بونتلاند: الحرب على الدولة الإسلامية والسيناريوهات المستقبلية

تحلل هذه الورقة الإستراتيجية العسكرية التي تتبعها بونتلاند لمواجهة تنظيم داعش مع تسليط الضوء على عوامل صعود التنظيم، كما تُبرز التباين بين حملة بونتلاند وعمليات الحكومة الفيدرالية، وتستعرض الآثار الإنسانية المتفاقمة بسبب النزوح الجماعي من مرتفعات عَلْمِسكاد، فضلا عن سيناريوهات مستقبل الصراع.
عناصر من قوات بونتلاند على إحدى جبهات القتال شمالي الصومال (رويترز)

تشهد ولاية بونتلاند الصومالية تصاعداً في التحديات الأمنية مع تزايد المواجهات العسكرية ضد تنظيم الدولة الإسلامية، والتي دخلت مرحلتها الثانية مطلع فبراير/شباط 2024.

يركز هذا التقرير على تحليل الإستراتيجية العسكرية التي تتبعها بونتلاند لمواجهة التنظيم، مع تسليط الضوء على العوامل الدافعة لصعود داعش، بما فيها الفراغ الأمني والوضع الاقتصادي الهشّ والخصائص الجيوستراتيجية الفريدة لمرتفعات عَلْمِسكاد، التي توفر ملاذاً طبيعياً للمسلحين.

كما يُبرز التقرير التباين الواضح بين حملة بونتلاند ضد داعش، وعمليات الحكومة الفيدرالية الصومالية ضد حركة الشباب في الجنوب والوسط، لاسيما تحت قيادة الرئيس حسن شيخ محمود، إذ تختلف طبيعة الأهداف والمنهجيات والتحديات بين الحملتين.

ومن جهة أخرى، يستعرض التقرير الآثار الإنسانية المتفاقمة بسبب النزوح الجماعي لعائلات قرى مرتفعات عَلْمِسكاد، مع تحذيرات من أزمة إغاثة محتملة في ظل محدودية استجابة الجهات الدولية.

وأخيراً، يتناول التقرير سيناريوهات مستقبل الصراع، بما يشمل مخاطر انتشار المقاتلين الفارين إلى مناطق مجاورة أو انضمامهم إلى جماعات مسلحة أخرى، وهو ما يهدد استدامة الاستقرار الإقليمي.

يختم التقرير بتوصيات تستدعي تعزيز التنسيق بين بونتلاند والحكومة الفيدرالية، ودمج المقاربات الأمنية مع الحلول السياسية والتنموية لمعالجة جذور التطرف.

خلفية تأسيس تنظيم الدولة الإسلامية في الصومال

يعتبر عبد القادر مؤمن، المنحدر من عشيرة مجيرتين في بونتلاند، شخصية محورية في نشأة تنظيم الدولة الإسلامية في الصومال. وقد اكتسب مؤمن شهرة واسعة كخطيب مفوه، كما تشير تقارير إعلامية إلى أن له علاقات بشخصيات بارزة في تنظيم الدولة في الخارج، وهذا ما يرجح تأثره بالفكر الجهادي العالمي.

بعد عودته إلى الصومال عام 2010، انضم إلى حركة الشباب وتدرج في صفوفها حتى تولى قيادتها عام 2014، إلا أن طموحاته تجاوزت الأهداف المحلية للحركة. ففي عام 2015، أعلن انشقاقه ومبايعته لتنظيم الدولة، وانتقل مع مجموعته إلى مرتفعات علمسكاد.(1)

ويمثل انشقاق عبد القادر مؤمن عن حركة الشباب حدثًا مفصليًا أثر على المشهد الجهادي في القرن الأفريقي، وتتعدد الدوافع التي تفسر هذا الانقسام، ويمكن إجمالها فيما يلي:

جاذبية رؤية "الدولة الإسلامية" العالمية

كانت رؤية تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، المتمثلة في التوسع الجغرافي وبناء نموذج دولة إسلامية عابرة للحدود، ذات جاذبية خاصة لعبد القادر مؤمن ومؤيديه خاصة في عام 2015. فقد رأوا في أيديولوجية التنظيم العالمية، واستقطابه لشباب الجاليات المسلمة في أوروبا ومناطق أخرى، وفي نهجه العنيف؛ خطوة أكثر طموحًا مقارنة بمنهج حركة الشباب المحلية، التي ترتبط تاريخيًا بتنظيم القاعدة ذي الإستراتيجية الأقل توسعًا والمختلفة منجها وممارسة عن داعش.

