الأزمة اللبنانية من التفاقم إلى الانفجار

تتناول هذه الورقة الأزمة اللبنانية وتداخلها وتشعبها، وقد حاول الباحث أن يرصد الأسباب التي أدت إلى انفجار الأزمة اللبنانية كما تطرق في تحليله إلى نتائج هذا الانفجار وأنهى ورقته بالحديث عما يمكن أن ينجم عن هذا الانفجار من متغيرات.
1_720580_1_34.jpg









 

إعداد : د. بشير نافع









بشير نافع

بين 6 و9 مايو/ أيار 2008، نجحت قوات المعارضة اللبنانية، بقيادة حزب الله ومشاركة عناصر من حركة أمل، في السيطرة على بيروت الغربية بعد صراع مسلح قصير مع عناصر تابعة لتيار المستقبل والمجموعات المتحالفة معه.


خلال الأيام القليلة التالية، شهد لبنان اشتباكات مسلحة موضعية بين مسلحي قوى المعارضة ومسلحي قوى الموالاة في صيدا وطرابلس والمنطقة الدرزية من جبل لبنان.


في معظم الحالات، تم في النهاية محاصرة الاشتباكات المسلحة، ومن ثم انتشار قوات الجيش اللبناني في مناطق الصدام، لحفظ الأمن من ناحية، ولتسلم السيطرة على مواقع ومؤسسات ومكاتب القوى المتصارعة من ناحية أخرى. وقد أدى انفجار الوضع اللبناني على هذه الصورة، بعد عامين من الأزمة، إلى اجتماع عاجل لمجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية. كما صاحبه اهتمام عالمي كبير، لاسيما في الولايات المتحدة وفرنسا، الدولتين اللتين تلعبان دورا نشطا في الشأن اللبناني منذ ما قبل اغتيال الرئيس الحريري في فبراير/ شباط 2005.



تنظر هذه الورقة في الأسباب التي أدت إلى انفجار الأزمة اللبنانية، في نتائج هذا الانفجار، وفي ما يمكن أن ينجم عنه من متغيرات.



1





"
بني خطاب الحكومة اللبنانية وقيادات قوى 14 آذار على شجب سيطرة حزب الله المسلحة على بيروت الغربية واعتبار الخطوة دلالة على أن الحزب فقد شرعية المقاومة
"

تعود الأسباب المباشرة لانفجار الوضع اللبناني إلى صدور قرارين عن الحكومة اللبنانية قبل أيام قليلة من اندلاع الأحداث تقضيان بإحالة شبكة الاتصالات الخاصة بحزب الله للقضاء وبعزل العميد وفيق شقير، مدير أمن مطار بيروت، من منصبه وإعادته إلى كادر الجيش اللبناني. أظهر القرار الأول عزم الحكومة، عندما تساعد الظروف، على تفكيك شبكة اتصالات الحزب، بينما أشار القرار الثاني إلى توجه الحكومة إلى معاقبة العميد شقير، المتهم بتوفير مناخ استخباراتي موات لحزب الله، يسمح للحزب برقابة حركة الطائرات والبشر عبر المطار.


مقابل هذا، ينظر حزب الله إلى الحكومة باعتبارها غير كاملة الشرعية، وأنها أصبحت أداة للضغوط والتدخلات الخارجية، واعتبر بالتالي القرارين خطوة خطيرة تعكس عزم الحكومة على التضييق على المقاومة وتجريدها من سلاحها. من وجهة نظر حزب الله، كان لا بد أن يأتي الرد بحجم القرارين والدلالات المصاحبة لهما، وهو ما أشار له حسن نصر الله باستخدام "السلاح للدفاع عن السلاح".



بني خطاب الحكومة اللبنانية وقيادات قوى الأكثرية المعروفة بقوى 14 آذار على شجب سيطرة حزب الله المسلحة على بيروت الغربية، واعتبار الخطوة دلالة على أن الحزب فقد شرعية المقاومة. فإن كانت المواجهة مع الاحتلال والاعتداءات الإسرائيلية هي المؤسس لشرعية السلاح المقاوم، فأي شرعية يمكن أن تسبغ على توجيه هذا السلاح إلى الداخل اللبناني؟


الحقيقة، أن التناقض الذي يحمله خطاب قوى الأكثرية يحمل في طياته السبب الثاني والرئيس لانفجار الأزمة اللبنانية. فمنذ تأسيسه، كانت أولوية حزب الله هي المواجهة مع الإسرائيليين، وقد حاول جاهدا إقامة علاقات تفاهم مع الدولة وكل القوى السياسية اللبنانية، متجنبا التدافع اللبناني السياسي الداخلي.


