رغم مضي أكثر من مئة عام على تأسيس أول حزب في إيران، إلا أن قصة الأحزاب الإيرانية من حيث النشوء والأفول متشابهة على اختلاف توجهاتها السياسية وأهدافها المعلنة، ولا يوجد في إيران حزب استطاع أن يعمّر أكثر من عشر سنوات. ورغم ما أوجدته الثورة الإسلامية من تغيير كامل وجذريّ في النظام السياسي، وتوسيع لحجم المشاركة الشعبية السياسية، إلا أن العملية الحزبية بقيت تعاني معضلاتها القديمة من حيث العجز والفشل. منذ العام 1979 وحتى العام 1997 ظلّ النشاط الحزبي في إيران محكوما بالظروف القاهرة التي أوجدتها الحرب مع العراق، بحيث غابت قضية التنمية السياسية عن البرامج الحكومية. وفي مرحلة لاحقة وهي الفترة التي جاء فيها هاشمي رفسنجاني رئيسا لإيران (1989-1997) بقيت الأولوية موجّهة لما سمي بـ"إعادة البناء" والخروج من مخلفات الحرب.
خاتمي والأفق الجديد
جبهات تتنافس على السلطة
الحلقة المفقودة
علل الأفول
ما أن أمسك محمود أحمدي نجاد بزمام السلطة حتى كان يوجّه سهام النقد للأحزاب الإيرانية، ويدعو إلى مراقبة عملها خاصة فيما يتعلق بالتزامها بولاية الفقيه، وموارد تمويلها |
لم تنجح الأحزاب الإصلاحية وسجلت الفشل تلو الأخر في أكثر من عملية انتخابية. ورغم الفشل لم تفقد هذه المرحلة خصوصيتها لدرجة بات فيها بعض الباحثين يتحدث عن نقد التجربة الإصلاحية كمساو لنقد وتقييم التجربة الحزبية الإيرانية في تلك المرحلة المهمة من تاريخ إيران .
في العام 2005، وما أن أمسك محمود أحمدي نجاد بزمام السلطة حتى كان يوجّه سهام النقد للأحزاب الإيرانية، ويدعو إلى مراقبة عملها خاصة فيما يتعلق بالتزامها بولاية الفقيه، وموارد تمويلها. وتمخض النقاش مؤخرا عن قانون جديد للأحزاب لم يلق ترحيبا من عدد كبير من الأحزاب.
- ما هي الموانع السياسية والاجتماعية التي تعيق بناء ومأسسة الأحزاب في إيران؟
هذا هو السؤال الرئيس الذي يوجّه المنهج التحليلي لهذه الدراسة وقد شهدت الساحة الفكرية والأكاديمية الإيرانية مجموعة واسعة من الأبحاث والدراسات التي تتصدى لأسباب فشل تنمية ومأسسة الأحزاب في إيران، وتقدم هذه الدراسة قراءة في هذه المحاولات التفسيرية في سعيها للإجابة على السؤال المطروح.
شكل موضوع التنمية الاقتصادية مقابل التنمية السياسية، وأيهما صاحب الأولوية قضية خلافية بين الأحزاب الإيرانية، فالإصلاحيون ينادون بتنمية سياسية ديمقراطية يرافقها انفتاح سياسي داخل المجتمع ويرون أن ذلك شرط أساسي لإحداث التنمية الاقتصادية، في المقابل يرى المحافظون أن الإصلاحات الاقتصادية يجب أن تأتي كمقدمة للإصلاحات السياسية |
وتتوزع الأحزاب الإيرانية إلى ثلاث جبهات تتنافس للوصول إلى السلطة ضمن توجهات سياسية واجتماعية متعددة وتشمل المحافظين، الإصلاحيين والمعتدلين.
ويبلغ عدد الأحزاب التي تشكل في مجموعها ما يطلق عليه الجبهة الإصلاحية 47 حزبا من أهمها وأوسعها تأثيرا: "مجمع روحانيون مبارز"، "حزب جبهه مشاركت إيران إسلامي"(3)، "حزب كارگزاران سازندگي إيران إسلامي"، "حزب جوانان إيران إسلامي"، "سازمان مجاهدين انقلاب إسلامي" و"خانه كارگر". تسعى هذه الجهة إلى تحقيق جملة من الأهداف أهمها:
• الوصول إلى مجتمع مدنيّ يحتكم إلى القانون.
• إقامة حكم الشعب الديني.
• إيلاء اهتمام خاص بمشكلات الشباب والسعي لإيجاد حلول لها.
• تحقيق حكم الشعب وتعزيز الحرية كأساس لتقدم الجمهورية الإسلامية استنادا إلى التعاليم الفكرية والسياسية للإمام الخميني(4)
• إجراء مراجعة لعدد من النصوص القانونية وضرورة تعديلها لتناقضها مع مبادئ حقوق الإنسان.
