديد على الإدارة السورية الجديدة بقيادة الشرع، روسيا اليوم، 1 يناير/كانون الثاني 2025، (تاريخ الدخول: 5 يناير/كانون الثاني 2025): https://tinyurl.com/5n7wcpk5
- تفاصيل صادمة.. إعلام إسرائيلي يكشف مخطط تقسيم سوريا إلى "خمس دويلات"، أخبار اليوم، 31 ديسمبر/كانون الأول 2024، (تاريخ الدخول: 5 يناير/كانون الثاني 2025): https://tinyurl.com/bdvmhsxb
- إسرائيل تتطلع إلى بناء تحالفات مع الأكراد والدروز، إندبندنت عربية، 12 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، (تاريخ الدخول: 5 يناير/كانون الثاني 2025): https://tinyurl.com/46rwsrne
- لماذا طلبت "قوات سوريا الديمقراطية" الدعم من إسرائيل، روسيا اليوم، 12 ديسمبر/كانون الأول 2024، (تاريخ الدخول: 5 يناير/كانون الثاني 2025): https://tinyurl.com/5dv5jtyh
- تركيا تحذر إسرائيل من الاستفزاز في سوريا وتعيد فتح سفارتها بدمشق، الجزيرة نت، 14 ديسمبر/كانون الأول 2024، (تاريخ الدخول: 5 يناير/كانون الثاني 2025): https://tinyurl.com/3wnt5drj
- سعيد الحاج، تركيا و"طوفان الأقصى".. من التضامن إلى الشعور بالتهديد، مركز الجزيرة للدراسات، 9 أكتوبر/تشرين الأول 2024، (تاريخ الدخول: 5 يناير/كانون الثاني 2025): https://studies.aljazeera.net/ar/article/6044
- ترامب: تركيا ذكية وسيكون معها مفتاح الأحداث بسوريا، الجزيرة نت، 16 ديسمبر/كانون الأول 2024، (تاريخ الدخول: 5 يناير/كانون الثاني 2025): https://tinyurl.com/54pryjvw
- "الدفاع" التركية تؤكد مواصلة مكافحة الإرهاب بالتعاون مع إدارة سوريا الجديدة، TRT عربي، 19 ديسمبر/كانون الأول 2024، (تاريخ الدخول: 5 يناير/كانون الثاني 2025): https://tinyurl.com/5ft3wc2c
- فيدان: تركيا لن تسمح أبداً للمنظمات الإرهابية باستغلال الوضع في سوريا، TRT عربي، 19 ديسمبر/كانون الأول 2024، (تاريخ الدخول: 5 يناير/كانون الثاني 2025): https://tinyurl.com/4ktr2pyj
- أردوغان يشيد بتقدم الفصائل المسلحة في سوريا: الهدف التالي دمشق، الشرق، 6 ديسمبر/كانون الأول 2024، (تاريخ الدخول: 5 يناير/كانون الثاني 2025): https://tinyurl.com/34prpzph
- دستورياً وقانونياً، لا يحمل السوريون في تركيا صفة "لاجئ"، بل يقيمون تحت بند "الحماية المؤقتة".
- ورقة اللاجئين السوريين و"العودة الطوعية".. سلاح السياسيين في سوريا، سوريا، 9 مايو/أيار 2022، (تاريخ الدخول: 5 يناير/كانون الثاني 2025): https://tinyurl.com/34322346
- تركيا: 35 ألف سوري عادوا إلى بلادهم منذ سقوط الأسد، وكالة الأناضول للأنباء، 31 ديسمبر/كانون الأول 2024، (تاريخ الدخول: 5 يناير/كانون الثاني 2025): https://tinyurl.com/26t9wfnh
- بهتشلي يدعو إلى تعديل الدستور لترشح أردوغان لولاية رئاسية ثالثة، عربي 21، 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، (تاريخ الدخول: 5 يناير/كانون الثاني 2025): https://n9.cl/8nto7