اقتصاديات الصحافة الإلكترونية العربية: الواقع والنموذج

ترصد الدراسة واقع اقتصاديات الصحافة الإلكترونية العربية، وتناقش التحديات التي تواجه الاستثمار في هذا القطاع الإعلامي، وتنظر في إمكانية إيجاد نموذج عملي لاقتصاديات الصحافة الإلكترونية العربية قابل للتطبيق ضمن بيئة تواصلية تهيمن فيها وسائل التواصل الاجتماعي على اهتمامات المتواصلين.
a67ad1621c0b4f9abf67c7487dc1276d_18.jpg
(الجزيرة)

مقدمة 

وفَّرت الثورة الرقمية، التي تجسَّدت في تكنولوجيات المعلومات والاتصالات، بيئة جديدة لوسائل الإعلام ساعدتها على تعزيز قدراتها التواصلية والاقتصادية. فقد أصبحت وسائل الإعلام، بفضل تلك التكنولوجيات، أكثر قدرة على الوصول إلى جماهيرها من خلال تقنيات الطباعة عن بُعد أو توسيع نطاق البثِّ الإذاعي والتلفزي، فضلًا عن سهولة تلقي الرسائل التواصلية؛ ومن ناحية أخرى، أسهمت التكنولوجيات الجديدة في تقليل تكلفة المنتج الإعلامي، وزيادة مداخيل المؤسسات الإعلامية. 

ومع القفزة التكنولوجية البارزة التي تجسَّدت في شبكتي الإنترنت والويب، دخلت وسائل الإعلام عصرًا جديدًا يُبشِّر بإعلام جديد تتغير فيه اقتصاديات صناعة الإعلام، وتتغير فيه مفاهيم الجمهور والتفاعلية وحراسة البوابة والسبق الصحفي وغيرها من المفاهيم التي رسَّخت العمل الإعلامي خلال القرون السابقة. 

لقد تأثرت الصحافة العربية -مثلها مثل الصحافة في بقية العالم- بالتغييرات التي أحدثتها ثورة الإنترنت في صناعة المواد الإعلامية؛ حيث بدأ التحول من النشر التناظري إلى النشر الرقمي يبيِّن الفروق في التكاليف البشرية والمالية التي تغري بالتحول نحو الرَّقْمَنَة. 

إن تأثير ثورة الرَّقْمَنَة على الإعلام يهدد بتجاوز الملاحظة القائلة بتكامل الوسائل الإعلامية الجديدة مع الوسائل التي سبقتها (بدءًا من الكتاب وصولًا إلى التلفزة)، لتصبح وسائل الإعلام التقليدية كلها ضحية للإعلام الجديد وشبكات التواصل الاجتماعي التي تتخذ من شبكة الويب فضاء عالميًّا يتجاوز حدود المكان والزمان ويتجاوز إكراهات التكلفة المادية الكبيرة التي واكبت الإعلام المطبوع والمسموع والمرئي. 

هكذا تبدو وسائل الإعلام مضطرة للتخلي عن بيئتها وشكلها القديم، والتأقلم مع البيئة الرَّقْمِية بعد أن بدأت منابع دخلها تنضب؛ ويتحول جمهورها من متلقٍّ مستهلك إلى متواصل متفاعل؛ وينجذب المعلنون نحو البيئة الرقمية القادرة على تحقيق الأهداف بأقل تكلفة. 

من هنا، ينطلق هذا البحث للنظر في الجوانب الاقتصادية التي أسَّست النشاط الإعلامي وأمدَّته بسبل الحياة طيلة القرون الماضية، وهي الآن في منعطف يكاد يُحدِث قطيعة مع الماضي من حيث مفاهيم الإنتاج والاستهلاك والبيع. منعطف يُقدِّم موقع الويب بديلًا للكتاب والصحيفة والمجلة والمذياع والتلفاز، مُسْتَغْنِيًا عن الورق والأثير والأقمار الاصطناعية، ومُعَزَّزًا بصداقته للبيئة واستثماره الأقصى للموارد المالية والبشرية. 

إشكالية البحث 

إن التحول من الصحافة الورقية إلى الصحافة الإلكترونية -سواء كان تحولًا جزئيًّا أو كاملًا- أو الانطلاق من بيئة الإعلام الجديد، يستدعي الوقوف على الجوانب الاقتصادية التي تصنع القرار الاستثماري وتحدد الجدوى؛ ذلك أن البيئة التي تعمل فيها الصحافة الإلكترونية تتميز بخصائصها الاقتصادية المستمدة من الأثر الاقتصادي للرَّقْمَنَة في كافة مجالات الحياة، والمتمثلة في التوازي بين كفاءة الأداء وتقليل التكلفة. 

في خضم هذه البيئة الجديدة، تبرز الصحافة الإلكترونية العربية كتحدٍّ للصحافة الورقية التقليدية ضمن مسعاها للحلول محلها وحمل راية الإعلام عنها، بدلًا من الاستسلام لتغوُّل مكونات الإعلام الجديد الأخرى (وعلى رأسها شبكات التواصل الاجتماعي) التي أحدثت خللًا في بنية التواصل الجماهيري بكافة وسائله.  

تنظر هذه الدراسة في إمكانية إيجاد نموذج عملي لاقتصاديات الصحافة الإلكترونية العربية قابل للتطبيق ضمن بيئة تواصلية تهيمن فيها وسائل التواصل الاجتماعي على اهتمامات المتواصلين وتسعى لتمكينهم من الحصول على الرسائل التواصلية الإعلامية بتكلفة تقترب من الصفر. تلك الرسائل الإعلامية التي كانت حكرًا على وسائل الإعلام التقليدية تبيعها للجمهور بكيفية مباشرة أو غير مباشرة (عبر الإعلانات)، ولم تعد هذه العلاقة بين وسائل الإعلام التقليدية والجمهور قابلة للاستمرار في المستقبل البعيد أو المتوسط. 

خلفية نظرية 

يقتضي التفكير في المؤسسات الإعلامية الحديثة، النظر إليها كمشاريع اقتصادية تخضع لدراسات الجدوى الاقتصادية التي تحدد تكاليف الإنشاء وتكاليف التسيير في المدى القصير والمداخيل المحتملة؛ ذلك أن نتاج العمل الإعلامي يدخل ضمن اقتصاديات المعرفة، باعتبار أن المعلومة سلعة تُباع وتُشترى، ومن ثم تخضع لشروط الإنتاج والتسعير وخصائص المنتج والتسويق والترويج وغيرها من المفاهيم الرائجة في حقل التجارة. 

لقد شيَّدت وسائل الإعلام بصفة عامة والصحافة بصفة خاصة خلال القرون الماضية نماذج اقتصادية يتم اتباعها في الحفاظ على ديمومة الوسيلة الإعلامية وقدرتها على المنافسة. وبينما تتشابه طرق إنفاق غالبية وسائل الإعلام (الإنفاق على العنصر البشري، والتكنولوجيا، والمحتوى، والنشر)، فإنها قد تتباين في طرق الحصول على مداخيلها (مداخيل الإعلانات، والمبيعات المباشرة وعبر الاشتراكات والدعم). يأتي الاختلاف في النماذج الاقتصادية للمؤسسات الإعلامية، من اختلاف الأنظمة السياسية-الاقتصادية للدول التي تستضيف الوسيلة الإعلامية؛ ومن طبيعتها الاقتصادية: ربحية أو غير ربحية؛ ومن ملكيتها: مملوكة للدولة أو القطاع الخاص، أو المجتمع المدني. 

إن السمة الرئيسة لنماذج اقتصاديات الإعلام، تتمثَّل في خصوصية المنتج الإعلامي، وخصوصية الحاجة إلى استهلاكه؛ فالمنتَج الإعلامي يمكن الحصول عليه عبر الشراء بالمال، أو مجانًا إذا وفَّرته المؤسسة الإعلامية مجانًا أو من خلال التمرير وإعادة التدوير أو إعادة الترميز والنشر. كما أن الحاجة لاستهلاك المنتج الإعلامي تختلف عن الحاجة لاستهلاك المنتجات الضرورية (كالمأكل والملبس) والكمالية (كالترفيه والمكانة الاجتماعية)، من حيث كون المنتجات الإعلامية سلعًا وخدمات غير ملموسة. من هنا نجد أن رواج استهلاك المنتجات الإعلامية يختلف باختلاف المجتمعات وفقًا لمقاييس الدخل الفردي، ودرجة النمو، والمستوى التعليمي، والديمقراطية المجتمعية والسياسية، واحترام حقوق الإنسان وحرية التعبير. كما تتمثَّل خصوصية المنتج الإعلامي في أن جودته أو رداءته، ونفعه أو ضرَّه يتحددان وفقًا لبنية المجتمع المستهلك والأنظمة الثقافية والسياسية والقانونية التي تتحكَّم فيه؛ فقد ترى الأنظمة السياسية المستبدة في رداءة المنتج الإعلامي جودة؛ لأنه يتماهى معها دون أن يتماهى مع تطلعات أفراد المجتمع. 

تنعكس هذه الخصوصية على الاستثمار في المجال الإعلامي؛ فقد تجد مؤسسة إعلامية تحقق أرباحًا طائلة ليس بسبب جودة منتجاتها، بل بسبب تبعيتها للنظام الحاكم الذي يغدق عليها بمداخيل الإعلانات (سواء إعلانات المؤسسات الحكومية أو الإيعاز للمؤسسات الخاصة بأن تنشر إعلاناتها التجارية في المؤسسة الإعلامية المعنية) أو مداخيل الاشتراكات، فضلًا عن الدعم المادي المباشر وغير المباشر (كتسهيل عمليات الإنتاج وتزويدها بالمادة الإعلامية الخام). وقد تجد مؤسسة إعلامية تُقدِّم منتجات رديئة وتراكم الخسائر عامًا بعد عام، وعلى الرغم من ذلك تستمر في العمل لما تلقاه من دعم من النظام الحاكم. 

