خرجت حكومة العدالة والتنمية من موجتي التغيير في تونس ومصر بأقل الخسائر والأضرار بعدما كشفت عن موقفها منذ البداية في رفض بقاء الرئيسين المصري والتونسي في السلطة، لكنها تعثرت في الطريق الليبي ولم تسترد أنفاسها سوى قبل أيام بعدما نطقت بالعبارة التي تجنبت قولها لأسابيع كاملة "حان وقت رحيل القذافي".
مسار العلاقات بين دمشق وأنقرة خرج من فترة شهر العسل، وحجم المخاطر المحدقة بمستقبل العلاقات بين البلدين كبيرة إلى درجة قد تطيح بكل ما تم تشييده في السنوات الأخيرة. |
فأنقرة فوجئت بسرعة وصول موجة التغيير إلى سوريا بعدما كان الرئيس السوري يطمئنها أن البلاد محصنة وأن الداخل السوري لا يشبه تونس ومصر واليمن، وكانت تثق بقدرة الرئيس الأسد على الإسراع في دفع عجلة الإصلاح التي تحدّث أكثر من مرة بشأنها أمام المسئولين الأتراك، اكتشفت باكرا أن رهانها الوحيد على النظام لن يكون الحل، وان الثقة المطلقة بالرئيس الأسد تتعارض مع أسلوب وطريقة معالجة الأزمة بعد الذي أظهرته القيادة السورية في طريقة تعاملها مع مطالب المعارضة "العادلة والمحقة"، كما وصفتها قيادات العدالة والتنمية أكثر من مرة.
الإجراءات التركية والأزمة السورية
جدل سوري تركي
الموقف التركي في المنظور القريب
الموقف التركي على المدى البعيد
الإجراءات التركية والأزمة السورية
نظرة خاطفة على الإجراءات التركية الأخيرة حيال ما يجري في سوريا وطريقة تعامل النظام السوري مع أزمته، تؤكد أن مسار العلاقات بين دمشق وأنقرة خرج من فترة شهر العسل، وأن حجم المخاطر المحدقة بمستقبل العلاقات بين البلدين كبيرة إلى درجة قد تطيح بكل ما تم تشييده في السنوات الأخيرة. أبرز هذه الإجراءات:
- مجلس الأمن القومي التركي يناقش لساعات طويلة موضوع الأزمة السورية على ضوء التقرير الذي أعده رئيس جهاز المخابرات التركية هاقان فيدان بعد أكثر من لقاء سري وعلني بالرئيس بشار الأسد.
- جرى أكثر من اتصال هاتفي مباشر بين رجب طيب أردوغان والرئيس السوري لتقييم الأحداث في المدن السورية.
- تدابير أمنية ولوجستية تركية عاجلة في مناطق الحدود المشتركة وقرار بالاستعداد لموجات نزوح من المدن السورية الشمالية باتجاه الداخل التركي.
- تحليلات متلاحقة في الإعلام الغربي حول اتصالات مستمرة بين أنقرة والعواصم الغربية، ورسائل غير مباشرة تنقلها تركيا إلى سوريا باسم هذه البلدان لتحث النظام على عدم إهدار الفرص التي قدمت حتى الآن وعدم التفريط بها.
- فتح الأبواب أمام المعارضة السورية بكافة فصائلها وأطيافها لعقد اجتماعات لها في تركيا تحت شعار " لقاء اسطنبول من أجل سوريا " وتوجيه رسائل عبرها إلى القيادة السورية، وهي تعرف مسبقا أن ذلك يغضب دمشق ويقلقها.
- إعلان الثلاثي التركي عبد الله غل ورجب طيب أردوغان وداود أوغلو أن أبواب تركيا ستكون مشرعة أمام السوريين الذين لا يشعرون بالأمان.