كما أن تراجع تأثير القاعدة على الخريطة "الجهادية" ومقتل قادتها بدءا بأسامة بن لادن في 2 مايو/أيار 2011، فأبو مصعب عبد الودود درودكال زعيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي يوم 3 يونيو/حزيران 2020، فأبو محمد المصري في 7 أغسطس/آب 2020، فأيمن الظاهري في 31 يوليو/تموز 2022، كل هذا وغيره دفع بمؤمن إلى تبني رؤية "الدولة الإسلامية" كبديل عن تنظيم القاعدة يُعتبر أكثر حيوية وقدرة على تعبئة الأتباع من مختلف الجنسيات.

الطموحات الشخصية وتعزيز المكانة القيادية

بالإضافة إلى الجانب الأيديولوجي، لعبت الطموحات الشخصية لعبد القادر مؤمن دورًا محوريًا في قرار الانشقاق. فقد رأى في تنظيم الدولة الإسلامية فرصة لتعزيز مكانته القيادية، خاصة بعدما واجه تحديات داخل حركة الشباب، التي يُحتمل أنها حدّت من تطلعاته بسبب هيكليتها التنظيمية وصراعات النفوذ الداخلية. وقد قدم له التحاقه بتنظيم دولي مثل "داعش" شرعية جديدة وموقعًا إستراتيجيًا في الصراع الإقليمي.

ويبدو أن اختيار المناطق الجبلية، وخصوصا في محافظة بَري كان هدفا لهذه التنظيمات حتى تحمي نفسها بتضاريس وعرة، فهي مناطق بعيدة عن التنمية، ونائية عن أعين حكومة الولاية وعن الإطار المحلي لحركة الشباب.

وفي الواقع، لا يمكن فصل انشقاق مؤمن عن التعقيدات السياسية والعسكرية في الصومال، إذ يتداخل الصراع بين الحكومة المركزية والمليشيات المتمردة مع التنافس بين الجماعات الجهادية على الهيمنة. وفي هذا السياق، مثّل انضمام مؤمن إلى تنظيم الدولة الإسلامية محاولة لخلق توازن قوى جديد قائم على الصدمة، ومستفيد من حالة الاعتياد على ديناميكيات الحركة أمام التحديات الأمنية الضعيفة، عدا عن مصادر الدخل المتمثلة في فرض ما يصطلح عليه بالزكوات، وهي ضرائب وإتاوات صارت جباية متبعة وتقليدا معهودا عن تنظيم داعش في نسخته الصومالية.

إعلان الحرب على الدولة الإسلامية في الصومال

أعلنت بونتلاند الحرب على تنظيم الدولة في الصومال في أكتوبر/تشرين الأول 2024، وكرّست قرابة شهرين لإقناع زعماء العشائر بضرورة دعم الحكومة في هذه الحرب التي تهدف إلى تحريرهم من الإتاوات الباهظة التي أثقلت كاهلهم وأجبرت بعضهم على إغلاق أعماله التجارية.

وفي 26 ديسمبر/كانون الأول، انطلقت المرحلة الأولى من المعركة من قرية درجالي، في منطقة عَلْمِسْكاد، بقيادة ما أطلق عليها قوات دفاع بونتلاند والمكونة من: الدراويش(2)، وخفر السواحل، والشرطة، والحرس الرئاسي(3). وقد حققت قوات الأمن في بونتلاند انتصارات ميدانية مهمة، تمثلت في استعادة عدد من المخابئ والتحصينات التابعة للتنظيم.

ومع ذلك، أظهر التنظيم مرونة كبيرة في التكيف، إذ لجأ إلى استخدام الطائرات المسيرة العادية لأغراض عسكرية عبر تفخيخها وإسقاطها على القوات الحكومية، مما تسبب في خسائر بشرية، وأعاق تقدم المعارك(4). كما زرع التنظيم الألغام في الطرق الجبلية الوعرة، مما زاد من تعقيد العمليات العسكرية.

وتوجت هذه المرحلة بتدخل دولي ملحوظ، ففي 1 فبراير/شباط 2025 أمر الرئيس الأميركي دونالد ترمب القيادة الأميركية في شرق أفريقيا (أفريكوم) بقصف أوكار التنظيم(5).