مدخل إلى اقتصاديات الصحافة الإلكترونية 

أدت التحولات التكنولوجية والديمغرافية والاقتصادية إلى بروز نماذج اقتصادية جديدة لوسائل إعلامية إخبارية تتخذ من شبكة الإنترنت فضاء للانتشار؛ إذ غيَّرت هذه النماذج سلاسل الإنتاج والتوزيع التي تتبعها صناعة الصحافة الورقية؛ فقد سهَّلت الشبكة ظهور وسطاء وفاعلين جدد في مجال النشر والتوزيع مثل مجمِّعي الأخبار الإلكترونية (Online News Aggregators)، وناشري الأخبار الإلكترونية والوسطاء المختصين في الأخبار عبر الموبايل (Mobile News)(1). 

فعلى مستوى الإنتاج، نجد أن تكنولوجيا الإنترنت أسهمت في تقليص التكلفة الحدية لدرجة جعلتها تقترب من الصفر؛ ذلك أن ارتفاع استهلاك المادة الإعلامية لا يتبعه ارتفاع التكاليف باعتبار أن التكاليف تقتصر فقط على النسخة الأولى التي يتم تحميلها، وعندما ترتفع عمليات التنزيل (الاستهلاك)، فلا يترتب على المنتج تكلفة إضافية(2). ويتزايد العائد الاقتصادي من تزايد عمليات استهلاك المادة الإعلامية الرَّقمية باعتبارها أصولًا غير ملموسة لا تفنى باستهلاكها وهي قابلة للاستنساخ(3)، كما أن عملية الاستنساخ لا تؤثِّر على جودة المنتج؛ لأن الأصل هو النسخة ولا فرق بينهما. 

أما على مستوى التوزيع، فإن تكنولوجيا الإنترنت قدمت نمطًا للتوزيع يتخطى الحواجز القطاعية والجغرافية، باعتبار أن الصحافة الإلكترونية تنتشر في فضاء الويب الذي يتسم بطبيعته العالمية، متحديًا حرَّاس البوابة التقليديين ومُفْسِحًا المجال لوسطاء جدد(4). فكل ما يظهر عبر شبكة الويب، يظل متاحًا للمتلقي في أي مكان في العالم تتوفر فيه شبكة الإنترنت، وعلى مدار الساعة. 

لقد تغير واقع الاستثمار الإعلامي من صعوبة إنشاء المؤسسات الإعلامية، والوقت الطويل نسبيًّا للوصول إلى مرحلة تحقيق الأرباح، إلى سهولة النشر عبر شبكة الويب (الذي يمتد من شبه المجانية إلى التكلفة التي تحتاج رأسمالًا مؤسسيًّا)، والسرعة في الانتشار وتحقيق الأرباح. فعلى سبيل المثال، إذا نظرنا إلى المجلة الأميركية الرياضية المشهورة (Sports Illustrated)، نجدها احتاجت عشر سنوات على الأقل لكي تصل إلى الوصفة السحرية التي تجعلها تحقق الأرباح؛ بينما احتاج الموقع الإعلامي المعروف هافينغتون بوست (Huffington Post) لأقل من ست سنوات ليتحول من فكرة إلى مؤسسة تقدر قيمتها بـ315 مليون دولار عندما تم بيعها لأميركا أونلاين (AOL) عام 2011(5). 

تتسم اقتصاديات الإعلام الرقمي بصفة عامة والصحافة الإلكترونية بصفة خاصة بما يُسمَّى بـ"الطابع غير المحدود لاقتصاديات الوفرة أو الحجم الكبير". فطالما أن تزايد عمليات تلقي المادة الإعلامية لا يترتب عليه تكلفة إضافية، وأن غالبية التكاليف تكون في مرحلة ما قبل الإنتاج، تظل هذه التكاليف ثابتة وكل ما زاد الاستهلاك قلَّت التكاليف ومن ثم زادت الأرباح(6). 

إن الاستثمار الجيد في مجال الصحافة الإلكترونية، يستدعى تغيير النظر إلى المنتجات الإعلامية من كونها سلعًا تباع (كالصحيفة والمجلة) إلى خدمة تقوم على تزويد المتلقي/المستهلك بالمعلومات(7). ذلك أن المعلومة لها خصائصها التي تميزها عن بقية المنتجات، ليس فقط لكونها غير ملموسة، بل لأن كيفية الاستفادة منها تختلف عن كيفية الاستفادة من المنتجات الأخرى. فالمعلومة -خاصة إذا كانت رقمية- لا تفقد قيمتها بالتقادم أو ظهور معلومات أجدَّ؛ وعندما توضع في الأرشيف، فهي تظل كذلك صالحة للاستخدام ومتوفرة من خلال محركات البحث، وقد تدرُّ دخلًا مستمرًّا طالما أن هناك من يطلبها. بينما تنتهي الصلاحية الاقتصادية للصحيفة أو المجلة الورقية بعد ساعات أو أيام من طرحها في الأسواق وظهور الأعداد الجديدة فتفقد قيمتها وتصبح مرتجعات (قد تُباع بثمن بخس). 

يختلف الفاعلون في مجال اقتصاديات الإعلام الجديد عن نظرائهم في مجال الإعلام التقليدي (المؤسسات الصحافية والإذاعيين-قنوات تلفزية ومحطات إذاعية-شركات التوزيع وشركات الإعلان...)؛ فالفاعلون الجدد هم: مزوِّدو المواد الإعلامية الإلكترونية (الذين يتخذون من الويب فضاء لتقديم نتاجهم الإعلامي)، ومحركات البحث التي تقدم خدمة تجميع الأخبار والمعلومات، ومنصات الويب المتخصصة في الخدمات الإخبارية، وشبكات التواصل الاجتماعي، والمزودون الذين يقصرون خدماتهم على الأخبار عبر الموبايل، ومجموعات الإعلانات عبر الإنترنت والويب، وغيرهم(8). 

ملامح النموذج الاقتصادي للصحافة الإلكترونية 

أخذًا في الاعتبار، أثر تكنولوجيا الإنترنت والويب على الحقل التواصلي بصفة عامة والإعلامي بصفة خاصة، تبدو ملامح النموذج الاقتصادي للصحافة الإلكترونية أكثر اندماجًا وانفتاحًا نحو الخدمات التي تستجد تماشيًا مع ظهور التكنولوجيات الجديدة. فالتطورات المتسارعة في مجال الذكاء الاصطناعي والقدرة الكبيرة على التعرف على المتلقي-المستهلك، أثَّرت على طريقة إعداد المحتوى الإعلامي وكيفية تفصيله لكي يناسب عادات التلقي والرغبة في الحصول على محتوى مخصوص استنادًا إلى عادات البحث في الويب. 

فهناك توجه نحو إنتاج الأخبار منخفضة التكلفة ذات القيمة الترفيهية، والتي تغري المعلنين؛ فقد أدى البحث عن تعظيم الأرباح إلى المساس بجودة المادة الخبرية وتغيير طبيعتها؛ إذ أصبح نجاح القصة الخبرية معتمدًا على العائد الإعلاني المرتبط بعدد المشاهدات والنقرات التي يقوم بها متصفحو الموقع(9). 

يتسع تأثير تكنولوجيا الإنترنت على النموذج الاقتصادي للصحافة الإلكترونية ليشمل الأسئلة الرئيسة التي تشكِّل العملية التواصلية الإخبارية؛ فقد قدَّم جيمس هاملتون (James T. Hamilton)، أستاذ الإعلام بجامعة ستانفورد، عام 2004، محتوى موازيًا للأسئلة الخمسة التي تساعد الإجابات عليها المحررين في اتخاذ القرارات المتعلقة بمحتوى القصة الإخبارية، وهذه الأسئلة(10) هي:

  • من يهتم بالمادة الإعلامية المخصوصة؟
  • كم سيدفع للحصول عليها؟
  • أين يمكن أن تجد وسائل الإعلام المهتمين بالمادة الإعلامية؟
  • متى يصبح تقديم المادة الإخبارية مربحًا؟
  • لِـمَ تصبح المادة الإخبارية مربحة؟ 

يستفيد النموذج الاقتصادي للصحافة الإلكترونية من مآلات الصحافة المطبوعة التي بدأت تعاني، منذ ظهور شبكة الويب وتمكينها لجماهير وسائل الإعلام من ممارسة النشر وإنتاج المواد الإعلامية؛ الأمر الذي جعل تداول النتاج الإعلامي أكثر يسرًا وأقل تكلفة. وقد أصاب السوق الإعلامية ما يمكن تسميته بـ"سوق الليمون" حسب مفهوم جورج آرثر أكرلوف (George A. Akerlof)، أستاذ الاقتصاد بجامعة جورج تاون، والذي قدَّمه ضمن بحثه في آليات السوق وعدم التيقن من الجودة. يهتم مفهوم "سوق الليمون" بالأسواق التي يكون فيها لدى المشترين معلومات عن جودة المنتج أقل كثيرًا من تلك التي لدى البائعين. وبما أن المشترين في وضع لا يسمح لهم بالحكم على جودة المنتج، تقل رغبتهم في شراء المنتج؛ الأمر الذي يدفع البائعين إلى تقديم منتجاتهم بسعر منخفض لحث المشترين على الشراء، مما يتسبب في إخراج أصحاب المنتجات الجيدة وغالية الثمن من السوق(11). 

