التقارب الإيراني-الأميركي: مواقف الأطراف الإيرانية الفاعلة

تسلط هذه الورقة الضوء على وجهات نظر الأطراف الفاعلة على الساحة الإيرانية من قضية التقارب الإيراني الأميركي، وأسباب رفض بعضها لهذا التقارب، ودوافع البعض الآخر لقبوله والدفاع عنه.
31 March 2014
201433171721908621_20.jpg
(الجزيرة)

ملخص
تسلط هذه الورقة الضوء على وجهات نظر الأطراف الفاعلة على الساحة الإيرانية من قضية التقارب الإيراني الأميركي، وأسباب رفض بعضها لهذا التقارب، ودوافع البعض الآخر لقبوله والدفاع عنه، وفي مقدمة هذه الأطراف مؤسسة المرشد الأعلى، التي يبدو أنها تؤدي دورًا يفرض بالضرورة أن يظلل الجميع خلال هذه المرحلة، فلا يمنع المرشد التفاوض مع أميركا في إطار الملف النووي؛ ولكنه يقف حذرًا أمام أي تقارب عملي.

وترى الورقة أن الظروف قد تبدلت بالنسبة إلى إيران؛ فبعد وصول الرئيس حسن روحاني إلى كرسي الرئاسة تبنت البلاد خطاب الاعتدال والانفتاح في سياستها الخارجية، وبعد اتصال هاتفي بين روحاني ونظيره الأميركي باراك أوباما في نيويورك -على هامش اجتماع الجمعية العمومية للأمم المتحدة-ازداد الحديث في البلاد عن مدى إمكانية استئناف العلاقات بين طهران وواشنطن.

ولأن نظام الحكم في الجمهورية الإسلامية تتعدد فيه المؤسسات والتيارات؛ فقد اختلفت وجهات النظر بين هؤلاء حول التطبيع مع الولايات المتحدة الأميركية عدو إيران القديم، الذي عمل على تهميشها وعزلها دوليًّا طيلة السنوات الماضية.

كما ترصد الباحثة وجهة نظر الحكومة والإصلاحيين الذين لا يرفضون مبدأ التقارب وعلى استعداد لتطبيقه عمليًّا، كما تتناول موقف مؤسسة الحرس الثوري الأصوليين المتشددين؛ الرافضين لأي عودة للعلاقات وأسباب هذا الرفض، ثم تبحث رأي المجتمع الإيراني، الذي يضع رفع الحظر الاقتصادي عن إيران في مقدمة أولوياته؛ بغض النظر عن كيفية تطبيق الأمر من قبل الساسة ومراكز صنع القرار.

وتخلص الورقة إلى أن ما يحدث اليوم من اختلاف للرأي حول التقارب الإيراني الأميركي بين الفرقاء السياسيين في إيران، يبدو كتوزيع للأدوار في الجمهورية الإسلامية الإيرانية؛ لتبقى البلاد على قدر من التوازن السياسي من قضية استراتيجية ومبدئية بالنسبة إلى جمهور الثورة الإسلامية.

وإذا لم تستجب واشنطن بسرعة لانفتاح حكومة روحاني؛ فإن ذلك سيؤثر سلبًا على شرعيته في الشارع، وسيقوي منطق خصومه، وقد يرفع المرشد غطاءه عن الحكومة، لكن غالبية المحللين الإيرانيين يستبعدون مثل هذا السيناريو الصراعي.

مقدمة

بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والولايات المتحدة الأميركية تاريخ طويل من النزاع والمشاحنات، وقطيعة دبلوماسية بدأت مع انتصار الثورة الإسلامية في إيران قبل خمسة وثلاثين عامًا، إلا أن طهران وواشنطن جلستا مرات عدة على طاولة ثنائية لمناقشة قضايا إقليمية تهم البلدين، كأحداث العراق وأفغانستان، كما اجتمعت القيادات الإيرانية والأميركية في غرفة واحدة على هامش المحادثات النووية لمرات عدة.

إلا أن إيران اليوم غيرها بالأمس؛ فأولى إرهاصات التغيير بدأت تلوح في الأفق مع وصول الرئيس المعتدل حسن روحاني إلى كرسي الرئاسة، وتبنيه لخطاب منفتح على الغرب، وتوجيهه مع بعض الأطراف الإيرانية إشارات إيجابية للولايات المتحدة بعد تشدد محافظ دام لثماني سنوات، وعقوبات مشددة فرضت على البلاد بسبب برنامجها النووي، شملت حظر استيراد النفط ومقاطعة البنوك الإيرانية، وقد خلفت العقوبات خلال الأعوام الماضية تبعات سلبية على معيشة الإيرانيين ومجمل الوضع الاقتصادي؛ فبدأ الشعب يتطلع نحو تبني الساسة لشعارات جديدة تنهي تلك المرحلة بإنعاش الاقتصاد أولاً، والانفتاح على العالم ثانيًا.

وبالمقابل فإن العديد من الساسة الإيرانيين تبنوا خطابًا معتدلاً بهذه الدرجة أو تلك، يدعم الحوار مع الغرب، بعد أن بات رفع العقوبات الاقتصادية مطلبًا شعبيًّا له الأولوية على سواه.

إلا أن مسألة التفاوض مع عدو قديم اتبع سياسة عزل إيران دوليًّا، وكان المسبب الأساس للحظر المفروض عليها؛ لطالما أثار جدلاً بين التيارات السياسية الإيرانية، التي يختلف خطابها السياسي ونظرتها إلى الغرب عمومًا وإلى الولايات المتحدة الأميركية على وجه الخصوص. 

في هذه الورقة نسلط الضوء على المواقف المختلفة للأطراف السياسية الفاعلة في إيران من مسألة التقارب مع الولايات المتحدة الأميركية، ودوافع من يؤيدون هذا التقارب، والأسباب التي تجعل البعض يقف ضده، مع التطرق لوجهة النظر الشعبية الإيرانية، التي تضع على رأس أولوياتها حلحلة المشكلات الاقتصادية للمواطن الإيراني.

مراكز القرار بين مؤيد وحذر غير واثق بأميركا

تتوزع مراكز صنع القرار في النظام الإيراني على سلطات متعددة، وتتنوع فيه التيارات السياسية؛ ولذلك من الطبيعي أن تختلف الآراء حول التقارب الإيراني/الأميركي، الذي بدأ مع الدعوة الأميركية العلنية لإيران إلى طاولة الحوار؛ تزامنًا مع تولي روحاني سدة الحكم في إيران.

ويمكن توزيع الأطراف الرئيسية الفاعلة في الساحة الإيرانية على عدة مستويات؛ نفصل موقفها في النقاط التالية:

أولاً: مؤسسة المرشد
للمرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية السيد علي خامنئي الكلمة الفصل في الملفات الاستراتيجية في البلاد؛ والملف النووي الإيراني والعلاقات مع الولايات المتحدة الأميركية من أهم هذه الملفات.

اختار المرشد خلال هذه المرحلة العمل تحت شعار: "مرونة الشجعان"؛ فظروف إيران اليوم باتت مختلفة، والملفات تتزاحم في المنطقة التي يعاد فيها خلط الأوراق، وباتت طهران بحاجة إلى ليونة دون تقديم تنازلات مصيرية(1).

