لا تزال إفريقيا قارة المتناقضات، فعلى أرضها يعيش الفقراء والأغنياء جنبا إلى جنب في تناغم مضطرب؛ ويشترك المستبدون والديمقراطيون في حكم شعوب تلك الوحدة القارية الكبرى، وهي علاوة على كل ما سبق موطن أزمات متكررة وكوارث مستمرة.
ورغم ذلك، تتمتع القارة بإمكانات وموارد طبيعية هائلة، لكن يحول دون استغلالها أن العديد من حكومات الدول الأفريقية غير قادر على تلبية خطط التنمية والأخذ بناصية التقدم. وعلى نحو ما يذهب أودهيامبو وزملاؤه (Odhiambo, et al 1988)، فإن ذلك يرجع إلى أن اليأس والتخلف الاقتصادي والاجتماعي صارا بمثابة معضلات مهيمنة على المشهد الحياتي الإفريقي.
معضلة الصورة النمطية
على هذا النحو تعاني إفريقيا من سوء سمعة وضعتها موطنا لأكثر الناس فقرا وانتهاكا في العالم. وتدور تفسيرات أسباب هذه المشاكل حول المسارات القديمة والمشتركة المتمثلة في التراث الاستعماري، والبعد الاستعماري الجديد، والثقافة الإفريقية، والمناخ، فضلا عن العوامل الحيوية الجغرافية.
ومع ذلك، لا تزال القارة تتمتع بالتنوع، حيث تضم 26 لغة رسمية ونحو 44 عملة مختلفة. ويعتمد هذا القدر الكبير من التنوع على جوانب سكانية وبيئية وعرقية وثقافية (Farjan, 2011). وعلى مستوى الدول، توجد مجالات تباين أخرى تشمل الولاءات القبلية، والاختلافات اللغوية والتباينات الدينية والطبقية المتصارعة الآن، والتي تحركها التحزبات العرقية التي تزاوج بين الثروة الفردية والثروة العرقية.
وتتضح الاختلافات في مدى التقدم والتنمية بين إفريقيا وبقية دول العالم من منظور بسيط جدا حيث تشاهد أفريقيا على حقيقتها في صور الأقمار الصناعية للعالم ليلا، فتظهر فيها تلك القارة مظلمة وسط عالم يلمع بضوء الكهرباء. ومع ذلك، يأخذ هذا الأمر مفاهيم مختلفة تاريخية أساسا، وغالبا ما تكون مضللة وتخفي الحقيقة.
ويلخص هذه المفاهيم آشيل مبيمبي (Achille Mbembe 2001) في الفصل الافتتاحي لكتابه "ما بعد الاستعمار". فمن ناحية، تعتبر إفريقيا "جسدا بلا رأس يهدده الجنون، فارغا من أي تصور للمركز أو الهرمية أو الاستقرار، وتصور على أنها كهف أسود تتداخل فيه كل العلامات المميزة، وتنكشف فيه صدوع تاريخ إنساني تعيس ومأساوي، وخليط من العلامات الغريبة الناقصة وغير المكتملة، والحركات المتشنجة، أي أنها باختصار هاوية بلا قرار، كل شيء فيها مزيج من ضوضاء وفجوة متزايدة وفوضى عارمة".
وبالرغم من أن إفريقيا مليئة بالمتناقضات -الفقر في وسط الثروة، والفرد في مواجهة المجتمع- إلا أنها تعتبر المكان الذي لا تزال فيه الطبيعة الإنسانية تتمتع بالأصالة، بعد تاريخ مضني من استغلال تجار العبيد والمستعمرين والجماعات الدينية المتنافسة، المسيحية منها والإسلامية.
ورغم أن الطبيعة الإفريقية لم تعد بكرا بعد الوحشية التي صحبت هذه المواجهات، إلا أن الأساطير التي ساقها هيغل عن إفريقيا باعتبارها أرض الطفولة لا تزال سارية. وتجسد إفريقيا في القرن الحادي والعشرين مزيجا من علامات التقدم وآثار تاريخ وحشي طويل من القهر.
وتخفي هذه المفاهيم الحقيقة والمأساة الإفريقية، كما تعكس النظرة المغلوطة -التي كانت سائدة طويلا- إلى الإفريقي باعتباره إنسان طفولي، يعاني الحاجة والندرة في قارة متخمة بالوفرة والعطاء. وحسب هذه الصورة النمطية، يعاني الإفريقي الفقر والمرض والفساد والاضطراب السياسي، ونقص البنية التحتية الأساسية، وعدم رغبة أو عدم قدرة زعمائه السياسيين على وضع وتنفيذ السياسات التي تحقق التنمية البشرية المستدامة (Smit, 2010).
ومن وجهة نظر عديد من المفكرين، فإن هذه التحديات ذاتية النمو والظهور، وستستمر في العصف بمعظم أجزاء القارة في المستقبل بالرغم من الهبات الثرية من الموارد الطبيعية.
وغالبا ما يتسرع العالم الغربي في الإشارة في وسائل إعلامه المسيطرة إلى القادة الأفارقة التقدميين ليكتشف أنهم لا يستطيعون تناول العشاء معا، وغير قادرين على الاتفاق على لغة أو حديث إفريقي مشترك. وتنطبق نفس القصة على الرؤساء ذوي التعليم الغربي أيضا، وفي مقدمتهم رئيس زيمبابوي روبرت موغابي. على هذا النحو، أصبح الإفريقي غير مستقر في طفولته، وأقل ثقة في القوى الغربية. ولكن مع ظهور طبقة وسطى جديدة ورجال أعمال ذوي تعليم جيد نسبيا، ظهرت آليات جديدة. ويضيف فارجان (Farjan 2011) أن النخبة الجديدة التي تعلمت خارج أفريقيا أساسا تحترم القيم الدولية في العمل الجاد والتفوق وتمارس تأثيرا محليا قويا.
