سيخوض الصومال قريبًا انتخابات برلمانية ورئاسية هي الأولى من نوعها منذ عقود؛ حيث تزداد فيها رقعة التمثيل الشعبي، وبمشاركة عدد أكثر من الناخبين في اختيار أعضاء مجلس الشعب وحده؛ ما يعطي هذه الانتخابات شرعية أكثر مقارنة بالانتخابات التي مرَّت بالصومال منذ 2000.
يأتي هذا الحدث في ظل أصعب تنافس انتخابي يشهده الصومال منذ 1967 مع غياب مشاركة الأحزاب السياسية عن الانتخابات بصفتها الحزبية لأسباب فنية ودستورية؛ مما يجعل السباق الرئاسي للوصول إلى السلطة حكرًا على سياسيين تتعدد أفكارهم وتوجهاتهم وأيديولوجياتهم ما بين إسلامي وليبرالي وآخر مستقل.
الانتخابات الصومالية المرتقبة تنعقد وسط تحديات أمنية وسياسية واقتصادية تتداخل فيها المصالح القبلية والسياسية وتأثيرات الدول المجاورة وطموحات المنظمات الإقليمية والدولية بشكل كبير، وذلك في ظل تباين وتناقض وجهات نظر تلك الدول في أغلب الأحيان. هذا مع إعطاء الأطراف الصومالية هامشًا ضئيلًا من المناورة السياسية وهو ما يشير إلى أن العملية الانتخابية ستكون خاضعة لأجندات ومؤثِّرات خارجية؛ مما يطرح تساؤلات عدَّة حول انعكاسات ذلك على نتائج الانتخابات.
كما يتزامن ذلك مع إعلان الكثير من السياسيين عن ترشحهم لخوض السباق الرئاسي، وذلك في ظل تعدد غايات وأهداف المرشحين وتقاطع مصالحهم فيما بينهم من جهة، وتباين رغبات الدول الإقليمية والمجاورة من جهة ثانية، واختلاف وجهات النظر بين الأطراف الدولية تجاه المرشحين من جهة ثالثة.
مقدمة
يستعد الصومال لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية -تأخرت عن موعدها أكثر من مرة- في موعد أقصاه 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2016، في وقت تتداخل فيها المصالح القبلية والسياسية وتأثيرات الدول المجاورة وطموحات الأطراف والدولية بشكل واضح.
يأتي الحدث الانتخابي في ظل أصعب تنافس انتخابي يشهده الصومال منذ 1967 وفي ظل غياب مشاركة الأحزاب السياسية عن الانتخابات بصفتها الحزبية لأسباب تقنية ودستورية، مما يجعل السباق الرئاسي للوصول إلى السلطة حكرًا على سياسيين تتعدد أفكارهم وتوجهاتهم وأيديولوجياتهم ما بين إسلامي وليبرالي وآخر مستقل.
وفي هذه الورقة يسلِّط الباحث الضوء علي نوعية الانتخابات البرلمانية والرئاسية المرتقب إجراؤها في الصومال، وذلك من خلال قراءة ترتيباتها ومشاهدها الحالية والجداول الزمنية المحددة لها، ومقارنتها مع نظيرتها السابقة في عام 2012.
يناقش الباحث في هذه الورقة عددًا من التساؤلات حول مدى توفر عناصر الشفافية والنزاهة في العملية الانتخابية مستخدمًا في ذلك معطيات ومؤشرات واقعية، كما يستعرض الباحث جانبًا من التحديات والعقبات المحتملة أمام انعقاد الانتخابات في بلد يتعافى نسبيًّا من الفوضى والحروب والانقسامات السياسية.
يستشرف الباحث أيضًا خطوط وحظوظ أبرز المرشحين الرئاسيين، وذلك في ظل تعدد غاياتهم وأهدافهم، وتقاطع المصالح فيما بينهم من جهة، وتباين رغبات الدول الإقليمية المؤثِّرة على المشهد السياسي الصومالي من جهة ثانية، واختلاف وجهات النظر بين اللاعبين الدوليين والإقليميين تجاه المرشحين من جهة ثالثة.