لقد استدعت المعطيات الإقليمية والداخلية أن يفتح المرشد مجالاً أكبر أمام الحكومة للتوصل إلى اتفاق نووي مع الغرب؛ يجعل إيران تتنفس الصعداء اقتصاديًّا، وهذا يعني بالتالي انتعاش كل مؤسساتها؛ فتعود الفائدة على الجميع؛ ولكن عندما يصل الموضوع إلى تطبيع مباشر مع واشنطن قد يختلف الموقف الشخصي للمرشد وللدائرة المقربة والضيقة من مستشاريه؛ كرحيم صفوي مستشار الشؤون العسكرية، وممثله في الحرس الثوري علي سعيدي وغيرهم.

المرشد الأعلى الذي أعرب سلفًا عن عدم تفاؤله بأي نتائج إيجابية مستقبلية من المفاوضات النووية التي تخوضها بلاده مع الدول الكبرى(2)، عرَّف في وقت سابق معنى الحوار مع أميركا بقوله: إن "الحوار في العرف السياسي يعني التعاطي، ويعني الحصول على شيء مقابل ثمن، فماذا يمكننا أن نمنح أميركا، وما الذي تريده منا بالمقابل؟ المشكلة بالنسبة إليهم تكمن في تمسك إيران بخط الإسلام الصحيح، ويريدون منكم أن ترفعوا يدكم عن هذا الخط؛ فهل أنتم مستعدون لتقديم هذا الثمن؟(3)".

وفي خطاب آخر أصر خامنئي على أن "إيران لا تثق بالولايات المتحدة؛ فالحكومة الأميركية غير منطقية وتمارس الفوقية على الآخرين، ولا تفي بوعودها، ولا يمكن لإيران أن تماشي حكومة تخدم الشبكة الصهيونية عبر العالم؛ ولكننا ندعم التحركات الدبلوماسية لحكومتنا؛ على الرغم من عدم تفاؤلنا بما سيعطيه الطرف الأميركي"(4).

ويعود ليؤكد الموقف ذاته خلال الذكرى الخامسة والثلاثين لانتصار الثورة الإسلامية الإيرانية؛ حيث عاد وقدم دعمه لحكومة الرئيس روحاني، موجهًا خطابه لمن ينتقدون سياسات الانفتاح وطريقة الحوار مع الدول الكبرى حول برنامج البلاد النووي؛ طالبًا منهم منح الحكومة وقتًا أطول، قائلاً: "إن المسؤولين السياسيين الذين ينتقدون المفاوضات مع الدول الكبرى حول البرنامج النووي الإيراني مدعوون إلى إبداء قدر من التساهل حيال الحكومة، التي لم تتول السلطة إلا قبل بضعة أشهر، ويجب إعطاؤها مزيدًا من الوقت لتتقدم بقوة في خططها". وهاجم بعدها الولايات المتحدة معتبرًا أنها ستطيح بالحكومة الإيرانية إن سنحت لها الفرصة، ومضيفًا أن واشنطن تتبنى نهجًا يتسم بالهيمنة والتدخل في شئون البلاد الداخلية(5).

وبتحليل كل هذا الكلام، مع التركيز على موقف خامنئي من المفاوضات النووية، وبملاحظة أن المرشد لم يعترض على المكالمة الهاتفية بين الرئيس روحاني ونظيره الأميركي باراك أوباما على هامش اجتماع الجمعية العمومية للأمم المتحدة في نيويورك، ولم يقف -أيضًا- ضد الاجتماعات الثنائية بين وزير الخارجية محمد جواد ظريف ونظيره جون كيري على هامش المحادثات بين إيران ومجموعة الدول الست، كما أعلن دعمه للفريق الإيراني المفاوض الذي شكله روحاني، داعيًا كل الأطراف في الداخل إلى إعطائهم الفرصة كونهم أبناء الثورة، نرى أن المرشد وإن كان يتبنى موقفًا حذرًا، يفسر على أنه يقف ضد أي اندفاعة متسرعة نحو تطبيع العلاقات الثنائية بين طهران وواشنطن؛ ولكنه لا يسد الباب أمام احتمال تحسين الروابط مع الغرب عمومًا، لعلَّ ذلك يصب في صالح تحسين الوضع الإيراني في الداخل، وصورة إيران أمام الخارج، وهذا على الأقل سيثبت حسن النوايا الإيرانية بعد عزل هذا البلد دوليًّا خلال السنوات الأخيرة.

يبدو المرشد الأعلى كمن يريد القول؛ إن إيران قررت محاورة الشيطان لدرء مصائبه عنها. كما يفسر هذا الموقف الحذر غير المتفائل على أن المرشد خلال هذه المرحلة يمسك بالعصا من الوسط؛ بين الحكومة التي لا ترفض مبدأ التقارب مع واشنطن، ومنتقدي ورافضي هذا التقارب كمؤسسة الحرس الثوري، أو حتى المتشددين من التيار المحافظ.

ويمكن تلخيص موقف المرشد ودوافعه وفق النقاط التالية:

  1. المرشد الأعلى علي خامنئي، على الرغم من عدم تفاؤله بالنتائج على المدى البعيد، موافق ضمنيًّا على تقارب محدود مع الولايات المتحدة؛ وذلك من باب السعي لحلحلة الملفات العالقة في برنامج البلاد النووي، وتخفيف العقوبات الاقتصادية، وفي الوقت ذاته يبدو المرشد حذرًا للغاية من فتح باب الحوار على الجوانب المتعددة للعلاقات الثنائية بين طهران وواشنطن، مكتفيًا في هذه المرحلة على الأقل، بمنح الضوء الأخضر للتفاوض المباشر بين البلدين ضمن عنوان الملف النووي وحسب. 
  2. مصالح إيران الآن تقتضي تبني خطاب: "مرونة الشجعان"، فالدور الإقليمي الإيراني وحتى الأمن القومي يقتضيان خطوة من هذا النوع. 
  3. وراء حذر المرشد من الاندفاع نحو تطبيع العلاقات مع أميركا أسباب تاريخية؛ فالرجل الذي كان رمزًا من كبار رموز الثورة الإسلامية، لا يمكنه أن يتغاضى عن شعار: "الموت لأميركا"، الذي يساوي عمره عمر الثورة، ولا يمكن لتيارات كثيرة في إيران أن تتناسى هذا الشعار، أو تتجاهله بعد سنوات من العداء.
  4. المرشد يحاول أن يظلل جميع التيارات في إيران تحت عباءته؛ فهو يمنع مصادرة جهود الحكومة، ويتبنى موقف المعادين لأميركا تاريخيًّا، ويحاول أن يقلص الهوة بين الشعب والسلطة السياسية بعد أن دفع الإيرانيون غاليًا ثمن الحظر الاقتصادي.
  5. هذه المواقف من أعلى سلطة في إيران تعني بشكل أو بآخر مجاراة إيران للوضع الإقليمي والدولي، ومحاولة خروجها من عزلتها، ورفع الحظر عنها، وخفض الضغط عليها، وفي الوقت ذاته الحفاظ على أمنها القومي.

ثانيًا: رفسنجاني والمعتدلون
هذه المجموعة تتبنى موقفًا يؤيد التقارب المشروط بزوال أسباب العداء مع الولايات المتحدة؛ انطلاقًا من مبدأ بناء الثقة. وتبدو وجهة النظر هذه هي الأقوى بين كل الأطراف خلال هذه المرحلة؛ ما دام أن المرشد الأعلى يتبنى ما تم صكه في التداول كمصطلح؛ أي: "المرونة الشجاعة"، وهو الرأي الذي يستحوذ على تأييد الجمهور الأكبر بين كل الأطياف.

لطالما مثَّل خط الاعتدال هذا الخط الثالث بين اليمين واليسار في إيران، وعمر هذا الخط من عمر الثورة الإسلامية، وأبرز رموزه التاريخية أكبر هاشمي رفسنجاني رفيق الإمام الخميني، والرجل الثاني بعد المرشد الأعلى في الجمهورية الإسلامية؛ ورفسنجاني واحد من أعمدة النظام في إيران، وهو في الوقت ذاته وجه إيران المعتدل إقليميًّا ودوليًّا، والداعم القوي للرئيس روحاني. وقد عاد هذا الفريق ليكتسب قوة وزخما مع فوز روحاني في الانتخابات الرئاسة التي قال فيها الناخبون "لا" للمرشحين الأصوليين.

ويتبنى رفسنجاني منذ مدة موقفًا مثيرًا للجدل في إيران، فهو من قال: إن شعار الموت لأميركا ليس مذكورًا في القرآن ولا في الإسلام. ولم يمانع الإمام الخميني من حذف شعار الموت لأميركا أيضًا(6)، وهذا ما أثار بلبلة كبيرة في الأوساط الإيرانية، ولاسيما بين المتشددين من رجال الدين(7).

ويرى رفسنجاني أن من الطبيعي استئناف العلاقات بين إيران وأميركا؛ ولكن بشرط تسوية أسباب الأزمة، كما يعتقد -حاله حال غالبية قادة النظام في إيران- وجود عداء تاريخي من قبل الطرف الأميركي لإيران منذ انتصار الثورة الإسلامية، وأن واشنطن تتبنى وتغذي سياسات عدائية، تهدف إلى عزل إيران دوليًّا وشيطنتها عبر العالم.

بالمقابل يؤمن رفسنجاني بضرورة بناء إيران من الداخل أولاً، وتحسين علاقاتها إقليميًّا ودوليًّا؛ وهو ما يعني تحسين صورتها أمام العالم، وهذا يعني -حسب رأيه- القدرة على مواجهة السياسة الأميركية، الأمر الذي سيفرض على الولايات المتحدة أن تراجع موقفها سابق الإشارة، وأن تتفاهم مع طهران، ويشدد رفسنجاني على "مواجهة أميركا بسياسة اعتدال وانفتاح"؛ لأن ذلك سيعني تراجع سياستها التي ترمي إلى شيطنة إيران(8).

خلال دورتيه الرئاسيتين تبنى رفسنجاني سياسة إعادة بناء إيران بعد انتهاء حرب الثماني سنوات مع العراق، وحسن علاقات بلاده مع دول المنطقة والدول الأوربية أيضًا، وبات يقول: إن أميركا هي القوة الأولى في العالم. سائلاً الجميع عن "الفرق بين أوروبا والصين وأميركا، فإذا ما كانت إيران تحاور هذه الدول؛ فلماذا لا تحاور أميركا؟"(9).

بالتالي يمكن القول: إن رفسنجاني ومن معه ليسوا مع تقديم أي تنازل للولايات المتحدة؛ كونهم يعتبرون العداء مع القيادة الأميركية عداءات سياسيًّا، وليست إيديولوجيًّا؛ لكنهم يؤيدون التقارب مع الولايات المتحدة في هذه المرحلة؛ لأنه يوفر لإيران مخرجًا من الحصار الاقتصادي المفروض عليها، وهذا الرأي يتعارض قليلاً مع وجهة النظر التي لا تثق بالطرف الأميركي، وتؤمن بأنها تريد عرقلة حركة إيران.

ثالثًا: الحكومة الإيرانية برئاسة حسن روحاني
يعد الرئيس حسن روحاني مقربًا من رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام هاشمي رفسنجاني، ويتبنى ذات سياسات تياره، إلا أن حكومة روحاني اليوم تعتبر الأداة التنفيذية لتطبيق سياسات البلاد في الخارج، وعلى الرغم من أن الحكومة تحاول تطبيق سياسات رفسنجاني التي ترفع شعار الاعتدال، فإنها تبقى ضمن الحدود التي يرسمها المرشد والحرس الثوري أيضًا، كما أنها تحاول التوفيق بين وجهات النظر الأساسية في البلاد.

يتمتع الرئيس حسن روحاني بعلاقات جيدة مع المرشد الأعلى، وهو ابن الحوزة العلمية؛ لكنه يحمل مفتاح الدبلوماسية في يده، ويرى أن حل معضلة البرنامج النووي الإيراني تكون بتخفيف العداء مع الآخرين، ويشدد على أن لديه السلطة الكاملة للتفاوض على البرنامج النووي مع الغرب.

عين روحاني محمد جواد ظريف وزيرًا لخارجيته، الذي كان يجري اتصالات مكثفة مع الأميركيين خلال الفترات الرئاسية لكل من هاشمي رفسنجاني ومحمد خاتمي، كما نقل الملف النووي من مجلس الأمن القومي إلى الخارجية، وسلمه لأشخاص معتدلين؛ الأمر الذي أعطى الحكومة شكلاً دبلوماسيًّا، يقوم على تخفيف حدة خطاب السياسة الخارجية تجاه الولايات المتحدة والغرب؛ وذلك مع التأكيد على الثوابت.

ومنذ فترة الحملات الانتخابية رأى روحاني أن حل مشاكل البلاد يكمن في مجالين؛ السياسة الخارجية أولاً، ومعالجة مشكلات الاقتصاد ثانيًا، وإحدى هذه المشكلات -بل أبرزها- يتصل بالعقوبات(10).

ويشدد برنامج روحاني على ضرورة تفاعل إيران مع دول العالم؛ بل واندماج نظامها الثوري في المجتمع الدولي، ضمن مقاربة أسماها بـ"المشاركة البناءة". وتكثيف الجهود لتطوير علاقات إيران مع الآخرين، وإعطاء دور أكبر للدبلوماسية لتولي الملفات الصعبة؛ مثل: البرنامج النووي، والعلاقات مع الولايات المتحدة الأميركية ودول الجوار؛ خاصة دول مجلس التعاون الخليجي.

وقد كتب روحاني في مقال له بصحيفة الواشنطن بوست الأميركية مقالاً بعنوان: "لماذا تسعى إيران للمشاركة البناءة؟" وأسهب فيها بالشرح حول النهج الإيراني الجديد نحو العالم، معلنًا بداية حقبة جديدة من التفاعل الإيراني مع العالم؛ وذلك وفق أجندة قوامها الحوار والمصالحة والمشاركة البناءة.

كتب روحاني: إن "العالم قد تغير، ولم تعد السياسة الدولية مكسب طرف على حساب خسارة الطرف الآخر الكاملة؛ بل أصبحت متعددة المكاسب والأطراف، ويجب أن تقوم على التعاون والشراكة المتبادلة". مؤكدًا أنه يعتزم اتباع سياسة المصالحة والحوار واللقاءات البناءة، ووجه كلامه إلى المجتمع الدولي والولايات المتحدة الأميركية؛ مشيرًا إلى أن التقارب الدبلوماسي البناء لا يعني تقديم تنازلات مصيرية؛ بل يعني الالتزام بمبدأ المساواة والاحترام المتبادل؛ لتبديد المخاوف التي تعرقل العلاقات بين الطرفين، وتحقق الأهداف المشتركة بينهما(11).

ولا يقرأ من موقف روحاني وحكومته عدم رفض مبدأ التفاوض المباشر مع الولايات المتحدة وحسب؛ بل الرغبة في استئناف العلاقات معها(12).

