التنظيم القانوني للصحافة الإلكترونية العربية وموجبات الشرط السياسي والتكنولوجي

ترصد الدراسة تطور التنظيم القانوني للصحافة الإلكترونية العربية، وتحاول فهم قواعد المنظومة القانونية ليس في متن النص القانوني بل في محيطه السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وتحث على وضع مدونة عربية خاصة بالإعلام الإلكتروني تهتدي بها الدول عند وضعها لقوانين إعلامها الإلكتروني الداخلي.
9fd6662fa7fa43e5b3fd72ab02b01eb0_18.jpg
النظام القانوني للصحافة الإلكترونية العربية شديد الصلة بمختلف منعرجات الشروط السياسية التي مرت بها المنطقة (الجزيرة)

لا يوجد تطمح الدراسة إلى وضع اليد على مسار التطور التاريخي للإطار التشريعي للصحافة الإلكترونية في بعض مكونات النظام العربي، من أجل معرفة كيف ولماذا حدث الانتقال من عدم الاعتراف القانوني بها إلى التلكؤ في الاعتراف بها، وصولًا إلى محاولة تنظيم ما قد يُرتَكَب من جنح وجرائم ومخالفات، عبر الإنترنت وفي مواقع التواصل الاجتماعي، لدحض ما كان سائدًا من تصور خاطئ يرى في هذا الفضاء مجال فوضى غير محكوم بقانون، وهو مجال لحرية التعبير المطلقة بامتياز. وكردٍّ على هذا الادعاء، سوف تظهر القوانين المنظمة للجرائم الإلكترونية تهدف إلى سد الفراغ المزعوم، ولكن مع ذلك يجب الاعتراف أن مجال الإعلام الإلكتروني حتى في غياب القوانين المنظمة له، يلاحظ أن جل الدول، تطبق عليه قانون الإعلام والاتصال التقليدي.

اليوم بعد الربيع العربي، وبعد الدور الذي صارت تلعبه مواقع التواصل الاجتماعي وما تلا ذلك من تطور أصابها، أصبحنا أمام تنظيم هذه المواقع، بإفراد قانون خاص بالإعلام الإلكتروني، أو بإدماجه في رحم قانون الطباعة والنشر الورقي، وهكذا يُلاحَظ وجود تفاوت في المنطقة العربية فيما يخص آليات تقنين الصحافة الإلكترونية، فمثلًا في المغرب والجزائر وتونس والأردن، تمَّ تنظيم وتقنين الإعلام الإلكتروني في صلب قانون الإعلام المكتوب، بينما أفردت له السعودية قانونًا خاصًّا في إطار اللائحة التنفيذية.

يجب التأكيد بداية أن ما نسعى إليه ليس هو استعراض القوانين المؤطِّرة للإعلام الإلكتروني في كل الدول العربية، قد يكون ذاك طموحًا مشروعًا، لكنه يقتضي أن يكون هناك فريق بحث متكامل لرصد هذه الظاهرة في مختلف الدول العربية، غير أنه في انتظار توافر شروط ذلك سيتم التركيز على حالات مختارة، حسب التقسيم التالي: نموذج أو نموذجين في منطقة النظام الإقليمي الفرعي المغاربي، وفيه نركز على تونس مع الإشارة كلما كان ذلك ممكنًا إلى الجزائر والمغرب، مع استحضار نموذج آخر من بلاد النيل وهو مصر، بالخصوص بعد دستور 2014، والنموذج الثالث من المنطقة المعروفة تاريخيًّا بسوريا الكبرى أو الهلال الخصيب وتعبِّر عنه التجربة الأردنية، ثم منطقة الخليج العربي وبالخصوص دول مجلس التعاون الخليجي التي يعبر عنها النموذج الكويتي والسعودي.

وهكذا، فإن البحث في الإطار القانوني للصحافة الإلكترونية العربية يقتضي استحضار كيف تعاملت القوانين الخاصة بالإعلام والاتصال مع تكنولوجيات الإعلام وما اللحظة التي بدأ فيها تقنين هذه التكنولوجيات؟ وما علاقة الإطار القانوني للصحافة الإلكترونية بالصحافة التقليدية؟ وهل ما ينطبق على الصحافة الورقية والسمعية البصرية من ضوابط ينطبق على الصحافة الإلكترونية أم أن لهذه الأخيرة نظامًا قانونيًّا خاصًّا بها؟ ألم يكن الجزء الأساسي من الإطار القانوني المنظِّم للصحافة الإلكترونية العربية، مضمَّنًا في صلب تشريعات مكافحة الجريمة الإلكترونية على المستوى العربي وعلى مستوى كل دولة عربية على حدة؟

1. تقنين الإعلام الإلكتروني العربي وتأثيرات البيئة الدولية والإقليمية

الحقيقة التي ينبغي استحضارها في هذا الصدد -وباستمرار- هي أن موضوع النظام القانوني المؤطِّر للصحافة الإلكترونية في النظام الإقليمي العربي، لا يستقيم الخوض فيه، إن لم يتم استحضار الشروط التي أسهمت في انتشار هذه الصحافة في جل الدول العربية بصورة سريعة، خاصة مع نهاية القرن المنصرم وبداية الألفية الثالثة، ثم إن استيعاب روح هذا الإطار وإدراك معناه ومبناه أمر محفوف بصعوبات جمة، الشيء الذي يفرض على من يغامر بالبحث فيه، أن يكون مسلحًا بعُدَّة معرفية قد تسعفه على تجاوز ظاهر الظاهرة القانونية، وتساعده على تعبيد سبل نفاده إلى عمقها، بغية إدراك لماذا جاءت مصوغة على الشكل والصورة التي هي عليها. إن الباحث الذي تحدوه مغامرة النبش في هذا الحقل الشائك، والمحصن والمطوق بأحزمة من الصعوبات والعراقيل يفترض فيه أن يكون منفتحًا على حقول معرفية أخرى، كما يفترض فيه أن يكون ضابطًا لخبايا تخصصات متعددة ذات الصلة بالموضوع، من قانون دولي للإعلام، وقانون دولي للإنترنت وقانون حقوق الإنسان، وقانون الجرائم الإلكترونية...إلخ.

1.1. إكراهات تقنين الإعلام الرقمي العربي وموجبات الشرط السياسي

إن المجازفة بالتصدي لموضوع مثل الذي أمامنا يتطلب جرعة زائدة من الجرأة المصحوبة بالمغامرة، تساعد الباحث فيه على رسم ملامح اللحظات الأولى التي انفتحت فيها الدول العربية على تكنولوجيات الإعلام الحديثة. وكيف أن استخداماتها قد تسببت لها في مراكمة كم هائل من المشاكل، ما فرض عليها اللجوء إلى تقنينها تحت مبرر اعتداءاتها على النظام العام، وعلى الأسس السياسية والدينية للدولة، وانتهاكها للحياة الخصوصية واستخدامها في الإرهاب وفي الإساءة إلى الأديان، والاعتداء على البيانات الشخصية، ودعارة الأطفال (1)...إلخ. إن التقنين إياه، بدأ متدرجًا ومرفقًا بحذر شديد، فاعتُبر في كثير من الأحيان غير ذي جدوى على أساس أن هذه التكنولوجيات لا تعترف لا بالحدود، ولا بمنطق السيادات، ولا حتى بسيادة القانون ذي البعد الوطني المحلي. إنها تستطيع بكل يسر التخلص من مضامينه، وتجاهل قواعده، ذاك ما يطرح مدى نجاعة التنظيم القانوني للإنترنت، وفي صلبه الصحافة الالكترونية.

تجدر الإشارة إلى أهمية استحضار بعض ملامح اللحظات الحاسمة من مسار تطور تكنولوجيات الإعلام وكيف تأثرت الدول العربية بها، في ظل النظام العالمي الجديد، الميسِّر لانتشار فكر الليبرالية المتوحشة، واندراج هذه التكنولوجيات فيها بشكل لا رجعة فيه مع مشروع "آل غور"(2).

أ‌- تأثرت الدول العربية بمشروع "آل غور" حول الطرق السيَّارة للإنترنت المقدم في سنة 1992، وهو المشروع الذي شق طريق تطوره بشجاعة وتفاؤل وبجرأة منقطعة النظير، ملحًّا على إخراج الإنترنت وتكنولوجيات الإعلام من دهاليز المختبرات العلمية التابعة للمؤسسات العسكرية، ومخلِّصًا إياها من قبضة الاستخدامات الاستخباراتية العسكرية والأمنية، ويسَّرها للاستخدامات المدنية، فكان من نتائجه أن استفادت الدول العربية من هذا التحول. على أن هذه الدول أو على الأقل بعضها، أدركت منذ زمن بعيد أهمية تأثير تطور تكنولوجيات الإعلام على حقوق الإنسان، وبالخصوص على الحق في الاعلام وحرية الرأي والتعبير. كانت لهذه الدول مساهمات محترمة في ذاك النقاش الخجول والأولي المفعم بالتردد والحذر، خلال المؤتمر الأول لحقوق الإنسان بطهران سنة 1968(3)، والذي خُصِّصت إحدى ورشاته لموضوع "تأثير التطور التكنولوجي على حقوق الإنسان".

ب‌- إن ما يثار بهذا الصدد بشكل متواتر هو كيف كان يُنظر إلى مجال اشتغال الإعلام الإلكتروني بكونه مجالًا تسود فيه الفوضى ولا يوجد قانون ينظمه؛ ومعنى ذلك أنه مجال اللاقانون بامتياز! تزداد هذه القناعة قوة ورسوخًا، عندما نعلم كيف يقف القاضي حتى في الدول الديمقراطية مهد هذه التكنولوجيات مكتوف الأيدي فاقد الإرادة ومسلوب العزيمة، حينما تعرض عليه جرائم تُرتكب بواسطة تكنولوجيات الإعلام الحديثة، وعلى الخصوص لما يتم ذلك باستخدام شبكة الإنترنت، فيقلِّب بنود القانون، ولا يجد ما يطبقه على هذه الجرائم؛ إذ مهما بذل من جهد وتفكير وتقدير، ومحاولة للقياس والتكييف، لا يستطيع البتَّ فيما يُعرض عليه من نوازل، وليس أمامه في نهاية الأمر إلا التمسك بالمبدأ القانوني الشهير: "لا جريمة ولا عقوبة إلا مع وجود نص"، تحت هذا المبدأ، وفي ظل غياب إطار قانوني واضح، غالبًا ما تُنتهك حقوق الأفراد، وتُرتكب جرائم فظيعة بواسطة مواقع التواصل الاجتماعي. لكن ألا يمكن إخضاع الجرائم والجنح المرتكبة بواسطة هذا الإعلام لقواعد قانون الإعلام التقليدي، أو لقواعد القانون الجنائي التقليدي؟ يبدو هذا أمرًا ممكنًا وميسرًا؛ إذ قد يُلجأ إليه في كثير من الأحيان بالخصوص قبل وضع قوانين الجرائم الإلكترونية. ففي كثير من الدول العربية تمَّ اللجوء إلى تطبيق قواعد القانون الجنائي التقليدي على الجرائم المرتكبة بواسطة الإنترنت، في المغرب، وفي مصر والسعودية، وفي تونس(4)...إلخ.

كان ذلك واقعًا مضى، لقد تغيرت الأمور اليوم خاصة بعد حدوث سلسلة من العوامل، أهمها: أن هذه التكنولوجيات ولم تعد القوانين التقليدية قادرة على استيعاب ما يُرتكب عبرها من مخالفات أكثر من أي وقت مضى، وغير قادرة في الآن ذاته على مواكبة تنظيم المجالات التي أصبحت تغطيها، بل حتى القانون الذي وُضع لتأطير ما قد يُرتكب عبرها من جرائم هو نفسه غير قادر على ضبط ومسايرة التحولات السريعة والمتعاقبة التي تعرفها هذه التكنولوجيات التي تتطور بسرعة البرق، في حين كانت -وما زالت- المواكبة التشريعية لها تسير ببطء(5).

