الولايات المتحدة وإيران: مقاربة الملفات المعقدة

تناقش هذه الورقة آفاق العلاقات الأميركية-الإيرانية بعد الاتفاق النووي، الذي وقَّعته إيران والقوى الكبرى في 14 يوليو/تموز 2015. تتمثل الإشكالية المركزية في هذه المقاربة في مدى إمكانية المواءمة بين بنية السياسة الإيرانية وإرثها من جهة والإفادة من متغيِّر اتفاق فيينا من جهة أخرى.
201510149557593734_20.jpg
هل يقود الاتفاق إلى إعادة إطلاق للعلاقة بين واشنطن وطهران؟ (رويترز)

ملخص
في الرابع عشر من يوليو/تموز 2015، أبرمت إيران والقوى الكبرى اتفاقًا تاريخيًّا في العاصمة النمساوية فيينا، هدف إلى ضمان سلمية برنامج إيران النووي.

هذا الاتفاق، مثَّل متغيِّرًا كبيرًا في فضاء السياسة الدولية والإيرانية على حدٍّ سواء. وكان من نتائجه المباشرة إثارة نقاش داخلي إيراني، دار على وجه الخصوص حول المدى الذي يُمكن الذهاب إليه على صعيد الانفتاح على الغرب، وخاصة الولايات المتحدة الأميركية، وماهية الثمن الممكن أو الجائز دفعه في إطار هذا الانفتاح.

ويدور النقاش الداخلي الإيراني بين خطين، محافظ وإصلاحي، ويشارك فيه الرأي العام الوطني على نحو بارز وملحوظ، إنْ من خلال وسائل الإعلام التقليدية، أو شبكات التواصل الاجتماعي.

ويرتكز منطق الإصلاحيين إلى أن اتفاق فيينا يُمثِّل فرصة تاريخية لإطلاق مشاريع التنمية الوطنية، وتعزيز مكانة البلاد ومصداقيتها في البيئة الدولية. أمَّا المحافظون، فلديهم هواجس التاريخ وتجاربه، وتحكمهم الخشية من طبيعة الثمن السياسي والاجتماعي الذي قد يجري دفعه في سياق هذه المقاربة.

وبموازاة النقاش الإيراني الداخلي، ثمة نقاش دولي لا يقل أهمية حول اتفاق فيينا، إلا أن مدخلاته تبدو مغايرة، وإن التقت مخرجاته النهائية والعامة مع المقاربات المثارة في إيران.

هذا النقاش، يتركَّز أساسًا في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية، وإن امتد إلى أماكن وساحات أخرى. وهو يُركِّز على فكرة مفادها أن اتفاق فيينا قد مثَّل وسيلة مثلى لمنع ظهور دولة نووية جديدة، ومنع اندلاع حرب أخرى في منطقة هي في الأصل ملتهبة، كما دفع باتجاه إشراك إيران في الجهود الدولية الخاصة بمعالجة ملفات وقضايا إقليمية ساخنة.

وبالنسبة للأميركيين، فإنه إضافة لذلك، فإنَّ اتفاق فيينا مثَّل انتصارًا للسياسة الأميركية، وتعزيزًا لدورها القيادي. وكان من شأن عدم إقراره تعزيز منطق الصدام، والدفع نحو تآكل الإجماع الدولي، الذي عمل من أجله البيت الأبيض طويلًا.

والآن، وقد أصبح اتفاق فيينا حقيقة قائمة، فإن أحد الأسئلة الجوهرية، التي فرضت نفسها على أكثر من صعيد، هو: إلى أي مدى يُمكن أن يقود هذا الاتفاق باتجاه إعادة إطلاق تاريخي للعلاقة بين واشنطن وطهران؟

إن مقاربة هذا السؤال تحمل بُعدين: يتعلق الأول ببناء الروابط الثنائية، بالمعنى الكلاسيكي للمصطلح. ويتعلق الثاني بالتفاهم، وربما التعاون، على صعيد الملفات الإقليمية، وفي المقدمة منها أمن الخليج، والعراق وسوريا.

تناقش هذه الورقة آفاق العلاقات الأميركية-الإيرانية بعد اتفاق فيينا النووي، الذي وقَّعته إيران والقوى الكبرى في 14 يوليو/تموز 2015. تتمثَّل الإشكالية المركزية في هذه المقاربة في مدى إمكانية المواءمة بين بنية السياسة الإيرانية وإرثها من جهة والإفادة من متغيِّر اتفاق فيينا من جهة أخرى.

وتفترض هذه الورقة أن قوة الدفع في المناخ الجديد للعلاقات الأميركية-الإيرانية سوف تتواصل، رغم ما يبدو من تحديات نابعة جزئيًّا من الإشكالية المشار إليها.

وترى الورقة أن الانفتاح الأميركي-الإيراني سوف يتجسد، على المدى القريب، في بعض الخطوات ذات الصلة بالعلاقات الثنائية، إلا أن تجسيده الأبرز سيكون في التعاون الخاص بمقاربة القضايا والأزمات الإقليمية، وخاصة أمن الخليج والوضعين العراقي والسوري.

