الصحافة الإلكترونية العربية والمجال العام: فضاءات مشتركة للاستقطاب والمشهدية

تُراجع الورقة دور الصحافة الإلكترونية العربية في تشكيل المجال العام من خلال مجموعة من الافتراضات، وترى أن الفضاء العمومي في البيئة الافتراضية التي تُشكِّل الصحافة الإلكترونية جزءًا من متنه يتطلب مقاربته من منظور إصدار الأحكام وليس الحِجَاج.
095d07626adb4e31a454ac818b2c64ce_18.jpg
التكنولوجيا المعاصرة ووسائطها المختلفة عملت على تشظي الجمهور والمستخدمين في البلدان العربية عبر مختلف واجهات الشاشات (رويترز)

مقدمة

تكشف مراجعة الأدبيات العربية التي تناولت موضوع الصحافة الإلكترونية عن لبس في تعريفها. ونعتقد أن سببه يعود إلى عدم التمييز بين المفهومين: الاتصال (Communication) والإعلام (Information) من جهة، وعدم التَّفْرِيق بين الصحافة كنشاط ومهنة لا تقتصر على وسيلة إعلامية واحدة، والأخبار الإلكترونية كمنتَج من جهة أخرى. إضافة إلى الحديث عنها بمخيال الصحافة المطبوعة. لذا يتوجب في البدء الاستناد إلى تعريف الصحافة الإلكترونية الذي يبدو أنه لقي قبولًا واسعًا لدى المهتمين وحظي بإجماع المختصين. "يحيل مفهوم الصحافة الإلكترونية أولًا إلى المحتوى الاعلامي المنتَجُ في إطار مشروع تحريري. إن مفهوم الإعلام المنقول عبر حوامل رقمية واسع جدًّا يتضمن الكثير من المواد بدءًا بالبيانات وصولًا إلى الحديث الأكثر عناية في صياغته. بينما يندرج الإعلام الصحفي صراحة في إطار وسائل الإعلام. ويقوم بدورها التقليدي في المجتمع: ممارسة مهمة الوسيط بين الأحداث والظواهر والمشاكل التي تطرأ في المجتمع وأعضائه (...) فما تقدمه الصحافة الإلكترونية من محتوى هو ثمرة المعالجة الصحفية؛ أي البحث عن الأخبار والمعلومات، وجمعها وتحليلها، وعرض الأحداث"(1).

لقد ظلت الصحافة المطبوعة لمدة تزيد عن ثلاثة قرون تنمو في ظل التغيير "العادي"؛ إذ خضعت إلى المبادئ ذاتها، ولروتين الإنتاج عينه، ولإيقاع تقديم الأخبار نفسه، وللطريقة في التوجه للقارئ ذاتها، ولبنيات لجمع الأخبار عينها (2). لكن اليوم تغيرت البيئة الإعلامية تغييرًا جذريًّا وغيرت ما كان يعتبر من ثوابت المهنة. لقد تحولت شبكة الإنترنت إلى فضاء للمواجهة الرمزية حول تحديد الهوية المهنية للصحافة التي تعيش تغييرًا دائمًا (3).

تاريخيًّا، ظهرت الصحافة الإلكترونية مع الاستخدام الاجتماعي للجيل الأول من الويب، ثم واكبت تطور جيله الثاني واستفادت من إمكانياته التقنية والاتصالية، وأصبح من الصعوبة بمكان الحديث عنها دون الأخذ بعين الاعتبار تداعيات استعانتها بالمنتديات الإلكترونية، ومواقع التواصل الاجتماعي، والمدونات الإلكترونية. ولئن ظل الإعلام الخاصية الأساسية التي تشخص الصحافة؛ أي إطلاع عدد من الناس على الأحداث الواقعية، إلا أن الجيل الثاني من الويب غيَّر "الحامض النووي" للأخبار نظرًا للخاصيتين الأساسيتين اللتين يتمتع بهما، وهما: الآنية والتفاعلية. فلم يعد اهتمام الصحافة يرتكز على ما جرى فحسب، بل اتجه أيضًا إلى الانشغال بردود الفعل على ما جرى وتبعاته. فأصبح باستطاعة كل من يملك أدنى حد من الكفاءة التقنية والعُدَّة التكنولوجية المتصلة بشبكة الإنترنت أن ينخرط في ديناميكية تحوُّل الحامض النووي للأخبار.

من الناحية الإجرائية، تحصر العديد من البحوث الأمبريقية في المنطقة العربية (4) الصحافة الإلكترونية في مجمل الصحف التي تصدر طبعتها في شبكة الإنترنت بجانب نسختها الورقية. وتتسم الطبعة الإلكترونية بسمتها الإخبارية التي تتخذ النسخة الورقية مرجعًا لها. ويحتفظ صحافيوها بسلطة انتقاء الأخبار وصياغتها ونشرها مع التفاعل المحدود جدًّا والمراقب مع قرائها/مستخدميها. هذا إضافة إلى الصحف التي تنشئ موقعًا لها في شبكة الإنترنت دون أن تملك نسخة ورقية لكن نشاطها يظل قائمًا على صحافيين محترفين.

ويلتقي الاجتهاد النظري والبحوث الأمبريقية في تشخيص سمات الصحافة الإلكترونية في العناصر التالية: التفاعلية (Interactivity)، والكتابة غير الخطية-المتشعبة أو الفائضة (Hypertextuality)، وتعددية الوسائط (Multimediality).

يؤكد مسح التجارب المختلفة في العالم حقيقتين، وهما: 

أولًا: رغم التأكيد على أهمية حامل الصحافة الإلكترونية وتفعيل السمات الثلاث المذكورة أعلاه، التي أحدثت تغييرًا جذريًّا في الصحافة المعاصرة على مستوى نمط الإنتاج الصحفي ومعاييره وعلى صعيد اقتصاديات الصحافة، إلا أنه يمكن القول إن مكتسبات الممارسة الصحفية في بيئة الويب لا تحلينا إلى نموذج وحيد للصحافة الإلكترونية يُوحِّد مختلف التجارب ويُنَمِّطُها.

ثانيًا: كانت الصحافة "الإلكترونية" ولا تزال حقلًا للتقليد -تقلد بعضها البعض- وميدانًا للتجريب. تقاوم في البداية أي مبتكر تكنولوجي جديد ثم تتبناه وتتملكه. فالكثير من عناوين هذه الصحافة اعتبرت المدونات الإلكترونية منافسًا خطيرًا لها، وناصبها صحافيوها العداء. ثم اتجهت جل مواقع الصحف في شبكة الإنترنت إلى احتوائها وإدراجها في استراتيجيتها الاتصالية أو التسويقية. لتنتهي إلى التخلي عنها تدريجيًّا (5). وتكررت الحكاية ذاتها مع الميديا الاجتماعية لتنتهي باستخدامها لمآرب مختلفة سواء كمصدر إخباري أو كحامل للمضامين الصحفية أو كفضاء للنقاش والحوار. وقد سبق للعديد من الصحف الإلكترونية أن فتحت صفحاتها للقارئ ليتفاعل مع ما تنشره من مضامين بالتعليق والتعقيب، ثم بدأت تتراجع عن هذا الاختيار جزئيًّا إلى غاية إلغائه كليًّا (6)

لا تؤكد هذه الحقائق عدم استقرار الصحافة الإلكترونية على شكل معين فحسب، بل ترافع عن البراديغم البنائي الذي يعتبر الصحافة عملية بناء اجتماعي للواقع في تحوُّل دائم وابتكار متواصل (7).

1. مقاربة الصحافة الرقمية

لا يوجد إجماع على مقاربة نظرية واحدة لدراسة الصحافة الرقمية. فأغلب المقاربات التي تناولتها أدرجتها في النظريات التالية (8): سوسيولوجيا مهنة الصحافة، والنظرية المتجذرة (Grounded theory)، ونظريات التكنولوجيا والمجتمع (الحتمية التكنولوجية ونظرية انتشار المبتكرات). ويمكن أن نضيف لها سوسيولوجيا الاستخدامات ونظرية المجال العام التي سنوظفها في هذا المقام.

