إعادة بناء القيم التي فرطنا بها

يصف بلال الحسن عام 2008 بأنه صدى لأحداث جرت طيلة ثماني سنوات سابقة، وبرغم أزمات لمنطقة العربية فإن عام 2009فرصة للقادة العرب ليستعيدوا القرار السياسي
7 January 2009

ونحن نلج العام 2009، هل سيكون الحال مختلفا عن مشهد العام 2008؟ يبدو هذا السؤال ساذجا، ولكن حين نحاول الإجابة عليه، تتراكم أمامنا سلسلة من الأزمات والمعارك والمواجهات، وكأن العالم كله يحتشد بمشاكله كلها داخل هذا العام، ويحتشد داخل جغرافيا المنطقة العربية بشكل خاص.







بلال الحسن
ومن أجل إنعاش الذاكرة فقط، نذكر عناوين فلسطين، والعراق، وإيران، ولبنان، والسودان، حيث في كل بلد من هذه البلدان حرب مستعرة، أو حرب على وشك أن تستعر. وإذا أردنا أن نلقي نظرة غير جغرافية، نظرة سياسية، فسنشاهد حشدا مماثلا من القضايا: شعار الشرق الأوسط الجديد، ثم شعار الشرق الأوسط الكبير، التحضير للحرب على إيران، الفشل المتوالي للمفاوضات الفلسطينية/الإسرائيلية، الدعوة لاعتقال ومحاكمة الرئيس السوداني بسبب مآسي حرب دارفور.

وثمة حشد آخر من القضايا ينتصب في العاصمة الأميركية، حيث الفشل في حربين متزامنين، حرب العراق وحرب أفغانستان. وحيث الحملات الإعلامية التي تتحدث عن الكذب الذي مارسته قيادة الرئيس جورج بوش لتبرير حرب العراق، في ما يخص وجود أسلحة الدمار الشامل. وقد أتيح لهذه المشاكل كلها أن تنفجر بسبب حملة الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الأميركية.

عام 2008 صدى لما سبق
نخرج من هذه الصورة الشاملة برؤية أساسية، وهي أن أحداث العام 2008 ليست إلا صدى مكثفا لأحداث جرت خلال أعوام ثمانية، شهدت انبثاق وسقوط سياسة أميركية جديدة على مستوى العالم، وكان للعرب فيها نصيب واف، حتى أن إنشاء شرق أوسط جديد، اعتبر علامة أساسية على نجاح سياسة المحافظين الأميركيين الجدد على مستوى العالم. وبهذا المعنى كان العام 2008 حصيلة تفاعل كل تلك الحروب، وحصيلة تفاعل كل تلك المعارك السياسية، فوق الأرض العربية وحولها في آن. والسؤال الأساسي هنا، كيف تعاملت القيادات العربية مع هذه الأوضاع كلها؟ وسنحصر بحثنا هنا في الجانب الجماعي من التعامل، وليس بموقف كل قيادة على حدة. وهنا نسجل الظواهر التالية:




أحداث العام 2008 ليست إلا صدى مكثفا لأحداث جرت خلال أعوام ثمانية، شهدت انبثاق وسقوط سياسة أميركية جديدة على مستوى العالم، وكان للعرب فيها نصيب واف
الظاهرة الأولى
: أن القوى الدولية العالمية المسيطرة، وهي هنا قوة وحيدة هي الولايات المتحدة الأميركية، قد انتقلت مع مطلع العام 2001 إلى موقع سياسي جديد بالنسبة للعرب. فهي لم تعد تلتزم بسياسة ميالة أو ضاغطة على هذا الجانب العربي أو ذاك. لم تعد مثلا تؤيد إسرائيل ضد سوريا، أو ضد لبنان، بل انتقلت إلى موقع أصبحت فيه شريكة مع إسرائيل في مواجهة أي صدام أو حرب مع سوريا أو لبنان. وكذلك الأمر مع الفلسطينيين، لم تعد أميركا ميالة أو ضاغطة في مفاوضات التسوية، بل أصبحت مؤيدة علنا لإسرائيل ضد الفلسطينيين.