ومن بين العوامل ذات الطابع القانوني التي يتم استحضارها باستمرار، ما هو منظم بموجب بعض قواعد القانون الدولي، الممكن تطبيقها عند الاستغلال المفرط والسيء لتكنولوجيا الإعلام الحديثة تحت مبرر حرية الرأي والتعبير، باعتبارها جوهر حقوق الإنسان وأساسها، الذي لا يجوز ولا يستساغ المساس بها، مهما حدث حتى لو أساءت لبعض المبادئ الأخلاقية، أو مست بالآداب العامة، وبالنظام العام الاجتماعي.

فبالرجوع إلى الولايات المتحدة -مهد هذه التكنولوجيات- نجد ما يكفي من أدلة على أولوية حرية التعبير المكفولة لكافة وسائل الإعلام وضمنها الإعلام الإلكتروني، والتضحية بالأخلاق والآداب العامة(6)، وهنا تجدر الإشارة إلى قانون 1996 الخاص بما يعرض على بعض هذه المواقع من صور خليعة، يكون الأطفال ضحاياها، وكيف ينبغي محاكمتها، وفرض عقوبات قاسية عليها، لكن هذا القانون تم إلغاؤه من طرف المحكمة الدستورية الاتحادية العليا، تحت مبرر لا دستوريته، باعتباره يتناقض مع أول تعديل من التعديلات العشر التي أُجريت على دستور 1787 الأميركي سنة 1791(7).

وعلى العموم، فإن الإطار القانوني المنظِّم للصحافة الإلكترونية، تتضارب إزاءه مواقف الدول وتوجهاتها، وهذا إشكال يؤرِّق فكر الباحث في هذا الحقل المعرفي سريع التطور، مستجد التقنين غير المواكب لتأطير الظواهر الناشئة عنه. فكلما تم تقنين بعض هذه الظواهر ظهرت الحاجة إلى تقنين ظواهر أخرى أكثر عددًا وأشد تعقيدًا. نحن إذن أمام حقل معرفي يتجدد باستمرار، الشيء الذي يجعل المواكبة القانونية له ضعيفة الفائدة وغير مسايرة لتطوره؛ إذ ما أن يوضع قانون حتى يتم تجاوزه بفعل التطور التكنولوجي السريع.

ج- في ظل هذا الواقع يطفو إشكال آخر على السطح ليعقد التحليل ويضبِّبه، والأمر هنا يتعلق بكون الإعلام الإلكتروني، يسري عليه في بعض الدول ما يسري على الإعلام المكتوب، وهذه الظاهرة نجدها متوالية في قوانين مجموعة من الدول العربية مع تفاوتات في التعامل التنظيمي معها. فإذا رجعنا مثلًا إلى التشريع المغربي لسنة 2002 والذي حلَّ محلَّه قانون 2016، نجد به إشارات خجولة تهم الإعلام الإلكتروني، وغالبًا ما تصادفنا في مختلف بنوده هذه العبارة اليتيمة والوحيدة آنذاك "... أو بكل وسيلة إلكترونية"(8) عند الحديث عن التحريض على ارتكاب الجرائم، أو المساس بالحياة الخصوصية للآخرين...إلخ، هذا الأمر لا يخص التشريع المغربي وحده بل يكاد يكون معمَّمًا على تشريعات بقية الدول العربية الأخرى، ولذلك فإن عمق الإشكال، يبقى محصورًا في ما يهم التطور القانوني الذي حصل ما بين الإشارة الخجولة للوسائل الإلكترونية في قوانين الإعلام وبين تخصيص أبواب تنظم الإعلام الإلكتروني، بعد استخدام المواقع الإلكترونية كجرائد إعلامية، ما أدى إلى تطور في جل القوانين المنظمة للإعلام في الدول العربية، فانتقلنا من الإشارات الباهتة إلى إفراد قسم(9) أو باب للإعلام الإلكتروني، في قانون الطباعة والنشر (في المغرب وفي الجزائر) أو وضع قانون خاص بالإعلام الإلكتروني (السعودية)(10). وهناك دول أخرى تؤكد على حرية الإعلام الإلكتروني في بنود دساتيرها بغية إعطاء قيمة قانونية أسمى للإعلام الإلكتروني (مصر، وتونس)(11) (هذه التجارب سيتم النظر في تطورها، مع التشديد على أهميتها، وعلى أهمية السياق السياسي الإقليمي العربي، والوطني الداخلي، والدولي، الذي صيغت فيه).

التأثر العربي بتقنين تكنولوجيات الإعلام دوليًّا

ظهرت الإرهاصات الأولى لتأثير تطور تكنولوجيات الإعلام على حقوق الإنسان منذ 1967(12) و1968، لكن التأثير المهم والأساسي الذي كانت له انعكاسات على الدول العربية، هو ما حصل في بداية الألفية الثالثة، مع تفجيرات 11 سبتمبر/أيلول 2001، وما أعقبها مباشرة من إدراك خطورة استغلال تكنولوجيات الإعلام في الإرهاب، عبر ربط وتسهيل الاتصال بين الإرهابيين، وتبادل المعلومات فيما بينهم، وتحديد اللقاءات، وتنظيم الاجتماعات... إلخ. هذه اللحظة كانت حاسمة ومهمة في التنظيم القانوني لوسائل الاتصال والإعلام الإلكتروني، وتقنين الإنترنت على الصعيد العربي، فخلالها تأثرت الدول العربية بالموجة الدولية الساعية لمراقبة وتقنين وسائل الاتصال الإلكتروني، ووضع اتفاقية دولية لتنظيم مجال الجرائم الإلكترونية، وهي اتفاقية بودابست بتاريخ 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2001(13)، أي مباشرة بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001، لقد كانت هذه الاتفاقية إلى جانب التوجيهات الإرشادية الصادرة عن مجلس أوروبا 1995(14)، والتوجيهات الإرشادية لمنظمة التجارة العالمية(15)، والتوجيهات الإرشادية لمنظمة التعاون والتنمية(16) بمثابة النواة الأساسية لظهور قانون دولي للإنترنت(17).

تأثرت أغلب الدول العربية بهذه المعطيات، وبواقع البيئة السياسية الدولية والإقليمية، فصار هاجس تقنين الإنترنت يسيطر على سلوكها التشريعي، عبر عدة طرق وبمبررات مختلفة، منها ما هو مرتبط بمواكبة الموجة الدولية الساعية إلى تقنين هذا "الوحش الإلكتروني"، ومنها ما هو على صلة بانعكاسات استخدامه في قضايا الإرهاب، وعبَّرت عن ذلك بالخصوص عند إصدارها للقوانين المتعلقة بالجرائم الإلكترونية والقوانين المتعلقة بالإرهاب. وُضعت هذه القوانين تأثرًا بمضامين اتفاقية بودابست، فصيغت على منوال منطوق ومضمون القواعد الواردة فيها.

وهكذا إذن كان لشرط السياق الدولي بعض التأثير على صياغة هذه القوانين بعد 2001، فلا ينبغي إغفال التأكيد على كون سياق وضعها مرتبطًا بواقع ما رُوِّج ويُروَّج داخل أروقة جامعة الدول العربية، أشير هنا على الخصوص إلى وضع القانون النموذجي العربي الموحد لسنة 2004، وما تلاه من قوانين عربية داخلية على مستوى كل دولة على حدة، لم تخرج هذه القوانين كما حال القانون النموذجي العربي الاسترشادي الموحد، عمَّا هو مكرَّس في اتفاقية بودابست من حيث الاهتمام بالإعلام الإلكتروني وبقضاياه.

هل ما زال من الممكن اليوم في ظل التغييرات التي عرفتها وسائل الإعلام الإلكتروني الحديث عن المدونات وعن المواقع الإلكترونية كآليات للإعلام الجديد؟ ألم تُمْسِ هذه الآليات من باب الماضي؟ ألم يكن من الضروري اليوم وضع قوانين فعَّالة لتنظيم هذا الفضاء الفوضوي الشاسع قويِّ التأثير؟ ألم يكن هذا الفضاء فضاء يتداخل فيه ومن خلاله حق التداول للمعلومات على المواقع بين الأفراد من جهة، وبين الكيانات المحلية والكيانات العالمية من جهة أخرى؟

علاقة جهود التقنين والضبط عربيًّا بالشرط السياسي

يتطلب تتبع مسار تقنين الصحافة الإلكترونية على الصعيد العربي الرجوع إلى البيئة السياسية العربية والعالمية المواكبة له، والتي في رحمها تم التقنين المشار إليه، مع العلم بأن قراءة واقع هذه البيئة تفسر بما فيه الكفاية، لماذا هذا التنظيم هو على هذا النحو. الأمر لا يتعلق بما بعد الثورات التي هزت العديد من الكيانات العربية، بل هو على علاقة بما حصل قبل الربيع العربي، على الأقل منذ العشرية الأخيرة من القرن المنصرم، وبداية الألفية الثالثة.

مرَّت مسيرة التقنين الإعلامي في المنطقة العربية بعد قيام النظام العالمي الجديد بثلاث محطات أساسية، أشير لعناصر بعضها في السابق لكن لا بأس في إعادة التأكيد عليها من جديد وباختصار على النحو الآتي:

أ‌- ترتبط أولاها بالتحولات ذات النفحة الليبرالية، عندما بدأت بعض رياح التغيير نحو الديمقراطية تتسلل إلى المنطقة بعد حرب الخليج الثانية أو قبلها بقليل، ظهرت آنذاك قوانين لتنظيم الإعلام والدفع به في اتجاه مواكبة التحول الحاصل على المستوى الدولي. أشير هنا إلى القانون التونسي الجديد 1989، والقانون الجزائري لسنة 1990، والموريتاني لسنة 1991(18)، والقانون المصري لسنة 1996(19). هذه الموجة من التشريعات اهتمت بالإعلام المكتوب، وغضَّت الطرف عن الإعلام الإلكتروني، لأن هذا الإعلام لم ينتشر بعد، وحتى إن وجد، فهو ليس إلا إعلامًا مكتوبًا تحولت نسخه الورقية إلى نسخ إلكترونية. كانت صحيفة الشرق الأوسط أول تجربة عربية في هذا المجال في سنة 1995، لتليها جرائد أخرى(20)

ب- اللحظة الثانية، وهي لحظة التقنين الخجول والمحتشم للإعلام الإلكتروني في صلب قانون الإعلام التقليدي، مع وضع ضوابط لهذا الإعلام بالإحالة على قوانين الجرائم الإلكترونية. وقد تم ذلك في إطار سياق التأثر بأحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001، وبمضامين اتفاقية بودابست 2001 حول الجرائم الإلكترونية، وبالقانون النموذجي العربي الموحد 2004 وبالاتفاقية العربية لمكافحة الجرائم الإلكترونية...إلخ.

ج- اللحظة الثالثة، جاءت بعد ثورات الربيع العربي، حيث لاحظنا بعض الدول تشير إلى حرية التعبير عبر الإعلام الإلكتروني، وتنوه إلى ذلك في دساتيرها الجديدة التي أعقبت الثورات، مشددة على حماية التعبير عبر وسائل الإعلام الإلكتروني. ونلاحظ خلال هذه اللحظة الاهتمام بإفراد قانون خاص لتنظيم الصحافة الإلكترونية والتأكيد على وضع أسسه ومبادئه العامة في الدستور، وفيما بعد تم التنظيم القانوني العادي للإعلام مع إفراد باب ضمن هذا القانون خاص بالإعلام الإلكتروني.

هكذا يمكن اعتبار بداية الألفية الثالثة لحظة جوهرية في عمقها تنامى الاهتمام بتقنين فضاء الشبكة العنكبوتية على الصعيد العربي، وتمَّ الانكباب على ما قد يُرتكب بواسطة آليات تكنولوجيات الإعلام الحديثة كدعامة إعلامية، كما هو شأن الصحافة الورقية، والصحافة السمعية البصرية، فانحصر اهتمام المشرِّع بها، وعلى ما قد تلحقه عند الاستخدام السيئ لها من أضرار فحمَّلها مسؤولية ما قد يصيب الأفراد، والهيئات والدولة وسائر المؤسسات. من أجل ذلك وضعت قوانين انصرف اهتمامها ليس إلى تنظيم مهنة الإعلام الإلكتروني، مثلًا، كيف تنشأ المقاولات الإعلامية الإلكترونية؟، لمن يُقدَّم التصريح؟ أو طلب الترخيص حسب الحالات؟ من هو الصحفي الإلكتروني؟(21) كيف يتم تصحيح الخبر الكاذب والعاري من الصحة في الصحافة الإلكترونية: هل ينطبق عليه ما ينطبق على الصحافة الورقية أم أن هناك اختلافًا في أحكام الدعامتين؟

إن القوانين المتعددة التي وُضعت في الألفية الثالثة، الخاصة بتنظيم الإنترنت في سائر الدول العربية، انصب اهتمامها على الاستخدامات السيئة لمواقع التواصل الاجتماعي في مجال الإرهاب، والدعارة، والدعوة إلى الكراهية، والتمييز العنصري والديني والإثني، والحث على الحروب، والإشادة بها، وتخريب المواقع، وسرقة محتوياتها، أو الدخول إليها لإحداث تغييرات فيها، كما اهتمت أكثر بدعارة الأطفال، والمساس بالنظام العام...إلخ(22).

