بطالة في السعودية: أزمة معقدة وحلول غير مجدية

تعاني السعودية من معدلات بطالة قياسية، تستحوذ على نسبتها الأكبر فئات الشباب والمرأة والمتعلمين. سعت الحكومة السعودية إلى علاجها لكنها فشلت لأن القطاع الإنتاجي الخاص ضعيف ومصروفات الدفاع مرتفعة رغم عجز الميزانية المزمن.
89668b31bedb4f78962c74f1af8108d6_18.jpg
باحثون عن عمل في معرض للتوظيف في الرياض (رويترز-أرشيف)

يتسم سوق العمل السعودي بانخفاض معدل تشغيل المواطنين الأمر الذي يعكس تدني مساهمتهم في الأنشطة الاقتصادية. ويتضح من البيانات الإحصائية أن معدل التشغيل لا يتجاوز 51.3%. أنها نسبة منخفضة جداً مقارنة بالمعدلات العالمية سواء تعلق الأمر بالدول الصناعية أم بالدول النامية. أكثر من ثمانية ملايين سعودي في سن العمل خارج قوة العمل(1).

تتسم البطالة في السعودية بأربع سمات: ارتفاع المعدل العام للبطالة البالغ حالياً 12.9% وتباطؤ استخدام المرأة وتزايد بطالة الشباب وتفاقم بطالة الخريجين الجامعيين. لكل سمة أسبابها وتداعياتها. لكن خطورتها تتأتى بالدرجة الأولى من ضخامة حجمها التي تجعل الحلول لمعالجتها ضعيفة الفاعلية. وبالتالي فهي أزمة حقيقية تتعقد بمرور الزمن.

ارتفاع المعدل العام

المعدل العام للبطالة هو العلاقة بالنسبة المئوية بين العاطلين وقوة العمل. ويتفرع عنه معدل بطالة الذكور ومعدل بطالة الإناث.

والمعدل العام هو المؤشر الأكثر شيوعا في جميع دول العالم بغض النظر عن درجة تقدمها الاقتصادي. كما يمكن استخدامه لمتابعة تطور البطالة عبر السنين. والجدول التالي(2) يبين هذا التطور خلال الفترة بين عام 1999 والربع الثاني من عام 2018 (بالآلاف).

 

السنة

بطالة ذكور 

بطالة إناث 

بطالة إجمالي 

 قوة العمل ذكور

 قوة العمل إناذ

إجمالي قوة العمل

المعدل العام%

1999

 163

 65

 228

2411

 412

 2823

 8.0

 2016

 236

 521

 657

 4409

 1252

 5661

 11.6

2017

 333

 402

 736

4526

 1216

 5743

 12.8

2018

 354

 433

 787

 4692

 1394

 6086

 12.9

 

 

 

 

يتضح بأن المعدل العام يرتفع سنويا حيث انتقل من 8.0% في عام 1999 إلى 12.9% في الربع الثاني من عام 2018. ويظهر الجدول أيضاً أن هذا التطور ناجم عن ارتفاع عدد العاطلين بنسبة تفوق نسبة زيادة قوة العمل. فقد ارتفع عدد العاطلين السعوديين بنسبة 245% في حين لم ترتفع قوة العمل إلا بنسبة 115%.

من الناحية المبدئية قد يكون المعدل العام للبطالة مرتفعاً في بلد ما دون أن يؤدي إلى إفقار العاطلين. وبالعكس قد يقود المعدل العام المنخفض في بلد آخر إلى تردي الوضع الاقتصادي للعاطلين. يتوقف هذا الأمر وذاك على أنظمة التأمين الاجتماعي المطبقة.

من السهل معرفة مستوى البطالة في السعودية. ولكن يصعب جداً التوصل إلى استنتاجات دقيقة حول الحالة الاقتصادية للسعوديين العاطلين عن العمل.

سنرى في فقرة لاحقة وجود نظام خاص يمنح إعانات للعاطلين عن العمل (حافز). لكنه لا يرقى إلى أنظمة التأمين الاجتماعي المعروفة في الدول الصناعية. وعلى هذا الأساس يقود المعدل العام للبطالة حتى وإن كان منخفضاً إلى زيادة الفقر في السعودية. وبالتالي فإن النسب المرتفعة والمتجهة نحو التزايد سنوياً تفضي بالتأكيد إلى تدهور الوضع الاقتصادي للعاطلين عن العمل.