نعتقد أن نتائج الاستعانة بالمجال العام لفهم التحولات التي عاشتها وتعيشها الصحافة، ودراسة تداعيات الصحافة الإلكترونية في المجتمعات العربية على المجال العام، تكون محدودة جدًّا وتجانب الواقع ما لم تأخذ بعين الاعتبار الدراسات المعاصرة التي تجاوزت الطرح الهبرماسي للفضاء العمومي (1988-1962)، كما سنوضح لاحقًا.

2. من خصائص الصحافة "الإلكترونية" العربية 

من الصعب جدًّا الحديث عن الصحافة العربية "الإلكترونية" التي تتسم بقدر كبير من التنوع وعدم التجانس الذي يعود إلى تفاوت الإمكانيات المادية والتقنية، وتباين التقاليد الثقافية والاجتماعية، وتفاوت هامش حرية التعبير، لكن سنغامر بالقول: إنه بعد مرور 14 عامًا من صدور أول نسخة إلكترونية لصحيفة عربية، وهي الشرق الأوسط، استخلصت بعض الدراسات (9) أن ما سمي بالصحافة الإلكترونية العربية لم تصل بعد إلى الارتكاز على الخصائص الثلاث المذكورة أعلاه. ونعتقد أن هذه الخلاصة لا تزال صالحة لحد اليوم؛ إذ إن مخيال الصحافة المكتوبة ما زال يتحكم في الكثير من مواقع الصحف الإلكترونية العربية. وهذا يعني قلة الاعتماد على الكتابة غير الخطية أو فقر نصوصها المتشعبة أو الفائضة. فالروابط الإلكترونية إن وجدت فهي داخلية وتشير إلى مقالات ذات صلة بالموضوع المعالج ومقالات سابقة لكاتبها (10)، ولا تتضمن روابط خارجية. إن النص الفائض في الصحافة الإلكترونية يُقدِّم أكثر من مدخل للمادة الصحفية؛ يُثْرِيها بمعلومات مُكَمِّلَة ويُعمِّق بعض جوانبها. ويَرْفِدُها بمواد سمعية، وسمعية بصرية، وتسجيلات حية أو وثائق من الأرشيف. لكن استخدام النص المتشعب في الصحافة الإلكترونية العربية ضمن هذا الأفق يظل محدود جدًّا. وهذا يبعدها كثيرًا عن "موسوعية الإعلام"(11).

ولا تعتمد هذه الصحافة على البعد التفاعلي إلا في حدوده الدنيا؛ أي لم تصل إلى ترسيخ منطق الشراكة في إنتاج المادة الصحفية. فرغم أن مواقع بعض القنوات التلفزيونية العربية في شبكة الانترنت تُعَدُّ أكثر تقدمًا في إتاحة الفرصة للجمهور لإبداء رأيه مقارنة بمواقع الصحف الورقية إلا أن هذه الفرصة تظل أسيرة منطق بريد القراء. فموقع "العربية نت"، على سبيل المثال، يطلب من جمهوره أن يشاركه الرأي ويخصص له خانة لتوجيه رسائله مكتوبة!

وبصرف النظر عن استطلاع الرأي والاستفتاءات التي تقوم بها جل الصحف الإلكترونية العربية، التي تُمَثِّل ضربًا من التفاعل، لا تستعين أغلبها بالمدونات الإلكترونية. والقليل جدًّا منها لا يسمح سوى لعدد محدود جدًّا من صحافييه بنشر مدوناتهم فيها- مثل صحيفة "ليبرتي" الجزائرية (Liberté) -ربما ينفرد موقع الجزيرة نت في توظيف المدونات الإلكترونية التي تجمع صحافيي القناة وبعض الأقلام من خارج مؤسسة الجزيرة لتقديم مواد متنوعة عن مواضيع مختلفة تعكس تجارب متعددة تسير في اتجاه توسيع قاعدة متابعي موقعها الإلكتروني. هذا الانفراد الذي يقترب من الاستثناء لا يمكن أن يحجب استغناء قطاع واسع من الصحافة الإلكترونية العربية عن الطاقة التعبيرية والتواصلية للمدونات الإلكترونية التي من المفروض أن تفتح أفقًا للإنتاج المشترك للمادة الصحفية. فالمخيال التقني الذي قاد خطواتها لم يتمكن بعد من تحرير المخيال الاجتماعي. وهذا ما يتضح في تَملُّكها للميديا الاجتماعية. لقد سار هذا التَمَلُّك، بدرجات متفاوتة، في اتجاهين: الاتجاه الأول اعتمد على ما ينشر في هذه الميديا كمصدر أخبار، والاتجاه الثاني جعل منها رافدًا لنشر محتويات الصحافة الإلكترونية العربية وتوصيلها إلى جمهور جديد ومتنوع. وقد مرت الصحف الإلكترونية الأوربية بهذه التجربة؛ إذ جعلت من موقعي شبكتي: فيسبوك وتويتر مجرد لوح إشهاري يعلن عن عناوين موادها الصحفية، ويقدم ملخصات مختصرة لما تضمنته مواقعها الإلكترونية (12). لكنها تجاوزت هذه المرحلة؛ إذ أدمجتهما ضمن استراتيجيتها الإعلامية والتسويقية (13).

رغم اتجاه الكثير من المواقع الصحفية في شبكة الإنترنت إلى استخدام البرمجيات والتطبيقات التي تُمَكِّن من تصفحها عبر الحوامل المتنقلة، مثل الهاتف الذكي واللوح الإلكتروني، خاصة بعد أن كشفت المسوح الميدانية أن 67 %من الأشخاص في سبع دول عربية يتابعون الأخبار عبر هواتفهم الذكية، وأن ثلث مستخدمي الإنترنت فيها يؤكدون أن المنصات الرقمية والميديا الاجتماعية هي مصدر أخبارهم الأول (14)، فإن الكثير من الصحافيين يُقِرُّون بغياب استراتيجية واضحة وراء لجوء صحفهم إلى النشر عبر الإنترنت (15). ويتجلى هذا الغياب أكثر على مستويين: نمط إنتاجها الصحفي واقتصادياتها.

ربما لجأت بعض الصحف إلى النشر في شبكة الإنترنت من باب التقليد وركوب موجة "الحداثة التقنية" الذي دفع بعضها إلى القفز إلى الأمام من خلال دعوة الجمهور إلى نشر صوره وفيديوهاته(16). واعتمادها كشهادة شاهد عيان. وفتح بعضها المجال للقراء لإبداء آرائهم والتراجع عنه (17). وهكذا اتجهت بعض الصحف إلى تبني التكنولوجيا مع مقاومة آثارها من خلال التشبث بالماضي، فلا تُحَيِّن محتوياتها (18). هذا الاختلاف أو عدم التجانس في تطور الصحافة العربية الإلكترونية يدعو إلى تسييق (من السياق) نشوئها وتطورها من خلال عاملين أساسيين، وهما: العامل الاقتصادي، والعامل القانوني.

يعتمد تمويل الصحافة الورقية في المنطقة العربية إلى حد كبير على عائدات الإعلان. فأي انكماش في سوق الإعلان ينعكس على صحتها المالية. واستنسخت الصحافة الإلكترونية العربية هذا النمط التمويلي أمام وجود ما بين 61 و75% من مستخدمي شبكة الإنترنت يرفضون دفع مقابل مالي جراء تصفحهم للمواقع الإلكترونية (19). فرغم أن سعر الإعلان في مواقع الصحف الإلكترونية العربية يُعَدُّ أقل من سعرها في الصحف الورقية بـ ـ25 مرة (20) إلا أن معدل كل فرد سنويًّا من الإعلان الرقمي يظل ضعيفًا؛ إذ يتراوح ما بين دولار واحد في فلسطين وسوريا و7.8 دولار في لبنان (21). وهذا لا يكفي لتغطية تكاليف مواقع الصحف الإلكترونية، فتضطر الكثير من النسخ الإلكترونية إلى الاعتماد على الطبعة الورقية في تمويلها أو البحث عن مصادر مالية غير تقليدية (22) أو الكف عن الصدور (23). لذا أضحى منح الإعلانات للصحافة الإلكترونية في بعض البلدان العربية وسيلة للضغط عليها وابتزازها لتغيير خطها التحريري على غرار ما يحدث مع الصحف الورقية (24).