ترتبط اقتصاديات الصحافة الإلكترونية ارتباطًا وثيقًا بخدمة البحث التي تُقدِّمها شبكة الويب؛ فخلافًا لإعلانات الصحافة المطبوعة التي يكون فيها المحتوى هو الأساس والإعلان تابع له (يبحث القارئ عن المحتوى فيجد الإعلان بجواره أو تقع عينه عليه أثناء التجوال في الصفحة أو يجده ضمن المحتوى الإعلامي في حالة مقاطع الفيديو)، فإن محركات البحث دخلت كمكِّون رئيس بين المحتوى الإعلامي والمتلقي؛ إذ غالبًا ما يلجأ المتلقي إلى محركات البحث لتقوده إلى المحتوى الذي يرغب فيه. وابتداء من مارس/آذار 2009، شرع محرك البحث غوغل، الأكثر شهرة، في وضع إعلانات في المحتوى الإعلامي الذي يوفره للمتلقي(12). لقد تحولت غوغل إلى أكبر مُجمِّع للأخبار والمعلومات، لذا فهي تحصل على حصة الأسد من الإعلانات التي تضعها في طريق المتلقي الذي يبحث عن المعلومات وتترك نسبة ضئيلة لمنتجي المحتوى الإعلامي(13). بالإضافة إلى ذلك، فقد أصبحت غوغل حارس البوابة الذي يتحكم في عبور المادة الإعلامية للمتلقي-المستهلك(14). 

مصادر دخل الصحافة الإلكترونية 

تعتمد الصحافة الإلكترونية على مجموعة من مصادر الدخل التي تتراوح في مساهمتها بين تغطية النفقات وتحقيق الأرباح. بعض هذه المصادر لا يزال في طور التشكل؛ لأنها مرتبطة بمستجدات التكنولوجيا الرَّقمية والآفاق الاقتصادية التي تفتحها من خلال تقليص النفقات أو إتاحة تقديم أشكال جديدة من السلع والخدمات. أبرز مداخيل الصحافة الإلكترونية، هي: الإعلانات، ورأس المال التسييري، وبيع المحتوى الرقمي (كالدفع من أجل التتبع أو التصفح)، وبيع السلع الملموسة والافتراضية، وتقديم الخدمات البحثية، وبيع البيانات الخاصة بالجمهور، والتبرعات، والاشتراكات، ومنح التراخيص الخاصة بالمحتوى أو التكنولوجيا للمزودين الآخرين. 

أولًا: إعلانات الإنترنت

أدى انتشار شبكة الويب في شكلها التجاري مع بداية تسعينات القرن العشرين إلى ظهور الصحافة الإلكترونية؛ الأمر الذي مهَّد الطريق للإعلانات الرَّقْمِيَة التي تنتشر عبر هذه الشبكة وتتسم بسماتها. ولكن ككل المستجدات، كانت البداية متواضعة مقارنة بسوق الإعلانات المطبوعة والمرئية والمسموعة؛ إذ بلغ حجم إعلانات الإنترنت عام 1999 حوالي 4 مليارات دولار وهو مبلغ ضئيل مقارنة بالإعلانات التقليدية(15). ظلت مداخيل الإعلانات الرقمية في نمو مطرد إلى أن ضربت الأزمة الاقتصادية العالمية سوق الإعلان ليحقق انخفاضًا لأول مرة بنسبة 4.6% عام 2009 مقارنة بعام 2008(16). وبعد أكثر من عقد ونصف من الزمان، شهدت سوق إعلانات الإنترنت نموًّا مطردًا في السنوات الأخيرة حتى أصبحت تُشكِّل حوالي 33% من حصة السوق الإعلاني الإجمالي بمبلغ قدره 60 مليار دولار عام 2015 من مجموع 183 مليار دولار. وقفزت إعلانات الإنترنت في 2015 بنسبة 20% مقارنة بسنة 2014(17). هكذا نجد أن الشكوك حول كون الإنترنت ستظل جزءًا مقدَّرًا ومتناميًا من إجمالي نفقات الإعلانات في المستقبل المنظور، بدأت تزول(18). 

لقد هددت إعلانات الإنترنت الصحف الورقية التي كانت تهيمن على سوق الإعلانات المبوبة، من خلال القدرة الفائقة للإنترنت على الوصول إلى المتلقي بكيفية شبه مجانية، خاصة وأن بيئة الإنترنت تسمح بوجود إحصائيات عن جمهور الإعلان بكيفية فورية(19). 

وتتجلى أهمية الإعلانات الرَّقمية في كونها تُشكِّل الجزء الأكبر من مداخيل كافة الفاعلين الإعلاميين عبر الإنترنت (محركات بحث وصحافة إلكترونية وتدوين ومنتديات وشبكات تواصل اجتماعي ومزودي محتوى رقمي)، خاصة بعد أن ظهرت بعض المبادرات التي تهدف إلى تتبع وسائل الإعلام المختلفة (من صحف إلكترونية ومواقع ويب أخرى) ساعدت على زيادة مداخيل الإعلان، مثل: Google FastFlip(20)، والتي ظهرت عام 2009 معتمدة على طريقة المسح البصري في التعرف على المحتوى(21). 

إن سيطرة محرك البحث غوغل على عمليات البحث عن المحتوى عبر الويب، أدت إلى حصوله على نسبة كبيرة من مداخيل الإعلانات التي ترافق المحتوى الإعلامي؛ فقد أبرمت شركة غوغل اتفاقيات مشاركة مداخيل الإعلانات مع كبار الناشرين من خلال تمكين المتلقي من الوصول إلى الأرشيف(22)؛ الأمر الذي يجعل المحتوى الإعلامي متراكمًا مثل كرة الثلج، ومتاحًا وقادرًا على جلب عائد مادي. 

لقد سعت الأوساط الإعلامية للتخلص من هيمنة غوغل على مداخيل الإعلانات عبر مشاركته للناشرين مداخيل الإعلان بمجرد توفيره لخدمة البحث، فجاءت مبادرة آلان موتر (Alan Mutter)، رجل الأعمال وأحد التنفيذيين في وادي السليكون، بإنشاء نظام أسماه "ViewPass" ليكون بمثابة بطاقات الدفع الإلكتروني المباشر للناشر كـ"فيزا كارد وماستر كارد" عندما يتعرض المتلقي للرسائل الإعلانية. وعلى الرغم من أن هذا النظام لم يتم تنفيذه إلا أن شركة فيسبوك سارت على دربه؛ حيث قدَّمت للمعلنين معلومات قيمة حول المشتركين في شبكتها (أعمارهم، وجنسهم، وأماكن سكنهم، ومن يصادقون، والمجموعات التي يشتركون فيها، والمشتريات التي يناقشونها مع أصدقائهم...)(23). 

ومن بين العقبات التي تحول دون تحقيق مداخيل عالية عبر الإعلانات، ظاهرة النسخ واللصق والتمرير؛ حيث يتم نسخ المادة الصحافية وتمريرها عبر الواتساب والبريد الإلكتروني، فتحظى بعدد كبير من المشاهدين الذين لم يتسن لهم زيارة الرابط الذي يوجد فيه أصل المادة، ومن ثم لا يعبِّر عدد زوار المادة الصحفية حقيقةً عن عدد القراء الذين تلقوها في فضاءات أخرى. 

ثانيًا: بيع المحتوى الرقمي

اعتادت الصحافة المطبوعة أن تبيع محتواها للقارئ مباشرة من خلال وضع سعر محدد للحصول على النسخة الورقية. أما الصحافة الإلكترونية، فإنها تواجه صعوبة وتحديات في بيع محتواها الرقمي للقارئ؛ إذ هناك تكاليف مباشرة وغير مباشرة، عندما يتعلق الأمر بنظام الدفع، قد تدفع المتلقي-المستهلك للبحث عن بديل في الويب عبر محركات البحث، وغالبًا ما يحصل عليه مجانًا. ولكي تنجح المؤسسات الإعلامية الإلكترونية في بيع محتواها، عليها أن توفِّر محتوى يتسم بالأصالة والتفرد (كالمحتوى الترفيهي أو التحليلي والصور الحصرية وغيرها)(24). 

سعت المؤسسات التي تُوفِّر المحتوى الإعلامي الرقمي إلى اتباع نوعين من بيع المحتوى: النوع الأول (ويُدعى البيع المصغَّر (Mircropayment)): وهو يقوم على الاشتراك الكامل في الخدمة الإعلامية وشراء المادة الإعلامية كل قطعة على حدة، وتختلف الأسعار باختلاف معدل استهلاك المتلقي (كلما زاد الاستهلاك نقصت الأسعار). وأبرز نموذج لتطبيق هذا النوع جاء من صحيفة نيويورك تايمز الأميركية في 2011، بحيث يُمْنَح المتلقي-المستهلك عددًا محدودًا من المواد الإعلامية مجانًا قبل أن يبدأ في الدفع. والنوع الثاني (ويدعى المحاسبة المصغرة (Microaccounting)): ويقوم على نماذج نمط تجميع المحتوى، ومن أمثلته كاشنجل (Kachingle) التي تعتبر من أبرز منصات تسويق المحتوى الرقمي منذ أواخر 2009. تقوم كاشنجل بتحصيل 5 دولارات شهريًّا من المستخدم، وبعد ما تقوم بخصم أتعابها تقسم المبلغ المتبقي على المواقع التي استفاد منها المستخدم فعليًّا(25). وهناك تجربة المؤسسة الإعلامية بوليتيكو (Politico) التي أنشأت نظام الاشتراك الإلكتروني الخاص بها عام 2011 تحت اسم "Pro"؛ حيث يدفع المتلقي-المستهلك مقابل المحتوى المتميز والتغطية المعمقة في مجالات السياسة والطاقة والعناية الصحية ما يعادل 2,495 دولارًا في السنة(26). 

