الخدمة العمومية للإعلام الرسمي بالمغرب: استراتيجياته ورهاناته

تعالج الورقة حضور الفاعلين السياسيين والاجتماعيين في محتوى الإعلام الإخباري الرسمي بالمغرب، وحجمه وأشكاله واستراتيجياته، وأبعاده وخلفياته الفكرية والسياسية ورهاناته،وترصد مدى التزام هذا الإعلام بمنطق الخدمة العمومية فيما يخص احترام التعدديَّة السياسية وحقوق المواطنين في التمثيل والتعبير عن آرائهم.
20159653720605734_20.jpg
(الجزيرة)

ملخص
تدرس الورقة حضور الفاعلين السياسيين والاجتماعيين في محتوى الإعلام الإخباري الرسمي بالمغرب، وحجمه وأشكاله واستراتيجياته، وأبعاده ودلالاته المادية والرمزية، وخلفياته الفكرية والسياسية، والرهانات التي يستند إليها في ضوء السياقات الإعلامية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والجيوستراتيجية الراهنة، وترصد مدى التزام هذا الإعلام بمنطق الخدمة العمومية فيما يخص احترام التعدديَّة السياسية وحقوق المواطنين باختلاف انتماءاتهم السياسية والاجتماعية والثقافية في التمثيل والتعبير عن آرائهم.

ولدراسة هذه القضايا، استعانت الباحثة بمقاربة الدراسات الثقافية في قراءة المضامين الإعلامية، خاصة تيار ما بعد الكولونيالية؛ لقدرتها على تقديم نظرة نقدية واعية لأشكال السيطرة الثقافية ضمن إطار نظري جديد لدراسة العلاقة بين السلطة والثقافة. من هنا، تصبح المضامين الإخبارية للإعلام الرسمي في المملكة صدًى لأيديولوجيا "الطبقة المهيمنة"؛ وهي عبارة عن نظام من المعاني والممارسات التي تهدف إلى تضليل المجموعات الاجتماعية التي تأخذ بها من خلال "آليات ترميزية"، و"مؤثرات"، و"تنظيمات إعلامية" ذات معانٍ مُحدَّدة مُسبقًا؛ تهدف لإعادة إنتاج المجال الأيديولوجي للمجتمع وبنيته السلطوية. تأسيسًا على هذه المقاربة النظرية، قامت الباحثة بدراسة مسحيَّة كمِّيَّة ونوعيَّة للمضامين الإخبارية في القناة الأولى والثانية، والإذاعة الوطنية والإذاعة الثانية، وصحيفتي الصحراء المغربية ولوماتان خلال الفترة الممتدة بين 18 و25 من يونيو/حزيران 2015.

وخلصت الدراسة إلى أن الخطاب الإعلامي الرسمي في المغرب لا يعكس بصورة محايدة ومتساوية تَعدُّدِيَّة الفاعلين السياسيين والاجتماعيين في المجال العام، ويستند إلى مجموعة من الاستراتيجيات والممارسات الخطابية التي تهدف إلى تعزيز مركزية المؤسسة الملكيَّة كفاعلٍ محوري وأُحادي، ليس في عمليات تسيير شؤون البلاد السياسية والاجتماعية والاقتصادية والدينية فقط؛ بل أيضًا في بناء صورة مثالية للمجتمع ولـ"النموذج المغربي". كما يركِّز ذات الخطاب على الحلول الشكلية، ويتناسى الحلول الاجتماعية والاقتصادية التي تُسهِم في تمكين المواطنين من لعب دور في التنمية، بدل تجاهل قدراتهم وسَوْقهم إلى دوَّامة الصمت التي تحول دون المشاركة في مختلف أشكال الحوار والنقاش الديمقراطي.

وأوضحت الدراسة أنه ضمن هذا النسق السياسي الـمُعَزِّز لمركزية الملَكية، يمكن فَهْم عملية تغييب الأحزاب من المشهد الإعلامي الرسمي (1,5%)، والتي تندرج في إطار رغبة المؤسسة الملكية في احتكار القرار السياسي؛ مما ينتج عنه خلل كبير على مستوى دور المؤسسات الإعلامية، ليس في ضمان حضور كمي ونوعي للأحزاب كفاعلين سياسيين وشركاء في الحكم فقط؛ بل أيضًا على مستوى تصوُّر المواطنين لدور الأحزاب وللسياسة بشكل عام.

مقدمة

راهن المغرب، من أجل المضيِّ قُدمًا في مشروع الدَّمَقْرَطة بشكل رئيسي، على إصلاح قطاع الإعلام والاتصال عبر سياسات هدفت إلى إعادة هيكلة وتقنين وسائل الإعلام في ضوء المستجدات والتطورات الراهنة لعصر المعلومات، وفتح المجال أمام المبادرة الخاصة، وتحديد دور القطب العمومي أو الخدمة العمومية، وضمان التعدديَّة الإعلامية وتعددية الاتجاهات والأفكار؛ لذلك انخرطت البلاد في مشاريع عدة، منها: "تحرير" الصحافة المكتوبة، والتصديق على قانونَيْ رفع احتكار الدولة في مجال البث الإذاعي والتَّلفزي، وهيكلة وتقنين القطاع السمعي البصري وإحداث الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري؛ مما أسهم في تناسل القنوات التلفزيَّة العمومية، وأيضًا الإذاعية الخاصة والعمومية، والدوريات المستقلة على وجه الخصوص.

في المقابل، شكَّل هذا القطاع خلال السنوات الماضية مجالًا للانتقادات والنزاعات والمشاكسات بين مختلف مُكوِّنات السلطة السياسية والمجتمعية والمدنية في المغرب وبعض المؤسسات والمنظمات الحقوقية في الخارج، فضلًا عن ازدياد حدَّة الانتقادات التي وجَّهها رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران وبعض نواب حزب العدالة والتنمية لوسائل الإعلام في مناسبات كثيرة، معتبرين "دورها مُشوِّشًا ومُسْتَهْدِفًا للحكومة"، إضافة إلى الانتقادات الخارجية حول تراجع حرية التعبير في المغرب أو الإجراءات الصارمة بحق الصحفيين.

لذلك يبدو من الأهمية بمكان إجراء دراسة تقييميَّة لأداء الإعلام الرسمي بالمغرب، ودوره في تقديم خدمة عمومية تكريسًا لممارسة ديمقراطية عَبْر المساواة في الظهور والولوج، وحرية التعبير بموضوعية وبدون أي تحيُّز لفئات دون أخرى. ومن أجل تحقيق ذلك، قسَّمنا هذه الدراسة إلى المحاور الآتية:

  1. المحور الأول: ويتضمن المقاربة المنهجية والنظرية الملائمة لدراسة حضور الفاعلين السياسيين والاجتماعيين في المضامين الإخبارية للإعلام الرسمي المغربي. 
  2. المحور الثاني: ويبحث في مكوِّنات الفاعلين في الإعلام الرسمي بالمغرب، وحجم حضورهم وخلفياته.
  3. المحور الثالث: ويعالج أبعاد وخلفيات ظاهرة "تنوُّع" حضور الفاعلين بين الوسيلة الإعلامية، واللغة المستخدَمة، والجهات المستهدَفة.

1- الإطار المنهجي للدراسة

أ‌- مشكلة الدراسة
أجمعت الأدبيات التي تناولت موضوع إصلاح قطاع الإعلام في المغرب على إخفاق سياسة الدولة في تحقيق الرهانات المنشودة للرقيِّ بهذا القطاع حتى يتمكَّن من لعب دوره الرئيسي في دفع عجلة التحديث والدمقرطة والتنمية ومواكبة الأوراش الكبرى(1).