الظاهرة الثانية: أن الولايات المتحدة الأميركية، وبعد احتلالها للعراق، لم تعد تتعامل، مع الأنظمة العربية، كما كان الأمر في السابق، كحلفاء أو خصوم. بل يمكن القول أن الكل أصبحوا يعتبرون خصوما لها، والكل أصبحوا مطالبين بأن ينصاعوا لمطالبها. ومطالبها تبدأ من الديمقراطية، ووضع المرأة، وحرية التجارة، وتغيير طبيعة الزراعة، وتنفيذ أوامر البنك الدولي، لتحاول أن تصل في النهاية إلى التحالف والانسجام السياسي. وحسب هذا التكتيك تعرضت السعودية مثلا، وكذلك المغرب، إلى سيل من الضغوط والطلبات التي أساءت إلى الحليف بهذا القدر أو ذاك.

الظاهرة الثالثة: سعت الولايات المتحدة الأميركية، إلى أداء دور وزير الخارجية، في تحديد ما يجب على كل دولة أن تفعل. وهنا حددت أميركا، بصفتها وزيرا للخارجية، مهمة أساسية أمام العرب، وهي ضرورة التحول من المواجهة مع إسرائيل إلى المواجهة مع إيران. وحين أبدى العرب بعض التململ إزاء هذا الطلب الخطير، لجأت الولايات المتحدة إلى إعلان أن المنطقة منقسمة بين معتدلين ومتطرفين، وأن مهمة المعتدلين مواجهة المتطرفين باعتبارهم أصدقاء لإيران. وبهذا تتواصل المعركة ضد إيران تحت شعار آخر.

الظاهرة الرابعة: تمادت الولايات المتحدة الأميركية، بصفتها وزيرا للخارجية، إلى حد رسم التصرفات المباشرة المطلوبة من هذا الطرف أو ذاك. فالنظام السوري يجب أن يسقط، وعلى الرئيس الفلسطيني أن يضرب الفصائل المقاومة للاحتلال الإسرائيلي (أي أن يضرب الإرهاب حسب وصفهم). وعلى الرئيس السوداني أن يقبل القوات الدولية في دارفور. وعلى القيادة الليبية أن تدفع تعويضات "لوكربي" بالمليارات. ويتعرض من لا يفعل للاتهام والضغط والحصار الاقتصادي والتهديد بالحرب.

أدت هذه الظواهر الأربع إلى تعرض المنطقة العربية، وتعرض القيادات العربية، إلى ضغط شديد، رضخ البعض أحيانا له، وسعى البعض أحيانا إلى مواجهته ورفضه، وتحايل البعض عليه أحيانا بسياسات مواربة. ونشأت أثناء ذلك خلافات عربية حادة، وظهرت انقسامات عميقة. وجاء العام 2008 ليشهد اكتمال الهجمات الأميركية على العالم وعلى المنطقة العربية، وليشهد بداية تفكك هذه الهجمات الأميركية، الأمر الذي يعني أن الفترة الزمنية المقبلة، وبخاصة خلال العام 2009، ستكون مرحلة حاسمة، يمكن فيها للقادة العرب أن يرسموا نهجا قياديا موحدا، يصد الهجمات الخارجية، ويعيد القرار السياسي إلى أيدي أصحابه.




الفترة الزمنية المقبلة، وبخاصة خلال العام 2009، ستكون مرحلة حاسمة، يمكن فيها للقادة العرب أن يرسموا نهجا قياديا موحدا، يصد الهجمات الخارجية، ويعيد القرار السياسي إلى أيدي أصحابه

الانقسام العربي


الخلافات والانقسامات العربية التي ظهرت في هذه الفترة، لم تكن خلافات وانقسامات من النوع المألوف، إنما مست أساسيات كانت راسخة في الوجدان وأصبحت مختلفا عليها. مثلا: كان هناك دائما، موقف عربي، قيادي ورسمي وشعبي، يرفض وجود القوى الأجنبية، ويعتبرها قوى مستعمرة. بينما نشهد حاليا من ينظر ويقول، حتى بين النخبة، وخصوصا في أوساط النخبة، أننا نحتاج إلى الدعم الأميركي لحماية أنفسنا.