إن القضايا المشار إليها تؤسس لظهور قانون دولي للإنترنت، كما تؤسس لظهور قانون عربي لتنظيم هذا الوحش الإلكتروني، فكيف تم ذلك؟

2.1. الصحافة الرقمية العربية بين القانون الدولي والقانون العربي للإنترنت 

لا شك أن هناك اهتمامًا بقضايا الصحافة الإلكترونية، وبالإنترنت باعتباره آلية من آليات تيسير تداول المعلومات، ونقلها بسرعة لا نظير لها، فالإنترنت صار في قلب العملية الاتصالية، ومن ثمة فالقانون المنظِّم لحرية الأفراد في الإعلام يهم الإنترنت كما يهم كافة وسائل الإعلام المتعدد الوسائط (الملتيميديا). وباعتبار الإنترنت الوسيط الإعلامي والاتصالي الأول في عالم اليوم، فهو يتميز بخاصية، حرية تداول وترويج المعلومات على الشبكة العنكبوتية التي لا تعترف بالحدود الجغرافية، التي تفصل بين الكيانات السياسية، ولا تعترف بالسيادات، وبالتالي تتجاهل قيود المادة والمكان والزمان. وباعتبار هذا الأخير وسيلة اتصال وإعلام، فهو يدخل ضمن الفضاءات المشمولة بحرية النشر وترويج المعلومة التي يتم تداولها على الشبكة العنكبوتية، فيبقى حتمًا خاضعًا لقانون الصحافة والنشر(23).

ويتضمن الإنترنت عددًا من الوسائل المختلفة لتنظيم المعلومات، ونقلها وتيسير الوصول إليها، وذاك ما يجعله متميزًا عن الوسائل الاتصالية والإعلامية الأخرى، المطبوعة منها أو السمعية البصرية. قد تكتفي بعض المواقع بمدِّنا بالمعلومات النصية فقط، مرتبة وفقًا لقوائم محددة، بينما تمدنا الشبكة العنكبوتية (الويب)، بأنواع وأنماط من البيانات، التي تحتوي على النصوص، والصوت، والفيديو، والاتصال التفاعلي(24).

تطور الإنترنت وتأثيره على الصحافة الإلكترونية العربية

هذا التطور حتَّم على المشرِّع الدولي كما الإقليمي وضع تقنين دولي لتكنولوجيا الإعلام الحديثة، التي يعتبر الإنترنت مكونها الأساسي. لقد ظهرت الإرهاصات الأولى لهذا التقنين منذ سنة 1968 في المؤتمر الأول لحقوق الإنسان الذي عقدته الأمم المتحدة بطهران. لكن ما تجدر الإشارة إليه هو أن فكرة تنظيم الإنترنت طُرحت في مؤتمرين مباشرة بعدما قُدِّم "مشروع آل غور" حول الطرق السيارة للمعلومات في سنة 1992. كان المؤتمر الأول في سنة 1994 بسنتياغو بتشيلي، والثاني في 1996(25). إذا كانت الدول المتقدمة عمومًا قد تبنَّت سياسة عامة دولية للتعامل مع شبكة الإنترنت، فإنه في خضم التطورات التي عرفتها تكنولوجيات الإعلام في هذه الدول، عقدت الدول الصناعية الكبرى المؤتمر الوزاري لمجتمع المعلومات الذي حثَّ على: 

- تشجيع الاستثمار الخاص وتنظيم المنافسة في هذا المجال. 

- تحديد إطار عملي تنظيمي من أجل ضبط مجالات الإنترنت ـ

- إتاحة الوصول المفتوح إلى الشبكات للجميع. 

- تحقيق المساواة بشأن فرص التعددية في المحتوى. 

كانت تلك الإرهاصات الأولى للتنظيم القانوني الدولي للإنترنت، وهو تنظيم خجول غير واضح متردد ومتخوف من مآل خروج هذه التكنولوجيا من الاستخدام العسكري والأمني إلى الاستخدام المدني، وفي هذا المعنى يمكن أن نلاحظ ما يلي:

- إن توصيات المؤتمر المشار إليه لم تهتم إلا لمامًا بحرية التعبير، بل كانت متخوفة من التشديد عليها؛ إذ لم يتم التعرض إليها إلا بعبارات غير واضحة وغير محددة في توصياته، وقد تسبب ذلك في خيبة أمل لدى منظمات حقوق الإنسان التي كانت تضغط على أن يكون هناك تأكيد على حرية الرأي والتعبير، لكن الهدف النهائي للمؤتمر هو الاهتمام بتعددية المحتوى التي لا يمكن إنجازها إلا عبر الدفاع على تشجيع نشر التعبير الحر في كل أنحاء العالم(26). في هذا المؤتمر شدَّد آل غور، نائب الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون، أمام المؤتمرين على "... كون الاتصال العالمي بصدد حماية حرية التعبير، وتوسيعها لكي يستفيد منها كل المواطنين عبر العالم، مع تمكين الأفراد من خلق المعلومات التي يحتاجونها، أو يرغبون فيها من خلال الفيض الهائل من البيانات التي يتلقونها لحظة بلحظة"(27).

- لقد كان آل غور صاحب الطرق السيارة للإنترنت هو عمليًّا من عبَّد الطريق أمام التقنين الدولي للاتصال الإلكتروني، مع ظهور قواعد قانونية تُؤَطِّر هذا الفضاء انطلاقًا من مشروعه الذي أطلقه في بداية التسعينات، والذي حتَّم أمر هذا التقنين. فإذا كان الإنترنت مجالًا خصبًا لحرية التعبير ولسيادتها، فإن ما قد يُرتكب من سلوكات ومن خروقات لمبادئ هذه الحرية استلزم محاولة تقنين هذه الحرية على الإنترنت(28). غير أن عدم نجاعة ذلك، دفع بالدول إلى اتباع تقنيات أخرى لكي تقي نفسها مخاطر هذا الوحش الإلكتروني، فلجأت إلى تقنيات ترشيح المحتوى علَّها تقلل من غلوِّ تعسف هذه الوسيلة الإعلامية الخطيرة، لكن مكمن الخطورة هنا في عدم تواؤم الترشيح مع مبادئ حرية التعبير التي تتمتع بحماية دستورية في مختلف الدول. 

- كان للانفجار الإعلامي الذي لعبت فيه الشبكة العنكبوتية العالمية دورًا كبيرًا أن دفع بالدول في المؤتمرات الدولية أو الإقليمية إلى المطالبة بوضع قيود على مضمون الإعلام الإلكتروني اقتداء بما فعلته مع الإعلام المكتوب منذ القرن 17 و18(29) حتى اليوم. دافعت الدول في وقت ما -ولا تزال- عن تنظيم الرسائل الإعلامية في جل الدول بقوانين في مجملها موروثة عن الصحافة الورقية، أو السمعية البصرية، فعملت على محاولة تمديدها لتطبق على الصحافة الإلكترونية، وهي إذ تفعل ذلك تتذرع بحماية المواطنين من الأفكار الهدامة، أو بحماية أمن الدولة، أو حماية النظام العام، أو الصحة العامة، وما يليها من عبارات فضفاضة ومفاهيم غير محددة، استمر استخدامها لفرض القيود على حرية التعبير منذ القرن 17(30)، ونشوء نظام ويستفاليا(31) إلى نشوء النظام العالمي الجديد وحتى اليوم. ويدخل ضمن هذا على مستوى آخر ما هو مدبَّج من قواعد في اتفاقية بودابست 2001 وقبلها التوجيهات الإرشادية التي صدرت عن المجموعة الأوربية، والأمم المتحدة، ومنظمة التنمية والتعاون، ومنظمة التجارة العالمية... إلخ.

- إن الهدف من كل هذه الضوابط أن لا تتغول وسائل الإعلام الإلكتروني عند تذرعها بالحرية المطلقة لتهدم كل القيم والمبادئ، ما يستلزم أن يتدخل القانون الدولي لحماية سلطان إرادة الأفراد، وسلطان إرادة الدول ومعها المجتمعات، لتضع قواعد قانونية جديدة، تساير تطور وسائل الإعلام الإلكتروني(32). كما أن الاجتهاد القضائي الدولي قد يتفاعل مع ما هو موجود من قواعد في وثائق الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، ومحاولة تطويعها لتطبق على الإعلام الإلكتروني، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي تحت مبررات قانونية من أجل منع تغولها فتفرض عليها وعلى كافة وسائل الإعلام الإلكتروني ذات القيود التي تفرضها على الإعلام التقليدي ووسائله(33). وتلجأ إلى ذلك بمبررات حماية الطفولة من الاستغلال الجنسي، كمثال على ذلك ما يتضمنه البروتوكول الاختيار الملحق باتفاقية حقوق الطفل سنة 2001، وحماية الحياة الخصوصية، والحماية من الدعوة إلى التمييز العرقي والإثني والديني، والحماية من الحث على الإرهاب وإذكاء الفتن.

- لعل أدق صورة تعبِّر على تطويع قواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان، والقانون الدولي للإعلام التقليدي لكي تطبق على الإعلام الإلكتروني ما قامت به لجنة حقوق الإنسان باعتبارها جهة مراقبة للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، بإصدار التوصية رقم 34، في تاريخ 12 سبتمبر/أيلول 2011، الخاصة بالمادة 19 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية. وتعتبر هذه التوصية بمثابة خطوة تقدمية في مجال توضيح القوانين الدولية المتعلقة بحرية التعبير وبحق الحصول على المعلومة(34) ولها طبيعة توجيهية بشكل خاص لعدد من القضايا المتعلقة بحرية التعبير على الإنترنت. ومن هنا، فإن حماية التعبير وحريته، تنطبق على الصحافة والإعلام الإلكتروني، كما ينطبق مبدأ الحماية هذا على أشكال التعبير بالطرق الأخرى. من هنا، يجب على الدول الموقِّعة على العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، وضمنها الدول العربية، ضرورة التعامل المرن مع الاختلافات الموجودة بين الطباعة والنشر التقليدي، والنشر على الإنترنت، وأن يكونوا متفهمين في الآن ذاته لنقط الالتقاء والتشابه بين الإعلام التقليدي والإعلام الجديد. من هذا المنطلق، وحيث إن الدول العربية تعتبر جميعها أطرافًا في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، عليها أن تكيِّف وتلائم قوانينها الموضوعة لتنظيم حرية التعبير على الإنترنت، وعلى الوسائل الإلكترونية الأخرى أن تمتثل للمادة 19 كما هي مفسَّرة من قبل لجنة حقوق الإنسان، وتعمل على تطابق قوانينها مع توجهات، وتوصيات العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.

هل يمكن الحديث فعلًا عن قانون دولي للإعلام الإلكتروني؟ يشتمل هذا السؤال على كثير من المحاذير، ويستوجب بعض التريث؛ لأن القانون الدولي للإعلام الإلكتروني لم يكتمل بعد وما زالت قواعده في طور الانتشار من خلال الجهاز الاتفاقي، وأحكام القضاء الدولي، واجتهاد الفقهاء. إن ما هو متوفر من قواعد قانونية حتى الآن هو ما نجده مبثوثًا في قوانين الفضاء السيبراني الدولي، أو في بعض القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة، وهي ما زالت قليلة، أو في اتفاقية بودابست 2001، أو ما صدر من قرارات عن الجمعية للأمم المتحدة، ومن مجلس حقوق الإنسان حول الإساءة إلى الأديان عبر وسائل الإعلام وبالخصوص الإعلام الإلكتروني، ويعتبر القرار الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في أبريل/نيسان 2011 أفصح دليل على ذلك(35).