نوعية الانتخابات المرتقبة في الصومال
في سبتمبر/أيلول 2012، بدأت في الصومال عملية إعادة بناء دولة مركزية غير انتقالية من خلال انتخاب الرئيس حسن شيخ محمود، وبناء مؤسسات الدولة من الهيئات التشريعية والتنفيذية والقضائية؛ وذلك على إثر انتهاء فترة الحكومة الانتقالية وتراجع حركة الشباب المرتبطة بالقاعدة وخسارتها معظم معاقلها في جنوب البلاد ووسطها. وكان من مهام الحكومة الجديدة، إجراء تشكيل الإدارات الفيدرالية، وإعداد الدستور الصومالي للاستفتاء عليه وإقراره؛ تمهيدًا لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية عام 2016(1).
ربما تكون الحكومة الحالية قد نجحت حتى الآن في تنفيذ العديد من تلك المهام، غير أنها أعلنت مؤخرًا عن استحالة تنظيم انتخابات مباشرة في البلاد عام 2016 كما كان مقرَّرًا، مقابل إعلانها إجراء انتخابات غير مباشرة لأسباب جيوسياسية وأمنية قائمة في البلاد.
تُجرى الانتخابات البرلمانية والرئاسية في الصومال في وقت تبقى الأحزاب السياسية الناشئة خارح المشاركة في العملية الانتخابية والتي تنفرد بها حصريًّا، وبشكل خاص، الحكومة الاتحادية وحكومات الأقاليم الفيدرالية. ويُعزى ذلك إلى أن الحكومة الصومالية لم تقم خلال الفترة الماضية بإعداد المتطلبات المتعلقة بمشاركة الأحزاب في الانتخابات بصفتها الحزبية لأسباب قد تكون موضوعية ولأخرى سياسية. هذا مع أن البرلمان الصومالي صادَقَ مؤخرًا على قانون الأحزاب السياسية في البلاد.
فرغم أن الانتخابات تأخرت عن موعد الجدول الزمني المحدد لها -الذي طرحته اللجنة الانتخابية الفيدرالية واتفقت عليه فيما بعد الحكومة الاتحادية وحكومات الولايات الفيدرالية- أكثر من مرة لأسباب قيلت إنها فنية، إلا أن عملية اختيار أعضاء مجلس الشيوخ قريبة من الانتهاء. ويتكون هذا المجلس من ثمانية وخمسين عضوًا يتم اختيارهم على أساس الأقاليم الفيدرالية الستة المعمول بها حاليًّا، غير أن العاصمة "مقديشو" لا تشكِّل مركزًا ضمن هذا التمثيل؛ حيث لم يتم حسم وضعها المستقبلي في النظام الفيدرالي الجديد في الصومال. وستكون الكلمة الأخيرة لمجلس الشيوخ في اختيار رؤساء الأقاليم الفيدرالية مع مراعاة التوازن القبلي المتعارف عليه في قاموس السياسة الصومالية منذ انهيار الحكومة المركزية عام 1991.
أما انتخابات مجلس الشعب والذي يتكون من 275 عضوًا؛ فستُعقد رسميًّا في نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2016 في مقرات عواصم الولايات الفيدرالية وفقًا للمحاصصة القبلية (4.5). في حين سيتم إجراء الانتخابات الرئاسية في 30 نوفمبر /تشرين الثاني 2016؛ حيث سيقوم أعضاء مجلسي الشعب والشيوخ بانتخاب رئيس جديد يتولى حكم البلاد لأربع سنوات قادمة(2).
الفرق بين الانتخابات الحالية وانتخابات 2012
على الرغم من أن الصومال سيخوض انتخابات رئاسية داخل البلاد في المرة الثانية على التوالي، منذ عام 2012، وتشترك الانتخابات الحالية في الكثير من الأمور مع نظيرتها السابقة في عام 2012 بحكم أن كليهما ينعقد -أو انعقد- في بلد يتعافى من ويلات الحروب الأهلية التي استمرت لربع قرن مضى، إلا أن هناك عوامل جديدة لم تكن متوفرة خلال الانتخابات السابقة؛ مما يجعل الصورة العامة للانتخابات الحالية مختلفة تمامًا عمَّا قبلها، ويمكن إجمال هذه العوامل في ما يلي:
- ازدياد رقعة التمثيل الشعبي في الانتخابات المرتقبة؛ حيث يشترك في انتخابات مجلس الشعب للبرلمان وحده حوالي أربعة عشر ألف ناخب تمَّ اختيارهم من قِبل شيوخ القبائل الصومالية مقابل 135 ناخبًا الذين اختاروا نواب البرلمان في عام 2012، وهو ما يعطي هذه الانتخابات شرعية أكثر مقارنة مع الانتخابات السابقة.