وجهان لعملة واحدة
حملت السنوات الأخيرة محاولات عدة ساقها القذافي للتواصل مع مختلف مكونات القارة بأطيافها المختلفة، من الرؤساء والزعماء إلى مجتمع نخبة رجال الأعمال إلى الزعماء القبليين المستبدين (وبعضهم مخادعون ومجرمون حقيقيون). حيث استخدم الثروة النفطية الهائلة لبلاده لتكوين شبكة تلك العلاقات. ومع ذلك تظل السمة سائدة أن أعماله بقيت متناقضة ومربكة حتى بالنسبة إلى المعجبين به. وقد يؤدي هذا إلى قدر كبير من الإثارة لدى كثير من الأفارقة الذين يعرفون القليل عن القذافي، وخاصة زعامته الوحشية لبلاده.
لم يكن القذافي يمثل استثناء في المشهد الإفريقي الذي ظل يعاني مشكلة القادة المتمسكين بتلابيب السلطة حتى آخر نفس من أعمارهم. فسرعان ما فسد كثير ممن وصلوا إلى السلطة، ولو بنوايا حسنة. وتتمثل السمة المشتركة في أنهم يثرون أنفسهم وأسرهم وأصدقاءهم على حساب الأمة. ونظرا لرغبتهم في البقاء في السلطة وحماية ثروتهم، فإنهم يخرسون كل من يعترض سلطتهم، فيتناقص أصدقاؤهم بمرور الوقت، ويصبحون مهووسين وعدوانيين بصورة متزايدة (Smit, 2010)، كما يتمسكون بالسلطة بصورة يائسة خوفا من أن يفقدوا السيطرة ومن ثم يفقدوا ثرواتهم وحرياتهم، وربما حتى حياتهم.
كانت علاقة العقيد القذافي بإفريقيا مليئة بالمتناقضات، كما كان حكمه زاخرا بالأحداث ومثيرا للجدل. ويفترض العديد من المحللين أن القذافي عند وصوله إلى السلطة ـ بعد الإطاحة بالملك إدريس في 1969 ـ كان رجلا ذا جذور قبلية ومن دعاة الوحدة العربية. وقد ترك هذا التوجه أثره على أنشطة وبرامج القذافي، بما في ذلك مساندته للمساعي العربية، وهو ما ترجم لاحقا في دعمه للعرب في صراعهم مع إسرائيل ومن ساندوها من الدول الغربية (Odiogor, 2011). ومع ذلك، ظل تقاربه مع العالم العربي مثيرا للجدل.
وخلال مدة حكمه، كان القذافي يتطلع إلى أن يكون داعيا للوحدة الإفريقية. حيث ساند في هذه العملية العديد من حركات التحرير في إفريقيا. ويتضح الدليل على مشاركته في المبادرات التي أطلقها في منظمة الوحدة الإفريقية، والتي تحولت لاحقا إلى الاتحاد الإفريقي (Kron, 2011). حيث تصوره هذه المساعي، بالإضافة إلى مفهومه المتعلق بالولايات المتحدة الإفريقية التي سيصبح رئيسها، على أنه قائد إفريقي وطني فريد، ربما يستطيع إنقاذ القارة السوداء من المكونات المعاصرة للإمبريالية الاستعمارية.
كان القذافي في كثير من الأحيان قوة كبرى في المشهد الجيوبوليتيكي لإفريقيا (Smit, 2010). وبعد مصرعه، ربما سيشهد الاتحاد الإفريقي أوقاتا عصيبة في الجانب التمويلي، ما لم تجد هذه المؤسسة القارية مصادر أخرى بسرعة. ومن الواضح أنه سيكون هناك العديد من الجبهات التي سيحارب عليها الاتحاد الإفريقي وإفريقيا بصفة عامة خلال فترة البحث عن الذات في حقبة ما بعد القذافي.
الذكريات الإيجابية
وكما يقول عدد من الكتاب، وبالرغم من الانتقادات من داخل إفريقيا والعالم الغربي، فإن القذافي أسس قاعدة مساندة واسعة وقوية نسبيا داخل إفريقيا. حيث شكل مناهضو الإمبريالية داخل إفريقيا الجبهة الكبرى المتعاطفة مع القذافي (Wekesa, 2011). ويرجع ذلك إلى أن القذافي كان شوكة في جنب الأمم الغربية التي كانت مترددة في علاقاتها معه، كما كانت مدفوعة بطمعها في الاستفادة من ثروته النفطية الضخمة.
وفي هذا الصدد، ظهر القذافي كمدافع قوي عن ثروات وموارد القارة الإفريقية ضد الاستغلال الطائش من العالم الغربي. ومع ذلك، تطورت إدارة القذافي داخل بلده ليبيا إلى نظام استبدادي خانق للمواطنين. وبالتالي فإنه لم يستطع إدارة ذاته ولا عناده خلال محاولاته المستميتة لمقاومة مد الثورة التي أطلقها محمد بوعزيزي، التونسي البالغ ستة وعشرين عاما (Islamonline, 2011). وأصبح القادة الأفارقة يخشون الآن من احتمال حقيقي للإطاحة بهم من السلطة بالقوة، لو ظهرت ظروف مماثلة للربيع العربي في بلادهم.
ويجب أن نتذكر أن الناتو تدخل في ليبيا بعد أن حاول القذافي قمع المظاهرات المشابهة لتلك التي حدثت في تونس ومصر. حيث استخدم عدد كبير من القادة الأفارقة الشرطة والجيش لقمع مظاهرات مماثلة. وهناك قادة دول وسياسيون أفارقة كثيرون مدينون بالشكر للقذافي. ففي ظل حكمه الذي فاق الأربعة عقود، ساند القذافي بشدة الثورات في الدول الإفريقية، خاصة في جنوب إفريقيا وزيمبابوي (Fayed & Awad, 2011). ففي هذين البلدين، من المعتقد أن مساندة القذافي كانت حاسمة في الإطاحة بحكم البيض، من خلال تقديم الموارد المالية، ومن خلال تقديم المعدات العسكرية وقواعد التدريب. ولذلك يرى قادة مثل زوما في جنوب إفريقيا وروبرت موغابي في زيمبابوي أنه من واجبهم مساندة من ساندهم والدفاع عمن قدم لهم يد العون.