الشكل رقم (1) يوضح عروض الاشتراك لدى النيويورك تايمز وقد تم تخفيضها بنسبة 50% (يوليو/تموز 2017)(27) 

 

هناك تحديات عديدة تواجه الصحافة الإلكترونية عندما تفكر في بيع المحتوى للمتلقي، حتى وإن كانت القدرة الشرائية كبيرة؛ فقد بيَّن مسح عبر الهاتف، أُجري في يناير/كانون الثاني 2010، بالولايات المتحدة أن نسبة من لديهم مواقع إلكترونية مفضلة وعلى استعداد لأن يدفعوا مقابل الحصول على المحتوى، لا تتجاوز 7% من المبحوثين، الأمر الذي يشير إلى أن الغالبية العظمى تفضل البحث عن مصادر متعددة وصولًا إلى المادة الإعلامية المتاحة(28) مجانًا. 

ثالثًا: ترخيص المحتوى

يلجأ بعض وسائل الإعلام إلى منح تراخيص إلى طرف ثالث، مثل غوغل، يمنحه بموجبها حق استخدام محتواه الإعلامي مقابل الحصول على مبالغ مالية. فعلى سبيل المثال: الترخيص الذي يسمح لمحرك البحث غوغل باستخدام عناوين الأخبار أو الأخبار كاملة الخاصة بوكالة أنباء الأسوشيتد برس؛ بالإضافة إلى وسائل إعلام عالمية أبرمت اتفاقيات لمشاركة المحتوى الرقمي: كالاتفاق الذي يسمح لصحيفة نيويورك تايمز بالوصول إلى محتوى الموقع الإعلامي المختص في مجال التكنولوجيا (TechCrunch)؛ أو منح موقع لوموند الفرنسية حق الولوج الكامل لمحتواه الإعلامي لصحيفة إلبايس الإسبانية(29). 

إن الوصول إلى مرحلة ترخيص المحتوى الإعلامي مقابل دفع مبالغ مالية، يقتضي أن تمتلك المؤسسة الإعلامية ما لا يتوفر عبر الويب مجانًا؛ الأمر الذي لا يكون متاحًا لجُل وسائل الإعلام في عصر يشهد منافسة كبيرة بين وسائل الإعلام التقليدي والإعلام الجديد الذي تشترك فيه الصحافة الإلكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي والمنتديات والمدونات وكافة أشكال مواقع الويب. لذا، لا يمكن التعويل على هذا النوع من مصادر الدخل في اقتصاديات الصحافة الإلكترونية. 

واقع اقتصاديات الصحافة الإلكترونية العربية 

على الرغم من مرور حوالي عقدين من الزمان منذ ظهور بعض الصحف العربية عبر شبكة الويب، إلا أن معظمها لم يستفد كثيرًا من البيئة الإعلامية الجديدة التي وفَّرتها شبكة الإنترنت والتكنولوجيات المصاحبة لها، والتي أحدثت ثورة في مجال التواصل الإعلامي. 

فقد بيَّنت إحدى الدراسات أن بعض وسائل الإعلام العربي، على الرغم من إمكانياتها الكبيرة وشهرتها (كالشرق الأوسط والخليج)، لم تستفد من الإمكانيات التواصلية الهائلة التي تتيحها الوسائط المتعددة، وظلت أسيرة لنمط الإعلام التقليدي الذي ينظر إلى شبكة الويب كفضاء ثانوي لا يتعدى التواجد فيه "أداء الواجب"، وهو يفتقر إلى الجدوى الاقتصادية والإعلامية. والأمر نفسه ينطبق على صحيفة إيلاف التي هي وليدة الويب؛ إذ لم تستفد من أبرز نقاط قوة هذه الشبكة، ألا وهي الوسائط المتعددة(30). 

إن ضعف استفادة الصحافة العربية من الخدمات التي تُقدِّمها شبكة الويب يعود إلى عدة عوامل، أبرزها:

  1. بطء الاستجابة للتحولات التكنولوجية بسبب التباين بين المجتمعات العربية المختلفة، والتباين داخل المجتمع العربي الواحد بين المدينة والريف؛ الأمر الذي يجعل تبني التكنولوجيات الجديدة عملية بطيئة، مثل التحول من ثقافة القراءة الورقية إلى القراءة عبر الشاشات.
  2. مقاومة الناشرين والإعلاميين العرب لضرورة التحول من الإعلام التقليدي إلى الإعلام الجديد، من حيث الشكل والمحتوى، مما يجبر المعلن على الاستمرار في الترويج عبر المؤسسات الإعلامية التقليدية.
  3. عدم إخضاع اقتصاديات الصحافة إلى دراسات جدوى جديدة تأخذ بعين الاعتبار إيجابيات التحول إلى النظام الاقتصادي الإلكتروني وسلبياته، عندما تسعى المؤسسة الإعلامية للتحول نحو فضاءات الإعلام الجديد باعتبارها تشكِّل المستقبل في ظل الهروب الجماعي لجماهير وسائل الإعلام التقليدي نحو الإعلام الرقمي الجديد.
  4. على الرغم من مرور عقود على تعرض الجماهير العربية لوسائل الإعلام، إلا أن الغالبية العظمى منها لم تعتد على الحصول على المحتوى الإعلامي مقابل دفع مبالغ مالية، إلا في حالات الصحافة المطبوعة، وفئة قليلة تدفع مقابل مشاهدة بعض القنوات الفضائية. وهذا شكَّل عقبة أمام الناشرين الإعلاميين وأقعدهم عن السعي للتحول نحو بيئة الويب.  

أولًا: واقع الإعلان في الصحافة العربية الإلكترونية

إن النظر في مواقع بعض الصحف الإلكترونية العربية والمواقع الإعلامية الأخرى، يعطي مؤشرًا عن واقع الإعلانات الإلكترونية وعلاقتها باقتصاديات تلك الصحف أخذًا في الاعتبار التسعيرة التي يضعها كل موقع على حدة. 

فعلى الرغم من مرور أكثر من عشر سنين على ظهور عدد مقدَّر من الصحف الإلكترونية العربية، إلا أن قدرتها على جلب الإعلانات حتى تصير مصدرًا رئيسًا للدخل كما يحدث مع الصحف الورقية الناجحة اقتصاديًّا، لا تزال ضعيفة؛ ذلك أن جذب الإعلان الإلكتروني يتطلب توظيفًا فعَّالًا لخصائص الويب والخدمات التي تُقدِّمها، ويتطلب مواكبة للتكنولوجيات المتسارعة التي تهدف إلى سهولة الوصول إلى المتلقي (عبر الأجهزة المحمولة القادرة على إيجاد حلول لجل متطلبات المستخدم)، كما يتطلب إقناعًا للمعلن بفضل إعلانات الويب على الإعلانات التقليدية. 

يغلب على إعلانات الإنترنت شكل اللافتة (Banner)، خاصة في بدايات ازدهار الصحافة الإلكترونية في تسعينات القرن الماضي(31)، وهو عبارة عن إعلان مستطيل الشكل بعرض الشاشة أو ممتد رأسيًّا أو أفقيًّا يتسع للأسفل عند المرور عليه (بالمؤشر أو اللمس)، يتضمن معلومات تشبه المعلومات التي نجدها في لافتة المحلات التجارية، ونادرًا ما يتضمن مقطع فيديو ولكنه قد يتضمن شكلًا من أشكال التحريك (تحريك بعض الكلمات أو الصور). تقوم بعض الصحف العربية -أسوة بنظيراتها الغربية- بتزويد المعلنين بمعلومات عن شكل إعلان اللافتة وحجمه (الذي يقاس بالبكسل وليس السنتيمتر مثل ما يحدث في الصحافة المطبوعة)، بالإضافة إلى الأسعار التي تختلف باختلاف الصفحة الرئيسة والصفحات الداخلية، أو أعلى الصفحة (بجوار اللوغو) وأسفلها. 

كما تتخذ الإعلانات شكل الرعاية؛ حيث يستضيف الموقع مقطع فيديو إعلانيًّا يُروِّج للمعلن، ويظهر بكيفية تلقائية (كما يحدث في مقاطع الفيديو الموجودة في اليوتيوب التي تظهر فيها إعلانات فيديو في بداية تشغيل الفيديو المعني بحيث يمكن تخطي الإعلان بعد مرور 5 ثوان، أو يظهر أثناء تشغيل الفيديو فيضطر المشاهد كذلك لانتظار 5 ثوان على الأقل قبل تخطي الإعلان)؛ أو بعد تشغيله. 

فعلى سبيل المثال إذا أخذنا نموذج صحيفة إيلاف -باعتبارها من أوائل الصحف العربية التي نشأت عبر الويب يوم 21 مايو/أيار 2001- نجد أنها تُقدِّم معلومات مفصلة عن تسعيرة الإعلانات؛ حيث يدفع المعلن مقابل كل ألف مشاهدة CpM (Cost per Mille)، وفقًا لشكل الإعلان وحجمه وموقعه (كما هو مُبَيَّن في الجدول التالي). 