إن التقارب مع الولايات المتحدة الذي يجب أن يحقق شرط "ليونة الشجعان"، الذي يضعه المرشد الأعلى، سيحقق وفق روحاني التالي:

  1. الاقتصاد أولوية بالنسبة إلى حكومة روحاني، والتقارب مع الولايات المتحدة سيسمح برفع الحظر الاقتصادي الأميركي عن إيران، والإفراج عن الأرصدة الإيرانية المجمدة في البنوك الأميركية؛ بل وإلغاء معظم العقوبات الغربية.
  2. في الوقت ذاته سيؤمن التقارب الاعتراف بحق إيران بامتلاك برنامج نووي؛ وذلك بالتزامها أيضًا مستقبلاً بتنفيذ ما عليها في اتفاق جنيف، أو ما جاء في الاتفاق الموقع مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وقد خاطب روحاني المرشد بعد اتفاق جنيف ليؤكد التزامه بالولاء، وعلى نجاح خطته الدبلوماسية(13)؛ عساه يحصل على ضوء أخضر لاستمرار هذه الجهود، ما دام أنها تحقق الشروط. 
  3. الاعتراف بدور إقليمي لإيران؛ كون التقارب مع أميركا سيؤدي إلى تعاون ثنائي في قضايا الشرق الأوسط، وحلحلة بعض أزمات المنطقة كالأزمة السورية.
  4. الحكومة معنية بتنفيذ آراء المواطنين ممن انتخبوها، وهو ما يذكره روحاني في خطاباته مرارًا عندما يتحدث عن نيته عدم خذلان من انتخبوه في الاقتصاد والسياسة، وهذا الأمر يتطلب تقاربًا مع القوة الأكثر تأثيرًا في العالم(14).

رابعًا: الإصلاحيون
هذا التيار بزعامة الرئيس السابق محمد خاتمي ومؤيدوه، الذين لا يزالون تحت عباءة الجمهورية الإسلامية، عاد وانتعش بعد وصول روحاني إلى سدة الرئاسة؛ وذلك بعد أن غاب عن الساحة منذ أزمة الانتخابات الرئاسية عام 2009، وانتخاب محمود أحمدي نجاد رئيسًا للمرة الثانية، وتشكيك الإصلاحيين الداعمين لمرشحهم مير حسين موسوي بالنتائج.

تبدو رؤية هذا التيار واضحة وصريحة، ومؤيدة للتقارب مع الولايات المتحدة الأميركية، وللحوار المباشر معها(15)؛ وذلك انطلاقًا مما يلي:

  • التقارب مع أميركا ينسجم مع الخطاب السياسي للإصلاحيين؛ الذي طالما تساءل عن سبب استمرار العداء مع الولايات المتحدة؛ في وقت قد يحقق فيه التقارب لإيران الكثير.
  • أي تقارب مع واشنطن يعني عودة وجوه الإصلاح إلى ساحة العمل السياسي في إيران، وإنعاش حضور هذا التيار بعد سنوات من الغياب، ويلاحظ أنه بعد انتخاب روحاني فتح المجال أكثر أمام الإصلاحيين وصحفهم وكتابهم، وبدأ الحديث يتردد عن اقتراب موعد رفع الإقامة الجبرية عن كل من ميرحين موسوي ومهدي كروبي.
  • كان الإصلاحيون قد اتبعوا خلال الدورتين الرئاسيتين لمحمد خاتمي سياسة تعليق تخصيب اليورانيوم، واختاروا التهدئة للتخفيف من الضغوطات، وهم يتخوفون من أي عمل عسكري ضد إيران؛ لذا يشجعون على الدبلوماسية والحوار المباشر مع الولايات المتحدة.

وكان الإصلاحيون قد أشاروا مرارًا إلى أن أي علاقات مع الطرف الأميركي لا تعني بالضرورة الخروج عن نظام الجمهورية الإسلامية؛ محاولين بذلك الابتعاد عما حدث عام 2009 واتهام بعضهم بالتآمر على نظام الحكم(16).

وعلى الرغم من دعوتهم الصريحة لإصلاح ما أفسده الدهر والساسة المتشددون مع واشنطن؛ فإن قلق الإصلاحيين يتزايد من أن تركيز حكومة روحاني على إصلاح العلاقات الخارجية لإيران، وتحسين العلاقات مع الغرب، سيكون على حساب الإصلاحات الداخلية، ودعم الحريات السياسية والثقافية في الداخل(17).

خامسًا: موقف المؤسسة الدينية في إيران (الحوزة العلمية)
بطبيعة الحال يوجد داخل المؤسسة الدينية في إيران رجال دين منتمون للطيف الأصولي وآخرون معتدلون، ووفق التصريحات التي صدرت عن متحدثين في الحوزة العلمية تقترب وجهة نظر علماء الحوزة كثيرًا من وجهة نظر المرشد(18).

ولكن لا يخفى على الجميع أن بعض علماء الحوزة يتحفظون على تصرفات المتشددين وانتقاداتهم اللاذعة للسياسات الحكومية، التي تقترب من الغرب، وتفتح حوارًا معه، ويعتبر هؤلاء أن البلاد تمر بظروف تتطلب وحدة داخلية أكثر مما سبق، ويركزون على ضرورة الحفاظ على وحدة النسيج الداخلي الإيراني، وأنه لابُدَّ من تجنيب البلاد أي مشاكل إضافية بين الفرقاء السياسيين، قد تمنع التركيز على حل الأزمة الاقتصادية، الذي بات المطلب الأساسي لكافة لإيرانيين.

ويرى هؤلاء أن التقارب إذا كان مفتاحًا لرفع الأعباء عن كاهل المواطنين فلا ضير منه، كما يرى العديد من علماء الحوزة الدينية أنه لا ضرر من التفاوض مع الغرب لحل مسائل الملف النووي، ولا ضرر كذلك من فتح نقاش مع أميركا؛ ولكن دون تجاوز الخطوط الحمراء ومبادئ الجمهورية الإسلامية، وأن التفاوض يستطيع أن يحافظ على عزة الإيرانيين، وفي المقابل يوقف دفع البلاد ثمن الحظر الاقتصادي المفروض عليها(19).

معارضون يرفضون مد اليد بالمطلق للشيطان الأكبر

أولاً: مؤسسة الحرس الثوري
هذه المؤسسة ضد أي تقارب مع الولايات المتحدة الأميركية بالمطلق، وقد وجه عدد من كبار مسؤوليها انتقادات لاذعة لاتفاق جنيف النووي الأخير مع الغرب، وللسياسات الخارجية للرئيس حسن روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف؛ معتبرين أنها تميل إلى السياسة الليبرالية الغربية؛ بل إن قائد الحرس الثوري الإيراني الجنرال محمد علي جعفري انتقد في سبتمبر/أيلول الفائت المكالمة الهاتفية بين روحاني وأوباما، واصفًا إياها بأنها سابقة لأوانها(20)، إلا أن الدعم الذي وفره المرشد الأعلى لروحاني وللاتفاق النووي أبقى العناصر المحافظة داخل صفوف الحرس تحت السيطرة، ويستنبط هذا من تصريح أخير لجعفري الذي قال فيه: إن "مؤسسة الحرس ستسكت أمام هذا الأمر؛ لأننا لا نريد أن نعطي المجال أو الفرصة لأي أحد للعبث بالداخل الإيراني"(21).