وتعد مسألة المرجعية التي يمكن الاحتكام لها فيما يتعلق بقضية حقوق الإنسان من نقاط الخلاف البارزة بين الإصلاحيين والمحافظين في إيران(5).
وتضم الجبهة المحافظة أكثر من 35 حزبا أبرزها: "جامعه روحانيت مبارز"، "حزب مؤتلفه إسلامي"، "جامعه إسلامي مهندسان"، "جمعيت ايثارگران انقلاب إسلامي"، "آبادگران" و"جامعه إسلامي دانشگاهيان". وتتنوع أهدافها على الأصعدة السياسية والثقافية والاجتماعية لكنها تشترك في مجموعة عناوين يمكن إجمالها بالتالي:
• تعزيز ولاية الفقيه وتقديم الدعم والحماية، وعلى كافة الأصعدة، للفكر السياسي والثقافي للإمام الخميني.
• بناء المجتمع الإسلامي.
• المحافظة على قيم الوحدة والسعي لإيجاد الأمة الإسلامية الكبرى.
• حماية المستضعفين.
• الدفاع عن قيم الثورة الإسلامية وإنجازاتها.
و قد شكل موضوع التنمية الاقتصادية مقابل التنمية السياسية، وأيهما صاحب الأولوية قضية خلافية بين الأحزاب الإيرانية، فالإصلاحيون ينادون بتنمية سياسية ديمقراطية يرافقها انفتاح سياسي داخل المجتمع ويرون أن ذلك شرط أساسي لإحداث التنمية الاقتصادية، وأكد محمد خاتمي في برنامجه الانتخابي الأول أن "التنمية الاقتصادية بدون التنمية السياسية أمر غير ميسّر"(6). في المقابل يرى المحافظون أن الإصلاحات الاقتصادية يجب أن تأتي كمقدمة للإصلاحات السياسية. ولم يحسم الخلاف إلى اليوم رغم سنوات من الأخذ والرد بشأن هذه المسألة.
وتضم جبهة الاعتدال 25 حزبا وتجمعا من أبرزها: حزب" اعتدال وتوسعه". وتتركز أهدافها بصورة أساسية على الأبعاد التنموية الداخلية ضمن رؤية سياسية وسطيّة، لكنها وكما تشير بياناتها التأسيسية تدعو لإعادة "إحياء التمدن الإسلامي العظيم" ودعم "الهوية الإسلامية لإيران"(7). وهناك أحزاب تصف نفسها بأنها مستقلة ولا تتبع طيفا خاصا، لكن عضو لجنة الشورى في بيت الأحزاب الإيراني محمد تبرّايي، يشكك بوجود أحزاب مستقلة في إيران، ويتحدث عن تناقض في القول والعمل بشأن هذه القضية "فهذه الأحزاب تسعى من جهة لاستثمار العلاقة مع مراكز القوى الحكوميّة والاستفادة من دعمها ومن جهة أخرى تحاول وبصورة ظاهريّة إبداء أدنى مستوى من الارتباط والعلاقة مع السلطة"(8).
قدّم الدستور الإيراني وقانون الأحزاب(9) المصادق عليه عام 1360 (ش)(10) تعریفا للحزب في عدد من المواد أبرزها:
المادة الأولى: الحزب، الجمعية، التجمع، مؤسسة سياسية ونشكيلات لها أهداف وبيان تأسيسي يتم تأسيسها بواسطة مجموعة أو عدد من الأشخاص المعتقدين بشعارات، وتوجه سياسي معين. وتكون أهداف الحزب وبرامحة ونشاطاته منسجمة مع الأصول الإدارية للدولة وخط السير الكليّ لنظام الجمهورية الإسلامية(11).
المادة الثانية:الإتحاد، الجمعية، الاتحادات المهنية وأمثالها تشكيلات تقام بواسطة أصحاب الكسب أو الحرف التجاریة والصناعیة. وتصاغ أهدافها وبرامجها بما يتناسب مع منافع هذه الفئات.
المادة الثالثة: المجمع الإسلامي، هو أي قسم إداري، تعليمي، مهني، صنعتي أو زراعي مكوّن من أعضاء متطوعين وهدفه نشر الإسلام والتعريف به، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتبليغ ونشر الثورة الإسلامية.
المادة الرابعة : جمعية الأقليات الدينية، طبقا للقاعدة 13 من الدستور هي تشكيلات مكوّنة من أعضاء متطوعين من الأقليّات الدينية، هدفها حل وبحث المشكلات الدينية، الثقافية، الاجتماعية والمعيشية الخاصة بهذه الأقلية.