وقد اعتمد هذا البحث منهج التتابع الموضوعي، فجرى تقسيم مواده إلى ثلاثة محاور، محورين تأسيسيين وثالث استشرافي.
في المحور الأول، تمت مقاربة الحوار الداخلي الإيراني، الخاص باتفاق فيينا، والمناخ الجديد الذي أولده في بيئة العلاقات الأميركية-الإيرانية، سيما لجهة الرغبة، أو القدرة، على الإفادة من هذا المناخ.

وفي المحور الثاني، التأسيسي أيضًا، جرت مقاربة الاتفاق النووي في دلالاته ذات الصلة بفلسفة العمل الدولي المشترك، وموقعه من المقاربات الجيوسياسية الكونية للقوى الكبرى، وخاصة الولايات المتحدة، والكيفية التي تمت بها قراءة هذا الاتفاق من قِبل النخبة السياسية والفكرية في واشنطن.

في المحور الثالث، جرى تلمُّس التجليات المحتملة للمناخ الجديد في العلاقات الأميركية-الإيرانية، وتمت مقاربة هذا الأمر على نحو جزئي في الإطار الثنائي لهذه العلاقات، وعلى نحو أكثر تفصيلًا في سياقها المرتبط بظروف البيئة الإقليمية الراهنة. وتمت نمذجة ذلك في ثلاث قضايا، هي: مستقبل أمن الخليج، والوضع في العراق، والأزمة السورية، مع التركيز على القضية الأولى.

أولًا: النقاش الإيراني حول العلاقة مع الولايات المتحدة

بالنسبة للإيرانيين، يُمثِّل اتفاق فيينا كسرًا لطوق مديد، طالت آثاره الدولة والمجتمع على حدٍّ سواء.

هذا الاتفاق هو، في التقييم المجمل، بمثابة منزلة بين منزلتين، فالإيرانيون لم يعودوا، استنادًا لتفاصيل الاتفاق، يمتلكون القدرة الإجرائية على الوصول للقنبلة النووية، لو افترضنا أصلًا أن لديهم مثل هذا الهدف.

في المقابل، يحقق الاتفاق لإيران إدامة القدرة العلمية، والإنتاج الذاتي لكامل دورة الوقود النووي، سواء منه الخاص بإنتاج الطاقة أو الأبحاث العلمية المختلفة، حالهم في ذلك حال الدول الصناعية.

وباندماج هذه الحقيقة مع الناتج السياسي والاقتصادي، المتمثِّل في رفع العقوبات الدولية والغربية، وفتح الطريق أمام الانفتاح على العالم، كان بمقدور السلطة الإيرانية الدفاع عن الاتفاق أمام الرأي العام المحلي، واعتباره إنجازًا وطنيًّا تاريخيًّا.

وهل هناك رهان كبير لدى الإيرانيين؟

هناك شعور بالانتصار على مناخ كبير من الضغوط، وهذا ليس رديفًا لمبدأ الرهان، وهو أقرب إلى فلسفة الأمل.

إن الإيرانيين يدركون دون ريب واقع البيئة الدولية وتعقيداتها، وحجم التحديات الكامنة فيها. وقد جعلهم هذا الأمر حذرين في توقعاتهم، رغم سعيهم الحثيث، البادي للعيان، للانفتاح الدبلوماسي والتجاري على العالم.

هذا هو السياق العام للقراءة التي يُمكن تقديمها للاتفاق، في بُعده الإيراني.

وعلى الرغم من ذلك، ثمة أبعاد محلية غير منظورة، أو غير منطوق بها غالبًا، ستبقى موضع تجاذب طويل الأمد بين الخطين: المحافظ والإصلاحي في إيران.

بعض هذه الأبعاد يحمل طبيعة أيديولوجية، ذات صلة بالحدود التي يُمكن لإيران أن تبلغها في علاقتها بالغرب، وخاصة الولايات المتحدة. وهذه الإشكالية يُمكن للمرء ملاحظتها في أصل الفلسفة السياسية للثورة الإيرانية. وهي فلسفة لم تتغيِّر من حيث الجوهر، وإن جرى إعادة إنتاجها جزئيًّا من قِبل المدرسة التي يُمثِّل الرئيس حسن روحاني اليوم امتدادًا لها.

وبالأمس، كان من حصيلة إعادة الإنتاج هذه، الانفتاح على الكتلة الاشتراكية، وقبل ذلك الصين.

وقد استندت فلسفة ذلك الانفتاح إلى حاجة إيران لقوة موازِنة للولايات المتحدة، وإن لم تكن هذه القوة حليفًا سياسيًّا أو استراتيجيًّا، بل وحتى إن كانت داعمة لقوى محلية جرى تصنيفها على أنها معادية للثورة، كحزب توده (الحزب الشيوعي الإيراني)، الذي تورَّط في محاولة انقلابية فاشلة(1).