ومن الطريف أن القذافي حدد موقفه كقومي وساند قضية الشعب العربي. وكان هذا النوع من المساندة هو الذي قدمه للقارة الإفريقية، حيث شعرت الأنظمة القمعية في جنوب إفريقيا بأثر سياسات القذافي بتمويله الكبير لحركات التحرر. ومن خلال هذه المحاولة، اكتسب الاحترام وتمتع بالدعم من الأفارقة بالإضافة إلى جزء من المجتمع العربي. ومن الملاحظ أن مساندته وتمويله للأطراف غير الحكومية مثل منظمة التحرير الفلسطينية والجيش الجمهوري الأيرلندي والمؤتمر الوطني الإفريقي، وغيرها، كان يحظى بتقدير كبير من قسم كبير من الشعوب الإفريقية (Kron, 2011).
وبصفة عامة، ينظر الأفارقة إلى القوى الغربية كقوى إمبريالية مستغلة. وقد استمر هذا منذ سنوات ما بعد الاستقلال. ففي العديد من الجوانب، كان هذا المفهوم يساهم في مساندة الأفارقة للقذافي، حتى عندما كانت أفعاله لا تحظى بالتأييد. ومن المؤسف أن هذا كان ملحوظا منذ 1988 خلال تورط عملاء المخابرات الليبية في إسقاط الرحلة 103 لطائرة "بان أمريكان" الأمريكية فوق لوكيربي (Giovanni,2011). وترتب على ذلك توتر كبير شهدت ليبيا من بسببه عقوبات قاسية من العالم الغربي.
وإفريقيا عبارة عن قارة ذات تطلعات سياسية متناقضة، وينتشر فيها قادة مثل العقيد القذافي الذي كان رئيسا للاتحاد الإفريقي من 2009 إلى 2010. ويوجد لدى القادة الأفارقة مواقف متناقضة تجاه نمط سياسات القذافي. فقد كافح كثيرا لفرض نفسه على السياسة الإفريقية من خلال الاستثمارات الضخمة في بنك التنمية الإفريقي، الذي تعتبر ليبيا أكبر المساهمين فيه. وكان مستوى تدخله في السياسة الإفريقية يرجع جزئيا إلى مشروعاته الكبيرة في عديد من الدول الإفريقية.
ومن الملاحظ أن القذافي تمتع بحفاوة كبيرة حتى من بعض زملائه الرؤساء في إفريقيا. ويصرح أفارقة كثيرون بأنه تطور لديهم شعور بالجاذبية بالمظهر الفريد للقذافي، والإعجاب العام به، وبنمطه المميز في سلوكه السياسي على الساحة الدولية. فقد كان لديه شعور بالتميز عن القادة الأفارقة الآخرين، وكان هذا مرتبطا باحتقاره الشديد للعالم الغربي، وهو شعور كان يؤيده فيه بقوة المتعاطفون معه من مناهضي العنصرية (Islamonline, 2011).
وكان للقذافي استثمارات ضخمة في دول إفريقية عديدة. حيث خلقت هذه الاستثمارات فرص عمل كثيرة وحققت عوائد كبيرة لتلك الدول. إذ أن قراره بالارتباط غالبا بمناهضي الإمبريالية حقق له مساندة هذه القطاعات. وبهذه الصفة أصبح راعيا للكفاح الداخلي في تشاد وليبيريا وأوغندا والعديد من الدول الإفريقية الأخرى. وخلال تلك المواقف المتضاربة كون عددا لا بأس به من الأصدقاء والأعداء.
وقد أشار كثير من الكتاب من أمثال خلف (Khalaf 2011) وكرون (Kron 2011) إلى العلاقات التي أسسها القذافي مع الدول الإفريقية. وفي الواقع، يفترض خلف أن الكثيرين من الأفارقة يعتبرون القذافي بطلا ساعد العديد من الدول الإفريقية الفقيرة. ويتعارض هذا مع أغلبية الليبيين الذين احتفلوا بموت "الطاغية" معمر القذافي ونهاية أربعة عقود من الطغيان والاستبداد.
ففي إفريقيا جنوب الصحراء، بنى القائد الليبي المساجد والمستشفيات واستثمر في شركات الاتصالات وغير ذلك. بل إنه استخدم أموال بلاده لرعاية العديد من المساجد والمستشفيات التي بناها في هذه الدول. ففي مسجد كمبالا (العاصمة الأوغندية) على سبيل المثال، ألزم القذافي نفسه بدفع رواتب الهيئة المكونة من 20 فردا طوال العشرين سنة القادمة. وبمرور الزمن، جذبت جهود القذافي الكثير من النخب الإفريقية إليه، وعندما بدأت الانتفاضة ضد حكمه الذي زاد عن الأربعة عقود، وقع الاتحاد الإفريقي في حالة من الارتباك ولم يعترف سوى بعد شهور طويلة بالمجلس الوطني الانتقالي سلطة حاكمة في البلاد (Kron 2011).
كان القذافي مفعما بالأحلام في قارة عانت فيها شعوب كثيرة من قادة تحلوا بقدر عال من الفساد والتعفن السياسي، والحرص المفرط على تكديس الثروة التي جمعوها بطرق غير شريفة. وكان القذافي يحمل في جعبته العديد من الألقاب الرنانة، لم يكن آخرها تتويج نفسه "ملك ملوك إفريقيا". وهذا لا يختلف كثيرا عن الألقاب الفخمة التي منحها لنفسه عيدي أمين في أوغندا، وموبوتو في جمهورية الكونغو الديمقراطية. وقد ربطت هذه الألقاب القذافي بالزعماء والملوك التقليديين، وإن لم تمنحه فرصة تكوين صداقات سوى مع قليل من الزعماء والرؤساء في القارة، أما الأصدقاء الكثر الذين انضموا إلى موكب القذافي فكانوا قليلي التأثير السياسي في شؤون القارة.