ويُلاحظ اليوم أن السلطة المهيمنة لا تزال تعتمد بشكل كبير على منظومة "الإصلاحات الشكلية" لقطاع الإعلام، كما هي الحال في بعض القطاعات الأخرى كالصحة والتعليم، لاسيما في تعاملها مع حرية واستقلالية هذا القطاع. وطبقًا لهذه المنظومة، تستأثر السلطة المهيمنة بشكل أُحادي بعمليات بناء الخطاب الإعلامي الرسمي، واتخاذ القرارات الرئيسية فيما يخص تسيير شؤون القطاع (تراخيص ورقابة على المضامين على سبيل المثال)، كما تُحدِّد حجم حضور الفاعلين وأدوارهم الاجتماعية والسياسية. من هذا المنطلق، نعتقد أن دراسة حضور هؤلاء الفاعلين والمكوِّنات السياسية والاجتماعية والدلالات الرمزية التي يحملها وخلفياتها الفكرية والسياسية ومرجعياتها القيميَّة، في ظل السياقات السياسية والاجتماعية والثقافية للمجتمع المغربي المعاصر وتأثيراتها في عملية تشكيل الرأي العام، قد تُسهِم (الدراسة) في تقديم بعض الأجوبة عن التساؤلات المطروحة بخصوص الإصلاحات وآثارها الفعلية في القطاع، إضافة إلى بعض المفاتيح لفهم تحوُّلات المشهديْن الإعلامي والسياسي في المملكة.

ب‌- تساؤلات الدراسة
حاولت الورقة الإجابة عن الأسئلة الآتية: 

  1. ما المكانة التي يحتلها حضور الفاعلين السياسيين والاجتماعيين في المضامين الإخبارية لوسائل الإعلام الرسمي بالمغرب؟
  2. ما السمات والدلالات والرموز التي تُشكِّل وتُؤَطِّر هذا الحضور في الخطاب الإعلامي الرسمي؟ وما مرجعياتها وخلفياتها الفكرية والسياسية؟
  3. ما الاستراتيجيات التي تعتمدها وسائل الإعلام الرسمي في عملية بناء تمثُّلات الفاعلين؟ وما علاقتها بالسلطة المهيمنة؟
  4. ما الرهانات التي تقف وراء بنية تمثُّلات الفاعلين في الإعلام الرسمي؟ وما تأثيراتها في عمليات تشكيل الرأي العام على المستوى الوطني والإقليمي والدولي؟
  5. ما مستقبل المشهد الإعلامي والسياسي في المغرب؟

ت‌- أهمية الدراسة
تكمن أهمية هذه الدراسة في تناولها لموضوع التعدديَّة السياسية في الإعلام الرسمي المغربي، في ظل ندرة البحوث العلمية التي عالجت بشكل مباشر هذه القضية. ولئن كان الموضوع قد عولج من قبل في مجموعة التقارير التي قامت بها الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري(2)، فإنَّ نتائجها ظلت رهينة المعايير التي تهدف لإجراء البرهان، ولم تترافق مع التحليل السياسي والاجتماعي والتاريخي الضروري لمقاربة موضوعية للظاهرة المدروسة(3)، مما يضعها في محطِّ تساؤلٍ.

في الواقع يمكن ملاحظة وجود اهتمام بحثي متواضع في مجال الدراسات الإعلامية في المغرب يتم تأطيره في كنف معاهد وكليات ومدارس للدكتوراه في العلوم السياسية والآداب والقانون على وجه الخصوص(4)، بعد توقُّف المعهد العالي للصحافة والإعلام في الرباط عن التكوين في مستوى الدكتوراه.

ويضاف إلى ذلك بعض الكتابات لمنظِّرين وباحثين إعلاميين، أمثال يحيى اليحياوي، لاسيما تلك التي تناول فيها موضوع الإعلام والسلطة، أو أعمال محمد العيادي حول الصحافة المستقلة، وإدريس العيساوي حول التحوُّلات الإعلامية في المغرب، ومجموعة أخرى من الباحثين ممن تطرَّقوا في كتاباتهم إلى العلاقة بين الإعلام والسياسة في المملكة(5). وبالرغم من أن هذه الأدبيات لم تعالج بشكل مباشر موضوع التعددية السياسية في الإعلام المغربي الرسمي، فإنها أسهمت في تشكيل أرضية معلوماتية استندت إليها هذه الدراسة، لاسيما في فهم تحوُّلات المشهد الإعلامي المغربي والتحديات والرهانات الجديدة التي يخوضها اليوم. كل ذلك في سبيل تقديم بعض المفاتيح لفهم جدلية العلاقة بين السياسة والإعلام في السياق المغربي عَبْر مقاربة علمية وموضوعية لحضور الفاعلين السياسيين والاجتماعيين في الخطاب الإعلامي الرسمي.

ث‌- أهداف الدراسة
سعى هذا البحث إلى:

  • دراسة حضور الفاعلين السياسيين والاجتماعيين في المضامين الإخبارية في الإعلام الرسمي المغربي.
  • الكشف عن الخلفيات الأيديولوجية والسياسية التي أطَّرت هذا الحضور، وإبراز مشيج العلاقة بين الإعلام والسلطة في المغرب.
  • تِبيان دلالات ورهانات وانعكاسات هذا الحضور على مبدأ التعددية السياسية ومنطق الخدمة العمومية.

ج‌- مجتمع البحث وعيِّنته
اعتمدت الدراسة عيِّنة مختارة (قصديَّة) من وسائل الإعلام الرسمية، وهما القناتان التلفزيونيتان المغربيتان الأولى والثانية 2M، اللتان تحتلان المراتب الأولى على مستوى المتابعة في البلاد(6) من بين القنوات التلفزيَّة العشرة التي يتكوَّن منها المشهد الإعلامي البصري. وحلَّلت الورقة مضمون نشرة أخبارهما المسائية (التاسعة والنصف والسابعة والنصف مساءً) بالعربية على الأولى (477 دقيقة)، وبالفرنسية على الثانية (145 دقيقة) لمدة ثمانية أيام متتالية امتدت من 18 إلى 25 من يونيو/حزيران 2015، ثم نشرات الظهيرة والمساء تِباعًا في الإذاعة الوطنية والإذاعة الثانية 2M (الساعة الواحدة ظهرًا والسابعة والنصف مساءً) في ظل مشهد سمعي يتكوَّن اليوم من 34 محطة إذاعية؛ 15 منها عمومية و19 إذاعة خاصة، إضافة إلى الصفحات الأولى لجريدتي الصحراء المغربية التي تصدر باللغة العربية، ولوماتان (الصباح) التي تصدر باللغة الفرنسية.

ح‌- منهج الدراسة وأدواتها
استخدمت الدراسة تحليل المضمون، وهو أداة كمِّيَّة لتحليل معانٍ مُرمَّزة في وسائل الإعلام قام برنارد بيرلسون بتثبيت قواعدها ضمن الوضعية التقليدية الكبرى، وتعود المسألة إلى مفاهيم يجب تحديدها وينبغي ترجمتها لاحقًا إلى مؤشرات إحصائية(7). فهل وسائل الإعلام الرسمي المغربي تحترم التعدديَّة؟ ويطرح هذا السؤال مسألة تمثيل الأقلية كمِّيًّا وتكرار ظهورها، مقارنة مع الأغلبية المهيمنة، وتوزيع مميزاتها الاجتماعية-المهنية في المضامين الإعلامية، والأدوار السلبية أو الإيجابية التي تشغلها.

كما اعتمدت الدراسة -أيضًا- التقييم النوعي باعتباره أكثر تيقظًا للتفاصيل والدلالات والتصوُّرات الاجتماعية والسياسية. من هنا، لم تتقيَّد الباحثة -لحظة التحليل النصي- بفكِّ الرموز والدلالات الإضافية للمضامين فقط؛ بل سعت أيضًا إلى تفكيكها، آخذة بعين الاعتبار من ناحية رهانات الفاعلين الذين أسهموا في إنتاجها، ومن ناحية أخرى تصوُّراتهم المسبقة عن آثارها في الجمهور والمجموعات الاجتماعية التي تتلقاها.