إن هذه العلاقة بين البطالة والفقر تفسر إلى حد ما قصر الفترة الزمنية لبطالة السعوديين. إذ تشير الإحصاءات إلى أن 18.6% من العاطلين يجدون عملاً لهم بعد مضي أقل من ثلاثة أشهر(3). أن هذه الفترة الزمنية القصيرة نسبياً لا تعني بالضرورة علامة اقتصادية إيجابية. لأن العاطل عن العمل حتى لا يقع في الفقر يضطر إلى الموافقة بسرعة على أي عمل يعرض عليه حتى وإن لم يناسب طموحاته ومؤهلاته واختصاصه. مما يؤثر بشدة وبصورة سلبية على إنتاجية العامل وبالتالي على الاقتصاد برمته. في حين لو لم تكن تلك العلاقة موجودة لطالت فترة البطالة دون التأثير سلبياً على الإنتاجية.

عند تحليل بطالة السعوديين حسب الجنس انطلاقاً من الجدول أعلاه نستنتج السمتين التاليتين:

السمة الأولى: ارتفاع بطالة النساء مقارنة ببطالة الرجال. ففي الربع الثاني من عام 2018 بلغت بطالة النساء 55% وبطالة الرجال 45%. علماً بأن بطالة النساء في عام 1999 كانت اقل بكثير من بطالة الرجال.

السمة الثانية والأهم: أن قوة العمل النسائية أضعف بكثير من قوة العمل الرجالية. ففي الربع الثاني من عام 2018 بلغت قوة العمل النسائية 22.9% من المجموع. علماً بأن هذه النسبة المنخفضة جداً أعلى من تلك التي كانت مسجلة في عام 1999.

وعند ربط هاتين السمتين نستخلص بأن معدل بطالة النساء أعلى بكثير من معدل بطالة الرجال. ففي عام 2018 بلغ معدل بطالة النساء 31.0% أي أكثر من ضعف المعدل العام. في حين بلغ معدل بطالة الرجال 7.5% أي أقل من المعدل العام.

ولا يتعلق هذا الاختلاف بين الجنسين بسوق العمل بقدر ما يرتبط بطريقة حساب قوة العمل المتأثرة بالعادات والتقاليد. فقد بلغت قوة عمل الرجال 4.6 مليون وقوة عمل النساء 1.3 مليون فقط. في حين يتساوى الجنسان في عدد النفوس.

تتكون قوة العمل في السعودية من القادرين عليه من الذكور والإناث الذين تزيد أعمارهم على 15 سنة. أي من لا يقدر على العمل رغم بلوغه هذا السن يصبح خارج قوة العمل. وتعد ربات البيوت السعوديات غير قادرات على العمل وبالتالي يصبحن خارج قوة العمل. لذلك نجد في الجدول فرقاً شاسعاً حسب الجنس. وعلى هذا الأساس نفسر ارتفاع بطالة النساء. إذ لو كانت قوة العمل النسائية مساوية لقوة العمل الرجالية لسجل معدل بطالة النساء 9.2% بدلاً من 31.0%.

إضافة إلى بطالة النساء يعاني الشباب وأصحاب الشهادات الجامعية من تدني مستوى التشغيل وما يترتب عليه من مشاكل اجتماعية واقتصادية خطيرة.

مشكلة تشغيل الشباب

لمعرفة حجم وخطورة بطالة الشباب السعودي يتعين إجراء مقارنة مع الفئات العمرية الأخرى. فإذا تساوت بطالة الشباب مع الآخرين نستنتج بأن المشكلة عامة. أما إذا كانت أعلى من الآخرين تصبح بطالة الشباب مشكلة خاصة يتعين الاهتمام بها وتحليلها.

في الربع الثاني من عام 2018 بلغ عدد العاطلين 248 ألف شاب سعودي(4) أي ما يعادل 31.5% من البطالة الكلية. في حين أن عدد العاطلين الذين تتراوح أعمارهم بين 35 و44 سنة يبلغ 73 ألف سعودي أي 9.2% من البطالة الكلية.

