حرب أخرى يمكن أن تنتهي بإخفاق إسرائيلي

الحرب التي أطلقتها الدولة العبرية ضد قطاع غزة منذ 27 ديسمبر/ كانون الأول لم تكن مفاجئة، وإن كان توقيت ضربتها الأولى قد فاجأ أجهزة حكومة القطاع الأمنية، لسبب أو لآخر. بعد إخفاق الحوار الوطني الفلسطيني برعاية مصرية، وانعدام وجود أفق لنهاية الحصار المستمر منذ أكثر من عام ونصف العام على قطاع غزة،..
7 August 2011
2011878417979734_2.jpg

الدكتور بشير نافع

الحرب التي أطلقتها الدولة العبرية ضد قطاع غزة منذ 27 ديسمبر/ كانون الأول لم تكن مفاجئة، وإن كان توقيت ضربتها الأولى قد فاجأ أجهزة حكومة القطاع الأمنية، لسبب أو لآخر. بعد إخفاق الحوار الوطني الفلسطيني برعاية مصرية، وانعدام وجود أفق لنهاية الحصار المستمر منذ أكثر من عام ونصف العام على قطاع غزة، واستمرار الإسرائيليين في استهداف قوى المقاومة في الضفة الغربية، لم يكن من الممكن تمديد اتفاق التهدئة. وظفت الدولة العبرية عدم تمديد الهدنة لتغطية العدوان، ولكن الإسرائيليين بدأوا التخطيط لهذه الحرب
منذ ستة أشهر على الأقل، أي منذ بداية الهدنة.

إن قصف مواقع إسرائيلية بصواريخ من قطاع غزة يشكل تحدياً بالغاً لسيادة الدولة الإسرائيلية ومعنى وجودها، حتى عندما لا تحدث هذه الصواريخ خسائر بشرية أو مادية ملموسة. إن الأهداف الإسرائيلية من الحرب ليست أهدافاً أمنية وحسب، بل هي أكبر من إيقاف الصواريخ. ما أراده الإسرائيليون من الحرب، كما أعلنت وزيرة الخارجية الإسرائيلية بوضوح في اجتماع حزبي لكاديما قبل بدء الحرب، هو إسقاط حكومة حماس. إسقاط حماس في غزة يعني استعادة قدرة الردع الإسرائيلية، التي أصبحت موضع شك عميق منذ حرب صيف 2006، كما تعني توفير معادلة قوة مواتية في الإقليم، تسمح باستئناف مفاوضات مسار أنابولس، وربما دفع المفاوضات مع سورية نحو التسوية، من موقع قوة إسرائيلي. ولأن المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية تبدو وكأنها تمضي نحو إقامة دولة فلسطينية في الأردن، فإن الحرب على غزة ينبغي أن تفهم من زاوية تغيير الخارطة السياسية لفلسطين والمنطقة.

الموقف العربي

شنت الحرب، كما حرب 2006، في ظل انقسام عربي بالغ ومتفاقم. وربما لم تقم أي من الدول العربية بالموافقة الصريحة أو التشجيع على الحرب؛ ولكن قطاع غزة هو جزء لا يتجزأ من الجسم الوطني الفلسطيني، وهو جزء من المحيط والتدافعات السياسية العربية. وليس ثمة شك في أن الدولة العبرية استشعرت أن سلطة رام الله وعدداً من الدول العربية قد رفعت الغطاء عن قطاع غزة (كما سبق أن رفع الغطاء عن عرفات قبل اغتياله)؛ وبرفع الغطاء عن القطاع أطلقت اليد الإسرائيلية. النتائج الهزيلة لمؤتمر وزراء الخارجية العرب، ومعارضة مصر والسعودية وعدد من الدول العربية الأخرى لانعقاد مؤتمر قمة عربي عاجل، والسماح بدخول المساعدات العربية من معبر رفح في شكل بطيء ومتقطع، يعني أن رفع الغطاء عن القطاع ما يزال مستمراً بعد مرور أكثر من أسبوع على العدوان. لم يكن هدف القاهرة، ومعسكر الاعتدال العربي، من الحوار الوطني الفلسطيني هو استعادة وحدة الضفة والقطاع وحسب، بل أيضاً عودة سلطة رام الله إلى القطاع لممارسة دور امني شبيه بدورها في الضفة الغربية، وتوفير تفويض وطني فلسطيني للمفاوضات التي يقودها الرئيس عباس. وبفشل مشروع الحوار الوطني، كشف الغطاء العربي والفلسطيني عن قطاع غزة.