كما نجد إشارات قوية في البروتوكولات الملحقة ببعض وثائق الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، وعلى الخصوص في البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية حقوق الطفل في سنة 2001، وفيه يتم التأكيد على منع وشجب وتحريم الاستغلال الجنسي للأطفال عبر وسائط الاتصال الإلكترونية بما في ذلك نشر صورهم في أوضاع شاذة، حتى ولو كان ذلك على سبيل المحاكاة(36).

كيف واكبت الدول العربية هذا التطور الذي يجري على الساحة العالمية حول التقنين الدولي للإعلام الإلكتروني؟ وهل يمكن الحديث عن قانون عربي إقليمي للإعلام الإلكتروني على غرار القانون الدولي؟

عناصر من القانون العربي للإعلام الإلكتروني

واكبت الدول العربية بتؤدة وعن كثب التحولات العميقة التي يمر بها القانون الدولي للإعلام التقليدي وقصوره عن تنظيم الإعلام الإلكتروني، كما واكبت النقاشات المتعلقة بضرورة إيجاد قواعد قانونية تنظم تكنولوجيات الإعلام الحديثة. وحيث إن المجموعة العربية قد مسَّها ما مسَّ جل دول العالم من أضرار، ناتجة عن الجرائم والمخالفات المرتكبة بواسطة وسائل الإعلام والاتصال الإلكترونية، وبالخصوص الإنترنت، فإنها قد لجأت إلى وضع قواعد قانونية إقليمية ذات طابع دولي لمحاصرة هذه الجرائم والمخالفات والتعديات، وحصرت ذلك في تقنين أسمته بـ"القانون العربي النموذجي الموحد"(37) في سنة 2004، وأعيد ترديد مضامينه في القوانين العربية الخاصة بمكافحة الجرائم الإلكترونية، كما تجدر الإشارة إلى كيف اهتمت وثيقة البث الإذاعي والتلفزي العربية(38)، الصادر في سنة 2008 عن مؤتمر وزراء الإعلام العرب في وضع بعض أسس قانون عربي للإعلام وفيها إشارات لتنظيم وسائل الإعلام الإلكتروني، وإرساء بعض قواعد القانون العربي للإعلام الإلكتروني، وسوف تتوج هذه الإرهاصات بإصدار أداة اتفاقية جديدة مكملة ومشددة على بعض قواعد هذا القانون وهي اتفاقية "الجريمة الإلكترونية العربية"(39) التي ستكون متأثرة بالتشريعات العربية الداخلية الخاصة بالجرائم الإلكترونية والتي أُشيرَ إلى بعضها سابقًا. شددت هذه القوانين على الجرائم الإلكترونية، وضمنها الجرائم المرتبطة بالإعلام الإلكتروني، في بعض الدول أدرجت ضمن القانون الجنائي التقليدي، وأفردت لها بعض الدول الأخرى إطارًا قانونيًّا خاصًّا بها، وبالاحتفاظ بها كقواعد قانونية مستقلة عن القانون الجنائي.

من هذا المنطلق، يجدر بنا أن نتساءل عن كيف تم الانتقال من قانون الجرائم الإلكترونية إلى وضع قواعد قانونية تنظم الإعلام الإلكتروني، وبالخصوص في ظل التحولات الثورية التي شهدتها بعض الدول العربية -ولا تزال- مع ظهور دساتير جديدة؟ وكيف أن المسار الذي سلكه قانون الجرائم الإلكترونية باعتباره على صلة بالقانون الجنائي، هو نفسه المسار الذي تعرفه علاقة تطور قانون الإعلام الإلكتروني بقانون الإعلام التقليدي؟ بعض الدول أدرجته ضمن التنظيم القانوني الخاص بالصحافة الإلكترونية بينما أجرى بعضها الآخر تعديلات على قانون الإعلام التقليدي لتدمج فيه فصول تهم الصحافة الإلكترونية. لكن كيف تم ذلك؟

جهود تقنين الإعلام الإلكتروني العربي بعد الربيع العربي 

حصلت تطورات مسَّت الإطار القانوني للإعلام والاتصال الإلكتروني أثناء وبعد ثورات الربيع العربي، يعود هذا التطور إلى تنامي تأثير الشبكة العنكبوتية ووسائل التواصل الاجتماعي على الرأي العام العربي، وقد رافق ذلك جدل واسع حول مدى مواكبة البحث العلمي الأكاديمي لاستيعاب تطورات هذا الحقل المعرفي الذي يمر بمرحلة تحولات سريعة. لكن ما يثير الاهتمام والانتباه في هذا الصدد هو حصول نوع من التواطؤ بين الباحثين وبين المشتغلين بالإعلام والمشرِّعين، على الاتفاق على حصر اهتمامهم ليس على الإعلام الإلكتروني بمعناه الأكاديمي العلمي أو المهني، بل فقط على المنتديات، وعلى المدونات كآليات للإعلام الجديد، وتم التركيز على الجانب القانوني لهذه الأدوات التي أصبحت إلى حد ما قديمة ومتجاوَزَة؛ إذ إنها تُعَبِّر عما كان سائدًا في منتصف تسعينات القرن المنصرم وبداية العشرية الأولى من الألفية الثالثة. كان التنظيم القانوني لتكنولوجيات الإعلام مهتمًّا بما قد يُرتكب من جرائم بواسطتها، بينما اليوم هناك حاجة قوية وملحَّة إلى وضع قواعد خاصة بالإعلام الإلكتروني المهني.

إلى أي حد يمكن اعتبار ما جاء في التشريعات العربية المنظمة للجريمة الإلكترونية كبدايات لتنظيم مجال الإعلام الرقمي، وتجاوز فكرة كون هذا الأخير منفلتًا من أي تنظيم، ومن التعرض لأي عقاب، وهو مجال للحرية المطلقة؟

بدأت الدول العربية تنتبه لمخاطر الجريمة المعلوماتية فصارت تُصدر تشريعات لمواجهتها، تم ذلك بعد وحتى قبل صدور القانون العربي النموذجي الموحد سنة 2004، وقبل إبرام الاتفاقية العربية لمواجهة الجريمة الإلكترونية في سنة 2010، واتبعت في ذلك طرقًا مختلفة؛ حيث إن بعضها وضع قانونًا خاصًّا بجرائم تقنيات المعلومات مثل الإمارات العربية في سنة 2006 وقبلها، أصدرت المملكة العربية السعودية قانونًا جديدًا لمكافحة الجرائم الإرهابية، وجرائم التشهير بالآخرين، وجرائم الابتزاز، وإساءة استخدام كاميرات الهواتف المحمولة كالتقاط الصور دون تصريح، وقد دققت العربية السعودية قانونها السابق بقانون آخر يحمل اسم "نظام مكافحة جرائم المعلوماتية السعودي". كما أن دولًا أخرى عربية سعت إلى تنظيم الرقمي وما ينشأ عنه من جرائم، ضمنها المغرب الذي أدخله في إطار القانون الجنائي منذ 2004، وأكمله بإصدار قانون جديد للإعلام والاتصال أدمج فيه تنظيم الإعلام الإلكتروني سنة 2016.

بدأت الدول العربية شيئًا فشيئًا تهتم بتنظيم الإعلام الإلكتروني، وتأطيره بقواعد قانونية مدمجة في قانون الإعلام والاتصال أو بقواعد خاصة بالإعلام الإلكتروني، وقد سارت في هذا الاتجاه جل الدول العربية بعد الربيع العربي 2011.

2. تقنين الصحافة الإلكترونية: نماذج من الدول العربية

يعيش الإعلام العربي بفضل تطور تكنولوجيات الإعلام والاتصال تحولات ناتجة عن التجاذبات التي عرفتها العقود الثلاثة الماضية، والتي كان من أبرز ملامحها ظهور شبكة الإنترنت كأداة اتصال تفاعلية، يسَّرت الوصول إلى المعلومات بسرعة لا نظير لها، وعملت على نشرها وتداولها بصورة لم يسبق لها مثيل في تاريخ الإعلام خلال العصر الحديث، ونظرًا للأهمية متعددة الأبعاد التي أتاحتها شبكة الإنترنت أضحت استخداماتها المختلفة، الإعلامية على الخصوص، تُمثِّل أحد أبرز تطبيقاتها المعاصرة فتسابقت المؤسسات الإعلامية ومعها الأفراد إلى استغلال هذا المورد الاتصالي في نشر وتبادل المعلومات، وهذا ما أدى إلى إفراز أنماط إعلامية جديدة، مشخصة في الصحافة الإلكترونية أو صحافة الإنترنت. وهكذا، انطلاقًا من هذا الواقع، وجب التأكيد أنه على الرغم من كون المشهد الإعلامي العربي لا يعكس نضجًا ملموسًا في هذا المجال، إلا أن هناك ملامح ازدهار للصحافة والإعلام الإلكتروني. ويتجلى ذلك بوضوح من خلال انتشار البوابات الإخبارية والصحف الإلكترونية، والمدونات الإعلامية باللغة العربية، في المغرب ومصر، والإمارات والسعودية والجزائر وتونس....إلخ. يدل هذا على وجود صحافة رقمية حقيقية تنافس بشراسة الصحافة التقليدية، ما استدعى ضرورة طرح قضية التنظيم القانوني للصحافة الرقمية العربية، وكيف تعاملت الدول العربية معه.

ظهرت بعد الربيع العربي جهود معتبرة تضع أسسًا جديدة لتقنين الإعلام الإلكتروني وهي جهود ليست كالتي كانت قائمة فيما مضى. إن القوانين الجديدة هي إما مستقلة وخاصة بالصحافة الإلكترونية، أو قوانين جديدة شاملة للصحافة والنشر عمومًا، مع إيراد تفصيلات وتدقيقات خاصة بالإعلام الإلكتروني، سيظهر هذا التوجه في مختلف الدول العربية بعد 2011 من تونس ومصر، ومن الأردن فالمغرب والجزائر والكويت...إلخ. ففي بعض هذه الدول تمت دَسْتَرَة الإعلام الإلكتروني بالنص عليه في صلب دساتير الموجة الدستورية الجديدة لما بعد الربيع العربي(40)، بينما في بعضها الآخر، تم الاكتفاء بالإشارة إلى حرية التعبير وحرية الإعلام، والحق في الإعلام والوصول إلى المعلومة(41).

وسوف نحاول استعراض نماذج من التشريعات الإعلامية الجديدة، وكيف تناولت الإعلام الإلكتروني على النحو الآتي:

1.2. النظام القانوني للإعلام الإلكتروني في الدول التي مرت بحالة الثورة

نركز في هذا السياق على تجربتي مصر وتونس باعتبار أن البلدين عاشا معًا أحداثًا ثورية قادت إلى تغيير نظام الحكم فيهما، وتم وضع دستور جديد يساير التغيير الثوري الذي مرَّ به هذان البلدان، ولعل النموذجين (التونسي والمصري) كانا بارزين، ففيهما بُذِل الكثير من الجهد والوقت وأيضًا من المحاولات السابقة على النص الدستوري، عبَّدت كلها الطريق أمام مبادرات تقنين الصحافة الإلكترونية.

• التجربة المصرية

إذا نحن دققنا النظر في التجربة المصرية فسنجد أن هناك جهودًا كثيرة قد بُذلت قبل الثورة وبعدها، من أجل التنصيص الدستوري على تقنين الإعلام الإلكتروني، يرجع الفضل فيها إلى ما لعبه الاتحاد العربي للصحافة الإلكترونية منذ مارس/آذار سنة 2010 قبل الثورة. فانطلاقًا من التاريخ المشار إليه شدَّد الاتحاد على وضع ميثاق شرف مهني للعاملين في مجال الإعلام الإلكتروني على الصعيد العربي، وضمنهم الصحفيون الإلكترونيون المصريون، ويمكن أن نضيف إلى ذلك، الجهود والدور الذي لعبته نقابة الصحفيين الإلكترونيين منذ 2011، فإذا كانت هذه الجهود قد ساعدت على ضرورة تنظيم النشر الإلكتروني على مستوى النص الدستوري، فإن بعضها أسهم أيضًا في وضع الأفكار المؤطرة لوضع القانون المنظم للصحافة الإلكترونية، وضمنها مواقع التواصل الاجتماعي التي لعبت دورًا مهمًّا في إنجاح الثورة، وتكثيف الاتصال بين شبابها في مختلف الدول العربية التي عاشت حالة الحراك(42).

