مقدمة
فاجأت الثورات العربية، قبل خمس سنوات، كل السياسيين والمحللين في المنطقة العربية وخارجها، لأنها أتت من حيث لم يحتسبوا. فلقد أطلقت شرارتها مجموعات شبابية تمردت على قواعد العمل السياسي ومؤسساته التقليدية، وتحركت في أغلبها من خارج الأطر الأيديولوجية السائدة وما فرضته في الواقع من انقسامات سياسية واجتماعية عميقة. فانطلقت الموجة الثورية الأولى حاملة الملايين من العرب إلى ساحات التحرير والتغيير، مطالبين، مثل بقية شعوب العالم الديمقراطي، بالحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.
أعقبت تلك الموجةَ الثورية موجةٌ ارتدادية قادتها قوى الثورة المضادة بعد امتصاص الصدمة واستجماع قواها، فشنَّت هجومًا مضادًّا، استعادت من خلاله السلطة بالانقلاب على الشرعية كما حدث في مصر، وحاولت استعادتها بالتمرد وتفكيك مؤسسات الدولة كما يحدث في اليمن، وظلت تقاتل للبقاء في السلطة بهدف القضاء على الثورة كما هي الحال في سوريا.
وإذا نظرنا إلى الواقع الحالي نجد أن تعثر الثورات لم يكن حتميًّا، بل كان نتيجة عدد من القرارات الخاطئة التي أضاعت فرصًا ثمينة؛ فالثوار اختلفوا حول دورهم بعد إسقاط النظام بين البقاء كقوة احتجاج أو التحول إلى لاعب سياسي. والتنظيمات السياسية التقليدية ظلت تتأرجح بين عقد صفقة مع النظام السابق أو المراهنة الكلية على الخيار الثوري. أمَّا القوى الغربية فقد ظلت مترددة بين مساندة الثورة التي ترفع شعارات الحرية والديمقراطية والخوف من أن يكون الفائز في الانتخابات عدوًّا لمصالحها. فاستغلت قوى الثورة المضادة هذا الارتباك لتشق الصف الثوري داخليًّا وتعزله خارجيًّا، تمهيدًا للقضاء عليه.
ولعل أوضح مثال على أن تعثر الثورات ليس أمرًا حتميًّا، النجاح النسبي الذي تحقق في عدد من الدول العربية. فلقد تمكن التونسيون من إقامة نظام ديمقراطي وكتابة دستور أجمع عليه مختلف الأطراف السياسية والاجتماعية، كما أفشلوا محاولات الثورة المضادة التي ظلت تحاول إرباك مسارهم الانتقالي بمختلف الوسائل والأساليب. ونجح المغاربة والعُمانيون في توسيع دائرة المشاركة السياسية بنسب متفاوتة، وخففت دول أخرى القيود على حرية التعبير والتنظيم كما في موريتانيا.
وبعد خمس سنوات من الصراع من أجل التغيير والتدافع بين قوى الثورة والثورة المضادة، لا يزال التيار الثوري حيًّا يقاوم الانقلاب في مصر بينما يقاتل شباب الثورة في اليمن حلف الثورة المضادة، ولا تزال قوى المعارضة السورية، بشقيها السياسي والمسلح، تقاوم النظام وتنظيم الدولة معًا، للحفاظ على الحلم الثوري. وفي ليبيا لا تزال القوى الثورية صامدة في وجه عودة بقايا النظام القديم وتتمسك بالاحتكام إلى الاختيار الشعبي.
ولم تنحصر حركة التغيير في دول الربيع العربي بل تعدَّتها إلى دول تسيطر عليها الاصطفافات الطائفية، فقد اتسمت احتجاجات "طلعت ريحتكم" في لبنان بطابعها العابر للطوائف، والساخط على مجمل النظام السياسي، كما أكدت الاحتجاجات في جنوب العراق أن الانتماء المذهبي الواحد لا يحمي الحكومة الفاشلة من المساءلة.
