(الجزيرة) |
ملخص وتطرَّق ضيف الحلقة السيد راجح حسين بدوي، المتحدث الرسمي باسم الحكومة اليمنية، إلى الحديث عن مستقبل اليمن بعد السيطرة على عدن وتشغيل الميناء ومحاولات عودة الحياة الطبيعية للمواطنين. |
مقدمة
التطورات المتسارعة على الأرض، وسيطرة المقاومة الشعبية على أجزاء رئيسية من الجنوب، وزحفها نحو الشمال، تؤشر إلى دخول اليمن مرحلة جديدة قد تُغيِّر المعادلة لصالح الشرعية، وعودة الدولة إلى البلاد، وتُبذل حاليًا مساعٍ حثيثة لعقد جلسات الحوار والتوافق مع الأطراف السياسية الفاعلة في الساحة، وبرعاية الأمم المتحدة ومجلس التعاون الخليجي.
والمسألة اليمنية لا تزال تشهد تصدعات منذ بدء الثورة على الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، والذي أطاحت به الثورة بعد توقيع اتفاقية الرياض في 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2011.
أسباب صعود الثورة ونجاحها
أشار المتحدث باسم الحكومة اليمنية، إلى أن ثورة الشباب كانت مهددة بالفشل لو لم ينضم إليها اللواء علي محسن الأحمر قائد الفرقة الأولى مدرع، واستطاع أن ينقذ الثورة ويحميها من هجوم مخطط لعلي عبد الله صالح الذي أراد التخلص من الثورة عسكريًّا، وهو يستخدم القيادات العسكرية الموالية له.
لكن، وبمساندة علي محسن الأحمر للثورة غيَّر المعادلة، واضطر الرئيس المخلوع علي صالح، للقبول بمبادرة مجلس التعاون الخليجي، ووقَّع صالح على ترك المنصب لنائبه، مع تشكيل حكومة جديدة تترأسها المعارضة، ويتم توزيع المناصب الوزارية بالتساوي بين المؤتمر الشعبي الحاكم وأحزاب المعارضة "اللقاء المشترك"، وأول قرارات الرئيس هادي، كانت إقالة علي محسن الأحمر من منصبه في الجيش اليمني.
إعادة هيكلة الجيش
من بنود الاتفاق: إعادة هيكلة الجيش الوطني، لكن الذي حدث، كما يرويه المتحدث الرسمي، السيد راجح بادي، أن عملية هيكلة الجيش ركَّزت فقط على قوات الفرقة الأولى مدرع، وتحولت عملية الهيكلة إلى تفكيك هذه الفرقة، بينما لم تقترب اللجنة المكلفة بعملية إعادة الهيكلة من الحرس الجمهوري والألوية العسكرية الأخرى. إلا أن الرئيس عبد ربه أصدر قرارًا بعزل أحمد علي صالح، قائد الحرس الجمهوري، وتعيينه سفيرًا لليمن لدى الإمارات العربية المتحدة.
فشل حكومة الوفاق الوطني
تشكَّلت حكومة الوفاق الوطني برئاسة رئيس وزراء من اللقاء المشترك، وبالمناصفة مع الحزب الحاكم، ولم تستطع الحكومة تقديم الخدمات الضرورية للمواطن، لأن بعض الوزراء لم يقوموا بواجبهم في تحسين صورة الحكومة الجديدة.
وتكررت عمليات التخريب في المرافق الحيوية مثل الكهرباء والماء وممرات النفط. وخلال فترة الحكومة، ضُربت الممرات الرئيسية للنفط أكثر من مائتين وثمانين مرة، وتعطَّل وصول النفط إلى المواطنين، واضطرت الحكومة لرفع دعم المشتقات النفطية مما أثار حفيظة المواطنين، واستفاد الحوثيون من ذلك الغضب الشعبي.
لم تقدم الدول الخليجية الراعية للاتفاق المساعدات المادية لتحسين ظروف المواطن ودعم الحكومة المنبثقة من مبادرة مجلس التعاون الخليجي؛ مما وضع الحكومة في موقف حرج؛ حيث لم تتمكن من دفع رواتب الموظفين لشهور مما أفقدها الثقة أمام الناس.
العقبات والعوائق التي واجهت تنفيذ المبادرة الخليجية
ذكر المتحدث باسم الحكومة اليمنية راجح بادي، عددًا من الأسباب الجوهرية التي أعاقت تنفيذ وتطبيق المبادرة الخليجية، ومنها:
-
وضع عراقيل أمام إعادة الطابع الوطني في أجهزة الدولة المدنية والعسكرية، من خلال إثارة الفوضى والعواصف الإعلامية ضد كل قرار يستهدف تحقيق هذا الهدف.
-
قاد الرئيس المخلوع حملة لإفشال المبادرة الخليجية بكل السبل، سواء عبر تسليم الأسلحة والمعسكرات للحوثيين في صعدة، وعمران، وألوية عسكرية أخرى، أو القيام بحملة إعلامية تستهدف كل خطوة للإصلاح، وكذلك تسليم بعض المناطق للقاعدة، وإخلاء المقرات والمعسكرات التي كان من المفترض أن تدافع عن المدينة ضد الجماعات الإرهابية.