يجري حاليا الإعداد لقانون جديد للأحزاب في إيران قوبل بقلق من جانب الفعاليات السياسية التي قرأت فيه"سعيّا لإلغاء الأحزاب "، ويرى سياسيون إيرانيون أن الأحزاب "أدخلت غرف العناية المركزة"(12) نتيجة الأزمة السياسية التي حدثت عقب انتخابات الرئاسة، وتطالب الأحزاب الإيرانية بأن تكون شريكا في صياغة القانون الجديد وإن كانت ترى أن الأوضاع غير مناسبة لتقديم مراجعة للقانون وتقديم مشروع جديد.(13)
تحدد نظرية كارل بوبر(14) دور الأحزاب بوصفها حلقة وصل بين الناس والحكام، وتساهم بإيجاد نمط من العلاقة التي تقف عقبة تحول دون حدوث الاستبداد، وهي أي الأحزاب من ناحية البنية والوظيفة تهدف لمأسسة العلاقة بين المواطن والدولة. وتسعى لإدارة ومشاركة أفضل للمجتمع المدني(15). وبناء عليه فإن الأحزاب يتوجب عليها إدراك حاجات الناس ونقلها بشكل كفؤ إلى المؤسسة الحاكمة، وهذا يعني أن تولد الأحزاب وتنمو وتتحرك داخل المجتمع ووفقا لحاجاته.
وعند محاكمة الحالة الحزبية في إيران في إطار هذه النظرية نجد أن الأحزاب الإيرانية تعاني من خلل في العلاقة مع مجتمعها، وهذا الخلل يجعلها عاجزة عن القيام بدور حلقة الوصل بين المواطن والحاكم. ويسجّل على الأحزاب الإيرانية أنها أحزاب نخبوية بشكل أساسي، تشهد نشاطا ملحوظا واحتكاكا مع طبقات المجتمع في الانتخابات وتخبو بعدها.
في المساهمات التفسيرية المقدمة من قبل عدد من الباحثين الإيرانيين لتشخيص علل فشل وأفول الأحزاب في إيران يمكن تسجيل مجموعة من الملاحظات: فقد اعتمد عدد من المحققين في مجال الثقافة السياسية الإيرانية التصنيف الذي وضعه غابرئيل آلموند وسيدني فيربا(16) لمفهوم الثقافة السياسية حيث صنّفاها من الناحية الوظيفية في ثلاثة أنواع: 1)انفعالية 2) قيمية 3) إدراكية. وقسما العلاقة بين المواطنين والحكام ضمن ثلاثة أنواع 1) تبعية 2) محدودة 3) تشاركي (Almond and Verba, 178).
وفي النتيجة نجد فريقا من الباحثين يركز على ثقافة التبعية ويرون أنها الثقافة الحاكمة في المجتمع الإيراني، فالناس في إيران نادرا ما يجدون أنفسهم مهتمين بالشأن السياسي الحزبي، والعلاقة مع الحكومة هي في الأغلب انفعالية تقوم على الطاعة، وفي ثقافة كهذه وعلى عكس ثقافة المشاركة، فالإمكانية قليلة جدا لتشكيل ودوام الأحزاب. ويركز باحثون آخرون على هيكلية مؤسسات الحكم ويعتبرونها مسؤولة عن هذه الحالة. ويرجع فريق ثالث فشل الأحزاب إلى التشاؤم وغياب الوعي العام ويتحدث هذا الفريق عن شيوع النخبوية والتفكيكية والشيخوخة في صفوف الأحزاب الإيرانية. ويتحدث فريق رابع عن الطبقات الاجتماعية والاقتصاد كعوامل مؤثرة في دوام الأحزاب أو أفولها.
وإن كان الإمساك بزمام السلطة هو واحد من بين مؤشرات عدّة تؤخذ بعين الاعتبار عند دراسة الأحزاب وأهدافها كما يعتقد "لابالومبار(17) ووينر(18)" فهي في إيران تكاد تكون المؤشر الوحيد.
شكل الأداء الضعيف للأحزاب السياسية الإيرانية وعلى مدى تاريخها الطويل نسبيّا، سببا رئيسا في نشوء نظرة سلبية لدى عامة الناس وغياب للثقة في قدرتها على إيجاد التغيير الاجتماعي المطلوب. كما أن تاريخ عدد لا يستهان به من الأحزاب الإيرانية يكشف عن ارتباط بالخارج وتنفيذ لسياسات خارجية، فضلا على تأييد للسلطة ودعم لما مارسته من قمع بحق الشعب، ولم تنس الذاكرة الشعبية الإيرانية الدور السلبي الذي قامت به أحزاب مثل "توده" و"ملت" و"رستاخيز" في فترة الحكم البهلوي.
ويحدد سيدرسول موسوي(19) في مقال بعنوان الأحزاب السياسية الإيرانية وعلل تراجعها: مجموعة من العلل في مقدمتها الفشل في تحقيق المكانة والدور في الفعاليات السياسية والحزبية، وفقدانها لبيان تأسيسي، وأهداف شفافة وواضحة وخط سير قابل للثقة والاطمئنان. ويرجع موسوي استمرار حالة التراجع في عهد الجمهورية الإسلامية إلى ما ترسب في ذهن المجتمع من صور سلبية حول أداء الأحزاب وعدم كفايتها وارتباطها بالخارج واعتمادها عليه.