خ‌- المدخل النظري
تركِّز مقاربة الدراسات الثقافية بتياراتها المتنوعة، خاصة تيار ما بعد الكولونيالية كالتفكيكية ونظرية التلقي، على الاهتمام بالبُعد الثقافي للمنتوجات الثقافية وما يحمله من أنساق اجتماعية-سياسية قد تكرِّس الهيمنة، وتضفي المشروعية على الكلام باسم الآخرين. وهي ترى المضامين الإعلامية نتاجًا للتفاعلات التي كوَّنتها، ورسائل توجز العلاقات السياسية والاجتماعية ومنطق العمل والحركات الثقافية وَفْق نظرية عالم الاجتماع الفرنسي إريك ماسيه(8) في الدراسات الثقافية، والتي استندت إلى إسهامات هوارد باكر(9) وبرونو لاتور(10). إنَّ مضامين وسائل الإعلام الجماهيرية تتغذَّى بشكل كبير من صراعات التمثُّلات ضمن المجال العام، لاسيما بين الفاعلين الاجتماعيين والسياسيين والثقافيين، ومن تصورات عن الجمهور المتخيَّل ووجهات النظر فيما يتعلق باهتمامات الناس لدى مجموعة كبيرة من الفاعلين المهنيين في المجال الإعلامي (رؤساء ومدراء قنوات، مبرمجين، مخرجين، كُتَّاب سيناريو، مُقدِّمين، وصحفيين).

وينطبق هذا الباراديغم أو النموذج على تشكيل المضامين الإخبارية في وسائل الإعلام الرسمي المغربي، التي تعمل في ظل نظام سياسي يقوم أساسًا على استخدام أجهزة الدولة الأيديولوجية -بتعبير الفيلسوف الفرنسي لويس ألتوسير- للهيمنة، ليس على حركة الجماهير السياسية فقط، ولكن على وعيها الاجتماعي أيضًا. هذا النموذج يسعى لفرض التفكير الأُحادي على المجتمع؛ مما يؤدي على المدى الطويل إلى نوع من العقم الفكري والانهيار الاجتماعي التدريجي. ويكون ذلك عن طريق خلق نمط خاص من الهوية؛ يتمثل في إضفاء الشرعية، كما حدَّدها مانويل كاستلز في كتابه "الاقتصاد والمجتمع والثقافة" لاسيما في جزئه الثاني بعنوان "قوَّة الهوية"(11)، والتي تصوغها المؤسسات المهيمنة في المجتمع في محاولة لبسط نطاق سيطرتها على الفاعلين الاجتماعيين ولتبرير هذه السيطرة.

وتنهض الدراسة على أساس ثلاثة مفاهيم مركزية، متداخلة ومترابطة بعضها مع بعض، هي: التمثيل، والمتخيَّل، والآخر. فمفهوم التمثيل يساعد في عملية نقد وتفكيك مكوِّنات المنتوجات الثقافية؛ من أجل فهم العناصر الفاعلة فيها والمحرِّكة لنظرتها لذاتها وللآخرين، وهو ما يتشكَّل عنه ما يُدعى بالمتخيل، وهو عبارة عن ذاكرة الجماعة وخزَّان هائل للرموز والصور والخطابات والقيم التي تُشكِّل الإطار المرجعي لهوية المجتمع. والتمثيل -بحسب الفيلسوف الفرنسي ميشيل فوكو- هو آلية من آليات الهيمنة والإخضاع والضبط وإعادة إنتاج السلطة لنفسها. من هنا، يمكن فهم كيفية لجوء السلطة المهيمنة في المغرب إلى التمثيل من أجل الإخضاع والضبط والتعبير عن الغلبة من خلال منتوجات ثقافية تلجأ هي الأخرى إلى تمثيل الآخرين، وَفْق أنماط مُحدَّدة من أجل ضمان سطوتها وسيطرتها عليهم.

2- حضور الفاعلين في الخطاب الإعلامي الرسمي: حجمه وخلفياته

جدول رقم (1) يبيِّن توزيع الفاعلين السياسيين والاجتماعيين في الخطاب الإعلامي الرسمي

الفاعلون التكرار (ك) النسبة المئوية (%)
المؤسسة الملَكية  109  24,71
 المؤسسة التنفيذية  82  18,59
 المؤسسة التشريعية  8  1,81
 رئيس الحكومة  8  1,81
 مؤسسات حكومية  77  17,46
 منظمات وطنية  28  6,34
 الأحزاب السياسية  7  1,58
 مواطنون  116   26,3
 نقابات  6  1,36
 المجموع  441  100

أ‌- وسائل الإعلام أبواق لخدمة مركزية المؤسسة الملكية
لا شك في أن وسائل الإعلام الرسمي المغربي تعمل من منطلق مركزية السلطة الملكية، وهو ما يُفسِّر إلى حدٍّ كبير المكانة التي تحتلُّها صورة الملك (64% للملك/الحاكم و30% للملك "أمير المؤمنين" من مجموع فئة المؤسسة الملكية)، والأسرة الملكية (6% للملوك الراحلين، وولي العهد الأمير مولاي الحسن، والأميرات والأمراء) في المضامين الإخبارية لهذه الوسائل. إنَّ التجربة السياسية المغربية لطالما اتسمت بارتكازها على الأيديولوجيا الدينية عبر صورة الملك أمير المؤمنين (30%)، وما يستلزم ذلك من عُدَّة عمل ديني وسياسي واجتماعي واقتصادي يجري الدعاية لها بشكل ملحوظ في وسائل الإعلام، لاسيما المرئية منها. ومن هذا المنطلق، تكون السلطة على أساس النيابة الخاصة لأمير المؤمنين ويصبح التعاطي مع الفاعلين السياسيين الآخرين قائمًا على ثقافة الطاعة المطلقة والتكليف الشرعي أكثر من الشورى وثقافة المشاركة الديمقراطية.

إنَّ عماد هذه السياسة هو الاستخدام الكيفي لموارد الدولة وإمكانياتها وأجهزتها الإعلامية على وجه الخصوص، استنادًا إلى برنامج ديني سياسي اجتماعي دعائي يتمحور حول صورة أمير المؤمنين ذي الهالة القدسيَّة التي تكتسبها أوامره وقراراته وطريقة ممارسته للسلطة وإدارة شؤون الحكم. فالأمير هنا هو راعي الأمن والاستقرار، وحامي البلاد، ونصير الفقراء والضعفاء والمحتاجين، والضامن لتحقيق العدالة وحقوق الإنسان والتنمية والازدهار الاقتصادي والانفتاح على الخارج؛ وهي من الأمور التي راهن عليها الملك محمد السادس منذ تولِّيه العرش، لاسيما موضوعَيْ حرية التعبير وحقوق الإنسان؛ لِتُمَيِّزَهُ عن الصورة الذهنية التي تركها والده الحسن الثاني، ولِيَجْذِبَ بها المستثمرين الأجانب(12)، وما الإسهابُ في عرض حيثيات الدروس الحسنيَّة الرمضانية والاستقبالات الرسمية لرجال دين من مناطق جغرافية متنوعة، والمناسبات والإنجازات الدينية الأخرى التي يرعاها الملك (أمير المؤمنين) وترتفع وتيرتها في شهر رمضان، وهي الفترة التي تمت فيها عملية رصد المضامين الإخبارية؛ إلا دليلٌ مباشر على هذا البرنامج الديني السياسي الدعائي. ويُضاف إلى ذلك، التغطيات المتعددة سواء في التلفزيون أو في الإذاعات الوطنية للنشاطات والحملات والعمليات التي يرعاها الملك/الحاكم كالعملية الوطنية للدعم الغذائي، وتدشين مركز التكوين المهني وإدماج الشباب، ووضع حجر الأساس لمركز تجاري في مدينة سلا، وانطلاق أشغال مركز للتكفُّل بالأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، أو التسليم الرمزي لآليات لتقويم العظام وكراسي متحركة لفائدة الجمعيات العاملة في مجال الإعاقة وسواها. ففي ظل هذا النسق، يمكننا فهم الدور والمكانة الثانوية لهؤلاء في المضامين الإخبارية لوسائل الإعلام الرسمية، كما سنرى لاحقًا.

