تؤكد الورقة أن مبادرة الحزام والطريق هي المحرك الأساسي للسياسة الصينية داخليًّا وللدبلوماسية الصينية خارجيًّا. وهي المشروع الأساس للرئيس الصيني شي جينبينغ. وتهدف المبادرة إلى ربط العالم بالصين بطرق ومسارات للتبادل التجاري والسياسي لتكون بمثابة هجوم اقتصادي ناعم سيحمل في طياته مخاوف سياسية وأمنية لقوى إقليمية ودولية كثيرة. لذلك سيتوقف نجاح هذه المبادرة على قدرة الصين على طمأنة جوارها الإقليمي والمجتمع الدولي بأن مبادرتها فعلًا للكسب المشترك، فضلًا عن حل خلافاتها مع الخصوم والمنافسين وتعزيز علاقاتها مع الأصدقاء. وتواجه المبادرة تحديات من داخلها بسبب طبيعة النظام الصيني المغلق اقتصاديًّا والمتحفظ سياسيًّا، ولأن مسارات "الحزام والطريق" لم تحدد بدقة، كما أنها مرشحة للتغيير والتعديل ما يضفي عليها مزيدًا من الغموض. ونظرًا لارتباطها الوثيق بالرئيس الصيني الحالي، فإن مصيرها مهدد، وقد تنتهي بمجرد انتهاء ولايته عام 2022.
خلفية تاريخية للمبادرة
منذ أن أطلق الرئيس الصيني شي جينبينغ خلال زيارته إلى كازخستانعام 2013 مبادرته "البناء المشترك للحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين" المعروفة اختصارًا باسم "حزام واحد وطريق واحد"، باتت هذه المبادرة تشكِّل المحرك الأساس للسياسة الصينية داخليًّا وللدبلوماسية الصينية خارجيًّا. وأدرجت رسميًّا عام 2014 ضمن خطة أعمال الحكومة. ومذاك تُعقد من أجلها المؤتمرات والندوات وتُفرد لها وسائل الإعلام الصينية مساحات واسعة من التقارير والتحليلات. وها هي الصين تستضيف قمة خاصة للمبادرة يحضرها نحو 28 رئيسًا ورئيس دولة بينهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، ورئيس البنك الدولي جيم يونغ كيم، والمديرة الإدارية لصندوق النقد الدولي كريستين لاجارد، بالإضافة إلى نحو 1200 شخصية ممثلين عن نحو 60 منظمة إقليمية ودولية، ومدراء شركات ورواد أعمال وخبراء مال وصحفيون من 110 دولة(1).
لم يكن الرئيس شي جينبينغ أول من أطلق المبادرة، فقد سبقه رئيس الوزراء الصيني الأسبق لي بنغ بعشرة أعوام خلال جولة له في دول آسيا الوسطى عام 1994. وكانت الفكرة قد راودت أيضًا رئيس الوزراء الياباني هاشيموتو عام 1997 بهدف تعزيز التعاون بين بلاده ودول آسيا الوسطى وجنوب القوقاز. وكانت الهند من جهتها قد اقترحت فكرة مشابهة عام 2002 تحت اسم "ممر مواصلات شمال ـ جنوب" يربط الهند بروسيا عبر إيران والقوقاز. كما اقترح الاتحاد الأوروبي عام 2009 ما عرف باسم "برنامج طريق الحرير الجديد" لمد خط أنابيب ينقل الغاز الطبيعي من آسيا الوسطى إلى أوروبا بهدف تقليل الاعتماد على الغاز الروسي. ولم تكن الولايات المتحدة بعيدة عن مثل هذه المبادرات، فقد اقترحت عام 2011 استراتيجية طريق الحرير الجديدة أو ما عُرف في حينه باسم "طريق الحرير الحديدي"، الذي يهدف إلى بناء شبكة خطوط حديدية لتعزيز التعاون الاقتصادي بين أفغانستان وجمهوريات آسيا الوسطى ودول جنوب آسيا. لكن الرؤية الأكثر وضوحًا تولدت من بنات أفكار شو شن دا، نائب رئيس الهيئة الوطنية العامة للضرائب في الصين، الذي قدمها كمقترح لوزارة التجارة الصينية تحت عنوان "خطة مارشال الصينية" مقتسبًا الاسم من المبادرة المعروفة لوزير الخارجية الأميركي جورج مارشال لمساعدة الدول الأوروبية في إعادة إعمار ما دمرته الحرب العالمية الثانية وبناء اقتصاداتها من جديد. وجاءت مبادرة شو كرد صيني على الأزمة المالية والركود الاقتصادي العالمي عام 2008. وتقوم الفكرة على استخدام الاحتياطي الاستراتيجي الصيني من العملة لمنح قروض إلى الدول النامية، تستخدم لبناء مشاريع تنفذها شركات صينية في تلك الدول. وسرعان ما تلقف الرئيس الصيني شي جينبينغ الفكرة وجرى تطويرها بعد سلسلة من النقاشات وجلسات العصف الذهني في أروقة مراكز البحث وأوعية الفكر الحزبية والحكومية الصينية لتصبح بعد ذلك "مبادرة الحزام والطريق".