والتصريحات الأخيرة لهؤلاء الثلاثة حول ما يجري في سوريا وحول سبل المواجهة والمعالجة، إضافة إلى ما سبق، كلها تطرح أكثر من سؤال ومن علامة استفهام تنتظر الإجابة عنها:
هل انتهى ربيع العلاقات التركية السورية أمام ولادة ربيع الثورات العربية ؟
هل يقود تراجع العلاقات إلى تدهورها والعودة بها إلى ما قبل العام 2000 حيث كانت في ذروة التراجع والخطورة؟
ما هي التداعيات والتوقعات وكيف ستكون نهاية المطاف والخيارات البديلة بالنسبة للبلدين؟
الملفات المشتركة والمدركات المتبادلة
تعرف تركيا أنها دخلت أكثر من منطقة وملف وقضية بدعم وغطاء سوري مباشر، سواء أكان ذلك في ملف الأزمة اللبنانية أو في العلاقة التي بنيت وترسخت مع حزب الله وحماس والكثير من المنظمات الفلسطينية.
وتدرك أن تقاربها مع دمشق كان عاملا أساسيا في انفتاحها المتزايد على إيران وتوسيع رقعة التعاون الثلاثي بين هذه البلدان حيال أكثر من أزمة إقليمية. وهي تعرف أيضا أن توسيع رقعة انتشارها وتمددها التجاري والاقتصادي باتجاه الأردن كان لا بد من أن يمر عبر سوريا ومباركتها ومشاركتها.
وبالمقابل إن سوريا على دراية تامة بأن تركيا وفرت لها الغطاء اللازم للخروج من أكثر من ورطة إقليمية ودولية، وأن أردوغان لعب دور العراب للتقريب بين دمشق وأكثر من عاصمة غربية وحتى عربية.
ولا أحد ينكر أن تركيا في السنوات الثماني الأخيرة جعلت من سوريا مركز الثقل في سياستها الإقليمية وأعطتها الأولوية والأفضلية في الكثير من حملات الانفتاح والتوسع الاقتصادي والسياسي، ما أخرجها من عزلتها الدولية أولا، ثم جعلها شريكا مباشرا لأنقرة في أكثر من اتفاقية تجارية وإنمائية عربية وإقليمية، أبرزها رفع تأشيرات المرور بين البلدين التي كانت انتصارا لسوريا قبل أن تكون انتصارا لتركيا، حيث وجدت دمشق نفسها تقترب أكثر فأكثر من الغرب.
حكومة العدالة والتنمية الحليف الإقليمي لسوريا تستعد لتغيير مواقفها من النظام بسبب أسلوب التعامل مع التحركات الداخلية، وتوسّع رقعة الأزمة قادت إلى التباعد في المواقف والتحليلات بين دمشق وأنقرة. |
وكان رجب طيب أردوغان أول من افتعل سببا لزيارة دمشق في مطلع فبراير/شباط المنصرم، ثم تبعه وزير خارجيته أحمد داود أوغلو، لنكتشف لاحقا أن رئيس جهاز المخابرات التركية هاقان فيدان قصد دمشق هو الآخر أكثر من مرة، وأن الرسائل والمطالب كانت واحدة:
محاولة إقناع الرئيس السوري بتبني فكرة الإصلاح والتغيير بأسرع ما يمكن، والتعامل بجدية مع النصائح والمطالب التركية، وأخذ خريطة الطريق المطروحة من قبل أنقرة بعين الاعتبار إذا ما كانت القيادة السورية تريد الخروج من مأزقها هذا بأقل الخسائر والأضرار.
والجدير بالذكر أن أنقرة وضعت أمام الرئيس الأسد جملة من الاقتراحات والمطالب التي تركزت على:
إعلان حكومة سورية جديدة تجمع كافة الأحزاب والميول السياسية والاجتماعية الفاعلة، وقف العنف ضد المدنيين والتراجع عن خيار الحسم العسكري، العمل على تسريع عجلة الإصلاحات الدستورية والسياسية والاجتماعية والتعامل بجدية وعملية مع مطالب مئات الآلاف من الأكراد في سوريا.
لكن الرياح التركية لم تدفع السفن السورية إلى حيث تريد، فصورة الوضع القائم اليوم هي أن القيادة السورية متمسكة بتحذير حكومة العدالة والتنمية من "السقوط في فخ تضخيم" ما يجري، وأن تساعدها على مواجهة مخطط "الفتنة والمؤامرة" ضد سوريا.
بينما تصر تركيا على الإسراع في إطلاق إجراءات الانتقال بسوريا من دولة الحزب الواحد إلى دولة ديمقراطية تعددية تتبنى شعار القانون وتوسيع رقعة الحريات، رافضة ما تروجه دائرة الصقور المحيطة بالرئيس السوري –وهي التي تقيد حرية تحركه وتعارض أي تغيير أو ليونة في التعامل مع المعارضة- من أن المعارضة السورية "تتربص للانقضاض والسيطرة على السلطة إذا ما أعطيت الفرصة المناسبة".
لا أحد ينكر أن الرسائل الصادرة عن العاصمة التركية حيال الموضوع السوري كان لها وقع الصاعقة في دمشق وهي تلتقي جميعها عند تقاطع:
أن حكومة العدالة والتنمية الحليف الإقليمي لسوريا تستعد لتغيير مواقفها من النظام بسبب أسلوب التعامل مع التحركات الداخلية، وبأن توسّع رقعة الأزمة قادت إلى التباعد في المواقف والتحليلات بين دمشق وأنقرة. فالقيادات التركية تقول ردا على دمشق، المتمسكة بنظرية المؤامرة والتي تتهم المعارضة بعدم الاستجابة لوعود الرئيس الأسد ولم تمنحه حتى بضعة أيام لتنفيذ تعهداته، أن كل ذلك لا يبرر خيار القوة واللجوء إلى وحدات الجيش النظامي لمحاصرة المدن واقتحامها بعد ساعات على إعلان قرار رفع حالة الطوارئ في البلاد التي استمرت نصف قرن كامل.
الأكثر من ذلك، كانت التحذيرات الأخيرة الصادرة عن أنقرة حول أن انفجار الداخل السوري ببعده الكردي يطال أمن تركيا واستقرارها ويفرض عليها تنبيه سوريا بعدم الاستخفاف بانعكاسات هذا الملف السلبية على البلدين معا. وفي هذا السياق، كشفت الصحف مؤخرا عن لقاء جمع القيادات الكردية السورية والكردية التركية بإشراف مراد قره يلان أحد قياديي حزب العمال الكردستاني في جبال قنديل، وبالتأكيد لم يتم اللقاء على حساب قيادات شمال العراق الكردية أو دون علمها. وهذه مسألة ينبغي التعامل معها بجدية كاملة وعدم التلاعب بتركيبة هذا الملف الحساس، فانفجاره الإقليمي سيتجاوز محاولة البعض توجيه الرسائل إلى أنقرة والتلويح بالورقة الكردية في وجهها لتتوقف عند خطوط حمراء تتصل بالموضوع السوري.
وقد حاولت بعض الأقلام والتحليلات السورية أو المقربة منها أن تذكّر الأتراك بأن التغيير في العالم العربي يتعارض مع مصالح تركيا في الشرق الأوسط، وأن أنقرة التي كانت تشغل فراغا عربيا سياسيا ودبلوماسيا ستجد نفسها تتراجع نفوذا وتمددا على الأرض عند اكتمال الثورات العربية، ما يقودها إلى تعديل سياساتها وإستراتيجياتها وتحالفاتها الإقليمية والدولية.
الأمر الذي ردت عليه كتابات وتحليلات لإعلاميين وسياسيين مقربين من العدالة والتنمية، يذكرون أن حكومة العدالة والتنمية كانت دائما السباقة في رفع شعار التغيير والإصلاح في الشرق الأوسط وهي التي كررت مطلبها هذا في أكثر من محفل عربي وإسلامي رفيع المستوى، لأن وجود بلدان عربية وإسلامية منفتحة تتماسك فيها العلاقات بين القيادات السياسية والقواعد الشعبية وترفع شعار "المزيد من الحريات والديمقراطية والعدالة" بين شرائح المجتمع، ستكون مقدمة لتغيير إقليمي حقيقي وفرصة لتعاون إستراتيجي يقود نحو بروز تحالفات كفيلة بإنجاز مطالب الأمن والاستقرار والتعاون بين دول المنطقة.