وقد أسفرت الغارات الجوية عن تدمير مساحات واسعة وقتل 30 مقاتلاً أجنبياً(6)، وهو ما أثار دهشة الشعب الصومالي الذي كان يعتقد أن المقاتلين المحليين يشكلون الغالبية في صفوف التنظيم. إلا أن الانتصار لم يكن سهلاً، إذ فقدت قوات بونتلاند عدداً من أفرادها بسبب الألغام الأرضية، بينما أصيب آخرون بجروح خطيرة.

بعد تحرير هضاب تُورمَسَالِه، أعلن رئيس ولاية بونتلاند سعيد عبد الله دني يوم 4 فبراير/شباط 2025 بدء المرحلة الثانية من المعركة بالقرب من منطقة دريل، وهي منطقة نائية تفتقر إلى خدمات الاتصالات(7).

وتميزت هذه المرحلة بدعم جوي مكثف، قدمت فيه بعض الجهات دعما لبونتلاند، بسبب انتشار الألغام على الطرق المؤدية إلى كهوف تنظيم الدولة الإسلامية. واستمرت هذه المرحلة حتى 26 من الشهر نفسه، وحُررت جميع قرى وبلدات وداي تُوغ جَعَيْل(8). ووفقاً للتقارير الحكومية، فقد تحررت 48 قرية وبلدة تابعة لثلاث مدن رئيسية هي: قندلا، واسكوشبن، وبَلِيدِدِن، من سيطرة تنظيم الدولة.

وفي 27 فبراير/شباط، أعلن الرئيس دني عن انطلاق المرحلة الثالثة من العمليات العسكرية، والتي تركز على ملاحقة المقاتلين الفارين الذين قد يحاولون العودة إلى المناطق المحررة أو الاختباء في كهوفهم. كما منحت مهلة 7 أيام لأعضاء التنظيم الذين لم يشاركوا مباشرة في القتال، مثل التجار ومشايخ العشائر، لتسليم أنفسهم مقابل منحهم العفو.

طبيعة مرتفعات علمسكاد كمعقل إستراتيجي لتنظيم الدولة الإسلامية

انتقل تنظيم الدولة الإسلامية من جبال غلالا، القريبة من الطرق الرئيسية والمناطق الحضرية المكتظة بالسكان، إلى منطقة علمِسْكاد لتكون معقله الرئيسي في بونتلاند. وتتميز هذه المنطقة بتضاريسها الوعرة، فهي عبارة عن كهوف شبه طبيعية وأودية عميقة وأخاديد وعرة، وهو ما يجعل رصد مقاتلي التنظيم صعبًا للغاية، بل ويستحيل استهدافهم بالغارات الجوية. وتمتد هذه المنطقة على مساحة شاسعة تقدر بنحو 427 كلم مربعًا، وتفتقر إلى الطرق المعبدة، وهو ما يعيق حركة المركبات.

ونتيجة لذلك، اضطرت قوات دفاع بونتلاند إلى السير على الأقدام، حاملة معداتها وأسلحتها على ظهورها، وفي بعض الأحيان، استخدمت قوارب الصيد للوصول إلى أقرب نقطة ممكنة للمنطقة المستهدفة. وفي المقابل، اعتمد مقاتلو التنظيم، ومعظمهم من الأجانب، على الحمير في تنقلاتهم، بينما يستخدم السكان المحليون الإبل لنقل البضائع.

لم يقم التنظيم باستفزاز السكان المحليين اقتصاديًا كما يفعل في مدن محافظة باري الكبرى مثل بوصاصو، وهو ما سمح له بالتعايش معهم دون إثارة حفيظتهم على مدى 10 سنوات تقريبًا. ومن الملاحظ أن التنظيم بنى تحصينات متعددة الاستخدامات، منها:

  • بناء شبكة من الأنفاق والمخابئ تحت الأرض، مما وفّر حماية إضافية من الهجمات الجوية والبرية.
  • تطوير القدرة على مراقبة تحركات القوات الحكومية والمدنية على نطاق واسع.
  • توفير موانئ طبيعية على المحيط وقريبة من خليج عدن لتهريب الأسلحة والمقاتلين.
  • إنشاء ورش لإعداد المتفجرات، وأخرى لصناعة الأسلحة مثل الصواريخ متوسطة المدى.
  • إنشاء خنادق لتخزين الوقود(9).