الجدول رقم (1) يبيِّن أسعار الإعلان في صحيفة إيلاف الإلكترونية(32)

نوع الإعلان

الحجم

الموقع

السعر لكل ألف ظهور للإعلان في الصفحة الرئيسة (بالدولار)

السعر لكل ألف ظهور للإعلان في بقية صفحات الموقع (بالدولار)

نصف لافتة

90×728

في أعلى الصفحة

28

24

نصف لافتة قابلة للتوسيع للأسفل

180×728

في أعلى الصفحة

32

28

شريط إعلاني رأسي

600×120

ثابت في المتصفح

26

22

 

250×300

بجوار مشغل الفيديو

24

20

إعلان قياسي

90×728

فوق الموضوع الرئيس

24

20

اللافتة

600×300

ضمن الموضوع الرئيس والمواضيع الفرعية

لا ينطبق

24

نصف صفحة

30kb

فيديو يعرض لمدة 30 ثانية داخل مقاطع الفيديو المدرجة

7,500

لا ينطبق

تتراوح أسعار إعلانات اللافتة في صحيفة إيلاف بين 24 إلى 32 دولارًا في الصفحة الرئيسة، و20 إلى 28 دولارًا في الصفحات الأخرى، بينما تتراوح الأسعار عند صحيفة الراية القطرية بين 16.5 إلى 24.7 دولارًا في الصفحة الرئيسة، و16.5 إلى 19 دولارًا في الصفحات الأخرى. ونجد أن صحيفة غلف تايمز، الناطقة باللغة الإنجليزية، تعتمد تسعيرة أعلى؛ حيث تتراوح أسعار الإعلان في الصفحة الرئيسة بين 13 إلى 88 دولارًا، و13 إلى 71.5 دولارًا في الصفحات الأخرى(33). ويلاحظ أن هذه الأسعار تقترب إلى حد ما من الأسعار المتداولة في بعض الدول الغربية التي كانت سبَّاقة إلى الاستفادة من إعلانات الإنترنت؛ ففي الولايات المتحدة الأميركية تتراوح أسعار الإعلانات بين 5 إلى 87 دولارًا للـCpM؛ بينما تتراوح الأسعار في فرنسا بين 26 إلى 78 دولارًا(34). 

من أبرز نماذج الإعلانات في الصحافة الإلكترونية العربية، نجد أن صحيفة إيلاف تُقدِّم ثلاثة إعلانات تظهر مع كافة المواد الإعلامية؛ الأمر الذي يجعلها أكثر عرضة للمشاهدة من لدن المتلقي-القارئ. أما صحيفة الراية القطرية فتقدم أربعة إعلانات مختلفة، يقتصر أحدها على الصفحة الأولى وتظهر الثلاثة الأخرى في كافة الصفحات. وتُقدِّم صحيفة الشروق الجزائرية عبر بوابتها (التي تتضمن تسعة مواقع إعلامية مختلفة) أربعة إعلانات مختلفة عبر صفحتها الرئيسة والصفحات الأخرى، علمًا بأنها تتوفر على موقع خاص بالإعلانات المبوبة (أسواق الشروق ASWAK). وتتفق صحيفة رأي اليوم الإلكترونية الصادرة من لندن مع بقية الصحف العربية في معدل عدد الإعلانات التي تظهر في الصفحة الواحدة (ثلاثة إلى أربعة)، ولكنها تتميز باقتصار بعض الإعلانات على الصفحات الداخلية. 

ثانيًا: بيع المحتوى في الصحافة الإلكترونية العربية

بحكم كون غالبية الصحف الإلكترونية العربية عبارة عن نسخة موازية للنسخة الورقية -مع تغييرات طفيفة- أو نشأت عبر الويب ولكنها تنطلق من التجارب الورقية وتقتفي أثرها على مستوى إعداد المحتوى والصفة الدورية، فهي لم تستثمر بعد الخصائص التي توفرها شبكة الويب لمن يسعى لتقديم خدمات إعلامية جديدة ومتميزة تستحق الدفع؛ ذلك أن التكلفة الكبيرة لإعداد المحتوى الإعلامي الأصيل تدفع غالبية المؤسسات إلى أن تُدخِل الحد الأدنى من العمليات التحريرية على المادة الإعلامية التي توفرها وكالات الأنباء، أو يوفرها الصحفيون المواطنون، أو توفرها شبكات التواصل الاجتماعي، والمتلقي لن يدفع لمحتوى يمكن أن يحصل عليه في مكان آخر مجانًا عبر محركات البحث. كما أن صعوبة حماية المادة الإعلامية من النسخ والتمرير، يجعل من الصعب الاعتماد على مداخيل تأتي من خلال بيع المحتوى إلا في نطاق ضيق لمؤسسات بعينها شريطة أن يُفصَّل المحتوى الإعلامي ليناسب حاجياتها. 

هكذا نجد أن الصحف الإلكترونية العربية لا تعتمد على بيع المحتوى من خلال الاشتراكات لعدم قدرتها على توفير المحتوى المتميز الذي يستجيب لحاجيات جهات بعينها تبحث عن المحتوى الإعلامي الذي يتجاوز الأخبار المتبادلة إلى المحتوى الإعلامي التحليلي أو الاستقصائي أو المعلوماتي الذي تحتاجه مراكز البحوث والشركات والمؤسسات الحكومية. 

مرتكزات النموذج الاقتصادي للصحافة الإلكترونية العربية 

تشير الدلائل المستمدة من التجارب الإعلامية العالمية والعربية إلى صعوبة استمرار الإعلام التقليدي في ظل "هروب" جماهيره إلى الإعلام الجديد؛ حيث يتوفر المحتوى الإعلامي مجانًا عبر مواقع الويب والتطبيقات المحمولة وشبكات التواصل الاجتماعي. هذا الأمر ينطبق على الصحافة العربية التي أُجبرت على التواجد عبر الويب ومن ثم تقليص نفقات إنتاج نسخها الورقية والتحوُّل التدريجي نحو تبني اقتصاديات الصحافة الإلكترونية التي تعتبر حتى الآن أقل ربحية من الصحافة الورقية بحكم كون المعلن -الذي هو مصدر رئيس لمداخيل الصحافة الورقية- تتوفر له خيارات أكثر فعالية وأقل تكلفة من ذي قبل. 

يرتكز النموذج الاقتصادي للصحافة الإلكترونية -مثلها مثل بقية المشاريع الاقتصادية- على النفقات الضرورية لإطلاق المشروع وتسييره، والمداخيل التي قد تغطي هذه النفقات وتفيض محققة الربح. وهناك ارتباط وثيق بين حجم النفقات ونوعيتها من جهة، وتحقيق المداخيل من جهة أخرى. هذه العلاقة ليست طردية أو عكسية بسيطة، بل علاقة معقدة تكون أحيانًا طردية وأحيانًا أخرى عكسية وفقًا للظروف والمتغيرات التي تواكب عملية إطلاق المشروع أو تواكب تسييره في الأوقات الطبيعية أو أوقات الأزمات. ففي مرحلة إطلاق المشروع قد تنشأ علاقة طردية بين الإنفاق وقوة وجودة انطلاق المشروع؛ وبعدما ينطلق المشروع قد تؤدي زيادة الإنفاق إلى تقليص الأرباح (علاقة عكسية). وفي بعض الحالات، قد تنشأ علاقة عكسية بين ضعف الإنفاق على إطلاق المشروع وزيادة الأرباح إذا صاحب عملية الإطلاق قدر من الحماس والصمود والإبداع والتفرد مما يجعل المشروع يبدأ بإمكانيات متواضعة ولكن سرعان ما ينمو ويحقق نجاحًا باهرًا. 

أولًا: نفقات الصحافة الإلكترونية العربية

أهم ميزة للصحافة الإلكترونية، أن نفقاتها أقل بكثير من نفقات الصحافة الورقية؛ لأن هذه النفقات تكاد تقتصر على مرحلة الإنتاج الرَّقمي للمحتوى، بينما ترتفع نفقات الصحيفة الورقية عندما يتم تحويل المحتوى الرقمي إلى سلعة ورقية (التكلفة الباهظة للورق والطباعة بسبب غلاء المطابع والعلاقة الطردية بين حجم المرتجعات والخسارة المادية) ثم عملية إيصال هذه السلعة الورقية إلى القارئ (التوزيع الذي تزداد تكلفته باتساع رقعة الجمهور، وما إذا كان هذا الجمهور داخل الدولة أو خارجها). 

كما أن الصحافة الإلكترونية استفادت من التسارع التكنولوجي الذي جعل الأجهزة المستخدمة في إنتاج المحتوى الإعلامي أجهزة شعبية يسهل امتلاكها من لدن عامة الناس، بينما كانت الأجهزة المستخدمة في إنتاج المحتوى الإعلامي التقليدي أجهزة مختصة باهظة الثمن (كالماسحات الضوئية والكاميرات الاحترافية والحواسيب وأجهزة فرز الألوان). فالصحفي الإلكتروني جاء في عصر يستطيع فيه أن ينتج محتوى إعلاميًّا باستخدام هاتفه النقال الشخصي (يجري مقابلات ويُرسل رسائل إلكترونية ويكتب نصوصًا ويلتقط صورًا ثابتة ويسجل مقاطع فيديو ومقاطع صوتية ويقوم بتحرير كافة الوسائط التواصلية) دون أن يكلف المؤسسة الإعلامية أي مبالغ إضافية تتعلق بتخصيص أجهزة أو تهيئة مكان العمل أو بالتنقل عبر الأمكنة. ولا شك في أن الصحافة التقليدية كذلك استفادت من هذه البيئة المهنية التي توفرت للصحافة الإلكترونية. 

وبحكم أن الصحافة الإلكترونية تعتمد اعتمادًا كبيرًا على شبكة الإنترنت -التي تُشكِّل عصب الحياة المعاصرة- فإن نفقاتها تنسجم مع نفقات كافة السلع والخدمات التي تعتمد على الإنترنت وعنوانها الرئيس: رخص الثمن والتكلفة التواصلية (النقل والاستنساخ والتحميل والتنزيل) التي تكاد تقترب من الصفر مقارنة بعصر ما قبل الإنترنت. 