فالرئيس التركي عبد الله غل أكد أن تركيا تستعد لأسوأ الاحتمالات في الموضوع السوري، ورغم أنه لم يكشف عما يقصده بكلامه هذا، إلا أنه سهل لنا قراءة الموقف التركي في المرحلة المقبلة وطريقة تفكير قيادة العدالة والتنمية إذا ما سار ملف الأزمة السورية بعكس ما تشتهي وتريد الرياح التركية.
تتعامل أنقرة بجدية مع المعادلة التي تقول: إن أزمة سورية حتى ولو لم تتحول إلى اقتتال وحرب أهلية ستترك تركيا أمام مأزق كبير يهدد لعبة التوازنات العرقية الداخلية فيها أولا، وستعرقل سرعة اندفاع الصعود التركي الإقليمي ثانيا. |
- المطلوب عاجلا عدم إهدار الفرص المتوافرة أمام النظام السوري، والواجب استغلالها بأسرع ما يكون على طريق الإصلاح وتوفير الاستقرار.
- ما قد تقوم به القيادة السورية اليوم هو الفرصة الأخيرة لوقف أي تدخل خارجي في الملف السوري، وعلمتنا التجربة الليبية أن الرهان على الصين وروسيا لن يستمر طويلا.
- إن تركيا لن يكون بمقدورها الابتعاد كثيرا عن المواقف الدولية التي قد يتخذها مجلس الأمن الدولي إذ سيناقش عاجلا أم آجلا ملف الأزمة السورية.
وتتخوف أنقرة أن يفقد النظام السوري شرعيته بسبب تصلبه وطريقة تعامله مع ما يجري داخل البلاد، أو أن يفرض على دمشق عقوبات دولية جديدة تتركها في موقف صعب هذه المرة. بل ربما ما يقلق تركيا أكثر من غيره هو الوقوع في المجهول بخصوص الجهة التي ستتولى دفة القيادة إذا ما انفجر الوضع وانقلبت المعادلات السياسية داخل سوريا.
الموقف التركي في المنظور القريب
إذا فشلت أنقرة في إقناع دمشق بأخذ نصائحها وتوصياتها ستبحث دون تردد عن البديل السوري القادر على تقبل ما تقوله والاقتناع بتنفيذه، وتدرك أن خيار الوقوف إلى جانب سوريا الدولة الجارة والشريك الجديد قد يعني التضحية بخيار الوقوف إلى جانب القيادة السورية إذا وجدت نفسها ملزمة باختيار أحدهما، حتى ولو كان ذلك مكلفا بعد سنوات من التنسيق والتعاون وتوحيد الجهود بين قيادات العدالة والتنمية وأركان نظام الرئيس بشار الأسد.
وتتعامل أنقرة بجدية مع المعادلة التي تقول: إن أزمة سورية حتى ولو لم تتحول إلى اقتتال وحرب أهلية ستترك تركيا أمام مأزق كبير يهدد لعبة التوازنات العرقية الداخلية فيها أولا، وستعرقل سرعة اندفاع الصعود التركي الإقليمي ثانيا.
وتستوعب الحكومة التركية أن عدد التظاهرات وتجمعات الاحتجاج الشعبي التي تنظمها منظمات المجتمع المدني التركي المحسوبة على الإسلاميين في تركيا أمام البعثات الدبلوماسية السورية في أنقرة واسطنبول في تزايد يوما بعد آخر، وأن أقلام كبار الكتاب والإعلاميين الإسلاميين في صفحات الجرائد اليومية ومواقع الانترنت لا تتوقف عن انتقاد ما يجري في سوريا ضد المدنيين وقوى المعارضة. لهذا فإن الحكومة التركية بقدر ما تعلن عن تمسكها بالقيادة السورية تعرف أن صلب قوتها الشعبية والانتخابية تتمثل في هذه القوى الآنفة الذكر التي ينتمي إليها أساسا كبار شخصيات وكوادر حزب العدالة والتنمية نفسه.