هنالك إذن مشكلة خاصة تقود إلى نتائج وخيمة وتؤثر على الحالة الاقتصادية وكذلك على الوضع الأمني للبلاد. فعندما لا يجد الشاب السعودي عملاً له في بلده الذي يعد في مقدمة البلدان الغنية في العالم يفقد ثقته بالحكومة وبسياستها الاقتصادية والاجتماعية. يخلق هذا الوضع عدة مشاكل من بينها الجرائم. هنالك دراسات تشير إلى تزايد عدد الاعتداءات والسرقات في المدن السعودية التي تعاني من تفاقم البطالة.

وتجدر الإشارة إلى أن المنطقة التي تسجل أعلى معدل للبطالة في الدولة هي الحدود الشمالية (22.9%). تليها القصيم ثم المدينة المنورة فعسير والرياض. وتسجل المنطقة الشرقية أدنى معدل للبطالة في الدولة وقدره 6.6%.

بطالة أصحاب الشهادات

بذلت الحكومة جهوداً حثيثة لتحسين التعليم بجميع مراحله. ويفترض من الناحية المبدئية أن تؤثر هذه الجهود تأثيراً إيجابياً على سوق العمل. ولكن على الصعيد العملي ارتفع عدد العاطلين السعوديين الحاصلين على شهادات ثانوية وجامعية. الأمر الذي يشير إلى عدم مواكبة التعليم لحاجات السوق.

بلغ عدد العاطلين من حملة شهادات البكلوريوس 415 ألف سعودي(5) أي 52.7% من مجموع العاطلين. أنها نسبة مرتفعة مقارنة بعدة دول. علماً بأن ثلثي هؤلاء إناث. وإذا أضفنا حملة الشهادات الثانوية والدبلومات دون الجامعية يصل عدد العاطلين إلى 713 ألفاً أي 90.6% من المجموع.

بدون شك لا تقتصر بطالة حملة الشهادات الجامعية على السعودية بل تشمل دولاً أخرى متقدمة ونامية. بيد أن خصوصيات الوضع السعودي تكمن في ارتفاع نسبة هذه البطالة من جهة وتزايدها سنوياً من جهة أخرى. أنها أعلى بكثير حتى من الأردن والمغرب وتونس ومصر.

في الغالبية العظمى من الدول نجد أن نسبة العاطلين من الخريجين الجامعيين أقل من نسبة العاملين من هؤلاء الخريجين. وهذا ما يدعو إلى التفاؤل والعمل على تحسين الحالة التعليمية. لأن التعليم الجامعي يقي الفرد من مخاطر البطالة. وهذا الاتجاه واضح في 67 دولة في العالم. ففي بلجيكا وايرلندا مثلاً نسبة العاطلين من الخريجين يقل بعشرين نقطة مئوية عن نسبة العاملين الجامعيين(6).

في السعودية ينطبق هذا الحال على فئة الحاصلين على شهادة التعليم الثانوي ولكن بنقاط قليلة نسبيا. إذ يبلغ العاطلين من حملة هذه الشهادة 238 ألف سعودي(7) أي 30.2% من إجمالي العاطلين. أما عدد العاملين من حملة هذه الشهادة فيبلغ 2.1 مليون سعودي(8) أي 35.5% من إجمالي العاملين. بمعنى أن الفرق بين النسبتين خمس نقاط مئوية فقط.

لكن الخطورة تكمن في فئة خريجي التعليم الجامعي. حيث نلاحظ حالة عكسية تماماً. فقد بلغ عدد العاطلين من حملة البكلوريوس 415 ألف سعودي أي 52.7% من إجمالي العاطلين. في حين بلغ عدد العاملين من حملة هذه الشهادة 2.3 مليون سعودي(9) أي 38.8% من العدد الكلي للعاملين السعوديين. بمعنى أن الفرق بين النسبتين سلبي يصل إلى 14.2 نقطة مئوية. علماً بأن نقطة سلبية واحدة تنذر بالخطر.