لقد نشأت الصحافة العربية الإلكترونية وتطورت في كنف قوانين الإعلام والمطبوعات التي وجدت أصلًا لتأطير نشاط وسائل الإعلام الكلاسيكية )الصحافة المطبوعة، والإذاعة والتليفزيون(. وكان للعوامل الخارجية دور في اهتمام المشرع في البلدان العربية بالإعلام الإلكتروني. فبعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001 تمت مراجعة قوانين الإعلام والمطبوعات وخُصِّص جزء منها للإعلام الإلكتروني وتم ربطه بالجرائم الإلكترونية. وبعد حوالي عقد تقريبًا من هذا التاريخ تم التركيز على أضرار هذا الإعلام تحسبًا لتداعياته على المنطقة العربية (25) بعد ما أصبح يعرف بـ "الربيع العربي. ولم ينظر المُشَرِّع للصحافة الإلكترونية باعتبارها أداة تعبير في يد من لا يملك "سلطة القول" أو قوة مراقبة السلطات الثلاث: التنفيذية والتشريعية والقضائية.

تخضع الصحافة الإلكترونية في جل البلدان العربية لقانون المطبوعات: مثل التصريح، وتعيين رئيس تحرير ومسؤول النشر. ويتشدَّد المُشَرِّع المغربي في التصريح المسبق لإصدار صحيفة إلكترونية أكثر من التصريح لإنشاء نظيرتها الورقية؛ إذ يفرض إيداع التصريح لدى النائب العام في المحكمة، ولدى الوكالة الوطنية لتقنيين المواصلات، والهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، والمركز السينمائي المغربي (26).

يبدو أن تفسير الصعوبات التي تواجه الصحافة العربية في انتقالها إلى بيئة الويب بغياب النصوص القانونية المُنَظِّمة لها أو عدم مواكبة هذه القوانين لديناميكية تغييرها أضحى قاصرًا؛ إذ يمكن اليوم الوقوف على العديد من الحالات التي تكشف بأن بعض هذه الصعوبات تعود لعدم تطبيق القوانين أو أن تطبيقها يخضع للمزاج السياسي ولميزان القوى السياسية. فالنظر إلى وضع الصحافة الإلكترونية العربية من " كوة" القانون توهم النظر وتعيد إنتاج الطوباوية التي تؤمن بوجود الإعلام خارج شرطه الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والسياسي.

فعلى ضوء هذا الشرط نحاول أن نقرأ إسهام هذه الصحافة في تشكيل أو إعادة تشكيل المجال العام من خلال الافتراضات السبعة التي سنناقشها في هذا المحور.

3. الصحافة الإلكترونية العربية وتشكيل المجال العام

1.3. الاستقطاب في ظلال التشذر 

عملت التكنولوجيا المعاصرة ووسائطها المختلفة على تشظي الجمهور والمستخدمين في البلدان العربية عبر مختلف واجهات الشاشات. ففي ظل تشنج العلاقات الاجتماعية، واللجوء إلى العنف في الصراع للوصول إلى السلطة في بعض البلدان العربية أو للاحتفاظ بها، انتقلت الصحافة "الإلكترونية العربية" من إحداث التشذر في صفوف قرائها إلى محاولة استقطابهم لاصطفافهم وراء الأطراف المتصارعة. فبهذا انزاحت إلى التجييش والتعبئة والإقصاء وابتعدت عن مسار النقاش العقلاني والديمقراطي. وهذا يتعارض مع الفكرة المسلم بها التي تنص على أن للصحافة الإلكترونية إمكانية تشكيل مجال عام شامل تناقش فيه كل القضايا والمواضيع ويستطيع كل شخص أن يلجه ويشارك فيه (27).

لقد اتسمت الصحافة المطبوعة العربية بطابعها السياسي نظرًا للظروف التاريخية التي تشكَّلت فيها (مقاومة الاستعمار والانخراط في ديناميكية الصراع في ظل بناء الدولة الوطنية). وهذا يعني أن جل عناوين الصحف نشأت وتطورت في كنف عائلة فكرية وسياسية معينة، وعملت، بهذا القدر أو ذاك، من أجل نشر فلسفتها والتعبير عن مواقفها. ونعتقد أن امتدادها إلى البيئة الرقمية لم يحررها من سلطة عائلتها، بل أدى بها إلى تشكيل عَصَبتها الرقمية في ظل تشظي المجال العام. إن تحليل الخطاب السائد في منتديات بعض الصحف الإلكترونية، يؤكد خضوعه "لوحدة الفكر والتصور" التي تقصي أي فكر مخالف مما يحول المناقشة إلى حوار ذاتي (28). وهذا يعني انغلاق الفضاء الذي تُشكِّله كل صحيفة إلكترونية على قرائها الذين يلتقون حول الأفكار والآراء ذاتها، فيعمق إيمانهم بصواب آرائهم، بل قد يدفعهم إلى التشدد فيها (29). وبهذا فإنها أقرب إلى تشكيل فضاء مشترك عن مجال عام.

2.3. الصحافة الإلكترونية و"فوقعة المصفاة"

ازداد الايمان بإقبال البشرية على تعددية المصادر الإعلامية وتنوعها في ظل تعدد المنصات الرقمية، وشاع معه الاعتقاد بزوال الوسيط بين مستخدمي هذه المنصات ومصادر المعرفة والأخبار، لكنه زال بتزايد دور الوسطاء الإعلاميين (Infomediaries) الذي يضطلع به العديد من الفاعلين في الإنترنت: الميديا الاجتماعية، ومجمعي الأخبار، ومحركات البحث المختلفة.

تراوحت نسبة الأشخاص الذين يلجون مواقع الصحف الإلكترونية في بعض الدول الأوربية أو يتصفحون محتوياتها عبر محرك بحث " غوغل نيوز" ما بين 25 و40%(30). ولا يخفى على كل مطلع بأن هذا الوسيط الإعلامي يعمل على شَخْصَنَة المواد الإعلامية حسب كل قارئ. ومهما بلغت نسبة هؤلاء الذين يطلعون على ما تنشره الصحف الإلكترونية العربية فإن دور الوسيط الإعلامي المذكور يظل ذاته. وربما يتضاعف في ظل استعانة جل الصحف الإلكترونية في المنطقة العربية بشريط "ملخص الموقع الثري "آر إس إس" (RSS) الذي يزود كل مشترك بما تنشره هذه الصحف من جديد ويتماشى ورغباته واهتماماته. هذه الحقيقة تعزز فكرة "فقاعة المصفاة" (The Filter Bubble) التي قدمها إيلي بارزي (Eli Pariser) حيث أكد أنها تؤدي إلى شَخْصَنَة الأخبار والإعلام بشكل أكبر. فتقدم من الأخبار والتعليقات ما يتناغم مع أفكار القارئ المسبقة والجاهزة وتبعده عن مواجهة الأفكار المعارضة أو المخالفة فتشجع الاستقطاب بدل الانفتاح على الحوار والتداول. على هذا الأساس يمكن أن نفهم تراجع يورغن هابرماس (Jürgen Habermas) في 2006 عن أعماله الأولى في دراسته للآثار المهيكلة للوساطة الإعلامية في المجال العام المعاصر، حيث أكد أن الإذاعة والتلفزة والصحافة ثم الإنترنت تشجع ميلاد "فسيفساء" من الفضاءات الموضوعاتية النصف عامة (31).