ستظل الديناميات التي خلقتها حركة الربيع العربي تولّد قوى جديدة تتطلع باستمرار إلى تغيير الوضع الراهن وبناء دولة عادلة تضمن حرية الشعوب وأمنها وكرامتها؛ فالسنوات الخمس الماضية لم تكن إلا بداية لمسار طويل مفتوح النهايات، والتغييرات السياسية والاجتماعية الكبرى تحتاج إلى وقت طويل لتفرز بدائل حقيقية أكثر استقرارًا واستدامة.
بمناسبة مرور خمس سنوات على انطلاق الربيع العربي، يعقد مركز الجزيرة للدراسات سلسلة من الندوات الحوارية للوقوف على إنجازات الثورات العربية وإخفاقاتها وأدوار الفاعلين المحليين والإقليميين والدوليين، وبحث سيناريوهات المستقبل ووجهة حركة التغيير. تُعقد هذه الندوات أيام الثلاثاء (5 – 12 – 19 – 26) من شهر يناير/كانون الثاني 2016، من الساعة 6 إلى 8 مساء بمسرح مركز الجزيرة الإعلامي للتدريب والتطوير، وتُبث على قناة الجزيرة مباشر.
الندوة الأولى
5 يناير/كانون الثاني 2016
خمسة أعوام على انطلاق الربيع العربي: الإنجازات والإخفاقات
تشابهت الثورات العربية في بداياتها تشابهًا كبيرًا لكن مع مرور الوقت اختلفت مساراتها فحقق بعضها إنجازات متفاوتة مثل النموذج التونسي، بينما تعثَّر بعضها الآخر فانزلق إلى ما يشبه الحرب الأهلية في كلٍّ من اليمن وليبيا وسوريا، أو انتكس إلى نظام استبدادي أشد ضراوة من أنظمة ما قبل الثورة مثلما هي الحال في مصر. تناقش هذه الندوة إنجازات الثورات العربية وإخفاقاتها في مجالات السياسة والأمن والاقتصاد، كما تبحث كُلفة الثورة المضادة وما تسببت فيه من تعطيل لمسار التحول السلمي والانتقال إلى الديمقراطية في العالم العربي.
المتحدثون في الندوة | |||
1 | عدنان منصّر | مدير الديوان الرئاسي والناطق الرسمي لرئاسة الجمهورية التونسية سابقًا | |
2 | د.عبد الوهاب الأفندي | أستاذ العلوم السياسية، رئيس برنامج العلوم السياسية والعلاقات الدولي في معهد الدوحة للدراسات العليا | |
3 | عوض البرعصي | رئيس المنظمة الليبية للسياسات والاستراتيجيات، ونائب رئيس الوزراء الليبي الأسبق | |
4 | نيفين ملك | ناشطة حقوقية، وعضو الهيئة العليا لحزب الوسط المصري سابقًا | |
5 | وسيم القرشي | المتحدث الرسمي للجنة التنظيمية لشباب الثورة اليمنية 2011 |
الندوة الثانية
12 يناير/كانون الثاني 2016
خمسة أعوام على انطلاق الربيع العربي: أدوار ومسؤوليات اللاعبين المحليين
تناقش هذه الندوة أدوار الفاعلين الرئيسيين أثناء المرحلة الانتقالية سواء في سدة الحكم أو في موقع المعارضة أو في فضاء المجتمع المدني. فأيًّا تكن المآلات التي انتهت إليها ثورات الربيع العربي في الوقت الراهن، فهي نتيجة طبيعية للطريقة التي أُديرت بها تلك المرحلة. لقد لعبت أطراف الصراع بأجنداتها المتنافسة أدوارًا مختلفة حدَّدت من خلالها طبيعة المرحلة ورسمت وجهة التغيير. فكيف تفاعلت تلك الأطراف فيما بينها؟ وما هي حدود مسؤولياتها خاصة في التجارب التي انتكست مثل التجرية المصرية، أو تلك التي لا تزال تراوح مكانها وتحاول الخروج من نفق النزاع المسلح إلى ساحة التغيير السياسي السلمي؟
المتحدثون في الندوة | |||
1 | أيمن نور | زعيم حزب غد الثورة المصري، والمرشح الرئاسي سابقًا | |
2 | نزهة الوفي | نائبة برلمانية مغربية، ورئيسة منتدى المغرب للكفاءات | |