يتضح مما تقدم بأن البطالة في السعودية باتت خطيرة بسبب ارتفاع معدلاتها وتعدد أشكالها. لذلك تحاول السلطات العامة منذ عام 2011 التصدي لها ببرنامجين: حافز ونطاقات.

إعانات حافز غير كافية

تقدم الحكومة السعودية مساعدات نقدية للعاطلين عن العمل في القطاعين العام والخاص. فضلا عن حصولهم على دورات تدريبية مجانية لتأهيلهم. وهذا أمر حسن لا يوجد إلا نادراً في الدول العربية. 

تنقسم هذه المساعدات إلى قسمين: برنامج حافز 1 (البحث عن العمل) يمنح شهرياً 2000 ريال للعاطل الذي يتراوح عمره بين 20 و 35 سنة. وبرنامج حافز 2 (صعوبة الحصول على عمل) يمنح مساعدات شهرية قدرها 1500 ريال لأربعة أشهر أولى و1250 ريال لأربعة اشهر ثانية و 1000 ريال لأربعة اشهر ثالثة للعاطلين الذين تتراوح أعمارهم بين 36 و 60 سنة(10).

للحصول على هذه الإعانات وضعت شروط عديدة وأحياناً مبهمة غايتها تقليص عدد المستفيدين. ومن بين هذه الشروط الجنسية السعودية وألا يكون المستفيد طالباً أو حاصلاً على دخل يعادل أو يفوق مبلغ الإعانة وأن يبحث بجدية عن عمل. وتستوجب التعليمات الإدارية أن تمر فترة زمنية لتقديم الطلب تتراوح بين ثلاثة أشهر وسنة.

لا ينطبق البرنامج إذن على العاطلين الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و19 سنة وعددهم 18.8 ألف سعودي. وهذا أمر غير منطقي ولا ينسجم مع مبادئ العدالة.

لبرنامج حافز خصائص تختلف تماماً عن أنظمة إعانات البطالة في الدول الصناعية. علماً بأن السعودية عضو في مجموعة العشرين. البرنامج السعودي يمنح الإعانة لمدة سنة فقط وبمبالغ ثابتة لا تكفي لتغطية الحد الأدنى الضروري لمعيشة الفرد. كما يقتصر البرنامج على السعوديين ولا يشمل عدد الأجانب العاطلين عن العمل الذين لا يتجاوزون الستين ألف شخص.

برنامج حافز مصدر دخل العاطلين عن العمل. لذلك يتعين إجراء تعديلات عليه بحيث يشمل جميع العاطلين دون المرور بفترة انتقالية. وحتى لا تؤثر الإعانة على العمالة الوطنية يتعين الإبقاء على بعض الإجراءات المطبقة حاليا. لابد على سبيل المثال من الاستمرار بحرمان العاطل عن العمل من المساعدة في حالة رفضه ثلاثة عروض وظيفية. كما يتعين إعادة النظر في الإعانة بحيث يمكنها تلبية الحاجات الضرورية لمعيشة الفرد.

على الصعيد العملي صرح مسؤولون بأن حافز يكلف الدولة أموالاً باهظة تقدر بأكثر من ثلاثين مليار ريال ويقولون إن البرنامج إجراء مؤقت(11). هذه إشارات واضحة إلى احتمال إلغاءه رغم تفاقم البطالة وأهميته للعاطلين عن العمل.

ضعف فاعلية برنامج نطاقات

يشغل القطاع الحكومي نحو ثلثي العمالة السعودية. أما الثلث الثالث فهو موظف في القطاع الخاص. ولما كانت ميزانية الدولة تعاني من عجز مزمن ومرتفع(12) يتعذر معه تخصيص أموال إضافية لامتصاص العاطلين اتجهت الأنظار إلى شركات القطاع الخاص. لذلك طبقت وزارة العمل والتنمية الاجتماعية "برنامج نطاقات" الذي يهدف إلى تشجيع مؤسسات القطاع الخاص على تشغيل السعوديين بدلاً من الأجانب.