3.3. السياسة: ممارسة أم استعراض؟

لعل السؤال الذي طرحه الباحث مارك لانش (Marc Lynch) عن الفضاء التدويني العربي، في عز ازدهاره عام 2007، لا يزال راهنًا في جوهره ويمكن سحبه على الصحافة الإلكترونية العربية. لقد تساءل هذا الكاتب عن مقدرة الفضاء المذكور على تحويل ديناميكية الرأي العام والنشاط السياسي وإن كان قد استبعد حينذاك أن تقود المدونات الإلكترونية السياسة العربية إلى ثورة إلا أنه آمن بإمكانيتها في تغيير طبيعة السياسة في المستقبل (32) وهذا بفعل آثار تراكم الفعل التواصلي غير التقليدي والمتجدد.

إن تطور الصحافة العربية الإلكترونية لم يتم بمنأى عن المدونات الإلكترونية التي خف وزنها اليوم في المجال العام في المنطقة العربية نتيجة ديناميكية التواصل التي أحدثتها مواقع الشبكات الاجتماعية؛ إذ يجب الإشارة إلى أن الكثير من هذه المواقع كانت ولا تزال تتغذى بما تنشره وسائل الإعلام التقليدية التي تمَلَّكَتها؛ فقادها إلى الإسهام في تغيير نمط الاتصال العمودي في المجتمعات العربية. هذا التغيير وما واكبه من تشذر في القراء/المستخدمين وتشكيل "الجماعات الافتراضية" طعن في مشروعية التراتبية الاجتماعية الموروثة، وعمل على تجريد السلطة من كل تقديس، وخفَّف من منسوب الخوف من إبداء الرأي والتعبير عن الموقف.

لعل هذا التغيير في المجتمعات العربية الشغوفة بالشأن السياسي في ظل غليان الشارع في بعض البلدان العربية يطعن فيما توصل إليه الباحث بريس بمبر (Bruce Bimber) في محاولته تفسير العلاقة الترابطية بين الصحافة الإلكترونية والمشاركة السياسية في الولايات المتحدة الأميركية. فعزا هذه المشاركة إلى الاستعداد بالاهتمام بالشأن السياسي لدى مستهلكي هذه الصحافة وليس العكس (33). بمعنى أن متابعة الأخبار السياسية ليست متغيرًا مستقلًا يؤثر على المشاركة السياسية، بل إن هذه الأخيرة هي المتغير المستقل. لقد تجلت العلاقة الجدلية بين الإقبال على الأخبار السياسية والنضال السياسي الرقمي أكثر في بعض البلدان العربية التي عاشت أحداث "الربيع العربي".

يُعَدُّ التواصل بين الأشخاص شرطًا أساسيًّا لِتَشَكُّل المجال العام. فالصحافة الإلكترونية وبقية وسائل الإعلام ليست قنوات اتصال فحسب، بل إنها بوتقة ينصهر فيها هذا الاتصال. فمهما كان مستوى الاتصال في الفضاء الافتراضي ومهما تعدَّدت منابر النضال الرقمي فإنها غير قادرة بمفردها على تطوير الممارسة الديمقراطية الفعلية والعملية في الواقع اليومي. هذا ما أكده الكاتب الأميركي ملكوم غلادويل (Malcolm Gladwell) (34)  من خلال مقارنته بين النضال العملي في أرض الواقع الذي خاضته حركات الدفاع عن الحقوق المدنية في الولايات المتحدة الأميركية في ستينات القرن الماضي والذي أدى إلى تغيير فعلي في واقع الأميركيين من أصول إفريقية، والنضال الافتراضي في العقد الثاني من الألفية الحالية الذي لا يتكبد فيه المناضلون الرقميون سوى أقل المخاطر. وهي مخاطر حقيقية وكبرى في بعض البلدان العربية التي تمنع، مع الأسف، أي شكل من أشكال الاحتجاج السلمي عبر التجمعات والمظاهرات والمسيرات.

أسهمت بعض مواقع الصحافة الإلكترونية العربية في دفع قطاع من المواطنين من التعبير عن آرائهم وشاركت بقدر وافر في بروز شكل جديد من الالتزام والانخراط في الشأن السياسي مما يفتح آفاقًا للديمقراطية الرقمية. ويثير هذا الإسهام السؤال التالي: ما وقع هذه الديمقراطية الرقمية على التغيير في الممارسة السياسية في المجتمعات العربية وفي بناء مؤسساتها الدستورية؟ ينبهنا هذا السؤال إلى أن مسألة التغيير السياسي في المجتمع تُعَدُّ عملية معقدة يشارك فيها العديد من الفاعلين، منهم الإعلام، وإن كانت إعادة بناء المؤسسات الدستورية على أسس ديمقراطية عملية بطيئة وناجمة عن فعل تراكمي. هذا إن لم نجار الباحثة السوسيولوجية البريطانية كيت ناش (Kate Nash) (35) في دعوتها إلى الابتعاد عن الرؤية التقليدية للسياسة وعدم حصرها على مستوى الدولة، واعتبارها شأنًا من شؤون الحياة اليومية، بوصفها تعيد بناء الهويات والحياة الاجتماعية اليومية. ففي هذه الحالة لا تتجلى السياسة في الفضاء الافتراضي، الذي تُشَكِّل الصحافة الإلكترونية جزءًا منه، كمواضيع أو أشياء بل كمشهد مرئي. وبهذا تسهم في تشكيل المجال العام انطلاقًا من تصور حنا أرنت (Hanna Arendt) لما هو عمومي؛ إذ تؤكد "أنه يدل أولًا وقبل كل شيء على كل ما يظهر أمام الملأ، ويمكن أن يُسْمَع ويُرى من قبل الجميع، ويتمتع بأكبر قدر من الذيوع"(36).

4.3. الصحافة الإلكترونية كمشهد

يعتقد بعض الباحثين أن الصحافة الإلكترونية تسمح بتفاعل قوي مع قرائها/مستخدميها. وتفرز نوعًا جديدًا من النقاش العام، وتفتح أجندتها للقضايا التي لا تتناولها وسائل الإعلام التقليدية، وتعالجها من زوايا جديدة، ومفتحة على المصادر البديلة للأخبار (37). ليس هذا فحسب، بل إن "الحقيقة لا تجري في علبة مغلقة؛ أي قاعات التحرير، بل في "الويب" المفتوح على السريان الآني لكل الملاحظات حول حدث معين"(38).

إن تقاطع أجندة الصحافة الإلكترونية في المنطقة العربية مع محتويات وسائل الإعلام التقليدية لا يحجب تجدُّدها المستمر وانفتاحها على المواضيع المسكوت عنها التي كانت تدرج في خانة المحرمات، وجعلها مرئية أكثر. لكن هذا الانفتاح لم يؤد إلى الدفع بالتفاعلية إلى أقصى مراحلها. فرغم تفاوت مستواها بين مختلف عناوين الصحف الإلكترونية العربية إلا أن مشاركة القراء في إنتاج المحتويات والتعليق عنها يظل محدودًا. بل إن بعض مواقع الصحف الإلكترونية ألغت تمامًا التعليقات على ما تنشره، مثل موقعي صحيفة الوطن الجزائرية الناطقة باللغة الفرنسية. وبعضها لم يُفَعِّل منديات نقاشه، مثل موقع صحيفة الراية القطرية. قد يُبَرِّر أصحاب هذه المواقع هذا الإلغاء وعدم التفعيل بجنوح المعلقين على ما تنشره نحو الشتم والقذف والتجريح. وهو التبرير الذي دافعت عنه الكثير من مواقع الصحف الإلكترونية في البلدان الغربية. لكن نعتقد أن هذا التبرير لا يمكن أن يخفي الإخفاق في إحداث التناغم بين الخطاب الإعلامي الصادر عن المؤسسة وخطاب المعلقين والمعقبين عليه، وهم من عامة الناس (39)، ولا يحجب ضعف تقاليد الحوار وذَمَّ الجدل في الثقافة العربية. ومهما كانت المبررات لتفسير ضعف التفاعلية أو غيابها في بعض مواقع الصحف الإلكترونية العربية إلا أنها ترافع لفهم المجال العام انطلاقًا من البحوث التي تلت كتابات هابرماس، والتي تقع في نقطة تقاطع علم الاجتماع وعلوم الاتصال، في بعده المشهدي (scenic). أي يمكن استيعاب المجال العام وفق هذه المقاربة كمشهد مسرحي، تظهر السياسة فيه أمام المُتَفَرِّجين الذين يُشكِّل حكمهم الجماعي عليه الرأي العام (40). فخلافًا لهابرماس الذي يولى أهمية قصوى للمناقشة والمداولة والاستعمال العمومي للحجة في تشكيل الفضاء العمومي، تميل حنا آرنت إلى منح الأهمية لإصدار الأحكام: الأحكام الجمالية والأخلاقية والسياسية (41). بالطبع إن هذه الأحكام التي تظهر في التعليقات على ما تنشره الصحافة الإلكترونية العربية أو مدوناتها الإلكترونية ليست مفصولة عن الأحكام الصادرة في المجال العام: المساجد، الملاعب والأندية، والمقاهي والنوادي الثقافية، والميديا الاجتماعية.