و تقترب وجهة نظر موسوي بشأن هذه القضية -خاصة فيما يتعلق بتاريخ ما قبل الثورة الإسلامية- من وجهة نظر مؤسس الجمهورية الإسلامية، فروح الله موسوي الخميني يرجع فشل الأحزاب الإيرانية بصورة أساسية إلى "ارتباطها بالخارج". يقول الخميني في كتابه الكلمات القصار "أصل هذه الأحزاب معروف منذ بداية المشروطة، وما يفهم من عملها أنها إمّا ولدت على يد الغير أو كانت أداة بيد الخارج"(20).
و على هذا الصعيد يطرح أستاذ العلوم السياسية في جامعة "شهيد بهشتي" علي تاجيك عددا من الأسئلة يرى أنها بنيوية لتشخيص واقع الأحزاب الإيرانية(21) وتشكل في مجموعها مفاصل في فهم الأبعاد السياسية والثقافية والاجتماعية للمشكلة:
- هل المجتمع الإيراني يملك من حيث الأساس الاستعداد لإنتاج منافسة سياسية سالمة وقوية؟
- هل تحوي الثقافة السياسية الإيرانية النمط اللازم للتعامل مع نتائج اللعبة السياسية وقبولها ؟
- هل أدى إدغام "السياسة" و"الايدولوجيا" إلى إيجاد نوع من الانغلاق والتصلب والعصبية التي حلت محل "العقلانية" في مجال الفعل ورد الفعل السياسي؟
- لماذا، وعلى الرغم من مرور قرن وأكثر على تجربة العمل السياسي الحزبي، ما زال لاعبو السياسة الإيرانية كما السابق يتصفون بطاقة دنيا في التحمل والاستيعاب، وأخرى عليا في الطرد، وسقفا متدنيا للترابط الجماعي واستعدادا كبيرا للفردية، وعدائية للقانون؟
ويختم تاجيك بتساؤل حول ما يسميه "الروحية الإيرانية والثقافة السياسية والسلوك الحزبي" وما إذا كانت تتفاعل داخل إطار "الفعل السياسي الجدي والمبادر"؟ (تاجيک، ۱۳۸3).
وفي المحصلة فإن العلل التالية يمكن تسجيلها كمسؤولة عن فشل التجارب الحزبية في إيران:
- التبعية والاستبداد: وصفة التبعية هذه صبغت الكثير من الأحزاب الإيرانية قبل الثورة الإسلامية وبعدها، كما أن الكثير من الأحزاب نشأ بقرار حكومي مباشر، أو من خلال شخصيات متنفذة في الحكم، وهو ما جعلها عرضة لتطورات العملية السياسية وتحولاتها، وجعل دورها مستلبا للتوجهات الحكومية، ومدخلا للهجوم من قبل المعارضين. ويعد حزب "کارگزاران سازندگی" الذي تأسس على يد رفسنجاني، وكذلك حزب "جبهه مشارکت" الذي تأسس على يد خاتمي من أبرز الأمثلة على ذلك، وهذا في المحصلة جعل الأحزاب معتمدة على الحكومة في حين أن المسألة يجب أن تكون عكس ذلك. ومن العلل الأساسية لفقدان الأحزاب الإيرانية القدرة على الاستمرار هو ارتباطها بالسلطة، ونشؤها من قلب السلطة. ومعظم الأحزاب التي رأت النور على الساحة السياسية الإيرانية إما أنها أحزاب حكومية أو نشأت بعد وصول مؤسسيها إلى السلطة(22)، (زيباكلام:195). وفي سلسلة مقالات حملت عنوان " مشكلات العبور نحو الدولة الديمقراطية" تحدد مجكان ثروتي،(23) المذهب والقوم (و العرق أحيانا) عنصرين أساسيين، يتم توظيفهما بصورة مباشرة وغير مباشرة من قبل مجموعات ذات نفوذ في الدول ما بعد الاستعمارية لتشكيل الأحزاب، وبمجرد أن تمسك هذه المجموعات بزمام الأمور يتبدل النظام إلى نظام الحزب الواحد، وفي إيران ترى في حزب "جمهوري إسلامي" بعد الثورة و"حزب رستاخيز" في زمن الشاه مصداقا لوجهة النظر هذه. (ثروتی، ۱۳۸0).