ب‌- تغييب رئيس الحكومة عملًا بمنطق "المشاركة لا المغالبة"
بالرغم من توسيع صلاحيات وسلطة رئيس الحكومة، التي تضمنتها التعديلات الدستورية في العام 2011، فإنَّ حضوره كفاعلٍ سياسي في المضامين الإخبارية الرسمية يتسم بالتواضع الشديد (1,81%) مقابل حضور الملك. فالبراغماتية السياسية التي لطالما أبداها ابن كيران، من خلال احترامه الكبير للملك والحرص على عدم تحدي سلطته الرمزية والدينية وحتى السياسية منها، وتنامي صورته العامة وشعبيته(13)؛ مما شجَّع الملك على العمل مع حزب العدالة والتنمية(14)، لم تؤدِّ إلى تحسين حضوره في الإعلام الرسمي. حضور، أقل ما يمكن وصفه بالمحايد المفَرَّغ من أي نزعة متحاملة، أو مغرضة، أو حتى هجومية، كتلك التي نجدها في بعض وسائل الإعلام الحزبية والمستقلة، أو حتى تلك التي اتسمت بها مضامين بعض البرامج والنشرات الإخبارية على القناة الثانية 2M وأثارت حفيظة رئيس الحكومة وبعض نواب الحزب الحاكم في مناسبات كثيرة، والذين نعتوها بـ"الإعلام الفاسد والمتحيِّز". ويبدو أن التهدئة الإعلامية هي المطلوبة حاليًا بين وسائل الإعلام الرسمي والحكومة في محاولة للحفاظ على استقرار البلاد السياسي، وفي الوقت نفسه امتصاص الضغط الخارجي والداخلي لإخراج الإسلاميين من السلطة.

وعلى العموم، فإنَّ سياسة التهدئة من خلال التغييب المقصود بهدف تلافي النزاع، يمكن أن تندرج هي الأخرى ضمن نسق التفاهم حول كيفية إدارة العلاقات بين المؤسسة الملكية ورئيس الحكومة، والتي تبلورت منذ سنوات بشعار قديم يستخدمه الإسلاميون المعتدلون في المنطقة "المشاركة لا المغالبة"(15). إضافة إلى ذلك، تبقى المؤسسة الملكية المستفيد الأول من الإصلاحات التي تبنَّاها الحزب منذ وصوله إلى الحكم، بما في ذلك تغيير دعم المواد الأساسية وأنظمة التقاعد والقضاء ومحاربة الفساد، بما لهذه الإصلاحات من تأثير مباشر في حياة الناس اليومية. فالملكية -التي لطالما ترفَّعت عن الانخراط في شؤون البلاد اليومية- تعود لتؤكِّد، من خلال الدعم الإعلامي والثناء على إنجازات الحزب الحاكم في هذا المجال، على الدور الاجتماعي الذي تلعبه في إدارة شؤون البلاد.

ت‌- "هذا المغرب الجديد من صنعنا"
تأسيسًا على ما سبق، يمكن فهم حجم حضور بعض الأجهزة التنفيذية، لاسيما تلك التي تهتم بشكل مباشر بشؤون المواطنين، كوزارة الصحة (15,5%) ووزارة التربية الوطنية (8,6%) من مجموع فئة المؤسسة التنفيذية، للإثناء على السياسة الاجتماعية للسلطة الحاكمة. أما حضور وزارة العدل (15,5%) فيمكن فهمه في إطار حاجة تلك السلطة إلى إبراز ما يبرهن على جهودها في تحديث البلاد؛ عملًا بالمقولة التالية: "هذا المغرب الجديد من صنعنا". ويمكن أيضًا فهم توظيف حضور وزارة العدل -والذي جاء بنفس حجم حضور وزارة الأوقاف- عبر موضوع "إصلاح المنظومة القضائية" في الخطاب الرسمي للإعلام المرئي المسموع، وبخاصة الصحافة المكتوبة الصادرة باللغة الفرنسية (وهو ما سنعود إليه بالتفصيل في القسم الثالث)، في ضوء الرهانات الداخلية والخارجية للمملكة؛ بهدف جذب الأنظار نحو المغرب باعتباره البلد الأكثر حداثة واستقرارًا وتنميةً، والأكثر انفتاحًا على أوروبا من بين الدول الإسلامية والإفريقية؛ مما يمكِّنه من لعب دور استراتيجي ومحوري وقيادي في المنطقة.

من هنا، جاء حضور الوزارات الأخرى (وزارة الإسكان، وزارة البيئة، وزارة الوظيفة العمومية، وزارة الشؤون الخارجية، وزارة الداخلية، وزارة الصناعة والاستثمار، ووزارة التجهيز والنقل)، والذي بلغ بمجمله ما نسبته 44,8% من مجموع فئة المؤسسة التنفيذية، في قضايا تخدم هذه الاستراتيجية: "المغرب مصدر للإلهام"، "المملكة قطب للاستقرار"، "الأمن والاستقرار في المغرب"، "التطور الحاصل في مجال حقوق الإنسان"، "مراكش، ضمن عشر وجهات عالمية سياحية"، "حملة محاربة الغش"، "تحديث الإدارة"، "الاقتصاد الوطني يعرف نوعًا من الاستقرار"، "الخطة الحكومية للمساواة إكرام لنشر مبادئ الإنصاف والمساواة وتعزيز الحضور الإيجابي للمرأة في الإعلام"، "خلق فرص للشغل"، "الأصالة المغربية"، "القضاء على الفوضى"، "إعادة إحياء التراث"... إلخ.

ث‌- تجنيد حضور المؤسسات الحكومية
احتلَّت المؤسَّسات الحكومية حضورًا يكاد يكون موازيًا للمؤسسة التنفيذية بنسبة بلغت 17,46% في الخطاب الإعلامي الرسمي. أما المؤسسات الحكومية التي تناولتها المضامين الإخبارية في الإعلام الرسمي فشملتْ بالدرجة الأولى اللجان المحلية والإقليمية لمراقبة الأسعار والجودة وشروط السلامة، والتي تنشط في هذه الفترة الزمنية بالتحديد ضمن إطار الحملة الوطنية التي انطلقت مع بداية شهر رمضان، إضافة إلى المؤسسات الحكومية الأخرى كمركز إدماج الشباب والمعوَّقين وسواها بنسب متفاوتة.

واللافت في هذا الحضور هو تجنيده لخدمة السياسة الاجتماعية وسياسة الحكم الرشيد وآثارها المباشرة في تحسين أوضاع المواطنين "لقد تم تجنيب المستهلك شرَّ تناول المواد الفاسدة، الهدف هو حماية المواطن وحماية المستهلك"، "المركز سيمكِّن من تفتُّح الأشخاص المستهدفين واندماجهم اجتماعيًّا، عبر خلق أنشطة ثقافية واجتماعية تشجِّع على التحلي بروح المسؤولية والالتزام الطوعي للشباب، بالخصوص في العمل الجمعوي وأيضًا من خلال تطوير تكوينات مؤهلة من شأنها أن تضمن لهم اندماجًا أفضل في سوق الشغل، الإذاعة الوطنية"... إلخ.

ج‌- التعددية الحزبية المُغيَّبة
تُظهر الأدبيات المحلية التي تناولت موضوع التعددية الحزبية والسياسية في المغرب بعض المحددات والخصائص التي تحكم هذه الظاهرة، كاصطناع التعددية الحزبية من قِبل السلطة عن طريق التوليد الحزبي**، والانشقاقات التي عرفها المشهد الحزبي المغربي(16)؛ مما أسهم في خلق "تعددية حزبية مُفَرَّغَة من أي مضمون سياسي"، بحسب ما توصَّل إليه الباحث المغربي إدريس جنداري.