5.3. إكراهات السوق

غني عن القول: إن الصناعات الثقافية والإعلامية تخضع للعقلانية الاقتصادية. وفي ظل غياب الدولة كقوة ضابطة للسوق وضامنة للخدمة العامة يكون البقاء للصحف الأوفر مالًا. هذا ما يؤكده واقع الصحافة المكتوبة في الوطن العربي. لقد اضطرت الكثير من الصحف إلى توقيف نسختها الورقية عن الصدور نتيجة تراجع عائدها من الإعلانات على غرار الصحف اللبنانية: "النهار" و"السفير" و"اللواء"، وهو المصير الذي لقيه حوالي نصف الصحف المصرية التي ظلت محافظة على صدورها المنتظم خلال السنوات الخمس الأخيرة (42) وشاطرتها في ذلك 26 صحيفة يومية و34 صحيفة أسبوعية في الجزائر منذ 2014 (43). وتقتات جل النسخ الرقمية من عائدات طبعتها الورقية نظرًا لعدم تمكنها من تحقيق استقلالها المالي أو توازنه، ناهيك عن فرض نموذجها الاقتصادي.

لقد اختارت بعض الصحف الإلكترونية اسم نطاقها في بلد أجنبي، مثل الكثير من الصحف الجزائرية، من أجل الانفلات من الرقابة والمنع من الصدور ولتجعل من النسخ الإلكترونية وسيلة لنشر مضامين الطبعات الورقية عندما تتعرض للحجز أو الحظر من الصدور داخل الوطن، كما هو شأن جل الصحف الجزائرية، لكن حرية الصحافة لا تتطلب توفر الشرط السياسي فقط، على أهميته، والمتمثل في غياب الرقابة على ما تنشره، وعدم خضوعها لما تمليه عليها الحكومات من مواضيع وآراء ومواقف، بل تتطلب توفر الشرط الاقتصادي أيضًا، وهو عدم الانصياع لجنوح السوق. فلهذا الأخير سلطة تضاهي سلطة الحكومات (44). وهذا ما تفطَّن إليه بعض الباحثين الذين أشاروا إلى التناقض الكامن في قلب العلاقة القائمة بين الأخبار والديمقراطية، والذي يعبر عنه التعارض بين القدرات التحررية للتكنولوجيا الراهنة والإكراهات الخانقة للسوق (45).

6.3. رأسمال الرمزي

أثارت نظرية الحقل (field theory) (46) لدراسة الصحافة الكثير من النقاش الذي دار حول مبدأ استقلاليتها عن بقية الحقول، وتجدَّد بعد بروز الصحافة الإلكترونية وتطورها. فعلى الصعيد النظري يمكن القول: إن صناع هذه الصحافة يملكون من الحرية ما يسمح لهم بالعمل بشكل مستقل عن الشركات الإعلانية. لكن عمليًّا يحتاج هذا القول إلى مراجعة على ضوء عدم تمكن هذه الصحافة من فرض نموذجها الاقتصادي، واستمرار تبعيتها، بهذا القدر أو ذاك، لمصادر التمويل التقليدية، خاصة الإعلان، واستقصاء أخبارها من مصادر الأخبار الكلاسيكية المهيمنة حتى وإن انفردت ببعض الأخبار فسرعان ما تتملكها وسائل الإعلام الكلاسيكية وتدرجها في الأجندة الإعلامية المهيمنة.

إضافة إلى ما سبق قوله نميل إلى الاعتقاد بأن الصحافة في المنطقة العربية لا تُشَكِّل حقلًا بالمفهوم الذي حدده بيير بورديو؛ إذ إنها لم تستقل عن الحقول الأخرى: الاقتصادية، والسياسية والدينية. ولا غرابة في ذلك إن لم تتمكن الحركية الاجتماعية السياسية من فرض مبدأ الفصل بين السلطات، والذي على أساسه نزعم بوجود سلطة رابعة أو خامسة.

لقد أشارت الدراسات الحديثة (47) إلى أن الصحافة الإلكترونية تملك رأسمالًا اقتصاديًّا أقل من رأسمال الصحافة المطبوعة الذي بدأ يتآكل بفعل الأزمة التي تعيشها والتي ظهرت أعراضها بشكل جلي. وفي تآكله هذا سيقضم رأسمال الرمزي الذي راكمته عبر سنوات. لذا تحاول الصحافة الورقية أن تجعل من "الأخلاقيات الصحفية" رأسمالًا رمزيًّا تجنده حفاظًا على مكانتها وهيبتها في المجتمع، وتقصي بموجبه كل من يخترق إقليمها (48).

تفتقد الكثير من عناوين الصحف الإلكترونية العربية رأسمال الاقتصادي وتعيش "عالة" على الصحف الورقية التي تعاني من تآكل رأسمالها الاقتصادي. ولم تستطع نسخها الإلكترونية أن تستثمر رأسمال الرمزي لنسخها الورقية، وتطوير رأسمالها الاجتماعي.

ففي ظل غياب استراتيجية واضحة من لجوء الصحف العربية المطبوعة إلى النشر عبر الإنترنت لا يُشكِّل رأسمال الاجتماعي الشغل الشاغل لمسؤوليها والذي يُمكِّن صحافييها من الترابط مع نظرائهم وقرائهم. ولم يصبح رأسمالها الرمزي هاجسهم ويعملون على تطويره، بدليل أن بعض البحوث التي أنجزت عن الصحافة الإلكترونية العربية تؤكد عدم اهتمامها بمستخدمي مواقعها في شبكات الإنترنت وبتعليقاتهم على ما تنشره (49) في زمن أضحت هذه الصحافة في البلدان الغربية تستعين بمحركات البحث لمعرفة قرائها بشكل دقيق: سنهم، ومستواهم الثقافي، وأماكن تواجدهم، والوقت الذي يخصصونه لتصفحها، ومعدل الوقت لتصفح الصفحة الواحدة، ونوعية المواد التي حظيت بإعجاب أكثر، وتلك التي تم اقتسامها، وغيرها من المعلومات التي تُوَظَّف لصياغة استراتيجية تسويقية واتصالية للموقع. بل إن بعض مواقع الصحف العربية لا تصحح حتى أخطاءها ولا تعتذر للقراء/المستخدمين الذين لفتوا نظرها إليها عبر تعقيباتهم عما تنشره (50). وبهذا فإنها تشارك دون وعي في المساس بهيبتها، والنيل من رأسمالها الرمزي إن كان لها رأسمال.

إن تفريط الصحافة الإلكترونية في رأسمال الرمزي يُعَسِّر المقاربة لفهم المجال العام الذي يراه داشو إريك (Eric Dacheux) عبر أبعاده الثلاثة، ويعرفه بالقول "إنه هيئة الضبط الخاصة بالديمقراطية، تضبط وتُعَدِّل النزاعات بين النظام السياسي (صياغة المعايير)، والنظام الرمزي (سريان المعتقدات)، والنظام الاقتصادي) تثمين الموارد ("(51). ويدعو إلى التفكير في هذه الأبعاد الثلاثة لفهم أزمة الديمقراطيات الأوروبية بمنأى عن الأفكار الجاهزة، مثل أزمة التمثيل في المجالس المنتخبة، واغتراب الميديا اقتصاديًّا، وانحراف عمليات استطلاع الرأي.