حركة الشباب وتنظيم الدولة في الصومال.. تباين الإستراتيجيات

يكمن الفرق الرئيسي بين حركة الشباب وتنظيم الدولة في عدة جوانب، منها النشأة والانتشار والقدرة على التغلغل في المجتمع. فحركة الشباب بدأت كحركة محلية، ثم بايعت تنظيم القاعدة، وتم الإعلان عنها في فترة شهدت غضبًا شعبيًا عارما نتيجة دخول القوات الإثيوبية إلى مقديشو. وكان ذلك الدخول الذي كرس انتهاك الجيش الإثيوبي للسيادة الصومالية سببا دفع بالعديد من الشباب، وخاصة طلاب الثانويات والجامعات، للانضمام إلى صفوفها. كما أن أغلب مؤسسيها وقادتها كانوا من الذين يُطلق عليهم "مجاهدي الأفغان". وعلى عكس ذلك، ظهر تنظيم الدولة الإسلامية في بونتلاند، التي تتمتع بأمن نسبي، مما جعل عملية تجنيد الشباب المحلي صعبة، فاعتمد التنظيم بشكل كبير على مقاتلين أجانب.

أما الفرق الآخر فيكمن في القدرة على التغلغل داخل المجتمع الصومالي، فقد نجحت حركة الشباب في اختراق مختلف فئات المجتمع، بمن فيهم مشايخ العشائر والمدرسون وموظفو القطاع العام، وحتى ضباط الجيش والشرطة، وهو ما سهل عليها تجاوز نقاط التفتيش وتنفيذ عمليات تفجير في شوارع المدن الرئيسية.

في المقابل، فشلت الحركة وتنظيم الدولة في بونتلاند في تحقيق نفس النجاح، وذلك بسبب عمق الروابط العشائرية بين أبناء قبائل ولاية بونتلاند. هذه الروابط العشائرية القوية شكلت حاجزًا أمام انتشار التنظيمات الإرهابية، على عكس الوضع في وسط الصومال وجنوبه حيث تضعف الروابط العشائرية والمصالح الأسرية، مما يسمح بحدوث انقسامات داخلية حادة، تصل أحيانًا إلى حد قتل الأخ لأخيه بناءً على أوامر من قيادات تصمُه بالكفر، بسبب عمله في القطاع الحكومي.

وإلى جانب هذه الفروق بين حركة الشباب وتنظيم الدولة في الصومال، فإن إستراتيجية مواجهتهما من طرف الحكومة الفيدرالية أو حكومة بونتلاند كانت هي الأخرى مختلفة. فبينما اختارت الحكومة الاعتماد على تسليح المليشيات العشائرية والمجازفة بإمكانية اندلاع نزاعات عشائرية، لمكافحة حركة الشباب، اعتمدت بونتلاند على قواتها النظامية، وتجنيد الشباب وإشراكهم في التدريبات العسكرية لتجهيزها، دون السماح بتسليح المليشيات العشائرية والحيولة دون اندلاع صراعات تشتت القوات النظامية عن هدف القضاء على تنظيم الدولة، وعدم انقطاع المعارك عند الانتقال من مرحلة إلى أخرى.

كما رجّحت الحكومة التعبئة الشعبية تجاه القضايا السياسية المختلف عليها، بدلا من التركيز على نزع أنياب حركة الشباب، على عكس حكومة بونتلاند التي عبأت الشعب تجاه مكافحة القوى الإسلامية المعادية للدولة، وهذا أمر متفق عليه، ويسهل دحرهم إذا اتفقت مصلحة الحكومة مع الصالح العام.

إستراتيجيات مقترحة لمواجهة تنظيم الدولة

يتطلب القضاء على تهديد تنظيم الدولة الإسلامية في بونتلاند إستراتيجية شاملة ومتكاملة تتجاوز البعد العسكري، وتشمل:

