مؤتمر الحرب العالمية الأولى وتأثيراتها على فلسطين

20151257477884734_20.jpg
مدير مركز العودة ماجد الزير يفتتح المؤتمر وبجواره على المنصة من اليمين: ياسين أقطاي الأكاديمي نائب رئيس حزب العدالة والتنمية التركي، مانويل حساسيان سفير فلسطين لدى المملكة المتحدة، عز الدين عبد المولى مدير الأبحاث بمركز الجزيرة للدراسات (الجزيرة)

عقد مركز الجزيرة للدراسات ومركز العودة الفلسطيني مؤتمرًا أكاديميًا في العاصمة البريطانية لندن خلال الفترة من 8-9 نوفمبر 2014 بعنوان "الحرب العالمية الأولى وتأثيراتها على فلسطين" شارك فيه نخبة من المؤرخين والخبراء والباحثين الأكاديميين الأوربيين والعرب وعدد من النواب البريطانيين ومناصري القضية الفلسطينية.

استمر المؤتمر على مدى يومين قدَّم المشاركون خلالهما أوراقًا بحثية تناولت في اليوم الأول: مقدمات الحرب العالمية الأولى والأقطاب المتصارعة فيها، ونشأة الحركة الصهيونية، كما سلَّطوا الضوء على دور بريطانيا -من خلال وعد بلفور ثم الانتداب- في إنشاء دولة الاحتلال الاسرائيلي والتمهيد للنكبة الفلسطينية عام 1948.

وخصَّص المؤتمر جلسات اليوم الثاني لدراسة الواقع الحالي للقضية الفلسطينية، واستشراف الآفاق المستقبلية للحلول المطروحة في سياق موازين القوى الإقليمية والدولية.

وفيما يلي ملخصا لأهم الأفكار التي تداولها المشاركون في جلسات المؤتمر:

اليوم الأول

الجلسة الافتتاحية

افتتح السيد ماجد الزير مدير مركز العودة أعمال المؤتمر حيث وجه كلمة للمشاركين عن الهدف والأسباب التي دعت إلى عقده في العاصمة البريطانية لندن والتي شهدت قبل نحو مائة عام وعد بلفور، إضافة إلى أهميته الأكاديمية والأبعاد القانونية والسياسية التي يمكن أن تترتب على تذكير العالم بالتداعيات السلبية التي ألحقتها الحرب العالمية الأولى بالشعب الفلسطيني وقضيته العادلة. وأضاف أن أهمية المؤتمر تنبع كذلك من طبيعة المتحدثين الذين يمثلون تخصصات وخبرات مختلفة حملوها من البيئات العربية والأوروبية التي قدموا منها، وقدموا أوراقا علمية تؤرخ لتلك الفترة. ونوَّه الزير لأهمية عقد مؤتمرات من هذا القبيل لإثراء البحث والدراسات المتعلقة بالقضية الفلسطينية ولإضاءة جوانب مهمة من تاريخ وخفايا تلك الحقبة. وربط الزير المؤتمر بأنشطة مركز العودة ذات العلاقة خاصة الحملة الدولية التي تطالب بريطانيا  بالاعتذار عن وعد بلفور.

كما وافتتح المؤتمر نيابة عن مركز الجزيرة للدراسات، الدكتور عز الدين عبد المولى، مدير الأبحاث بالمركز والذي أشار إلى أن المؤتمر يأتي ضمن حزمة من الأنشطة والفعاليات التي أعدتها شبكة الجزيرة بمناسبة مرور مائة عام على الحرب العالمية الأولى وتداعياتها الجيوسياسية على الشرق الأوسط والعالم العربي. وأضاف أن المائة عام قد تبدو تاريخا بعيدا لكن أثرها على الصراعات الدائرة في المنطقة العربية والصراع الفلسطيني الإسرائيلي لا تزال حاضرة على الأرض.