7.3. الرأي العام

تكاد التفاعلية في الصحافة العربية الإلكترونية تنحصر في الإشارة إلى الأخبار والمقالات التي نالت الإعجاب أو كانت أكثر مقروئية، وتلك التي وزعت على الأصدقاء واشتركوا في قراءتها، والمشاركة في استطلاع الرأي أو الاستفتاء حول موقف معين. وتوحي هذه الأشكال من التفاعلية أنها تعرض صورة عن الرأي العام السائد في المجتمع، بينما لا تعمل سوى على تسخيرها لاصطناع رأي عام قد يكون غير موجود في الواقع.

فأمام محدودية النقاش والجدل حول القضايا والمواقف أو غيابهما في هذه الصحافة بدرجات متفاوتة يصعب الحديث عن مساهمتها في تشكيل الرأي العام. فالأفكار سواء كانت فردية أو جماعية تتشكَّل في النقاش والحوار.

إننا ندرك بأن الأخبار تشكل رهانًا أساسيًّا للديمقراطية وتقع في قلب سير المجال العام. لكن هذا الإدراك لا يسمح بمقاربة هذا المجال انطلاقًا من مضمون هذه الأخبار فقط (52).

إن كانت الدراسات السيمائية قد عملت منذ أزيد من نصف قرن على تعبيد الطريق من أجل استجلاء المعنى من مضمون الأخبار فقد برهنت عن حدود الحديث باسم الغائب؛ أي الجمهور. وبالتالي عجزت عن الكشف عن آليات تفاوض المتلقي/المستخدم مع هذا المضمون للاشتراك في إنتاج المعنى. الاشتراك الذي يؤكد أن الأخبار ليست سوى عملية تَمَثُّل اجتماعي يعيد بناء الواقع الاجتماعي بكل ما يحمله من توافق وتوتر واختلاف. ولا تستند إلى مضامين الأخبار فقط، بل إلى صلتها بالماضي أيضًا، وبالخلفيات الثقافية والأيديولوجية التي تؤطر عملية تأويلها.

لم تتطور الصحافة الإلكترونية في المنطقة العربية في جزيرة معزولة عن الميديا الاجتماعية، خاصة تويتر وفيسبوك وإنستغرام التي ازداد عدد مستخدميها واكتسبت مكانة معتبرة في الاتصال العمومي. فالصحافة الإلكترونية لم تتخذ من هذه الميديا مَعْبَرًا للنفاذ إلى الفئات الاجتماعية التي لم تصلها فحسب، بل حاولت أن تتملك الأخبار والمواضيع التي تتداولها.

لقد حاولت الميديا الاجتماعية قيادة النقاش في المجتمع دون أن تملك ما يؤهلها لذلك نظرًا لكونها أداة اتصال وليست إعلام، فانجر مستخدموها إلى التعبير عن المكبوت والقدح والوشاية واتهام معارضيهم في الرأي بالتخوين، وهكذا ساهمت بدور لا يستهان به في تمييع النقاش السياسي وأفرغته من محتواه. وهذا ما حدا ببعض الباحثين على غرار الباحث الأميركي مارك لينش إلى الاعتقاد بأن الميديا الاجتماعية ساهمت في إفساد الانتقال الديمقراطي في مصر وتونس (53).

يبدو أن فهم ديناميكية المجالات العامة المجزأة التي ساهمت في تشكيلها "الميديا" الاجتماعية والصحافة الإلكترونية تكون أوضح وأشمل إن جارينا ما ذهب إليه ماكنير بريان (Brian McNair) في أطروحته التي تدعو إلى الانتقال من براديغم الرقابة إلى براديغم الفوضى (54).

فالبراديغم الأول يؤكد على أهمية البنية والنظام التراتيبي الذي يبسط يد النخب القائدة على الجهاز الثقافي لوسائل الإعلام، مما يؤدي إلى التشكل الأحادي للأيديولوجيا المهيمنة. بينما يفصح براديغم الفوضى على أن رغبة هذه النخب في الرقابة تتعرض في الغالب لانقطاعات غير متوقعة وتفرعات ناتجة عن تبعات التطورات السياسية والثقافية والاقتصادية والتكنولوجية على مسار الاتصال. والنتيجة أن ما يسميه هذا الباحث المجال العام الجديد أصبح يواجه ظواهر جديدة، مثل التحوُّل المتزايد والسريع في أجندة الأخبار، واتساع أشكال التعبير البديلة والمتناقضة.

خاتمة

ما سبق عرضه هو مجرد افتراضات لفهم علاقة الصحافة الإلكترونية العربية بالمجال العام اتخذت مداخل مختلفة. فهي قابلة للإثبات أو النفي. ويمكن أن نختتمها بما يشكِّل قاسمها المشترك الذي نلخصه في النقاط التالية:

1. إن الصحافة الإلكترونية ليست معطى ساكنًا ومنهي البناء. إنها عرضة للتجديد والتطور وتخضع لديناميكية التغيير الذي تصنعه الابتكارات التكنولوجية والاستخدامات الاجتماعية التي يؤطرها السوق.

2. إن تصفح مواقع الصحف الإلكترونية العربية يكشف عن اختلافها وتفاوت تطورها. ويعود السبب في ذلك إلى جملة من العوامل، منها تباين الإمكانيات المادية، ودرجة مقاومة أو تبني قاعات تحرير هذه الصحف للمبتكرات التكنولوجية، وهامش الحرية المتوفر في المجتمع، والتقاليد الثقافية والاتصالية والصحفية في المجتمع. حيث نلاحظ أن بعض الصحف لا تعمل على تحيين محتوياتها، بل تكتفي بإعادة نشر نسختها الورقية في شبكة الإنترنت، بينما استطاع بعضها أن يخطو خطواته الأولى في طريق التحرر من مرجعية الصحافة المكتوبة من خلال استخدام شرائط الفيديو، والملفات الصوتية، وفتح المجال لتفاعل جمهوره/مستخدميه ضمن أفق إشراكهم في إنتاج المادة الصحفية وتوزيعها.

3. إن العوامل التي أدت بهابرماس إلى التأكيد عن انحراف المجال العام، مثل انتقال صحافة الرأي إلى صحافة تجارية، وتراجع اهتمام محرري الصحف بالمصلحة العامة بعد 1870 مقابل دفاعهم عن المصالح الخاصة، إضافة إلى جنوحها نحو الترفيه، لا تزال قائمة بالنسبة للكثير من مواقع الصحف الإلكترونية العربية. وهذا الأمر يجب أن لا يخفي الدور النشيط الذي قامت وتقوم به هذه الصحافة في توسيع سجل الأحداث والوقائع وإطلاع أكبر عدد من الناس عليها، والكشف عن التجاوزات في إدارة قضايا الشأن العام في الكويت وتونس والجزائر، على سبيل المثال، والدفع بالمشاكل التي تطرأ على المجتمع لتكون مرئية أكثر كشرط أساسي لتحولها إلى مشاكل عمومية، باستخدام قوالب جديدة لسرد الأحداث والتجارب بشكل يثير فضول الجمهور/المستخدمين ويدفع للاهتمام بها.

4. إن تصفح مواقع الصحف الإلكترونية العربية ومتابعة تداعياتها في الفضاء الإعلامي العربي لا تؤكد تشذُّر المجال العام فحسب، بل تدعو أيضًا إلى إعادة التفكير في مفهومه وفي الأشكال التي يتجسد بها بعيدًا عن شروطه الأنطولوجية التي أكد عليها هابرماس: الاستعمال العمومي للعقل، ومناقشة الآراء والمقترحات المتعلقة بالشأن العام ومداولاتها، والفصل بين ما هو عام وخاص، ووجود مجتمع مدني قوي ونشيط. فالفضاء العمومي في البيئة الافتراضية التي تشكل الصحافة الإلكترونية جزءًا من متنه يتطلب مقاربته من منظور إصدار الأحكام وليس الحجاج. الأحكام التي تفعل فعلتها في تشكيل الرأي العام العربي حول القضايا والمشاكل والأحداث التي تثيرها مواقع الصحف الإلكترونية.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*د.نصر الدين لعياضي، أستاذ الإعلام والاتصال بجامعة الجزائر.