ومثلا كان هناك دائما موقف عربي قيادي ورسمي وشعبي، يقول إن مواجهة إسرائيل أمر نضالي ووطني يلقى كل الدعم من الجميع. بينما نسمع حاليا أصواتا تنتقد المقاومة الفلسطينية أو اللبنانية للاحتلال، وتقول إن هذه المقاومة لا جدوى منها. أو تقول لقد مللنا القضية الفلسطينية، لأن علينا أن نهتم بمسائل التنمية في بلادنا.

ومثلا لقد تغير العالم، وسقط الاتحاد السوفيتي، ويجب أن نقبل ما تطلبه منا السياسة الأميركية، وإلا كنا نعرض بلداننا للخطر، إذ ليس هناك من يستطيع مواجهة الولايات المتحدة الأميركية. وما تعنيه هذه الأمثلة، أن الانقسام العربي في هذه المرحلة، وبسبب الحملات الإعلامية الأميركية المروجة لسياسة المحافظين الجدد، وبسبب الاختلال في موازين القوى على مستوى العالم، لم يعد خلافا سياسيا تقليديا، يؤيد فيه طرف موقفا، بينما يؤيد الطرف الآخر موقفا آخر.

الخلاف هنا بدأ يتصل وينبع من اختلاف المفاهيم والقيم الموجهة. ونعني بها: الاستقلال، السيادة، رفض التدخل الأجنبي، النظر إلى إسرائيل كتهديد إستراتيجي، وحدة المصلحة العربية، أهمية الوحدة العربية. وكل هذا النوع من القيم الذي يمتن لحمة الأمة.

ولو نحن استذكرنا قرارات مؤتمر القمة العربي الأول، الذي انعقد في القاهرة مطلع العام 1964، لمناقشة موضوع تحويل إسرائيل لنهر الأردن، لقرأنا في أسطر قليلة لغة أصبح وقعها على آذاننا الآن غريبا، نقرأ ما يلي:

"إن مجلس ملوك ورؤساء دول الجامعة العربية (...) يقرر: اعتبار أن قيام إسرائيل هو الخطر الأساسي الذي أجمعت الأمة العربية بأسرها على دفعه. وبما أن وجود إسرائيل يعتبر خطرا يهدد الأمة العربية بأسرها. وبما أن وجود إسرائيل يعتبر خطرا يهدد الأمة العربية (...) لذلك فإن على الدول العربية أن تضع الخطط اللازمة لمعالجة الجوانب السياسية والاقتصادية والإعلامية، حتى إذا لم تحقق النتائج المطلوبة كان الاستعداد العسكري العربي الجماعي القائم، بعد استكماله، هو الوسيلة الأخيرة العملية للقضاء على إسرائيل نهائيا".

وبغض النظر عن المضمون السياسي لهذا القرار، فإن خلفيته تعبر عن وحدة في المفاهيم الأساسية التي تجعل النقاش ميسرا، وتجعل الاتفاق ممكنا. وحتى لو حدث خلاف ما، فسيكون خلافا حول التوقيت والإمكانيات لا حول الأسس والمبادئ والقيم الجامعة.

وإذا انتقلنا من قمة قديمة إلى قمة حديثة، إلى القمة التي انعقدت في الرياض عام 2007، وهو عام كانت فيه الهجمة الأميركية على المنطقة قد بلغت ذروتها، نجد أن تلك القمة، وبالرغم من الأجواء الدولية الصاخبة المحيطة بها، قد حاولت جهدها أن تستخرج مواقف عربية من خارج إطار الضغط الأميركي الكثيف، فأقرت (اتفاق مكة) بين الفلسطينيين، خلافا للرأي الأميركي ضد هذا الاتفاق أصلا.