ومع ذلك، منحت هذه السلوكيات الغريبة القذافي وضعا جيدا مع العديد من الأفارقة، حتى أنه اعتبر بطلا حتى في موته. ففي زيمبابوي، ساند القذافي كفاح الرئيس روبرت موغابي من أجل التحرر ضد نظام الأقلية البيضاء الذي انتهي في 1980. وينظر إلى هذه المواقف باعتبارها مساندة للكفاح ضد التدخل الأجنبي في الشئون الإفريقية. ومن الجدير بالذكر أنه حتى بالنسبة لبعض الأفارقة الذين لم يساندوا حكم القذافي، كانت الصور والمشاهد الدموية الملتقطة قبيل وبعد مصرعه تؤثر على الكثيرين منهم. ويمكن القول بشكل عام، أن القذافي سيظل في إفريقيا واحدا من أعظم القادة الذين أثروا على أجيال عديدة.
بين الداخل الليبي والخارجي الإفريقي
كان القذافي محظوظا أيضا، لأنه قاد بلدا استفاد اقتصادها كثيرا من عائدات النفط، التي ساهمت عمليا بكل حصيلة الصادرات و30% من الناتج المحلي الإجمالي. حيث اجتمعت عائدات النفط مع أعلى مؤشر تعليم في إفريقيا لتعطي ليبيا أعلى نصيب اسمي للفرد من الناتج المحلي الإجمالي في إفريقيا. وهكذا فإنه فيما بين عامي 2000 و2011، سجلت ليبيا أعلى معدلات نمو تقدر بحولي 10% من الناتج المحلي الإجمالي، وهذا أعلى من أية دولة إفريقية أخرى. وخلال هذا المسار، قام القذافي بمحاولات لتغيير حياة المواطنين في بلاده. فانتقلت مجتمعات بأكملها كانت تعيش في بلدات مبنية من الطين لتقيم في مساكن حديثة مزودة بالمياه والكهرباء وأجهزة تلفاز تستقبل أحدث قنوات الأقمار الصناعية. وخلال السنوات الخمس عشرة الأولى من حكم القذافي، زاد عدد الأطباء لكل ألف مواطن سبع مرات، كما زاد عدد أسرة المستشفيات بثلاث مرات (Wekesa, 2011).
ولكن القذافي تبنى أيضا المفهوم الذي صاغه في النصف الأول من القرن العشرين الناشط والمفكر ماركوس غارفي Marcus Garvey بشأن صياغة اتحاد للولايات المتحدة الإفريقية، ووضعه موضع التنفيذ. إذ كانت الولايات المتحدة الإفريقية اسما مقترحا لمفهوم اتحاد فدرالي يضم كل أو بعض الدول الخمس والخمسين ذات السيادة في إفريقيا. وكان معمر القذافي رئيس الاتحاد الإفريقي في 2009، وطرح فكرة الولايات المتحدة الإفريقية. وأكد القذافي على أن دولة حقيقية واحدة فقط تغطي إفريقيا كلها هي التي بوسعها تحقيق الاستقرار وإدارة الثروة في إفريقيا. وساند أعضاء آخرون في الاتحاد الإفريقي فكرة الوحدة الفدرالية المقترحة اعتقادا منهم أنها ستحقق السلام لإفريقيا "الجديدة".
وبينما كان مصرع القذافي مثار حزن ورثاء لدى الأفارقة، كان العرب يحتفلون به! فقد كان ينظر إلى القذافي من زوايا مختلفة. فعلى سبيل المثال، كان القذافي يعتبر مستبدا في ليبيا، لكنه من ناحية أخرى كان بطلا في إفريقيا. وهذا ما يسميه أوديوغور (Odiogor 2011) التناقض المحير. بل إن القذافي كان يعتبر بطلا في بعض المناطق في إفريقيا، بينما يعد في البعض الآخر بمثابة متطفل غير مرغوب فيه ساهم في الكثير من الانقلابات في القارة السوداء.
وقبيل مصرعه، كان القذافي قد انضم لقائمة المتهمين المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية، وفي مقدمتهم الرئيس السوداني عمر البشير. كانت تهم القذافي تشمل الأمر بقتل المدنيين الذين كانوا يحتجون ضد حكمه الذي طال لاثنين وأربعين عاما، تلك الاحتجاجات التي صارت تعرف الآن بالربيع العربي.
وكما حدث مع زين العابدين في تونس وحسني مبارك في مصر، فقد أطاحت قوى المعارضة بمساعدة القوى الغربية بالقذافي بعد أربعة عقود من الحكم الفردي لكبرى الدول المنتجة للنفط في شمال إفريقيا.
وتهدد الثورات قادة عربا آخرين، في كل من سوريا واليمن والبحرين وغيرهم. ويبدو أن موجة الربيع العربي قد تأخرت عن الوصول إلى بقية القارة الإفريقية. وإن كانت الأحداث في أوغندا في الماضي القريب توضح أن تطورات مماثلة يمكن أن تكون في الطريق قريبا، ما لم تتخذ إجراءات لتلبية مطالب الشعوب.
وبالرغم من أن ثورات الربيع العربي بدأت كاحتجاجات جماهيرية ضد النظم القمعية، إلا أنها تصاعدت إلى اشتباكات مسلحة. ولكن الحالة الليبية تدهورت بسبب المحسوبية التي أصبحت تمثل نمط قيادة القذافي الذي عين أقاربه في المواقع الأمنية الحساسة في الحكومة كإستراتيجية لضمان قيادته الاستبدادية (Giovanni, 2011).