وفي المنطوق العملي، كان الدافع الأساسي للانفتاح على الدول الاشتراكية حاجة إيران لإعادة بناء الكثير من مؤسسات الدولة، التي بدا أن هناك خشية من تآكل قدراتها. وقد حقق الإيرانيون، بدرجة أو أخرى، غاياتهم من هذا النهج.
اليوم، هناك منطق مماثل يطرحه الإصلاحيون على نظرائهم المحافظين، الذين قادوا الانفتاح على الكتلة الاشتراكية في ثمانينات القرن العشرين.

هذا المنطق، يقول بمشروعية الانفتاح على الغرب، بما في ذلك الولايات المتحدة، من أجل تعزيز فرص التنمية الاقتصادية، التي هي حاجة ثابتة للدولة والمجتمع.

ليس ثمة فرق بين المنطقين، الأول والثاني، في السياق الفلسفي العام. وعلى الرغم من ذلك، فإن معطيات العصر قد تغيَّرت.

في العقد الثامن، كان في إيران اتجاه محافظ، يقول بضرورة تركيز الجهود على بناء الدولة. وكان بجانبه اتجاه راديكالي يدعو إلى منح الأولوية لتصدير الثورة، وتعميمها على أوسع نطاق. وكان شعاره "ثورة مستمرة لا دولة مستقرة"(2).

وتدريجيًّا، تقلَّص الفرق بين الاتجاهين لمصلحة القول ببناء الدولة، وتصدير الثقافة بدلًا من الثورة.

ولم يكن في الوسط السياسي الإيراني يومها ما يُصطلح عليه الآن بالتيار الإصلاحي، وحتى تجربة الرئيس الأسبق الشيخ هاشمي رفسنجاني لا صلة لها بالشعارات المثارة حاليًا حول الانفتاح على الغرب. لقد كانت تجربة محافِظة في المجمل، رغم ما أبدته من انفتاح على المحيط الإقليمي، أمْلته المصلحة الوطنية الإيرانية. وهذا الاستنتاج لا يُمثِّل حُكمًا معياريًّا على هذه التجربة.

إيران اليوم لم تعد محافِظة بالكامل، بل بات فيها جناح إصلاحي له تأثيره وانتشاره، وأضحت السياسية الإيرانية ذات جناحين؛ الأمر الذي منحها عنصر التنوُّع؛ وهو عنصر قوة، رغم ما يثيره من تحديات ذات صلة بصناعة القرار الوطني. وفي الأصل، بدتْ هذه الصناعة أكثر تعقيدًا، بالمعنى المؤسساتي، مما كانت عليه الحال في ثمانينات القرن العشرين.

وثمة معضلة أخرى تتبدَّى في سياق هذه المقاربة، تتمثَّل في ماهية الثمن الذي يُمكن دفعه في سياق معادلة الانفتاح الإيراني الغربي، ومدى التوازن الذي يُمكن تحقيقه في إطار هذه المعادلة، على نحو لا تبدو فيه جهة رابحة وأخرى خاسرة. وهذا أمر حساس بطبيعة الحال، ومن شأن أي شعور بالغبن أن يُغيِّر اتجاهات الرأي العام الإيراني على نحو سلبي.

وعلى الرغم من كل ذلك، فالثابت الآن هو أن الاتفاق النووي قد عزَّز من موقف الجناح الإصلاحي في إيران، وعبَّد الطريق لانفتاح تاريخي على الغرب، بدا أحد تجلياته الأولى في تصريح الرئيس روحاني بأن مقولة: "الموت لأميركا" هي شعار، وليس إعلان حرب على الولايات المتحدة.

ثانيًا: الاتفاق النووي في المقاربات الأميركية والدولية

يُمكن القول، على صعيد القراءة الدولية لاتفاق فيينا النووي: إننا بصدد مقاربة مغايرة، على مستوى الشكل والاتجاه، لتلك السائدة في إيران، وإن التقت معها على صعيد الدلالات والعِبر الأساسية.

هناك تباين على مستوى المدخلات، يوازيه اتفاق على تاريخية الحدث.

في الأصل، مثَّل اتفاق فيينا إنجازًا تاريخيًّا للعمل الدولي المشترك، وبات يُنظر إليه على أنه نموذج يُحتذَى لمقاربة قضايا دولية وإقليمية أخرى.

تنطلق مدركات المقاربة الدولية من حقيقة مفادها أن هذا الاتفاق قد مثَّل بديلًا عن حرب محتملة أو افتراضية، وعن ظهور افتراضي لقوة نووية جديدة في العالم. وهو يُعَدُّ، في حدِّه الأدنى، بديلًا عن حرب باردة، بين طيف عريض من الأطراف. كما أنه لا بديل آخر له يُمكن أن يغدو موضع إجماع دولي.

هذه باختصار مدخلات المقاربة الدولية.