2 | خليل العناني | أستاذ مشارك في برنامج العلوم السياسية والعلاقات الدولية بمعهد الدوحة للدراسات العليا | |
4 | محمد العمراني | نائب رئيس المركز الوطني للمعلومات برئاسة الجمهورية اليمنية |
الندوة الثالثة
19 يناير/كانون الثاني 2016
خمسة أعوام على انطلاق الربيع العربي: أدوار ومسؤوليات القوى الإقليمية والدولية
فاجأ الربيع العربي الأطراف الإقليمية والدولية على السواء، فاعتقد بعضها أن من مصلحته دعمها والوقوف في صفها، بينما رأى آخرون أنها فرصة سانحة للقضاء على خصومهم ودعم نفوذهم وتوسيع دائرة حلفائهم، فسعوا من وقت مبكر لإعاقتها والعمل على إجهاضها. ولئن كان تأثير تلك القوى في البداية ثانويًّا بحكم عامل المفاجأة وعدم تبيُّن طبيعة الثورات وحدود تأثيرها، فقد تزايد مع الوقت وتحول في بعض الحالات من عامل مؤثر إلى عامل محدِّد في مسار الأحداث. تبحث هذه الندوة أدوار القوى والمحاور الإقليمية والدولية في مسار الثورات العربية، لاسيما بعد تحول الساحة السورية تحديدًا إلى مسرح لصراعات مركبة أضحت فيها المعادلة الداخلية مجرد عنصر ثانوي.
المتحدثون في الندوة | |||
1 | برهان غليون | أستاذ علم الاجتماع السياسي ومدير مركز دراسات الشرق المعاصر في جامعة السوربون بباريس، ورئيس المجلس الوطني السوري سابقًا | |
2 | أحمد التويجري | الكاتب والمفكر السعودي | |
3 | محمد المسفر | أستاذ العلوم السياسية في جامعة قطر | |
4 | سيف الدين عبدالفتاح | أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة | |
5 | رفيق عبد السلام | وزير الخارجية التونسي الأسبق، ومدير مركز الدراسات الاستراتيجية والدبلوماسية في تونس |
الندوة الرابعة
26 يناير/كانون الثاني 2016
خمسة أعوام على انطلاق الربيع العربي: آفاق وسيناريوهات المستقبل
أخرجت الثورات العربية قوى مهمشة من دائرة الخضوع، وأزاحت أنظمة استبدادية قائمة على التسلط والقهر وامتهان كرامة الإنسان. وقد أفرز التدافع بين الثورة والثورة المضادة خلال خمس سنوات من الصراع مشهدًا سياسيًّا لا يزال بصدد التشكُّل ولكنه في كل الأحوال سيكون مختلفًا عن المشهد الذي ساد في المنطقة خلال العقود الماضية. تناقش هذه الندوة مسارات الأحداث الجارية في بلدان الربيع العربي وتحاول استشراف مستقبل حركة التغيير التي انطلقت أواخر العام 2010. فهل تسير المنطقة في اتجاه الإصلاح السياسي وإقامة أنظمة ديمقراطية تحقق في إطارها أهداف الربيع العربي ومطالبه الأساسية، أم ستشهد مزيدًا من الصراعات بما يرفع من كُلفة التغيير، ويعصف بوحدة بعض الدول، ويغيِّر شكل الخريطة الإقليمية الراهنة؟
المتحدثون في الندوة | |||
1 | فهمي هويدي | الكاتب والمفكر العربي | |
2 | جورج صبرة | رئيس المجلس الوطني السوري | |
2 | فهد العرابي الحارثي | رئيس مركز أسبار للدراسات والبحوث والإعلام بالسعودية | |
4 | محمد مختار الشنقيطي | أستاذ الأخلاق السياسية بمركز التشريع الإسلامي والأخلاق في قطر | |
5 | توفيق بوعشرين | رئيس تحرير صحيفة أخبار اليوم المغربية |
* ملاحظة: الترجمة الفورية من العربية إلى الإنجليزية متوفرة
* للمزيد من المعلومات يمكن التواصل مع المشرف على الندوات: د.جمال نصار nassarg@aljazeera.net