أسباب اعتراض الحرس على التقارب:

  • ينظر الحرس الثوري إلى الولايات المتحدة على أنها من قوى الاستكبار العالمي، التي تعادي الجمهورية الإسلامية، ولا يمكن لإيران أن تضع يدها في يد قوة تقوم على التسلط والهيمنة في العالم(22).
  • تعتبر مؤسسة الحرس أن أي اتفاق بين إيران وأميركا قد يهدد (الأساس الأيديولوجي) لقوة الحرس الثوري الإيراني؛ كقوة مسؤولة عن الحفاظ على ولاية الفقيه، وحماية الجمهورية الإسلامية الإيرانية وأمنها القومي ومكتسبات الثورة الإسلامية، كما أن أي تقارب إيراني أميركي جدي قد يعني تراجع دور مؤسسة الحرس العسكرية، التي ترى في أميركا الشيطان الأكبر.
  • الحرس هو القوة الإيرانية الحامية لمحور المقاومة، فهو من يدعم حزب الله وفصائل المقاومة الفلسطينية، كما أنها المؤسسة العسكرية التي تقوم بتأمين مصالح الجمهورية الإسلامية عبر العالم، وهو القوة المتواجدة في المياه الخليجية لتواجه التواجد العسكري الأميركي هناك؛ بالتالي فإن أي علاقة مع أميركا ستعني بالضرورة تراجع هذا الدور.
  • فعليًّا لا توجد أمام الحرس خيارات بديلة للسياسة الخارجية التي تتبعها حكومة روحاني؛ نظرًا إلى الوضع الاقتصادي المتأزم في البلاد؛ ولكن الحرس يقود كذلك قطاعات اقتصادية إيرانية مهمَّة جدًّا داخل إيران وخارجها، وقد بدأ هذا الدور في زمن الرئيس السابق أحمدي نجاد لإنقاذ الاقتصاد المحلي، والالتفاف على الحظر، ولا شك أن نجاح السياسات الخارجية لروحاني -وتحديدًا التقارب مع الغرب- سيقلص هذا الدور مستقبلاً، خاصة إذا ما رفع جزء كبير من العقوبات، وواضح أن روحاني يعي هذه المسألة أيضًا، وقد وجه دعوة للحرس لتقليص دور هذه المؤسسة العسكرية في الاقتصاد؛ متسلحًا بكلام المرشد بضرورة ابتعاد هذه المؤسسة قليلاً عن الساحة السياسية أولاً(23)، وبالزخم الشعبي المؤيد للتوافق النووي مع الغرب ثانيًا.

ثانيًا: الأصوليون المتشددون
هذا التيار يقول علنًا: لا تفاوض ولا تقارب ولا علاقات مع أميركا. وقد وجه بعض أعضاء البرلمان الإيراني من هذا الطيف المتشدد انتقاداته لسياسات الحكومة وللرئيس ولوزير خارجيته، ويرى هؤلاء أن الاتفاق المرحلي بين طهران ومجموعة الدول الست الكبرى -الذي بدأ في فبراير/شباط الماضي، وينتظر مزيدًا من جولات التفاوض لتحويله إلى اتفاق شامل ونهائي- يرونه يصب في مصلحة الدول الغربية؛ فيما أن مزاياه لإيران بالمقابل متواضعة، ويُعَرِّض استمرار البرنامج النووي الإيراني للخطر.

يعتبر هذا الطيف أن الحكومة قدمت تنازلات مهمَّة بموافقتها على خفض جزء من الأنشطة النووية الإيرانية مقابل تخفيف جزئي للعقوبات الدولية، ويرون أن الاتفاق المرحلي لم يضمن هذا الحق(24).

كما انتظر حوالي 100 شخص من الموالين للأصوليين المتشددين عودة روحاني قادمًا من اجتماع الجمعية العمومية للأمم المتحدة في مطار مهر أباد في العاصمة الإيرانية؛ ليوصلوا إليه غضبهم بشأن مكالمته مع أوباما؛ مرددين شعار: "الموت لأميركا"، فهذا التيار لا يثق في الولايات المتحدة على الإطلاق، ويرفض الجلوس معها على طاولة واحدة(25)، والأسباب حسب هؤلاء:

  • أميركا عدو تاريخي أدت دورًا في محاولة إجهاض ثورة إيران الإسلامية، كما حاولت زرع الفتنة في الداخل الإيراني لإسقاط النظام الإسلامي.
  • العداء مع الولايات المتحدة الأميركية كان السبب الأساس في تحقيق إيران لكل إنجازاتها خلال العقود الثلاثة الماضية.
  • لا يمكن إقامة أي علاقات في سياقها السياسي الطبيعي دون تقديم تنازلات؛ والمتشددون ليسوا مع أي نوع من التنازلات.
  • الأصوليون المتشددون يرون أن أي تقارب بين إيران وواشنطن يعني تغيير تركيب السياسة الداخلية؛ وهو ما يعني تهميش دورهم في الداخل.
  • وهناك بعض المحافظين يرددون تصريحات معادية للتقارب مع الولايات المتحدة، أو الحوار معها؛ بهدف وضع حدود للسياسة الخارجية لروحاني، مشترطين أن تغير الولايات المتحدة سلوكها تجاه إيران أولاً.

وعلى الرغم من عدم وقوف المرشد الأعلى ضد إجراءات الحكومة، فإنه لا يمكن الاستهانة بقدرة المحافظين المتشددين، الذين يملكون القدرة على كبح -وربما إجهاض- سياسة روحاني للتقارب مع الولايات المتحدة مستقبلاً؛ فهؤلاء يحكمون قبضتهم على البلاد، ولديهم أدوات قوة بالفعل، منها تواجدهم بقوة في مجلس الشورى الإسلامي، فهم يستطيعون سحب الثقة من وزير الخارجية أو أي وزير في حكومة روحاني، كما أنهم يستطيعون إقرار قوانين جديدة تلزم الحكومة بتنفيذها، وعلى سبيل المثال بدأ بعض نواب البرلمان بالتحضير لمشروع قرار يقضي بتخصيب اليورانيوم في البلاد بنسبة ستين بالمائة، وإذا ما تم التصويت عليه فهذا يعني نسف اتفاق جنيف، وأي توجه إيراني تصالحي متوقع نحو الولايات المتحدة.

إلا أن هؤلاء جميعًا وعلى الرغم من أنهم ما زالوا مظللين تحت عباءة المرشد، فإن المتشددين يستشهدون دائمًا بقوله: إنه لا مكان للثقة بأميركا. وأنه غير متفائل من مسار المفاوضات النووية مع الغرب.

فيما أن المعتدلين من المحافظين لا يرون في التقارب مع واشنطن خطًّا أحمر لا يجب تجاوزه؛ ولكنهم أيضًا غير متفائلين على الإطلاق بصيرورة هذا التقارب.

المجتمع الإيراني بين هم المعيشة والانفتاح

أنهى انتخاب الرئيس حسن روحاني أزمة في الشارع الإيراني واجهتها البلاد بعد احتجاجات عام 2009، وتزايدت مع رئاسته توقعات المواطنين الإيرانيين برفع الهم الاقتصادي عن كاهلهم، ولعل هذا الأمر هو المطلب الأساسي لكل إيراني؛ بغض النظر عن طريقة تحقيقه.

وبعد عودة الرئيس روحاني من اجتماع الجمعية العمومية للأمم المتحدة، وتعرُّضه لانتقادات شديدة، تحدَّث عن استطلاع للرأي سيتم إجراؤه لمعرفة رأي المواطنين الإيرانيين بإعادة صياغة شكل علاقات بلادهم مع الولايات المتحدة الأميركية.

لينقل بعدها المتحدث الرسمي باسم الرئاسة أن نتيجة استطلاع رأي الشارع حول التقارب الإيراني الأميركي80-90 % ممن شاركوا في الاستفتاء يوافقون على تغيير مسار العلاقات الإيرانية الأميركية، التي تقوم على العداء، وكان هناك من 10- 20% يخالفون تطوير العلاقات؛ و الملف أن نسبة من هذه الفئة كانت توافق على حذف شعار (الموت لأميركا) من المناسبات الرسمية، ومن خطب صلاة الجمعة في المساجد الإيرانية؛ بينما صوت آخرون على رفض تطوير العلاقات الثنائية مع إصرارهم على شعار: "الموت لأميركا"(26)، وعلى الرغم من عدم اعتراف البعض بهذه النتائج، واعتبارها غير رسمية؛ فإنه بالإمكان على الأقل تصنيف الشارع الإيراني إلى مؤيد ومعارض بكل الأحوال، على الرغم من أن كل ما يهم الإيرانيين -كما جرت الإشارة مرارًا- هو وضع اقتصادي سليم بعد أن أثقلت العقوبات كاهلهم(27).

سواء أولئك الذين يعارضون التقارب مع الولايات المتحدة، وهؤلاء الذين يدعمون فكرة الاقتصاد المقاوم ودعم الصناعات المحلية والانكفاء الذاتي، أو ممن يؤيدون التقارب الذين يرون في الانفتاح نحو العالم وحلحلة أهم المشكلات مع الولايات المتحدة على وجه الخصوص أنه يحمل مستقبلاً اقتصاديًّا أفضل للبلاد وينهي العقوبات. 

ملف الاقتصاد -الذي هو بيت قصيد الجميع- هو ما يهم المواطن الإيراني، الذي يتمتع كذلك بتعصب قومي، ولن يرضى بتنازل مصيري يمس سيادته، والمهم من ملف السياسات الخارجية لبلاده بالنسبة إليه يأتي من مقدار تأثرها وتأثيرها على ملفاته المعيشية.

المواطن في إيران يوافق السياسيين بشكل أو بآخر على أن سياسات الولايات المتحدة كانت السبب في فرض الحظر على إيران، وعزلها دوليًّا، وشيطنتها أمام المجتمع الدولي؛ لكنه يختلف بين فئة وأخرى حول صوابية أو خطأ أسلوب المواجهة، وبالتالي حول أسلوب مراجعة السياسة الخارجية.

  • من يؤيدون التقارب في الشارع الإيراني، بعضهم يرى أنه يجب أن يكون على قاعدة الند، وجميعهم يوافقون على أنه سيساعد إيران على الانفتاح نحو الخارج، وتسوية الكثير من ملفات البلاد، فإن زالت الأسباب فما الداعي للعداء، ومن هؤلاء فئات من الشباب في المدن الرئيسية الكبرى، ورجال الأعمال والصناعيين والتجار الذين أثرت العقوبات وانخفاض قيمة الريال على مصالحهم.
  • أما من يرفضون التقارب وحتى حذف شعار: "الموت لأميركا"، فهؤلاء يعيشون غالبًا في الأرياف والقرى، التي تمتد على مساحة واسعة من الأراضي الإيرانية؛ فضلاً عن أنهم يشكلون القاعدة الأساسية لقوات التعبئة أو "بسيج"؛ إضافة إلى طلاب الحوزات العلمية، وكل هؤلاء يتمسكون بالرأي القائل: إن أميركا عدو تاريخي لإيران؛ كونها كانت داعمًا للشاه الإيراني الذي أسقطته الثورة الإسلامية، وحليفة لإسرائيل وكل خصوم إيران.

خلاصة

تجتمع الأطراف المختلفة الفاعلة على الساحة السياسية الإيرانية على أن الولايات المتحدة الأميركية اتبعت سياسات معادية لطهران، وكانت السبب في حشد ضغط دولي عليها خلال العقود الماضية، وما يحدث اليوم من اختلاف للرأي حول التقارب الإيراني الأميركي بين الفرقاء السياسيين في إيران يبدو كأنه توزيع للأدوار في الجمهورية الإسلامية الإيرانية؛ لتبقى البلاد على قدر من التوازن السياسي من قضية استراتيجية ومبدئية بالنسبة إلى جمهور الثورة الإسلامية.

وعلى الرغم من إيمان كل طرف بموقفه، فإن هذا التوزيع وعدم التحرك العملي باتجاه واشنطن، أو الشروع بتقليم أظافر الحكومة يعطي المشهد الحالي انطباعًا أن إيران تقف منتظرة في مرحلة تختبر فيها نوايا الغرب، وإزاحة الضباب عن صورة بعض التجاذبات الإقليمية والوقائع والتطورات المرتقبة على مستوى المنطقة.

من المؤكد أنه ولأول مرة، ثمة شبه إجماع داخلي إيراني، حول مراجعة العلاقات مع دول الجوار والغرب والولايات المتحدة، غير أن حذر كافة الأطراف الإيرانية في مقاربة ملفات الحوار والتقارب مع أميركا سيبقى خلال الفترة المقبلة سيد الموقف، ومن الواضح أيضًا أن مقاربة إمساك العصا من الوسط -التي اعتمدها مرشد الثورة- مريحة للجميع للتعامل مع معطيات هذا الملف خلال المرحلة الراهنة؛ لأنه لا مصلحة لأي طرف برفع وزيادة حدة التوتر الداخلي.

وفي الانتظار ما ستؤول إليه المفاوضات حول الاتفاق النووي النهائي بين إيران والدول الكبرى، الذي سيكون الكلمة الفصل في المعادلة الداخلية الإيرانية، فإذا ما حققت الحكومة النجاح وحلت القضية النووية، وتمكنت من تخفيف العقوبات بشكل ملموس، فسيتعزز النهج التصالحي المعتدل، وسيحظى بمزيد من دعم الرأي العام الإيراني.

أما إذا لم تستجب واشنطن بسرعة لانفتاح حكومة روحاني؛ فإن ذلك سيؤثر سلبًا على شرعيته في الشارع، وسيقوي منطق خصومه، وقد يرفع المرشد غطاءه عن الحكومة، هذا الاحتمال الأخير قد يكون واردًا -أيضًا- في حال ذهب روحاني بعيدًا في مقاربة الانفتاح على أميركا والغرب، دون رضا المرشد؛ لكن غالبية المحللين الإيرانيين يستبعدون مثل هذا السيناريو الصراعي؛ فالرئيس روحاني هو ابن النظام الإيراني، ومن المؤكد أن الجميع سيحرص على إيجاد صيغ توافقية داخلية، ومنع أي صراعات غير مجدية حول موضوع التقارب مع الولايات المتحدة، إلى أن يتضح الخيط الأبيض من الأسود.
____________________________________
فرح الزمان أبو شعير - باحثة متخصصة في الشأن الإيراني، نشرت عدداً من الأوراق البحثية حول إيران من خلال مركز الجزيرة للدراسات، وتعد حاليا رسالة ماجستير في جامعة طهران حول العلاقة بين إيران والإخوان المسلمين.