  • تعزيز التعاون الدولي: ضرورة تفعيل التعاون الدولي مع حكومة بونتلاند، من خلال تقديم الدعم العسكري والتدريبي واللوجستي، بالإضافة إلى المساعدات الإنسانية، وعدم الاكتفاء بالقصف والغطاء الجوي، خاصة مع تزايد مزاعم كون زعيم تنظيم الدولة عبد القادر مؤمن خليفة التنظيم دوليا، والاستعداد لجعل مرتفعات الولاية مقرا للتنظيمات الإرهابية، إذ تستقر حركة الشباب على الطرف الآخر لسلسلة جبال غولس في شمال غرب غولس، والواقعة في محافظة سناغ والمعروفة باسم عَلْمَدو.
  • مكافحة الفكر المتطرف: استهداف الأيديولوجية المتطرفة التي يعتمد عليها التنظيم من خلال برامج لنشر الوعي، ودعم التعليم، وتوفير فرص عمل للشباب. كما يجب معالجة الأسباب الجذرية التي تدفع الشباب للانضمام إلى الجماعات المتطرفة.
  • معالجة الأسباب الجذرية للتطرف: التصدي لجذور التطرف من خلال معالجة مشاكل الفقر والبطالة والظلم الاجتماعي، وتعزيز الحكم الرشيد والتنمية المستدامة في المناطق المتضررة.
  • تشديد الرقابة على الحدود: تعزيز إجراءات الرقابة على الحدود البرية والبحرية لمنع تدفق المقاتلين الأجانب والأسلحة إلى التنظيم، ويتضمن ذلك تشكيل قوات حرس حدود فعالة وتجهيزها بالمعدات اللازمة(10).

ومما يعزز ضرورة وضع هذه الإستراتيجية موضع التنفيذ تدهورُ الوضع الإنساني بسبب العمليات العسكرية والصراعات في بونتلاند، وتمثل ذلك التدهور في:

  • نزوح واسع النطاق: أدت المواجهات العسكرية، والصراعات العشائرية الأخرى في مناطق مثل سناغ، إلى نزوح آلاف المدنيين من قراهم وبلداتهم. ويفتقر النازحون -بطبيعة الحال- إلى المأوى والغذاء والدواء، مما يستدعي استجابة إنسانية عاجلة.
  • مسؤولية الحكومة الفيدرالية: تتطلب الأزمة الإنسانية تدخلاً فعالاً من الحكومة الفيدرالية، من خلال تقديم الدعم المالي واللوجستي لولاية بونتلاند لتوفير المساعدات الإنسانية والحماية للمدنيين المتضررين، ولكن تركيزها منصب على الاستعداد لانتخابات غير متوافق عليها، إلى جانب الخلاف المزمن بينها وبين حكومة الولاية، واعتماد تسييس كل المستجدات(11).

مستقبل الصراع بين حكومة بونتلاند وتنظيم الدولة

لا نستبعد أن يكون مستقبل الصراع متوقفا بشكل كبير على عدة عوامل، من أبرزها قدرة قوات الأمن في بونتلاند على تطوير إستراتيجيات فعالة لمكافحة التنظيم. وتبقى تلك القدرة محكومة بمدى الدعم الذي ستحصل عليه بونتلاند من الحكومة الفيدرالية الصومالية والمجتمع الدولي.

كما أن نجاح جهود معالجة الأسباب الجذرية للتطرف، مثل الفقر والبطالة والظلم الاجتماعي، سيبقى أولوية لأي جهة تريد القضاء الحقيقي على تنظيم الدولة في الصومال، خصوصا أن قدرة التنظيم على التكيف مع الضغوط المتزايدة، واستقطاب عناصر جديدة باتت أمرا ملحوظا، وهذا السياق يتطلب المحافظة على الدعم والثقة بين حكومة الولاية والشعب.

وفي هذا السياق، هناك سيناريوهات ممكنة الحصول وتتمثل فيما يلي:

امتداد المعارك إلى المدن: قد يتمكن التنظيم من تعزيز مواقعه في مرتفعات علمسكاد، وزيادة وتيرة هجماته ضد قوات الأمن والمدنيين. وقد يشمل ذلك تنفيذ عمليات نوعية، مثل الهجمات الانتحارية والتفجيرات، والاغتيالات، وزعزعة الاستقرار في مناطق أخرى من بونتلاند، وهذا السيناريو يبدو واقعياً فقط في حال توقف قوات الدفاع عن التقدم كما يحصل في الحرب ضد حركة الشباب.

احتواء التنظيم وتقويض قدراته: في هذا السيناريو، قد تنجح قوات الأمن في بونتلاند، بدعم من الحكومة الفيدرالية والمجتمع الدولي، في احتواء التنظيم وتقويض قدراته. ويمكن تحقيق ذلك من خلال تعزيز التعاون العسكري والاستخباراتي، وتشديد الرقابة على الحدود، ومعالجة الأسباب الجذرية للتطرف، مثل الفقر والبطالة، وهذا يعني حربا طويلة ومستمرة، وحملات توعوية طويلة المدى.