وفي كلمته أكد الدكتور مانويل حساسيان سفير فلسطين لدى المملكة المتحدة أن هذا المؤتمر هو محاولة لتذكير العالم بأن قيام إسرائيل باعتبارها وطنا قوميا لليهود بدأ بوعد بلفور، وبالتسهيلات التي قدمتها بريطانيا من خلال سياساتها الاستعمارية تجاه المنطقة وبالأخص تجاه القضية الفلسطينية، وقال إننا نطالب اليوم بأن تعترف بريطانيا بحق الشعب الفلسطيني في العودة إلى أرضه ووطنه وبالاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة. وأشار أن ما تقوم به قوات الاحتلال الاسرائيلي في المسجد الأقصى المبارك هو عملية إبادة وتطهير عرقي بحق سكانها الفلسطينيين، وإكمال خطة إفراغ القدس من أصحابها لإكمال السيطرة الكلية عليها وإحلال مستوطنين مكانهم.

كما ألقى البروفيسور ياسين أقطاي الأكاديمي نائب رئيس حزب العدالة والتنمية التركي كلمة في افتتاح المؤتمر قال فيها إن الشرق الأوسط بأكمله قد تفكك بعد انهيار الخلافة العثمانية، إذ حلت في دوله الصراعات السياسية والدينية والمذهبية. ونوه أقطاي أن الدولة العثمانية لم تكن مشروع استعماري حيث كانت تشارك الشعوب العربية الدين واللغة وعوامل أخرى.

الجلسة الأولى:  فلسطين ما قبل الحرب العالمية الأولى

ترأس الجلسة: البروفيسورة روكسانا فارمانفارمنيان، من جامعة كامبردج

الورقة الأولى فلسطين في إرث الدولة العثمانية
قدمها البروفيسور ياسين أقطاي، أكاديمي متخصص فى علم الاجتماع والسياسة عن الامبراطورية العثمانية ودورها في فلسطين والمنطقة العربية.

وبعد سرد تاريخي لما قامت به الدولة العثمانية للمسلمين في مختلف مناطق السلطنة وخاصة السلاطين العثمانيين الذين أولوا الحرم القدسي اهتماما كبيرا من الناحية الإدارية والعمرانية والسياسية، أوضح أقطاي أن العلاقة الاجتماعية بين العثمانيين والعرب الفلسطينيين كانت جيدة، حيث أشار أن السكان رأوا أنفسهم كمواطنين ضمن الدولة العثمانية وليسوا أقلية أو مواطنين من الدرجة الثانية. وتحدث عن أن العثمانيين رفضوا بيع رعاياهم في (فلسطين) للصهاينة، إضافة إلى المقاومة التي أبداها السلطان عبد الحميد الثاني في رفضه المشروع الصهيوني الذي كان يديره ثيودور هرتزل، وأشار في نهاية ورقته إلى استخدام الحكومات الاسرائيلية لقانون الأراضي الميتة التي كان معمولا به في الدولة العثمانية للسيطرة على الأراضي الفلسطينية وبناء المستوطنات.

الورقة الثانية: الحركة الصهيونية وعلاقتها مع أطراف الصراع
تطرق الدكتور جعفر هادي حسن، الأكاديمي المتخصص في الشؤون الاسرائيلية واللغات السامية، في ورقته لأصول الحركة الصهيونية وعلاقتها مع أطراف الحرب العالمية الأولى، وكيف استغل قادة المشروع الصهيوني علاقاتهم القوية بالقوى العظمى المنتصرة في الحرب لتمرير مخططاتهم. وسلط الضوء على أن الحركة الصهيونية لم تكن موحدة في أهدافها الى أن جاء وعد بلفور الذي أعطاها دفعة قوية وأرضية صلبة مدعومة من الحكومة البريطانية لتفرض شروطها وتحدد هدفها والذي تمثل بالسيطرة على فلسطين وإقامة دولتهم المزعومة. كما أشار أن الحكومة التركية سلمت السلطة الفلسطينية نسخة كاملة من الأرشيف العثماني يحتوي على جميع الوثائق المتعلقة بملكية الأراضي في فلسطين لما قبل قيام "إسرائيل"، وأن تركيا ستقف مع الشعب الفلسطيني وخصوصا اللاجئين حتى يعودوا إلى أرضهم التي هُجِّروا منها. 