ضمن هذا النسق السياسي المنغلق، يمكن فهم عملية تغييب الأحزاب عن المشهد الإعلامي الرسمي المغربي (1,5%)، والتي تندرج في إطار رغبة المؤسسة الملكية في احتكار القرار السياسي؛ مما ينتج عنه خلل كبير على مستوى دور المؤسسات الإعلامية، ليس فقط في ضمان حضور كَمِّي ونوعي للأحزاب كفاعلين سياسيين وشركاء في الحكم؛ بل أيضًا على مستوى تصوُّر المواطنين لدور الأحزاب وللسياسة بشكل عام.

إنَّ النظام السياسي المغربي قد برهن، بالرغم من الإصلاحات الدستورية والاجتماعية والاقتصادية التي تبنَّاها على مدى السنوات الماضية، على رغبته في التشبُّث بملكية تنفيذية/حاكمة تجمع بين يديها جميع السلطات: التشريعية والتنفيذية والقضائية، وتُجنِّد ترسانتها الإعلامية في سبيل شرعنة هذا النظام. أما الأحزاب، وحتى النقابات (1,36%) ومنظمات المجتمع المدني -التي تُعَدُّ من بين الأنشط في العالم العربي والتي أسهمت، ولا تزال تُسهِم، بشكل كبير في نقاشات عامة حول قضايا نسويَّة وحقوقية وعمالية- غُيِّبت هي الأخرى من المشهد الإعلامي الرسمي؛ فظلَّتْ أدوات تأثيث للمشهد السياسي والظهور بصورة تواكب متطلبات الديمقراطية الحديثة التي تحترم مبدأ التعددية السياسية وحقوق الفاعلين باختلاف خلفياتهم الحزبية والاجتماعية والسياسية والجمعوية في الإخبار المحايد والولوج إلى وسائل الإعلام لإبداء وجهات نظرهم والمشاركة في اللُّعبة السياسية.

ح‌- المواطن الهشُّ، المواطن الشكور
تكشف نتائج الدراسة فيما يخص حجم وسمات حضور المواطنين في المضامين الإخبارية لوسائل الإعلام الرسمي عن وجود تركيز على صور مُحدَّدة للمواطنين أكثر من سواها؛ وهي صورة المواطن الفقير، والمريض، أو من ذوي الاحتياجات الخاصَّة (23,3% من مجموع هذه الفئة)، لاسيما في تغطيات حملة الدعم الغذائي، والحملة الطبية لمرضى السكري، وانطلاق الأشغال بمركز للتكفُّل بالأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة. وتأتي هذه الصورة للمواطن الهشِّ لتدعيم منطق التبعية للسلطة الحاكمة، ولكن في قالب جديد يسعى لنشر صورة جديدة للمؤسسة الملكية كفاعل رئيسي في تسيير شؤون البلاد اليومية. ويستند هذا المنطق إلى فكرة مفادها أن السلطة الحاكمة هي الضامن الوحيد لتوفير جميع مستلزمات المواطنين بما يوفِّر لهم العيش الرغيد، سواء أكان ذلك من خلال الصورة (صورة الخبر الأول في صحيفة لوماتان الصادرة باللغة الفرنسية بتاريخ 19 من يونيو/حزيران 2015، وفيها يظهر ولي العهد مولاي الحسن وهو يعانق سيدة عجوزًا وخلفه والده وحشد من الحضور الرفيع وإلى جانبهما سيدة من الدَّرَك الملكي تحمل سلَّة من المواد الغذائية الأساسية)، أو عبر الخطاب مثلما هو الحال في نشرة أخبار القناة الأولى بتاريخ 18 من يونيو/حزيران "تتعدَّد أعمال الخير التي يضعها أمير المؤمنين، جلالة الملك محمد السادس -نصره الله- في خدمة قيم التآزر والتضامن والتكافل والتعاون، وأمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس -نصره الله- يسهر على تدعيم أسس صرح التكافل الاجتماعي بتيسير كل السُّبُل في مواجهة الفقر والهشاشة والخَصَاص".

ويقابل هذه الصورة الهشَّة للمواطن، صورة أخرى مُكمِّلة لها، وهي صورة المواطن الشكور، كعربون لفروض العرفان للمؤسسة الملكية على جهودها ودعمها المفترض. وتتجسَّد صورة المواطن الشكور في أشكال متعدِّدة، كشهادات الثناء على كرم وطريقة إدارة البلاد من قِبل السلطة الحاكمة (في الإعلاميْن المرئي والمسموع على وجه الخصوص)، أو من خلال التركيز على صور المواطنين المتجمهرين في أماكن تواجد الملك (في وسائل الإعلام المرئي على وجه الخصوص)، أو من خلال أفعال رمزيَّة للعرفان بالسياسة الشعبية للسلطة (هدية مصحف إلى الملك منسوخ من قبل 75 ألف سيدة من المستفيدات من برنامج محو الأمية، الخبر الرابع في نشرة أخبار القناة الأولى، 18 من يونيو/حزيران 2015).

أما فيما يخصُّ نِسَب حضور الصور الأخرى للمواطنين، فقد توزَّعت بين 23,3% من مجموع هذه الفئة للمواطنين العاديين مع غالبية للمواطنين المهاجرين كموضوع، و16,5 للنُّخبة من أطباء ومهندسين وصحفيين وفنانين وسواهم، و15,53 للشباب والأطفال كموضوع بالدرجة الأولى (نتائج البكالوريا، ومركز تأهيل وإدماج الشباب)، و10,67 للحرفيين (وتعود هذه النسبة المرتفعة بدرجة كبيرة إلى التقارير اليومية للقناة الأولى بعنوان "صنَّاع بلادي")، و7,76 للنساء كموضوع.

إنَّ تجاهل أو المعالجة المصطنعة والسطحية للمشاكل الاجتماعية والاقتصادية والبيئية من قِبل وسائل الإعلام الرسمي المغربي، تكشف عن قضية أخرى تتعلق بتناقضات في الخطاب السياسي والإعلامي؛ فالحديث عن الفقراء دون تناول معضلة الفقر في المملكة التي صُنِّفت مؤخرًا من بين الدول الأكثر فقرًا في العالم باحتلالها المرتبة 119 من أصل 184 بلدًا، بحسب النتائج التي نشرها صندوق النقد الدولي، أو عن مرضى السكري أو ذوي الاحتياجات الخاصة دون التطرُّق للأوضاع الصحية واليومية والاجتماعية والاقتصادية لهؤلاء في ضوء المشكلات الصحية والمعيشية والاقتصادية التي تتفشَّى في البلاد وغياب الحلول الناجعة؛ يجعل الخطاب الإعلامي يركِّز على بناء الصورة المثالية للمجتمع ويُهمِل استحقاقات التحوُّل الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان(17). كما يركِّز على الحلول الشكليَّة ويتناسى الحلول الاجتماعية والاقتصادية التي تُسهِم في تمكين المواطنين للعب دور في التنمية بدل تجاهل قدراتهم وسَوْقهم إلى دوَّامة الصمت التي تحول دون المشاركة في مختلف أشكال الحوار والنقاش الديمقراطي.

3- "تنوع" حضور الفاعلين: بين الوسيلة واللغة والجهات المستهدفة

كشفت دراسة حضور الفاعلين في مجمل المضامين الإخبارية بالرغم من تفاوتها النسبي عن "تنوُّع" في حجم، ومكانة، وأبعاد هذا الحضور بحسب الوسيلة واللغة وطبيعة الرهانات. وتمكِّن المقاربة التنظيمية-السياسية للصناعة الثقافية للباحث الفرنسي إدغار موران(18) من فَهْم هذه الظاهرة.