بموجب هذا البرنامج ينقسم النشاط الاقتصادي للقطاع الخاص إلى عدة أقسام موزعة حسب حجم المؤسسات من الصغيرة إلى العملاقة. ويضع البرنامج نسبة معينة للسعودة (نسبة التوطين) لكل نشاط ومؤسسة. والقاعدة العامة أن نسبة العمالة السعودية في المؤسسة تزداد بارتفاع حجمها مع الأخذ بعين الاعتبار طبيعة نشاطها. وينطلق البرنامج(13) من مبدأ توظيف السعودي براتب شهري لا يقل عن ثلاثة آلاف ريال.

وتؤكد مصادر وزارة العمل والتنمية الاجتماعية أن البرنامج استطاع تحقيق هدفه. فقد وظف 250 ألف سعودي خلال عشرة أشهر(14). في حين يرى البعض أن البرنامج لم يوظف السعوديين إلا بصورة وهمية. حيث يظهر تشغيل السعوديين على السجلات فقط وليس على الصعيد العملي(15). ويشير البعض الآخر إلى اهتمام البرنامج بالتوظيف الكمي دون تحسين تشغيل أصحاب المؤهلات والشهادات العليا. كما ذكر آخرون أن برنامج نطاقات أدى خلال عامين إلى الاستغناء عن عدد كبير من العمال الأجانب وقاد إلى ترحيل 800 ألف أجنبي. في حين لم يشغل سوى 43 ألف سعودي(16). ونجد تصريحات رسمية عديدة ودورية تشير إلى أن البرنامج أفضى إلى زيادة بطالة الوافدين وانخفاض بطالة السعوديين.

شرع بتطبيق برنامج نطاقات في عام 2011. كان عدد السعوديين العاطلين عن العمل 585 ألف شخص فأصبح 787 ألف شخص في عام 2018. وفي عام 2011 كان عدد السعوديين العاطلين عن العمل من حملة شهادة البكلوريوس 214 ألف شخص فأصبح 415 ألف شخص في عام 2018. وفي عام 2011 كان عدد الإناث العاطلات 302 ألف فأصبح 433 ألفاً في عام 2018.

بين الربع الثاني من عام 2017 والربع الثاني من عام 2018 هبط عدد العاطلين الأجانب من 66 ألف شخص إلى 60 ألف شخص. في حين ارتفع عدد السعوديين العاطلين من 736 ألفاً وإلى 787 ألفاً. أدى البرنامج إلى تحسين توظيف السعوديين وتسفير عدد من الأجانب. لكنه (على عكس التصريحات المذكورة أعلاه) لم يفض إطلاقاً إلى تقليص عدد العاطلين السعوديين وإلى زيادة العاطلين الوافدين.

ومن زاوية أخرى لعملية استبدال الأجنبي بالسعودي تداعيات سلبية من زاوية الاقتصاد الجزئي والاقتصاد الكلي.

فهذه العملية خسارة لشركات القطاع الخاص بسبب ارتفاع كلفة العامل السعودي الذي يحصل على أجر شهري معدله 10238 ريالاً مقابل 3755 ريالاً للأجنبي(17). أضف إلى ذلك أن متوسط عدد ساعات العمل الشهري للسعودي 200 ساعة مقابل 214 ساعة للأجنبي. يقود التوطين إذن إلى هبوط أرباح هذه الشركات وربما إلى إفلاس بعضها.

ولما كان المرتب في القطاع الخاص يمثل قسطاً من كلفة إنتاج السلع والخدمات فإن ارتفاعه يعني بالضرورة تصاعد أسعار الاستهلاك وما يترتب عليه من هبوط القدرة الشرائية للمواطنين. في حين كان من الأجدى استغلال رخص اليد العاملة الوافدة لتحسين القدرة التنافسية للمنتجات السعودية داخل وخارج البلد.

خاتمة

يدل ارتفاع المعدل العام للبطالة على معاناة الاقتصاد السعودي من مشاكل تحول دون خلق فرص كافية لامتصاص العاطلين. لذلك لابد من استهداف هذه المشاكل لمعالجة الأزمة. ولكن هذا التصدي ليس بالأمر الهين لارتباطه بقضايا تجارية ومالية وكذلك سياسية.

