نظَّم مركز الجزيرة للدراسات وقناة الجزيرة مباشر ندوة عبر تقنية التواصل المرئي بعنوان "انقلاب النيجر: التداعيات الإقليمية والدولية"، يوم 3 سبتمبر/أيلول 2023، شارك فيها الباحثون المتخصصون في الشأن الإفريقي: حسَّان قاسمي، وحكيم نجم الدين، ومحمد تورشين، وإدريس آيات.
أسباب الانقلاب
خلصت الندوة إلى أن أسباب الانقلاب العسكري الذي شهدته النيجر في الـ26 من يوليو/تموز الماضي تعود في جانب كبير منها إلى الأخطاء التي ارتكبها الرئيس المعزول محمد بازوم، وأهمها:
التزوير واسع النطاق للانتخابات التي جرت في البلاد عام 2020 والتي استبعد فيها الحزب الحاكم المنافسين له، والدلائل القوية التي تشير إلى التدخل الفرنسي في تلك الانتخابات.
ومن أهمها كذلك عدم مراعات الرئيس محمد بازوم لمعادلات الحكم التي استقرت في البلاد طيلة العقود الماضية، ومن بينها التوازن الدقيق بين العرقيات والجهويات في توزيع المناصب المهمة، واتجاهه عوضًا عن ذلك إلى تقليص نفوذ أغلبية الهوسا لحساب أقليات عرقية أقل عددًا، مستندًا في ذلك الإجراء على الدعم الفرنسي.
ومن الأخطاء الأخرى المهمة التي كانت سببًا في الإطاحة بالرئيس بازوم عدم اكتراثه لدور الجيش في الحكم؛ وهو الدور الذي ترسَّخ عبر الـ35 عامًا الماضية، وإصراره على تبني سياسات داخلية وإقليمية ودولية بمعزل عن رضا وموافقة قادة الجيش، وبالأخص ما يتعلق منها بالترتيبات الأمنية الإقليمية لمكافحة الإرهاب، والتي أوصى بها الجيش مع جمهوريتي مالي وبوركينا فاسو المجاورتين، وهو ما رفضه بازوم بذريعة الروابط التي تربطهما بروسيا ومجموعة فاغنر. وفضلًا عن ذلك فقد أقدم الرئيس بازوم على إلغاء الكثير من الامتيازات التي كان يمنحها الرؤساء السابقون لقادة الجيش الكبار في صورة "هدايا" حين نقلهم أو ترقيتهم. لهذه الأسباب وغيرها أقدم قادة الانقلاب العسكري على الإطاحة به، كما أفاد المتحدثون في الندوة.
تداعيات الانقلاب
أشار المشاركون في الندوة إلى أن لانقلاب النيجر تداعيات مهمة إقليميًّا ودوليًّا، من بينها خسران فرنسا لنفوذها في إفريقيا الفرانكفونية، وبخاصة النفوذ السياسي والعسكري والاقتصادي، لا سيما مع نجاح انقلابات أخرى في مالي وبوركينا فاسو وغينيا وتشاد، وتولي السلطة أنظمةَ حكمٍ غير موالية لفرنسا كما كان عليه الحال في العقود الماضية.
ومن التداعيات الأخرى المهمة لانقلاب النيجر زيادة منسوب عدم الاستقرار في القارة الإفريقية، ذلك لأن الانقلاب سيجرُّ وراءه سلسلة من الانقلابات المضادة، في مسعى من الدول التي تشعر أنها تفقد نفوذها لاستعادة ذلك النفوذ، في إطار الصراع الدولي على مقدّرات وثروات القارة الإفريقية، ما يعني -بعبارة أخرى- أن انقلاب النيجر إنْ كان يحمل في جوهرة "فيروس" استبدال فاعل دولي بفاعل آخر فلن ينتفع المواطن النيجري بهذا الانقلاب، ولن يعود عليه بالنفع أمنًا واستقرارًا وتنميةً.
مقاربة جديدة
وانتهى المتحدثون في الندوة إلى حاجة دول القارة الإفريقية إلى مقاربة جديدة لعلاقاتها الخارجية؛ لا تقوم على "التبعية" لهذه القوى أو تلك، وإنما تنحو صوب تأسيس علاقات خارجية مبنية على قاعدة المصالح المتبادلة، مع الحرص على استقلالية القرار والابتعاد عن لعبة الصراعات الإقليمية والدولية التي لم تَفد منها القارة غير المزيد من الانهاك والفقر والفساد والاستبداد.
لمتابعة الندوة (اضغط هنا).