سيناريوهات الحل والمشروع الوطني العراقي

1_754575_1_34.jpg








 
وليد الزبيدي


تتفق جميع الأطراف العراقية والإقليمية والدولية على ضرورة إيجاد حل للقضية العراقية، لكن تختلف السيناريوهات والحلول والأفكار التي يتم طرحها وتداولها، سواء كان ذلك داخل الدوائر والدهاليز المغلقة، أو مما يجري الحديث عنه في العلن.


 


وبسبب تعقيد المأزق العراقي وكونه شائكا، فإننا نجد كما هائلا من السيناريوهات، بعضها يتم طرحه من قبل جهات وأطراف عراقية، والبعض الآخر تحاول رسمه أطراف إقليمية، وهناك ما تحاول تسويقه الإدارة الأميركية.


وقبل أن نستعرض أبرز هذه الحلول (السيناريوهات)، لا بد من الإجابة على سؤال رئيسي يتعلق بالأسباب، التي تقف وراء هذا العدد الكبير من السيناريوهات، التي يتقدم بها هذا الطرف أو ذاك لمعالجة القضية العراقية.








وليد الزبيدي

إن الإجابة على ذلك، تستدعي التوقف عند الأوضاع في العراق، وما آلت إليه، بعد ما يقرب من أربعة أعوام من الاحتلال الأميركي لهذا البلد، وعندما نعود إلى ربيع عام 2003، وتحديدا التاسع من أبريل/نيسان من ذلك العام، لا نجد داخل الإدارة الأميركية من يشك ولو بنسبة ضئيلة جدا في احتمال عرقلة المشروع الكوني الأميركي، الذي انطلق من العراق بعد غزوه، والذي يهدف إلى احتلال ما بين 40 و50 دولة، استنادا إلى ما بشر به نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني، خلال مرحلة الاستعداد لشن الحرب على العراق.


 


وكان القادة الأميركيون يتحدثون عن الدول المرشحة للغزو ضمن الوجبة الأولى، على أمل أن تتهاوى دول العالم الأخرى، بين من يعلن استسلامه ويذعن للإدارة الأميركية، أو من يسارع لتقديم فروض الولاء والطاعة والدعم للمشروع الأميركي في مختلف الميادين.


 


في ذلك الوقت، لم يكن أحد يتصور، أن يوما قريبا سيأتي، ويجد الأميركيون أنفسهم في وحل لا يشبه فيتنام بكل مآسيها، ويختلف عن الذي حصل لهم في الصومال ولا يشبه أيا من التجارب التي خاضوها، خاصة أن الإمبراطورية الأميركية، قد خاضت أهم وأخطر تجاربها في العراق، بعد أن اكتملت أدوات القطبية الواحدة، بالانهيار التام للاتحاد السوفياتي أوائل تسعينيات القرن الماضي.


 


لذلك فإن الغالبية العظمى من السياسيين والمراقبين والمحللين، كانوا يرقبون صورة (الأنموذج) الذي ستبنيه الولايات المتحدة في العراق، والذي ستتسابق بقية شعوب الأرض لطرق أبواب البيت الأبيض، لشمولها بالأنموذج العراقي المرتقب.


 


هنا لابد من التأكيد على أن الإدارة الأميركية، قد اختارت في تخطيطها لبناء التجربة الأميركية في العراق، أربعة مرتكزات أساسية، وهي:


1.    القوة العسكرية المطلقة.


2.    قوة الإعلام الأميركية وسطوته المعروفة.


3.    القوة الاقتصادية.


خنوع العراقيين وقبولهم بالاحتلال، والاستسلام لكل ما تريده الإدارة الأميركية.





"
تتفق الأطراف العراقية والإقليمية والدولية على ضرورة إيجاد حل للقضية العراقية، لكن تختلف السيناريوهات والحلول والأفكار، التي يتم طرحها وتداولها
"

لقد تحقق للإدارة الأميركية المرتكز الأول، وازدادت ثقة هذه الإدارة بنجاح مخططها، عندما انهارت الدولة العراقية بسرعة مذهلة، لم تتجاوز العشرين يوميا، وتبارت وسائل الإعلام لإبراز ذلك الانتصار، لدرجة أن النشوة قد اجتاحت الرئيس جورج دبليو بوش، ليسارع إلى إعلان بيان النصر في الأول من مايو/أيار 2003، أي بعد ثلاثة أسابيع من احتلال بغداد، ودخل الجانب الاقتصادي بقوة أيضا، بتخصيص 18 مليار دولار لمشاريع الأعمار في العراق.


 


أما المرتكز الرابع، فقد وضعوه في آخر سلم الأولويات، وكأنه من البديهيات، التي لا تحتاج إلى مراجعة وتمحيص، وسارعت بعض وسائل الإعلام إلى الحديث عن استقبال العراقيين للقوات الأميركية بنثر باقات الورد، وفتح أبواب بيوتهم أمام جنود المارينز.


 


أما واقع الأمر فيقول إنه بينما كان الأميركيون يعبرون عن فرحتهم، ويعيشون نشوة الانتصار، كانت مجاميع كبيرة من المقاومين قد بدأت تضع الخطط العسكرية، وتجمع أكداس الأسلحة وتخزنها في مناطق كثيرة وواسعة في العراق، استعدادا للمواجهة الكبرى مع قوات الاحتلال.


 


ولم يدر بخلد أحد من الأميركيين أن عملا واسعا ومنظما يجري الإعداد له بسرية تامة وفي الخفاء لشن الحرب على قواتهم في العراق، والدليل على ذلك، أنهم لم يفكروا في مصير أسلحة الجيش العراقي، التي كانت المخازن الكبيرة تغص بها.


 


ولذلك يتباهى وزير الدفاع حينذاك رمسفيلد بقوله، إننا كسرنا مخازن السلاح لكي يتم نهبها من قبل العراقيين، وفعلا انتقلت تلك المخازن، التي تزخر بمختلف أنواع الأسلحة والمتفجرات من أماكنها فوق الأرض إلى مخابئ تحت الأرض في أماكن كثيرة في مختلف مناطق العراق، لتبدأ مرحلة استخدامها من قبل المقاومين العراقيين.


 


وسرعان ما انطلقت المقاومة في وقت مبكر جدا، لم يتوقعه أحد، إذ سقط أحد الجنود الأميركيين بسلاح خفيف في منطقة راغبة خاتون بعد ثلاثة أيام من احتلال بغداد.


 


وبعد أسبوع شن مقاومون هجوما على رتل أميركي في منطقة نفق الشرطة بجانب الكرخ من بغداد، (بعد صلاة الجمعة 18/4/2003)، وتقول أدبيات جيش الراش