ولوحظ كيف عملت مثلًا نقابة الصحفيين الإلكترونيين التي وُلدت من رحم الثورة، على وضع مسودة مشروع قانون عُرض على المجلس العسكري في "مؤتمر الإعلام والتحدي والريادة" الذي انعقد في 8 يونيو/حزيران 2011، وصدرت عنه توصية تشدد على واجب تنظيم مزاولة نشاط النشر الإلكتروني، كما شددت على ضرورة حماية المجتمع من الممارسات الخاطئة، وأكدت على حقوق وواجبات العاملين في مجال النشر الإلكتروني، وعلى ضمان حماية الملكية الفكرية الإلكترونية للأشخاص، وحفظ حق المجتمع. ونظرًا لحصول تطورات سياسية بالخصوص بعد إجراء الانتخابات البرلمانية، تم سحب ذاك القانون من البرلمان من طرف النقابة مخافة إفراغه من محتواه التقدمي بفعل التعديلات التي ستُدخلها عليه الأغلبية البرلمانية (الإخوان المسلمون، والسلفيون). على الرغم من أن الانتخابات التشريعية قد مرَّت بنزاهة، وتم الاحتكام بشكل ديمقراطي إلى صناديق الاقتراع، إلا أنه كان هناك تخوف من أن يتم التضييق على هامش حرية الإعلام الإلكتروني عند عرض مسودة هذا القانون على البرلمان.

تجدر الإشارة إلى كون مسار ما بعد يونيو/حزيران 2013 قد أفسح المجال أمام تطورات جديدة، ومن أهمها: إعادة النظر في الدستور، ومن بين البنود التي طالها التغيير المادة 48 من دستور 2011، وكان الهدف من ذلك وضع أساس دستوري لكي يتم التمييز بين مختلف الدعامات الإعلامية، من سمعي بصري إلى إعلام ورقي، فإعلام إلكتروني، وهكذا، فإن المادة 70 من الدستور الذي تم إقراره في يناير/كانون الثاني 2014 عبر استفتاء شعبي تنص على أن "حرية الصحافة والطباعة والنشر الورقي والمرئي والمسموع والإلكتروني مكفولة للمصريين، من أشخاص طبيعية أو اعتبارية عامة أو خاصة، وحق ملكية وإصدار الصحف، وإنشاء وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، ووسائط الإعلام الرقمي. وتصدر الصحف بمجرد الإخطار على النحو الذي ينظمه القانون. وينظم القانون إجراءات إنشاء وتملك محطات البث الإذاعي والمرئي والصحف الإلكترونية".

يتضح من خلال نص هذه المادة أنها وضعت المبادئ الكبرى التي تحكم تنظيم الإعلام الإلكتروني بما في ذلك مسألة الإخطار عوض الترخيص، وهذا أمر مهم جدًّا في إقرار حرية الإعلام الإلكتروني. وتهدف المادة 70 من الدستور المصري المشار إليها إلى استعراض أنواع الدعامات الإعلامية وتصنيفها، وحصرها وتعدادها من ورقية وسمعية بصرية وإلكترونية، وتؤكد على ضرورة إخراج قانون ينظم إصدار الصحف الإلكترونية وتملكها. 

سوف يكون للنقاش الذي أعقب وضع هذه المادة من دستور 2014 تداعيات على تصورات وتقديرات وحتى تحليلات الأكاديميين والقانونيين ليس داخل مصر فحسب، بل على المستوى العربي عمومًا، وسرعان ما ستكون للتجربة المصرية منذ 2010 بعض التأثير على المشرعين العرب، ويرجع ذلك إلى كون الإعلام الإلكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي تحكمها ذات الإكراهات، وتعترضها نفس الصعوبات والتحديات.

إذا كان ذلك كذلك على المستوى المصري بعد الثورة، فإن هناك تجارب عربية أخرى مشابهة للتجربة المصرية على الأقل من حيث طبيعة الشرط السياسي الذي وُلدت فيه، وهو شرط الثورة، ولعل التجربة التونسية لها دلالتها في هذا المقام.

• التجربة التونسية 

حرَّكت تونس الغضب الثوري العربي بسبب القمع الشرس الذي تجاوز كل الحدود، فكبلت حرية التعبير والإعلام بموجب قانون 1975 وحتى بموجب قانون 1989، فإذا كان الإعلام الإلكتروني ظاهرة جديدة، فهل كان ممكنًا أن يُطرح موضوعه للنقاش عند صياغة الدستور الجديد إثر الثورة، تحت ستار تبنِّي المجلس التأسيسي المنتخب وضع مسودة للدستور مسايرة للتطور التكنولوجي على المستوى القانوني انسجامًا مع مرحلة التحول الديمقراطي، ويكون بذلك ساعيًا إلى تبني قوانين حديثة لحماية حرية التعبير، تأخذ بعين الاعتبار التقنيات المعلوماتية والاتصالات الجديدة، خاصة حرية الإنترنت وحرية الإعلام الإلكتروني(43).

الملاحظ في تونس بعد الثورة أن حرية التعبير بواسطة مختلف الدعامات السمعية البصرية والورقية قد تنامت وتطورت وازدادت ومعها حرية الإنترنت، والإعلام الإلكتروني، ولكن مقابل ذلك ما زالت القواعد القانونية ذات الطابع الزجري التعسفي قائمة في صلب قانون الصحافة والنشر التونسي لسنة 2011.

كان من المفروض أن يتضمن الدستور التونسي الجديد إشارة إلى حرية الإعلام الإلكتروني كما فعل الدستور المصري عند حديثه عن حرية الإعلام، كما كان على القانون الجديد المنظم للإعلام أن يهتم أكثر بالإعلام الإلكتروني، لكنه أغفل ذلك وصار على النهج الذي اتبعه التشريع المغربي لسنة 2002 حيث اكتفى بالإشارة إلى تطبيق ما يحكم الإعلام الورقي، على الإعلام الإلكتروني بشكل غير واضح يحتمل مختلف التأويلات. وعند إشارته إلى الإعلام الإلكتروني في علاقته بالإعلام التقليدي، حاول أن يساوي بينهما فيما يرتكب من جرائم وجنح مشدِّدًا على عبارة "... أو بكل وسيلة إلكترونية".

المعضلة أن القانون لم ينص على كيفية إصدار الجرائد الإلكترونية والجهة التي يُقدَّم لها التصريح، وقد يكون غياب النص القانوني من هذا القبيل سببًا معرقلًا لإصدار الصحف الإلكترونية، على اعتبار أن الجهة المختصة لتلقى التصاريح لم يُشَر إليها في نص القانون. من هنا، يمكن للقضاء أن يرفض تلقي التصريح كما حدث ويحدث في المغرب خلال الفترة الممتدة بين 2002 و2013.

لم يهتم إذن قانون الإعلام التونسي، أي "مجلة الصحافة والطباعة والنشر في 2 نوفمبر/تشرين الثاني 2011"، بالصحافة الإلكترونية إلا لمامًا. من هنا، يكون التنظيم القانوني للإعلام الإلكتروني مشابهًا لتنظيمه في المغرب وفقًا للقانون الصادر في أكتوبر/تشرين الأول 2002، والذي استمر العمل بها صيف 2016.

ينص قانون الصحافة التونسي الجديد في فصله السابع عند حديثه عن الصحفي المحترف على أنه "هو ذاك الذي يشتغل في صحيفة أو مؤسسة أو عدة مؤسسات للإعلام السمعي البصري أو للإعلام الإلكتروني" كما يشير إلى الإعلام الإلكتروني في الباب المتعلق بالجرائم المرتكبة بواسطة الصحافة، أو بأية وسيلة من وسائل النشر التي تشتمل الوسائل الإلكترونية، ففي الفصل 50 وهو مشابه تمامًا للمادة 38 من قانون الإعلام المغربي 2002، من حيث النص على التحريض على ارتكاب الجرائم بواسطة المنشورات أو المطبوعات والمنقوشات أو الإعلانات المعروضة على أنظار العموم، أو بأية وسيلة من وسائل الإعلام السمعي البصري أو الإلكتروني. هناك تطابق مع نص المادة 38 من القانون المغربي الذي حل محله قانون 2016.

كما ترد الإشارة إلى الوسائل الإلكترونية في الفصل 55 عند الحديث عن الجنح ضد الأشخاص "... فحوى العبارات الواردة في الخطب والنداءات والتهديدات أو الكتابات والمطبوعات أو المعلقات أو الرسوم أو الإعلانات أو المنشورات الإلكترونية".

إذا كان قانون الطباعة والنشر قد تناول الإعلام الإلكتروني، بعد الثورة بنوع من الحذر فيجب التأكيد على أن تونس عرفت الإنترنت مند العشرية الأخيرة من القرن المنصرم وأصدرت قوانين لتنظيمه، تيسيرًا لتداول المعلومات. في سنة 1997، صدر الأمر 501 بتاريخ 14 مارس/آذار 1997 المتعلق بالخدمات ذات القيمة المضافة للاتصالات، يؤكد فصله الأول على: "... إنتاج وتقديم وتوزيع وإيواء المعلومات في إطار وضع واستغلال الخدمات ذات القيمة المضافة للاتصالات مع الخضوع لقانون الصحافة وللقانون المتعلق بالملكية الأدبية"(44)، وتعني هذه الفقرة أن محتوى الشبكة يخضع لقانون الصحافة عدد 32 لسنة 1975 ولجميع النصوص والتنقيحات التي تلته(45).

يحيل هذا القانون على قانون الإعلام والاتصال التونسي من حيث الجرائم والمخالفات التي يتم ارتكابها بواسطة وسائل الإعلام الإلكتروني، مثل التحريض على ارتكاب الجنايات والجنح، كالجنح المرتكبة ضد النظام العام(46)، أو الجنح المرتكبة ضد الأشخاص(47)، أو الجنح المرتكبة ضد رؤساء الدول والدبلوماسيين الأجانب(48)، أو الجنح المتعلقة بالاعتداء على النظام العام وعلى أمن الدولة الداخلي والخارجي. ويتم التشديد على الاعتداءات على النظام العام بواسطة وسائل الإعلام الإلكتروني عند الرجوع إلى المجلة الجزائية(49)، التي تطبق على النشر الإلكتروني عبر الإنترنت وعبر الإنتاج المتعدد الوسائط (الملتيميديا). وهكذا، فإن هذا القانون قد يُطبَّق على مستعملي الإنترنت ومنتجي الملتيميديا إذا استخدموا هذه الوسائل في الاعتداء على النظام العام، والحياة الخصوصية للآخرين، والحث على الكراهية، والدعوة إلى الإرهاب، وإلى العنصرية والإشادة بالحروب وإلى دعارة الأطفال، وعلى العموم كل ما هو منصوص عليه في اتفاقية بودابست لسنة 2001(50)، والبروتوكول الإضافي الملحق بها والمكمل لها، وفيه تمت الإشارة إلى تجريم أعمال التمييز العنصري، وكره الأجانب، والتمييز الديني والعرقي، وجرائم الإبادة ضد الإنسانية(51)، المرتكبة بواسطة أنظمة الحاسوب. ويبدو أن هذه المعاهدة والبروتوكول الملحق بها يشكلان أهم الوثائق الدولية المنظِّمة لجرائم الفضاء السيبراني، وهو ما أثَّر ويؤثِّر على التشريعات الإعلامية للدول العربية، وضمنها التشريع الأردني، وتشريعات كافة الدول العربية التي لم تحدث فيها تغيرات بفعل ثورات الربيع العربي بشكل مباشر، بل بشكل غير مباشر، وضمن هذه المجموعة: الكويت، والمغرب، والجزائر، والأردن.