عَكَس الاختلاف في المواقف الفلسطينية، والعربية الرسمية، عُمق الانقسام العربي. في بداية الحرب، أظهرت سلطة رام الله شماتة بحكومة حماس، وبدت وكأنها تنتظر سقوطها والعودة إلى السيطرة على قطاع غزة. كان الموقف المصري هو الأكثر ارتباكاً، وأقرب إلى الموافقة على معاقبة حكومة حماس، وربما أيضاً إسقاطها. وبالرغم من أن الموقف السعودي أقل تعبيراً عن نفسه، فهو موقف شبيه بموقف القاهرة؛ وكذلك كان موقف الإمارات والكويت. ولكن بخلاف حرب صيف 2006، التزم الأردن موقفاً مختلفاً عن شركائه في معسكر الاعتدال هذه المرة. ويبدو الأردن أقرب إلى حماس منه إلى عباس والسلطة الفلسطينية، مدفوعاً على الأرجح بالمخاوف المتزايدة من أن ينتهي مسار أنابولس بتسوية على حساب الدولة الأردنية. كل الدول العربية الأخرى عارضت العدوان، بتعبيرات مختلفة؛ يقودها موقفا دمشق والدوحة، اللتين كانتا أول من دعا لعقد مؤتمر قمة عربي طارئ.

الموقف الغربي

أظهرت الدول الغربية الرئيسة، بما في ذلك الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا وألمانيا، تأييداً للدولة العبرية، ورغبة في أن ينجز الإسرائيليون أهدافهم بأسرع وقت ممكن. ولكن موقف التأييد الغربي للدولة العبرية كان خجولاً ومتفاوتاً، حيث بادرت فرنسا منذ الأسبوع الأول بطرح اقتراحات لوقف مؤقت لإطلاق النار، أو البحث عن سبل لإقرار تهدئة طويلة تتضمن فتح المعابر مع قطاع غزة. وبالرغم من التصريحات الأميركية المتشددة والرفض الأميركي لمشروع القرار العربي في مجلس الأمن، فثمة مؤشرات على سعي أميركي لإيجاد مخرج دولي من الحرب، يجنب الإسرائيليين والموقع الأميركي في المنطقة نتائج مثيلة لنتائج الحرب الإسرائيلية على لبنان. وفي مفارقة واضحة عن صيف 2007، خرجت وزيرة الخارجية الأميركية في اليوم السابع من الهجمة لتعلن سعي واشنطن إلى وقف لإطلاق النار (وإن بشروط)، في محاولة لعدم تكرار أخطاء السياسة الأميركية في حرب صيف 2006. ولكن واشنطن تريد نهاية للحرب طبقاً للشروط الإسرائيلية. وحدها ضغوط الرأي العام، والتغيير الملموس في مواقف الأنظمة العربية والأوروبيين، وصمود المقاومة في القطاع، ستؤدي إلى تغيير الموقف الأميركي.

لم يكن هناك دور روسي نشط خلال الأسبوع الأول من الأزمة، بالرغم من دعوة روسيا المبكرة لوقف إطلاق النار ووقف العدوان على غزة. ويمكن تفسير غياب الدور الروسي النشط برغبة روسيا في عدم تصعيد التوتر مع واشنطن، ربما لأن الأميركيين غضوا النظر عن السيطرة الروسية على جنوب أوسيتيا، أو لأن القيادة الروسية ترغب في رؤية الهوة بين الولايات المتحدة، من جهة، والشعوب العربية والإسلامية، من جهة أخرى، تزداد اتساعاً. ولكن صمود المقاومين، وانطلاق الجهود الدبلوماسية في الأسبوع الثاني من الأزمة، دفعت روسيا إلى إرسال مبعوث خاص للمنطقة لتوكيد دور روسي في التحرك السياسي وما يمكن أن ينجم عنه.

