نظَّم مركز الجزيرة للدراسات بالتعاون مع معهد الشؤون الإفريقية في إثيوبيا مؤتمرًا بحثيًّا مشتركًا في العاصمة، أديس أبابا، يومي 11 و12 أكتوبر/تشرين الأول 2024، تحت عنوان "إفريقيا: تحديات الهشاشة وفرص الاستفادة من التنافس الدولي". شارك في المؤتمر مجموعة من الباحثين والخبراء المتخصصين في شؤون القارة الإفريقية، وناقشوا أبرز التحديات التي تواجه إفريقيا في ظل التغيرات الجيوسياسية العالمية والتنافس على موارد القارة.
التحديات الراهنة في إفريقيا
افتتح الدكتور جعفر بدرو، المدير التنفيذي لمعهد الشؤون الخارجية في إثيوبيا، المؤتمر بكلمة أوضح فيها أن الأزمات الإفريقية تشتد بفعل التغيرات الإقليمية والعالمية. وأشار إلى أن الحرب الروسية-الأوكرانية، والتصعيد في مناطق مثل خليج عدن والبحر الأحمر، لها تأثير مباشر على استقرار دول القارة؛ مما يعرقل مساعي التنمية ويزيد من هشاشة المؤسسات.
بدرو أكد أهمية صياغة إستراتيجيات تعاونية لمواجهة هذه التحديات على المستويين، الإقليمي والعالمي، مشددًا على أن الحلول لا يمكن أن تكون فعالة إلا إذا اعتمدت على تنسيق الجهود بين الدول الإفريقية، مع إشراك المجتمع الدولي.
التعاون البحثي: أساس الحلول الإفريقية
من جانبه، دعا الدكتور عز الدين عبد المولى، مدير البحوث في مركز الجزيرة للدراسات، إلى تعزيز التعاون بين المؤسسات البحثية الإفريقية. عبد المولى أكد أن الأفارقة هم الأقدر على فهم قضاياهم الخاصة، وأن تبادل الخبرات بين الباحثين الأفارقة يمكن أن يؤدي إلى تقديم رؤى وحلول مبتكرة للمشكلات المزمنة في القارة.
وأشار إلى أن التنافس الدولي على ثروات إفريقيا، بما في ذلك النفط والغاز والمعادن النادرة، يجب أن يُستغل لصالح التنمية، مؤكدًا أن القارة تحتاج إلى إستراتيجيات طويلة الأمد لتعزيز قدرتها التفاوضية مع القوى الدولية.
التنافس الدولي والإقليمي على إفريقيا
ناقش المؤتمر أيضًا التنافس المتزايد بين القوى العالمية والإقليمية على إفريقيا، مشيرًا إلى أن موارد القارة وموقعها الجغرافي يجعلانها هدفًا لتلك القوى. وأوضح الخبراء أن هذا التنافس، في كثير من الأحيان، يؤدي إلى تأجيج الصراعات الداخلية في الدول الإفريقية.
الخبراء دعوا الدول الإفريقية إلى اتباع إستراتيجيات أكثر وعيًا، تمكِّنها من الاستفادة من هذا التنافس دون السقوط في فخ الصراعات التي تقودها قوى خارجية. وأكدوا أن استغلال الفرص الاقتصادية الناشئة عن هذا التنافس يمكن أن يسهم في تعزيز التنمية والاستقرار.
العولمة والهوية الإفريقية
تطرقت إحدى الجلسات إلى تأثير العولمة على الهوية الإفريقية؛ حيث ناقش المتحدثون كيف أن العولمة جلبت فرصًا للتبادل الثقافي والاقتصادي، لكنها في الوقت نفسه أضعفت بعض القيم التقليدية الإفريقية. وأكد الخبراء أهمية أن يحتفظ الأفارقة بخصوصياتهم الثقافية رغم الانفتاح على العالم.
حروب الجيل الرابع وتهديدات الأمن الإفريقي
كما تناول المؤتمر ظاهرة حروب الجيل الرابع التي تعتمد على تقنيات الاتصال الحديثة والتلاعب الإعلامي؛ مما يجعلها تختلف عن الحروب التقليدية. وأشار الخبراء إلى أن هذه الحروب باتت تشكل تهديدًا جديدًا لأمن القارة الإفريقية، مشددين على ضرورة تحديث الجيوش الإفريقية والاستثمار في التكنولوجيا المتقدمة لمواجهتها بفعالية.
ختام المؤتمر: دعوة للشراكات الإستراتيجية
في ختام المؤتمر، أكد المشاركون أهمية الشراكات الإستراتيجية بين الدول الإفريقية والقوى الدولية لمواجهة التحديات المتزايدة. وشدَّدوا على ضرورة الابتكار في الحلول المطروحة واستغلال التنافس الدولي على موارد القارة كفرصة لتنمية مستدامة، بدلًا من أن يكون مصدرًا للصراعات.
يمكن مشاهدة افتتاح المؤتمر وجلساته عبر الروابط التالية: