(الجزيرة) |
عكس الإعلان عن اتفاق جنيف بين طهران ومجموعة 5+1 بشأن برنامج إيران النووي؛ في واحد من جوانبه نجاح السياسة الإيرانية في وضع إيران في مكانة إقليمية بارزة، ومنذ أن تحدث الرئيس الإيراني حسن روحاني عن أن "العلاقات الدولية لم تعد لعبة صفرية؛ بل مجالاً متعدد الأبعاد يتزامن فيه التنافس والتعاون"، والعلاقة بين الولايات المتحدة وإيران تأخذ أبعادًا جديدة.
ولم يكن لـ"الانخراط البنَّاء" -الذي دخل أدبيات السياسة الخارجية الإيرانية مؤخَّرًا- أن يأتي بعيدًا عن سعي مرحلة "التدبير والأمل" إلى إصلاح الاقتصاد والوفاء باحتياجات المجتمع الإيراني وتعزيز مكانة إيران الدولية؛ ومن الواضح أن تحقيق هذه الأهداف يرتبط بشكل مفصلي بتهدئة التوتر مع الولايات المتحدة الأميركية والغرب، كما أنه مرتبط بقدرة إيران على استثمار "ملفات النفوذ" كوسيط أو طرف لا يمكن إنكار دوره.
وبالتزامن مع "اتفاق جنيف" المحفوف بمحاذير وعقبات كثيرة، بدأ الحديث عن التقارب الإيراني-الأميركي، وما يمكن أن يتركه من تبعات على ميزان القوى الإقليمي، وتباينت التحليلات والتوقعات بشأن ذلك؛ بين أصوات ترى أن هذا التقارب سيعيد رسم خارطة المنطقة، ويؤثر على مستقبلها، وبين مَنْ يُقَلِّل من تبعات هذا التقارب ويُشَكِّك في إمكانيات نجاحه؛ وذلك لوجود عقبات كثيرة تحول دون إتمامه.
يهدف هذا الملف إلى رصد وبحث مستقبل التقارب الإيراني-الأميركي، وتنامي الدور الإيراني وامتداداته، وتأثيراته المستقبلية من خلال عدد من الأوراق التي قدمها باحثون ومختصون في الشؤون الإيرانية والعلاقات الدولية؛ وجاءت كالتالي:
-
أولاً: السياسة الخارجية الإيرانية: التوجهات المستقبلية: هل نحن أمام متغيِّرات جديدة في السياسة الخارجية الإيرانية؟ وما مدى واقعية وصدق الزعم القائل: إن السياسة الخارجية الإيرانية انتقلت من المواجهة السلبية إلى الرؤية الإيجابية والتفاعل مع العالم؟
وفي هذا السياق يقدم الدكتور آرشين أديب مقدم -رئيس مركز الدراسات الإيرانية في جامعة لندن- ورقة بعنوان: "إيران في السياسة العالمية بعد روحاني"، ويجرى فيها تقييمًا للتعديلات التي أحدثتها رئاسة روحاني في السياسة الخارجية الإيرانية؛ وذلك مع التركيز بوجه خاص على التفضيلات الاستراتيجية الدائمة للدولة الإيرانية.
-
ثانيًا: شكل ومستقبل التقارب الإيراني-الأميركي: اقترحت إيران من خلال تصريحات مسؤوليها تنسيقًا وتعاونًا مع الولايات المتحدة الأميركية بخصوص عدد من الملفات؛ وفي مقدمتها مواجهة ما يسمى بـ"الإرهاب". وتم بحث هذا المحور في ثلاثة مسارات:
-
ما هو مستقبل التقارب الإيراني-الأميركي؟ وهل تبقى العلاقات في حدود تبادل المصالح وما أطلق عليه روحاني السياسة التي تُزاوج بين "التنافس والتعاون"، أم تشهد تحسنًا في المستقبل؟ وما تأثيرات هذا التقارب على جيران إيران العرب؛ خاصة العربية السعودية؟ وللإجابة على ذلك قدم السفير: حسين موسويان -عضو الوفد المفاوض في الملف النووي سابقًا، والباحث الزائر في جامعة برنستون- ورقة بعنوان: "مستقبل العلاقات الأميركية-الإيرانية". وتناول موسويان بالتفصيل التوجهات السائدة في الساحة السياسية الإيرانية فيما يتعلق بالعلاقة مع واشنطن، ضمن مدارس فكرية تقسمها هذه الورقة إلى ثلاث مدارس.
-
وتُسَلِّط فرح الزمان أبو شعير -الباحثة والإعلامية المقيمة في طهران- الضوء على الداخل الإيراني في ورقتها: "التقارب الإيراني-الأميركي: موقف الأطراف الإيرانية الفاعلة". وترصد وجهات نظر مختلف الأطراف على الساحة الإيرانية من قضية التقارب الإيراني-الأميركي، وأسباب رفض بعضها لهذا التقارب، ودوافع البعض الآخر إلى قبوله والدفاع عنه؛ وفي مقدمة هذه الأطراف مؤسسة المرشد الأعلى، الذي لا يمنع التفاوض مع واشنطن في إطار الملف النووي؛ ولكنه يقف حذرًا أمام أي تقارب عملي.
-
ويحاول د. مارك كاتز -أستاذ العلاقات الدولية في جامعة جورج ميسن الأميركية- استشراف فرص نجاح هذا التقارب، فيجري مقارنة بين التقارب الأميركي-الإيراني، والنموذج غير الناجح للتقارب الأميركي مع الاتحاد السوفيتي، والنموذج الناجح للتقارب الأميركي الصيني.
-
التقارب والقضية الفلسطينية؛ حيث تناقش د. فاطمة الصمادي -الباحثة في مركز الجزيرة للدراسات- في وورقة عنوانها: "التقارب الإيراني-الأميركي: من أين تمر الطريق إلى القدس؟" تأثيرات التقارب الإيراني-الأميركي على التوجهات الإيرانية من القضية الفلسطينية، وترصد المؤشرات الداخلية الاجتماعية والاقتصادية؛ التي تنذر بحدوث تحول في السياسة والخطاب الإيراني على هذا الصعيد.
-
العلاقات الإيرانية الروسية بين التنسيق والتنافس: من المعروف أن ما يطلق عليه: "التعاون الذكي" مع روسيا، مكَّن إيران من تغيير اللعبة؛ سواء في العراق أو في سوريا، فهل سيستمر ذلك، أم سترجح إيران التعاون مع الولايات المتحدة الأميركية على حساب روسيا في ملفات أخرى؟
تجيب عن هذه الأسئلة الباحثة الروسية المتخصصة في العلاقات الدولية كارينا فايزولينا، في ورقتها بعنوان "العلاقات الروسية الإيرانية في ظل التقارب مع واشنطن: وجهات نظر".
-
العلاقات الإيرانية التركية: حدود التعاون والتنافس: تتزايد العلاقات الإيرانية/التركية أهمية وتأثيرًا في التحولات التي يشهدهما العالم العربي؛ خاصة أن النفوذ الإقليمي لإيران يتواجه مع التحالفات الدولية لتركيا، فماهي حدود التقارب والتباعد بين الجانبين؟ في هذا الصدد يقدم الباحث المختص في الشؤون التركية د. محمد جابر ثلجي، ورقة بعنوان: "التقارب الأميركي-الإيراني والعلاقات التركية-الإيرانية: الفرص والتهديدات المحتملة".
-
تنامي الدور الإيراني في أسيا الوسطى: ويدخل د. سِباستين بَايروس -الباحث ببرنامج أسيا الوسطى، في جامعة جورج واشنطن- في صلب هذه القضية من خلال ورقة بعنوان: "هل يتنامى دور إيران في أسيا الوسطى؟ حسابات الربح والخسارة الجيوسياسية والاقتصادية والسياسية". ويناقش فيها أسئلة كثيرة حول الدور المتزايد الذي يمكن أن تؤديه إيران في أفغانستان وأسيا الوسطى (كازاخستان، قيرغيزستان، وطاجكستان، وتركمنستان، وأوزبكستان).
ومن خلال هذه الأوراق مجتمعة نضع بين يدي القارئ مجموعة من الخلاصات والنتائج.
عودة للصفحة الرئيسية للملف |