مواطنو حزب الشاي.. الثورة الأميركية الثانية

يذهب مؤلفا "مواطنو حزب الشاي" إلى أن سياسة التخطيط بأميركا محكومة بانتخابات الرئاسة وبتوجهات الرئيس إبان فترة حكمه (أقصاها ثماني سنوات). والبديل الذي يقترحه المؤلفان هو أن التخطيط لمستقبل أميركا يجب أن يكون للأجيال القادمة دون التقيد بسنوات حكم الرئيس.
201442311555674734_20.jpg
(الجزيرة)
من داخل رهانات الحلم والتغيير اللذين رفعهما الرئيس الأميركي باراك أوباما خلال حملته الرئاسية الأولى، ومع ارتفاع منسوب الحلم الأميركي، والنتائج الكارثية للسنوات الأربع من حكمه، برزت حركة حزب الشاي الأميركي. فخلال عام 2009 وأزمة الرهن العقاري التي مست نتائجها جميع شرائح المجتمع الأميركي، وتدخل الدولة لإنقاذ الشركات والبنوك، وما تمخض عن هذا التدخل من احتجاجات شعبية طالت شوارع العديد من الولايات الأميركية، ارتفعت دعوات تطالب بإنصاف المواطن الأميركي أمام جبروت الدولة الأميركية، وتغول نظام "السوق الرأسمالي" الذي عمّق الفوارق الاقتصادية والمجتمعية.

داخل هذا السياق المأزوم يندرج كتاب "مواطنو حزب الشاي.. الثورة الأميركية الثانية" لصاحبيه مارك ميكلر وجيني بيث مارتن. فمنذ الصفحات الأولى للكتاب يؤكد الكاتبان على أنه سيرة جماعية للطبقات الأميركية الوسطى الباحثة عن الثورة والتغيير. إضافة إلى كونه عصارة تجربة شخصية؛ فمارك ميكلر الذي اشتغل في قطاع المحاماة يقدم نفسه على أنه مواطن أميركي لا يختلف عن جميع الأميركيين. تخلى ميكلر عن مناصرة الحزب الجمهوري لأنه برأيه تخلف عن أهداف واضعي أسس الدستور الأميركي، ثم لأن أعضاء هذا الحزب غالبًا ما ينسون أو يتناسون الذين قاموا بانتخابهم وأوصلوهم إلى واشنطن. في حين أن جيني بيث مارتن التي صنّفتها مجلة تايمز واحدة من بين أهم الشخصيات المؤثرة في العالم خلال سنة 2010، تقدم نفسها على أنها أم مثل باقي الأمهات الأميركيات اللواتي واجهن أزمة الرهن العقاري ووجدن أسرهن على قارعة الطريق، وأن الاحتجاج شكّل برأيها طريقة مثلى للخروج من الأزمة وبناء الثقة بالذات والوطن.

فعبر مقدمة واثني عشر فصلاً عمل صاحبا الكتاب على تقديم أهم الأفكار والأطروحات السياسية والاقتصادية والقضائية والتربوية وحتى الإعلامية لحزب الشاي؛ مما جعل الكتاب أقرب ما يكون إلى عرض مفصل للبرنامج السياسي لحزب يقدم نفسه كمعادلة جديدة في حقل سياسي مغلق يقوم على هيمنة منظور ثنائي للممارسة السياسية، في بلد ينص جميع دساتيره على أنه بلد الحرية والتعددية. وطوال فصول الكتاب الاثني عشر ظلت عملية عرض البرامج تراوح بين طرح الأفكار أولاً ومقارنتها بأفكار كل من الحزبين الديمقراطي والجمهوري ثانيًا. كل ذلك في مسعى لإقناع قارئ الكتاب بأن حركة حزب الشاي تمثل البديل السياسي المنشود.

ورغم أن القارئ المفترض للكتاب هو القارئ الأميركي في المقام الأول، فإن إقبال القارئ العربي على قراءة الكتاب واستيعاب مضامينه يجعله يقف على حالة التحول التي يشهدها النسق السياسي الأميركي القائم على التقليدية والانغلاق، ودور هذا الحزب في التغيير المستقبلي لقواعد اللعبة السياسية؛ مما يمنحه فرصة تنويع خياراته التحليلية في التعاطي مع الشأن الداخلي الأميركي أولاً، والوقوف على العناصر الثابتة والمتحركة في السياسة الخارجية الأميركية داخل الرقعة الجغرافية العربية.  
 
حزب أم حركة شعبية؟ 

إن أول سؤال يواجه قارئ كتاب "مواطنو حزب الشاي.. الثورة الأميركية الثانية"، هو: هل يمثل حزب الشاي حزبًا بالمعنى التقليدي للحزب، أم أنه مجرد حركة شعبية احتجاجية لديها برنامجها السياسي الذي تعمل من خلاله على المشاركة في التدافع السياسي الأميركي وخلخلة بعض القيم الثابتة فيه؟

ورغم أن مؤلفي الكتاب يحجمان عن التصريح بالأهداف السياسية البعيدة لحزب الشاي، إلا أن كل فصول الكتاب تكشف –وبالواضح- أننا أمام حزب سياسي لديه برنامج سياسي واقتصادي مستمد من عمق الشارع الأميركي، وأنه يتوفر على برنامج انتخابي متكامل العناصر.

وفي حين أن رهان المنتمين له سيكون -ولا شك- هو الظفر يومًا ما بكرسي الرئاسة وكسر الثنائية التقليدية المحصورة بين الجمهوريين والديمقراطيين، لكن خلال الفصول الأخيرة من الكتاب يتبين أن الرهان الآني والتكتيكي لصاحبي الكتاب هو التركيز على العمل الحركي والميداني بهدف حشد أكبر عدد ممكن من المناصرين في جميع الولايات الأميركية كخيار أولي، في حين أن الاستراتيجية الكبرى للحزب تقوم على بناء جيل أميركي جديد على أنقاض الجيل الحالي الذي فقد الثقة في المنظومة السياسية والاقتصادية السائدة، وشرع في البحث عن خيار ثالث خارج مدار هيمنة الحزبين: الجمهوري والديمقراطي. وبذلك جاء الكتاب -حسب مؤلفيه- في شكل خطة عمل لإنقاذ أميركا والعودة بها إلى الأفكار الأولى التي أُنشئت من أجلها الولايات المتحدة الأميركية.

ويذهب صاحبا الكتاب إلى أن حركة حزب الشاي التي لم يمض على ظهورها أكثر من ست سنوات، تمكنت من فرض نفسها كقوة سياسية معترف بها داخل الدوائر السياسية الأميركية، ولها أصوات في مجلس النواب ومجلس الشيوخ. بل إنها أصبحت تشكّل مصدر قلق للخصوم الجمهوريين والديمقراطيين على حد سواء؛ ففي الوقت الذي يصر خصومها على التعامل معها ككتلة انتخابية حاسمة في الانتخابات الرئاسية وغير الرئاسية، فإن قيادة الحزب تؤكد على أنه يتعامل مع الواقع الأميركي وفق منظور مستقل عن الخصوم السياسيين، وأن قوته السياسية تكمن في انتمائه للمواطن الأميركي أولاً ولعب أدوار سياسية تضاهي الحزبين التقليديين، وربما تتجاوزهما في المستقبل.

وكان أحد استطلاعات الرأي الذي أجراه "مركز بيو" خلال العام 2001 قد أفاد بأن 24% من الأميركيين غيروا رأيهم سلبًا حيال الحزب الجمهوري فيما زادت نسبة تأييد حركة حزب الشاي بنسبة 30%. ورغم أن عددًا من أعضاء حركة حزب الشاي يقرون بأنهم "جمهوريون أو جمهوريون ثائرون"؛ فإن الكتاب يمضي عكس هذا الزعم مبرزًا أن الحزب في بدايته قدّم نفسه كحركة تصحيحية داخل المشهد السياسي الأميركي، وأن عملية التصحيح ستظل مستمرة إلى حين تحقيق الأهداف، وأن أعضاء الحزب يكتسحون الانتخابات المحلية لرئاسة الولايات، في حين أن مقولة التصحيح ستظل مستمرة ما دام الحزب يعتمد في برامجه السياسية خطة لأميركا والشعب الأميركي خلال "الأربعين سنة المقبلة". 

حزب الشاي والمعادلة السياسية الجديدة

يقدم صاحبا الكتاب حزب الشاي باعتباره حزبًا للمواطن الأميركي؛ فمقولة: "نحن الشعب" التي تكررت أكثر من مرة في فصول الكتاب، تختزل الرهانات السياسية للحزب وتضعه في مواجهة مكشوفة مع الحكومة التي تحولت برأي مناصريه إلى عائق أمام الحقوق السياسية والمدنية المضمونة منذ الدستور الأميركي الأول؛ فالشعب معزول والحكومة تسيّر البلاد ضد إرادة الشعب، في حين أن الحرية التي كانت أساس كل نجاح أميركي تراجعت أمام السيناريوهات الخفية بين الحكومة وأرباب الشركات الكبرى؛ ما جعل الحزبين الديمقراطي والجمهوري معًا -برأي مناصري الحزب- "أحزابًا خائنة" لوعود الدولة الأميركية الأم التي أرسى دعائمها توماس جيفرسون وإبراهام لينكولن.

وقد لا نستغرب حين نلحظ إصرار مؤلفي الكتاب كل مرة على الدعوة لإعادة صياغة الدستور الأميركي أو على الأقل تطبيق روح هذا الدستور، وفق قاعدة جديدة تنص على إحداث "تغييرات هيكلية في بنية الحكومة الأميركية" بما يضمن الحد من البيروقراطية، وتقوية النظام التشريعي الأميركي.

ويمكن ملاحظة أن أهم أفكار حزب الشاي قد جاءت موزعة عبر فصول الكتاب، ومنها:

  • العودة إلى روح الدستور الأميركي في صورته الأولى على مستوى الرؤية والممارسة.
  • رد الاعتبار لمقولة: الحرية الفردية، والارتهان الدائم للمواطن الأميركي الفرد باعتبارها أساس الثروة والثورة.
  • معارضة الزيادة في الضرائب، وتحميل الشركات الكبرى الجزء الأكبر منها على اعتبار أنها المستفيد الأكبر من حرية السوق أولاً، ومن حماية الحكومة وتدخلها لحظة الإعلان عن الإفلاس ثانيًا.
  • خفض الإنفاق الحكومي الذي يعتبر برأي الحزب إهدارًا للمال العام الذي يُستخلص من جيوب الأميركيين، وترك السوق يتكلم وفق منطقه الخاص القائم على ثنائية العرض والطلب. 
  • معالجة الديون السيادية عبر التعاطي العقلاني مع الميزانية الفيدرالية.
  • إصلاح النظام التربوي ودعم الثقافة الشعبية الأميركية كأساس لبناء مواطن أميركي واعٍ بشروط ونتائج التغيير، والمقتنع بسيادة أميركا على العالم في القرن الحالي والقرن الذي يليه. 

وهذه البنود أيضًا، قد تكون متضمنة في البرامج السياسية للحزبين: الجمهوري والديمقراطي، لكن تنصيص حركة حزب الشاي عليها في الكتاب يؤكد حقيقة أن الخلل لا يكمن في تبني الخيارات السياسية بل في تنفيذها وفق مصلحة الشعب الأميركي، ودون خضوع مؤسسة الرئاسة لإملاءات وشروط الحزب الحاكم أو مراكز القوة في الاقتصاد الأميركي. 

حزب الشاي وسؤال الإسلام في أميركا

لا يعرض الكتاب بصورة مباشر لسؤال الإسلام في الولايات المتحدة الأميركية، لكن ما دامت الأشياء بضدها تُعرف؛ فإن الصيغة التي تقدم بها الديانة المسيحية في الكتاب توضح بصورة مكشوفة موقف الحزب من الإسلام. والقراءة النقدية لفصوله تمكّن القارئ من الوقوف على الخلفية الدينية لمؤلفي الكتاب خلال عرض سيرتهما الشخصية؛ حيث تحضر الديانة المسيحية المحافظة مجسّدة في مفاهيم وتعابير من قبيل: عصمة الكتاب المقدس، الخلاص، موت المسيح على الصليب وبعثه... وهكذا.

كما أن تركيز انتقادات قادة الحزب على الأصول السلالية للرئيس الأميركي الحالي باراك حسين أوباما، وجذوره الإسلامية تنم عن توجه يسعى لنشر ثقافة "الكراهية ضد الإسلام"؛ فقد وصفوه بأنه مشكوك في أميركيته، وأنه مسلم متخفٍ وشيوعي واشتراكي. كما أن الحمولة النفسية والسياسية المستمرة لأحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول في المخيال السياسي الأميركي والحرب الأميركية ضد الإرهاب. كل ذلك جعل أعضاء الحزب يعبّرون عن مخاوفهم من "الأسلمة التدريجية" للولايات المتحدة الأميركية، أو على الأقل جعل الإسلام عدوًا مفترضًا يتم استحضاره على الدوام. والواضح أن الحركة نجحت في الترويج لهذه الأطروحة إلى الحد الذي جعل 22% من المواطنين الأميركيين يصدقونها حسب أحد استطلاعات الرأي.

ويؤكد صاحبا الكتاب أن أغلب أنصار الحزب منخرطون في الجمعية الأميركية الإيفانجيليكية، وهذه الأخيرة تحيل على التيار المحافظ بل والمتشدد في الديانة البروتستانتية. وتتحدد مهمة هذا التيار -حسب أقطابه- في إحياء رسالة المسيح القائمة على التسامح وفعل الخير. والإنجيليون في الولايات المتحدة الأميركية معروفون بأنهم الفئة الأكثر تدينًا والأكثر بحثًا عن الخلاص الإنجيلي، كما أن نفوذ الحزب يتقوى أكثر فأكثر في المناطق المحافظة دينيًا أو المعروفة بـ"الحزام الإنجيلي في الولايات الجنوبية من أميركا".

وإذا علمنا أن نسبة الإيفانجيليكيين في الولايات المتحدة الأميركية تبلغ 28% من مجموع المسيحيين، أي ما يعادل 91 مليون مواطن من مجموع الشعب الأميركي البالغ تعداده 360 مليون نسمة (1) ، يمكننا حينها أن نقرأ مستقبل حركة حزب الشاي ومدى تأثير النزوع الديني على صياغة التغيير ومستقبل صناعة القرار السياسي في أميركا.
 
مواطنو حزب الشاي وأجندة 40 سنة المقبلة
 
لا يجد صاحبا الكتاب حرجًا في التذكير كل مرة بأن حركة حزب الشاي تمثل أكبر حركة احتجاجية في التاريخ الأميركي الحديث، وأن تسميتها اشتُقت من احتجاجات المواطنين الأميركيين عام 1773 ضد السياسة الضريبية التي فرضها البرلمان البريطاني على الشاي المستورد من المستعمرات الأميركية، واعتُبرت هذه الحركة الاحتجاجية حينها بمثابة الشرارة الأولى للثورة الأميركية ضد التاج البريطاني. فعبر عملية التقابل والتناظر بين التجربتين نكتشف جانبًا من أهداف مؤلفي الكتاب والواقفين وراء هذا الحزب الذي يمكن أن يُختزل في مفهومي: "الثورة والتغيير". لكن مع فارق أساسي هو أن الثورة الأولى قامت على وقع صوت البنادق والرصاص، في حين أن السلاح المعتمد في الثورة الثانية لم يكن سوى وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة الفيس بوك وتويتر. ويؤكد صاحبا الكتاب -وهم من أكثر أعضاء الحركة نشاطًا على موقع تويتر- أن نحو 20 مليون مواطن أميركي يشاركون يوميًا في منتديات حركة حزب الشاي، وأنها تتوفر اليوم على "مواقع إلكترونية خاصة وموسيقى خاصة وكتابات خاصة وتأثير سياسي خاص". وبالخلاصة، فإن حركة حزب الشاي تمثل برأي مؤلفي الكتاب "بارديغمًا خاصًا وجديدًا" في الولايات المتحدة الأميركية، يسعى لرسم مستقبل السياسية الأميركية خلال السنوات الأربعين المقبلة.

وتبرز نجاعة فكرة صاحبي الكتاب في بلورة برنامج السنوات الأربعين المقبلة من خلال قراءته على ضوء سياسة التخطيط المعتمدة في أميركا؛ فالمؤلفان يذهبان إلى أن سياسة التخطيط المعتمدة في أميركا عادة ما تكون محكومة إما بالعمليات الانتخابية أو بتوجهات الرئيس إبان فترة حكمه. أي: إن العملية التخطيطية -بنظرهما- يتم حصرها في ثماني سنوات في أقصى تقدير زمني، وتتمركز حول ثلاثة مستويات أساسية، هي:

  • جمع وتحصيل الضرائب.
  •  صرف الميزانيات المقررة.
  • هيمنة الحكومة وتحكم الحزب الحاكم في تمرير القوانين عبر سلطة الرئيس، حتى لو كانت قرارات غير شعبية.

فهذه العناصر برأي الكاتبين تُفضي لنتيجة واحدة، هي هيمنة الدولة على كل شيء مما يحولها إلى عائق بيروقراطي أمام انفتاح الشعب الأميركي على المستقبل. والبديل الذي يقترحه المؤلفان هو أن التخطيط لمستقبل أميركا يجب أن يكون للأجيال القادمة دون التقيد بسنوات حكم هذا الرئيس أو ذاك، وأن يقوم على العناصر التالية:

  • المسؤولية الضريبية للمواطن: وهذا الجانب يقوم على بناء ثقافة مجتمعية جديدة عبرها يستشعر المواطن الأميركي أن الضريبة تمثل واجبًا وطنيًا ووسيلة للتنمية، وأن التهرب منها خيانة لمستقبل المواطنين الآخرين وليس خيانة للدولة. والأهم أن هذه الضرائب لن توجَّه لإنقاذ الشركات المفلسة، والتي غالبًا ما يعلن أصحابها عن إفلاسها لأسباب ضريبية أخرى.
  • دستورية العمل الحكومي: والتفسير السياسي لهذا المستوى يقتضي أن يتم جعل العمل الحكومي خاضعًا لروح الدستور، بدل خرقه أو تجاوزه من خلال تأويلات الفريق الحاكم، أو عبر تدخلات الرئيس.
  • حرية الأسواق: والدلالة الاقتصادية لهذه المستوى تعني وجوب احترام قواعد اللعبة الليبرالية المعروفة لأن تدخل الرئيس الأميركي باراك أوباما لحماية الشركات المفلسة كان على حساب أهم أسس الاقتصاد الليبرالي القائم على المنافسة وثنائية العرض والطلب والبقاء للأصلح. وأن عملية الإنقاذ والتمويل تمت من الضرائب المستخلصة من جيوب المواطنين. قد تكون هذه البدائل حالمة برأي البعض، لكنها ستظل مهمة طالما اقترنت بالتنفيذ، وكان مؤلفا الكتاب من الأوائل الذين أشرفوا على تأسيس موقع إلكتروني (2) في العام 2009 لتحقيق هذا الحلم.