إنَّ منطق الأيديولوجية السياسية المهيمنة الذي يقوم على سياق المخادعة بهدف تنويم الأفكار عبر التركيز على صورة الجمهور/المواطن الراضي والشكور، لم يعُدْ وحده قادرًا على تحقيق الأهداف المرجوَّة من الخطاب الإعلامي؛ فنجاح هذا المنطق -ويكون الخطاب فيه تكراريًّا وإيجابيًّا بشكل متكامل- لا يمكن أن يدوم بدون تجدُّد جزئي، واكتشاف إشكاليات جديدة وطريقة للتعبير على صلة مع الرهانات والتوقعات الاجتماعية الجديدة. سيقود هذا المنطق السلطات المغربية -في ضوء المستجدَّات الحاصلة على مستوى تطوُّر تقانة الاتصال وانفتاحها على السوق العالمية- إلى تعديل جزئي وشكلي في المنطق الذي يحكم عملية إنتاج الخطاب الإعلامي الرسمي، إلَّا أن هذا التعديل أو التجديد الجزئي والشكلي سيبقى مقصورًا على النواحي الجمالية والتقنية للمضامين الإخبارية، على شكل تقارير ميدانية تغطي مناطق جغرافية متنوعة في المملكة، دون أن يشمل نوعية المواضيع أو الطريقة التي يتم بها معالجتها. تأسيسًا على ما سبق، نخلص إلى النتائج الأساسية الآتية التي تتناول أهم الاستراتيجيات التي اعتمدتها وسائل الإعلام الرسمي المغربي في التعاطي مع حضور مختلف الفاعلين:

أ‌- الإعلام الجماهيري والاستحواذ على الرأي العام
لا تزال التلفزة والإذاعة تشكِّلان بامتياز قنوات اتصال شعبية، وأدوات لا منازع لها في مخاطبة الأحاسيس والقلوب والبصيرة؛ ولذلك جرى استخدامهما بالذات، سواء من قِبل الأنظمة السياسية أو اللوبيات الإعلامية التجارية في العالم العربي، وبشكل مفرط لغايات متعددة من بينها الهيمنة الثقافية، والتبعية الإعلامية، والسيطرة على العقول، وكسب المال الوفير. وتنخرط سياسة أفضليَّة المرئي المسموع على ما عداه من الوسائل الإعلامية الأخرى في ضوء واقع اجتماعي تتسم به مجموعة من البلدان في المنطقة العربية، والمغرب على وجه الخصوص، ألا وهو انتشار ظاهرة الأمية والفقر، ما يجعل هذا الإعلام أكثر جماهيرية من غيره.

انطلاقًا مما سبق، يمكن فهم حجم الحضور المخصَّص للمواطنين كموضوع في المضامين الإخبارية على القنوات التلفزيونية المستهدفة: 43,15% على القناة الثانية (الجدول رقم 2)، و25% على القناة الأولى (الجدول رقم 3)، و34% في الإذاعة الوطنية (الجدول رقم 4)، و31,81% في راديو 2M (الجدول رقم 5).

جدول رقم (2) يوضِّح توزيع الفاعلين السياسيين والاجتماعيين في القناة الثانية 2M

الفاعلون ك %
 المؤسسة الملكية  17  17.89
 المؤسسة التنفيذية 19  20 
 المؤسسة التشريعية  2  2.1
 رئيس الحكومة 1.05 
 مؤسسات حكومية  7  7.36
 منظمات وطنية 8.42 
 الأحزاب السياسية  0  0
 مواطنون 41  43.15 
 نقابات  0  0
 المجموع 95  100 

والواقع أن الاستراتيجية الثقافية الجديدة لوسائل الإعلام الرسمي، والتي بلغت أعلى مستوياتها في الإعلام المرئي المسموع، اعتمدت بشكل كبير على الثقافة الاستهلاكية بالتركيز المفرط على متطلَّبات الحياة اليومية (الغذاء والدواء) على حساب المتطلَّبات الأخرى (حق التعبير عن الرأي، المشاركة السياسية، التظاهر،... إلخ)، وهو ما يُفسِّر تغييب أو تهميش حضور المؤسسة التشريعية، والمنظمات الوطنية، والأحزاب السياسية، والنقابات (انظر الجداول رقم 2، 3، 4، 5، 6، 7) في المضامين الإخبارية في هذا النوع من الإعلام. في مثل هذا النسق، حتى المؤسسات التنفيذية والمؤسسات الحكومية التي استحوذت على حضورٍ أقوى وإن كان بنِسَب متفاوتة بحسب الوسيلة، يصبح دورها ثانويًّا في خدمة أهداف هذه الاستراتيجية.

جدول رقم (3) يبيِّن توزيع الفاعلين السياسيين والاجتماعيين في القناة الأولى

الفاعلون ك %
 المؤسسة الملكية 38 27.14
 المؤسسة التنفيذية 21 15
 المؤسسة التشريعية  2 1.42
 رئيس الحكومة 3 2.14
 مؤسسات حكومية  30 21.42
 منظمات وطنية 7 5
 الأحزاب السياسية  2  1.42
 مواطنون 35 25
 نقابات  2  1.42
 المجموع 140 100 

إنَّ الغوص في مكوِّنات هذا النموذج من الثقافة الإعلامية الجماهيرية الاستهلاكية، التي تستهدف الطبقات الشعبية بالدرجة الأولى عبر الإعلام المرئي المسموع، يكشف عن وجود خمسة أَوْهَامٍ، وهي: وَهْم الفرص المتاحة للجميع، وَهْم المجتمع المثالي، وَهْم غياب المشاكل الاجتماعية، وَهْم غياب الصراع السياسي، ووَهْم سوء التغيير، وهو ما يهدف -أولًا وقبل كل شيء- إلى "تسطيح الوعي" بالسيطرة على الإدراك وتكريس نمط في الحياة الاجتماعية والسياسية عبر مضامين سطحية ومصطنعة وشكلية مُوجَّهة من رأس الهرم إلى القاعدة، بكل ما فيها من معاني الفوقية السلطوية؛ لإبقاء الوضع القائم على ما هو عليه. وهو أيضًا يدل على درجة الإنكار للواقع الاجتماعي الفعلي من قِبل الإعلام الرسمي المرئي والمسموع، وعجزه عن استيعاب التطوُّرات الجديدة، ومن ثَمَّ فإن خطابه لا يزال يتسم بلغة متجاوزة، ومتعارضة مع منطق التطور الاجتماعي والسياسي الحاصل في البلاد. وحتى لو وجد المواطنون في هذا الخطاب ما يدفعهم لتغيير آرائهم حول قضية معينة، "فليس ثمَّة في الواقع آليات تسمح لهم بفعل شيء حيال ذلك"(19).

ب‌- تقنين الحضور بغضِّ النظر عن الجمهور
كشفت نتائج الدراسة، بالرغم من اختلاف الجمهور المستهدف في راديو 2M الذي يتوجَّه إلى الشباب بين 15 و35 عامًا من خلال الموسيقى على وجه الخصوص، والإذاعة الوطنية التي تتوجَّه إلى جمهور أكثر تنوُّعًا، عن عملية تقنين لحضور الفاعلين في خدمة الإجماع المهيمن (انظر نتائج الجدوليْن 4 و5). وتتجاهل هذه الوسائل -بما فيها تلك التي أُسِّست حديثًا كراديو 2M (2004) لِتُجسِّد إرادة التجديد والانفتاح التي رعتها السلطة في بداية الألفية الثانية- أنَّ البيئة الإخبارية التي يعيشها الناس، والشباب خصوصًا، أصبحت أكثر كثافة.