وأقرت موقفا مبدئيا تجاه إيران يرفض فكرة المواجهة، ويتحدث بمسؤولية عن ضرورة خلو المنطقة من أسلحة الدمار الشامل (إسرائيل)، وينتقد بمسؤولية سياسة ازدواجية المعايير (أميركا). وقيل أيضا في أجواء قمة الرياض، أن هدفها (استعادة القرار السياسي العربي) الذي أصبح في يد الآخرين. وقد أدت مثل هذه المواقف إلى نجاح القمة العربية، حين أظهرت درجة من التحدي للسياسة الأميركية.







وكذلك حين انعقدت القمة العربية في دمشق مطلع العام 2008، وسط خلاف عربي شديد، ووسط مقاطعة البعض لاجتماعات القمة، جرى التعبير عن حرص شديد على اعتبار تلك القمة "قمة استعادة التضامن العربي". وفي هذا الشعار اعتراف بالخلل الكبير القائم، والإعلان عن إرادة جادة لضرورة العمل من أجل تجاوز هذا الخلل.

تجاوز الخلل
وهكذا يصبح السؤال: كيف نتجاوز هذا الخلل؟ المسألة ليست سهلة، وصعوبتها تكمن فينا، أفرادا وقيادات وأكاد أقول شعوبا. فنحن نحتاج إلى حالة من عودة الوعي، تبلور أفكارا ومفاهيم جامعة لما نسميه الأمة العربية. تماما كما كانت الحال عليه عشية عهود الاستقلال، والتخلص من الأجنبي، والإيمان بأن الوحدة، الوحدة العربية، جزئية كانت أم شاملة، أفضل من حالة التجزئة، وأن السيادة والاستقلال تعنيان رفض التبعية السياسية كما الفكرية.

لقد تبلورت مثل هذه المفاهيم الجامعة للأمة في مطلع هذا القرن، تبلورت عبر الوهن الذي دب في أوصال الدولة العثمانية، وتبلورت عبر النزوع إلى الاستقلال عن تركيا بسبب حالة الوهن تلك، وتبلورت بوضوح أكبر حين اصطدمت مع حالات الاستعمار الجديد التي أعقبت انهيار الدولة العثمانية، وبروز خديعة اتفاقات سايكس ـ بيكو (النموذج الأرقى لسياسة المؤامرة).

ونمت من خلال ذلك حركة مقاومة عربية للاحتلال، لم تكن حركة واحدة، ولكن كانت تجمعها أفكار واحدة، وتطلعات واحدة، جعلت فكرة المصير القومي الواحد، والمصلحة القومية الواحدة، والأمن القومي الواحد، فكرة قائمة وواقعية.

في هذه المرحلة، كانت القيادات العربية، كما الأحزاب والقوى الثقافية والجماهيرية، على قناعة بأن الاستعمار الجديد القادم على أنقاض الدولة العثمانية، يتصدى لمساعي الوحدة العربية ويسعى لتدميرها. وفي هذه المرحلة، كان الكل أيضا على قناعة بأن التوجه لتمكين الحركة الصهيونية (ثم إسرائيل) هدفه الأساسي الفصل بين المشرق العربي والمغرب العربي. وشكلت إسرائيل بهذا المعنى خطرا على المصير العربي، كما سجل ذلك مؤتمر القمة العربي الأول.




إذا استطعنا في عام 2009 أن نطرح الأفكار فحسب، وأن نتعهد العمل من أجلها فحسب، نكون قد جعلنا من هذا العام عام التغيير والتطوير والثورة على النفس

الحاجة لجبهة جديدة

الآن أصبحت هذه الأفكار كلها غير مطروحة في التداول، ونمت منظومة أفكار جديدة تقف في وجه هذه الأفكار وتعمل على التقليل من نفوذها. ونمت في ظل ذلك الدولة القطرية ، دولة التجزئة الاستعمارية، وتم اختراع نظريات بأن هذه الدولة القطرية قادرة على العيش بنفسها، لا تحتاج حتى إلى سوق أكبر للتعاون معها.