وفي نظر الكثيرين من الأفارقة كانت رؤية جسده مضرجا بالدماء على شاشات التليفزيون، وموته العنيف، مجرد فصل حزين آخر في رواية طويلة لتدخل القوى الغربية في الشئون الإفريقية. وبالنسبة للعرب، كان الجسد الغارق في دمائه للقائد الليبي معمر القذافي يرسل رسالة واضحة إلى القادة العرب الآخرين الذين يصارعون للبقاء في السلطة ضد رغبة شعوبهم. إذ يرون أنه يستحق المصير الذي آل إليه لما اقترفته يداه من تدمير حياة شعبه لعقود وفتح النار عليه قبل سقوطه.
ويرى كثيرون في العالم العربي أن فترة حكم القذافي لليبيا التي فاقت الأربعة عقود كانت بمثابة فترة بالغة التهميش للشعب الليبي لم يستطع فيها تحديد مستقبله أو مصيره. فقد عاش العقيد في عالمه الخاص، وحكم ليبيا كما لو كانت ضيعة تملكها أسرته، وأخضعها لوحشية رؤية وهمية. وحتى بعد سقوط طرابلس أثناء الاضطرابات، كان لا يزال مقتنعا بأن الليبيين ظلوا في جانبه، فانتقل إلى مسقط رأسه في سرت مستمرا في المقاومة، وكان يقول لمؤيديه ممن بقوا حوله إن النصر على مرمى البصر.
وتوضح التقارير الإعلامية أن الليبيين احتفلوا بسقوط القذافي باعتباره طاغيا مستبدا ومساندا للإرهاب. وبالإضافة إلى ذلك، كانوا يرون أنه أضاع مواردهم في محاولاته اليائسة للظهور في بقية إفريقيا، حيث أهدر قدرا بالغا من موارد ليبيا في بناء ممتلكات واستثمارات كان العرب يعتبرونها تبديدا للموارد. فعندما استولى القذافي على السلطة من الملك إدريس في 1969، كانت لديه طموحات كبيرة للوحدة العربية. ومع ذلك، كان القادة العرب الآخرون يعاملونه بشك، ربما بسبب نزعته "الثورية" (Islamonline, 2011). وهكذا فإنه من الثمانينيات فصاعدا، حوَّل القذافي اهتمامه من العالم العربي إلى إفريقيا جنوب الصحراء. وسعيا وراء تحقيق هذا الحلم بحماس، وباستخدام دولارات ليبيا البترولية الهائلة، موَّل العقيد أنشطة الاتحاد الإفريقي وأسس شركات عبر القارة وجمع في نمط حكمه بين أساليب الملوك والقادة التقليديين.
وحتى بعد مصرعه، ستبقى استثمارات ليبيا الضخمة في الدول الإفريقية مصدرا محتملا للصراع بين المجلس الوطني الانتقالي وأبناء القذافي والدول الإفريقية. وحسبما يذهب الليبيون، فإن أحدا لا يمكنه تخيل مقدار الرعب الذي سببه رئيس لشعبه، بمثل ما فعل العقيد معهم. فخلال الثورة لقي أكثر من خمسة عشر ألف ليبي مصرعه، فضلا عن خمسة وأربعين ألف جريح. وأدى إصرار القذافي على السلطة إلى ترويع شعبه بأساليب تذكرنا بأشكال الإبادة الجماعية. وكان الإرهاب الذي مارسه على شعبه لا يصدق. إذ كان الناس يحشرون في بيوتهم أو في مخابئ مزدحمة غير صالحة للسكن، هذا إذا ما استطاعوا العثور على مأوى.
وهناك مناسبات عديدة اقتحمت فيها قوات القذافي المساكن الخاصة لتثير الذعر وتعيث خرابا في حياة الأسر الآمنة، مع إطلاق النار بجنون، والاغتصاب بلا تمييز. وفي بعض الحالات كان يتم اغتصاب أسر بكاملها بما في ذلك الرجال والأطفال. وكما يورد فايد وعوض (Fayed and Awad 2011) عن تنفيذ هذه الأعمال الجنونية القاتلة، كان النظام يستخدم مرتزقة مجلوبين من دول إفريقية أخرى تشمل الحرس الجمهوري التشادي. وحصل كذلك على مرتزقة من أماكن بعيدة من دول مثل كولومبيا في أمريكا اللاتينية. ولم يكن ممكنا تنفيذ تلك الأعمال سوى لأن السلطة الحقيقية كانت في أيدي أسرة القذافي فقط.
وكما يقول بوسوتيل (Busuttil 2011) ومؤلفون آخرون، لم يعترف القذافي الطاغية بحق المواطنين في الاحتجاج. وكان أيضا مديرا سيئا لموارد البلاد، ولذلك فإنه ليس مدهشا في بلد كان فيه النفط مجانا تقريبا أن يتصاعد سعره من عشرين سنتا للتر إلى خمسة دولارات في غضون أسابيع قليلة من الاحتجاجات. وأصبحت السلع الأساسية أكثر ندرة وأعلى ثمنا. وكان يقتل مواطنيه بلا شفقة، كما كان ينكر عليهم حق التمتع بحصيلة مواردهم الطبيعية (النفط) لأنه كوَّن ثروة كبيرة مع أقاربه. وكان مثل العديد من القادة الأفارقة الآخرين، يعتبر ثروة وموارد البلاد ملكا خاصا له، ويتضح هذا من سلوكه المبذر واللامبالي في الإنفاق أثناء رحلاته الدولية. وبالإضافة إلى ذلك، ركز العقيد على أقاربه ونسي أصحاب الحق الأصليين في هذه الثروات من أبناء الشعب الليبي.
وقد قضى حكم القذافي على وجود الإطار المؤسسي للخلافة عقب حكمه الاستبدادي الشمولي. ففي ليبيا كان يعتبر من المحظورات أن تناقش خطط خلافة حكم القذافي. حيث كان يعتبر نفسه حاكما أبويا، وهو ما يفسر لماذا كان يقبل ( بل ويطالب) بأن يلقى معاملة ملكية أو رئاسية بما في ذلك التقبيل ومنح الألقاب الفخمة وإظهار الاحترام (Smit, 2010). وكان تقديمه على أنه موحد إفريقيا يجعله يتحول إلى زعيم بالمعنى الحرفي، مما يتطلب التحية من الحاشية، وقرع الطبول، وقراءة التعويذات في جميع أنحاء إفريقيا.