2.2. تقنين الإعلام الإلكتروني في الدول العربية الأخرى بعد الثورة

• الأردن وتقنين الصحافة الإلكترونية

طالت موجة تقنين الإعلام الإلكتروني مجموعة من الدول المشرقية، وعلى رأسها الأردن، إثر أحداث الربيع العربي، فأدخلت تعديلات على قانون المطبوعات والنشر في سنة 2012. أدمجت هذه التعديلات القانون رقم 8 لسنة 1998، الذي يشار إليه بالقانون الأصلي، فأعطانا قانونًا جديدًا منقحًا، أُدمجت فيه قضايا تنظيم وسائل الإعلام الإلكتروني، لكن هذا التعديل وردت به قيود قانونية، وتشوهات بنيوية، لذلك سجل عليه الفاعلون في الإعلام الإلكتروني عدة مؤاخذات على رأسها أنه وُضع دون استشارتهم أو استشارة من يمثلهم، وأنه وُضع دون مراعاة تكييفه مع القوانين الأخرى الداخلية، وقد خالفت هذه التعديلات بنود الدستور والمعاهدات الدولية، بفرضها مزيدًا من القيود على حرية الإعلام والتعبير عبر الإنترنت(52).

بدأت فكرة هذه التعديلات تتبلور مند أن أصدرت محكمة التمييز قرارًا في سنة 2010، يؤكد على إخضاع المواقع الإلكترونية لقانون المطبوعات والنشر. التقطت الحكومة هذه الإشارة فأصدرت مشروع قانون عرضته على البرلمان، حدَّد وعرَّف المطبوعة الإلكترونية على النحو الآتي: "... هي كل وسيلة نشر دوُّنت فيها المعاني، والكلمات والأفكار بأي طريقة من الطرق بما فيها الوسائل الإلكترونية أو الرقمية أو التقنية"، وعُرِّفت المطبوعة الإلكترونية بأنها "...موقع إلكتروني له عنوان إلكتروني محدد على الشبكة المعلوماتية، يقدم خدمات للنشر، بما فيها الأخبار والتقارير، والتحقيقات، والمقالات، والتعليقات، ويختار التسجيل في سجل خاص ينشأ بموجب تعليمات يصدرها الوزير لهذه الغاية". وقد أضيفت في تعديل 2011 المادة 49 وهي تنص على "لا تستفيد المطبوعة الإلكترونية، ومالكها وناشرها وكاتبها، وصحفيوها والعاملون فيها من مزايا هذا القانون، ما لم تكن مرخصة ومسجلة وفقًا لأحكامه".

ومن المعلوم أن تعديلًا آخر قد أُدخل على هذا القانون، في سنة 2012، أكد على "التسجيل الاختياري" الذي حل محل "الترخيص الإلزامي"، والتشديد على "الحجب" بالنسبة للمواقع الإلكترونية غير المرخصة. ويتضح من هذا أن الحكومة بإمكانها أن تلجأ إلى حجب المواقع الإلكترونية حتى وإن لم يكن هناك حكم قضائي، وهذا يجعلها خصمًا وحكمًا في الآن ذاته. لكن أُدخل تعديل جديد على المادة 49 في سنة 2013 يتعلق بإسناد قرار الحجب إلى القضاء أي أن يتم وفق "مقرر قضائي" فأبقى على حجب المواقع غير المرخص لها.

من محاسن القانون الأردني الجديد أنه جاء بشيء جديد طالما تمت المناداة به على صعيد النظام الإقليمي العربي من طرف مهنيي الإعلام، ويتعلق الأمر بمقتضى إحداث غرف قضائية متخصصة تتولى النظر في قضايا المطبوعات والنشر بشقيها الجزائي (جرائم النشر) والمدني (دعوى التعويض المدني) وهذا الإجراء قد بدأ تطبيقه مؤخرًا في المغرب وذلك بإحداث غرف متخصصة بالبت في قضايا الإعلام(53). تكمن أهمية هذا المقتضى في إسناد البث في أمور الإعلام إلى قضاة متخصصين في شؤون الإعلام، يفهمون ويستوعبون طبيعة العمل الإعلامي ومشكلاته، وصعوباته ويدركون أن احتمالات الخطأ فيه كبيرة.

لقد استخدم القانون الأردني لفظة المطبوعة الإلكترونية في المادة 49، وفي المادة 2 واعتبرتها هذه الأخيرة بكونها "... عبارة عن موقع إلكتروني له عنوان إلكتروني محدد على الشبكة المعلوماتية يقدم خدمات للنشر....". إن هذا التعريف عام ويشمل جميع المواقع الإلكترونية الموجودة على شبكة الإنترنت بغض النظر عن مصدرها، ونوعها وحتى شكلها، ولغتها، وهذا سيجعل هذه المواقع مثل غوغل، ياهو، فايسبوك، يوتيوب... إلخ، وفقًا لهذا القانون وأحكامه ملزمة بالحصول على ترخيص من دائرة المطبوعات والنشر، وهذا أمر يستحيل تطبيقه، بل إن النص إياه غير قابل للتطبيق على أرض الواقع من عدة وجوه، فالقانون وفق للمادة 13 منه يشترط لمنح التراخيص لإصدار المطبوعة أن يتم تسجيلها كشركة وفقًا لأحكام قانون الشركات المطبق في الأردن، وذاك يعني أن جميع المواقع الإلكترونية التي تقدم الأخبار مجبرة على التسجيل كشركة في الأردن وفقًا لأحكام الشركات في القانون الأردني، وهذا غير قابل للتطبيق. ويعتبر هذا القانون أن مكان مشاهدة المواقع الإخبارية الإلكترونية هو مكان طبعها وصدورها، ولم يأخذ بعين الاعتبار من أين تمنح المساحة الافتراضية للموقع الإلكتروني على الإنترنت، وما هي الجهات أو الشركات الدولية التي تملك مساحة على شبكة المعلومات الدولية "الإنترنت" وتمنح تلك المساحة الافتراضية، وكيف يتم ذلك.

هناك إشكال آخر، وقع فيه المشرِّع الأردني وربما جل المشرعين العرب؛ إذ اعتبروا المطبوعة الإلكترونية شخصية اعتبارية مثلها مثل سائر المطبوعات الدورية، مع العلم بأنها ليست كذلك، بل هي إحدى الخدمات التي تقدمها الإنترنت، والإنترنت كما هو معلوم هو عبارة عن شبكة معلومات دولية (فضاء افتراضي) لا يمكن لا تقنيًّا ولا قانونيًّا إخضاعه لقواعد الترخيص في أية دولة في العالم.

إن النص القانوني سواء في الأردن أو في الدول العربية التي حذت حذوه، يعتبر مخالفًا لنص أعلى موجود في الدستور الأردني كما في دساتير كل الدول العربية التي تتمسك بالترخيص، وهو النص الخاص بحرية التعبير، وعلى حرية الإعلام والصحافة، والتي من بين أركانها عدم فرض أية قيود على إنشاء وصدور الجرائد والمواقع الإلكترونية، وممارسة العمل الإعلامي على العموم. إن الترخيص المسبق يعتبر قيدًا على حرية الصحافة وحرية الرأي والتعبير، فالسائد اليوم على المستوى الدولي، هو الاتجاه نحو التصريح والإخطار عوض الترخيص، وذلك تمشيًا مع المادة 19 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الذي صادق عليه الأردن وصار ملتزمًا به. 

كيف تعاملت التشريعات العربية الأخرى بالخصوص: الكويتية والجزائرية والمغربية مع الإعلام الإلكتروني، وإنشاء المواقع الإعلامية الإلكترونية؟ هل أفردت لذلك قانونًا خاصًّا أم أنها أدرجت تنظيم الإعلام الإلكتروني في قانون الإعلام التقليدي؟ 

إذا كانت التجربة التونسية الجديدة في مجال تنظيم الإعلام وتقنينه بصفة عامة ذات أهمية مقارنة بتجربتي 1975 و1989، فإن هناك تجربتين مغاربيتين تجدر الإشارة إليهما، دون تفصيل في محتواهما، وهما تجربتا المغرب والجزائر.

• التجربة المغربية والجزائرية

تعاملت التجربة المغربية مع الإعلام الإلكتروني بحذر كبير باستخدامها لتلك العبارة الخجولة والهزيلة "... أو بكل وسيلة إلكترونية" الواردة في قانون أكتوبر/تشرين الأول 2002، غير أنه اليوم حصل تطور في القانون الجديد للإعلام الذي صدر في شهر أغسطس/آب 2016 بعد أن تمت مناقشته داخل البرلمان؛ حيث إنه بعد مروره عبر عدة قنوات من النقاش المستفيض، وبعد أن استوفى ما يلزم من إجراءات أدمج في صلب هذا القانون الجديد تنظيم الصحافة الإلكترونية، بشكل صريح وواضح، فاعتبرت تبعًا له الصحف الإلكترونية مثلها مثل الصحف الورقية، وبذلك فإن ما ينطبق على النشر الورقي ينطبق على النشر الإلكتروني.

نشأت فكرة إعادة النظر في قانون الإعلام في المغرب مباشرة بعد صدور قانون 2002 الذي رأى فيه الفاعلون الإعلاميون والحقوقيون استمرارًا للتشريع الجنائي للإعلام؛ إذ يكرس العقوبات السالبة للحرية، ولا يهتم بالصحافة الإلكترونية، لذلك توالت المطالب والنداءات من أجل إعادة النظر فيه منذ سنة 2002. لقد لعب الحراك العربي، وحركة 20 فبراير/شباط دورًا أساسيًّا في الرفع من منسوب تلك المطالب، وهكذا في أكتوبر/تشرين الأول 2012، تم تعيين لجنة استشارية علمية مكونة من تسعة خبراء، وضعوا المسودة الأولية لمشروع القانون الجديد، مستحضرين المعايير الدولية لحرية الرأي والتعبير ومبادئ القانون الدولي لحقوق الإنسان وقرارات الأمم المتحدة، وبالخصوص القرار الخاص بإلغاء العقوبات السالبة للحرية في قضايا النشر لسنة 2000 والقرار الخاص بعدم الإساءة إلى الأديان وبالخصوص الديانة الإسلامية لسنة 2011. كما تم استحضار توصيات المناظرة الأولى للإعلام، المنظمة في ربيع 1993 بالرباط، وكل الاتفاقيات التي صادق عليها المغرب ودخل طرفًا فيها، بالإضافة الى أحكام دستور 2011ـ، كما استحضروا اتفاقية الجرائم الإلكترونية لسنة 2001، والبروتوكول الاختياري الملحق بها في سنة 2003، والبروتكول الملحق باتفاقية حقوق الطفل في سنة 2001.كما استحضروا القانون الاسترشادي العربي الموحد لسنة 2004، والاتفاقية العربية للجريمة الإلكترونية لسنة 2010.

أما الجزائر، فبعد إعادة النظر في قانون إعلامها لسنة 1990، وضعت قانونًا جديدًا في 11 يناير/كانون الثاني 2012، ضمَّنته الصحافة الإلكترونية التي لم تعرها أي اهتمام في قانون 1990، وقد وردت الصحافة الإلكترونية في هذا القانون دون تفصيل إذا ما قورنت بمشروع القانون المغربي. خصص القانون الجزائري، الباب الخامس، لوسائل الإعلام الإلكتروني، التي نظمت بموجب الفصول الآتية: 67-68-69-70-71-72.

إذن كان قانون 1990 ينص على تقديم التصريح الخاص بإصدار الجريدة الورقية إلى الجهاز القضائي، أي إلى المحكمة الابتدائية التي يوجد مقر الجريدة تحت ولاية نفوذها القضائي، وهو ذات الأمر المطبق في المغرب منذ 15 نوفمبر/تشرين الثاني 1958 إلى 1973 و2002، وتم التأكيد عليه في القانون الجديد لسنة 2016، لكن الأمر مخالف لذلك في نص القانون الجزائري الجديد لسنة 2012؛ إذ إن هذا الأخير ينص على كون تصريح إصدار الصحيفة الورقية يُقَدَّم إلى سلطة ضبط الصحافة المكتوبة، وهو بدون شك ما يجب أن تخضع له الصحيفة أو الموقع الإخباري الإلكتروني.