من الواضح أن جمهوريات آسيا الوسطى وما تمتلكه من الغاز الطبيعي والموارد الأولية والموقع الجغرافي كانت دائمًا العامل المشترك والمحرك الرئيس في كل تلك المبادرات، لكن العامل المشترك الآخر هو أن كل تلك المبادرات لم تبصر النور ولم تتحول إلى واقع ملموس لأسباب ليس هنا محل تفصيلها. فهل يمكن لمبادرة الرئيس الصيني أن تشكل استثناء وتنجح حيث فشل غيرها؟ للإجابة على هذا السؤال، نحتاج إلى التعرف على أهداف المبادرة وأدوات تنفيذها والتحديات التي قد تواجهها، مع محاولة استشراف مستقبلها.
أهداف المبادرة
تهدف المبادرة إلى محاولة إحياء طريقي الحرير البحري (الحزام) والبري (الطريق) اللذين كانا يربطان الصين بالعالم قبل ثلاثة آلاف عام، ويتم من خلالهما تبادل السلع والمنتجات كالحرير والعطور والبخور والتوابل والعاج والأحجار الكريمة وغيرها، وكذلك تبادل الثقافات والعلوم. وتقوم المبادرة على مبادئ وميثاق الأمم المتحدةوالمبادئ الخمسة للتعايش السلمي كالاحترام المتبادل للسيادة الوطنية، وسلامة الأراضي وعدم الاعتداء، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، والمنفعة المتبادلة(2).
وترتكز المبادئ الحاكمة لتطبيق المبادرة على التنسيق السياسي بين الدول وتعزيز التواصل والحوار والتجارة دون عوائق لتهيئة الظروف اللازمة للتنمية الاقتصادية. وتتضمن المبادرة نحو ألف مشروع ستنفذ تدريجيًّا، تسعى إلى ربط دول آسيا وإفريقيا وأوروبا عبر شبكة مواصلات معقدة من الجسور والطرقات والسكك الحديدية والطائرات والبواخر، وكذلك بناء موانئ ومطارات وإنشاء مناطق تجارة حرة. إلى جانب أنابيب النفط والغاز وخطوط الطاقة الكهربائية وشبكات الإنترنت والبنية التحتية. وقد لاقت المبادرة تجاوبًا ومشاركة نشطة من نحو سبعين دولة مطلة على هذا الخط بما فيها دول عربية وشرق أوسطية. ويغطي نطاق المبادرة نحو 70 دولة في القارات الثلاث آسيا وإفريقيا وأوروبا، وينقسم إلى ثلاث مستويات(3):
- المناطق المركزية: تضم كلًّا من الصين وروسيا ودول آسيا الوسطى الخمس.
- المناطق المحاذية: تشمل الدول الأعضاء الدائمين والمراقبين في منظمة تعاون شنغهاي والدول التسع للاتحاد الاقتصادي (الهند، باكستان، إيران، أفغانستان، منغوليا، روسيا البيضاء، أرمينيا، أوكرانيا ومولدافيا).
- المناطق التشعبية: تشمل دول غرب آسيا (الدول العربية) ودول الاتحاد الأوروبي، وتمتد أيضًا إلى اليابان وكوريا الجنوبية وغيرها من دول شرق آسيا.