الورقة الثالثة: فلسطين والمسألة الشرقية
تحدث البروفيسور محمود الحداد، استاذ التاريخ العربي والإسلامي الحديث بجامعة البلمند في لبنان عن الطبيعة المكيافيلية لأطراف الصراع والتى ساهمت في اندلاع الحرب آنذاك وتمثلت فى الأطراف التي كانت  مناهضة لليهودية  مثل روسيا وألمانيا، وهي الأطراف التي أرادت طرد اليهود من أوروبا، وفي نفس الوقت التي كانت مؤيدة وتدعم الحركة الصهيونية لأسباب دينية متعلقة بفكرة "العودة الى أرض الميعاد"، وأشار إلى أنه قد كان هنالك أسباب استراتيجية لاستيطان اليهود في فلسطين ليكونوا بمثابة الحارس لمصالح الغرب.

الجلسة الثانية:  فلسطين أثناء الحرب العالمية الأولى

ترأس الجلسة: الدكتور بشير نافع، كبير الباحثين في مركز الجزيرة للدراسات

الورقة الأولى: أهمية فلسطين الاستراتيجية للدول المتصارعة
قدم هذه الورقة الاستاذ والمؤرخ البريطاني جون كي، مؤلف كتاب بذور الصراع في الشرق الاوسط, حيث تمحورت الورقة حول أهمية فلسطين الاستراتيجية للأطراف المتصارعة وذلك لعدة أسباب منها موقع فلسطين الجغرافي والذي كان له دور هام في عملية الدفع لاستيطان يهود أوروبا من خلال موجات الهجرة الجماعية التي تلت الحرب العالمية الاولى وازدادت قبيل وبعد الحرب العالمية الثانية. حيث لفلسطين موقع هام لقربها من قناة السويس وخط  قطار الحجاز، وقد برزت تلك الأهمية عندما اندلعت الحرب العالمية الاولى وتوقفت حركة النقل والشحن البريطاني من وإلى المنطقة.

الورقة الثانية: وعود الحلفاء لفلسطين ما بين معاهدة سايكس - بيكو ووعد بلفور
وعن وعود الحلفاء لفلسطين ما بين معاهدة سايكس - بيكو ووعد بلفور قدم كارل صباغ، وهو أكاديمي ومؤلف بريطاني من أصل فلسطيني ورقة تحدثت عن الوثائق الأربعة الهامة، وهي: وعد بلفور ومعاهدة سايكس بيكو ومراسلات الحسين مكماهون والإعلان الانجلو- فرانكو. وأشار صباغ أنه كان لوعد بلفور صفة المعاهدة والتى هدفت إلى تهجير الفلسطينيين وتقسيم أراضيهم. 

الورقة الثالثة: كيف مهدت الحرب العالمية الأولى لوعد بلفور
البروفيسور أنتوني غورمان, المحاضر في جامعة ادنبره في التاريخ المعاصر للشرق الأوسط تحدث عن الأحداث الرئيسية التي أدت لإصدار وعد بلفور وعزا ذلك إلى المصالح البريطانية الخالصة بالرغم من وجود بعض الأسباب الايديولوجية، إضافة إلى مساهمة اليهود في المجهود الحربي مع الحلفاء، عبر التطوع في صفوف القوات العسكرية، بحيث أدت هذه الجهود إلى تشكيل نواة القوة الصهيونية التي قاتلت الفلسطينيين والجيوش العربية في فلسطين. 

الجلسة الثالثة:  فلسطين بعد الحرب العالمية الأولى

ترأس الجلسة: تمبيسا فاكودا، الباحث بمركز الجزيرة للدراسات.