وفي مخرجاتها، ترى هذه المقاربة أن اتفاق فيينا، الذي جرى إنجازه بجهد دولي مديد، قد عزَّز من حظوظ السلم والاستقرار الإقليمي وفتح مسارًا تاريخيًّا أمام إيران لإعادة بناء روابطها مع الأسرة الدولية، والاندماج في الفضاء الدولي الرحب، وتعزيز فرصها في الاستثمار والتنمية الاقتصادية.

وفي مخرجاتها أيضًا، ترى هذه المقاربة أن هذا الاتفاق قد عبَّد الطريق أمام انخراط إيران في الجهود الدولية والإقليمية، متعددة الأطراف، ذات الصلة بحلِّ النزاعات الدائرة في المنطقة، خاصة في سوريا والعراق.

وفي التحليل الأخير، فإن القوى الدولية بدت في مجملها رابحة من اتفاق فيينا، ليس في سياق مقاربة السلم الدولي وحسب، بل كذلك في إطار منظورها لمصالحها الوطنية وأمنها القومي.

فالولايات المتحدة تجنَّبت بهذا الاتفاق الذهاب نحو الخيار العسكري، وفتح حرب جديدة في المنطقة، كما عزَّزت من دورها القيادي في السياسة الدولية(3). وحتى المقاربات الأميركية المتحفظة لم تذهب بعيدًا عن هذه القناعة(4).

ومن ناحيتها، شعرت روسيا بأن الطريق بات معبَّدًا أمامها لتعزيز روابطها الاقتصادية والسياسية مع إيران، وتطوير منظومة العلاقات الثنائية بين البلدين، والتي بلغت في الأصل مدى كبيرًا في السنوات العشر الأخيرة.

وما يقال عن روسيا يُمكن قوله عن الصين، وإنْ في سياق مختلف نسبيًّا.

أمَّا الاتحاد الأوروبي، فهو الأكثر إحساسًا بالنجاح، دبلوماسيًّا وتجاريًّا، كون الثلاثي الأوروبي (بريطانيا وفرنسا وألمانيا) هو من أطلق مسار التفاوض حول البرنامج النووي الإيراني، كما أن أوروبا كانت صاحبة الحضور التجاري والاقتصادي الأكبر في إيران، قبل فرض العقوبات عليها.

الأمم المتحدة من ناحيتها، تمكَّنت من تسجيل تجربة فريدة، فنادرًا ما شهد تاريخها فرض سلسلة طويلة من العقوبات على دولة ما، ثم رفعها نتيجة لمسار تفاوضي، في وجود ذات السلطة التي فُرضت في عهدها العقوبات.

وما يُمكن قوله خلاصة هو أن إحساسًا بالنجاح قد ساد الأسرة الدولية عامة، بتوقيع اتفاق فيينا، كونه إنجازًا تاريخيًّا مشتركًا لهذه الأسرة. 

ثالثًا: الآفاق والخيارات المستقبلية للعلاقات الأميركية-الإيرانية

في أحد أبعاده، الأكثر تاريخية، رمى هذا الاتفاق بظلاله الإيجابية على فرص إعادة إطلاق العلاقات الأميركية-الإيرانية، أو لنقل: قد حقَّق فعلًا أولى تجلياته على هذا الصعيد.

لقد اعتبرت الإدارة الأميركية اتفاق فيينا إنجازًا صريحًا، لا لبس فيه، للأمن القومي الأميركي، بقدر كونه مكسبًا عامًّا للسلم الإقليمي والدولي. كما ينسجم هذا الاتفاق مع رؤية الولايات المتحدة لحظر التكنولوجيا النووية، ومقاربتها الكونية للأمن النووي -وفق ما يُمكن استنتاجه من قراءات العلماء الأميركيين لهذا الأمن(5).

وبالنسبة للرئيس باراك أوباما شخصيًّا؛ فقد مثَّل الاتفاق أهم إنجازات سياسته الخارجية، وهو سيكون أبرز محطات تاريخه السياسي كرئيس للولايات المتحدة.

ويُمثِّل الاتفاق أيضًا إحدى المحطات الكبرى في السياسة الخارجية الأميركية، يوازي في رمزيته ودلالته محطات تاريخية، مثل إعادة العلاقات بين أميركا والصين.

والسؤال الآن، هو: ما هو مستوى الانفتاح المحتمل في العلاقات الأميركية-الإيرانية؟

بعض هذه الإجابة أتى في حديث نُشر في 20 سبتمبر/أيلول 2015، للرئيس روحاني، قال فيه: إن طهران وواشنطن "اتخذتا أولى الخطوات" نحو تخفيف العداء بينهما، على الرغم من أن "الهوة والخلافات وانعدام الثقة لن ينتهي قريبًا". وقال روحاني: "المهم هو أي اتجاه نسير نحوه؟ هل نحن نتجه نحو تضخيم العداء أم تخفيف هذا العداء؟ أعتقد أننا اتخذنا أولى الخطوات نحو تخفيف هذا العداء"(6).