الهوامش والمصادر
(1) ايت الله خامنه أي: امروز زمان نرمش قهرمانانه است، (آية الله خامنئي: اليوم زمن مرونة الشجعان)، موقع خود نويس، 26 من شهريور 1392، 17 من سبتمبر/أيلول 2014:
https://khodnevis.org/article/52658#.UwzzCaxWHIU.
(2) بيانات در ديدار مردم اذربايجان به مناسبت قيام بيست ونهم بهمن ماه تبريز، (خطاب للمرشد الأعلى خلال لقاءه المواطنين في إقليم أذربيجان بمناسبة انتفاضة التاسع والعشرين من بهمن في تبريز)، الموقع الرسمي للمرشد الأعلى علي خامنئي، 28 من بهمن 1392، 17 من فبراير/شباط 2014:
http://farsi.khamenei.ir/speech-content?id=25363.
(3) چرا مذاكره با آمريكا نه ورابطه هرگز؟، (لم لا للمحادثات مع أميركا، ولا بالمطلق للعلاقات؟)، موقع حزب مؤتلفة، 19 من فروردين 1391، 7 من إبريل/نيسان 2013:
 http://motalefe-party.com/Detaill_news.asp.
(4) سخنان امروز آيت الله خامنه اي درباره مسئله ارتباط با آمريکا، (خطاب آية الله خامنئي اليوم حول مسألة العلاقات مع أميركا)، موقع ظهور، 13 من مهر 1392، 5 من أكتوبر/تشرين الأول 2013:
http://zohur.net/%D8%B3%D8%AE%D9%86%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%85%D8%B1%D9%88%D8%B2-%D8%A2%DB%8C%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D8%AE%D8%A7%D9%85%D9%86%D9%87-%D8%A7%DB%8C-%D8%AF%D8%B1%D8%A8%D8%A7%D8%B1%D9%87-%D9%85%D8%B3.htm.
(5) بيانات در ديدار فرماندهان وكاركنان نبروى هوايي ارتش، (خطاب المرشد أمام ضباط وقادة القوى الجوية في الجيش)، الموقع الرسمي للمرشد الأعلى علي خامنئي، 19 من بهمن 1392، 8 من فبراير/شباط 2014:
http://farsi.khamenei.ir/speech-content?id=25260.
(6) هاشمي رفسنجاني: امام با حذف شعار مرگ بر آمريکا موافق بودند، (هاشمي رفسنجاني: الإمام الخميني كان موافقا على حذف شعار الموت لأميركا)، موقع بولتن نيوز، 7 من مهر 1392، 29 من سبتمبر/أيلول 2013:
http://www.bultannews.com/fa/news/170689/%D9%87%D8%A7%D8%B4%D9%85%DB%8C-%D8%B1%D9%81%D8%B3%D9%86%D8%AC%D8%A7%D9%86%DB%8C-%D8%A7%D9%85%D8%A7%D9%85-%D8%A8%D8%A7-%D8%AD%D8%B0%D9%81-%D8%B4%D8%B9%D8%A7%D8%B1-%D9%85%D8%B1%DA%AF-%D8%A8%D8%B1-%D8%A2%D9%85%D8%B1%DB%8C%DA%A9%D8%A7-%D9%85%D9%88%D8%A7%D9%81%D9%82-%D8%A8%D9%88%D8%AF%D9%86%D8%AF.
(7) نقد کيهان به هاشمي رفسنجاني در مورد حذف شعار"مرگ بر امريکا"، (انتقاد صحيفة كيهان -المحسوبة على المحافظين المتشددين- لهاشمي رفسنجاني فيما يخص حذف شعار "الموت لأميركا")، موقع خبر أن لاين، 14 من مهر 1392، 6 من أكتوبر/تشرين الأول 2013:
http://khabaronline.ir/detail/316267/Politics/parties.
(8) آيا هاشمي طرفدار مذاکره با آمريکا است؟/رفسنجاني محرم اسرار امام و نفر دوم کشور است، (هل هاشمي رفسنجاني يؤيد التفاوض مع أميركا؟/رفسنجاني مخزن أسرار الإمام والرجل الثاني في البلاد)، موقع انتخاب، 26 من أرديبهشت 1392، 16 من مايو/أيار 2013:
 http://www.entekhab.ir/fa/news/111553.
(9) اظهارات عجيب هاشمي رفسنجاني در باره مذاکره ورابطه با امريکا، (التصريحات الغريبة لهاشمي رفسنجاني حول المفاوضات والعلاقات مع أميركا)، موقع وكالة أنباء فارس، 15 من فروردين 1391، 3 من إبريل/نيسان 2012:
http://www.farsnews.com/newstext.php?nn=13910115000406.
(10) روحاني: نمي‌خواهيم تا قيامت با آمريکا قهر باشيم، (روحاني: لانريد أن نبقى في حالة استعداء مع أميركا حتى آخر الدهر)، موقع فرارو، 11 من أرديبهشت 1392، الأول من مايو/أيار 2013:
http://fararu.com/fa/news/148286/%D8%B1%D9%88%D8%AD%D8%A7%D9%86%DB%8C-%D9%86%D9%85%DB%8C%E2%80%8C%D8%AE%D9%88%D8%A7%D9%87%DB%8C%D9%85-%D8%AA%D8%A7-%D9%82%DB%8C%D8%A7%D9%85%D8%AA-%D8%A8%D8%A7-%D8%A2%D9%85%D8%B1%DB%8C%DA%A9%D8%A7-%D9%82%D9%87%D8%B1-%D8%A8%D8%A7%D8%B4%DB%8C%D9%85.
(11) مقال الرئيس حسن روحاني الذي نشر في صحيفة واشنطن بوست بتاريخ 20 من سبتمبر/أيلول 2013،
President Hasan rouhani, Why Iran seeks constructive engagement, 20 September 2013
http://www.washingtonpost.com/opinions/president-of-iran-hassan-rouhani-time-to-engage/2013/09/19/4d2da564-213e-11e3-966c-9c4293c47ebe_story.html.
(12) روحاني: مي‌توان ? دهه دشمني با آمريکا را به دوستي تبديل کرد، (روحاني: من الممكن استبدال ثلاثة عقود من العداء مع أميركا إلى صداقة)، موقع خبر أن لاين، 3 من بهمن 1392، 23 من يناير/كانون الثاني 2014:
http://khabaronline.ir/detail/334181/Politics/diplomacy.
(13) نامه روحاني درباره دستاوردهاي مذاکرات ژنو وپاسخ رهبر انقلاب، (رسالة روحاني حول إنجازات محادثات جنيف وجواب مرشد الثورة)، موقع تابناك، 3 من آذر 1392، 24 من نوفمبر/تشرين الثاني 2013:
http://www.tabnak.ir/fa/news/359789/%D9%86%D8%A7%D9%85%D9%87-%D8%B1%D9%88%D8%AD%D8%A7%D9%86%DB%8C-%D8%AF%D8%B1%D8%A8%D8%A7%D8%B1%D9%87-%D8%AF%D8%B3%D8%AA%D8%A7%D9%88%D8%B1%D8%AF%D9%87%D8%A7%DB%8C-%D9%85%D8%B0%D8%A7%DA%A9%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%DA%98%D9%86%D9%88-%D9%88-%D9%BE%D8%A7%D8%B3%D8%AE-%D8%B1%D9%87%D8%A8%D8%B1-%D8%A7%D9%86%D9%82%D9%84%D8%A7%D8%A8.
(14) في ذات مقال الرئيس روحاني الذي نشر في الواشنطن بوست سبتمبر/أيلول العام الفائت كتب روحاني أن "الشعب الإيراني اختارني رئيسًا قبل ثلاثة أشهر بناء على برنامجي الانتخابي المحلي والدولي، وأنا ملتزم بتحقيق ما وعدت به". ويمكن مراجعة المقال على الموقع:
President Hasan rouhani, Why Iran seeks constructive engagement, 20 September 2013