وحتى بعد هزيمة الاحتلال الإسرائيلي في ربيع 2000، ومشاركة الحزب في الانتخابات البرلمانية اللبنانية، لم يكن الحكم أولوية لحزب الله. القوى السياسية اللبنانية هي التي دفعت الحزب للمشاركة في العمل السياسي. وببداية التأزم الداخلي، وجد الحزب نفسه مجبرا على تعزيز دوره السياسي الداخلي، بعد أن ارتفعت الأصوات الداعية إلى إخضاع المقاومة لسلطة وإرادة الدولة. مشكلة قوى الأكثرية اللبنانية أنها لم ترغب ولا تريد تطمين الحزب إلى حقه في المقاومة والحفاظ على استقلال سلاحه، وتحتج في الوقت نفسه على الدور الذي بات الحزب يلعبه في الشأن اللبناني الداخلي، بغض النظر عن تعبيرات هذا الدور.



إن أحد أهم وجوه قراري حكومة السنيورة أنها استبطنت افتراض الحكومة لنفسها دورا يفوق بكثير ما يمنحه لها الواقع السياسي. فنظرا لتركيبة النظام اللبناني، تفتقد الحكومة منذ انسحاب وزراء الطائفة الشيعية (وتبلور التحالف بين حزب الله والجنرال عون) إلى التمثيل الوطني وإلى المسوغ الدستوري.


إن حكومة السنيورة هي في الحقيقة حكومة تصريف أعمال، وقد تم التفاهم على بقائها بعد انتهاء ولاية الرئيس لحود للحفاظ على ما تبقى من مقدرات الدولة.


وكان على الرئيس السنيورة أن يقود حكومته في هذه المرحلة الانتقالية بأقل درجة ممكنة من التسييس، ولكن ما حدث أن الحكومة تحولت إلى أداة لقوى الأكثرية في الصراع السياسي، وبادرت إلى اتخاذ قرارات كبرى تمس أمن البلاد، دون أن تمتلك التمثيل الوطني والقاعدة الدستورية الضرورية.



ليس من الواضح، بالطبع، إن كان القراران مدفوعين بضغوط أجنبية (أميركية وفرنسية)، ولكن الواضح أنهما جاءا في سياق السعي الأميركي اللاهث لتغيير المناخ الإستراتيجي في المشرق العربي، بعد التعثرات الهائلة التي واجهتها السياسة الأميركية في العراق وفلسطين ولبنان.


وليس ثمة شك في أن عددا من الدوائر بالغة التأثير في الإدارة الأميركية يرى ضرورة توجيه ضربة قاصمة للمشروع النووي الإيراني (وربما لمؤسسة الحكم الإيرانية)، على أساس أن إيران هي العامل المشترك في مجمل التعقيدات التي تواجه السياسة الأميركية في الشرق الأوسط.


ويعود تعثر المساعي اللبنانية والعربية المتكررة لإيجاد حل للأزمة اللبنانية في معظمه إلى أن الإدارة الأميركية لم تقرر بعد طبيعة الخطوة الكبرى القادمة في سياستها الشرق أوسطية. ولعل ما رآه حزب الله في قراري الحكومة اللبنانية أن الحكومة باتت أكثر تورطا في التحضيرات الأميركية لهذه الخطوة.



ويمكن الافتراض بأن قوى الأكثرية اللبنانية تصورت أن قراري الحكومة سيجدان دعما أميركيا وفرنسيا كافيا، ولكن هذه القوى لم تستطع تصور حجم رد فعل حزب الله، وأن الولايات المتحدة في مرحلة ما بعد العراق لم تعد قادرة على التدخل العسكري المباشر في المنطقة العربية. منذ إخفاق السعي الأميركي لإسقاط النظام السوري خلال 2006-2007، وإخفاق الحرب الإسرائيلية على حزب الله في صيف 2006، لم تعد الولايات المتحدة في وضع يؤهلها لتوفير دعم عسكري مباشر لحلفائها.