- يعتبر دور القوى الإقليمية والدولية وتحديدًا دول الجوار، اللاعب الأكبر في مسيرة العملية الانتخابية الحالية، في حين كان دورها محدودًا وضئيلًا للغاية في انتخابات عام 2012. وعلى رأس تلك القوى المؤثِّرة في الانتخابات دول إقليمية تتقدمها دول الجوار (إثيوبيا وكينيا وجيبوتي) والتي تتواجد قواتها في البلاد ضمن بعثة الاتحاد الإفريقي، وأخرى غير إقليمية سواء كانت دولًا غربية مثل أميركا وبريطانيا، أو عربية مثل: دولة الإمارات العربية المتحدة، ودولة قطر، والمملكة العربية السعودية، أو إسلامية مثل: تركيا، وذلك في ظل تباين وتناقض وجهات نظر تلك الدول في كثير من الأحيان؛ ما يعني أن الكل سيحاول تصميم العملية الانتخابية وفق صيغته ورغباته الخاصة. ومن هنا، فإن الانتخابات الرئاسية في البلاد ستكون خاضعة لمؤثرات خارجية كبيرة، وهو مما يطرح تساؤلات عدة حول انعكاسات هذه المؤثِّرات على نتائج الانتخابات.
- تختلف هذه الانتخابات أيضًا عن سابقتها في عام 2012 بقوة دور رؤساء الولايات الفيدرالية باعتبارهم كانوا -وما زالوا- شركاء حقيقيين مع الحكومة المركزية في المشاورات الوطنية في إتمام مسيرة الانتخابات، وبالتالي سيكون لرؤساء الولايات الفيدرالية دور حيوي في الانتخابات؛ مما يضطر كل مرشح رئاسي أن يكون لديه تحالف مع اثنين من رؤساء الأقاليم على الأقل.
- تجرى معظم الانتخابات البرلمانية لمجلسي الشعب والشيوخ في الأقاليم الصومالية، مختلفة في ذلك عن انتخابات عام 2012 التي انعقدت في العاصمة الصومالية "مقديشو"؛ الأمر الذي يؤشِّر إلى إحراز تقدم كبير في مجال بسط المشاركة الانتخابية، وإتاحة فرص أكبر لأهالي وسكان المناطق النائية.
مدى توفر عوامل المصداقية والشفافية في العملية الانتخابية المرتقبة
استخدام وتطبيق الآليات الانتخابية لن يتم بسهولة بين عشية وضحاها، لاسيما في بلد كالصومال الذي أصبح مثلًا يُضرب في الفساد والحروب الأهلية، وقد ذاق مرارة الانقسامات القبلية، وبات فريسة للتدخلات الأجنبية البائسة، وشهد أبشع أنواع الإرهاب الدولي متمثلًا في حركة الشباب المجاهدين المرتبطة بتنظيم القاعدة.
ومع أن حديث الانتخابات في الصومال يتمحور في الغالب حول أبجديات الانعقاد بسبب العقبات والعراقيل التي تعترض طريقها، إلا أن اللافت للنظر حاليًّا هو استمرار التحول الديمقراطي الذي بات يتطور من حين لآخر، وهو ما يجعل الانتخابات القادمة ربما تكون أقرب إلى الشفافية وتطبيق أسس الاقتراع باعتبار أن المشاركة والتمثيل الشعبي فيها أكثر وأوسع من الانتخابات السابقة.
وعلى الرغم من هذا التقدم، إلا أن هناك إشكاليات تحيط بإمكانية فرض الشفافية على الانتخابات، ومنها علي سبيل المثال لا الحصر:
- تلك المعارك الجارية حاليًّا في الأوساط السياسية المنافسة حول تحديد أعضاء الدائرة الانتخابية الخاصة بكل نائب؛ حيث يسعي المرشحون للرئاسة إلى فرض أعضاء موالين لهم في هذه الدوائر بهدف وضع بصماتهم على نتيجة الانتخابات بشقيها البرلماني والرئاسي متجاهلين مبدأ الشفافية المطلوب في العملية الانتخابية.