كما تشمل المبادرة ستة ممرات اقتصادية أساسية تشكِّل أعصاب شبكة التجارة والنقل والتنمية الإقليمية والدولية القادمة وهي(4):
- الجسر القاري الأوراسي الجديد.
- ممر الصين منغوليا روسيا.
- ممر الصين آسيا الوسطى غرب آسيا.
- ممر الصين شبه الجزيرة الهندية.
- ممر الصين باكستان.
- ممر بنغلاديش الصين الهند ميانمار.
أدوات تنفيذ المبادرة
تعتبر كافة أجهزة الحزب ومؤسسات الدولة ومراكز البحث ووسائل الإعلام والشركات المملوكة للدولة أدوات هامة لدراسة المبادرة والترويج لها داخليًّا وخارجيًّا. ويُعتبر بنك الاستثمار الآسيوي للبنية التحتية وبنك دول بريكسوصندوق طريق الحرير بالإضافة إلى مساهمات الشركات الصينية وتوفير الدعم الشعبي أهم الأدوات والأذرع المالية لضمان نجاح وتمويل مشاريع المبادرة. وقد حرصت الصين بعد عام على إطلاق مبادرتها، أو بالأحرى مبادرة رئيسها، إلى إخراجها من الإطار النظري إلى التنفيذي. فبادرت في أكتوبر/تشرين الأول 2014 إلى تأسيس بنك الاستثمار الآسيوي للبنية التحتية ورصدت له 50 مليار دولار. وسرعان ما تجاوز رأسمال البنك 100 مليار دولار بعد مساهمة بعض الدول فيه بما في ذلك دول عربية. ويقدم البنك الآسيوي للاستثمار في البنية الأساسية وصندوق طريق الحرير وصناديق التعاون متعددة الأطراف والثنائية، دعمًا ماليًّا للمشروعات في إطار المبادرة والتي أقر منها حتى الآن نحو ألف مشروع.
واستثمرت الصين ما يربو على 50 مليار دولار في البلاد المشاركة فى المبادرة، وقامت شركات صينية ببناء إجمالي 56 منطقة تعاون اقتصادي وتجاري في هذه الدول. وحققت حوالي 1.1 مليار دولار من العائدات الضريبية، ووفرت 180 ألف فرصة عمل محلية.
واستثمرت الشركات الصينية 2.95 مليار دولار في 43 دولة على طول منطقة الحزام والطريق في الربع الأول من العام 2017 فقط، أي ما يعادل 14.4 في المائة من إجمالي الاستثمارات الخارجية مقارنة بتسعة في المائة في الفترة نفسها من العام 2016. وبلغ إجمالي قروض البنك الائتماني المتعدد الأطراف أكثر من 2 مليار دولار.بينما بلغت قيمة الصفقات التجارة بين الصين والدول الواقعة على طول الحزام والطريق حوالي 913 مليار دولار في عام 2016، أي أكثر من ربع إجمالي قيمة التجارة الصينية(5).
تحديات وعقبات على الطريق
مع بزوغ نجم الصين كقوة دولية، فإن الهجوم الاقتصادي الناعم الذي تشنه عبر مبادرتها لابد أن يحمل في طياته أيضًا مخاوف سياسية وأمنية لقوى إقليمية ودولية كثيرة، وخاصة لدول الجوار التي تشهد علاقاتها معها توترات ونزاعات. لذلك يبقى نجاح هذه المبادرة مرتبطًا بقدرة الصين على طمأنة جيرانها وحل خلافاتها معهم، وإلا فإن الكثير من الأشواك ستنبت على طريق الحرير هذا وتهدد مستقبله.
- على الرغم من مرور ما يقارب خمسة أعوام على إطلاق المبادرة، وعلى الرغم من إطلاق الصين ما سمي "خطة عمل المبادرة"، إلا أنها حتى الآن لا تزال تعاني من ضبابية وعدم وضوح سواء على صعيدها النظري أو على صعيد صيغها التنفيذية. ويطغى عليها الطابع الشعاراتي والدعائي والترويجي أكثر من التركيز على الفحوى والمضمون. ولم تصدر حتى الآن خارطة رسمية توضح الدول التي سيمر عبرها كل من الحزام أو الطريق، فقد تُرك الباب مفتوحًا أمام الدول والمنظمات للانضمام والمشاركة في الوقت الذي تراه مناسبًا. وهو ما دفع ببعض المراقبين إلى اعتبار أن موافقة الكثير من الدول، خاصة النامية منها، جاء فقط من أجل إرضاء الصين وقيادتها أو من أجل الحصول على بعض الدعم المادي أو بناء المشاريع التي تقدمها الصين لتلك الدول.