تشتمل نفقات الصحافة الإلكترونية على تكلفة العنصر البشري الذي يضطلع بمهام إعداد المحتوى وتقديم الدعم التقني واللوجستي اللازم، والتجهيزات التقنية الضرورية لإنجاز العمل في كافة مراحله؛ وتكلفة حماية موقع الويب وعمليات الدفع الإلكتروني؛ وتكلفة الحصول على بعض مكونات المحتوى الإعلامي؛ وتكلفة المقر وتجهيزاته المكتبية، ويمكن تفصيلها في النقاط التالية:

  1. تعتمد الصحافة الإلكترونية على مفهوم الصحفي الشامل (الذي يبحث عن البيانات والمعلومات ويكتب النصوص ويحررها ويلتقط الصور ويسجل مقاطع الفيديو) الذي يُغني عن العديد من الوظائف، وهذا يؤدي إلى تقليص تكلفة العنصر البشري سواء تعلق الأمر بإعداد المحتوى أو الدعم اللوجستي أو الفني.
  2. تستطيع الصحافة الإلكترونية أن تحصل على نسبة كبيرة من المحتوى الإعلامي المجاني من الصحفيين المواطنين وشبكات التواصل الاجتماعي التي هي منصات لحرية التعبير أكثر منها منصات لتقديم المحتوى الاحترافي مدفوع الثمن. لذا، غالبًا ما تحتاج الصحافة الإلكترونية إلى عدد قليل من مُعدي المحتوى الذين يعملون بدوام كامل.
  3. تستغني الصحافة الإلكترونية عن بعض العناصر البشرية كالسائقين والعاملين في مجال الأرشيف والمكتبات، وتكتفي بالحد الأدنى من موظفي الحسابات والموارد البشرية والمشتريات، باعتبار أن البيئة الرقمية تقدم حلولًا برمجية تغني عن بعض الموظفين التقليديين في هذه المجالات.
  4. تحتاج الصحافة الإلكترونية إلى تجهيزات تقنية محدودة (عدد قليل من الحواسيب المستخدمة في تصميم الويب، وأجهزة خاصة بشبكة الإنترانت أو الإنترنت)؛ بالإضافة إلى برمجيات متنوعة في مجال التصميم ومعالجة الوسائط التواصلية المختلفة (الصورة والرسم المعلوماتي والصوت والفيديو). بعض هذه البرمجيات احترافي يتم الحصول عليه عبر الشراء أو الاستئجار، والبعض الآخر مجاني تُقدِّمه المصادر المفتوحة.
  5. من أهم نفقات الصحافة الإلكترونية، تكلفة حماية موقع الويب الخاص بالمؤسسة الإعلامية وحساباتها الأخرى البريدية وعبر شبكات التواصل الاجتماعي. تتطلب هذه الحماية شراء برمجيات احترافية في مجال الحماية مع توفير مختصين في حماية الشبكات توكل إليهم مهام حماية الموقع من الهجمات التي يتعرض لها باستمرار، أو الاستعانة بشركات كبرى مختصة في حماية المواقع عبر اتفاقيات مالية طويلة الأجل. وهذه الحماية ضرورية قبل البدء في التجارة الإلكترونية التي تتم بين المؤسسة الإعلامية ومستهلك المحتوى الإعلامي، أو بينها وبين المعلنين أو شركات الإعلان.
  6. وتدفع الصحافة الإلكترونية لبعض الجهات التي توفر المحتوى الإعلامي المتخصص أو المميز كوكالات الأنباء والمواقع المختصة في توفير الصور الفوتوغرافية ذات الجودة العالية (مثل Shutterstock). بالإضافة إلى الدفع مقابل الحصول على بعض المواد الإعلامية الحصرية التي ينتجها الصحفيون المواطنون وغيرهم من الهواة.
  7. ومن بين النفقات الثابتة، تكلفة مقر الصحيفة الإلكترونية وتجهيزاته المكتبية، علمًا بأنها غالبًا ما تكون أقل بكثير مقارنة بمقر الصحيفة الورقية وتجهيزاته. 

ثانيًا: مداخيل الصحافة الإلكترونية العربية

في أي دراسة جدوى لمشروع اقتصادي، غالبًا ما لا يُشكِّل حساب النفقات صعوبة مقارنة بحساب المداخيل، خاصة إذا كانت هذه الأخيرة متغيرة ورهينة لعوامل -كالتطور التكنولوجي- بإمكانها أن تقلب التوقعات رأسًا على عقب. لقد جاءت الصحافة الإلكترونية لتُشكِّل امتدادًا -وربما بديلًا- لصناعة ترسَّخت عبر قرون، ألا وهي صناعة الصحافة التي تستمد مداخيلها من الإعلانات ومبيعات النسخ والاشتراكات ومن ثم تستمد ربحها. جاءت الصحافة الإلكترونية في عصر أصبحت فيه المعلومات -وهي السلعة التي تبيعها الصحافة- مطروحة مجانًا في فضاءات رحبة تتسع لكافة الناس دون عائق يُذْكَر من إمكانياتهم المادية ومدى تطور المجتمعات التي ينتمون إليها. إذن، التحدي الأكبر للصحافة الإلكترونية يكمن في كيفية تحقيق مداخيل مجزية في هذه الفضاءات. 

إن أي محاولة لوضع تصور لنظام اقتصادي تسترشد به الصحافة الإلكترونية العربية، يجب أن تأخذ في الاعتبار جوانب القصور التي واكبت التجربة الإعلامية العربية بمختلف منابرها؛ مما يُرجع المهتم إلى مفهوم التواصل الإعلامي في العالم العربي كما تعكسه الممارسة، وكيف انعكس هذا المفهوم على الخدمات التي تُقدِّمها المؤسسات الإعلامية العربية؛ حيث السمة الغالبة هي ضعف المحتوى الذي يستحق الدفع من أجل الحصول عليه. 

تقترح هذه الدراسة أن يرتكز النموذج الاقتصادي لمداخيل الصحافة الإلكترونية العربية على أربعة مصادر: الإعلانات، والخدمات التحريرية، والاشتراكات، والملفات الترويجية. ويوضح الشكل رقم (2) كيف تصبُّ هذه المصادر الأربعة وتفرعاتها في مداخيل الصحيفة الإلكترونية، إذا نجحت في تقديم محتوى إعلامي متميز.

الشكل رقم (2) يبيِّن مصادر دخل الصحافة الإلكترونية العربية 

 

قبل التطرق لمكونات هذا النموذج، لابد من توضيح بعض النقاط المتعلقة بحدود تطبيقه وإمكانية مواكبته للمستجدات وقدرته على التكيف في المجتمعات العربية المختلفة والتي يتباين تعاطيها مع الإعلام من حيث الظروف التي توفرها الجهات الرسمية أو من حيث عادات التلقي. ومن أهم هذه النقاط نذكر الملاحظات الأربع التالية:

  • لا يهتم هذا النموذج الاقتصادي بالمداخيل التي تتخذ طابع الدعم سواء تعلق الدعم بجهات حكومية أو مراكز نفوذ لها مآرب غير اقتصادية (والمآرب الاقتصادية تعني تقديم تمويل يتم استرداده من خلال النشاط الذي تقوم به المؤسسة زائدًا الأرباح). فالدعم يجعل مكونات النموذج الاقتصادي للمؤسسة الإعلامية مجرد دخل ثانوي لا تناضل المؤسسة من أجل الحصول عليه.
  • نجاح هذا النموذج رهين بأداء العاملين في المؤسسة الإعلامية الإلكترونية والقائمين على أمرها انطلاقًا من وعي اقتصادي يجعل إعداد المحتوى وإعداد الشكل أكثر تلبية لحاجيات المتلقي-المستهلك. والسؤال الرئيس هنا الذي يحتاج إلى إجابة مسبقة: ما الذي يجعل المتلقي يدفع مقابل الحصول على الخدمة الإعلامية التي تُقدِّمها المؤسسة الإعلامية الإلكترونية؟
  • هناك تفاعل وتكامل وانسجام بين المكونات الأربع للنموذج (يُشار إليه من خلال الخط المتقطع الذي ينتهي بسهمين للدلالة على التدفق من كل مكون نحو الآخر). فكل مكون يخدم المكونات الثلاثة الأخرى من خلال التمايز عنها وتقديم خدمات تناسب فئة معينة من الجمهور؛ الأمر الذي يقدم لطالب الخدمة الإعلامية خيارات عدَّة تناسب ميزانيته وجمهوره المستهدف.
  • قائمة مكونات النموذج ليست نهائية، بل قابلة للتوسع أو الاستبدال أو التقلص وفقًا للسياقين التاريخي والجغرافي، ووفقًا لتخصص الصحيفة الإلكترونية ورؤيتها وقدرتها على ابتكار خدمات جديدة استنادًا إلى المستحدثات التكنولوجية. 

1- مداخيل الإعلانات

لم تتغير الإعلانات باعتبارها المصدر الرئيس لمداخيل المؤسسات الإعلامية -سواء كانت تقليدية أو جديدة- لارتباطها بالفوائد المباشرة التي يجنيها المُعلِن في الجانب التسويقي للسلع أو الخدمات، أو الجانب الإعلامي المعرفي من خلال نشر المعلومات والأفكار. هكذا تُشكِّل الإعلانات المصدر الرئيس لدخل الصحافة الإلكترونية، وأكثر المشجعين على النجاح؛ ففي الأوضاع الطبيعية، تصبح العلاقة بين نجاح المؤسسة الإعلامية في الوصول إلى الجمهور وكثرة الإعلانات علاقة طردية. 