الورقة الأولى: وضع فلسطين ما بين اتفاقية سان ريمو والانتداب
تمحورت ورقة الدكتورة والكاتبة البريطانية-الفلسطينية غادة الكرمي حول فلسطين ما بعد الحرب العالمية الأولى من خلال النظر إلى الأحداث ما بين مؤتمر سان ريمو  والانتداب البريطاني (في عام 1920 تم توقيع معاهدة سان ريمو التي حددت مناطق النفوذ البريطانية والفرنسية في المشرق العربي). حيث أشارات الكرمي أن الاجتماعات السرية التي كانت تتم في وزارة الخارجية البريطانية بلغت ذروتها في مؤتمر سان ريمو مكملة لوعد بلفور الذي استجاب للمطالب الصهيونية. وأردفت بالقول أن سكان فلسطين آنذاك لم  يكونوا خصماً بالمقارنة مع الحركة الصهيونية التي كانت مدعومة من الحكومات البريطانية المتعاقبة والتي بلغت أوجها في عهد رئيس الوزراء البريطاني آنذاك وينستون تشرشل غداة الحرب العالمية الثانية.

الورقة الثانية: دور الانتداب البريطاني في تعزيز المشروع الصهيوني
أما الاكاديمية والصحفية لميس أندوني، رئيس تحرير العربى الجديد الانجليزية، فتطرقت الى مساهمة الانتداب البريطاني في دعم الحركة الصهيونية من خلال تسهيل الهجرة ودعم وتدريب الحركات الصهيونية المسلحة آنذاك قبل أن تقوم الأخيرة بتسليمهم مقاليد الأمور. وشبهت أندوني ما حدث بالماضي من قبل بريطانيا بما يحدث الآن من قبل أمريكا حيث تقد الاخيرة الدعم اللامحدود لاسرائيل.

الورقة الثالثة: تراجع قبضة الانتداب البريطاني على فلسطين من العام 1930 ولغاية العام 1947
وتحدث المؤرخ البريطاني بيتر شامبروك فوصف الانتداب بأنه كان عبارة عن " قفص حديدي " للفلسطينيين. وأشار إلى تزايد عمليات اضطهاد ترعض لها اليهود في أوروبا، وإلى وثوق تشرشل بأن العرب لن يفعلوا شيئا ضد ما تفعله بريطانيا من تسهيل الهجرة اليهودية أو حتى إقامة وطن لليهود على أرض فلسطيني باعتبار أنها – أي فلسطين – أرض صحراء بدون بشر. وبالرغم من ذلك حين أراد البريطانيون رفع يدهم عن فلسطين، قاموا بتسليم عصبة الأمم المسؤولية عن الانتداب، مما شجع الولايات المتحدة  ممثلة بالرئيس ترومان من تعزيز تحالفه مع الحركة الصهيونية والتي رأت فيه داعما قويًا لتحقيق أهدافها في فلسطين.

وقد اختتمت أعمال اليوم الأول من المؤتمر بجلسة نقاش مفتوح مع الجمهور الذي تفاعل مع المحاضرين من خلال التعليقات والإسئلة التي أثرت الحوار.

اليوم الثاني

الجلسة الأولى:  القانون الدولي وفلسطين ما بين الحرب العالمية الأولى والثانية

ترأس الجلسة: المحامية والخبيرة القانونية أنجم ليلى دين.

الورقة الأولى: تدويل قضية فلسطين منذ الحرب العالمية الأولى حتى الآن
بدء اليوم الثاني من المؤتمر بجلسة حول القانون الدولي بعد الحرب العالمية الاولى والحرب العالمية الثانية. حيث قدم الدكتور ملاذ الآغا، المتخصص في مجال السياسة الخارجية للاتحاد الاوروبي وروسيا تجاه الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية في جامعة إكستر، ورقة عن تدويل القضية الفلسطينية في تلك الفترة، وأشار إلى أن لجنة بيل الملكية والحكومة البريطانية أقرَّا تقسيم فلسطين ولكن السياسة على مدى السنوات التي تلتها كانت في صالح إسرائيل. وتم منذ ذلك الوقت تحويل القضية الفلسطينية من قضية سياسية إلى قضية إنسانية. وأشار الأغا أن محاولات  تدويل عملية السلام لم تكن في صالح الفلسطينيين، لأنها مكنت اسرائيل وبصورة دائمة من الإفلات من العقاب بالرغم من جرائمها المستمرة عبر حروبها المتواصلة، إضافة إلى خطط التوسع الاستيطاني وتجريد الفلسطينيين من أي شيء يمكن أن يجري عليه التفاوض في مراحل لاحقة.