وولد من رحم هذه النظريات الترويج لنظرية (الدولة الأمة)، إنما خارج نطاق الأمة. وحين جاءت مرحلة العولمة الاقتصادية، برزت نظريات تقول بأن عهد تمجيد الدولة الكبيرة قد انتهى، وأن دولة صغيرة مثل ماليزيا تستطيع أن تصبح دولة أقوى من مصر، وأن إمارة مثل دبي تستطيع أن تفعل الشيء نفسه. واستعملت هذه الأفكار من أجل تكريس فكرة التجزئة في المناخ العربي، بينما كانت العولمة نفسها، تروج في إطارها الرأسمالي الحقيقي لفكرة التحالفات الكبيرة بين الدول، ومن أجل تنمية اقتصادها وتقويته.

الآن يحتاج الأمر إلى جهة (مفكر ـ قائد ـ دولة ـ جمعية ـ حزب ـ تجمع دول ـ تجمع قادة ـ مجلس حكماء) أو أية صيغة أخرى، تتقدم وتناضل وتطرح أفكارا مؤسسة، تؤكد أن الوحدة العربية ضرورة حياتية لنا جميعا، وأنها ضرورة للسياسة، وضرورة للتخلص من الهيمنة الأجنبية، وضرورة لمواجهة التدخلات الخارجية.

يحتاج الأمر إلى "قوة" تتقدم، وتدرس تجارب اللقاءات العربية السابقة، وتحاول أن تكتشف الأخطاء فيها، وتشرح كيفية تجنب تلك الأخطاء. غياب الديمقراطية مثلا وأثره. التدرج في بناء الوحدة وأهميته. إعطاء الأولوية للتقارب الاقتصادي وضرورته.

يحتاج الأمر إلى "قوة" تتقدم، وتحاول أن توجد صيغة للقاءات، تحتفظ بخصوصية كل قطر كبير كان أم صغير، وتحقق في الوقت نفسه علاقة وحدة أو تعاون أو تضامن. يحتاج الأمر إلى "قوة" تتقدم، وتحاول أن تطرح مسألة الأقليات والطوائف، وتشرح كيف سيتم التعامل معها بما يضمن لها حقوقها. يحتاج الأمر إذا إلى "قوة" تبشر بثقافة جديدة نسيناها في خضم الدولة القطرية، ولكي تصبح هذه الثقافة شائعة وفي متناول الجميع، وينشأ عليها كل طفل في كل بيت وفي كل مدرسة.

هذه الثورة الثقافية هي الأساس، وهي التي تجعلنا محصنين ضد أفكار قبول الاستعمار، أو قبول هيمنته، أو قبول نظرياته الاقتصادية. وفي مناخ من هذا النوع، يمكن في لحظة ما، الدعوة إلى قمة عربية جديدة، قمة الإستراتيجية العربية مثلا، تناقش أفكار وأسس اللقاء والتضامن، ومن أجل بدء عهد جديد، يتحول فيه مجلس التعاون الخليجي إلى ما يشبه الكيان الموحد.

ويتحول فيه اتحاد المغرب العربي إلى ما يشبه الكيان الموحد، وتتحول فيه الجامعة العربية إلى منبع للأفكار والمشاريع، وليست مجرد صدى لمواقف هذه الدولة أو تلك. وإذا استطعنا في عام 2009 أن نطرح الفكرة فحسب، وأن نتعهد العمل من أجلها فحسب، نكون قد جعلنا من هذا العام، عام التغيير والتطوير والثورة على النفس.

احتمالات المستقبل
ونسأل أنفسنا أخيرا، هل تبشر المناخات القائمة باحتمال توجه من هذا النوع؟ ونقول: إن الجواب مشروط بأن تستوعب القيادات معنى الأزمة الاقتصادية العالمية. وأن تستوعب القيادات مغزى خسارة أمريكا للحرب في العراق وأفغانستان. وأن تدرك القيادات مغزى غياب القطب الواحد الأميركي وبروز أقطاب عدة إلى جانبه.

وكل هذا من أجل أن تكون قيادات جديرة بالبقاء، ومؤهلة لقيادة شعوبها ، وقادرة على الصمود في وجه التغيرات القائمة. المطلوب هو قيادات ذات رؤى جديدة، تستطيع الإجابة على هذه التحديات الجديدة.
_______________
كاتب ومحلل سياسي