ويذهب عالم الاجتماع الإيراني علي طايفي إلى أن ما مرت وتمر به الأحزاب الإيرانية يأتي نتيجة الطبيعة التي حكمت العلاقات المتبادلة بين مؤسسة الحكم والسلطة من جهة والأحزاب والمجتمع الإيراني من جهة أخرى، فوجود مؤسسات سياسية وما يلحق ذلك من إمساك بزمام السلطة هو أمر له علاقة وثيقة بقيام معارضة تتمتع بمؤسسية عالية، منسجمة ولديها ثبات وتأثير. وعلى هذا الصعيد يمكن تحديد(24) وجهين لعلاقة مؤسسة الحكم بالمجتمع والمؤسسات الديمقراطية:
• يشكل فقدان المؤسسات الديمقراطية أساسا يحول دون قيام معارضة مؤثرة، إذ تأخذ الأحزاب السياسية بالعمل ب"صورة غير رسمية، أو قد تلجأ إلى العمل في الخفاء وفي ظروف مليئة بالخوف والاحتقان" (طايفي، 2008). وفي ظروف كهذه تغيب إمكانية التمرين والتجريب الفكري للعمل الديمقراطي اللازم للبناء الداخلي المؤسسي لهذه الأحزاب، ويجر بالنتيجة للبقاء ضمن رؤية نخبويّة للعمل السياسي ويقطع الطريق على نشوء ورشد المؤسسات الديمقراطية .
• يشكل قيام التجمعات السياسية في هذه الظروف، خطرا على المؤسسات الديمقراطية، لأنه يحمل في داخله بذور رفض الآخر ومحاربة التعددية والميل إلى الصوت الواحد والتوجه الفكري الأحادي وهو في مجموعه يقود إلى إعادة إنتاج القمع والاستبداد والتطرف ( طايفی، 1384/2005). والحقیقة أنه يمكن رصد ثلاثة عوامل تؤثر في تشكيل الأحزاب واستمرارها(25):1- نوع الحاكمية القائمة 2- البناء الثقافي للمجتمع 3- البناء الاجتماعي للمجتمع.
ويرى كاظم علمداري أنها شديدة الارتباط وتتبادل التأثير فيما، فالقدرة السياسية القائمة على الاستبداد هي أول عامل يعيق قيام أحزاب قوية وقادرة على الحياة، وكما أن الحكومة الديمقراطية تهيئ الأرضية اللازمة لقيام الأحزاب، فالأحزاب الواقعية هي التي تقود إلى حكومة ديمقراطية. وكما أن الحكومات الديمقراطية هي صناعة للأحزاب الحرة، فالحكومات المستبدة تبني أحزابا حكومية ووجود هذين النوعين المختلفين من الحكم مرتبط بمجموعة من العوامل التاريخية، والبناء الثقافي والاجتماعي للمجتمع" (علمداری، ۱۳۸0).
الأدبيات السياسية للتحزّب هي في أساسها أدبيات غربية، لذلك لم تنجح الأحزاب الإيرانية في تدوين نظرية حزبية تتناسب مع الإطار المرجعي للجمهورية الإسلامية، ولذلك بقيت موضوعات عديدة مثل: المجتمع المدني، الحرّيات، العدالة والتعددية قضايا خلافيّة شائكة في دائرة الجدال السياسي الإيراني |
- النشاط الموسمي: فهذه الأحزاب تنشط في وقت الانتخابات، لكنها تغيب عن الساحة السياسية في الأوقات الأخرى. وتتمركز أنشطتها في العاصمة والمدن الكبرى، وهو ما أفقدها القاعدة الشعبية، وحجب عنها الشرعية. وفي أغلب الأحيان يلجأ الجناح الذي يفشل في الانتخابات إلى تأسيس أحزاب جديدة لمواجهة الخصوم. يتحدث المفكر والمنظر الإصلاحي سعيد حجاريان عن عدد قليل من الأنصار لهذه الأحزاب وفي تحليل ذلك يقول: "لدينا أحزاب أسميها : الباحثة عن الفرص، الراكبة للموجة، والممتطية للمجان، وهذه الأحزاب تظهر كالفطر مع بداية كل انتخابات، ترعد هذه الأحزاب وتبرق سعيا لجمع الأصوات، وما أن تنتهي الانتخابات حتى تختفي دون أي أثر".
ونجد في عودة تاريخية إلى الوراء أن العديد من الأحزاب ظهرت على الساحة السياسية ببيان تأسيسي وترخيص رسمي لكنها غابت بعد أن شاركت في موسم انتخابي أو آخر. وتريد هذه الأحزاب في زمن قصير أن تحصل على نصيبها وتتنحى لصالح الآخر، ولا يسمي حجاريان هذه الفئة أحزابا، بل يسميها "تشويشا حزبيا، وطفيليات تنمو داخل النظام الحزبي " ( حجاريان، ۱۳۸0).