لقد منح القذافي مواقع تنفيذية قوية وإستراتيجية لأقاربه ومنهم أبنائه وأصهاره (Kanuma, 2011). وكان هذا بهدف تحقيق أقصى حماية له مع تزايد مرضه بجنون العظمة. وسيطر أيضا على صياغة القوانين، وتحكم في الموارد الوطنية، واختلس منها، وأشرف على برنامج التنمية الوطنية، بما في ذلك منح العقود الفاسدة (Busuttil, 2011). وقد مكن هذا التركيز الكبير للسلطات في أيدي القذافي من تأسيس ورئاسة نظام المحسوبية في ليبيا. وتتضح طبيعته الأنانية عندما طرح فكرة الولايات المتحدة الإفريقية، التي أراد أن يصبح رئيسا لها. ويبدو أن الليبيين لم يكونوا موافقين إلى حد بعيد على إنفاقه المسرف ومشروعاته ذات الدوافع السيئة في إفريقيا وحتى في الخارج من أجل تحقيق تفوقه الشخصي (Khalaf, 2011). فقد كان ينفق موارد الدولة كما لو كانت موارده، بينما كان يتجاهل أمن ورفاهية المواطنين. واستطاع أن يدمر تماما المبادئ الديمقراطية في ليبيا، ولم تكن هناك انتخابات مطلقا، لأنه أصبح "القائد للأبد". وفي الحقيقة يعتبر موت القذافي راحة كبيرة للشعب الليبي.
لماذا أحبوا القذافي؟
من المعتقد أن كثيرا من الأفارقة وقادتهم يعتبرون القذافي بطلا بسبب بقائه حتى آخر لحظة في حياته مكافحا ضد الناتو والمجلس الوطني الانتقالي. فمن هذا المنظور، يرى كثير من الأفارقة القذافي زعيما رفض سقوط بلاده رهينة للمعتدين الأجانب والانتهازيين. وقد أحزن موته الأفارقة الذين كانوا يتطلعون إليه كمدافع عن الحرية، وربما كان الشخص الوحيد الذي كان يستخدم أمواله وشجاعته للوقوف ضد السيطرة الغربية (Wekesa, 2011).
وبالإضافة إلى ذلك، يتضح أن مساندة القذافي لحركات التحرر عبر القارة الإفريقية جعلته يحتل مكانة مرموقة لدى الكثيرين، من أولئك الذين وضعوه إلى جوار بطل جنوب إفريقيا نيلسون مانديلا الذي أطلق اسم القذافي على حفيده.
لقد كانت بعض أعمال القذافي مفيدة في تحسين وضع الأفارقة. ويدخل في هذا الإطار مساندته لحركة مناهضة العنصرية في جنوب إفريقيا، وعرقلة الإطاحة بعيدي أمين في أوغندا، وموقفه الإيجابي تجاه بعثة حفظ السلام في الصومال. حيث ساهم كل هذا في مساعدة الناس على الحصول على فرصة الحياة، وفي الوحدة الإفريقية بصفة عامة (Islamonline, 2011).
وبعد أن أصبح مانديلا أول رئيس أسود في جنوب إفريقيا في 1994، رفض ضغوطا من القوى الغربية، بما فيها ضغوط رئيس الولايات المتحدة الأمريكية في ذلك الوقت بيل كلينتون لقطع العلاقات مع العقيد القذافي، الذي موّل حملة مانديلا الانتخابية.
والقذافي لدي كثيرين في إفريقيا زعيما وطنيا حقيقيا. وكما يضيف سميت (Smit 2010) هناك شعوب أخرى عديدة داخل إفريقيا معجبة بأساليبه المشاكسة المعاندة التي من المؤكد أنها أبعدت الإمبرياليين. وهكذا تكشف الحوارات على قناتي بي بي سي BBC و سي إن إن CNN والمحطات المحلية في الدول الإفريقية أن الكثير من النخب يعتبرون سقوط القذافي ضربة قاضية لاستقلال إفريقيا. فهم يقولون إنه من المحتمل أن يقوي من عزم الإمبرياليين الغربيين على نهب الموارد الطبيعية لإفريقيا.
وطبقا لمصادر أخرى، فقد كان القذافي هو من قدم لكل إفريقيا أول ثورة في عصرها الحديث، أي ربط القارة كلها بالهاتف والتليفزيون والراديو وغير ذلك من التطبيقات التقنية الأخرى مثل الطب اللاسلكي والتعليم عن بعد.
وكانت أدوار القذافي التمويلية الكبيرة واضحة في 1992، عندما أسست 45 دولة إفريقية (منظمة الاتصال بالأقمار الصناعية الإفريقية الإقليمية RASCOM) حتى يكون لإفريقيا قمرها الصناعي الخاص بها، وتخلص نفسها من تكاليف الاتصال الباهظة التي تفرضها الشركات الغربية (Wekesa, 2011). ويعتبر الكثيرون أن إنفاقه السخي في هذا الصدد هو الذي طور القارة الإفريقية بأكملها. وبالإضافة إلى ذلك، فإن خططه المتعلقة بخطوط الأنابيب للقارة الإفريقية وتأسيس العملة المشتركة بناء على الذهب والدينار كانت تلقى ترحيب الكثير من الأفارقة.
ولذلك كان يحظى بالإعجاب لأسباب عديدة. وعلى سبيل المثال، كان يحارب ضد الاستعمار والإمبريالية، وقدم إسهامات هائلة إلى الشعوب المقهورة وأنقذ أرواح الكثيرين في إفريقيا. وكانت إسهاماته مالية وسياسية لأحزاب مثل المؤتمر الوطني الإفريقي في جنوب إفريقيا، وإلى منظمة شعب جنوب غرب إفريقيا (سوابو) في ناميبيا، ومنظمة التحرير الفلسطينية، والإخوان المسلمين (Fayed and Awad, 2011). ورعت ليبيا حزب شعب بتسوانا في الأيام الأولي من تكوينه. ولكنه كان مكروها في المقابل من قبل البعض لرعايته لحركات التمرد في دول إفريقية مثل تشاد والسودان وسيراليون وليبيريا.