الموقف الإقليمي

المتغير الآخر في الوضع يتعلق بدوري إيران وتركيا. تلعب إيران منذ زمن دوراً داعماً لقوى المقاومة الفلسطينية ولصمود قطاع غزة، وقد أكدت طهران، رسمياً وشعبياً، منذ بداية الحرب على القطاع على موقفها التقليدي. أما تركيا، التي تتمتع بعلاقات جيدة بكافة الأطراف الفلسطينية والعربية، فقد تحركت بدافعين متضافرين، يتمثل الدافع الأول في الغضب التركي الرسمي والشعبي من بشاعة الهجوم الإسرائيلي، والثاني في الرغبة العربية الرسمية (والمصرية، على وجه الخصوص) بدور تركي. في ظاهره، يبدو الدور التركي دوراً وسيطاً، بين الأطراف العربية الرسمية، من ناحية، وبين الفلسطينيين والإسرائيليين، من ناحية أخرى. لكن ثمة مؤشرات على تعاطف تركي قوي مع قطاع غزة وإدارة حماس في القطاع، وأن الدور التركي سيأخذ مصلحة أهالي القطاع ومطالب حماس وقوى المقاومة في الاعتبا، و يبدو أن التطور الرئيس في الموقف التركي يتمثل في أخذ تركيا خطوة ملموسة أخرى للدخول إلى خارطة قوى المنطقة.

الحالة الفلسطينية

جاءت مفاجأة الحرب أولاً من صمود أهالي قطاع غزة الكبير وصمود قوى المقاومة فيه. لم يصدر في القطاع صوت تذمر واحد ضد إدارة حماس، وانصب غضب الأهالي على العدوان الإسرائيلي. التحم مقاتلو وقيادتا الجهاد وحماس وكافة قوى المقاومة الأخرى؛ وحتى بعد أسبوع من بداية الحرب، لم تكن الغارات الإسرائيلية قد نجحت في تدمير منصة واحدة من منصات إطلاق الصواريخ. كما جاءت مفاجأة العدوان ثانيا من رد الفعل الشعبي، الفلسطيني في الضفة والعربي والإسلامي.

فمنذ ما بعد ساعات قليلة على بدء العدوان، اندلعت مظاهرات الاحتجاج على الهجمة الإسرائيلية والتضامن مع غزة في مدن الضفة الغربية، في أغلب العواصم العربية، وفي عشرات المدن التركية والباكستانية والأندونيسية والأوروبية، واستمرت بلا هوادة طوال أسبوع الحرب الأول. تكمن أهمية هذه الحركة الشعبية في تهديدها بتهميش السلطة الفلسطينية كلية، وأدت بالتالي إلى تغيير في موقف قيادة السلطة المعلن من العدوان؛ كما أنها تهدد مشروع إدارة أوباما والدول الأوروبية لتخفيف حدة التوتر بين العالم الإسلامي والغرب؛ إضافة إلى أنها وضعت دول معسكر الاعتدال العربية في موقف بالغ الحرج.

بدأت الهجمة الإسرائيلية على القطاع بغارات استهدفت مقار ومعسكرات الأجهزة الأمنية، ومقار حركتي حماس والجهاد. وبالرغم من الخسائر الكبيرة في الأرواح في اليوم الأول من الهجوم، إلا أن الإسرائيليين لم ينجحوا في إصابة عناصر قيادية وكوادر بارزة، التي كانوا يرغبون في إصابتها. ثم تصاعدت الهجمة لتشمل كافة مقار الحكم، ومساجد ينشط فيها الإسلاميون، ومنطقة الأنفاق بين قطاع غزة ومصر. في المرحلة الثالثة، أخذت الغارات في استهداف منازل قيادات المقاومة، ونجحت في اغتيال نزار ريان، أحد قادة حماس الرئيسيين. وقد تطور الهجوم الإسرائيلي إلى اختراقات برية، بهدف تقطيع أوصال القطاع، من ناحية، والتمركز في المناطق الخالية من السكان، حول المدن الرئيسية، من ناحية أخرى. في المرحة التالية من الهجمة، وربما الأخيرة، ستأخذ القوات الإسرائيلية في تعهد اختراقات محدودة للمناطق السكانية الرئيسية، بهدف تدمير قواعد عسكرية ومراكز تحكم لقوى المقاومة، وقتل أكبر عدد ممكن من المقاومين، وقيادات بارزة إن أمكن. لاشك أن الهجوم البري سيواجه بالمقاومة، وقد يؤدي إلى خسائر فادحة في صفوف المدنيين، سيما أن قطاع غزة من أكثر المناطق اكتظاظاً بالسكان في العالم. وحتى إن نجحت القوات الإسرائيلية في إعادة احتلال مناطق من القطاع، فإنها لن تستطيع البقاء طويلاً؛ كما أنه من الأصعب عليها تنصيب إدارة جديدة من سلطة رام الله وضمان بقاء هذه الإدارة.

إن هذه الحرب قاسية، قد تستمر لأكثر من أسبوعين، ويمكن أن تنتهي بإخفاق إسرائيلي جديد، لن يقل أثراً، إن لم يزد، عن الإخفاق الإسرائيلي في حرب صيف 2006. ولكن من الخطأ إجراء مقارنات بين هذه الحرب وحرب 2006. الشبه الوحيد بين الحربين هو صمود قوة مقاومة صغيرة في مواجهة جيش مدجج وقوة عسكرية متفوقة. ولكن إمكانات المقاومين في قطاع غزة أقل بكثير من إمكانات حزب الله؛ كما أن القطاع لا يتمتع بالعمق الاستراتيجي (اللبناني، السوري – الإيراني) المباشر، الذي تَمتّع به حزب الله؛ فبينما قاتل حزب الله في تضاريس جغرافية بالغة الصعوبة بالنسبة للجيش الإسرائيلي، فإن المقاومة في قطاع غزة تقاتل في تضاريس سكانية. ولذا، فإن قطاع غزة لا يطلب (ولا يتوقع) منه إيقاع خسائر بالإسرائيليين كتلك التي أوقعها بهم حزب الله. وحتى في حالة تكرار الاختراقات الإسرائيلية للمناطق السكانية المكتظة، فعلى قوى المقاومة أن تتجنب مواجهات غير متكافئة، توقع خسائر فادحة بالمقاومين، الذي يمثل هدفاً رئيساً للعدوان.

الاحتمالات

ما يتطلبه إخفاق الهجمة الإسرائيلية، وتحقيق انتصار للمقاومة هو انتهاء الهجمة في ظل الشروط التالية:
1- بقاء إدارة حماس في القطاع، وهذا لا يمثل انتصاراً لحماس على وجه الخصوص، ولكن لأن حماس وصلت إلى الحكم بإرادة شعبية فلسطينية، وبالتالي لا يجب أن يسمح بكسر الإرادة الشعبية بقوة الدبابات والطائرات الإسرائيلية. فمن يريد إطاحة حماس من الحكم، لابد أن يعود إلى أصوات الشعب الفلسطيني.
2- بقاء الكتلة المقاومة في قطاع غزة، وبقاء قدراتها على المقاومة، بمعنى أن يكون الصاروخ الذي يطلق في هذه الحرب صاروخاً فلسطينياً، وأن تظل قادرة على مواجهة أي هجمة إسرائيلية في المستقبل.
3- التوصل إلى تهدئة جديدة لابد أن يتضمن كسراً لحصار القطاع، ليس فقط على مستوى فتح المعابر جميعها، بما في ذلك معبر رفح، ولكن كسر الحصار المالي والبنكي والسياسي أيضاً.