References

(1)  Charon, J. M.; Le floch, P. la presse en ligne, (la Découverte, Paris, 2013(, p. 4.

(2)  Siapera, E.; Veglis, A. The Handbook of Global Online Journalism, (Wiley-Blackwell, 2012), p. 3.

(3)  Tredan, Olivier, Le “Journalisme Citoyen” en ligne: un public réifié, Janvier 2007, (Vu le 21 Mars 2018):

https://bit.ly/2GsT6kN 

(4)  نذكر على سبيل المثال فقط:

- الشيخجابر، جاسممحمد، الصحافةالإلكترونيةالعربية،المعاييرالفنيةوالمهنية: دراسةتحليليةلعينةمنالصحفالإلكترونيةالعربية،في: أبحاث المؤتمر الدولي: الإعلام الجديد، تكنولوجيا جديدة... لعالم جديد، (جامعة البحرين، 7-9 أبريل/نيسان 2009)، ص 391-412.

- عمار، رابح، الصحافة الإلكترونية وتحديات الفضاء الإلكتروني: دراسة ميدانية للصحافة الإلكترونية الجزائرية، (أطروحة دكتوراه في علوم الإعلام والاتصال، جامعة وهران 2، 2017)، ص497.

(5)  نشير إلى أن صحيفة "لوموند" (Le Monde) الفرنسية أنشأت في 2004 منصة جمعت 761 مدونة لصحافييها وقرائها وللخبراء والأكاديميين. وتخلت عنها في 2016 لتستعين بمنصات أخرى. وكانت قد استعانت قبلها بمنصة الدردشة (Chat). وكفَّت صحيفة "نيويورك تايمز" (The New York Times) في السنة ذاتها عن نشر المدونتين: "بيتس" (Bits) و"سيتي روم" (City Room) اللتان حظيتا بمتابعة فاقت متابعة أركان الصحيفة المذكورة في شبكة الإنترنت.

انظر:

Salles, Chloë, “Les blogs du Monde, des outils de management non-conventionnel”, Revue enjeux de l'information et de la communication, (N° 17, 2016), p. 63-76.

(6)  نذكر على سبيل المثال بعض الصحف في شبكة الإنترنت التي أوقفت جزئيًّا أو كليًّا التعليق على ما تنشره: المجلة الإلكترونية البلجيكية "لوفيف" (Le Vif)، وصحيفتا شيكاغو سن-تايمز (Chicago Sun-Times) وتورنتو سان (Toronto Sun)، وقناة "سي إن إن" (CNN) ووكالة رويترز.

(7)  Ringoot, R.; Utard, J. M., Le journalisme en invention, Nouvelles pratiques, nouveaux acteurs, (Presses Universitaires de Rennes, France 2005), p. 24.

(8)  Siapera, Veglis, The Handbook of Global Online Journalism, op, cit, 10-12.

(9)  نذكر على سبيل المثال دراسة الشيخ جابر، الصحافةالإلكترونيةالعربية،المعاييرالفنيةوالمهنية، التي أجريت في عام 2009 على 19 صحيفة إلكترونية عربية، مرجع سابق.

(10)  هذا ما ينطبق على سبيل المثال، على موقع صحيفة الخبر الجزائرية في شبكة الإنترنت، وصحيفة إيلاف.

(11)  لا نجد أي فرق بين المواد الصحفية الورقية والإلكترونية التي تنشرها صحيفة الحياة في موقعها: http://www.alhayat.com 

(12)  انظر على سبيل المثال:

Mercier, Arnaud,La place des réseaux sociaux dans l'information journalistique, ina-expert, Octobre 2012, (Vu le 19March 2018):

https://bit.ly/2kn3rVy 

(13)  يمكن أن نشير إلى تجربة مؤسسة "بي بي سي" البريطانية في هذا المجال. تؤكد آنا تمسون، نائبة رئيسة تحرير الفرع التفاعلي في قسم الرياضة بهذه المؤسسة عن تغطيتها للألعاب الأولمبية التي جرت في ريو دي جانيرو بالبرازيل عام 2016 أن القسم كيَّف طريقة جمع الأخبار وتحريرها؛ إذ لم تَعُدْ الكتابة خاصة بالموقع الإلكتروني، بل أُخْضِعَت لخصوصية الميديا الاجتماعي: فيسبوك، وتويتر، وإنستغرام، وسنا بشات.

Thompson, Anna, Réseaux sociaux et récit journalistique”,bbc, 17 January 2017, (Visited on: 9 May 2018) :

https://bbc.in/2OU0Fol 

(14)  يقصد بها الدراسة الميدانية التي أجريت على مستخدمي الإنترنت في لبنان والأردن، ومصر، وتونس، وقطر، والإمارات، والسعودية. انظر:

Dennis, Everette E.; Wood, Robb, “Media in the Middle East: A new study shows how the Arab world gets and shares digital news”, 19 September 2017, (24 March 2018):

https://bit.ly/2fjkwxs 

(15)  هذا ما يؤكده تصفح العديد من مواقع الصحف الإلكترونية العربية وتثبته المقابلات مع الصحفيين وبعض رؤساء تحرير الصحف الإلكترونية في الجزائر. انظر: عمار، الصحافة الإلكترونية وتحديات الفضاء الإلكتروني، مرجع سابق، ص 358-360.

(16)  انظر على سبيل المثال "أستوديو القراء" في موقع صحيفة إيلاف الذي يتضمن الدعوة التالية: "هل سجَّلتَ بِعَدَسَتِك مشاهد أثَّرت فيك وتريد تشاركها مع القراء؟".

(17)  انظر على سبيل المثال إلى "منتدى الكتاب" بموقع صحيفة الرياض السعودية الذي تم إلغاؤه.

الشحري، فائز بن عبد الله، دراسة مسحية شاملة على رؤساء تحرير الصحف السعودية ذات الطبعات الإلكترونية، بحث مقدم لندوة الإعلام السعودي: سمات الواقع واتجاهات المستقبل، (المنتدى الإعلامي الأول لجمعية السعودية للإعلام والاتصال، الرياض، جامعة الملك سعود، 20-25 مارس/آذار 2003)، ص 2.

(18)  انظر على سبيل المثال موقع صحيفة "ميلسون" ( http://maysaloon.news )الذي لم يُحَدِّث المواد التي نشرها، ويحتفظ بتلك التي نشرها منذ ستة أشهر. وظلت بعض المواد التي نشرها موقع صحيفة "تكريز" التونسية ( https://www.takriz.org )، التي يَعُدُّها البعض من المصادر "الرقمية للثورة" التونسية في تونس منذ أربعة أشهر في موقعها الإلكتروني، وحتى سنة في موقع مماثل، وهو موقع ( http://www.reveiltunisien.org ). فمن يزور هذين الموقعين يعتقد أن محتواهما لا يختلفان عن المنشورات اليسارية المطبوعة لكنه منشور في شبكة الإنترنت. فلا تحديث للمواد ولا كتابة غير خطية ولا تفاعل!

(19)  Dennis, Wood, Media in the Middle East”, op, cit.

(20)  Agence de coopération médias, Panorama des médias en ligne, (France, 2015),p. 19.

(21)  Ibid, p. 20.

(22)  نذكر على سبيل المثال موقع صحيفة "المصري اليوم" الذي يرسل الأخبار العاجلة عبر رسائل نصية إلى المشتركين مقابل 3.6 يورو شهريًّا أو لجوء بعض المواقع إلى تقديم خدمات لمؤسسات مختلفة: الترجمة، معرض لأقوال الصحف، أو تقديم خدمات تقنية: إنشاء منصات رقمية أو تطوير تطبيقات تقنية، أو القيام بتدريب في مجال الإعلام والاتصال.