وكان القذافي يعتبر أيضا من القادة الأفارقة القلائل الذين استطاعوا الوقوف في وجه الأمم الغربية وشن هجوم صريح عليهم وجها لوجه بأنهم كانوا ظالمين في معاملتهم لإفريقيا. وبالرغم من أن هذه الأعمال ضمنت مكانة مرموقة في قلوب كثير من الأفارقة، إلا أن العرب كانوا يعتبرونها مبادرات نفاق نحو القارة السوداء (Busuttil, 2011). وقد يفسر هذا لماذا فشلت محاولته الأولى لتحقيق الوحدة العربية سريعا. وبالتالي كان عليه أن يتحول إلى الوحدة الإفريقية، التي كان يقودها أساسا ليحصل على السلطات الكبرى لرئيس الدولة الإفريقية الاتحادية كلها. ولكن كما يقول أوديوغور Odiogor (2011) لم يستطع هذا المسعى أن يدوم طويلا أيضا ـ بعد تسرب تقارير عن المعاملة غير الإنسانية والتعذيب وترحيل الأفارقة من ليبيا.
ومن جانب آخر، كانت سياسات القذافي تظهره أحيانا متحمسا للإسلام وأقرب للمجتمع الإسلامي. وكان عرضه لمساندة عيدي أمين دكتاتور أوغندا خلال حكمه الدكتاتوري والإرهابي في أوغندا يشهد على ذلك. وكما يقول Kanuma (2011) ـ أظهر القذافي كراهيته لنيجيريا عندما لام الشعب المسلم في نيجيريا على ضعفه لخضوعه لحكم المسيحيين.
ما لم نعرفه عن القذافي
ختاما، يمكن أن يقال إن المصداقية التي منحت للقذافي في إفريقيا يمكن أن تكون مبالغا فيها في العديد من الجوانب. ففي عدد من الحالات، سببت استثماراته توترات سياسية في بعض الدول كما كشفت الحالة الكينية. إذ أن الاستحواذ الاستثماري على أحد فنادق الملكية العامة قد أحيط بالسرية وفاحت منه رائحة الفساد. وهذا يشير إلى الاستفادة من تبديد الموارد العامة، وهو الشيء الذي يقول الكثير من الأفارقة إن القذافي كان يحاربه، وخاصة ضد الإمبرياليين الغربيين. ولا تزال أسئلة عديدة مطروحة في هذا الصدد.
ولم تكن هناك معرفة كبيرة بما كان يحدث داخل ليبيا. فقد كان لدى الإعلام تقارير انتقائية عن قيادة القذافي في الداخل، وبالتالي لم يكن الأفارقة يعرفون هذا الرجل جيدا. ولذلك فقد بهرنا بمسرحياته الطفولية التي كانت تسلي الأفارقة في العديد من الحالات. ومع ذلك، لم يكن القادة يستطيعون التعرض له خشية مساندته للانقلابات في بلادهم. أي أننا لم نعرف القذافي بصفة عامة.
وبالرغم من أن العديد من الدارسين والمعلقين السياسيين يتسرعون في الإشارة إلى أن العلاقات المستقبلية بين ليبيا وبقية الدول الإفريقية ستكون صعبة ـ إلا أنني أرى أن الأمر سابق لأوانه. فسوف تظهر عوامل عديدة ستؤثر على العلاقات بين الدول. وستشمل هذه العوامل السياسة والاقتصاد والاجتماعية. وبالإضافة إلى ذلك، سيحتاج النظام الجديد إلى أصدقاء داخل إفريقيا ومن خارجها أيضا. وبصفة عامة، ستتأثر مصالح الدولة بناء على هذه الترتيبات. وتتمتع إفريقيا بموارد عديدة تحتاجها ليبيا. وعلى هذا فإن السنوات القليلة القادمة ستوضح بجلاء القواعد الجديدة للعلاقات. أما الآن فسيكون هناك حالة من السيولة النسبية في العلاقات.
_______________
لوك أوبالا-كاتب وجامعي كيني
المصادر
Al Jazeera, (2011). Libya: Media on the frontlines of revolution. Retrieved on November 4, 2011 from http://english.aljazeera.net/programmes/listeningpost/2011/09/201193883840514 6.html
Blair, K. (2011). Libya Reacts to Gaddafi’s Death on Social Media. Retrieved on November 4, 2011 from http://socialtimes.com/lybia-reacts-to-gaddafis-death-on-social-media_b81970
Busuttil, S. (2011). Muammar Gaddafi’s ‘reign of terror.’ Retrieved on November 4, 2011 from http://www.timesofmalta.com/articles/view/20110629/opinion/Muammar-Gaddafi-s-reign-of-terror-.372967
Farjan, S. (2011). KILLING: Colonel Gaddafi, his land and oil – Who’s next? Retrieved on November 4, 2011 from http://www.lemauricien.com/article/killing-colonel-gaddafi-his-land-and-oil-%E2%80%93-who%E2%80%99s-next
Fayed, S. & Awad, M. (2011). Arabs see Gaddafi's death as message to rulers. Retrieved on November 3,2011 from http://www.reuters.com/article/2011/10/20/us-libya-gaddafi-arabs-idUSTRE79J77720111020
Giovanni, J. (2011). My Walk through the Valley of Death. Retrieved on November 4, 2011 from http://www.thedailybeast.com/newsweek/2011/10/16/libya-gaddafi-s-reign-of-terror.html
Griffiths, B. (1941) Morality and the Market Place: Christian Alternatives to Capitalism and Socialism
Islam Online (2011). Africa Sub-Saharans Mourn â Heroâ Gaddafi. Retrieved on November2, 2011from
http://www.islamonline.com/news/articles/2/Africa-Sub-Saharans-Mourn-Hero- Gaddafi htmlourn-Hero-Gaddafi.html
Kanuma, S. (2011). Gaddafi is gone; what are Africans mourning? Retrieved on November 4, 2011 from http://focus.rw/wp/2011/10/gaddafi-is-gone-what-are-africans-mourning
Khalaf, R. (2011). Gaddafi’s death bodes ill for Arab despots. Retrieved on November 4, 2011from http://blogs.ft.com/the-world/2011/10/gaddafis-death-bodes-ill-for-arab despots/#axzz1cfvTEZ1W
Kron, J. (2011). Many in Sub-Saharan Africa Mourn Qaddafi’s Death. Retrieved on November 2, 2011 from http://www.nytimes.com/2011/10/23/world/africa/many-in-sub-saharan-africa-mourn-gaddafis-death.html?_r=1
Mbembe, A (2001) On the Post Colony, University of California Press, Berkeley, USA.