يقوم نموذج اقتصاديات الصحافة الإلكترونية العربية على سعي المؤسسة الإعلامية لجلب كافة أنواع الإعلانات سواء كانت مباشرة أو مبوبة أو إعلانات معروضة ضمن فيديوهات اليوتيوب التي تنتجها المؤسسة الإعلامية. 

فالإعلانات المباشرة هي التي يتم عرضها عبر صفحات الصحيفة الإلكترونية المضمَّنة في موقعها على الويب وتخضع لتسعيرة تحددها الإدارة. تستطيع هذه الإعلانات أن تُدِرَّ ربحًا كبيرًا إذا نجح موقع الصحيفة الإلكترونية في اجتذاب أعداد كبيرة من المتلقين المتفاعلين مع الإعلان الذي يظهر مع المحتوى. وهنا تتضافر جاذبية المحتوى مع جاذبية الإعلان لتحقيق أهداف الطرفين: المعلِن والمؤسسة الإعلامية. 

أما الإعلانات المبوبة، فقد تصبح مصدرًا رئيسًا للدخل إن استطاعت تقديم خدمة مميزة للمعلنين وللجمهور من حيث جودة تصميم الإعلانات أو شمولية وسهولة الوصول إلى الإعلانات إذا تم عرضها عبر منتدى خاص بالصحيفة الإلكترونية، وحظي بالترويج اللازم الذي يجذب صغار المعلنين. 

ويركز النموذج على النوع الثالث من الإعلانات، والذي يعتمد على زخم شبكات التواصل الاجتماعي، وعلى رأسها اليوتيوب التي أصبحت مصدرًا رئيسًا لمداخيل الإعلانات الرَّقمية. تستطيع الصحيفة الإلكترونية أن تحقق أقصى درجات الاستفادة من إعلانات مقاطع الفيديو التي تُضمِّنها قناتها الخاصة ضمن شبكة اليوتيوب، إذا نوعت في محتويات الفيديوهات بحيث تتضمن فيديوهات تعليمية، وفيديوهات رسوم معلوماتية، وفيديوهات ترفيهية، وفيديوهات إعلامية، وفيديوهات إعلانية. 

لقد أصبحت الفيديوهات التعليمية من الفيديوهات الجاذبة لشبكة اليوتيوب؛ لأنها أحدثت ثورة تعليمية من خلال الحلول التي تقدمها لجمهور عريض من الهواة وعامة الناس. ويستفيد من فيديوهات الرسوم المعلوماتية من يبحثون عن المعرفة لأغراض علمية أو توثيقية أو إعلامية. 

وهناك الفيديوهات الترفيهية التي قد تتضمن محتوى دراميًّا أو غنائيًّا أو فكاهيًّا يلبِّي حاجيات شرائح كبيرة من المجتمع. فالترفيه يلبي حاجيات نفسية للأفراد فضلًا عن جوانبه المعرفية. 

أما الفيديوهات الإعلامية، فهي تدخل في صميم عمل الصحيفة الإلكترونية، ويجب أن تكون على رأس نقاط قوتها إن استفادت من خصائص الويب وعلى رأسها توظيف الوسائط المتعددة. وأبرز أنواع الفيديوهات الإعلامية التي قد تحظى بمعدلات مشاهدة عالية: التقارير الإخبارية والأفلام الوثائقية والمقابلات التي تُجْرَى مع شخصيات مشهورة أو تتطرق لقضايا مثيرة للجدل. 

ويستطيع قسم الإنتاج الفني أن ينتج فيديوهات إعلانية لفائدة الصحيفة الإلكترونية أو مؤسسات أخرى بحيث تُدرَج هذه الإعلانات ضمن مقاطع الفيديو الموجودة بقناة اليوتيوب؛ فتأتي المداخيل من عملية إنتاج الإعلان، ومن نشره في اليوتيوب. 

2- مداخيل الاشتراكات

على الرغم من أن الاشتراكات لا ترقى إلى مستوى الإعلانات من حيث رفدها لمداخيل الصحافة الإلكترونية، إلا أنه يمكن تفعيلها من خلال إنتاج محتوى متميز يستحق الاهتمام من قِبَل الجهات والأفراد المستفيدين. 

وإذا كانت الاشتراكات التي تحصل عليها الصحافة المطبوعة تقوم على السمعة الكلية للمؤسسة الإعلامية، فإن اشتراكات الصحافة الإلكترونية تنبني على المحتوى المخصوص الذي يلبي الحاجيات الفردية والجماعية، ولا يمكن الحصول عليه مجانًا عبر شبكة الويب. 

تستدعي الاشتراكات أن تُنْتِج المؤسسة الإعلامية محتوى غير متاح لمتصفحي موقع الصحيفة ولا يمكن الوصول إليه إلا من خلال الولوج بواسطة أرقام سرية. وهذا المحتوى يجب أن يتسم بالأصالة والقيمة التي تستحق الدفع والمنفعة البائنة التي يجنيها المشترك. 

يقترح نموذج اقتصاديات الصحافة الإلكترونية العربية الاهتمام بالاشتراكات وتعزيزها من خلال تقديم المواد الحصرية، والتقارير المختصة، والإحصائيات الدورية، والترجمات. 

فالمواد الحصرية قد تشمل كافة الوسائط التواصلية الموظفة في المقابلات، واستطلاعات الرأي، والتحقيقات، والمقالات، وغيرها، فضلًا عن المعلومات الرقمية كالجداول والرسوم البيانية والمؤشرات الاقتصادية والتنموية. وتتضمن التقارير المختصة، تلك التي تصدر بكيفية دورية في مجالات بعينها أو في مناسبات وفعاليات كبرى. أما الإحصائيات الدورية فتستطيع الصحيفة الإلكترونية أن تبتكر مجموعة منها وتُفصِّلها لكي تلائم مؤسسات بعينها (حكومية أو خاصة أو مؤسسات مجتمع مدني)، فتوفر نتائجها الملخَّصة مجانًا من أجل الإخبار والترويج، وتبقي التفاصيل مقتصرة على المشتركين الذين يهمهم استخدام هذه التفاصيل. وأخيرًا، تستطيع الصحيفة الإلكترونية أن تُقدِّم خدمات ترجمة لمواد إعلامية أجنبية منتقاة بحيث يطلبها بعض المشتركين. 

3- مداخيل الخدمات التحريرية

إذا كانت الاشتراكات تستهدف حق الحصول على مواد إعلامية مختارة تنتجها الصحيفة الإلكترونية، فإن الخدمات التحريرية تقوم على الإنتاج تحت الطلب؛ الأمر الذي يُغيِّر مفهوم الصحافة التي تمارس الإعلام القائم على هيمنة الإلقاء على التلقي (حيث الأجندة وحراسة البوابة والسياسة التحريرية)، لتصبح المؤسسة الإعلامية بيت خبرة يمتلك كفاءات بشرية ماهرة في إعداد المحتوى الإعلامي الذي تحتاجه بعض المؤسسات انطلاقًا من ميزة التعهيد التي تضمن الحصول على مواد إعلامية احترافية دون الحاجة إلى توظيف إعلاميين متفرغين، وتشمل الخدمات التحريرية:

‌أ. تحرير التقارير: ويقصد بها التقارير الإخبارية التي تحتاجها المؤسسات لتُعَزِّز بها محتوى مواقعها على الويب إن لم تقم بتوظيف محررين متفرغين للعمل الصحفي.

‌ب. تحرير الكتيبات: ويشمل الكتيبات التي تُبرِز الأنشطة السنوية للمؤسسات، والمطويات التعريفية.

ج. تحرير الخطابات: تحتاج الخطابات التي تُلقى في المناسبات -سواء كانت سياسية أو غيرها- إلى خبرة المحررين الصحفيين، لذا تستطيع المؤسسات الإعلامية تقديم هذه الخدمة من خلال الاستعانة بالمحررين المختصين في المجالات المختلفة.

‌د. تحرير الإعلانات: وهي خدمة مطلوبة وتحتاج إلى خبرة وموهبة، إذا توفرت في بعض المنتسبين للمؤسسة الإعلامية، فقد تُدرِّ دخلًا معتبرًا بسبب ازدياد الحاجة للإعلانات. 

4- مداخيل الملفات الترويجية

يقصد بالملفات الترويجية مجموعة المواد الإعلامية التي تروج لمؤسسة أو نشاط أو فرد ما، وتتضمن مختلف الفنون التحريرية كالمقالات والتقارير والمقابلات والاستطلاعات والإعلانات، بحيث تشكِّل وحدة تواصلية من خلال انسجام المحتوى والشكل وفق رؤية وفلسفة محددة. 

ولكي تستفيد الصحيفة الإلكترونية من الملفات الترويجية كمصدر دخل، عليها أن تحرص على توظيف العناصر البشرية التي تجمع بين مهارات الإعلام والعلاقات العامة والتسويق، حتى تُقدِّم خدمة متميزة تستحق الدفع المجزي. 

خاتمة 

تخلص الدراسة إلى أن هناك تحديات كبيرة تواجه الاستثمار في مجال الصحافة الإلكترونية إذا انطلق المستثمر من النموذج الاقتصادي الذي اتبعته وسائل الإعلام التقليدية؛ ذلك أن الثورة التكنولوجية التي هيمنت على التواصل الإنساني مع ظهور شبكة الإنترنت وانتشارها في تسعينات القرن المنصرم، تسير في طريق تمليك الجميع الحق في التواصل الإعلامي من خلال إتاحة كم هائل من المحتوى الإعلامي مجانًا سواء أنتجته مؤسسات إعلامية محترفة، أو أنتجه مواطنون صحفيون هواة، أو أنتجه رواد شبكات التواصل الاجتماعي الذين يُعدُّون بمئات الملايين؛ فقد أصبح هواة اليوتيوب ينافسون المؤسسات الإعلامية في حصة الإعلانات من خلال نشر مقاطع قادرة على جذب ملايين من المشاهدين. 