- العامل الاقتصادي: بالعودة إلى نشأة الأحزاب كأساس لكسب القوة السياسية، نجدها نشأت في أواخر القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر في أمريكا وأوروبا، وفي اليابان مع أواخر القرن التاسع عشر، وما لبثت أن تحولت إلى ركن أساسي من البناء الاجتماعي والثقافي لهذه المجتمعات، لكن عددا من المكونات اللازمة ومن بينها نمو رأسمال الصناعي هي مكونات غائبة في إيران. ويعد الاقتصاد الإيراني في بنيته التحتية وأركانه الأساسية اقتصادا حكوميا يتبع للدولة التي تعد صاحب العمل الأول. وتعود هذه المسألة في جذورها إلى عوامل تاريخية تكشف عن المواجهة مابين التقليد والحداثة، فحتى ما عرف ب"إصلاحات الأرض" في زمن الشاه محمد رضا بهلوی لمواجهة نظام الإقطاع لم ينجح في إحداث تغيير يذكر على عملية التنمية والبنية الاقتصادية(26).
يرى عدد من الباحثين السياسيين الإيرانيين أن تقاسم السلطة في المجال الاقتصادي ضرورة للخلاص من بقاء القدرة السياسية حكرا على النظام الحاكم (طائفي، 2008). ففي ظروف كهذه تصبح الديمقراطية، حقوق الإنسان، وحقوق المواطنة المتساوية أمورا مفقودة وهو ما يعرض أمن المجتمع للخطر، وعليه فإن كاظم علمداري ينادي بإشاعة فلسفة تدعو لسياسة واقتصاد ليبراليين كأساس اجتماعي لظهور الأحزاب (علمداری، ۱۳۸0).
وتأتي مسألة الطبقات كمولد أساسي وداعم للأحزاب لتضاف إلى العامل الاقتصادي، فجميع الدول ذات التجارب الحزبية المؤثرة كان للطبقة دورها في ذلك، وتمثل الكثير من الأحزاب مصالح وتوجهات هذه الطبقات، لكن هذه المسألة غائبة عن الساحة الحزبية في إيران "الأحزاب في إيران وبسبب الوضع الخاص للطبقات الاجتماعية، تختلف عن الأحزاب في أوروبا، فالأحزاب الإيرانية يتراجع اهتمامها بالطبقات الاجتماعية ليصل إلى الحدود الدنيا وأساس التنافس بينها إيديولوجي بالدرجة الأولى (سعيدی، ۱۳۷۷: 98-111)(27).
- الضعف التنظيري وغياب البرامج: ضاعف من هذه المشكلة أن الأدبيات السياسية للتحزّب هي في أساسها أدبيات غربية، وفي المقابل لم تنجح الأحزاب الإيرانية في تدوين نظرية حزبية تتناسب مع الإطار المرجعي للجمهورية الإسلامية، ولذلك بقيت موضوعات عديدة مثل: المجتمع المدني، الحرّيات، العدالة والتعددية قضايا خلافيّة شائكة في دائرة الجدال السياسي الإيراني. وما زالت الأحزاب عاجزة عن تقديم إجابات بشأنها. ورغم الاستخدام الواسع لمصطلح الإصلاحات ما زالت إيران تفتقد إلى تعريف واضح لهذا المصطلح حتى من قبل الحركة الإصلاحية نفسها.
تدعو أصوات عديدة إلى تقديم نموذج إيراني خاص للمجتمع المدني والديمقراطية يصاغ وفقا لخصوصيات المجتمع الإيراني، (عليخاني، 1389) وترى هذه الأصوات أن الأحزاب يجب أن تندرج في إطار هذا النموذج، فالأحزاب في الغرب جاءت بعد عملية اجتماعية طويلة وتبعا لحاجات مجتمعاتها، لكن الحزب في إيران وكما أشياء أخرى عديدة تمت استعارتها من الثقافة الغربية بدون أن يكون المجتمع الإيراني مهيئا لذلك وقادرا على التفاعل معه وهو ما أوجد حالة من عدم الانسجام بين الأحزاب والمجتمع(28) (آزاده أديبي سده، 1389).
- الشخصنة والفرد المحوّر: بدلا من انضواء الأفراد تحت مظلة حزب تبعا لأهدافه وبرامجه، فإن الحاصل هو وجود شخصية مركزية يقوم عليها الحزب، ولذلك يكون مستقبل الحزب مرهونا بمستقبل ذلك الشخص وحضوره. وتبدو "الشخصنة " مقتلا للتجارب الحزبية القديمة والمعاصرة، فقبل عقود عديدة تحدث المصلح الإيراني ملك الشعرا بهار في كتابه الأحزاب السياسية(29) عن أن عمر الأحزاب الإيرانية مرهون بعمر مؤسسيها، ولا يمكن أن تدوم بعد موتهم. وهذه المعضلة هي ما يسمى ب "الأحزاب الشخصية"(30) إذ يقوم "شخص معروف بغناه أو حضوره الاجتماعي بتشكيل حزب يتمحور حول شخصه، وبسبب هذا الاعتماد يكفي أن يصبح هذا الشخص خارج السلطة، أو يغيب بفعل الموت أو المرض ليتوقف قلب حزبه عن الخفقان " (مديرشانه جی، ۱۳۸۳).