Odhiambo, T.R et al; (1988) Hope Born out of Despair: Managing the African Crisis, Heinemann, Nairobi
Odiogor, H. (2011). Gaddafi the enigma: A villain or a hero? Retrieved on November 2, 2011from
http://www.vanguardngr.com/2011/10/gaddafi-the-enigma-a-villain-or-a-hero/
O'Neill , M. (2011).How YouTube Is Aiding The Libyan Revolution. Retrieved on November 4, 2011 from http://socialtimes.com/youtube-libyan-revolution_b39678
Mamdani, M. (1996) Citizen and the Subject, Fountain Publishers, Kampala
Smit, E. (2010). Perceptions on Leadership in Africa. The GRLI Partner Magazine. Retrieved on November 2, 2011from http://www.usb.ac.za/Media/News/eon_smit.pdf
Wekesa, B. (2011). Gaddafi's death no celebration for Africa. Retrieved on November 4, 2011from
http:// w w w .globaltimes.cn/NEWS/tabid/99/ID/680842/
Gaddafis-death-no-celebration-for-Africa.aspx
Al Jazeera, (2011). Libya: Media on the frontlines of revolution. Retrieved on November 4, 2011 from http:// english .aljazeera .net /programmes /listeningpost /2011/09/201193883840514 6.html
Blair, K. (2011). Libya Reacts to Gaddafi’s Death on Social Media. Retrieved on November 4, 2011 from http :// socialtimes .com /lybia-reacts-to-gaddafis-death-on-social-media_b81970
Busuttil, S. (2011). Muammar Gaddafi’s ‘reign of terror.’ Retrieved on November 4, 2011 from http:/ / w w w . timesofmalta.com/articles/view/20110629/opinion/Muammar-Gaddafi-s-reign-of-terror-.372967
Farjan, S. (2011). KILLING: Colonel Gaddafi, his land and oil – Who’s next? Retrieved on November 4, 2011 from http: / / w w w . lemauricien .com /article/killing-colonel-gaddafi-his-land-and-oil-%E2%80%93-who%E2%80%99s-next
Fayed, S. & Awad, M. (2011). Arabs see Gaddafi's death as message to rulers. Retrieved on November 3,2011 from http: / / w w w . reuters .com /article/2011/10/20/us-libya-gaddafi-arabs-idUSTRE79J77720111020
Giovanni, J. (2011). My Walk through the Valley of Death. Retrieved on November 4, 2011 from http: / / w w w . thedailybeast .com/newsweek/2011/10/16/libya-gaddafi-s-reign-of-terror.html
Griffiths, B. (1941) Morality and the Market Place: Christian Alternatives to Capitalism and Socialism
Islam Online (2011). Africa Sub-Saharans Mourn â Heroâ Gaddafi. Retrieved on November2, 2011from
http: / / w w w . islamonline.com /news /articles/2/Africa-Sub-Saharans-Mourn-Hero- Gaddafi htmlourn-Hero-Gaddafi.html
Kanuma, S. (2011). Gaddafi is gone; what are Africans mourning? Retrieved on November 4, 2011 from http://focus.rw/wp/2011/10/gaddafi-is-gone-what-are-africans-mourning
Khalaf, R. (2011). Gaddafi’s death bodes ill for Arab despots. Retrieved on November 4, 2011from http:// blogs .ft .com/the-world/2011/10/gaddafis-death-bodes-ill-for-arab despots/#axzz1cfvTEZ1W
Kron, J. (2011). Many in Sub-Saharan Africa Mourn Qaddafi’s Death. Retrieved on November 2, 2011 from http: / / w w w . nytimes .com /2011/10/23/world/africa/many-in-sub-saharan-africa-mourn-gaddafis-death.html?_r=1
Mbembe, A (2001) On the Post Colony, University of California Press, Berkeley, USA.
Odhiambo, T.R et al; (1988) Hope Born out of Despair: Managing the African Crisis, Heinemann, Nairobi
Odiogor, H. (2011). Gaddafi the enigma: A villain or a hero? Retrieved on November 2, 2011from
http: / / w w w . vanguardngr .com /2011/10/gaddafi-the-enigma-a-villain-or-a-hero/
O'Neill , M. (2011).How YouTube Is Aiding The Libyan Revolution. Retrieved on November 4, 2011 from http://socialtimes.com/youtube-libyan-revolution_b39678
Mamdani, M. (1996) Citizen and the Subject, Fountain Publishers, Kampala
Smit, E. (2010). Perceptions on Leadership in Africa. The GRLI Partner Magazine. Retrieved on November 2, 2011from http: / / w w w . usb.ac.za /Media/News/ eon_smit.pdf
Wekesa, B. (2011). Gaddafi's death no celebration for Africa. Retrieved on November 4, 2011from
http:// w w w .globaltimes.cn/NEWS/tabid/99/ID/680842/
Gaddafis-death-no-celebration-for-Africa.aspx