الرهان على الداخل في التعاطي مع الأزمة النووية الإيرانية

في ظل الإستراتيجيات المتنوعة والآليات المختلفة التي تتبناها الولايات المتحدة الأميركية وحلفاؤها الغربيون إلى جانب إسرائيل من أجل إجهاض طموحات إيران النووية، أطلت برأسها مؤخرا إستراتيجية الرهان على الداخل الإيراني.







 

بشير عبد الفتاح


في ظل الإستراتيجيات المتنوعة والآليات المختلفة التي تتبناها الولايات المتحدة الأميركية وحلفاؤها الغربيون إلى جانب إسرائيل من أجل إجهاض طموحات إيران النووية، أطلت برأسها مؤخرا إستراتيجية الرهان على الداخل الإيراني.


فعلى خلاف الحالة العراقية قبل العام 2003، والتي لم يتسن للغرب خلال تعاطيه معها التعويل على الداخل العراقي من خلال دعم انتفاضة جماهيرية متماسكة ومنظمة بمقدورها الإطاحة بنظام الرئيس السابق صدام حسين، تنطوي الحالة الإيرانية هذه الأيام، من وجهة النظر الأميركية، على بوادر مشجعة فيما يتعلق بإمكانية توظيف ورقة الداخل الإيراني في تقويض برنامج طهران النووي.





تنطوي الحالة الإيرانية هذه الأيام، من وجهة النظر الأميركية، على بوادر مشجعة فيما يتعلق بإمكانية توظيف ورقة الداخل الإيراني في تقويض برنامج طهران النووي.
فالحالة الداخلية الإيرانية المتدهورة منذ الإعلان عن نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة ٌقبل أشهر مضت رأت فيها أميركا وحلفاؤها بابا يمكن العمل من خلاله على تغذية التدهور في العلاقة بين النظام الحاكم والشعب، بجريرة التردي الاقتصادي، وتنامي عزلة إيران، وإمعان قوات الأمن في استخدام العنف والبطش ضد الجماهير، بما يفضي في نهاية المطاف إلى إحدى نتيجتين: إما إسقاط ذلك النظام وإفساح المجال أمام نظام بديل يكون أكثر مرونة في التعاطي مع المجتمع الدولي بشأن برنامج طهران النووي، وإما تآكل قدرة النظام الراهن على التصدي للضغوط الخارجية المكثفة، والاضطرابات الداخلية المتفاقمة، بما يضطره لتغيير مواقفه وتعديل سياساته، حفاظا على بقائه واستمراره من جانب، وتلافيا لمزيد من التدهور الاقتصادي والأمني والسياسي في البلاد من جانب آخر.

وتوخيا منها لبلوغ أي من هذين المقصدين، تضمنت إستراتيجية الرهان على الداخل الإيراني أبعادا متنوعة.


فسياسيا، عمدت إلى تضييق الخناق على نظام طهران عبر مساندة المعارضة الإيرانية بشقيها المدني والمسلح في داخل إيران وخارجها، من خلال تقديم الدعم المالي والسياسي والدعائي للتنظيمات المدنية، وإمداد الحركات المسلحة بالمال والسلاح والتدريب.


وفي هذا السياق، تؤكد تقارير استخباراتية أوروبية قيام واشنطن وتل أبيب بتزويد مقاتلي تنظيم "بيجاك"، المحسوب على حزب العمال الكردستاني، والذي يشن هجمات مسلحة ضد الجيش والحرس الثوري الإيرانيين بصواريخ أرض جو، كما تشير التقارير ذاتها إلى وجود تعاون بين إسرائيل وحركة مجاهدي خلق المناوئة للنظام الإيراني. كذلك، توسعت واشنطن خلال الآونة الأخيرة في حشد التأييد الدولي والإقليمي لخططها الرامية إلى تشديد العقوبات والعزلة على إيران، توطئة لإضعاف نظامها في مواجهة المعارضة والمجتمع الدولي، ومنعه من الإقدام على أية مغامرة خارجية تساعده على الخروج من مأزقه الداخلي وأزمته مع الغرب.


واقتصاديا، عملت إستراتيجية الرهان على الداخل على مفاقمة مشاعر السخط والغضب الشعبيين ضد النظام الإيراني عبر تشديد العقوبات الاقتصادية على الجمهورية الإسلامية، بما يغذي رغبات الجماهير في الخروج على النظام جراء الضغوط الاقتصادية المتنامية الناجمة عن سياساته التصعيدية المستفزة. وهو التوجه الذي يراهن سياسيون غربيون على فعاليته استنادا إلى أن أية عقوبات من شأنها أن تعجل بإسقاط أي نظام محاصر داخليا وخارجيا، وليس النظام الإيراني ببعيد عن هذه المعادلة، لأن العقوبات ستؤذيه عملياً، وستضيق من حيز الحرية ومسرح المناورة اللذين يتحرك فيهما على مختلف الأصعدة.


