خلصت ندوة حوارية نظَّمها مركز الجزيرة للدراسات وقناة الجزيرة مباشر، مساء الخميس، 20 مايو/أيار 2021، بعنوان "القضية الفلسطينية في الذكرى الثالثة والسبعين للنكبة"، إلى أن هبَّة القدس وما تبعها من إطلاق المقاومة الفلسطينية الصواريخ على تل أبيب أعادت اللُّحمة بين أبناء الشعب الفلسطيني على اختلاف مناطقهم وتوجهاتهم، وأكدت أن حلم تحرير فلسطين أصبح ممكنًا بعد أن امتلكت المقاومة أسلحةً صار بمقدورها إلحاق الضرر بالعمق الإسرائيلي.
وأوضحت الندوة أن القضية الفلسطينية التي حرَّكت ضمير الشعوب حول العالم باتت في أمسِّ الحاجة إلى قيادة فلسطينية جديدة تكون قادرة على التعامل مع متغيراتها الجديدة، وأن الاستثمار السياسي لهذه الهبَّة على المستوى الفلسطيني والدولي أصبح ضرورة وطنية.
وذكر خالد مشعل، رئيس حركة حماس في الخارج، أن ما يميز الغضبة الفلسطينية الحالية مقارنة بسابقاتها هو أنها نجحت في إرسال أربع رسائل إلى إسرائيل والعالم، أولها أن القدس والأقصى خط أحمر لا يمكن للفلسطينيين أن يسمحوا بتجاوزه، وأن المقاومة، وقد أصبحت على هذه الدرجة من الجهوزية، سوف تردع من يمس بهذه المدينة المقدسة وذلك المسجد المبارك.
والرسالة الثانية أن القضية الفلسطينية قضية واحدة، وأن الوقت الذي كانت تنفرد فيه إسرائيل تارة بالقدس، وتارة أخرى بالضفة، أو بالمكون المسيحي من الشعب الفلسطيني، انتهى، وذلك بعدما أصبحت القضية قضية واحدة بعناوين متعددة: الأرض، والشعب، والمقدسات، وحق العودة، والأسرى، والمقاومة، وحصار غزة؛ إذ إن هذه العناوين كلُّ لا يتجزأ، وتتعاضد فيما بينها ضمن إطار المعركة الواحدة.
أما الرسالة الثالثة، فهي أن الشعب الفلسطيني لم يتعب من النضال رغم الظروف الصعبة التي يعيشها، ورغم الانقسام الذي حلَّ به، ورغم الجراحات المتعددة التي تعانيها الأمة العربية والإسلامية.
والرسالة الرابعة التي أكدت عليها مقاومة الشعب الفلسطيني الراهنة هي أن المقامرات التي يقوم بها القادة الإسرائيليون للحصول على مكاسب سياسية داخلية لن تتم بعد اليوم على حساب الدم الفلسطيني، وإنما سيدفع المقامرون الثمن.
وعن الصفات المميزة لهبَّة القدس الحالية أشار خالد مشعل إلى أنها وحدت الأمة العربية والإسلامية بدرجة لم تحدث بهذا الحجم من قبل، وأن لذلك أسبابًا عدة، منها أن عنوان المعركة هذه المرة كان القدس والأقصى، وأن زمانها كان العشر الأواخر من رمضان، وهي أمور كفيلة بتوحيد المسلمين حول العالم ووقوفهم خلف الشعب الفلسطيني في معركته النضالية التي يدافع فيها عن المقدسات نيابة عن الأمة الإسلامية.
ومن مميزاتها كذلك انخراط الشعب الفلسطيني بجميع مكوناته في الهبَّة الراهنة، سواء في الضفة أو القطاع أو في المخيمات ومدن وبلدت الخط الأخضر. هذا فضلًا عن أن المقاومة أثبتت هذه المرة أن إسرائيل كيان هش وقابل للهزيمة، وأنها لم تعد ذلك الكيان الذي لا يُقهر، أو تلك الدولة مرهوبة الجانب.
ودفعت الغضبة الفلسطينية الراهنة الموقف العربي الرسمي ليكون أكثر إيجابية وتفاعلًا عن ذي قبل، خاصة بعد أن رأى أداء المقاومة والاتحاد الشعبي الفلسطيني بالتزامن مع الارتباك الإسرائيلي والالتفاف العربي والدولي على مستوى الشعوب، ما جعلهم يرفعون سقف الموقف.
وثمة سبب إضافي ألمحت إليه الندوة في تعدادها دوافع التحرك الإيجابي العربي هذه المرة مقارنة بالمرات السابقة التي انتفض فيها الشعب الفلسطيني وهي أن بعض الدول العربية التي تضررت كثيرًا من السياسات والمواقف الإسرائيلية قد وجدت الفرصة سانحة لأن ترد بعض الصاع إلى إسرائيل، من ذلك مثلًا ضلوع إسرائيل –بحسب خالد مشعل– في سد النهضة الإثيوبي، وكذلك سعي إسرائيل لحفر قناة بديلة عن قناة السويس، ومحاولتها إضعاف الدور المصري، ونزع الوصاية الأردنية الهاشمية عن القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية، والعمل بدأب على إشغال المنطقة في أزماتها، وتفتيت نسيجها الاجتماعي، والعبث بالسلم الأهلي. ولهذا كله فقد بدأ الموقف العربي في التحسن والأمل أن يزداد تحسنه أكثر في المستقبل، ذلك لأنهم (أي القادة العرب) لا ينتصرون للقضية الفلسطينية فحسب بل لأنفسهم وللأمن القومي العربي كذلك.
وأشارت الندوة إلى أن ثمة بعض التغير الإيجابي في الموقف الأميركي والأوروبي كما تجلى في إسراع واشنطن وبعض العواصم الغربية إلى بذل الجهد للتوصل إلى وقف لإطلاق النار وذلك إنقاذًا لإسرائيل من ورطتها، وتأسيسًا لقواعد عمل سياسي جديدة، خاصة من قبل الولايات المتحدة الأميركية، لإدارة ملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي خلال إدارة الرئيس جو بايدن.
وكانت الندوة سابقة الذكر قد انعقدت عن بُعد، وبثَّتها قناة الجزيرة مباشر والمنصات الرقمية لمركز الجزيرة للدراسات على مواقع التواصل الاجتماعي، وشارك فيها: خالد مشعل، رئيس حركة حماس في الخارج، وعدنان أبو عامر، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأمة في غزة، ومحمد محمود جرابعة، الباحث المختص في الشأن الفلسطيني وتقاطعاته الإقليمية، وناصر هدمي، رئيس الهيئة المقدسية لمناهضة التهويد، ومحمد بركة، رئيس لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في أراضي الـ48.
ويمكن للراغبين مشاهدة الندوة كاملة زيارة أيٍّ من الروابط التالية:
تويتر - فيسبوك - ساوند كلاود - يوتيوب