يمكن تقسيم الأحزاب إلى قسمين:نخبوية، وشعبية، وفي المجموعة الأولى تتشكل هذه الأحزاب في الأوضاع العادية من مجموعة من الأفراد الحرفيين، لكنها تنمو كالبالون الذي يجري نفخه عندما تجري الانتخابات، في حين أن الانتخابات هي واحدة من أنشطة الأحزاب الشعبية"(حجاريان، ۱۳۸0). ويشرح حجاريان لما بقصده ب"الأحزاب الشعبية " بالقول: " هي الأحزاب التي تتنوع فعالياتها ويتعمق نفوذها ليصل ويتغلغل بين طبقات المجتمع، وهذه الأحزاب تقوم بعشرات الوظائف؛ مثل الفعاليات النقابية، والفعاليات الاجتماعية، وتنظيم التجمعات الشعبية والتظاهرات وحتى الثورات المخملية والحمراء" (حجاريان، ۱۳۸0).
- الضعف القانوني: يعد الجانب القانوني معضلة الأحزاب الإيرانية المزمنة. وفضلا عن الإبهام في التشريعات فإن تفسير النصوص القانونية يأخذ شكل قراءة سياسية تختلف من طيف سياسي لآخر. يضاف إلى ذلك غياب الثقافة القانونية وشيوع ثقافة تشجع على التهرب من القانون ومعاداته(31). وفي وسط كهذا تغيب الأجواء المناسبة لخلق تنافس سياسي وحزبي صحيّ وشریف.
- البعد الثقافي الاجتماعي والنظرة السلبية: رغم ارتفاع نسبة التعليم في المجتمع الإيراني، ما زالت شريحة واسعة تنظر بعين الشك والريبة إلى التحزّب، وربما يعود ذلك إلى كون الأحزاب في الأصل ظاهرة سياسية، غربية مستوردة. ينقص هذه الشريحة الاجتماعية الواسعة الثقافة السياسية اللازمة والوعي بدور الأحزاب الحيوي وأثرها في تطوّر العملية السياسية. ويقدم علي طايفي مبادرة تفسيرية لحالة التشظي التي يمكن مشاهدتها في الحياة الحزبية في إيران اليوم، ويرى أنها مرتبطة ب"آفة فقدان الثقة الاجتماعية، وفقر الانسجام الذي يرخي بدوله على المؤسسات ويهدر طاقاتها" فالثقافة السائدة في إيران ناشئة عن "تعاليم" سياسية ب"أن اجتماع أكثر من شخصين ممنوع"، وهذه الثقافة تحذر الفكرة الشائعة لدي الإيرانيين " إذا اجتمع اثنان من الإيرانيين يكوّنان حزبا وإذا أصبحوا ثلاثة انقسموا" (طايفي، 2008).
ويجري سعيد حجاريان(32) عملية ربط بين الثقافة السائدة وقلة الأنصار وغياب شعبية الأحزاب، ويرى أن" غياب التعليم والتثقيف الكافي، النخبويّة، الشللية والشيخوخة في الأحزاب الإيرانية أدت إلى افتقاد هذه الأحزاب للتجمعات الشعبية الداعمة، والأنصار الذين يتحولون بالتدريج إلى أعضاء يؤمنون دوام هذه الأحزاب واستمراريتها"(33).
أما في المجال الثقافي، فهذا البناء محكوم بشكل أساسي ب"بقايا النظام الاستبدادي وروابط الدم والعائلة والقبيلة والنزعة المحلية الضيقة، والإتباع والتقليد (المريد والمراد) والشللية، والترابط المذهبي، وهذه العلاقات تحل مكان الروابط القانونية، والعقلانية وباتت متغلغلة داخل الأحزاب، وأفرغتها من محتواها وضروراتها الحزبية " (علمداری، ۱۳۸0).
نتيجة: منذ القرن الماضي وإلى اليوم، ظل الأفول صفة ملازمة للأحزاب في إيران. ويمكن إرجاع ذلك إلى مجموعة من العلل السياسية والثقافية والاجتماعية، التي أثرت بصورة مباشرة وغير مباشرة في تكوين وفشل وسقوط هذه الأحزاب. ويقف الاستبداد في مقدمة هذه الأسباب، وقد كان الحكم المطلق واحدا من خصائص النظام السياسي في إيران وعلى امتداد مراحل تاريخية مختلفة ووقف عائقا أمام تشكل المراكز السياسية المستقلة. ورافق ذلك انعدام الأمن وغياب الاستقرار السياسي بفعل الصراعات الداخلية والخارجية، وهو ما حال في النتيجة دون مسيرة سياسية تقود إلى إقامة مجتمع مدني، وأحزاب سياسية قوية ومؤثرة، فقد كان للحرب العراقية الإيرانية على سبيل المثال أثرها العميق في إبطاء عملية التنمية السياسية إن لم يكن تجميدها لفترة لا يستهان بها.