جدول رقم (4) يوضِّح توزيع الفاعلين السياسيين والاجتماعيين في الإذاعة الوطنية

الفاعلون ك %
 المؤسسة الملكية  10 20
 المؤسسة التنفيذية 10 20 
 المؤسسة التشريعية  1 2
 رئيس الحكومة 0 0
 مؤسسات حكومية  8 16
 منظمات وطنية 2 4
 الأحزاب السياسية  1 2
 مواطنون 17 34
 نقابات 1  2
 المجموع 50 100 

إنَّ تقنين حضور الفاعلين عملًا بمنطق مركزية السلطة الملكية والثقافة الاستهلاكية في حالة راديو 2M، إنما يهدف إلى غرس القيم والمبادئ والأفكار الخاصة بالسلطة المهيمنة لدى الشباب المغربي من خلال تعويدهم على الخطاب الإعلامي الأُحادي الرسمي بغضِّ النظر عن متطلبات واحتياجات وأذواق هؤلاء المستمعين، وهو ما يساعد على فَهْم تغييب وتهميش فئات الشباب والمراهقين كموضوع من المضامين الإخبارية لموجز أنباء راديو 2M، أو على فهم التغييب التام والكامل لحضور المؤسسة التشريعية والأحزاب السياسية والنقابات.

جدول رقم (5) يبيِّن توزيع الفاعلين السياسيين والاجتماعيين في رادو 2M

الفاعلون ك %
 المؤسسة الملكية  6 27.27
 المؤسسة التنفيذية 5 22.72
 المؤسسة التشريعية  0 0
 رئيس الحكومة 0 0
 مؤسسات حكومية  3 13.63
 منظمات وطنية 1 4.54
 الأحزاب السياسية  0  0
 مواطنون 7 31.81
 نقابات  0  0
 المجموع 22 100 

ت‌- الصحافة المكتوبة بين التحديات والرهانات المحلية والإقليمية والدولية
تُجمع الدراسات والتحليلات التي تناولت موضوع استقلالية الصحافة المكتوبة في المغرب، بما فيها الصحافة المستقلة وصحافة الأحزاب، على أنها تخدم بالدرجة الأولى عملية "إضفاء المصداقية على المؤسسة الملكية"(20) و"سياستها الانفتاحية والديمقراطية"(21)، وهو ما يستدعي التفرقة بين الصحافة و"الدعاية المتنكرة في ثوب صحافة"، بحسب الباحث الإعلامي البريطاني فيليب سيب(22)؛ لأنَّ هذا النوع الأخير من الصحافة يُحْكِم السيطرة على إعلام الجمهور حتى لا يتم تعبئة أولئك الذين يرغبون في التغيير.

تأسيسًا على ما سبق، يمكن تحليل النتائج التي كشفت عنها دراسة مقارنة لحضور الفاعلين في الصفحات الأولى لجريدتَي الصحراء المغربية ولوماتان وفي الإعلام السمعي البصري، وتبيَّن أن توزيع حضور الفاعلين في هاتين الصحيفتين يتلاءم مع استراتيجية الخطاب الإعلامي المكتوب الرسمي المبنيِّ على نمط من التحرير الانتقائي الموجَّه إلى النُّخب المحلية والإقليمية والدولية (مستثمرين ورجال أعمال، على وجه التحديد) أكثر منه إلى عامة الشعب (فئة المواطنين): 13,84% في جريدة الصحراء المغربية (الجدول رقم 6)، و10,29% في جريدة لوماتان (الجدول رقم 7)، مقابل 43,15% في القناة الثانية، و25% في القناة الأولى، و34% في الإذاعة الوطنية، و31,81% في راديو 2M.

جدول رقم (6) يوضِّح توزيع الفاعلين السياسيين والاجتماعيين في صحيفة الصحراء المغربية

الفاعلون ك %
 المؤسسة الملكية  22 33.84
 المؤسسة التنفيذية 12 18.46
 المؤسسة التشريعية 1 1.53
 رئيس الحكومة 2 3.07
 مؤسسات حكومية 12 18.46
 منظمات وطنية 4 6.15
 الأحزاب السياسية  1  1.53
 مواطنون 9 13.84
 نقابات 2  3.07
 المجموع 65 100 

استحوذ الحضور النوعي للمؤسسات التنفيذية والحكومية على مكانة خاصة في الإعلام المكتوب مباشرة بعد التغطيات المسهبة للمؤسسة الملكية التي احتلَّت حوالي ثُلث المساحة الإجمالية في هذه الصفحات، لاسيما المواضيع التي تم التركيز عليها في هذا النوع من الإعلام المستهدف لجهات بعينها والأدوات المستخدمة في تأدية هذا الغرض؛ حيث احتلَّت المواضيع التي تناولت تطوير مناخ الأعمال والبيئة العامة في المغرب مكانة ملحوظة من بين مجمل العناوين التي تصدَّرت الصفحات الأولى لجريدة الصحراء المغربية خلال الفترة المدروسة "وزير الوظيفة العمومية: المبادرة عامل لتطوير الخدمات العمومية وتحسين مناخ الأعمال"، "مكتب الصرف يكشف بنيات المبادلات التجارية مع الخارج خلال سنة 2014"، "تراجع العجز التجاري بنسبة 6,2% وأوروبا أول شريك للمغرب"... إلخ.

من جهتها، ركَّزت مضامين صحيفة لوماتان، التي استهدفت عبر مواضيعها ورهاناتها جمهورًا فرنكوفونيًّا إقليميًّا ودوليًّا، على المزايا الاقتصادية والبيئية والسياحية والاجتماعية التي يوفِّرها المغرب وازدهار الحياة الديمقراطية وانفتاح المملكة على التعاونات والشراكات الدولية في سبيل تحقيق الأهداف المرجوَّة للمغرب بالتموقُع كنموذج رائد في المنطقة الإفريقية والعربية: "المغرب بلد جاذب ويتموقع كأرضية لصناعة السيارات على المستوى العالمي"، "الاتحاد الأوروبي يثني على خُطى مهمَّة قامت بها المملكة المغربية في تعزيز حقوق الإنسان"، "تعاون جنوب- جنوب: المغرب وتوغو والتأسيس للفضاء في شمال غرب إفريقيا للحوار الاستراتيجي"، "النائب الفرنسي لوك شاتيل يشيد بالإصلاحات التي أطلقها جلالة الملك في المجال القضائي"... إلخ.

جدول رقم (7) يبيِّن توزيع الفاعلين السياسيين والاجتماعيين في صحيفة "لوماتان"

الفاعلون ك %
 المؤسسة الملكية  16 23.52
 المؤسسة التنفيذية 15 22.05
 المؤسسة التشريعية  2 2.9
 رئيس الحكومة 1 1.47
 مؤسسات حكومية  17 25
 منظمات وطنية 6 8.8
 الأحزاب السياسية  3  4.41
 مواطنون 7 10.29
 نقابات 1  1.47
 المجموع 68 100 

خلاصة

أظهرت نتائج الدراسة أن الخطاب الإعلامي الرسمي في المغرب لا يعكس بصورة محايدة ومتساوية تَعَدُّدِيَّة الفاعلين السياسيين والاجتماعيين في المجال العام، ويستند إلى مجموعة من الاستراتيجيات والممارسات التي تهدف إلى تعزيز مركزية المؤسسة الملكية كفاعل محوري وأُحادي، ليس في عمليات تسيير شؤون البلاد السياسية والاجتماعية والاقتصادية والدينية فقط؛ بل أيضًا في بناء صورة مثالية للمجتمع ولـ"النموذج المغربي".