وأمنيا، تسعى الإستراتيجية إلى إظهار النظام الإيراني كما لو كان عاجزا عن الحفاظ على أمن البلاد وتأمين المنشآت النووية من محاولات الاختراق الخارجية. وتطلعا لذلك، تبنت واشنطن وتل أبيب مخططا لتقويض البرنامج النووي الإيراني والحيلولة دون تطوره، دون التورط في ضربة عسكرية، وذلك عبر تدمير بنيته الفنية وتفريغه من نخبته العلمية، سواء من خلال إفساد الأجهزة والمعدات وشحنات المواد النووية التي تستوردها إيران من الخارج قبل وصولها إلى الأراضي الإيرانية، أو عن طريق استقطاب العلماء والفنيين الإيرانيين العاملين في الحقل النووي أو اختطافهم وتصفيتهم.


وفى هذا الإطار، كشفت صحيفة "ديلي تلغراف" البريطانية قبل نحو عام النقاب عن إطلاق إسرائيل ما سمّتها بـ "الحرب الخفية" ضد إيران لعرقلة برنامجها النووي، عبر اغتيال كبار العلماء والفنيين العاملين فيه. وفى ذات السياق، صرحت مصادر لوكالة أنباء الطلبة الإيرانية (إسنا) بأن جهات أجنبية منها الولايات المتحدة تسعى لتصفية وخطف العلماء النوويين الإيرانيين. كذلك، نشرت صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" الأميركية نقلا عن مسؤولي استخبارات حاليين وسابقين، أن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "سي آي إيه" تدير منذ العام 2005 وبأمر من البيت الأبيض برنامجا سريا يحمل عنوان "تصفية الأدمغة"  يهدف إلى تفريغ البرنامج النووي الإيراني من العلماء العاملين فيه عبر تشجيعهم على الفرار إلى الغرب لقاء إغراءات مادية ومعنوية.


وقد حاولت الإستراتيجية الغربية التقليل من مستوى تطور البرنامج النووي الإيراني، فقبل أيام شككت واشنطن في إعلان الرئيس الإيراني نجاد إبان الاحتفال بذكرى الثورة الإسلامية ‏إحراز طهران تقدما كبيرا في عمليات تخصيب اليورانيوم‏ إلى درجة نقاء تزيد على ‏80%، حيث فند المتحدث باسم البيت الأبيض روبرت جيتس ادعاءات نجاد متهما إياه بادعاء نجاحات مثيرة سرعان ما يثبت عدم صحتها لاحقا، مشيرا إلى أن البرنامج النووي الإيراني قد واجه خلال العام المنقضي سلسلة من المشاكل والتحديات التي عادت به خطوات للوراء.


وفى سياق مواز، يسعى الغرب إلى التشكيك في صدقية إستراتيجية الردع الإيراني، والتي تنطوي على القيام بعمليات مضادة انتقامية ضد أهداف مهمة لخصومها بعد امتصاص الضربة الأولى، وتوجيه ضربات مضادة بآلاف الصواريخ الباليستية فضلا عن التهديد بإغلاق مضيق هرمز، محاولا تسليط الضوء على تنافس التقارير الاستخباراتية الأميركية والإسرائيلية في إبراز تيقن الخصم المتمثل في إسرائيل والولايات المتحدة من تواضع قدرت طهران على استخدام وسائل الردع المتاحة والكفيلة بإلحاق أكبر الأضرار الممكنة بهما وبمصالحهما حالة قيامهما بتوجيه ضربة عسكرية للمنشآت النووية الإيرانية.





كشفت صحيفة "ديلي تلغراف" البريطانية قبل نحو عام النقاب عن إطلاق إسرائيل ما سمّتها بـ "الحرب الخفية" ضد إيران لعرقلة برنامجها النووي، عبر اغتيال كبار العلماء والفنيين العاملين فيه.
غير أن المؤشرات الأولية لتقويم فرص نجاح إستراتيجية الرهان على الداخل الإيراني لتقويض برنامج طهران النووي لا تبدو مبشرة حتى الآن وربما أيضا في الأمد المنظور. ففيما يخص بعدها السياسي، يصعب الزعم بأن تغذية النزعات الثورية لدى الشعب الإيراني يمكن أن تؤتي أكلها، وذلك لأسباب عديدة لعل أهمها غياب الحافز وكذا القيادة الثورية "الدينية" اللذين في وسعهما حض الجماهير على تحويل الحالة الثورية التي تجتاح البلاد منذ أشهر إلى فعل ثوري بالمعنى الحقيقي، علاوة على ضعف المعارضة الإيرانية بشقيها الداخلي والخارجي وافتقارها إلى المرجعية الدينية والمشروع المتكامل وعوزها للتماسك والتنسيق فيما بين تياراتها المتنوعة، هذا ناهيك عن قدرة نظام ولاية الفقيه، كعادته منذ العام 1979، على ضبط إيقاع خلافاته البينية والصمود في وجه العاصفة إلى الحد الذي أعانه بدرجة كبيرة على احتواء الاضطرابات وكسر شوكة المعارضة في الداخل والخارج مستخدما آليتين فاعلتين:

  • أولاهما أمنية، حيث لم يتردد النظام في اللجوء لأقسى درجات القمع والعنف مستفيدا من إمكانات وولاء رجال الحرس الثوري والسافاك والباسيدج لتقويض التظاهرات التي أعقبت الانتخابات الرئاسية الأخيرة، حتى أنه لم يتورع عن إزاحة رموز سياسية ودينية إصلاحية بارزة مناوئة له وتنفيذ أحكام قاسية ضد القيادات المعارضة ومحرضي الشعب على التظاهر والاحتجاج، وصلت إلى الحكم بالإعدام والحبس لمدد طويلة، والمنع من السفر، والإبقاء رهن الإقامة الجبرية.


  • وثانيتهما دينية، إذ شرع النظام في توظيف الدين لقمع المعارضة عبر إصدار الفتاوى وإطلاق الاتهامات من قبل خطباء الجمعة في المساجد لوصم قادتها بالكفر والنفاق والخروج على ولي الأمر والتحريض على الفتنة والعمالة لأعداء الإسلام والمسلمين، فكان نعتهم بأنهم"مفسدون في الأرض" ،"محاربون لله ورسوله"، منتمون إلى "حزب الشيطان"، وهى النعوت والاتهامات التي تستوجب تطبيق حد الحرابة عليهم وإعدامهم بموجب أحكام الشريعة الإسلامية. وبدوره، نال الزعيم المعتدل ورئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام هاشمي رفسنجاني نصيبه من تلك الاتهامات حينما وصمته قيادات دينية محافظة بـ "معاوية زمانه"، و"رأس الفتنة" و" قارون العصر"، كما استبعده المرشد مؤخرا من دائرة مستشاريه المقربين.

وعلى عكس الإستراتيجية الغربية، يبدو أن طرائق نظام ولاية الفقيه في التعاطي مع الداخل الإيراني المضطرب قد آتت أكلها، لاسيما بعد أن نجح إلى حد كبير في احتواء التظاهرات، وترويض المعارضة التي آثرت غالبية قياداتها التراجع التدريجي مع إمعان النظام في بطشه وتوظيفه للدين. فمن جانبه، حرص هاشمي رفسنجاني، الذي يعتبر القيادة الثورية المؤهلة لتحريك وقيادة أي فعل ثوري حقيقي في إيران هذه الأيام، على الإمساك بالعصا من المنتصف محاولا الإبقاء على أكبر مساحة ممكنة من التوافق مع المرشد، إذ أطلق تصريحات وصفت بأنها توددية لخامنئي حينما أعلن أنه هو الأصلح لقيادة إيران.


وفى ذات السياق ناشد قائد الحرس الثوري السابق محسن رضائي الجميع إعلان ولاءهم للقيادة حرصا على وحدة البلاد واستقرارها، كما قدم المرشح الإصلاحي الخاسر في الانتخابات الرئاسية الأخيرة مير موسوي مبادرة للمصالحة مع النظام وتسوية الأزمة المكونة من خمسة بنود أبرزها دعوة لإصلاح النظام الانتخابي والإفراج عن المعتقلين, والكف عن حملة التهديد بالقتل والاعتقال ضد أنصار المعارضة, وكفالة حرية الصحافة, وحق الشعب في تنظيم التجمعات القانونية.


وتظل جدوى البعد الاقتصادي من هذه الإستراتيجية موضع جدل من قبل خبراء كثر كون إيران قد اعتادت على العيش والمضي قدما في تطوير برنامجها النووي في ظل ثلاث جولات سابقة ومتنوعة من العقوبات، وذلك لأنها رابع أكبر دولة مصدرة للنفط عالميا، ولديها تعاقدات بالمليارات مع دول عديدة، كما تجيد التحايل على كل أشكال العقوبات.