- تسعى الصين من خلال المبادرة إلى تصدير وتعميم نموذجها التنموي، لكن هذا النموذج لا يزال حتى الآن في إطاره التجريبي. ومن المبكر الحكم عليه فيما إذا كان بالفعل نموذجًا ناجحًا يمكن تعميمه والاحتذاء به، خاصة في ظل ما يشهده من مشاكل وأزمات سواء على صعيد تراجع الأداء الاقتصادي والمالي، أو على صعيد استشراء الفساد، مرورًا بغياب العدالة الاجتماعية وتنامي الفجوة الكبيرة بين الفقراء والأغنياء، وصولًا إلى تأثيراته البيئية المدمرة.
- تسعى الصين من خلال مبادرتها إلى إيجاد خطوط إمداد دائمة ومستقرة لتلبية احتياجاتها من الطاقة عبر شبكة من أنابيب النفط والغاز، وكذلك ضمان تدفق المواد الأولية إليها عبر شبكة من السكك الحديدية والبحرية، وضمان المحافظة على أسواق لبضائعها. لكنها في الوقت ذاته تبقي على أسواقها محصنة أمام الواردات الأجنبية، كما تدفع بشركاتها وتوفر لها الدعم للاستثمار الخارجي في الوقت الذي تبقي فيه أبواب الاستثمار في بعض القطاعات الصينية موصدة أمام الاستثمار الأجنبي. وعلى الرغم من الشعارات البراقة التي ترفعها الصين حول البناء المشترك للمبادرة والمنفعة المتبادلة وغيرها، إلا أن ما تتميز به السياسة الاقتصادية والتجارية الصينية من أنانية قد تكون مثار تساؤل وعدم رضى لدى الكثير من الدول.
- بالإضافة إلى أن آلية عمل المبادرة تقوم على التعاون متعدد الأطراف بين الصين وبعض المنظمات الإقليمية، إلا أنها في جزئها الأوسع تقوم على أساس التعاون الثنائي بين الصين والدول المشاركة في المبادرة. وهذا ما يمكن أن يؤدي إلى بروز تناقضات كبرى في بناء مشاريع في بعض الدول قد تهدد الأمن القومي لدول أخرى مشاركة في المبادرة، ما سيهدد تماسكها في المستقبل.
- تسعى الصين إلى تنمية بعض أقاليمها الفقيرة مثل إقليمي التيبت وشينجيانغ اللذين يعتبران محطتين هامتين على طريق المبادرة، وذلك من خلال بناء وتشييد مشاريع تنموية كبرى. وهناك خشية دولية من أن تكون لهذه المشاريع آثار كارثية على التوازن الديمغرافي وعلى طمس الهويتين الثقافيتين والدينيتين لسكان الإقليمين المضطربين.
- ما من شك بأن الصين تسعى من خلال هذه المبادرة إلى تحصين وضعها الجيوستراتيجي، وتعزيز الاستقرار وبناء الثقة السياسية إقليميًّا مع دول الجوار، وعالميًّا مع القوى الكبرى، لكنها حتى الآن لم تنجح في حل الكثير من مشاكلها، خاصة الحدودية، سواء البرية أو البحرية مع معظم دول الجوار. وبعض هذه المشاكل تصل إلى حد الأزمات والنزاعات كما هو الحال مع الهند برًّا أو في بحري الصين الشرقي والجنوبي بحرًا.
- تحظى القارة الإفريقية على أهمية خاصة في الرؤية الاستراتيجية الصينية، فالصين تعتبر أكبر شريك تجاري لإفريقيا، وثاني أكبر مقصد للاستثمارات الصينية الخارجية. لكن حجم التنافس الدولي على القارة السمراء لابد أن يشكِّل أحد العقبات والتحديات أمام طموحات المبادرة الصينية.