الاقتصاد السعودي ريعي يعتمد على الإيرادات النفطية أي على القطاع الحكومي. لذلك يصعب على القطاع الخاص لأنه ضعيف ولا يساهم كثيرا في الإنتاج الوطني امتصاص أعداداً غفيرة من العاطلين عن العمل. كما تدل هذه الأعداد دلالة واضحة على فشل الحكومة في القيام بدورها الأساسي وهو تشغيل المواطنين. يتأتى هذا الفشل من الكلفة الباهظة للتشغيل في الوقت الذي تعاني فيه ميزانية الدولة من عجز مزمن ومرتفع. ينجم هذا العجز بالدرجة الأولى من الإنفاق الأمني والعسكري. بمعنى آخر لا تتراجع البطالة إلا بمعالجة التوترات الإقليمية التي سببت تزايد هذا الإنفاق.

__________________________

*- د. صباح نعوش: باحث اقتصادي

نبذة عن الكاتب

مراجع

1 - لا يجوز لخلط بين العاطل والباحث وخارج قوة العمل. العاطلون هم الذين لا يعملون ويبحثون عن عمل وعددهم 787 ألف سعودي. الباحثون هم المسجلون لدى الإدارات المختصة بغية إيجاد عمل جديد وعددهم 1.2 مليون سعودي. الباحث قد يكون عاطلاً أو عاملا. والخارجون ينتمون إلى عدة فئات كالمتقاعدين وغير الراغبين وغير القادرين والطلبة وعددهم 8.4 ملايين سعودي. القاسم المشترك الوحيد الذي يجمع العاطل والباحث والخارج هو السن الذي يزيد على 15 سنة.

2 - الجدول تركيب أعده المؤلف لغرض هذه الدراسة انطلاقاً من تقارير الهيئة العامة للإحصاء. السنوات 1999 و2016 و2017 و2018.
3 - الهيئة العامة للإحصاء. "سوق العمل". الربع الثاني 2018. الجدول 52. الصفحة 73.

https://www.stats.gov.sa/sites/default/files/labor_market_ar.pdf 
4 - الهيئة العامة للإحصاء. المرجع أعلاه. الجدول 44. الصفحة 64.
5 - الهيئة العامة للإحصاء. المرجع أعلاه. الجدول 45. الصفحة 66.

6 - Bureau international du travail. «Indicateurs clés du marché du travail». Genève. Neuvième Edition. Non datée. Page 36.

7 - الجدول المذكور في الهامش الخامس.
8 - الهيئة العامة للإحصاء. المرجع أعلاه. الجدول 33. الصفحة 51.
9 - الجدول المذكور في الهامش الثامن.
10 - صندوق تنمية الموارد البشرية. "برنامج حافز صعوبة الحصول على عمل". ضوابط الاستحقاق. تاريخ الدخول 16/12/2018.
https://www.hrdf.org.sa/Program/101/Hafiz_motivation_of_Difficulty_in_Getting_a_job?bc=3_10
11 - "إعانة حافز لن تدوم والبحث عن عمل أفضل الحلول". جريدة الرياض. العدد 15933. 7 فبراير 2012.
http://www.alriyadh.com/707726
12 - نظمت ميزانية عام 2019 بعجز قدره 195 مليار ريال أي 7.6% من الناتج المحلي الإجمالي.
13 - وزارة الخدمة المدنية. "النسخة المطورة لنطاقات تشترط ألا يقل أجر السعودي عن 3000 ريال". العدد 14591. 22/10/1433 ه.
https://www.mcs.gov.sa/InformationCenter/PressRelease/Pages/press61433118.aspx
14 - سودارس. "وزير العمل: نطاقات وظف 250 ألف سعودي في 10 أشهر". (تاريخ الدخول 16/12/2018).
https://www.sudaress.com/alnilin/45290

15 - العربي الجديد. البطالة في السعودية... توظيف وهمي لخداع وزارة العمل. 15 يونيو 2017.
16 - ويتأس. "تأثير السعودة: كيف يؤثر نظام نطاقات على السوق العقاري السعودي؟". (تاريخ الدخول 15/12/2018).
https://www.weetas.com/article/ar/saudization-saudi-real-estate-arv/
17 - الهيئة العامة للإحصاء. المرجع أعلاه. السطر الأخير من الجدول 29. الصفحة 50.