وعاد روحاني، بعد أيام، وأوضح أن الموقف قد "تغيَّر بلا شك... يمكننا الإشارة إلى أشياء ملموسة، وإلى الخطوات العديدة التي قُطعت للأمام، لكن الطريق لا يزال طويلًا"(7).

وما يُمكن توقعه الآن هو أن إعادة بناء الروابط الأميركية-الإيرانية، بالمعنى الكلاسيكي المتعارف عليه، قد يكون رهان المستقبل، وأن المغزى في معظم ما يجري حاليًا يبقى مغزى سياسيًّا بالدرجة الأولى.

إن الذي يحدث الآن هو وضع قريب إلى مفهوم الحياد الإيجابي في العلاقات الدولية. وهناك مناخ من النوايا (أو الرغبات) الحسنة، قد يتخلله إطلاق بعض المبادرات، وربما تعزيز خيار الدبلوماسية الشعبية.

إن ذلك كله شبيه، نوعًا ما، بما حدث بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي في عهد ميخائيل غورباتشوف، أو على الأقل في الفترة الأولى من إطلاقه البريسترويكا (إعادة البناء). وذلك مع فارق أن النظام في إيران لا يشهد تغيُّرًا في التكوين، بل في الخيارات ذات الصلة بالعلاقة بالغرب، وخاصة واشنطن.

إن البُعد الأكثر دلالة لمتغيِّر العلاقات الأميركية-الإيرانية قد يجد تجلياته في التفاهمات الخاصة بأمن الخليج والنزاعات الإقليمية الدائرة في المنطقة، وعلى الأخص الأوضاع في العراق وسوريا.

على مستوى أمن الخليج، يُمكن القول بداية: إننا بصدد قضية ذات أولوية رئيسية لدى الولايات المتحدة، تمامًا كما هي لدى إيران ذاتها. إنها أولوية متقدمة بالنسبة للجانبين، لكنها خلافية في الوقت ذاته.

إن القضية هنا ترتبط، على وجه التحديد، بمستقبل الترتيبات الأمنية في الخليج.

على مستوى خبرتهم في المنطقة، تحاشى الأميركيون، منذ العام 1979، دعم أية فكرة لإقامة تفاهمات إقليمية للأمن بمشاركة إيرانية. وحثُّوا، في المقابل، على نظام أمني يستند إلى منظومة اتفاقات ثنائية ومتعددة، تُبرَم بين واشنطن وعواصم المنطقة.

واليوم، فإن أحد عناصر إعادة بناء العلاقات الأميركية-الإيرانية يتمثل في قبول الولايات المتحدة بإيران كأحد الأطراف المحلية المعنية بمقاربة أمن الخليج. وقد ورد هذا الطرح في معظم التصريحات الأميركية ذات العلاقة، كما في سلة الحوافز التي قدمها لطهران السداسي الدولي في 14 يونيو/حزيران من العام 2008(8).

وهنا، تبدو فرص الالتقاء الخليجي-الإيراني على ترتيبات الأمن في الخليج حاجة أميركية، راهنة ومستقبلية، بموازاة كونها حاجة إقليمية أصيلة.

وعند هذه النقطة نصل إلى متغيِّر تابع آخر، نقصد به تزايد فرص التوافق على بناء نظام للأمن المشترك في الإقليم. وذلك مع التأكيد سلفًا على نسبية هذه المقولة، وعدم الاستبعاد التام لطابعها التحليلي. كما أن استنتاجًا كهذا لا يعني أن الطريق بات معبَّدًا أمام هذا الخيار. إنه لا يزال مليئًا بالتحديات متعددة الأوجه.

إن إحدى الإشكاليات الرئيسية التي تفرض نفسها هنا هي مدى قدرة الولايات المتحدة على المواءمة بين وجود نظام أمن إقليمي، محلي التكوين، واستمرار مبدأ التدخل المباشر، معبَّرًا عنه بالموازِن الخارجي (Foreign Balancer)، كدليل لسياستها في المنطقة.

إن مفهوم "الموازِن الخارجي"، يُعد مفهومًا إشكاليًّا، وليس ثمة اتفاق حول تعريفه إلا أننا سنقدِّم تعريفًا مبدئيًّا له، على النحو التالي: الموازِن الخارجي هو قوة عسكرية غير محلية، تعمل على موازنة قوة أخرى إقليمية أو دولية، يُنظر إليها على أنها مصدر لتهديد الأمن.

وعلى الرغم من ذلك، فإن الإشكالية التي تفرض نفسها على نحو مباشر، هي مدى إمكانية أن تكون القوة، بمفهومها العسكري المجرد، موازنة للدولة بثقلها الكلي، الذي لا تُمثِّل القوة العسكرية سوى أحد عناصره؛ حيث تبرز العناصر الأخرى للقوة ديمغرافيًّا واقتصاديًّا وجغرافيًّا. والقوة العسكرية الأميركية في الخليج ليست تعبيرًا موازيًا للولايات المتحدة كدولة.