- يشك بعض الأطراف السياسية المتوقع مشاركتها في الانتخابات في كيفية تشكيل لجنة الانتخابات الفيدرالية، التي أُعلن عنها مؤخرًا من قِبل الحكومة الاتحادية وحكومات الولايات الفيدرالية، متهمين إياها في نفس الوقت بالمحاباة وعدم الحيادية. وبالتالي، فإن هناك عدم ثقة متزايد لدى بعض الأطراف المشاركة في الانتخابات تجاه نزاهة اللجنة.
- دور الإشراف والمراقبة للمجتمع الدولي في الانتخابات السابقة كان محدودًا لأسباب أمنية وأخرى جغرافية وفنية، في حين سترتفع نسبة المراقبة أو التدخلات الأجنبية في سير العملية الانتخابية المرتقبة.
- وبما أن الدعم المالي للانتخابات يأتي من المجتمع الدولي والدول الغربية الأكثر انخراطًا في الشأن الصومالي، فإن ذلك يجعل العملية الانتخابية خاضعة لأجندات محلية وإقليمية ودولية يتم اتخاذ معظم ترتيباتها وقراراتها خارج الصومال، مع إتاحة هامش ضئيل من المناورة للأطراف الصومالية.
عقبات وتحديات ماثلة أمام الانتخابات
بطبيعة الحال، فإن التحدِّيات والعقبات التي تواجه العملية الانتخابية في البلاد في هذا العام لا تقتصر فقط على جانب معين في حدِّ ذاته، وإنما هناك نواحٍ متعددة وجوانب مهمة يمثِّل كل منها تحديًا بعينه، ويمكن إجمال أهمها في ما يلي:
أولًا: التحدي الأمني
على الرغم من أن الحكومة الصومالية حققت نجاحات كبيرة في تثبيت الأمن والاستقرار في البلاد ودحر حركة الشباب المرتبطة بالقاعدة بشكل كبير، إلا أن التحديات الأمنية ما زالت تشكِّل تهديدًا خطيرًا على الانتخابات القادمة بشكل مباشر؛ حيث حدثت تفجيرات متتالية على مواقع حيوية في العاصمة مقديشو لمحاولة عرقلة العملية الانتخابية في البلاد، هذا مع توقع ارتفاع العمليات التفجيرية بالتزامن مع قدوم الأجواء الانتخابية في البلاد، مما يستدعي قيام الأجهزة الأمنية والجيش الصومالي باتخاذ تدابير أمنية استباقية لتأمين الانتخابات(3).
وفي هذا الإطار، فإن المخاوف الأمنية في ظل الانتخابات الراهنة ربما ستكون أشد مما كان عليه الوضع في عام 2012، ليس لقلَّة القوات المسلحة الصومالية ولا القوات الإفريقية المنتشرة في البلاد، وإنما لاتساع مجال الانتخابات البرلمانية التي ستُعقد في ستة أقاليم متفرقة في البلاد وبشكل متزامن. وبالتالي، فإن المخاوف الأمنية ستظل تحديًا خطيرًا أمام هذه الانتخابات ما لم تكن هناك ترتيبات جديدة وعمليات نوعية حكومية لتفادي أية مخاطر أمنية محتملة من قبل حركة الشباب، والتي من شأنها أن تعكِّر صفو الأجواء الانتخابية.
ثانيًا: التحدي السياسي
تمثِّل قضية تشكيل ولاية فيدرالية لمحافظتي "هيران وشبيلي الوسطي" أكبر تحد سياسي أمام سير العمليات الانتخابية، وتكمن الأهمية السياسية في تشكيل هذه الإدارة في اعتبارها آخر الولايات الفيدرالية التي تشكَّلت قبل وخلال فترة الحكومة الصومالية الحالية.