- يحظى الشرق الأوسط بأهمية كبيرة في هذه المبادرة، باعتباره أحد أهم مصادر الطاقة بالنسبة إلى الصين، أو واحدًا من الأسواق الاستهلاكية الهامة للبضائع الصينية وكذلك للاستثمارات، بالإضافة إلى موقعه الاستراتيجي كجسر على طريق المبادرة يوصلها إلى منتهاها في أوروبا. لكن ما يعاني منه الشرق الأوسط ودوله من أزمات وصراعات وانعدام للاستقرار يبقى أحد التحديات الكبيرة أمام المبادرة الصينية في ظل عزوف الصين عن الانخراط في لعب دور سياسي في قضايا المنطقة.
- تعتبر دول آسيا الوسطى محطات هامة على طريق المبادرة. وهنا لابد أن تزداد حدة المنافسة الاستراتيجية بين طموحات روسيا في بناء الاتحاد الأوراسي، وبين طموحات الصين في بناء مبادرة الحزام والطريق.
- تخشى دول كثيرة في الاتحاد الأوروبي أن تزيد المبادرة من حجم الصادرات الصينية إلى دول الاتحاد، وهو ما سيؤدي إلى عدم تمكن دول الاتحاد من حل أحد أكبر المشاكل استعصاء مع الصين، وهو إصلاح الخلل في عدم تكافؤ الميزان التجاري بين الصين ودول الاتحاد، والذي يميل بشكل كبير لصالح الصين.
- تسعى الصين أيضًا إلى محاولة تغيير نمطية النظام الدولي الحالي، أو على الأقل في شقه الاقتصادي، من نظام تهيمن عليه الولايات المتحدة إلى نظام متعدد الأقطاب تكون الصين أحدها. وهذا ما لا يمكن أن تسلم به واشنطن بسهولة، خاصة مع تنامي دور القوى الشعبوية والحمائية في الاقتصادات الدولية لاسيما في الولايات المتحدة؛ حيث سيكون من الصعب على الصين إحداث اختراقات لعولمة الاقتصاد وفق رؤيتها الخاصة.
- مع تفشي ظاهرة الإرهاب الدولي والقرصنة والجريمة المنظمة وكذلك النزاعات وبؤر التوتر وانعدام الاستقرار في العديد من الدول والمناطق التي تشكِّل مفاصل هامة بالنسبة إلى المبادرة فإن مثل هذه التهديدات الأمنية ستبقى تشكل تحديًا كبيرًا وخطيرًا أمام حماية أنابيب النفط والغاز والسكك الحديدية والخطوط البحرية، وستحتاج إلى الكثير من الاستثمارات للحد منها.
خاتمة
نظرا لارتباط المبادرة بشكل وثيق بصاحبها الرئيس الصيني شي جينبينغ، فإن استمرارها وديمومتها بهذا الزخم وبتسخير كل إمكانات الحزب والدولة لإنجاحها، سيبقى مرهونًا بوجود الرئيس على رأس الهرم السياسي الصيني. وسينتهي بمجرد انتهاء ولايته عام 2022. إلا إذا تمكن الرئيس من إحداث تغييرات دستورية تسمح له بالبقاء لفترة رئاسية ثالثة، أو أن يضمن بأن خليفته سيواصل على ذات النهج. وهذا مستبعد وفق الثقافة والتقاليد الصينية بأن يأتي رئيس جديد، ليبني أمجاده على إنجازات غيره.
_________________________________
عزت شحرور - مدير مكتب قناة الجزيرة في بكين
1- وكالة الأنباء الصينية، "ماذا ينتظر العالم من منتدى الحزام والطريق للتعاون الدولي؟"، 1 مايو/أيار 2017.
http://arabic.china.org.cn/txt/2017-05/01/content_40727792.htm
2- "الرؤية والتحرك للدفع بالتشارك في بناء الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين"، 28 مارس/آذار 2015.
http://www.fmprc.gov.cn/ara/zxxx/t1252002.shtml
3- جانغ يون لينغ، "الحزام والطريق: تحولات الدبلوماسية الصينية في القرن 21"، ترجمة آية محمد الغازي، (دار صفصافة للنشر والتوزيع، الجيزة، 2017)، ص . 436