(23)  نشير على سبيل المثال إلى الصحيفة الرقمية الجزائرية الناطقة باللغة الفرنسية (Dernières Nouvelles d’Algérie) التي توقفت عن الصدور في 2013 بعد ثلاث سنوات من العمل الإعلامي.

(24)  ينطبق هذا الأمر أكثر على الصحافة الإلكترونية الجزائرية التي تصفها بعض المنظمات غير الحكومية الدولية بأنها تتمتع بهامش من الحرية أكبر من بعض البلدان العربية. انظر:

(Daoud, Kamel, la liberté passe par le Net, Slate Afrique, 30 August 2011,  (24 March2018):

https://bit.ly/2pSnNW3 

(25)  كريمي، علي، "التنظيم القانوني للصحافة الإلكترونية العربية، سياقه وأهدافه"، مركز الجزيرة للدراسات، 15 مايو/أيار 2016، (تاريخ الدخول: 25 أبريل/نيسان 2018):

https://bit.ly/2IWl9qU 

(26)  Hidass, Ahmed, “Le nouveau Code de la presse et de l’édition au Maroc: Real change or more of the same?”, 14 December 2016, (Visited on 25 March 2018):

https://bit.ly/2MQKAur 

(27)  Correia, JoãoCarlos, “Online Journalism and Civic Life”, ResearchGate, January 2012, p. 112, (Visited on 25 April 2018):

https://bit.ly/2COjdAJ 

(28)  انظر على سبيل المثال إلى محتوى النقاش في صفحة منتدى الشروق:

https://bit.ly/2CfSmwe 

(29)  هذا ما توصلت إليه دراسة ميدانية عن مساهمة مواقع التواصل الاجتماعي، مثل "فيسبوك" و"تويتر" في الاستقطاب السياسي في الولايات المتحدة الأميركية. انظر:

Pew Research Center:Political Polarization in the American Public, 12 June 2014, (Visited on 25 April 2018):

https://pewrsr.ch/1v23UXF 

(30)  تنطبق هذه النسب على بعض الصحف الفرنسية بشهادة مسؤوليها. انظر:

Sire,Guillaume, “Référenceur et référencement. Cachez ces pratiques que je ne saurais voir”, Sur le journalisme, (Vol 3, N°1, 2014(, p. 70-83.

(31)  نقلًا عن:

Mabi, Clément; Monnoyer-Smith, Laurence,Les arènes du débat public. Comprendre les logiques de mobilisation des différentes arènes de discussion par les acteurs d’un débat public Colloque International Communiquer dans un monde de normes”,hal.unv, 7 au 9 mars 2012, p. 281.

(32)  Lynch, Marc, “Blogging the New Arab Public,” Arab Media & Society, 12 March 2007, (Visited on 25 March 2018):

https://bit.ly/2yiW0To 

(33)  Bimber, Bruce,Information and political engagement in America: The search for effects of information technology at the individual level”, Political Research Quarterly, (1, 2001), p. 53– 67.

(34)  نقلًا عن:

Manise,JeanLuc, Les nouvelles formes d'engagement, publication du Services Culture et Education Permanente, (Décembre, 2012),p. 3.

(35)  نقلًا عن: تركي الربيعو، محمد، "تحولات المخيال السوسيولوجي، الناس العاديون والسلطة والحياة اليومية في القرن العشرين"، القدس العربي، 15 يوليو/تموز 2017، (تاريخ الدخول: 25 أبريل/نيسان 2018):

https://bit.ly/2EuPKgW 

(36)  Arendt, A. Condition de l’homme moderne, (Agora/Pocket, Paris, 1961(, p. 89.

(37)  Ibid, p. 89.

(38)  نقلًا عن:

Cornu, Daniel,Journalisme en ligne et éthique participative, Éthique Publique, (Vol 15, N° 1, 2013).

(39)  نصر الدين، لعياضي، "الصحافة الجزائرية في بيئة الواب: إرهاصات التغيير، المجلة الجزائرية للعلوم الاجتماعية والإنسانية (جامعة الجزائر 3، العدد 6، يونيو/حزيران 2016)، ص 171-193.

(40)  Quéré, Louis, L’espace public: de la théorie politique à la métathéorie sociologique”, Quaderni, N°18, 1992(, p. 75-92.

(41)  Buntzly, M. V. Le jugement comme faculté politique chez Hanna Arendt, Thèse doctorat en philosophie, (école pratique des hautes études, France, 2015).

(42)  فرج، عبد الفتاح؛ الخطاف، إيمان؛ الأبطح، سوسن، "الصحف الورقية في العالم العربي.. إما التجدد أو الاندثار"، الشرق الأوسط، (العدد 14237، 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2017).

(43)  حسب تصريح وزير الإعلام الجزائري الذي نقلته الصحيفة الإلكترونية "Mediapart". انظر:

Médias. Plus de 60 journaux algériens ont disparu en 3 ans, 9 Octobre 2017, (Vu le 25 March 2018):

https://bit.ly/2NIM8qD 

(44)  Natalie, Fenton, De-democratizing the News? New Media and the Structural Practices of Journalism”, in Siapera, Veglis, The Handbook of Global Online Journalism, op, cit, p. 131.

(45)  Ibid, p. 131.

(46)  تنسب إلى بيير بورديو (Pierre Bourdieu) الذي يرى أن العالم الاجتماعي مجزأ إلى عدد كبير من العوالم الصغرى. إنها الحقول حيث يملك كل حقل رهانات، ومواضيع، ومصالح خاصة )الحقل الأدبي، والعلمي، والقانوني، والديني، والصحفي). فأقسام هذا العالم مستقلة نسبيًّا، أي حرة في إقامة قواعدها الخاصة، ومنفلتة من التبعية لغيرها من الحقول الاجتماعية.

شوفالي، ستيفان؛ شوفري، كريستيان، معجم بورديو، ترجمة الزهراء إبراهيم، (دار الجزائر، سوريا، 2013)، ص 147.

(47)  Siapera, Veglis,The Handbook of Global Online Journalism, op, cit, p. 94.

(48)  Ibid, p. 4.

(49)  انظر نتائج دراسة ابن عبد الله الشحري، فائز، "واقع ومستقبل الصحف اليومية على شبكة الإنترنت: دراسة مسحية شاملة على رؤساء تحرير الصحف السعودية ذات الطبعات الإلكترونية، بحث مقدم لندوة الإعلام السعودي سمات الواقع واتجاهات المستقبل، المنتدى الإعلامي الأول للجمعية السعودية للإعلام والاتصال، الرياض، جامعة الملك سعود، 20-25 مارس/آذار 2003، ص 10.

(50)  إن التمادي في عدم تصحيحه يثير الكثير من الشكوك؛ إذ يبدو أن القائمين على بعض الصحف الإلكترونية العربية لا يتابعون تعليقات القراء على ما ينشرون. نذكر على سبيل المثال، وليس الحصر التعقيب عن المقال حول اكتتاب شركة أرامكو، الذي نشر في موقع صحيفة "المواطن" الإلكترونية يوم 25 يناير/كانون الأول 2018. يقول المعلق: "اللي عجزت أفهمه كيف رأس مال الشركة 60 مليار، وبتطرح 200 مليار سهم يعني قيمة سهم أرامكو حتكون 33 هللة مثلًا". انظر:

https://bit.ly/2CfyU2O 

(51)  Dacheux, Eric, Une nouvelle approche de l'espace public,Recherches en communication, (No 28, 2007(, p. 11.

(52) Utard, Jean-Michel, la presse en ligne, MédiaMorphoses, (No 4, 2002(, p 19-23.

(53)  الحمامي، الصادق، "نحن والفيسبوك: ما الفيسبوك ولماذا أصبح أساسيًّا في حياتنا"، المغرب، 8 يوليو/تموز 2017، (تاريخ الدخول: 25 أبريل/نيسان 2018):

https://bit.ly/2yGYg6e 

(54)  نقلًا عن:

Correia, “Online Journalism and Civic Life”, op, cit.