فرغم النجاح النسبي الذي حققته الحكومة في تشكيل الإدارة للولاية، إلا أن هناك تحديات متمثلة في تباعد وجهات النظر بين القبائل القاطنة في الولاية، علمًا بأن المدة المتبقية من الانتخابات لا تتجاوز أكثر من شهر. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: إلى أي مدى تستطيع الحكومة تشكيل هذه الإدارة قبل الانتخابات؟ وماذا سيكون الواقع السياسي والانتخابي في حالة ما إذا فشلت الحكومة في ذلك؟ وما مدى تأثيرات الظروف السياسية الناجمة عن الفشل على العملية الانتخابية في البلاد؟
ثالثًا: التحدي الاقتصادي
إلي جانب العوامل سالفة الذكر، فإن هناك تحديًا اقتصاديًّا آخر ماثل أمام تنظيم الانتخابات العامة في البلاد؛ حيث إنه يلعب دورًا رئيسيًّا في إنجاحها وإجرائها حسب المواعيد المحدد لها من قبل اللجنة الفيدرالية للانتخابات مؤخرًا.
وبما أن الانتخابات تتطلب موارد مالية هائلة والحكومة الصومالية ليس بمقدورها اقتصاديًّا تحمُّل عبء الانتخابات وذلك في ظل اعتمادها على المساعدات الخارجية التي لا تغطي احتياجاتها الضرورية فضلًا عن تخصيص ميزانية للانتخابات، فإن المجتمع الدولي هو الممول الرئيس للانتخابات، وفي حال تأخُّر الأموال المخصصة للانتخابات بطريقة أو بأخرى، فإن ذلك سيؤثِّر سلبًا على سير العملية الانتخابية بشكل كامل.
خطوط وحظوظ أبرز المرشحين للسباقات الرئاسية
تتعدد غايات وأهداف المرشحين الرئاسيين في الصومال وذلك في ظل تقاطع المصالح فيما بين المرشحين من جهة، وتباين رغبات الدول الإقليمية من جهة ثانية، واختلاف وجهات النظر بين الأطراف الدولية لاسيما الغربية منها تجاه المرشحين.
فمن خلال قراءتنا التحليلية لواقع الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في الصومال يبرز أولًا في الساحة الصومالية العشرات من المرشحين الرئاسيين، والذين يُتوقع أن يخوضوا غمار الانتخابات الرئاسية، غير أن أربعة مرشحين منهم يُعدون من أبرز الوجوه المتنافسة على رئاسة البلاد، وهؤلاء هم:
1. حسن شيخ محمود (الرئيس المنتهية ولايته)
يعوِّل حسن شيخ محمود لفوزه بولاية رئاسية ثانية على عدد من الأمور، منها:
- إمكانية تحالفه مع ثلاثة رؤساء إدارات إقليمية على الأقل من أصل 5 رؤساء الإدارات، بما في ذلك ولاية هيران وشبيلي الوسطى إذا ما تم انتخاب مرشح مدعوم من قبل الرئيس لها. وبالتالي، فإن الرئيس سوف يضع كل ثقله على أن يكون أغلب النواب الذين سيأتون من هذه الإدارات محسوبين عليه.
- يمتلك حسن شيخ محمود فريقًا يستطيع إدارة حملته الانتخابية بشكل جيد، إلى جانب قدراته السياسية والتي تجلَّت من خلال معاركه السياسية الساخنة خلال السنوات الأربع الماضية، وهو ما يُبرز قدرته على إحداث مفاجآت سياسية وتشتيت جهود معارضيه قبل الانتخابات.
- من المحتمل أن يكون الرئيس حسن مدعومًا من قبل أطراف دولية وإقليمية وعربية خليجية.
2. محمد عبد الله فرماجو
يمتلك محمد عبد الله فرماجو والذي سبق أن تولى رئاسة الوزراء في البلاد عدة نقاط قوة، منها:
- أنه الرجل السياسي الوحيد الذي اكتسب ثقة ملايين الشعب في فترة وجيزة تقلَّد فيها منصب رئيس الوزراء في حكومة شيخ شريف؛ حيث أنجز خلالها مهمات عديدة لفتت انتباه المحليين والدوليين على حدٍّ سواء.
- أصلح الجيش الصومالي، وألحق بحركة الشباب هزيمة كبيرة من خلال طردها من محيط القصر الرئاسي آنذاك؛ الأمر الذي جعل البعض يتنبأ بأنه سيحتل مركزًا متقدمًا في السباق الرئاسي.