http://www.washingtonpost.com/opinions/president-of-iran-hassan-rouhani-time-to-engage/2013/09/19/4d2da564-213e-11e3-966c-9c4293c47ebe_story.html.
(15) مصطفى داننده، چرخش بزرگ اصول‌گرايان واصلاح‌طلبان درباره «رابطه با آمريکا»، (التحول الكبير لوجهة نظر المحافظين والإصلاحيين حول العلاقة مع أميركا)، موقع نامه نيوز، 5 من بهمن 1392، 25 من يناير/كانون الثاني 2014:
http://namehnews.ir/News/Item/103825/2/%DA%86%D8%B1%D8%AE%D8%B4-%D8%A8%D8%B2%D8%B1%DA%AF-%D8%A7%D8%B5%D9%88%D9%84-%DA%AF%D8%B1%D8%A7%DB%8C%D8%A7%D9%86-%D9%88-%D8%A7%D8%B5%D9%84%D8%A7%D8%AD-%D8%B7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D9%86--%D8%AF%D8%B1%D8%A8%D8%A7%D8%B1%D9%87--%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D8%B7%D9%87-%D8%A8%D8%A7%D8%A2%D9%85%D8%B1%DB%8C%DA%A9%D8%A7---%D9%88%D9%82%D8%AA%DB%8C--%D8%B1%D8%A7%D8%B3%D8%AA-%D9%87%D8%A7-%DA%86%D9%BE-%D9%85%DB%8C-%D8%B2%D9%86%D9%86%D8%AF-%D9%88-%DA%86%D9%BE-%D9%87%D8%A7-%D8%B1%D8%A7%D8%B3%D8%AA.html
(16) مصطفى کواکبيان: مي‌توان رابطه با آمريکا را در 6 ماه برقرار کرد، (مصطفى كواكبيان –المرشح الإصلاحي للانتخابات الرئاسية السابقة-: من الممكن صياغة علاقات مع أميركا خلال ستة أشهر)، موقع إيران ديبلماسي، 4 من أرديبهشت 1392، 24 من إبريل/نيسان 2013:
http://www.irdiplomacy.ir/fa/page/1915361/%DA%A9%D9%88%D8%A7%DA%A9%D8%A8%DB%8C%D8%A7%D9%86+%D9%85%DB%8C%E2%80%8C%D8%AA%D9%88%D8%A7%D9%86+%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D8%B7%D9%87+%D8%A8%D8%A7+%D8%A2%D9%85%D8%B1%DB%8C%DA%A9%D8%A7+%D8%B1%D8%A7+%D8%AF%D8%B1+6+%D9%85%D8%A7%D9%87+%D8%A8%D8%B1%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%B1+%DA%A9%D8%B1%D8%AF+.html.
(17) باريسا حافظي، تركيز الرئيس حسن روحاني على العلاقات الدولية يثير تجاذبات وانتقادات داخلية، صحيفة الإندبندنت، 22 من يناير/كانون الثاني 2014:
 http://www.independent.co.uk/news/world/middle-east/iranian-president-hassan-rouhanis-focus-on-foreign-affairs-attracts-criticism-at-home-9078370.html.
(18) نظر أحمد خاتمي درباره مذاکره با آمريکا، (رأي أحمد خاتمي -وهو أحد علماء الحوزة- في العلاقات مع أميركا)، موقع رويش نيوز، 4 من مرداد 1392، 26 من يوليو/تموز 2013:
http://rooyeshnews.com/others/political/47336-3920504170209.html.
(19) نگاه مراجع تقليد وحوزه به مذاکره دولت با آمريکا همان ديدگاه رهبري است، (نظرة مراجع التقليد وعلماء الحوزة إلى العلاقات مع أميركا تتوافق ورأي المرشد)، موقع نامه نيوز،13 من مهر 1392، 18 من أكتوبر/تشرين الأول 2013:
http://namehnews.ir/News/Item/71972/2/%D8%BA%D8%B1%D9%88%DB%8C%D8%A7%D9%86--%D9%86%DA%AF%D8%A7%D9%87-%D9%85%D8%B1%D8%A7%D8%AC%D8%B9-%D8%AA%D9%82%D9%84%DB%8C%D8%AF-%D9%88-%D8%AD%D9%88%D8%B2%D9%87-%D8%A8%D9%87-%D9%85%D8%B0%D8%A7%DA%A9%D8%B1%D9%87-%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%AA-%D8%A8%D8%A7-%D8%A2%D9%85%D8%B1%DB%8C%DA%A9%D8%A7-%D9%87%D9%85%D8%A7%D9%86-%D8%AF%DB%8C%D8%AF%DA%AF%D8%A7%D9%87-%D8%B1%D9%87%D8%A8%D8%B1%DB%8C-%D8%A7%D8%B3%D8%AA--%D8%A8%D8%A7%D8%B2%D9%86%D8%AF%DA%AF%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%AE%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D9%85%DB%8C-%D8%AE%D9%88%D8%A7%D9%87%D9%86%D8%AF-%D8%B1%D9%88%D8%AD%D8%A7%D9%86%DB%8C-%D8%B1%D8%A7-%D8%B9%D8%B5%D8%A8%D8%A7%D9%86%DB%8C-%DA%A9%D9%86%D9%86%D8%AF.html.
(20) نظر سردار جعفري درباره مكالمة روحاني وأوباما، (رأي الجنرال جعفري بالمكالمة الهاتفية بين روحاني وأوباما)، موقع فرهنگ نيوز، 8 من مهر 1392، 30 من سبتمبر/أيلول 2013:
http://www.farhangnews.ir/content/49682.
(21) سرلشکر جعفري در جمع مسؤولان بسيج دانشجويي: دعواي خياباني سال ?? بر سر انقلاب بود/ درباره مذاکرات فعلاً سکوت مي‌کنيم، (اللواء جعفري أمام مجموعة من مسؤولي قوات التعبئة للطلاب: ما جرى في عام 2009 هو صراع استهدف الثورة؛ حاليًّا سوف نلتزم الصمت إزاء موضوع المحادثات). موقع وكالة أنباء فارس،30 من بهمن 1392، 19 من فبراير/شباط 2014:
http://www.farsnews.com/newstext.php?nn=13921130000357.
(22) شرط سرد‌ار جعفري براي رابطه با آمريكا، (شرط الجنرال جعفري لصياغة علاقات مع أميركا)، صحيفة قانون، 21 من آذر 1392، 12 من ديسمبر/كانون الأول 2013:
http://vista.ir/news/12095208.
(23) ضرورتي ندارد سپاه در عرصه سياسي فعاليت کند، (لا يوجد دواعٍ لتدخل الحرس الثوري في المجال السياسي)، موقع ملي مذهبي، 26 من شهريور 1392، 17 من سبتمبر/أيلول 2013:
http://melimazhabi.com/?p=51699.
(24) ادامه انتقاد برخي از اصولگرايان از توافق اتمي ژنو در آستانه اجرا، (استمرار بعض المحافظين بانتقاد توافق جنيف النووي حتى بعد أن بدأ تنفيذه)، موقع فردا، 28 من دي 1392، 18 من يناير/كانون الثاني 2014:
إضغط هنا.
(25) انظر المصدر (15).
(26) موافقت ?? درصد مردم با برقراري رابطه با آمريکا وحذف شعار مرگ بر آمريکا، (موافقة 80% من الإيرانيين على إعادة العلاقات مع أميركا وحذف شعار الموت لأميركا)، موقع بيست، 26 من مهر 1392، 18 من أكتوبر/تشرين الأول 2013:
http://20ist.com/archives/29029.
(27) مردم ارزاني مي‌خواهند يا رابطه با آمريکا؟، (هل يريد الشعب خفض الأسعار أم علاقات مع أميركا؟)، موقع جهان نيوز، 29 من مهر 1392، 21 من أكتوبر/تشرين الأول 2013:
http://jahannews.com/vdcb5gbfgrhb5zp.uiur.html.

عودة للصفحة الرئيسية للملف

ABOUT THE AUTHOR