كذلك، فإن القول باعتماد مبدأ "الموازِن الخارجي" كدليل للسياسة الأميركية في الخليج، لا يعني، بحال من الأحوال، انتفاء معضلة التوازن الاستراتيجي في النظام الإقليمي الخليجي.

وأيًّا يكن الأمر، فقد أريد للقوة العسكرية الأميركية، المتواجدة في الخليج وحوله، موازنة القوة الإيرانية.

وقد مثَّل الموازن الخارجي عماد المقاربة الأميركية لأمن الخليج، منذ إعلان مبدأ كارتر، في يناير/كانون الثاني 1980، إلا أن هذا الخيار بدا أكثر وضوحًا منذ انهيار التوازن الاستراتيجي في الإقليم بعد حرب الخليج الثانية، التي حيَّدت القوة العراقية، وعزلتها استراتيجيًّا.

والسؤال مجددًا هو: هل يُمكن للولايات المتحدة الجمع بين مبدأ "الموازِن الخارجي" وبين رعاية صورة للأمن الإقليمي، تكون إيران طرفًا فيه، كنتاج لمتغيِّر العلاقات الأميركية-الإيرانية؟

إن مقاربة على هذا النحو تنطوي على إشكالية اقتراب، أو تعايش، بين طرفيها: طرف الوجود الأميركي المتطوِّر في الخليج، وطرف العلاقات الأميركية-الإيرانية المتقدمة، أو الحسنة وغير المتوترة.

إنَّ العلاقة بين طرفي المقاربة، تبدو هنا ذات طبيعة عكسية في أفضل الافتراضات، وصفرية في الأسوأ، أي إنَّ النمو في الطرف الأول يعني بالضرورة انخفاضًا مساويًا في الطرف الثاني.

ما هو الحل إذًا؟

هذه المعضلة، يُمكن حلُّها بالدخول في إعادة هيكلة للقوة الأميركية في الخليج. وربما يكون هذا هو خيار المستقبل.

وخلال ذلك، لابد أن يكون تحسين العلاقات الخليجية-الإيرانية، وحل عوامل التوتر الكامنة فيها، هدفًا رئيسيًّا للسياسة الأميركية في الخليج.

وهنا، يُمكن أن نلحظ بأنه فور توقيع اتفاق فيينا، بادر أوباما لدعوة الدول العربية في الخليج لبدء "حوار عملي" مع إيران من أجل الحدِّ من الانقسامات السائدة، والتصدي للتهديدات المشتركة، النابعة من الإرهاب والتطرف. ورأى أوباما أن أفضل فرصة متاحة للحدِّ من نطاق الصراعات التي تعصف بالمنطقة هي الدخول في الحوار، وتجنُّب إلقاء اللوم على إيران في أزمات المنطقة(9).

وليس بعيدًا عن مقاربة الأمن في الخليج، أو بالأصح غير مفصول عنها في الأصل، يبرز الوضع في العراق كأحد مساحات التفاهم الأميركي-الإيراني.

هذا التفاهم غير المنطوق به قائم أساسًا، بصورة أو بأخرى، منذ العام 2003، وإن العملية السياسية الراهنة في العراق ليست سوى إحدى نتاجاته الأساسية.

وقد كانت هناك مباحثات بين البلدين في بغداد، على مستوى السفراء حول حالة الأمن في العراق. كما كان البلدان حاضرين سويًّا في عدد من الاجتماعات الإقليمية الخاصة بالوضع العراقي(10).

وبالطبع، هذا لا يعني، بحال من الأحوال، أن هناك توافقًا أميركيًّا إيرانيًّا في الساحة العراقية، أو رؤية مشتركة حيالها. إنه تفاهم الأمر الواقع، الذي يفرضه نفوذ الدولتين، باعتبارهما أكبر لاعبيْن هناك.

هذا الواقع، تعزَّز في الأشهر الأخيرة، بفعل تحوُّلات البيئة الأمنية في العراق، ومن ثم تحوُّلات بيئته السياسية استتباعًا لذلك. وقد حدث ذلك بالتزامن مع زيادة الولايات المتحدة لحضورها الأمني في بلاد الرافدين، وتسريع عملية تسليحها للقوات العراقية.

إن تفاهمات الأمر الواقع هذه، سوف تتعزز الآن بفعل المناخ الجديد للعلاقات الأميركية-الإيرانية، وسيرمي ذلك بتداعياته على الساحة العراقية في أكثر من اتجاه.

الساحة السورية بدورها سوف تتأثر بهذا المناخ، وإنْ ضمن سياقات مغايرة. الفرق بين الحالتين العراقية والسورية يبدو جليًّا بطبيعة الحال.

إن كلًّا من الولايات المتحدة وإيران طرفان أساسيان في معادلتي الأمن والسياسة العراقية، وتعد السلطة في بغداد حليفًا مشتركًا لهما.

في سوريا، تبرز إيران باعتبارها الحليف الإقليمي الأساسي للرئيس بشار الأسد، فيما تُعتبر الولايات المتحدة جهة التأثير الدولية الرئيسية في قوى المعارضة، والحليف الأبرز للدول الإقليمية الداعمة لها.