- ربما سينال ثقة الشعب إذا ما تمَّ إجراء انتخابات مباشرة على أساس "صوت واحد شخص واحد" نظرًا للشعبية الجارفة التي يتمتع بها(4).
وهذا ما يجعل السيد فرماجو من أقوى المرشحين لشعبيته ولقدراته الفائقة في التأثير على المشهد السياسي خلال المرحلة التي تولى فيها رئاسة الوزراء في عهد الرئيس السابق، شيخ شريف، رغم أنها كانت قصيرة من حيث المدة، لكن ما زالت آثارها الإيجابية باقية في خواطر الشعب الصومالي حتي الآن.
3. عمر عبد الرشيد علي شرماركي
يعتبر عمر عبد الرشيد رئيس الوزراء الحالي، والذي أعلن ترشحه من أقوى المرشحين الرئاسيين في الانتخابات المرتقبة، ولعل ما يؤكد قوته كمرشح أمور، منها:
- خلفيته السياسية والدبلوماسية والأسرية وعلاقة النسبية مع المجتمع بمختلف توجهاتهم الفكرية والسياسية.
- طبيعته الهادئة.
- ليس من المستبعد أن يكون الرجل المقبول لدى بعض الدول المجاورة للصومال.
إلا أن علاقات عمر عبد الرشيد ضعيفة مع رؤساء الإدارات الفيدرالية، بما في ذلك رئيس ولاية بونت لاند، التي ينحدر منها سياسيًّا وقبليًّا؛ مما قد يقلِّل من فرصه؛ لأن العامل القبلي هو الأكثر حسمًا في أية عملية انتخابية تتم في الصومال لحين انعقاد انتخابات شعبية مباشرة.
4. شيخ شريف شيخ أحمد
يعد شيخ شريف حاليًّا مرشحًا بارزًا في الانتخابات القامة، ومن نقاط قوته:
- رصيده السياسي السابق حيث كان له دور بارز في تحولات مسار السياسة الصومالية منذ أن تولى رئاسة المحاكم الإسلامية، وقاد تحالف إعادة تحرير الصومال، حتى أصبح لاحقًا رئيسًا للصومال 2009.
ورغم كل ذلك، فإن حظوظ شريف في الانتخابات القادمة لم تعد مضمونة؛ لأنه يفقد في الوقت الحاضر تأييد حركة "آل الشيخ" الإسلامية ذات التوجه الإخواني، والتي وصل باسمها إلى مقاليد السلطة في عام 2009؛ حيث تولَّى عنها عقب خسارته في الانتخابات 2012، ومن ثَمَّ فإن كوادر الحركة أسست أحزابًا سياسية بعيدًا عنه، فيما لم يعد شريف اليوم مرشحًا مفضلًا لديهم، ما يفسِّر جانبًا من فقدان شريف لشراكة قوية على الأرض تخوض معه المعركة الانتخابية.
__________________________________
علي جبريل الكتبي - باحث في شؤون إفريقيا الشرقية والبحيرات العظمى.
1 – آدم شيخ حسن حسين، "الانتخابات المرتقبة في الصومال عام 2016 قراءة في الرؤية ومقاربة في المقترحات"، أغسطس/آب 2015، مركز الشاهد للبحوث والدراسات الإعلامية، (تاريخ الدخول: 13 أغسطس 2016):
2 - SOMALIA: A Declaration on the 2016 Political Transition of Somalia, July 18, 2016, (visited on 15th August 2016):
http://www.raxanreeb.com/2016/07/somalia-a-declaration-on-the-2016-political-transition-of-somalia/
3 – عبد الناصر محمد معلم، ومحمد سعيد مري، "تنبؤات حول الانتخابات الرئاسية القادمة في الصومال"، 29 يونيو/حزيران، 2016، مركز مقديشو للبحوث والدراسات، (تاريخ الدخول: 16 أغسطس/آب 2016):
4 – عبد العزيز أحمد، وعبد النور يوسف، "التحليل التقويمي حول المرشحين في الانتخابات الرئاسية للصومال في عام 2016" 18 يوليو/تموز 2016، موقع صومالي تايمز، (تاريخ الدخول: 15 أغسطس/آب 2016):