الورقة الثانية: تأسيس اسرائيل ونضال اللاجئين الفلسطينيين من أجل الحماية واعتراف القانون الدولي بهم
بدوره تحدث الدكتور جيف هاند ماكر، الخبير القانوني والمحاضر في المعهد الدولي للدراسات الاجتماعية (ISS) من جامعة ايراسموس (EUR) مونديز بهولندا، عن عدد من المسائل القانونية التي نشأت بعد الحروب العالمية الكبرى (الأولى والثانية) والتي تسلط الضوء على استغلال الأراضي الفلسطينية وتجاهل القانون الدولي في هذا الإطار. وألمح إلى أن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني مر في عدة مراحل مختلفة بعد الحرب  العالمية الأولى والثانية وشمل مواجهات وحروب ولكن الأمر الأبرز، على حد وصفه، كان رفض إسرائيل لحق العودة وتقرير المصير، وهما المحوران الأساسيان لأي تسوية عادلة في المنطقة.

الورقة الثالثة: كيف أعطت الحرب العالمية الأولى والثانية الحصانة لإسرائيل
البروفيسور غيلبرت أشقر، المتخصص في العلاقات الدولية ودراسات التطوير بجامعة ساوس في لندن، شرح كيف أعطت الحربين العالميتين الحصانة لدولة الاحتلال الاسرائيلي عن جرائمها وانتهاكاتها للقانون الدولي. حيث أشار لوعد بلفور وقال إنه لم يكن بمعزل عما كان يجري لليهود في أوروبا من حملات التمييز ضدهم، وهو ما وفر الغطاء للقائمين على المشروع الصهيوني بتسريع وتيرة الهجرة اليهودية لفلسطين من أوروبا بشكل خاص، وتم استخدام هذه "الخطيئة" الأوروبية في لجم أفواه المنتقدين لاسرائيل وسياستها تجاه الفلسطينيين، وجعلها تفلت من العقوبات أو حتى الإدانات الدولية.

الجلسة الثانية: مستقبل فلسطين بعد 100 عام من الحرب العالمية الأولى

ترأس الجلسة: المحامية وخبيرة القانون الدولى شافنجاي جيجراهي

الورقة الأولى: مراحل تطور الموقف الدولي تجاه القضية الفلسطينية
قدم هذه الورقة المؤلف والسفير البريطاني السابق في عدد من دول الشرق الأوسط السيد أوليفر مايلز، واستعرض الواقع الحالي للقضية الفلسطينية والآفاق المستقبلية لأية حلول، ووجه انتقادا كبيرا إلى الدول العربية بسبب مواقفها التي تنافق وتسترضي الموقف الأمريكي المنحاز دائما إلى إسرائيل وجعلها وسيطا تعوِّل عليه لحل القضية الفلسطينية. وشدد على أن يكون حل الدولتين الحل الواجب تحقيقه لإنهاء الصراع وحل القضايا العالقة بينهما كمشكلة اللاجئين والعودة والقدس وغيرها.

الورقة الثانية: احتمالات الموقف الغربي المستقبلية من القضية الفلسطينية
استعرض خبير القانون والعلاقات الدولية الاستاذ مارك ماكدونلاد والعضو المؤسس في مجموعة أصدقاء فلسطين في حزب العمال البريطاني، المواقف الغربية الداعمة لإسرائيل خاصة الموقف الامريكي. ونوه إلى ضرورة عدم اشراك الراعي الامريكي في أي حلول مستقبلية وذلك نظراً لمواقفه المنحازة لإسرائيل والداعمة لها بالمال والسلاح. وأشار ان حزب العمال البريطاني هو من أشد الداعمين للقضية الفلسطينية، وعبر عن أمله في أن يقوم رئيس الحزب بترجمة هذا الدعم إلى موقف حقيقي فاعل على الأرض، خاصة في ظل تنامي التعاطف داخل البرلمان البريطاني للقضية الفلسطينية. وقال ايضاً ان هنالك حاجة لزيادة الضغط على الاطراف الغربية ودعم حركة المقاطعة بكافة أشكالها السياسية والثقافية والأكاديمية والاقتصادية لجعل إسرائيل ترضح للقانون الدولي وتعترف بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره.