ومن منظور صاحبي الكتاب، قام الموقع خلال السنوات الست الماضية على الشبكة العنكبويتة بدعوة كافة الشرائح الأميركية للمساهمة فيه، وشكَّل منتدى مفتوحًا للتحاور بين الأميركيين بشأن مستقبل أميركا على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والدينية. والغاية الأولى والأخيرة من هذا هي رد السلطة للشعب باعتباره المصدر الأول والوحيد للسلطة، والقادر على صناعة المستقبل. 

خاتمة

بهذه الرؤية وهذه الأدوات يكون المستقبل السياسي لحركة حزب الشاي مفتوحًا على نجاحات متعددة لاعتبارات كثيرة، لعل أهمها هو أن الحزب يقدم نموذجًا سياسيًا متكاملاً يعتمد العناصر الثلاثة:

  1. البرنامج السياسي المفتوح على المستقبل؛ حيث البدائل السياسية يتم بلورتها يوميًا من طرف عامة الشعب دون الارتهان لولاية انتخابية. وبصرف النظر عمن يكون الرئيس المقبل للولايات المتحدة الأميركية.
  2. الاعتماد على الطبقة الوسطى في الولايات المتحدة الأميركية لتنفيذ هذه السياسة؛ وهذا رهان رابح، لأن الطبقة الوسطى هي المعول عليها دائمًا في إحداث التغيير. والواضح من مضمون الكتاب أن الطبقة الوسطى الأميركية فقدت الثقة في الكثير من الممارسات السياسية المعتمدة في أميركا؛ فقد ضاقت ذرعًا بسياسة الحزب الجمهوري القائمة على مناصرة الطبقة الغنية وأثرياء شركات النفط، كما أنها لم تعد تجد في خطابة الرئيس الديمقراطي باراك أوباما وسياسته الاجتماعية ما يشفي غليلها بل رأت في مرحلة حكمه نهاية للرفاهية الأميركية التي بلغت ذروتها إبان فترة حكم الرئيس بيل كلينتون التي امتدت لولايتين ما بين عامي 1993، و2001.
  3. تسخير وسائل التواصل الاجتماعي كأدوات حديثة لتحقيق شرط النقاش العمومي وإيجاد البدائل. 

ولعل رياح التغيير التي هبت على دول العالم العربي منذ 2011 تجد بعضًا من صداها في بعض فصول الكتاب. لكن نقطة التقاطع الحقيقية تتحدد في أن النجاح في تغيير البنيات السياسية التقليدية ممكن طالما أن شرارة التغيير تنطلق من قواعد الشعب بتفاعل مع الطبقات الوسطى الصانعة للتغيير، وتهدف إلى تحقيق الديمقراطية باعتبارها أرقى الأنظمة السياسية المتوفرة في ضبط العلاقة بين الشعب والدولة.  

معطيات عن الكتاب
اسم الكتاب: مواطنو حزب الشاي.. الثورة الأميركية الثانية - Tea Party Patriots: The second American Revolution
المؤلف: مارك ميكلر وجيني بيث مارتن - Mark Meckler and Jenny Beth Martin 
مراجعة: عبد السلام رزاق
تاريخ النشر: 2012
الناشر: هنري هولت، نيويورك - Henry Holt and Company  New YORK
عدد الصفحات: 266
_______________________
عبد السلام رزاق، إعلامي بشبكة الجزيرة.

 المصادر

1- نظر التقرير   الصادر عن مركز" بيوفوروم "  لدراسة الدين وتأثيره على سير الحياة العامة في أميركا خلال العام 2011.

 Global Survey of Evangelical Protestant Leaders   http://www.pewforum.org /

 2- موقع حزب الشاي الإلكتروني   http://teapatrypatriots.org/40yearsplan

ABOUT THE AUTHOR