• التنظيم القانوني للإعلام الإلكتروني في الكويت

لم تخرج التجربة الكويتية في تنظيمها للصحافة الإلكترونية عن تجربة بقية الدول العربية؛ ففي الكويت أكد القانون المتعلق بالإعلام الموحد على أن من أهدافه دعم وتعزيز الحريات الإعلامية، ووضع قانون يلم شتات القوانين والقرارات الوزارية المبعثرة الخاصة بالمطبوعات، وبالإعلام المسموع والمرئي وبكافة الأنشطة الإعلامية في قانون واحد وموحد، أي في إطار مدونة للإعلام التي تشتمل على قانون المطبوعات والنشر لسنة 2006 وقانون الإعلام المرئي والمسموع لسنة 2007، مضافًا إليه قانون الإعلام الإلكتروني، من قنوات إلكترونية ومواقع، ووكالات للأنباء.

لقد تضمن هذا القانون عقوبات بالحبس في حال المساس بالذات الإلهية أو القرآن الكريم، أو الأنبياء والرسل، أو الصحافة، أو زوجات الرسول، وآل البيت، كما منع التعرض لشخص أمير البلاد وولي العهد، أو نسب أقوال وأفعال لهما بغير إذن مكتوب من الديوان الأميري، أو ديوان ولي العهد، ورتب على ذلك غرامات مالية لا تقل عن 50 ألف دينار ولا تزيد على 300 ألف دينار كويتي، وتعرَّض ذات القانون إلى منع تحقير الأديان أو الإساءة إليها، كما منع المساس بالحياة الخاصة للموظف العام أو المكلف بخدمة عامة، أو نسب أقوال وأفعال عارية من الصحة له، أو تنطوي على تجريح لشخصه، أو الإساءة إليه.

وأعطى هذا القانون وزارة الإعلام صلاحية الإغلاق الإداري لمعظم الأنشطة الإعلامية، كما أعطاها صلاحية وقف أو حجب أي محتوى أو برنامج، وتضمن الفصل 9 منه "الإعلام الإلكتروني وضوابط استخدام وسائل الاتصال الاجتماعي"، وبموجبه يصبح من الواجب الحصول على ترخيص مسبق لإنشاء أي موقع إعلامي إلكتروني أو أي دعاية أو إعلان إلكتروني، مع اشتراط تعيين مدير كويتي يكون مسؤولًا عن المحتوى.

وُجِّهت انتقادات كثيرة لهذا القانون باعتباره يخالف مقتضيات المادة 37 من الدستور الكويتي التي تؤكد على حرية الطباعة والنشر. كما يتعارض مع المادة 18 و36 من الدستور، بل إن قانون الإعلام الإلكتروني في صيغته هذه يؤشر على تراجع الحريات، وعلى التناقض الواضح مع المعايير الدولية لحرية الإعلام، وهو في النهاية مكمم للأفواه، ومتناقض مع الدستور، ثم إنه يتعارض مع حرية فضاء الإنترنت بتأكيده على تكاليف باهظة لاستصدار تراخيص إنشاء المواقع الإلكترونية.

إن القانون إياه لم ينص صراحة على كونه يشتمل على المدونات الشخصية التي قد تتضمن أخبارًا، ومقالات شخصية لصاحب المدونة، أو مقالات ينقلها عن غيره، لكن مع ذلك فإنه في باب التعاريف يشير بوضوح للمدونات، ففي المادة 1 يعرف كلًّا من النشر الإلكتروني، والموقع الإلكتروني ... ويبدو من خلال هذا النص أن المدونات الشخصية مشمولة بأحكام هذا القانون، وهذا فيه تعارض مع الدستور، ومع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وكل مواثيق الشرعة الدولية لحقوق الإنسان التي تؤكد على حرية الرأي والتعبير. إن حرية التعبير وفقًا لهذه الوثائق مكفولة للأفراد ولا يجوز أن يفرض على أي فرد أن يستأذن الحكومة قبل أن يصدر مدونته الشخصية وإن تضمنت أخبارًا ومقالات لغيره.

وترمي المادة 7 من ذات القانون المسؤولية على كاهل المسؤول عن الموقع الإلكتروني حول كل ما ينشر في هذا الموقع. أليس من الأجدر بالقانون أن يرمي هذه المسؤولية على صاحب المقال أو الجهة التي صدر عنها البيان؛ إذ كيف يمكن أن يتحمل صاحب الموقع مسؤولية المخالفة، وهي لم تصدر عنه بل صدرت عن الغير؟ ثم إن المادة 17 من قانون الإعلام الالكتروني تساوي بين الإعلام الإلكتروني والإعلام المطبوع حين تجعل المحظور واحدًا في الحالتين رغم الاختلاف الكبير بينهما، من حيث طرق تناول المواضيع وصياغتها، أليس في ذلك ما من شأنه إلغاء قدرة الإعلام الإلكتروني على التأثير اللحظي؟ يتضح من خلال ما جاء به المشرع الكويتي من قواعد ومبادئ لتنظيم الصحافة الإلكترونية مدى تأثره بالتطور الذي عرفته هذه الصحافة بصورة عامة على الصعيد العربي، فالتشريع الكويتي -كما بقية التشريعات العربية الأخرى ذات الصلة بالإعلام الإلكتروني- تتأثر بشروط تطور تكنولوجيات الإعلام الحديثة، وتتأثر في الآن ذاته بواقع التحولات التي عرفها النظام العربي بعد الربيع العربي.

لكن هل يمكن اعتبار الذي يستخدم شبكات التواصل الاجتماعي ينطبق عليه ما ينطبق على الناشر في مجال الإعلام التقليدي؟ من المعلوم أن الناشر الإلكتروني هو الشخص الذي يقوم بصياغة المعلومات وتحريرها أو نشرها وإعادة نشرها، أو وضعها على شبكة الإنترنت، أو مواقع التواصل الاجتماعي. وهو بهذا قد يكون مدير تحرير الموقع، أي الذي أنشأ صفحة الويب، وقد يكون شخصًا آخر قام بنشر المحتوى على الموقع، أو كتب تعليقًا أو نشر نصًّا، أو رسالة، أو مقطع فيديو.

فبالرجوع مثلًا إلى بعض القوانين العربية المنظمة للإعلام الإلكتروني مثل اللائحة التنفيذية الخاصة بالنشر الإلكتروني في السعودية، نجد المادة الأولى منها عند تناولها لموضوع النشر الإلكتروني قد عرَّفته على النحو الآتي: "استخدام وسائل التقنية الحديثة في بث، أو إرسال أو استقبال، أو نقل المعلومات المكتوبة، والمرئية، والمسموعة، سواء كانت نصوصًا، أو مشاهد، أو أصواتًا أو صورًا ثابتة، أو متحركة، لغرض التداول".

ونصت المادة الثانية من اللائحة التنفيذية على أشكال النشر الإلكتروني، ومنها المواقع الشخصية، بينما اعتبر مضمون المادة الثالثة منها النشاط الإلكتروني خاضعًا لنظام المطبوعات. وعلى العموم يجب التأكيد على أن مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر، هي من أشكال النشر الإلكتروني، وتخضع لنظام المطبوعات والنشر ولأحكام اللائحة التنفيذية، ويعامل مسيء استخدامها مثل ما يعامل من يسيء استخدام وسائل الإعلام المقروءة والسمعية البصرية.

وهكذا، فإن نشر المعلومات على مواقع التواصل الاجتماعي يخضع لذات القواعد القانونية التي تطبق على النشر التقليدي، فالناشر في المجال الورقي أو السمعي البصري، هو المالك لسلطة القرار، من ثمة هو المسؤول عما ينشر، وهذا نفسه ما يطبق على الإنترنت ما دام أن النشر على الدعامات الإلكترونية يخضع للرقابة المشابهة لتلك المطبقة على الدعامات الورقية والسمعية البصرية.

ففي العالم الافتراضي، كما في العالم المادي الحقيقي يعتبر مؤلف ومنشئ المحتوى غير المشروع هو دائمًا المسؤول. لكن في حال القوانين العربية، فإن الأشخاص الذين يحوزون المحتوى غير المشروع، وغير المنشأ من قبلهم، يمكن اعتبارهم أيضًا مسؤولين، فمثلًا في هذه الدول من غير القانوني حيازة مواد إباحية للأطفال. وفي وسائل الإعلام التقليدية، كالصحيفة الورقية أو القناة التليفزيونية، فإن كلًّا من مؤلف المحتوى والناشر يعتبران مسؤولين، لأن الناشر يمارس رقابة تحريرية على المحتوى وتطبق هذه المبادئ على الإنترنت.

خلاصة

يستخلص مما سلف أن النظام القانوني للصحافة العربية الإلكترونية مرتبط بتطور النظام القانوني للإعلام الإلكتروني على المستوى الدولي، وهو بهذا المعنى شديد الصلة بمختلف منعرجات الشروط السياسية التي مرت بها المنطقة العربية في علاقتها مع تطور وسائل الإعلام الإلكترونية، ووسائل الإعلام بصفة عامة. طرحت هذه الدراسة ملابسات تقنينها مع تبيان العلاقة الرابطة بين الإعلام الإلكتروني والإعلام السمعي البصري، والإعلام المكتوب. وطرحت من بين ما طرحت بنوع من التأكيد مسألة وجود توجهين داخل الدول العربية، بينهما بعض من التمايز في شأن تنظيم الإعلام الإلكتروني: 

التوجه الأول: وهو التوجه الغالب، والأكثر انتشارًا، ويسعى إلى إدراج هذه الصحافة من حيث التقنين والضبط في خانة الصحافة التقليدية، فطبَّق عليها ما هو مطبَّق على هذه الأخيرة وبالخصوص الصحافة المكتوبة.

التوجه الثاني: وقد سارت فيه أقلية قليلة من الدول؛ حيث أفردت لهذه الصحافة قانونًا خاصًّا، كما أن هناك من الدول داخل التوجه الأول من يسعى إلى تأكيد الصحافة الإلكترونية في نص دستورها، وتجدر الإشارة هنا إلى دولتين مرَّتا بحالة الثورة، وهما: تونس ومصر.

لم تقف الدراسة عند حدود تناول القانون الوطني الداخلي المنظم للصحافة الإلكترونية العربية، بل سعت كذلك إلى البحث في أسس وعناصر قانون الإنترنت باعتباره من مشمولات هذه الأخيرة، وشددت على بعض مظاهر هذا القانون وعلى عناصره، معتمدة على عدة وثائق عربية، أهمها: القانون العربي الاتحادي النموذجي 2004 الصادر عن جامعة الدول العربية والاتفاقية العربية لمكافحة الجرائم الإلكترونية بالإضافة إلى وثيقة البث الإذاعي والتلفزي الصادرة عن مجلس وزراء الإعلام العرب سنة 2008.

وعلى العموم، فإن الدراسة أظهرت كيف حصل تطور في التعامل قانونيًّا مع الصحافة الإلكترونية العربية، انطلاقًا من التنظيم الخجول لها، إلى التنظيم الكامل والشامل، مع التأكيد على اعتبارها، مثلها مثل الصحافة التقليدية. ومن ثمة أكدت على ما يلي:

1. لفهم عمق قواعد قانون الإعلام الإلكتروني يجب البحث عن حقيقة هذه القواعد وهدفها، وعن معانيها ومقاصدها، ليس في متن النص القانوني المنظم لها بل في المحيط السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي في رحمه نشأت هذه القواعد. ومن ثم يجب الرجوع إلى البيئة التي نشأت فيها وإلى الشرط السياسي الذي في رحمه وُضعت من أجل استيعاب مراميها.

2. صعوبة المواكبة التشريعية لتطورات تكنولوجية الإعلام الحديثة؛ ذلك أن هذه الأخيرة تعرف تطورًا سريعًا، في حين أن المواكبة التشريعية لها ضعيفة جدًّا بسبب بطء مسطرة صياغة القانون، وتعقد المراحل التي يمر بها، والقنوات التي يعبرها. يضاف إلى ذلك ما يعتري العملية التشريعية من تعثر وتَرَهُّل، بينما تعرف هذه التكنولوجيات تطورًا سريعًا يناظر سرعة البرق.