وعندما قال داود أوغلو مؤخرا أن أنقرة تدعم مطالب التغيير في العالم العربي لكنها لا تريد أن يكون ذلك على حساب الاستقرار في المنطقة، كان يعي أن الاستقرار والتغيير في منطقتنا مسألتان متداخلتان متشابكتان، وأننا نناقش أزمات مزمنة في العالم العربي لها علاقة بالوصول إلى السلطة والبقاء فيها ثم توريثها قبل الرحيل، وأن سوريا جزء من هذه الصورة وأن ثمن التغيير قد يكون أحيانا إزالة حالة اصطناعية من الاستقرار فرضتها هذه الأنظمة.
الموقف التركي على المدى البعيد
اعتمدت تركيا سياسة معلنة ومحددة إزاء الثورات العربية ولن يكون بمقدورها استثناء سوريا منها وإتباع مواقف تختلف عن تلك الشعارات والأولويات التي تبنتها في التعامل مع حراك الشارع العربي، ويبدو أن الصداقة المميزة التي ربطتها بسوريا في الأعوام الأخيرة عرضة للسقوط والزوال أمام المحنة الصعبة التي يعيشها الداخل السوري.
والرؤية التركية السائدة تقول أن لا مفر من التغيير في سوريا مهما كان الثمن وأن الإصلاحات الجذرية المطلوبة لا تراجع عنها، فحبات الجمر ستظل مشتعلة تحت الرماد جاهزة لحرق الأصابع عند كل لحظة.
وتعي تركيا أن اختيارها الوقوف إلى جانب المتظاهرين والمعارضين السوريين يعرض علاقاتها بالنظام السوري للخطر، خاصة إذا ما نجح نظام الرئيس الأسد في القضاء على حركات العصيان في المدن ونجح في حسم المواجهة بقوة الجيش وأجهزة نظام المخابرات.
وعليه، كما نتابع في أوساط الأكاديميين والمتخصصين الأتراك، إن حكومة العدالة والتنمية ملزمة بتعديل مواقفها وسياساتها وأسلوب تعاملها مع ملفات وقضايا جديدة في الشرق الأوسط، منها الشعارات والأولويات التي رددها داود أوغلو في السنوات الأخيرة، حيث باتت تحتاج إلى مراجعة في العمق لا تقل قيمة وأهمية عن مؤلفه حول "العمق الاستراتيجي".
وقد بدأت توازنات جديدة تبرز إلى العلن في العالم العربي وهي تعني تركيا بشكل أو بآخر، وبالتالي لا يمكن تجاهلها أو تبسيطها إذا ما كانت أنقرة تريد أن تظل في قلب المعادلات الإقليمية وتحمي مصالحها مع الغرب وتذود عن تركيبة توازناتها الداخلية الحساسة، التي لن تكون بمنأى عن النتائج السلبية لأي قراءة خاطئة أو تعامل غير دقيق مع ما يجري في المنطقة.
مساحة التحرك محدودة جدا في ساحة لعب ضيقة والخيارات والبدائل المتوافرة أمام تركيا وسوريا تتقلص يوما بعد آخر أمام إصرار القواعد الشعبية السورية على المضي في انتفاضتها حتى النهاية. |
ومن التداعيات المتوقعة لتراجع العلاقات السورية التركية تعرض مصالح الأخيرة في أكثر من ملف وقضية للاهتزاز، خاصة وأن دمشق هي التي كانت قد لعبت دورا أساسيا في فتح الأبواب أمام تركيا لتكون هناك. وإذا بلغت العلاقات حد التوتر فسنشهد وبسرعة البرق ارتفاع الحواجز بينهما والدخول في حرب باردة جديدة ستتوسع رقعة المواجهات فيها لتشمل أكثر من ساحة عربية وإقليمية يعرف فيها كل طرف منهما مواضع ضعف خصمه وقوته، ويعرف كيف يؤثر على مصالحه السياسية والاقتصادية والأمنية، وتركيا لا تريد أن تكون أمام اختبار من هذا النوع.
وما نلحظه أن مساحة التحرك محدودة جدا في ساحة لعب ضيقة والخيارات والبدائل المتوافرة أمام تركيا وسوريا تتقلص يوما بعد آخر أمام إصرار القواعد الشعبية السورية على المضي في انتفاضتها حتى النهاية.
__________________
عميد كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة غازي عنتاب التركية