إن نهاية الهجمة في ظل هذه الشروط يعني أن قطاع غزة قد خرج منتصراً، بغض النظر عن حجم الخسائر العسكرية الإسرائيلية. ولكن تحقيق هذه الشروط يستدعي استمرار الضغوط الشعبية، العربية والإسلامية والعالمية، لإدانة العدوان والضغط على الحكومات الغربية؛ والضغط لعقد قمة عربية عاجلة، ترفع من سقف الموقف العربي الرسمي؛ ودفع القاهرة والأنظمة العربية لتوفير عوامل صمود قطاع غزة، أهالي ومقاومة؛ والضغط على السلطة في رام الله للتوقف عن المشاركة في العدوان باستمرار اعتقال مئات الكوادر والمناضلين، والاستمرار في محاولة تدجين الضفة الغربية؛ وخوض قوى المقاومة للمعركة في قطاع غزة بروح صمود طويلة المدى، وتجنب المواجهات غير المتكافئة.

سيكون لإخفاق العدوان الإسرائيلي نتائج متعددة، على الصعيد الفلسطيني، الإقليمي، والدولي. دولياً، سيتواصل تراكم التطورات التي بدأت بالأزمة الجورجية في شمال القوقاز، وتعززت في الأزمة المالية/ الاقتصادية المستمرة، والتي تشير إلى التراجع النسبي في دور ونفوذ الولايات المتحدة العالمي. كما يبدو أن إدارة الرئيس الأميركي المقبل باراك أوباما قد خسرت مبكراً الرهان على إطلاق مناخ جديد للعلاقة بين العالم الإسلامي والغرب؛ بل بات عليها الآن محاولة التخلص من العبء الأخلاقي الذي ألقت به وحشية الهجمة الإسرائيلية على كاهل الضمير الغربي. ولكن ثمة تآكل لا يخفى في حجم التأييد الأوروبي والأميركي للدولة العبرية، وليس من المستبعد أن يفتح هذا التآكل لإدارة أوباما نافذة صغيرة لإعادة ضبط التماهي الأميركي مع السياسة الإسرائيلية.
إقليمياً، قد تكون هذه الحرب آخر حلقة في محاولة إضعاف دور سورية العربي، بعد أن تنحى الأردن قليلاً عن شركائه في معسكر الاعتدال، وتلقت السياسات المصرية والسعودية انتقادات شعبية عربية واسعة، وخرج حلفاء سورية بانتصار معنوي وسياسي. وبالرغم من عمق الانقسام العربي، فليس من المستبعد أن تبدأ مصر، أولاً، والسعودية، بعد ذلك، الانفتاح التدريجي على سورية. ولكن المباحثات السورية – الإسرائيلية، وبعد مؤشرات متزايدة على تقدمها، ستتعرض لانتكاسة كبيرة، قد توقفها لفترة طويلة نسبياً. وستخرج المقاومة الفلسطينية كطرف سياسي معترف به في الساحة السياسية العربية، وليس فقط كطرف يقدم التضحيات، من ناحية، ويتم تجاهله رسمياً، من ناحية أخرى. وليس ثمة شك أن الدور التركي الإقليمي قد تعزز، وأن تركيا أصبح بإمكانها ممارسة تأثير ملموس على خارطة المنطقة السياسية، إن استمر الدعم الشعبي التركي ودعم مؤسسات الدولة التركية الرئيسة (لاسيما الجيش) لدور تركيا الإقليمي.

فلسطينياً، ستخرج السلطة الفلسطينية من هذه الحرب أضعف مما كانت عليه قبلها، وقد تقوض إلى حد كبير دور الرئيس عباس كممثل للكتلة الوطنية الفلسطينية. وإن عقدت جولة جديدة للحوار الوطني الفلسطيني، فستدخل حماس والجهاد الحوار من موقع أقوى مما كانتا عليه في نوفمبر/ تشرين ثاني الماضي. كما أن الهجمة الإسرائيلية ستطرح شكوكاً ثقيلة على استئناف مباحثات التسوية في مسار أنابولس. ولكن حتى وإن رفعت الحرب مستوى الضغوط العربية والأوروبية على إدارة أوباما لاستئناف سريع للمفاوضات، وتم التوصل إلى مصالحة فلسطينية وطنية، واستؤنفت المباحثات بالفعل، فلن يكون عباس مطلق اليد، وستحرص حماس على أن تجري المفاوضات في ظل رقابة وطنية. وفي شكل عام، فإن موقع حماس باعتبارها القوة الفلسطينية الوطنية الرئيسة سيتعزز إلى حد كبير.