خلاصة ملف "أزمة النظام الرسمي العربي"

رغم أن الكتاب والباحثين والممارسين للعمل السياسي الذين شاركوا في إعداد هذا الملف لم يقرأ أحد منهم ما كتبه الآخر قبل نشره على صفحات مركز الجزيرة للدراسات، إلا أنهم اتفقوا تقريبا على عدة أمور. أبرزها الديمقراطية والتدخلات الخارجية كعلل لأزمة النظام الرسمي العربي.
28 November 2010
1_897238_1_34.jpg







محمد عبد العاطي


رغم أن الكتاب والباحثين والممارسين للعمل السياسي في مستوياته المختلفة الذين شاركوا في إعداد هذا الملف لم يقرأ أحد منهم ما كتبه الآخر قبل نشره على صفحات مركز الجزيرة للدراسات، إلا أنهم اتفقوا تقريبا على عدة أمور، من أبرزها:


1- أن النظام الرسمي العربي "يتآكل"، وتوقعوا أن يصل قريبا إلى درجة "الانهيار التام"، ما لم تغير الدول العربية من أسلوبها في معالجة أزمة هذا النظام وتعتمد طريقة "العلاج الجذري" عوضا عن أسلوب "الترقيع" الذي درجت العادة على اتباعه.


2- أن أسباب أزمة النظام الرسمي العربي ترجع إلى ما هو داخلي متمثلا في ضعف بنيوي كامن في وحدات هذا النظام سواء أكانت دولا أم أنظمة حكم أم جامعة عربية.. إلخ، وإلى ما هو خارجي متمثلا في القوى الإقليمية وتجاذباتها المزمنة، والقوى الدولية وتدخلاتها السافرة في أوضاع المنطقة.


3- وكاد يجمع من شارك في إعداد هذا الملف على جملة من الظواهر، من أهمها:



  • هشاشة "الدولة" العربية وضعف مؤسساتها وترهل أجهزتها، وعدم التمكن من بناء "دولة عصرية" رغم كثرة السنين التي مرت على نيل "الاستقلال" حتى الآن.
  • غياب الديمقراطية ومساحات المشاركة السياسية بسبب الطابع التسلطي لأغلب الدول العربية.
  • الافتقاد إلى الشرعية السياسية نتيجة ضعف القاعدة الشعبية والارتهان لقوى الخارج.
  • ضعف القدرات والمؤهلات الشخصية اللازمة للزعامة السياسية والقيادة الشعبية.
  • فقدان الرؤية الإستراتيجية لإدارة الشؤون السياسية والعلاقات الدولية. 

لقد انعكست هذه الأسباب البنيوية بشكل أو بآخر على أداء النظام الرسمي العربي –المتكون في الأساس من الدول "القطرية"- فأصيب بالجمود والتكلس وعدم القدرة على التعامل مع المشكلات الداخلية والتحديات الخارجية، وكان من نتيجة ذلك كله مراوحة العمل العربي المشترك مكانه، وتدني مردوده على جميع الصعد السياسية والأمنية والاقتصادية والثقافية.


وقد طرح كل كاتب في الملف رؤيته لعلاج الأزمة، ورتب أولويات هذا العلاج كما يراها، لكن ما يلفت الانتباه فعلا في كل ما طُرح هو التأكيد بأن النظام الرسمي العربي لا تنقصه مؤسسات جديدة تأخذ بيده وتنهضه من عثراته، بقدر ما ينقصه تفعيل المؤسسات الموجودة أصلا، وتحويل مشاريع العمل العربي المشترك الكثيرة والمعروفة والتي طرحتها جل القمم العربية وخاصة القمة الاقتصادية التي عقدت أوائل 2009 في الكويت إلى "أعمال" تنجز على أرض الواقع.


لكن –وكأن الأمر يتعلق بأحجية البيضة والدجاجة- ولكي يتم تحويل الأفكار والمشاريع الوحدوية العربية إلى أعمال على أرض الواقع، ولكي يتم تفعيل مؤسسات العمل العربي المشترك الموجودة حاليا فإن الأمر في أمس الحاجة إلى توفر "إرادة سياسية" جادة.


والإرادة السياسية بدورها في حاجة إلى زعامات سياسية تعرف وتؤمن فعلا بالجدوى الاقتصادية والسياسية التي ستعود عليها إذا ما سارت "بجدية" على طريق التكامل والعمل العربي المشترك.


وهذه "المعرفة" وهذا "الإيمان" هما بحاجة إلى نوع من القيادات تمتلك الكفاءة، وهذه الكفاءة في نهاية المطاف لا تتوفر إلا إذا كان هؤلاء القادة قد تولوا السلطة باختيار شعبي حر، وهو ما لم يتم ولن يتم ما لم تُؤسس نظم سياسية ديمقراطية، وهو أمر -كما يؤكد كتاب الملف- لا تريده أغلب القيادات العربية ولا تقدر عليه لأسباب داخلية وخارجية. 


فهذه الدائرة المغلقة التي تبدأ من الديمقراطية وتنتهي عند الديمقراطية تكاد تكون هي علة العلل في الأزمة التي يعاني منها النظام الرسمي العربي.


فالديمقراطية هي الرافعة الأساسية لضمان التكامل السياسي والاقتصادي العربي، شريطة أن تفرز نخبا وقيادات سياسية جديدة تتمتع بالكفاءة المطلوبة لمواجهة مشكلات الداخل وتحديات الخارج.



وإذا أردنا في الختام أن نلخص وبعبارة واحدة أزمة النظام الرسمي العربي –عنوان الملف- فيمكننا القول إنها "الديمقراطية الغائبة والتدخلات الخارجية السافرة".


______________


مركز الجزيرة للدراسات، محرر الملف.


عودة للصفحة الرئيسية للملف