تحول التنظيم إلى خلايا نائمة: في هذا السيناريو، قد يتعرض التنظيم لضغوط عسكرية كبيرة، مما قد يضطره إلى تقليل نشاطه الظاهر والتحول إلى خلايا نائمة. وقد تحتفظ هذه الخلايا بقدرتها على تنفيذ هجمات محدودة، أو قد تسعى لإعادة تجميع صفوفها في المستقبل، أو حتى الانضمام إلى حركة الشباب المُعسكرة في عَلْمَدُو في الجانب الغربي من سلسلة جبال غولس.

خاتمة

تمثل الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية في بونتلاند صراعاً معقداً ومتعدد الأبعاد. ورغم التقدم الذي أحرزته قوات الأمن فإن التنظيم لا يزال يشكل تهديداً مستمراً، خاصة في ظل تمركزه في مرتفعات علمسكاد الوعرة واستمرار تدفق المقاتلين الأجانب. ويتطلب القضاء على هذا التهديد جهوداً متواصلة وإستراتيجية شاملة تتضمن الأبعاد العسكرية والأيديولوجية والاجتماعية والاقتصادية. ولا يمكن لولاية بونتلاند أن تتحمل وحدها مسؤولية هذه المعركة، بل هي قضية إقليمية ودولية تتطلب تضافر الجهود والتعاون المشترك للقضاء على هذا التهديد.

نبذة عن الكاتب

مراجع

1)- The Islamic State in East Africa, September 2018, European institute of Peace, page 12, access date: Feb 24, 2025, Report_IS-in-East-Africa_October-2018-3.pdf

2)- الدروايش: يتكون الجيش الفيدرالي من قسمين: الجيش الوطني الصومالي، وهو تابع للحكومة وينتشر في بعض الولايات، وتدفع الحكومة رواتب جنوده، بينما لكل ولاية جيش تابع لها يضع علم الصومال إلى جانب علم الولاية وتدفع الولايات رواتب أفراده، ويسمى هذا الجيش "الدرويش"، أسوة بجيش السيد محمد عبد الله حسن.

3)- Puntland oo soo bandhigtay cudud ciidan oo ka dhan ah argagixisada, Horseed Media, December 26, access date: Feb 25, 2025, https://horseedmedia.net/puntland-oo-soo-bandhigtay-cudud-ciidan-oo-ka-…

4)- Ciidamada difaaca Puntland oo soo riday ilaa lix dronesa oo Daacish isku dayday in ay adeegsato, Puntland Post, Jan 24, 2025, access date: Feb 26, 2025, https://puntlandpost.net/2025/01/24/ciidamada-difaaca-puntland-oo-soo-r…

5)- U.S. Forces Conduct Strike Targeting ISIS-Somalia, Africom, Feb 1, 2025, access date: Feb 26, 2025, https://www.africom.mil/pressrelease/35701/us-forces-conduct-strike-tar…

6)- New airstrikes in Somalia’s Puntland kill more than 30 Daesh fighters, anadolu agency, Feb 12, 2025, access date: Feb 26, 2025, https://www.aa.com.tr/en/africa/new-airstrikes-in-somalia-s-puntland-ki…

7)- Puntland oo billowday wajiga 2-aad ee dagaalka Daacish, Voice of America, Feb 4, 2025, access date: Feb 27, 2025, https://www.voasomali.com/a/7962372.html

8)- UAE Airstrikes Hit ISIS in Somalia’s Puntland Killing Dozens of Militants, Garowe online, Feb 16, 2025, access date: Feb 27,2025, https://www.garoweonline.com/en/news/puntland/uae-airstrikes-hit-isis-i…

9)- Puntland forces seize boat carrying illegal weapons, the East African, Feb 5, 2025, access date: Feb 25, 2025, https://www.theeastafrican.co.ke/tea/news/east-africa/puntland-forces-s…

10)- كيف أصبح ممول صومالي غامض الرجل الأقوى في تنظيم داعش، الشرق الأوسط، نشر في 6 يناير/كانون الثاني 2025، تاريخ الدخول: 28 فبراير/شباط 2025، https://shorturl.at/jcD2i

11)- Families lose livelihoods due to displacement by war on Islamic State in Puntland, relief Web, Feb 21, 2025, access date: Feb 28. 2025, https://reliefweb.int/report/somalia/families-lose-livelihoods-due-disp…