ويقف العامل الاقتصادي في كون الاقتصاد الإيراني تابعا للدولة ومعتمدا عليها كمعيق آخر يضاف إليه الصراع المعلن والخفي بين قيم التقليد والحداثة. وعزز من حالة الصراع دور سلبي مارسته الأحزاب الإيرانية على صعيد ارتباطها بالخارج والدفاع عن قمع السلطة وغياب المصداقية في شعاراتها وبرامجها. يعبّر الصراع عن نفسه بصور عدّة، ويأتي مدعوما بثقافة سائدة ترى في التحزّب ظاهرة غربيّة مستوردة.
ينظر المجتمع الإيراني إلى دور الأحزاب بالكثير من الشك وانعدام الثقة والقليل من الاحترام. ويذكي من حدة الصراع فشل الأحزاب الإيرانية على صعيد التنظير فقد عجزت عن تقديم نموذج ينسجم مع القيّم الدينية والثقافية لإيران الإسلامية. ويأتي العامل التشريعي والقانوني ليضيف إلى المشهد عقبة جديدة، فالنصوص القانونية الخاصة بالأحزاب مليئة بالإبهام، الذي يفتح الباب واسعا لتقديم قراءات للقانون تتباين وتختلف من طيف سياسي إلى آخر. ورغم تواجدها في مجتمع متعلم يتعامل مع الحداثة والتكنولوجيا بصورة عصريّة، ما زال قطاع واسع من الشعب الإيراني تنقصه الثقافة السياسية التي تولد إيمانا بالدور الهام والمؤثر للأحزاب. وساهمت الأحزاب - نتيجة الأداء الضعيف والحضور الموسمي المحصور في الانتخابات والمعتمد على الأشخاص لا الأفكار- بصورة مباشرة في تعزيز هذه النظرة السلبية وتعميقها.
_______________
1 - تنص المادة العاشرة من قانون الأحزاب الإيراني بشكل صريح على أن الرقابة على عمل الأحزاب والجمعيات هي من وظائف لجنة( المادة أحزاب10)، وتشمل الوظائف إصدار التراخيص للمتقدمين بطلبات التأسيس، وتشكل هذه اللجنة في وزارة الداخلية وتضم ممثلا عن الإدعاء العام، والمجلس القضائي، ومندوبا عن وزارة الداخلية، ومندوبين من أعضاء مجلس الشورى الإسلامي.
4 - طلوعي، محمود، "فرهنگ جامع سیاسی"(القاموس السياسي الجامع)، نشر علم، تهران، 1385ش (2006).
7 - من البيان التأسيسي لحزب "اعتدال وتوسعه" (الاعتدال والتنمية)، الذي تمت المصادقة عليه عام 2002.
13 - في تصريحات لوكالة مهر للأنباء بتاريخ 2-10-2010 قال مدير الإدارة السياسية في وزارة الداخلية ورئيس لجنة المادة (10)محمود عباس زاده مشکینی أن مسودة القانون الجديد التي يجري العمل عليها لن توضع على طاولة الأحزاب الإيرانية لأنه "تم الاستعانة بآرائهم مسبقا بصورة مباشرة وغير مباشرة" http://www. mehrnews. com/fa/newsdetail. aspx?NewsID=1183270
Karl Popper
The Political Thought of Karl Popper by Jeremy Shearmur. London: Routledge, 1996, 217 pages.
ISBN 0-415-09726-6 http://www. gmu. edu/depts/rae/archives/VOL12_1_1999/harperbr. pdf
Almond, Gabriel A. and Sidney Verba. 1963. The civic culture; political attitudes and democracy in five nations. Princeton, N. J. ,: Princeton University Press.
Joseph La Palombara
Myron Weiner
http://www. magiran. com/npview. asp?ID=1569602
20- الإمام الخميني، الكلمات القصار، مؤسسة المعارف الإسلامية – قم.
http: // sociology. mihanblog. com/More-177. ASPX
24 - على طايفي آسيب شناسی اجتماعی أحزاب در إيران، ، العلل الاجتماعية للأحزاب في إيران.
http://sociologyofiran. com/index. php?option =com_content&task=view&id=864&Itemid=3325 - علمداری، کاظم، ۱۳۸0، (معمى عدم بقاء الأحزاب) معمای ناپايداری أحزاب، ، نشرية نامه،
http:// w w w. nashrieh-nameh. com/article. php?articleID=836
30- مدير شانهجی، محسن، ۱۳۸۳، موانع سياسی تحزّب در إيران، (المعيقات السياسية للتحزّب في إيران)
http://www. nasle-pooya. com/modules. php?name=Tutorials&op=viewtut&id=35
31 - تاجيك، محمد رضا، «موانع تحزّب در إيران» (معیقات التحزّب في إيران)، نشر على موقع بيت الأحزاب ((
http:// w w w. ir. org بتاريخ، 18/1/1386(آذار، 2007)http:// w w w. nashrieh-nameh. com/article. php?articleID=839