الورقة الثالثة: 100 عام بعد الحرب العالمية: الدروس والعبر المستخلصة من أجل مستقبل فلسطين
البروفيسور والمؤرخ الفلسطيني د. سلمان أبو ستة، ومؤلف أطلس فلسطين تحدث عن مستقبل فلسطين. وقال إن 100 عام من المقاومة لشعب رفض أن يقتلع من أرضه لهي فترة طويلة في حياة الشعوب، وأأضاف أن المشروع الاستعماري الصهيوني مشروع يقوم على تدمير فلسطين وإقامة إسرائيل على أنقاضها هو تجربة فريدة من نوعها في تاريخ العالم. هذا المشروع الاستعماري استثنائي يتجاوز بكثير حدود وأساليب ومدة المشروع الاستعماري النموذجي. ويقوم على اقتلاع أصحاب الأرض الذين يمثلون أغلبية السكان، ليحل مكانهم شعب آخر. وذكر أن من الاسباب التي استخدمت لإنشاء دولة إسرائيل، هي وجود معاداة لليهود في أوروبا وهذا لا علاقة للفلسطينيين فيه، وأن مقاومتهم للمشروع الصهيوني لا تقوم على كراهيتهم لليهود كشعب او اليهودية كديانة. كما أكد على هزيمة المشروع الصهيوني في فلسطين لانه كما وصفه كالهرم المقلوب يقف على رأسه وقاعدته في الاعلى بحيث يحتاج الكثير للحفاظ على توازنه خوفا من السقوط. وقال إنه حتى إذا شعرت القوى الاستعمارية الغربية أن تأييدهم المبكر للمشروع الصهيوني كان خطأ، بل جريمة، فإنها لا تظهر أي علامة على تصحيح هذا الخطأ، ومنذ ذلك الحين وهذه الدول ترفض الاعتراف بالمسؤولية عن الخطيئة الأصلية، بل ومستمرة إلى هذا اليوم منذ عام 1948 وما تلاها من حروب في دعم غير مشروط لإسرائيل عسكريا وسياسيا وماليا وفي وسائل الإعلام، حتى عندما صوت البرلمان البريطاني بحزم لفلسطين الشهر الماضي، أعلن رئيس الوزراء البريطاني أن هذا لن يغير سياسة حكومته تجاه إسرائيل.

الجلسة الثالثة:  إعادة نشر السردية الفلسطينية باستخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة

ترأس الجلسة: الاستاذ سامح حبيب رئيس قسم الإعلام والعلاقات العامة بمركز العودة الفلسطيني.

استعرضت الجلسة مدى اهتمام شبكة الجزيرة بالقضية الفلسطينية. وقدم الدكتور عرفات شكري، مدير العلاقات المؤسسية والاتصالات لشبكة الجزيرة نبذة مختصرة عن هذا الاهتمام مستعرضا أهم الأعمال الوثائقية من أفلام وبرامج أنتجتها الجزيرة خلال السنوات الماضية عن فلسطين تعكس مدى حرص الشبكة على أن تظل القضية الفلسطينية حية في الذاكرة الجمعية لشعوب المنطقة والعالم، وذلك من عبر أحدث ما انتجته تكنولوجيا المعلومات من عرض ونشر وتوزيع وتوثيق لتكون متوفرة للجمهور بلغات مختلفة.