إنَّ التأثير في الرأي العام ليس أمرًا جديدًا على الإعلام الرسمي، غير أن بعض الأنظمة تعاملت -ولا تزال تتعامل- مع هذا الواقع بطريقة تقليدية؛ فالأوضاع الراهنة والمستجدات التي شهدتها تكنولوجيا الاتصال والإعلام وانتشارها واستخداماتها على الصعيد العالمي جعلت عملية التأثير هذه أكثر تعقيدًا؛ إذ باتت تُطلب في هذه البيئة الجديدة أكثر من الدعاية التقليدية(23). إن التركيز المفرط في المضامين الإخبارية العمومية على الأبعاد الإيجابية لصورة المجتمع المغربي في مختلف الميادين السياسية والاجتماعية والاقتصادية والبيئية والثقافية وعلى الدور الأحادي والمركزي للمؤسسة الملكية في عمليات تحديث البلاد من خلال نمط تحريري انتقائي لا يستطيع أن يحقِّق الهدف المرغوب فيه بهذه السهولة، وقد يؤدِّي إلى نتائج عكسية، كما لا يتوافق مع احترام مبادئ التعددية الإعلامية والسياسية ومنطق الخدمة العمومية لوسائل الإعلام الرسمية.

واستنادًا إلى نظرية الدراسات الثقافية التي تعتبر أن التوافق المطلق بين لحظة إنتاج ولحظة استقبال الرموز والرسائل الإعلامية المفروضة غير موجود(24)؛ لم يعُد اليوم بالإمكان المراهنة على الجمهور المتلقي/السلبي الذي يستقبل الرسائل الإعلامية المفروضة بسذاجة وكما تم توليفها. حتى في هذه الحال، قد تعمل تناقضات الخطاب الإعلامي على زيادة فرص الاستقبال التفاوضي (ويقوم على تكييف الرسالة محليًّا بمعارضتها جزئيًّا)، أو حتى الاستقبال المعارض (ويقوم على رفض أيديولوجية الرسالة وبالتالي إسقاطها)، إلَّا أن مثل هذه الفرضيَّات تحتاج في اختبارها إلى تجاوز دراسة المضامين الإعلامية، وإيلاء اهتمام أكبر لدراسة التلقي، لاسيما في شقِّه الذي يبحث في تحديد قدرات مقاومة الأفراد للرسائل المرمَّزة من قِبل وسائل الإعلام.
____________________________________
د. حسناء حسين: باحثة اجتماعية في مجال الإعلام والاتصال.

الهوامش
1. انظر أعمال:
Guaaybess, Tourya, “La réforme des organismes de télévisions arabes, où en est-on? Réflexions à partir du cas marocain”, Horizons Maghrébins, (n° 62, 2010).
De La Brosse, Renaud, “La haute autorité de la communication audiovisuelle et la libéralisation du paysage médiatique marocain”, Horizons Maghrébins, (n° 62, 2010).
2. راجع التقارير المنشورة على الموقع الرسمي للهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، (تاريخ الدخول: 12 من يوليو/تموز 2015):
http://www.haca.ma/indexFr.jsp?id=66
3. Bonville, J. L’analyse de contenu des médias. De la problématique au traitementstatistique, (Bruxelles, De Boeck, 2000).
4. أطروحات دكتوراه: برودي، فاطمة، "الإعلام الفضائي العربي بين تحديات الحراك ورهانات الاستقرار"، كلية الحقوق، الرباط، 2015، وكزوط، هشام، "الإعلام التنموي وتحديث المجتمع: دراسة سوسيولسانية للإعلام التليفزيوني بالمغرب: القناة الأولى نموذجًا"، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، وجدة، 2015، ومدعشا، هشام، "السياسة الإعلامية في المغرب، السمعي البصري نموذجًا"، كلية العلوم الاقتصادية والاجتماعية، الدار البيضاء، 2010.
5. انظر: المؤلَّف الجماعي تحت إشراف جاري مصطفى ولكريني إدريس، "أي دور للصحافة في التأثير على أجندة السياسات العامة؟"، أعمال الندوة الدولية المنظمة من طرف مجموعة البحث حول الإدارة والسياسات العامة (21 و22 من أكتوبر/تشرين الأول 2010)، العدد 37- 2011، كلية الحقوق بمراكش 2011.
6. كشفت الحصيلة الأخيرة لقياس نِسَب المشاهدة في المغرب في تقرير مؤسسة "ماروك ميتري" الخاص بالفترة الممتدة من 1 إلى 4 من رمضان 2015، أن القناة الثانية استقطبت 46,6% من المشاهدين المغاربة في أوقات الذروة، مقابل 17,9% للقناة الأولى. كما أفادت الحصيلة ذاتها أن 51,5% من المشاهدين المغاربة تابعوا برامج القنوات الوطنية، مقابل 48,5% لباقي القنوات الفضائية في أوقات البث العادية، وأن نسبة مشاهدة الفرد المغربي للتلفزيون ارتفعت بـ49 دقيقة من (3 ساعات ودقيقتين) بداية يونيو/حزيران 2015 إلى (3 ساعات و51 دقيقة في اليوم).
7. Berelson, B. Content analysis in communication research, (Glencoe, Free Press, 1952).
8. انظر أعماله الآتية التي أبرز فيها مرتكزات نظريته:
Macé, Eric, “Sociologie de la culture de masse : avatars du social et vertigo de la méthode”, Cahiers internationaux de sociologie, (2002). “Qu’est ce qu’une sociologie de la télévision? Esquisse d’une théorie des rapports sociaux médiatisés. La configuration médiatique de la réalité”, Réseaux, (n° 104, 2000). “Les trois moments d’une sociologie des rapports sociaux médiatisés : production, réception, contenus”, Réseaux, (n° 105, 2001).
9. Becker, H. Propos sur l’art, (L’Harmattan, 1999).
10. Latour, Bruno, “La fin des moyens”, Réseaux, (n° 100, 2000).
11. Castells, M. The power of identity. The information age: Economy, society and culture, (Blackwell, Cambridge, vol II, 2nd Edition, 2000).
12. Ksikès, D, “Liberté fragile pour la presse écrite au Maroc”, in Mohsen Finan Khadija (dir.), Les médias en méditerranée. Nouveaux médias, monde arabe et relations internationales,(Actes Sud, 2009), p. 172.
13. أظهر استطلاع للرأي في مارس/آذار 2015 أن 62% من المغاربة ينظرون نظرة إيجابية إلى الحكومة المغربية ورئيسها عبد الإله بن كيران. انظر: مصباح، محمد، "إسلاميو الملك: التجربة المغربية"، 23 من مارس/آذار 2015، (تاريخ الدخول: 16 من يوليو/تموز 2015):
http://carnegie-mec.org/publications/?fa=59455
14. المرجع السابق.
15. المرجع السابق.
** تجاوز عدد الأحزاب السياسية في المغرب الثلاثين حزبًا.
16. انظر في هذا الخصوص أعمال الباحث المغربي محمد الطوزي حول أشكال الانشقاق التي عرفها المشهد الحزبي المغربي "فاعلو الإصلاح بين الوحدة والانشقاق"، ترجمة محمد بن الشيخ، وجهة نظر، (العدد 2، 1999).
17. هنا تجدر الإشارة إلى موضوع مقاطعة مجموعة من الحقوقيين والأكاديميين المغاربة والأجانب للمنتدى العالمي لحقوق الإنسان الذي انعقد في مدينة مراكش في 28 من نوفمبر/تشرين الثاني 2014.
18. Morin, E. L’esprit du temps, (Grasset, Paris, 1962).
19. Miles, H. Al-Jazeera: The inside story of the Arab news channel that is challenging the West, (Grove, New York, 2005), p. 327- 328.
20. Ksikès, D, op. cit, p.170.
21. El-Ayadi, M, “Presse écrite et transition politique au Maroc”, in Mohsen-Finan Khadija (dir.), Les médias en Méditerranée. Nouveaux médias, monde arabe et relations internationals, (Actes Sud, 2009), p. 156.
22. سيب، فيليب، تأثير "الجزيرة": كيف يعيد الإعلام العالمي الجديد تشكيل السياسة الدولية، ترجمة عز الدين عبد المولى، (مركز الجزيرة للدراسات والدار العربية للعلوم ناشرون، بيروت، 2011)، ص162.
23. المرجع السابق، ص218.
24. Hall, Stuart, “Codage/décodage”, Réseaux, (n°68, 1994).

ABOUT THE AUTHOR