تحتاج الصحافة الإلكترونية إلى نموذج اقتصادي يتواءم مع الخصائص التواصلية لشبكة الويب والتواصل الإنساني عبر الإنترنت، ويستجيب للمستجدات التي تظهر مع تَغَيُّر حاجيات المتلقين للمحتوى الإعلامي وتَغَيُّر عاداتهم في التلقي؛ فثمة خدمات جديدة تظهر بكيفية متسارعة وتحتاج من يكتشف مكامن الربح فيها ويستغلها في الوقت المناسب. 

إن نموذج اقتصاديات الصحافة الإلكترونية العربية الذي تم اقتراحه في هذه الدراسة، يرسم الملامح العامة لتنوع المداخيل مع التركيز على جودة المحتوى الإعلامي والقدرة على الاستفادة من مواهب الموارد البشرية ومهاراتها في تقديم خدمات إعلامية لا تتوفر في فضاءات الويب مجانًا، خاصة تلك المؤسسات والجهات التي تبحث عن المحتوى المثمر.

استرشادًا بهذا النموذج، توصي الدراسة بالتركيز على الجوانب التالية عند التفكير في الاستثمار في مجال الصحافة الإلكترونية في الوطن العربي:

  1. التركيز على توفير الجودة (في المحتوى والشكل) منذ الانطلاقة، بدلًا من الانطلاقة الهزيلة التي تسعى لتحقيق الجودة مع مرور الوقت؛ لأن البدائل كثيرة أمام المتلقي وأمام المعلِن.
  2. الاسترشاد بأسس التواصل الفعَّال عند التخطيط لمشروع الصحيفة الإلكترونية، وعند التنفيذ سواء تعلق الأمر بالمحتوى أو الشكل أو التكنولوجيا المستخدمة، مع التركيز على الاستفادة من فعالية الوسائط التواصلية كل على حدة أو مجتمعة (في صيغة وسائط متعددة).
  3. تجاوز المفهوم التقليدي لوسائل الإعلام ودورها في المجتمع، وتبنِّي المفهوم الموسَّع الذي يجعلها أكثر اندماجًا في المجتمع وأكثر تماهيًا مع المؤسسات الحديثة التي تعتمد على التواصل في تحقيق أهدافها بغضِّ النظر عن طبيعتها (حكومية أو تجارية).
  4. تبنِّي طرق جديدة في تسعير المحتوى الإعلامي الرقمي، تأخذ في الاعتبار الخصائص التواصلية لشبكة الويب وأصالة المحتوى وقيمته المعلوماتية ومن ثم المعرفية.
  5. التأهيل المستمر للموارد البشرية التابعة للمؤسسة الإعلامية حتى تواكب المستجدات التقنية والخدمات الجديدة التي تُقدِّمها شبكات التواصل الاجتماعي في سعيها للهيمنة على التواصل الاجتماعي والإعلامي معًا من خلال إذابة الحواجز التي تفصل بينهما، والتركيز على مفهوم الإعلامي الشامل.

________________________________

 د. محمد الأمين موسى، أستاذ الصحافة الإلكترونية المساعد بقسم الإعلام- جامعة قطر.

References

1. Wunsch-Vincent, S. and Vickery, G. Working Party on the Information Economy: the Evolution of News and the Internet. (Organisation for Economic Co-operation and Development, 11-Jun-2010), p. 50.

2. الغروي، حسين عبد الجليل، اقتصاديات البيانات والمعلومات المحاسبية، رسالة دكتوراه، (الأكاديمية العربية في الدنمارك: كلية الإدارة والاقتصاد، قسم المحاسبة، الدنمارك،2012 )، ص 26-27. ورد في: علي، حمدي بشير محمد، الإعلام الرقمي واقتصاديات صناعته، ورقة مقدمة لمنتدى الإعلامي السنوي السابع للجمعية السعودية للإعلام والاتصال، الرياض، 2016، ص 19-20.

3. تقرورة، محمد، ومتناوي، محمد، الاقتصاد الرقمي وإشكالية التجارة الإلكترونية في الدول العربية، ورقة عمل مقدمة في ملتقى المعرفة في ظل الاقتصاد الرقمي ومساهمتها في تكوين المزايا التنافسية للبلدان العربية، (جامعة حسيبة بن على الشلف، كلية العلوم الاقتصادية وعلوم التسيير، الجزائر، 2007)، ص 7. ورد في: علي، الإعلام الرقمي، 2016، مرجع سابق، ص 20.

4. Wunsch-Vincent and Vickery. Working Party on the Information Economy: the Evolution of News and the Internet, op. cit. p. 51.

5. Grueskin, Bill, “The story so far: What we know about the business of digital journalism”, (Tow Centre for Digital Journalism), p. 7.

6. بروش، زين الدين: "واقع وتحديات الاقتصاد الجديد"، مجلة العلوم الاقتصادية وعلوم التسيير، الجزائر: جامعة سطيف 1، (العدد الثالث،2004 )، ص  .108ورد في: علي، الإعلام الرقمي، 2016، مرجع سابق، ص 21.

7Bates, Benjamin. J., “The Economic Value of Media Websites”, (Visited on 30 May 2017), Pp. 3-4.

http://web.cci.utk.edu/~bjbates/papers/papers/econvaluemediwebsites.pdf

8. Wunsch-Vincent and Vickery. Working Party on the Information Economy: the Evolution of News and the Internet, op. cit. p. 52.

9. Ibid. p. 61.

10. Russ-Mohl, Stephan, “The Economics of Journalism and the Challenge to Improve Journalism Quality: A Research Manifesto”, (Studies in Communication Sciences, 6/2, 2006), p. 194.

11Akerlof, George A., “The Market for “Lemons”: Quality Uncertainty and the Market Mechanism”, (The Quarterly Journal of Economics, Vol. 84, No. 3, August 1970), p. 488.

12. Lundén, K. The Death of Print? The Challenges and Opportunities facing the Print Media on the Web, (Oxford University, Oxford, 2009), p. 18.

13Ibid. p. 20.

14. Currah, Andrew, What’s Happening to Our News: An investigation into the likely impact of the digital revolution on the economics of news publishing in the UK, (Reuters Institute for the Study of Journalism, Oxford, 2009), p. 15.

15Bates, “The Economic Value of Media Websites”, op. cit. p. 13.

16. Rainie, Lee and Purcell, Kristen, “The economics of online news”, )Pew Research Center, Washington, D.C, Pew Internet & American Life Project: An initiative of the Pew Research Center, 2009, (Visited on 22 May 2017), p. 5.

http://pewinternet.org/Reports/2010/The-economics-of-online-news.aspx

17. “State of the New Media 2016”, Pew Research Center, June 2016, (Visited on 9 July 2017), p. 52.

18. Bates, “The Economic Value of Media Websites”, op. cit. p. 14.

19. Brock, G. Out of Print: Newspapers, Journalism and the Business of News in the Digital Age, (KoganPage, London, 2013), p. 93.

20. Wunsch-Vincent and Vickery. Working Party on the Information Economy: the Evolution of News and the Internet, op. cit. p. 54.

21. “Google Fast Flip”, Wikipedia, (Visited on 9 July 2017):

https://en.wikipedia.org/wiki/Google_Fast_Flip

22. Lundén. The Death of Print? The Challenges and Opportunities facing the Print Media on the Web, op. cit. p. 22.

23. Rainie and Purcell, “The economics of online news”, op. cit. p. 8-9.

24Bates, “The Economic Value of Media Websites”, op. cit. p. 12-13.

25Rainie and Purcell, “The economics of online news”, op. cit. p. 6-7.

26. Ibid. p. 13-14.

27. “The New York Times Sale. Get 60% off for one year. Sale ends Sunday”, nytimes, (Visited on 9 July 2017):

https://www.nytimes.com/subscriptions/inyt/lp87JWF.html?campaignId=67FHY

28Grueskin, “The story so far: What we know about the business of digital journalism”, op. cit. p. 7.

29Wunsch-Vincent and Vickery. Working Party on the Information Economy: the Evolution of News and the Internet, op. cit. p. 54.

30. موسى، محمد الأمين، "تطبيقات الوسائط المتعددة في الإعلام الإلكتروني العربي"، بحوث الصحافة، (المجلس القومي للصحافة والمطبوعات، الخرطوم، أغسطس/آب 2006، ص 43.

31. فندوشي، ربيعة، الإعلان عبر الإنترنت: دراسة وصفية تحليلية مقارنة، (رسالة لنيل شهادة الماجستير في علوم الإعلام والاتصال)، جامعة الجزائر، 2005، ص 203-204.

32. “Elaph can offer different advertising options throughout the site at cost effective rates”, Elaph, (Visited on 9 July 2017):

http://elaph.com/web/elaph_media_pack/elaph_media_pack.htm

33. جريدة الراية القطرية، أعلن في الموقع الإلكتروني، 12 يناير/كانون الثاني 2017، (تاريخ الدخول: 6 سبتمبر/أيلول 2017):

http://www.raya.com/portal/pages/d2f2e96b-54a8-48e3-aec9-3c43855772de

34. فندوشي، الإعلان عبر الإنترنت: دراسة وصفية تحليلية مقارنة، مرجع سابق، ص 209.