هذه المعادلة، تعني أن طهران وواشنطن قوتان لا يُمكن تجاوز دورهما في مقاربة الأزمة السورية، إنْ على صعيد مسارها الراهن أو اتجاهاتها المستقبلية. وهناك إدراك أميركي/إيراني لهذه الحقيقة، إلا أن توتر العلاقات بين البلدين ظل يحول دون البناء عليها.

هذا الأمر، أخذ الآن طريقه نحو التحوُّل، وقرَّر الأميركيون الحديث مع إيران في الشأن السوري(11).

بقي أن تطوَّر الحضور العسكري الروسي في سوريا، الذي سار بوتيرة متسارعة، اعتبارًا من سبتمبر/أيلول 2015، قد يدفع باتجاه إعادة صياغة النقاش إلى نقاش ثلاثي إيراني-أميركي-روسي، وربما أكثر من هذا المستوى.

إن بعض ما يطرحه الروس اليوم هو فعل أمني واستخباراتي مشترك، تلتقي في إطاره كل من دمشق وبغداد وطهران وموسكو(12). كما يطرح الروس تحركًا عسكريًّا جويًّا (وربما بريًّا وبحريًّا) بالتنسيق مع التحالف الجوي الغربي الذي تقوده واشنطن، أو بمنأى عنه(13).

إن الدور الروسي الجديد قد أعاد تشكيل البيئة الاستراتيجية للأزمة السورية، وأعاد استتباعًا توجيه مقارباتها السياسية، بما في ذلك اتجاهات التفاهم الأميركي-الإيراني حيالها.

 خلاصة البحث

مثَّل اتفاق فيينا النووي، بين إيران والقوى الكبرى، متغيِّرًا كبيرًا في فضاء السياسة الدولية، وهو اتفاق تاريخي بالمدلول النظامي للمصطلح.

على الصعيد الإيراني، كان من نتائج هذا الاتفاق رفع مستوى النقاشات الخاصة بمستقبل الانفتاح على الغرب، أو زيادة منسوبه القائم، بما في ذلك فرص إعادة بناء العلاقات الإيرانية-الأميركية.

وعلى الصعيد الدولي، ثمة اعتقاد بأن اتفاق فيينا مثَّل مكسبًا للأمن والسلم العالمي، وجنَّب المنطقة حربًا أخرى محتملة. وبالنسبة لكل من الولايات المتحدة وأوروبا وروسيا، فإن لديها ما يؤكد أن هذا الاتفاق قد عزَّز من مصالحها الجيوسياسية، وخدم أمنها القومي.

وقد كان من النتائج الفعلية لاتفاق فيينا تعزيز مسار الانفتاح الأميركي على إيران؛ حيث تم النظر إلى ذلك باعتباره نجاحًا للدبلوماسية الأميركية، ومنعطفًا تاريخيًّا في مسارها، قريبًا من ذلك الذي حدث مع الصين في سبعينات القرن العشرين.

وهذا الانفتاح، قد يحقِّق في المدى القريب بعض الخطوات الأولية، على مستوى الروابط أو القضايا الثنائية المباشرة، بيد أن رهانه المرحلي سيكون في اختبار فرص التعاون والتنسيق في الملفات الإقليمية.

وفي هذا الإطار، سيكون التعاون في قضايا أمن الخليج عنصرًا راهنًا وبعيد المدى في مقاربة العلاقات الأميركية-الإيرانية، ودليلًا كبيرًا على نجاحها. ومتى تحقق هذا التعاون، أو التنسيق، فإن أمن الخليج سوف يدخل مرحلة إعادة التعريف الاستراتيجي، وستكون المنطقة أمام متغيِّر تاريخي كبير.

كذلك، سيمثِّل العراق وسوريا ملفات تعاون على طريق البحث عن مخارج وحلول، قد تُشكِّل حدًّا أدنى من القبول والتوافق المحلي والدولي.
____________________________________
عبد الجليل زيد المرهون - باحث وخبير استراتيجي، متخصص في قضايا الأمن الإقليمي، والدراسات الدفاعية، والنظم الإقليمية.