وتأسيسا على ذلك، لا تعول بعض الدول الكبرى، كروسيا والصين، على فعالية سياسة العقوبات لإضعاف النظام الإيراني وإجهاض طموحاته النووية، إذ لا تبدو الدولتان واثقتين فيما يمكن أن يتمخض عنه أي تغيير سياسي محتمل في إيران، هذا إن حدث هذا التغيير أصلا. ولذلك، تميل موسكو وبكين إلى أن تنحصر العقوبات فقط في البرنامج النووي، وتتلافيان استهداف النظام، الذي لا يخلو تعاطيهما معه من مغانم اقتصادية وجيوإستراتيجية هائلة تتحصلان عليها. وفي سياق مواز، تذهب دوائر غربية إلى التحذير من مغبة أن تفضي العقوبات إلى نتائج عكسية، بحيث تمهد السبيل لاصطفاف الإيرانيين خلف نظامهم في مواجهة التربص الغربي والإسرائيلي بمكتسبات إيران وأمنها القومي وكرامتها الوطنية، ما من شأنه أن يقود في نهاية المطاف إلى تقليص حدة الضغوط على النظام وإفشال إستراتيجية الرهان على الداخل الإيراني.





تميل موسكو وبكين إلى أن تنحصر العقوبات فقط في البرنامج النووي، وتتلافيان استهداف النظام، الذي لا يخلو تعاطيهما معه من مغانم اقتصادية وجيوإستراتيجية هائلة تتحصلان عليها.
وفي بعدها الأمني، تبقى نجاحات الإستراتيجية الغربية أسيرة البطء والمحدودية، حيث تؤكد مصادر غربية أن المخططات الأميركية والإسرائيلية لتقويض البرنامج النووي الإيراني من دون عمل عسكري لم تحقق سوى نجاح محدود، حيث انحصرت حصيلة مخطط تفريغ هذا البرنامج من نخبته العلمية في أقل من ستة خبراء إيرانيين فقط هم من تم نقلهم إلى الغرب، فيما لم يكن في وسع أي منهم توفير أي معلومات ذات قيمة عن البرنامج النووي للجمهورية الإسلامية، وهو الأمر الذي يقودنا إلى تحد آخر يحيط بذلك البعد الأمني ويتمثل في أجواء التعتيم والغموض التي تلف البرنامج النووي الإيراني بما يحول دون تدفق المعلومات الدقيقة عن تفاصيله، فلا تزال التقارير الإستخباراتية المستندة إلى المواقع الإليكترونية إلى جانب ادعاءات المغتربين والمنشقين الإيرانيين ذوي المآرب الشخصية، هي المصدر الرئيس لمعرفة الغرب بتطورات ذلك البرنامج، الأمر الذي أسفر عن تضارب شديد في التقارير الدولية التي تحاول عبثا التحقق من مستوى تطوره.


وفيما يتصل بالبعد الإستراتيجى، يمكن القول إن صدقية محاولات الغرب  للتشكيك في إنجازات نظام طهران سواء على صعيد امتلاك التكنولوجيا النووية، أو ما يخص فعالية إستراتيجيته العسكرية الردعية، تبقى هي الأخرى محل تساؤل، إذ تؤكد مصادر رسمية غربية وإسرائيلية أن معرفة مستوى التطور الذي وصل إليه البرنامج النووي الإيراني على نحو دقيق ومؤكد تبقى ضربا من المستحيل بسبب سياج التعتيم الشديد وغير القابل للاختراق الذي أحاطه به النظام الإيراني، كما لا تتردد دوائر أمنية إسرائيلية في إبداء مخاوفها من قسوة الرد الإيراني المحتمل على أي هجوم عسكري في ظل ما تمتلكه طهران من ترسانة هائلة من الصواريخ الباليستية أرض أرض متوسطة وطويلة المدى من طراز شهاب-3، التي يتجاوز مداها 3000 كم وتحمل رأس تفجيري يزن 1500 كجم، كما بوسعها أن تطال العمق الإسرائيلي والوجود العسكري الأميركي في الخليج والعراق وأفغانستان.


وفي ضوء المعطيات السابقة، ذهب نفر من الخبراء والمسؤولين الغربيين والإسرائيليين إلى ترجيح الطرح الذي يرى أن طهران تبقى حتى هذه اللحظة هي الطرف المنتصر في الجولات السابقة من لعبة "شد الحبال" أو "عض الأصابع" التي بدأت قبل سنوات بينها وبين الغرب وإسرائيل في التعاطي مع الأزمة النووية الإيرانية. فبرغم الظروف الصعبة المحيطة على كافة الصعد والاتجاهات، ما بين استمرار العقوبات، مرورا بتفاقم الضغوط الدولية وتفجر الاضطرابات والأزمات الداخلية، وصولا إلى تنامي التهديدات وحياكة المؤامرات والمخططات من قبل واشنطن وتل أبيب، لا يزال النظام الإيراني صامدا يأبى إلا أن يمضي قدما في سياسة كسب المزيد من الوقت والاستفادة من تباين المواقف والمصالح بين القوى الدولية الكبرى على النحو الذي يخوله مباشرة تطوير البرنامج النووي لبلاده من دون توقف ‏وبتكاليف وتبعات يمكن احتمالها قدر الإمكان.
_______________
خبير الشؤون الإيرانية والتركية بالأهرام

ABOUT THE AUTHOR