في ندوة للجزيرة للدراسات: صمود قطر وحُسن إدارتها للأزمة أفشل الحصار

584bc701146c4edcb5c48c20fb1faa07_18.jpg
من اليمين: راشد الخاطر، الحواس تقية، عبد العزيز آل إسحاق، سالم المحروقي(مدير الندوة) [الجزيرة]

خلصت ندوة بحثية نظَّمها مركز الجزيرة للدراسات وقناة الجزيرة مباشر في العاصمة القطرية، الدوحة، يوم الأربعاء 13 يونيو/حزيران 2018، بعنوان "عام على الأزمة الخليجية: كيف قاومت قطر تأثيرات الحصار وأفشلته؟"، إلى أن قطر استطاعت إفشال الحصار الذي فرضته عليها السعودية والإمارات والبحرين ومصر، في 5 يونيو/حزيران 2017، بفضل الاستراتيجية التي اتبعتها للتعامل مع هذه الأزمة والمتمثلة في امتصاص آثارها واحتواء تداعياتها على الصعد السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية، فضلًا عن التحركات الدبلوماسية والإعلامية والحقوقية، واستثمار علاقاتها الإقليمية والدولية. وأكد المشاركون في الندوة على أن مهارة القيادة السياسية القطرية التي أدارت الأزمة أفرغت الحصار من مضمونه، وحافظت على استقلال القرار السياسي القطري وحماية سيادة البلاد وأمنها.

فمن الناحية السياسية، قال الكاتب والإعلامي القطري، عبد العزيز آل إسحاق: إن حجج دول الحصار كانت منذ البداية ضعيفة وغير مقنعة لدول العالم؛ لذلك لم تصمد مع مرور الوقت، مشيرًا إلى أن اتهام قطر بالإرهاب على سبيل المثال كان أشبه بمن يصف فرنسا العلمانية بالتشدد الديني. وألمح آل إسحاق إلى أن التماسك الذي شهدته قطر خلال العام الأول للأزمة على مستوى الدولة والمجتمع أفشل استهداف استقرار قطر الداخلي.  

ومن جهته، استعرض الدكتور خالد بن راشد الخاطر، باحث متخصص في السياسة النقدية وعلم الاقتصاد السياسي، عوامل قوة ومتانة الاقتصاد القطري، وسلَّط الضوء على مؤامرات دول الحصار لزعزعة الثقة في هذا الاستقرار، مشيرًا إلى الحرب التي شُنَّت على الريال القطري في بداية الأزمة، وتخويف المستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال. وخلص إلى أن قطر تجاوزت ذلك كله بفضل تنويع مصادر الاستيراد وفتح خطوط إمداد جديدة، وزيادة صادراتها من الغاز الطبيعي المسال لتوفير السيولة المالية اللازمة، فضلًا عن ضخ استثمارات في مشاريع البنية التحتية لإدارة عجلة الاقتصاد، الأمر الذي كان له أكبر الأثر في تجاوز التداعيات الاقتصادية والمالية للحصار.

أما الباحث في مركز الجزيرة للدراسات، الحواس تقيه، فقد أشار في مداخلته إلى تغيُّر مفهوم القوة واعتمادها على عناصر مُركَّبة ومتداخلة، وأن المهارة تكمن في حُسْنِ استثمار كل هذه العناصر مجتمعة والاستفادة من أخطاء الخصوم. وأكد في هذا الصدد أن قطر نجحت في نزع الشرعية عن تصرف دول الحصار عبر تكييف فعل الحصار ذاته باعتباره اعتداء على سيادة دولة عضو في المجتمع الدولي، لافتًا إلى ما أشاعه حصار قطر من قلق وفزع لدى دول خليجية أخرى كالكويت، على سبيل المثال، وتحسبها لأن تجد نفسها يومًا ما في موقف مشابه للموقف الذي تعاملت به السعودية والإمارات مع قطر.

وعن الموقف التركي من الأزمة ودوره في مساندة قطر عسكريًّا واقتصاديًّا، تحدث الباحث المختص في الشأن التركي، علي حسين بكير، واصفًا هذا الدور بـ"المهم والحيوي والمؤثر في تغيير مسار الأزمة"؛ إذ جعل التهديد العسكري أمرًا مستبعدًا.

وأشار بكير إلى الدروس المستفادة من الحصار المفروض على قطر، وشدَّد على أهمية تنويع مصادر الأمن العسكري والغذائي، وإقامة شبكة من التحالفات الإقليمية والدولية لإحداث توازن في العلاقات والمصالح، وهو ما نجحت فيه قطر بعد أسابيع قليلة من بداية الأزمة.

وذهب المشاركون في الندوة إلى أن الحصار الذي أرادته دول الرباعي لفرض هيمنتها على استقلال القرار الوطني لقطر قد ارتدَّ عليها سلبًا وعاد بالنفع على الدوحة، لاسيَّما أنه خفف القيد الذي كان عليها في اختيار نمط التحالفات الذي تريد؛ إذ أصبح العالم كله مفتوحًا أمام قطر باستثناء دول الحصار، كما جعلها تتجه بخطوات أسرع نحو الاعتماد على النفس أمنيًّا واقتصاديًّا، وهو ما سيكون له نتائج إيجابية ملموسة في المستقبل.