المصادر والهوامش
1- حدث ذلك في العام 1983، إبَّان الحرب العراقية-الإيرانية. وكان من ضمن المتورطين في هذه المحاولة قائد البحرية الإيرانية. وقامت السلطات حينها بشنِّ حملة اعتقالات واسعة، شملت كبار قيادات الحزب:
Farhang Jahanpour, Iran: The Rise and Fall of the Tudeh Party, The World Today, Vol. 40, No. 4, April 1984, pp 152-159.
2-  مثَّل هذا الخط الشيخ محمد حسين منتظري (نجل آية الله منتظري)، وهو مؤسِّس الحرس الثوري الإيراني، وكان صلة الوصل بين إيران والقوى الراديكالية والثورية في الشرق الأوسط، مثل اليمن الجنوبي وسوريا ومنظمة التحرير الفلسطينية، وخاصة حركة فتح. وقد قُتل في انفجار مقر الحزب الجمهوري، الذي ذهب فيه كبار قيادات الثورة الإيرانية، وكان ذلك الانفجار أكبر ضربة وُجِّهت لهذه الثورة على الإطلاق.
3- Hillary Clinton addresses the Iran nuclear deal (Video), Brookings Institution, September 9, 2015, at: http://www.brookings.edu/events/2015/09/09-clinton-iran-nuclear-deal, and Obama Makes His Case on Iran Nuclear Deal, The New York Times, July 14, 2015, at: http://www.nytimes.com/2015/07/15/opinion/thomas-friedman-obama-makes-his-case-on-iran-nuclear-deal.html
4- Delaney Parrish, Office of Communications, Watch the highlights: John McCain and Brookings experts debate the Iran nuclear deal, Brookings institution, September 16, 2015,(accessed: September 20, 2015…) at: http://www.brookings.edu/blogs/brookings-now/posts/2015/09/watch-highlights-john-mccain-brookings-experts-debate-iran-nuclear-deal 
5- WYN BOWEN and MATTHEW MORAN, Living with nuclear hedging: the implications of Iran's nuclear strategy, International Affairs, Vol. 91, No. 4, July 2015, pp. 687–707, and Francis J. Gavin, Strategies of Inhibition: U.S. Grand Strategy, the Nuclear Revolution, and Nonproliferation, International Security, Vol. 40, No. 1, summer 2015, pp. 9-46.
 6-Warren Strobel, Rouhani says U.S.-Iran enmity eased, but distrust will remain, Reuters, September 21, 2015, (accessed September 28, 2015,) at: http://uk.reuters.com/article/2015/09/20/uk-iran-nuclear-rouhani-idUKKCN0RK14Y20150920
7-DAYAN CANDAPPA, Iran's Rouhani: U.S. ties better but 'still a long road to travel', Reuters, September 26, 2015, (accessed September 26, 2015,) at: http://uk.reuters.com/article/2015/09/26/uk-un-assembly-iran-idUKKCN0RP1VO20150926 
 
8- Statement, Letter by P5+1 Partners on New Incentives Package for Iran .U.S., European partners offer Iran new incentives to build mutual trust, U.S. DEPARTMENT OF STATE, Office of the Spokesman, June 17, 2008, (accessed: June 18, 2008) AT: إضغط هنا
9- Obama Makes His Case on Iran Nuclear Deal In an exclusive interview with Thomas L. Friedman, the president explains why he has no second thoughts about the accord with Iran. By A.J. Chavar, Gabriella Demczuk, Gabe Silverman, Emily B. Hager and Abe Sater on Publish Date July 14, 2015, , The New York Times, July 14, 2015, at: http://www.nytimes.com/2015/07/15/opinion/thomas-friedman-obama-makes-his-case-on-iran-nuclear-deal.html 
10- Patrick Clawson. Engaging Iran on Iraq: At What Price and to What End? The Washington Institute for Near East Policy, December 5, 2006, (accessed: April 29, 2007…) at: http://www.washingtoninstitute.org/templateC05.php?CID=2540 
11- THE ASSOCIATED PRESS, Obama Administration Wants to Talk to Iran About Syria, The New York Times, September 26, 2015, (accessed: September 26, 2015…) at: http://www.nytimes.com/aponline/2015/09/26/us/politics/ap-us-united-states-iran-syria.html?_r=0 , and MICHAEL R. GORDONSEPT, Shifting Direction, Kerry Aims to Include Iran in Efforts to End the Conflict in Syria, The New York Times, September 26, 2015, at: HTTP://WWW.NYTIMES.COM/2015/09/27/WORLD/MIDDLEEAST/SHIFTING-DIRECTION-KERRY-AIMS-TO-INCLUDE-IRAN-IN-EFFORTS-TO-END-THE-CONFLICT-IN-SYRIA.HTML?REF=WORLD&_R=0 
12- MICHAEL R. GORDONSEPT, Iraq Agrees to Share Intelligence on ISIS With Russia, Syria and Iran, , The New York Times, September 27, 2015, (accessed: September 27, 2015…) at:
http://www.nytimes.com/2015/09/28/world/middleeast/iraq-agrees-to-share-intelligence-on-isis-with-russia-syria-and-iran.html 
13- See: Mitchell A. Orenstein, Russia's Desperate Measures: The United States Should be Wary of Moscow in Syria, foreign affairs, September 20, 2015,at: https://www.foreignaffairs.com/articles/syria/2015-09-20/russias-desperate-measures, and Dmitry Adamsky, Putin's Damascus Steal: How Russia Got Ahead in the Middle East, foreign affairs, September 16, 2015, (accessed:… September 25, 2015) at: https://www.foreignaffairs.com/articles/syria/2015-09-16/putins-damascus-steal

نبذة عن الكاتب