2





"
وجد حزب الله نفسه مضطرا لمواجهة قراراي الحكومة ولم يحسب حجم رد الفعل الطائفي لسيطرته على بيروت الغربية تماما كما لم تحسب الأكثرية حجم رد الفعل على قراري حكومتها
"
أدى نجاح حزب الله السريع في السيطرة على بيروت الغربية، وإخفاق قوى الأكثرية في الحفاظ على مواقعها في الجبل أو في توجيه ضربة مقابلة لقوى المعارضة في الشمال إلى تبلور وضع جديد في لبنان. في البداية، لا بد من الإشارة إلى أن انفجار الأزمة قد دل بصورة واضحة على أن وجود السلاح خارج نطاق مؤسسات الدولة العسكرية والأمنية لم يكن مقصورا على حزب الله. فقد أكد حجم الاشتباكات ونطاقها على أن كل القوى اللبنانية الرئيسة تحتفظ بمليشيات مسلحة. ولكن الحقيقة أن ميزان القوى كان دائما لصالح حزب الله وحلفائه. ما قدمته أيام الانفجار كان تجسيد ميزان القوى في واقع ملموس وصلب على الأرض. فقد انهارت مليشيات تيار المستقبل في بيروت خلال أقل من يومين، وبدت المليشيات التابعة لوليد جنبلاط عاجزة عن الدفاع عن مواقعها أمام هجمات القوى المعادية له.


كانت النتيجة الثانية لانفجار الأزمة اللبنانية تصاعد المشاعر الطائفية في لبنان والمنطقة العربية ككل. بيروت الغربية هي مدينة سنية في أغلبيتها وفي طابعها التاريخي على السواء، وتيار المستقبل يقدم نفسه باعتباره الممثل لمصالح اللبنانيين السنة.


في المقابل، ورغم محاولات حزب الله الجاهدة للحفاظ على وضعه وصورته قوة مقاومة إسلامية، ومن أن لا معسكر الأكثرية ولا معسكر المعارضة متجانسان طائفيا، فإن حزب الله هو حزب شيعي، وبات يرى كذلك أيضا.


وفي ظل ما شهده العراق منذ الاحتلال من سيطرة شيعية طائفية على مؤسسة الدولة الجديدة، ومن اتساع الدور الإيراني في الساحة العربية السياسية، فقد كان رد الفعل اللبناني والعربي السني على وقوع بيروت الغربية تحت سيطرة حزب الله حادا وصريحا، حيث بدت هذه السيطرة باعتبارها دليلا جديدا على سعي الحزب إلى السيطرة على لبنان وتوسيع نطاق النفوذ الإيراني الشيعي في المنطقة العربية. وليس ثمة شك في أن إعطاء الصراع اللبناني سمة طائفية يصب لصالح قوى الأكثرية التي تعمل على حشد كل سنة لبنان خلف قيادة تيار المستقبل، وإلى تجريد حزب الله من التأييد الشعبي العربي.



مهما كان الأمر، فمن الواضح أن حزب الله، الذي وجد نفسه مضطرا لمواجهة قراراي الحكومة، لم يحسب هو الآخر حجم رد الفعل الطائفي لسيطرته على بيروت الغربية، تماما كما لم تحسب الأكثرية حجم رد الفعل على قراري حكومتها.



وتتعلق النتيجة الثالثة بالسياسة الأميركية في المشرق. فبغض النظر عن مدى الدور الأميركي في التحريض على انفجار الأزمة اللبنانية، فقد واجهت السياسة الأميركية إخفاقا جديدا في لبنان والمنطقة. الدول العربية التي تدعم معسكر الأكثرية وتعد صديقة لواشنطن انتقدت سيطرة حزب الله على بيروت الغربية ولكنها لم تستطع إظهار تأييدها لقراري حكومة السنيورة الاستفزازيين. ظهر حلفاء واشنطن أضعف كثيرا مما كان يعول عليهم.


ورغم الخطاب الذي تبناه معسكر الأكثرية حول تصميمه رفض التنازل وإعطاء شرعية لخطوة حزب الله وحلفائه، من الصعب في لبنان فك الارتباط الوثيق بين ميزان القوى العسكري والسياسة. على قوى الأكثرية في النهاية، سواء وافقت واشنطن أو لم توافق، أن تأخذ حقائق الواقع في الاعتبار، سيما إن لم تبالغ قوى المعارضة في مطالبها.



