عقد مركز الجزيرة للدراسات ومركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية "سيتا"، بالتعاون مع قناة الجزيرة مباشر، ندوة حوارية مشتركة، في العاصمة التركية، أنقرة، يوم الأربعاء، 28 أغسطس/آب 2019، بعنوان "معركة طرابلس بين الانقسام الداخلي والاصطفاف الإقليمي"، تحدث فيها نخبة من الباحثين العرب والأتراك.
ناقشت الندوة واقع الأزمة الليبية بعد مرور أربعة أشهر على اندلاع معركة طرابلس التي أطلق عليها اللواء المتقاعد، خليفة حفتر، "عملية تحرير طرابلس"، وما خلَّفته من ضحايا بلغت حصيلتهم نحو ألف قتيل و5 آلاف جريح، فضلًا عن نزوح حوالي 100 ألف ليبي.
في بداية الندوة، تحدَّث إمر الله إيشلر، مبعوث الرئيس التركي الخاص لليبيا، فأشار إلى أن استخدم اللواء المتقاعد، خليفة حفتر، السلاح كان الغرض منه منع الحكومة المعترف بها دوليًّا في طرابلس من ممارسة عملها وبسط نفوذها، ولهذا -يضيف إيشلر- فإن تركيا اختارت الوقوف إلى جانب الشرعية في هذا البلد بغرض تحقيق الاستقرار، والتوصل إلى تسوية سياسية تأخذ بعين الاعتبار مطالب الشعب.
وأكد إيشلر على أن تركيا تتعاون مع المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني في ليبيا، التي تعترف بها الأمم المتَّحدة، وذلك بناءً على القانون الدولي للوصول إلى حلٍّ سياسي في البلاد وضمان انتقال سياسي.
وذكَّر إيشلر بهجمات قوات حفتر الأخيرة التي استهدفت العاصمة الليبية طرابلس، ولفت إلى أن تلك الهجمات كشفت زيف ادِّعاءات البعض بشأن محاربة حفتر للإرهاب. وأشار إلى أن الرأي العام الدولي ظل صامتًا تجاه الهجمات التي شنَّها حفتر على طرابلس، والأعمال الإرهابية مثل اختطاف مواطنين أتراك.
أما الباحث في مركز سيتا للدراسات، مصطفى الساقزلي، فقال: إنَّ الثورة الليبية حينما غيَّبت المشايخ كانت تسعى لإيجاد دولة المواطنة، أما انقلاب حفتر فقد أعاد منطق المشيخات القبلية القديم. وأضاف أن بعض الدول الغربية لا ترغب في شراكة مع القوى الوطنية الليبية، وأنها تحالفت مع الثورة المضادة في ليبيا من أجل الهيمنة على ليبيا. وأشار إلى أن مدخل حفتر إلى أميركا كان عن طريق الحليف الإماراتي الفاعل في إدارة ترامب، وأكد على أن حل الأزمة الليبية يقتضي إفشال الانقلاب العسكري أولًا، وتحقيق مصالحة قائمة على مشروع سياسي يبني الدولة والمؤسسات بعد ذلك.
من جانبه قال إمرة كيكلي، الباحث في مركز سيتا للدراسات: إنَّ الأزمة الليبية ستتعمق خلال السنوات القادمة طالما بقيت بعثة الأمم المتحدة عاجزة، وأضاف أن خليفة حفتر سيبقى فاعلًا حتى ولو فشل في دخول طرابلس ما بقيت الحلول السياسة غائبة.
وعن مساعي خليفة حفتر، قال نزار كريكش، مدير مركز بيان للدراسات: إنَّ القوى الإقليمية والدولية، والفصائل والميليشيات المتناحرة، كلٌّ يبحث له عن دور في ليبيا وهو ما يؤدي إلى تفكك الدولة الليبية، وأن غياب المؤسسات الليبية أعطى لحفتر قوة حقيقية. واختتم مداخلته بالتأكيد على أن الحرب في ليبيا ليست وسيلة للحل السياسي ولن تكون، وأن على الجميع البحث عن مخارج وحلول سلمية لتلك الأزمة.
أما خيري عمر، أستاذ العلوم السياسية بجامعة صقاريا التركية، فقال: إنَّ فرنسا تسعى -من خلال التدخل في ليبيا- إلى مد نفوذها ليشمل غرب إفريقيا، وإن مصر لم تفتح بابًا في ليبيا غير باب حفتر مع أنه ليس له مشروع سياسي واضح. وأضاف أن المؤسسات الدولية، وعلى رأسها الأمم المتحدة، خسرت رصيدها من الثقة في ليبيا بعد تواصلها مع حفتر الخارج على الشرعية.
وعن الهدف من مجيء اللواء المتقاعد، خليفة حفتر، والأجندة التي يعمل على تحقيقها، قال الإعلامي الليبي، نعيم العشيبي: إن حفتر، ومنذ ثورة فبراير/شباط 2011، يريد أن يتزعم ليبيا بعد القذافي، ولهذا السبب فقد انتقل إلى مناطق ومدن ليبية عدة في محاولة منه لحشد القبائل معه من أجل تنفيذ مخططه، ممنِّيًا هذه القبائل بإشراكها في السلطة عقب الفوز بها، والذي عطَّل تحقيق هذا الهدف وعي قطاعات عريضة من الشعب الليبي بهذا المخطط ومقاومتها له. وأشار إلى أن عدم قدرة حكومة الوفاق على السيطرة على جميع البلاد أعطى حفتر فرصة للتقوي والتحكم.