3. هناك اليوم ضرورة إلى وضع مدونة إقليمية عربية خاصة بالإعلام الإلكتروني تهتدي بها الدول عند وضعها لقوانين إعلامها الإلكتروني الداخلي، ما يفرض فصل الإعلام الإلكتروني عن الإعلام والنشر الورقي، خاصة أن بين الإعلامين اختلافًا كبيرًا كما أن بينهما وبين الإعلام السمعي البصري اختلافًا كذلك، ولكن مع ذلك فإن هذا الأخير يشتمل في الآن نفسه على الثلاثة معًا، فهو من جهة ينطبق عليه ما ينطبق على الإعلام الورقي من حيث النشر، ومن جهة ثانية ما ينطبق على الإعلام السمعي البصري لاشتماله على الصوت والصورة والكتابة.

إن التشريع في حقل الإعلام الإلكتروني، وفي مجال الإعلام بصفة عامة ينبغي أن ينكب على فكرة التنظيم، وأن لا يسرف في النص على العقوبات؛ لأن الدولة في نهاية الأمر هي سلطة منظِّمة، وليست سلطة زاجرة. وعلى العموم، فإنها -أي الدولة- تشرِّع وفقًا لسلطتها على إقليمها، ولا يجوز لها أن تمد تشريعها لمواقع ليست ملكًا لها، كما هي الحال فيما يخص المواقع الإلكترونية، إن هذه المواقع تبعًا لاتفاقية التجارة العالمية ليست ملكًا للدولة حتى تمنع الناس من إنشاء حساباتهم فيها، لكن في المقابل قد يمكن للدولة أن تجرم المحتوى الإلكتروني مثلًا، إن كان يتضمن ما قد يعتبر جريمة جنائية. وعليه، فإن منع إنشاء المواقع والحسابات وربط ذلك بضرورة الحصول على ترخيص، فيه تجاوز لسلطات الدول الأخرى، على اعتبار أن شبكة الإنترنت ليست ملكًا لدولة بعينها.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*د. علي كريمي، أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بالدار البيضاء جامعة الحسن الثاني.

ABOUT THE AUTHOR

References

(1) Ambalard, P. Régulation de l’internet: l’élaboration des Règles de Conduite par le Dialogue Internormatif, (Bruylant, Bruxelles, 2004), p. 130.

(2)  Mathieu, M. Evolution de l’économie libérale et liberté d’expression, (Bruylant, Bruxelles, 2007), p. 210.

(3)  أبو عيسى، فاروق، "الاتجاهات الدولية الحديثة في حرية الإعلام وحقوق الإنسان"، دراسات إعلامية، العدد 73، أكتوبر/تشرين الأول 1993، ص 75.

(4)  كريمي، علي، قانون الإعلام والاتصال في ظل المتغيرات الدولية، مداخلة في: ورشة تكوينية نظمتها الإيسيسكو في مدينة نواكشوط بموريتانيا، نوفمبر/تشرين الثاني 2009.

(5) Polymenopoulou, Elino, Liberté de l’art face à la protection des croyances religieux, Thèse de doctorat, Faculté de droit Grenoble, 2006.

(6)  Robitaille, A. Froidure: Liberté d’expression face au racisme: Etude de droit comparé franco-américain, (l’harmathan, Paris, 2011), p. 73-80.

(7)  ELShazly, Yassin, “les droits de l’homme a l’épreuve de l’internet: Essai sur la diffusion du modèle européen du procès equitable à la politique uniforme de résolution des litiges relatifs aux noms de domaine “UDRP”, Mémoire de Master, (Faculté de droit et de science politique, 2006-2007), p. 17-18.

(8)  انظر المادة 38 من القانون المغربي الخاص بالطباعة والنشر الصادر في 3 أكتوبر/تشرين الأول 2002. رقم 77.00، منشور في الجريدة الرسمية عدد 5075 بتاريخ 20 يناير/كانون الثاني 2003.

(9)  القانون الجزائري لسنة 2012 الذي أفرد بابًا خاصًّا بالإعلام الإلكتروني وهو الباب الخامس من القانون العضوي رقم 12-05، الصادر في 12 يناير/كانون الثاني 2012، بالجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية العدد 2 بتاريخ 15 يناير/كانون الثاني 2012.

وكذلك مشروع قانون الإعلام المغربي الجديد منشور بموقع وزارة الاتصال.

(10)  في السعودية هناك اللائحة التنفيذية الخاصة بالإعلام الالكتروني صدرت في عام 2011 عن وزارة الثقافة والإعلام السعودية تهم مشروع الإعلام الإلكتروني وتتكون من 20 مادة، وفي الدستور المصري لسنة 2014 أشارت المادة 70 إلى الإعلام الإلكتروني.

(11)  اللبان درويش، شريف، الإنترنت: التشريعات والأخلاقيات، (دار العالم العربي، القاهرة، 2010)، ص 149-157.

(12)  Bertrand, A. Droit a la vie privée et droits a l’image, (Litec, Paris, 1999), p. 14-22.

(13)  عبد الكريم عبد الله، عبد الله، جرائم المعلوماتية والإنترنيت "الجرائم الإلكترونية"، (منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2007)، ص 124-136.

وتسمى هذه المعاهدة بمعاهدة المجلس الأوروبي، رقم 185، حول جرائم الفضاء السيبراني أو معاهدة بودابست بتاريخ 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2001.

(14)  التوجيه الإرشادي رقم: 95/46/EC الصادر عن البرلمان والمجلس الأوروبي بتاريخ 24 أكتوبر/تشرين الأول 1995، كما أن هناك توجيهًا آخر رقم: 2002/58/EC الصادر عن البرلمان الأوروبي بتاريخ 12 يوليو/تموز 2002.

(15)  أنطونيو أيوب، بولين، الحماية القانونية للحياة الشخصية في مجال المعلوماتية: دراسة مقارنة، (منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2009)، ص 304-308.          

(16) Guerrier, C. Monguet, M-C. Droit et sécurité des télécommunications, (Springer, 2000), p.151.

(17)  Chatillon, G. le droit international de l’internet, (Bruylant, Bruxelles, 2002), p.158.

(18)  بيومي حجازي، عبد الفتاح، مكافحة جرائم الكمبيوتر والإنترنت في القانون النموذجي العربي الموحَّد، (منشأة المعارف، الإسكندرية، 2009)، ص 24-25.

(19)  كريمي، علي، قوانين الإعلام المكتوب في دول المغرب العربي: الواقع والتحديات، (منشورات الإيسيسكو 2011).

(20)  قانون الصحافة والنشر المصري لسنة 1996.

(21)  ضمنها الحياة اللندنية، وصحيفة الصباح المغربية، وتلاهما جُلُّ الصحف الورقية سواء منها الصادرة باللغة العربية أو بلغة أجنبية.

(22)  Chabriere, karénne, Le statut et le régime juridique applicable au cyber journaliste, D.E.S.S, de droit de multimédias et de l’informatique, (Université Panthéon, Paris II, 2002-2003), p. 3.

(23)  Frank, R. L’Enfant et les conventions internationals, (PUF deLyon 1996), p.120-123.

(24)  Bouffous,Youssef, la presse électronique au Maroc: Un rêve virtuel”, La tribune, 22/28 Juillet 2004.

انظر كذلك:

Eduvard, Lilian, Réglementation de la liberté de l’expression les rôles de la loi et de l’état, dans l’ouvrage collectif, liberté d’expression et nouvelle technologies, (Arabicom, 1998), p. 128.

(25)  الجموسي، جوهر،مدخل إلى قانون الإنترنت والملتيميديا، (الشركة التونسية للنشر وتنمية فنون الرسم، تونس 2010)، ص 133-134.

(26)  Mathieu, M. Evolution de l’économie libérale, et liberté d’expression Bruyant, (Bruxelle, 2007), p. 214.

(27) Ibid, p. 211.

(28)  Ibid, p. 212.

(29)  Zoller, E. la liberté d’expression aux états unis et en Europe, (Dalloz, 2008), p. 24.

(30)  هذه القيود نجدها منذ 1646 لدى الشاعر الإنجليزي "جون ميلتون" وهي تقريبًا ذات القيود التي سترد في القوانين الداخلية، وفي الإعلانات الثورية، وفي قواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان.

(31)  نظام وستفاليا سنة 1648، هو أول نظام دولي مبني على مفهوم السيادة، بعد معاهدة وستفاليا التي وضعت نهاية للحروب الدينية في أوروبا.

(32)  البقاعي، نتالي، مؤتمر عالمي بمكتبة الإسكندرية يناقش إشكاليات الموسوعات الإلكترونية المفتوحة، الحياة، 3 أغسطس/آب 2008.

(33)  راجع: كريمي، علي، المضامين الإعلامية العربية حول الإسلام في ضوء القانون الدولي، (منشورات الإيسيسكو، الرباط، 2016)، ص 100.كذلك راجع نص التوصية:

Résolution 7/9 adopté le 17 Mars 2008 lors de la 40eme session du Projet d’observation N° 34 article 19 du (PIDCP) du 25 Novembre 2010.

(34)  كريمي، المضامين الإعلامية العربية حول الإسلام في ضوء القانون الدولي، مرجع سابق، ص 100-101.

(35)   انظر البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية حقوق الطفل سنة 2000 وبالخصوص المادة 2 منه والمادة 3 ولمزيد من التفصيل بهذا الشأن راجع:

Frank, R. l’enfant et les conventions internationales, (PUF, de Lyon, 1996), p. 120.

كذلك أبو خوات، ماهر جميل، الحماية الدولية لحقوق الطفل، (دار النهضة العربية، القاهرة، 2005)، ص 253.

(36)  بيومي حجازي، مكافحة جرائم الكمبيوتر والإنترنت في القانون النموذجي العربي الموحَّد، مرجع سابق، ص 761-771.

(37)  العامري، فاضل طلال، حرية الإعلام في الوطن العربي في ظل غياب الديمقراطية، (هلا، القاهرة، 2011) ص 119-131.

(38)  الاتفاقية العربية لمكافحة جرائم تقنية المعلومات، صدرت عن جامعة الدول العربية بتاريخ 21 ديسمبر/كانون الأول 2010.

(39)  نموذج الدستور المصري لسنة 2014 وخاصة المادة 70 منه.

(40)  نماذج: الدستور المغربي لسنة 2011 والدستور الجزائري والدستور التونسي...إلخ.

(41)  Canavagio, P., Balafrej, A. Vers un droit d’accès à l’information public au Maroc, (UNESCO, 2011), p. 17-133.

(42) Lanuel, Typhaine ; Simon, Zoé; payet, Mathieu, Approche de droit comparé sur les réseaux sociaux. Rapport pour la table ronde, quels droits pour les réseaux sociaux", Faculté de droit- AïxMarseille 20 février 2014, p. 9-40.

(43)  الجموسي، جوهر، مدخل إلى قانون الإنترنت والملتيميديا، (الشركة التونسية للنشر وتنمية فنون الرسم، تونس، 2010)، ص 138-143.

(44)  المرجع السابق، ص 139-140.

(45)  المرجع السابق، ص 149.

(46)  المرجع السابق، ص 150.

(47)  luc Lusseault, Pierre, Protection de la vie privée et médias sociaux à l’ère des megadonnées, Rapport pour la 41eme législature, premier session, Avril 2013, p. 43-48.

(48)  Ibid, p. 24-29.

Bonnard, H. la répression de la cybercriminalité, JCP cahiers de droit de l’entreprise, 2002, p. 35.

(49)  ELShazly, les droits de l’homme a l’épreuve de l’internet,op, cit, p. 23-28.

(50)  زيادة، سوسن، ترخيص المواقع الإخبارية، قيود قانونية وتشوهات بنيوية، موقع حبر، (3 نوفمبر/تشرين الثاني 2014، (تاريخ الدخول: 5 أبريل/نيسان 2018):

https://bit.ly/2qScDRt

(51) هناك غرفتان في محكمتين، هما: المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء، وغرفة في المحكمة الابتدائية بالرباط، كان مطلب إحداث الغرف للبث في قضايا الإعلام مطروحًا منذ وقت طويل من قبل الفاعلين الحقوقيين والإعلاميين.

(52) Echerki, latifa, le statut de la presse écrite: contraintes légales et structurelles et tentatives de réforme, Mémoire de fin d’étude ISIC, 2007-2008, p. 52.

(53)  " قانون الإعلام الإلكتروني الجديد"، كاظمة، بدون تاريخ، (تاريخ الدخول: 5 أبريل/نيسان 2018):

https://bit.ly/2zfYJgK