ولأن الدعم والتوجيه الأميركيين أسهما إسهاما كبيرا في الحالة الدستورية الشاذة التي عاشها لبنان، فإن واشنطن مسؤولة في شكل كبير عن إيصال الوضع اللبناني إلى ما وصل إليه. خلال الأشهر القليلة المتبقية من عمر الإدارة الأميركية، سيكون على واشنطن أن تحزم قرارها بتوجيه ضربة ما لإيران وانتظار ما يمكن أن ينجم عن مثل هكذا ضربة، أو أن تقبل حقيقة الانهيارات المتوالية لسياستها في الشرق الأوسط، وأن تترك للدول العربية محاولة التوصل إلى تفاهم بينها وإنقاذ لبنان من حافة الهاوية.



3





"
رغم اتساع الهوة بين سنة لبنان وسوريا معلوم أن العلاقة السورية–اللبنانية استندت منذ ولادة لبنان الكبير إلى تحالف سني وثيق مع دمشق
"
ألقى تفاقم الأزمة اللبنانية وأيام الانفجار المدوية بأعباء جديدة على عاتق أطرافها.


لم يعد أمام الحكومة اللبنانية من مناص سوى التراجع عن القرارين اللذين أشعلا فتيل الأزمة، وأن تلتزم حدود وضعها الفعلي حكومة تصريف أعمال، لا تتمتع بثقة كل القوى السياسية وقطاعات الشعب اللبناني. إن تقدمت الحكومة باستقالتها لمجلس النواب، فربما تفتح هذه الخطوة الطريق نحو حل توافقي سريع للأزمة اللبنانية.


ولكن أدنى ما هو مطلوب من هذه الحكومة في حالة رفضها الدعوات إلى الاستقالة هو أن تصبح أقل انحيازاً لأي من الخندقين السياسيين، وأن تعمل على إدارة شؤون البلاد دون التسييس الصارخ الذي بات يسم قراراتها منذ ما بعد حرب صيف 2006، حتى يصل الفرقاء إلى تفاهم ما يضع نهاية للأزمة. الأصل في الحكومة أنها تمثل كل اللبنانيين، حتى عندما ينتمي أعضاؤها لقوى سياسية معينة. وإلى جانب أخطائه الأخرى، أساء رئيس الوزراء فؤاد السنيورة كثيراً لصورته رجل دولة عندما جعل من حكومته أداة سياسية يوظفها معسكر 14 آذار لخدمة أهدافه.



على معسكر الأكثرية إعادة قراءة الوضع السياسي الإقليمي والدولي الذي يحيط بالمسألة اللبنانية. الإدارة الأميركية لا ترغب في حل سريع للأزمة اللبنانية، وتسعى لإبقاء لبنان رهينة ريثما يتم التعامل مع ملفات أكبر تشمل إيران والعراق وفلسطين. وستعمل واشنطن على ألا تؤدي الحلقة الأخيرة في الأزمة اللبنانية إلى انفراج وإسراع الخطى نحو اتفاق شامل.


بل والأرجح أن تعمل السياسة الأميركية على ألا تحرز لجنة الجامعة العربية المكلفة بالتوسط لحل الأزمة نجاحاً في مباحثات الدوحة مثل ذلك الذي أحرزته في بيروت.


ولكن التوجه الأميركي هذا لا يمكن أن يتحقق من دون تعاون وثيق واستجابة من قوى الأكثرية اللبنانية. وربما يجدر بقوى الأكثرية أن تدرك أن ثمة حدودا لما تستطع الولايات المتحدة تقديمه لحلفائها في المنطقة، وهو ما اتضح جليا في أكثر من مناسبة وموقع في الأعوام الأربعة الأخيرة.


حتى إن كانت قوى الأكثرية ترى أن الشروط لم تتوفر بعد للتوصل إلى اتفاق لبناني داخلي، لا بد من تجنب تصعيد الأزمة نحو مستويات أعمق من الانقسام، قد تهدد وحدة لبنان واستقراره. اللبنانيون في النهاية سيستمرون في العيش سويا، والتصعيد الطائفي، على سبيل المثال، سيعمق من الشروخ التي أصابت الاجتماع اللبناني في السنوات القليلة الماضية.