-
تنفيذ سلسلة من الأعمال التخريبة والاعتداء على خطوط الكهرباء وأنابيب الغاز والبترول، والتي أجَّجت النقمة الشعبية على الحكومة، وتم استغلالها إعلاميًّا من قبل الرئيس المخلوع علي صالح وجماعة الحوثيين لإقناع الرأي العام بفشل المبادرة الخليجية.
السيطرة على أجهزة الدولة بيد الموالين لصالح
عرض السيد راجح بادي، خريطة تشرح كيف أن الحزب الحاكم ورغم أنه كان شريكًا في الحكومة إلا أن له النصيب الأكبر من الدولة سواء في المجلس الوزراي أو الدولة العميقة، وعيَّن في كل منصب له أهمية شخصًا من حزبه أو الموالين له.
من هذه الإحصائية التقديرية:
-
سبعة عشر وزيرًا في الحكومة أعضاء من المؤتمر.
-
خمسة عشر محافظًا من المحافظين أعضاء من المؤتمر.
-
90% من قادة القوات المسلحة والأجهزة الأمنية والاستخباراتية موالون أو مقربون للرئيس المخلوع.
-
220 عضوًا برلمانيًّا أعضاء من المؤتمر.
-
90% من أعضاء المجالس المحلية من المؤتمر.
استخدم علي صالح كل هذه الأجهزة في إفشال الثورة، والانتقام منها، وكذلك، في التحالف مع الحوثيين لاحقًا.
توسع الحوثيين
كان الحوثيون معارضين للمبادرة الخليجية، وبدأ التنسيق بينهم وبين الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، ورفعوا شعار محاربة الفساد، والتصدي للقرارات الحكومية، وتنظيم المظاهرات الشعبية في صنعاء، رافعين شعار رفض قرار الحكومة برفع الدعم عن المشتقات النفطية، وفي الجانب الآخر، أقدموا بتحركات عسكرية على السيطرة على المناطق خاصة منطقة صعدة الحاضنة الرئيسية للحوثيين.
بعد الحوار الوطني بتسعين يومًا هاجموا مركز الشيخ مقبل بن هادي الوادعي في دماج (المركز تابع للجماعة السلفية العلمية) وحاصروا المركز، وقاوم السلفيون تسعين يومًا دون تلقي دعم أو مساندة من أي طرف، وقامت الحكومة بدور الوسيط بين الطرفين، وانتهى الأمر بإخلاء المركز، وتهجير المقيمين والطلاب بمن فيهم العائلات إلى خارج منطقة صعدة، وهو مشهد وضع هيبة الدولة في موقف محرج، لأن المهجَّرين من أبناء المنطقة.
ثم توجهوا إلى المناطق المجاورة لصعدة، وهاجموا القرى والمراكز التابعة لشيخ قبيلة حاشد وأولاده، وسيطروا على هذه المراكز فعليًّا، كما طالبوا بإقالة مدراء تلك المحافظات والقيادات العسكرية فيها، لكن اللواء حامد القشيبي رفض توسع الحوثيين عندما أرادوا إسقاط محافظة عمران في أيديهم، لأن سقوط عمران، يمثل سقوطًا تدريجيًّا للعاصمة صنعاء وهو ما سيحدث لاحقًا.
لم يتلقَّ اللواء القشيبي أية مساندة من الدولة، ولا من الطيران الحربي، بل كان وزير الدفاع يقوم بدور الوساطة بين الحوثيين والجيش الوطني، ومما زاد الطين بلَّة، أنه كان يرجع إلى صنعاء دون أن يزور مقرات وقيادات الجيش اليمني، وفي النهاية قُتل حامد القشيبي، وانتهت المعركة لصالح الحوثيين، وسيطروا على المعسكر وعلى الأسلحة الثقيلة.
وبكل سهولة، تمكن الحوثيون من الوصول إلى صنعاء واحتلال المقرات الرئيسية في العاصمة، وطالبوا بإلغاء قرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية، وإقالة الحكومة، وهو ما تم الاستجابة له، وتسارعت الأحداث إلى أن استطاع الحوثيون السيطرة على عدن، وخرج الرئيس هادي إلى السعودية، ثم طالب الرئيس هادي بالتدخل العسكري العربي في اليمن لإنقاذ الدولة من الحوثيين.
المستقبل
بعد تحرير عدن، وتوسع المقاومة الشعبية باتجاه الشمال والعاصمة صنعاء، إلى جانب المشاورات السياسية بين الأطراف الفاعلة على الساحة، توقَّع السيد راجح بادي، تضافر الجهود من أجل إنجاح حوار وطني حقيقي، ودعم إنساني لإعادة الحياة في المناطق المحررة، كما يشير إلى وجود أرضية مشتركة بين الفاعلين الإقليميين حول المستجدات على الأرض، وهو ما يعني، تسهيل وصول الحكومة إلى عدن لتبدأ أولى خطواتها نحو السيطرة الحكومية في البلاد.
__________________________________
فهد ياسين - باحث في مركز الجزيرة للدراسات