من ألقت منتجة الأفلام والبرامج الوثائقية بشبكة الجزيرة روان الضامن ال ضوء على مشروع (ريمكس فلسطين) الذي يتم فيه تجميع كل ما أنتجته شبكة الجزيرة من أفلام وبرامج ولقاءات عن فلسطين منذ النكبة وما قبلها لتكون في منصة إلكترونية واحدة تتاح عبر شبكة الانترنت لكل المهتمين بالأعمال الوثائقية من جهة، وللراغبين في معرفة خلفيات وتطورات هذه القضية من الجمهور العربي والأجنبي من جهة أخرى. وأضافت الضامن أن هذه المنصة ستتيح الفرصة أمام مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي مثل تويتر وفيسبوك وغوغل بلس، لأخذ مقاطع فيديو من تلك الأعمال ونشرها على صفحاتهم الخاصة مما يزيد من مساحة التأثير في الرأي العام وكسبه لصالح القضية الفلسطينية وسيكون كسبا حقيقيا – على حد وصفها – لأنه يقوم على المعرفة والتنوير والوعي التاريخي.

اختتام المؤتمر وجلسة نقاش مفتوح مع المتحدثين

بعد ذلك اختتم المؤتمر بكلمتين لمركز العودة الفلسطيني ومركز الجزيرة للدراسات.

ففي كلمته قال الدكتور عز الدين عبد المولى مدير الأبحاث في مركز الجزيرة للدراسات إن المركز سيستمر في أداء رسالته البحثية بالموضوعية والعمق اللذين ينتهجمها إزاء قضايا المنطقة وعلى رأسها القضية الفلسطينية، وذلك لقناعته أن حل هذه القضية هو أحد أهم مفاتيح الاستقرار في الشرق الأوسط.  وأضاف أن الأوراق البحثية الصادرة عن هذا المؤتمر سيعاد تحريرها وفق ما شهدته الجلسات من نقاشات ومداولات وستصدر في كتاب مما يعد إضافة وإثراءً للمكتبة العربية والانكليزية.   

وفي كلمته الختامية أشار محمد حامد رئيس مجلس أمناء مركز العودة الفلسطيني إلى ضرورة استمرار مثل هذه المؤتمرات التي تؤصل للوعي عن طريق الاطلاع على جذور القضية الفلسطينية وتتبع تطورها وعدم الاكتفاء بمعالجتها خبريا. وقال الحامد إن من فوائد هذه المؤتمرات -التي اختتمنا إحداها اليوم- أنها تحافظ على استمرارية القضية الفلسطينية حية في النفوس، لا سيما لدى الشباب الذين ما طفقوا يحبون وطنهم ويعملون على تحريره رغم أنهم لم يولدوا ولم يعيشوا فيه، وأن هذه بشارة على أن يوما ما سيأتي ويعود فيه الفلسطينيون إلى أرضهم وديارهم. 

حزب العمال البريطاني يتعهد بالاعتراف رسمياً بفلسطين في حال تم انتخابهم

وفي نهاية المؤتمر تمَّ تكريم مجموعة أصدقاء فلسطين في حزب العمال البريطاني وتقديم درع تذكاري تسلمه بالنيابة عنهم النائب آندي سلوتر نائب رئيس مجموعة أصدقاء فلسطين في الحزب. وقد تحدث النائب عن دعم حزب العمال البريطاني للقضية الفلسطينية والذي وصفه بالكبير والمستمر. وقال إنه تم توجيه أعضاء الحزب للتصويت لصالح الاعتراف بالدولة الفلسطينية خلال التصويت غير الملزم للاعتراف بدولة فلسطين الشهر الماضي، وإن اغلبية كاسحة في حزب العمال تدعم الحقوق الفلسطينية وحق اقامة الدولة المستقلة، وكان ذلك واضحاً خلال التصويت في البرلمان. وقال سولتر: "إنني تحدثت مع رئيس الحزب إد مليباند بعد التصويت في البرلمان -وهو بشكل أساسي المسئول عن ضمان تغيير حزب العمال لموقفه المتعلق بقضية فلسطين- وإنه سيقوم بالاعتراف بالدولة الفلسطينية في حال نجحنا في الانتخابات المقبلة".
____________________________________
محمد عبد العاطي، باحث بمركز الجزيرة للدراسات 

سامح حبيب، باحث بمركز العودة