وبينما تتسع الهوة بين سنة لبنان وسوريا، فربما تجدر الإشارة إلى أن العلاقة السورية-اللبنانية الخاصة استندت منذ ولادة لبنان الكبير إلى تحالف سني وثيق مع دمشق. عندما يقع خلل ما في هذا التحالف، لهذا السبب أو ذاك، ينعكس الخلل في تأزم لبناني سياسي.


إن كان ثمة من يرى أن لبنان يتعرض لمخاطر هيمنة شيعية حثيثة، لا تأخذ في الاعتبار دائما مواقع وأدوار الفئات اللبنانية الأخرى، فربما كان تراجع القيادات السنية الجديدة عن العلاقة التقليدية بدمشق قد ساهم مساهمة ملموسة في هذا الوضع. على التيار الغالب بين سنة لبنان اليوم أن يرى الحكمة التاريخية والواقعية في موقف الرئيسين كرامي والحص من العلاقة مع سورية.



من جهة أخرى، على المعارضة أن تدرك أن ليس ثمة طريق لتغيير الوضع اللبناني بانتصار طرف فيه على الآخر. التغيير الوحيد الممكن لوضع لبنان هو التخلص من نظام المحاصصة الطائفية وهو الأمر الذي لم يزل بعيد المنال.


قد يكون توازن القوى العسكري لصالح المعارضة، ولكن المبالغة في المطالب السياسية للأخيرة لن يؤدي إلا إلى تفاقم الأزمة اللبنانية، ومعها تفاقم الحرب العربية الباردة. وعلى حزب الله خاصة إدراك حجم الآثار الفادحة التي تركتها خطوة السيطرة العسكرية على بيروت الغربية على صورته قوة مقاومة، وعلى العلاقات بين السنة والشيعة في لبنان وعموم المنطقة العربية.


بيروت الغربية هي في تاريخها وما ترمز إليه لبنانيا هي مدينة سنية. ومهما كانت حقيقة التدافع السياسي في لبنان، فليس هناك ما هو أسهل من امتشاق سلاح الطائفية. وعلى الحزب أن يسارع بعدد من المبادرات وبرنامج مدروس لإصلاح صورته المقاومة ومحاصرة الأبعاد الطائفية للأحداث الأخيرة.



4


يعد الاتفاق الذي نجح الوفد العربي برئاسة رئيس الوزراء القطري في التوصل إليه في 15 مايو/ أيار نجاحا كبيرا للدور العربي في لبنان وللدبلوماسية القطرية، ما ساعد على الاتفاق كان بالتأكيد النتائج التي نجمت عن المواجهة بين الطرفين اللبنانيين. وقد جاء ترتيب جدول أعمال المباحثات التي ستستمر في الدوحة بين الفرقاء اللبنانيين انعكاسا لتوازن القوى على الأرض، إذ إن حوار الدوحة سيبدأ بمطالب المعارضة، لينتهي بعد انتخاب الرئيس بالتعامل مع مطالب الأكثرية.



لنجاح الفرقاء في مباحثات الدوحة في التوصل إلى حل نهائي للأزمة اللبنانية ينبغي توفر عدة شروط:




أ - اقتناع الأطراف اللبنانية بإعطاء الأولوية للدور العربي، والامتناع عن الاستجابة للضغوط الأجنبية التي تعكس مصالح القوى الدولية ذات العلاقة.



ب - أحد الأبعاد الهامة لتجنب الضغوط الخارجية أن ترفض الأكثرية التوجه الأميركي بإبقاء لبنان رهينة إلى حين حسم القرار الأميركي المتعلق بإيران، وأن يدرك حزب الله أنه لا يستطيع منفردا جر لبنان إلى أتون المواجهة الأميركية-الإيرانية في حال اندلعت مثل هذه المواجهة.



ج - التأكد من أن الهموم والمصالح السورية والسعودية قد أخذت في الاعتبار.



د - الالتزام باتفاق بيروت، بما يؤكد أن الحوار عملية مستمرة حتى بعد انتخاب رئيس الجمهورية، وأن مطالب الطرفين سيتم التعامل معها جميعا في نهاية الأمر.



هـ- أن تتوقف الأكثرية من التعرض لسلاح حزب الله واعتبار نزعه شرطا للاتفاق، وأن تنطلق من ترتيبات التعايش مع هذا السلاح، إذ إن الحزب على المدى المنظور لن يتخلى عن سلاحه، مهما كانت نتائج هذا الموقف لبنانيا.


_______________
مركز الجزيرة للدراسات